المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوضى رحيل الى ذاكرة المطر



محمد الهيصمي
23-01-2011, 05:30 PM
المطر لا يثير سوى الفوضى و الضجيج ...
لذا فهو يثير الذاكرة بكل هدوء ... فيبدأ يذكر أنه أول ما علمه الكتابة ، كان قد أمعن في اختيار الوقت ، بعد عصر ماطر , خال ٍ من كل الحياة ، سواء في المنزل ، الحارة المنسية .. الشوارع المقفرة ... ( اللا مدينة ) ... العالم كله بعد المطر ... عالم فارغ ... عالم بلا ذاكرة .


....في ذلك العصر ، ولوصيته الأخيرة ، اختارني من بين كل اخوته الصغار المتخفين طوال الوقت خلف صراخ غيابهم حوالي المنزل الغارق في التذكر ، بين أحراش غارقة في العزلة . دخلت ُالى ظلام غرفته العظيمة الأشبه بصالة عملاقة ، والتي كان قد اختارها ابي قبل رحيله هو أيضا ، لتكون ديوانه كما يذكر الجميع .. الآن أقف لأول مرة ككاتب ، والاحظ وانا ابن الست سنوات ، كل ذلك الكم من الكتب ، وقد انتشرت في فوضاهها ، كنباتات أحراش منزلنا الاستوائية المتنوعة ، أقف كعادتي لأول مرة ..ليلقنني أول درس ...


_ أسبرين من ( دكان دحان ) ...


كنت وسط السيل الجارف المنطلق من عينيه المائيتين ، أقـلـّب عيني في العتمة التي خلقتها كراتين الصحف والمجلات 000 رفوف الكتب العشوائية ..الرزم والاضبارات التي تحشو الفراغات الاخرى ... كل شيء ورقي ،عتمة الكتب ... ما كل هذه الأوراق ؟؟ .. ببساطة الفيلسوف .. والآن فقط عرفت أنه كان ربما سيكون حديثاً ذا شجون ..(أسبرين من دكان دحان )...! لو أني سألته .. هل الحديث عن الأدب يتطلب الأسبرين قبل الخوض فيه ؟ ..ربما كلمني قليلا ً وهو يضغط بسبابته وابهام يده اليسرى على رأس أنفه / ما بين حاجبيه , عن القراءة والكتابة , عن الكتاب والقلم , والشعر والفن ... أشياء بقيت أسائل نفسي بها وعنها قاطعاً الوحول وبقايا السيول الممزقة وهي في طريقها الأخير صوب الذاكرة ,بيدي خمسة ريالات والف توق ٍ الى الحقيقة .
وعدت ُبالأسبرين من ( دكان دحان ) لأجيب بنفسي عن أول تساؤل عشته دكان دحان دحان دكان ... لا فرق بين الكاف والحاء ....!



ومستعيدا بعضا ً من نشوى الانعتاق , وقفت حيث وقفت أول مرة في قلب السؤال , مكاني كجندي بليد , بينما , وبنفاذ صبر الحكيم , كان هويتناول ماجلبتـُه مع ماتبقى من أصوات السيول والميازيب و قطرات المطر , وبالطبع الضجيج الوحيد في العالم لاخوتي هناك ....

- أريد أن أكون كاتبا ....

مجيلا عيني بكل وله العاشق الغض في تلك الفوضى الجميلة حوله , ملتذا بشبه عتمة غرفته الورقية العملاقة... وناولني كأس الماء , تدثر ببطانيته المهترئة وسعاله المرير المديد منذ أسابيع , أشعل سجارته العتيقة , وانطلقت براقتان عيناه من جديد فيّ وفي تأملاته الأزلية المثبتة بمسامير الى أخشاب سقف غرفته ..


- ...كنّ ...


وأهداني قصصا ً للصغار , وأومأ اليّ بالأنصراف, ومع آخر أصوات كائنات المطر , وبانتظار كشفٍ جديد ٍ من فوضى مطر آخر , أقفلت باب غرفته عليه وعلى ظلامه وفوضاه التي كان هو ....


كزنبقة ٍ وحيدة ٍ في ماء ,
أجمل ما غاب فيها الى الأبد .

[/align][/SIZE][/SIZE][/B][/COLOR][/SIZE]

عبدالغني خلف الله
23-01-2011, 06:29 PM
الأستاذ محمد الهيصمي ..مساءات الخير والحرف المحلق في فضاءات من الروعة متسربلاً بالبوح الشفيف وذاك الألق المترف ..نص بديع مورق ومفعم بالجمال لحدالإمتاع .. سعيد بأن أكون أول من يصافح هذه الفوضي المموسقة.. فوضي الرحيل إلي ذاكرة المطر ..دمت بألق.

توليب محمّد
08-04-2011, 09:33 PM
فــوضى الأسئلـة والـدّرس الأوّل

والألف تـَوْق...

فـوضى الزّنبـقة يظمأ لها الماء

تـُراها غابت والمطـر الشّاهـد أبـدا علـى عصيان النّسيان؟

الأستاذ محمد الهيصمي

فـوضى وذاكـرة ومطــر...

وهنا أقامت الأسئلة الأشـدّ فتنـة مـن الأجـوبة

تقديـري العميق لحـرفك

سامية الحربي
21-12-2013, 12:43 PM
فوضى هادفة نسبيا ترسمها الكلمات بحرفية عالية ليشعر القارىء أنه شاهد على هذا الرحيل . سردية رائعة توقفت عند لغتها بإكبار.تحياتي وتقديري.

كاملة بدارنه
26-12-2013, 06:06 PM
فكرة جميلة العرض بسرد حوى الكثير
تمنّيت الاعتناء باللّغة قبل النّشر
بوركت
تقديري وتحيّتي

خلود محمد جمعة
30-12-2013, 07:51 AM
وتسقط امطار الذاكرة بموسم الحنين
لتفترش مساحات الروح
فتحلق بنا خلف سحاب الشوق
تلفح قلوبنا برودة الحاضر
وينتشى فؤادنا بدفيء الطفولة
بعد شتائك اخي اينع الحرف ياسمينا
دمت بخير مودتي وتقديري

ربيحة الرفاعي
15-01-2014, 03:53 AM
القص موفق والأسلوب طيب بسرد شائق عازته بعض عناية باللغة ليأتلق

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

نداء غريب صبري
07-04-2014, 02:38 AM
فوضى كل الأشياء التي نعيش معها وفيها
في قصة هادفة
وسرد جميل

شكرا لك أخي

بوركت