المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا شامُ



د. سمير العمري
06-05-2007, 01:17 AM
رَاقَ ابْنُ مَائِكِ بَينَ الخَلْقِ ثُمَّ رَقَى=وَسَاقَ مَا بِكِ عَذْبَ الشَّوقِ ثُمَّ سَقَى
وَعَانَقَتْكِ رُؤَى الأَحْلامِ وَالِهَةً=تَبُثُّ حُسْنَكِ فِي القَلْبِ الذِي خَفَقَا
يَا شَامُ يَا أَكْرَمَ الأَوْطَانِ مَنْزِلَةً= يَا جَنَّةَ اللهِ فِي الأَرْضِ التِي خَلَقَا
تَبَارَكَ اسْمُكِ جَلَّ اللهُ أَكْرَمَ مَنْ=فِيهَا أَقَامَ ، وَأَغْلَى الأَرْضَ وَالأُفُقَا
وَزَادَ قَدْرَكِ أَنَّ النَّصْرَ فِيكِ غَدا=وَالحَشْرَ وَالنَّشْرَ وَالإِيمَانَ وَالخُلُقَا
وَخَصَّ دَارَكِ جُلَّ الخَيرِ مَكْرمَةً=وَخَصَّ غَيرَكِ مِعْشَارَ الذِي رَزَقَا
لأْلاءُ سِحْرِكِ فِي الآفَاقِ مُنْبَسِطٌ=عَلَى جَنَاحِ مَصَابِيحِ الدُّنَى أَلَقَا
وَفَجْرُ مَجْدِكِ فِي الأَيَّامِ مَطْلعُهُ=عَلَى جَبِينِ تَوَارِيخِ المَدَى فَلَقَا
أَنَا المُتَيَّمُ يَا شَامَ العُلا فَدَعِي=مِنْ طِيبِ رُوحِكِ فِي رُوحِي الذِي عَلِقَا
أَتَيتُ أَحْمِلُ مَبْسُوطَ اليَدَينِ غَدِي=وَفِي الشِّغَافِ زَرَعْتُ الفُلَّ وَالحَبَقَا
نَادَيتُ رَوضَكِ لا أَنْهَارُكِ اقْتَرَبَتْ=مِنَ الصَّدِيِّ وَلا زَهْرُ اللِقَا عَبِقَا
هَاجَتْ شُؤُونِي تُنَاجِيكِ الهَوَى أَمَلا=وَتَذْبَحُ الصَّبْرَ قُرْبَانًا لِيَومٍ لِقَا
وَحَامَ نُورُكِ فِي الإِحْسَاسِ مُحْتَدِمًا=فَهَامَ فِيهِ فَرَاشُ التَّوْقِ وَاحْتَرَقَا
مَا أَحْوَجَ النَّفْسَ فِي تَأْنِيسِ خَافِقَةٍ=فَرَّتْ إِلَيكِ لِعَطْفٍ مِنكِ قَدْ رَفَقَا
يَا شَامُ فِيكِ صَبَابَاتِي فَلا اخْتَلَفَتْ=وَفِيكِ بَابُ مَسَرَّاتِي فَلا انْغَلَقَا
مَتَى ذَكَرْتُكِ فِي نَفْسِي جَلَوتُ جَوَى=وَإِنْ ذَكَرْتُكِ فِي قَوْمٍ تَلَوتُ رُقَى
لِي مِنْكِ صَمْتُ حَدِيثٍ كُلَّمَا اقْتَرَبَتْ=مِنِّي الدِّيَارُ وَإِنْ ذُقْتُ النَّوَى انْدَفَقَا
أَلَيسَ أَصْدَقُ أَهْلِ العِشْقِ أَخْفَرَهُمْ=عِنْدَ اللِقَاءِ وَأَضْنَاهُمْ إِذَا افْتَرَقَا
فَيَا دِمَشْقُ سَقَاكِ اللهُ كَأْسَ هَنَا=وَلا أَمَضَّكِ فِي يَوْمٍ بِكَأْسِ شَقَا
كُلُّ العَوَاصِمِ أَحْنَتْ رَأْسَهَا أَدَبَاً=أَمَامَ قَدْرِكِ فِي الأَيَّامِ أَنْ بَسَقَا
إِلامَ لَهْفَةُ أَشْوَاقِي تُنَازِعُنِي=إِلَى ثُرَاكِ تَبَارِيحَ الضَّنَى طُرُقَا
وَهَلْ سَتَرْسُمُ فِي الأَحْدَاقِ يَا بَرَدَى=مَتَى التَّقَينَا مَسَارَاتٍ لِمَنْ عَشِقَا
وَغُوطَةً هَفْهَفَ الحُسْنُ البَدِيعُ بِهَا=وَزَادَهَا النَشْرُ مِنْ رِيحِ الصّبَا أَنَقَا
الطَّيرُ تَصْدحُ فِي الأَفْنَانِ هَانِئَةً=وَالزَّهْرُ يَنْضَحُ فِي أَجْوَائِهَا العَبَقَا
وَاللَيلُ يَسْبَحُ فِي الشُّطْآنِ مُنْتَشِيًا=وَالسَّيلُ يَمْرَحُ فِي الودْيَانِ مُنْطَلِقَا
وَسَاحِلٌ لَوْ رَأَتْهُ العَيْنُ فِي شَفَقٍ=فِي اللاذِقِيَّةِ لامْتَاحَتْ لَهُ الغَسَقَا
وَمَا تَسَنَّى لِدَيرِ الزَّورِ مِنْ طُرُقٍ=إِلا وَعَانَقَ دَرْعَا بِالذِى وَمَقَا
وَمِنْ حَمَاة إِلَى حِمْصٍ إِلَى حَلَبٍ=رَأَيتُ دُومّا وَفِي حورَان أَهْلَ نَقَا
وَلَسْتُ أَنْسَى عَلَى الجُوَلان نَزْفَ دَمٍ=فَلَيتَ حُرَّ لِوَاءٍ فَوْقَهَا خَفَقَا
صُونِي كَرَامَةَ مَنْ أَقْرَاكِ مِنْ دَمِهِ=وَمَنْ إِبَاءَكِ يَا سُورِيَّة اعْتَنَقَا
فَأَنْتِ دَارُ أُبَاةِ النَّفْسِ دَارُ هُدَى=لِمَنْ تَقَدَّمَ فِي دَهْرٍ وَمَنْ لَحِقَا
وَفِيكِ شَعْبٌ عَظِيمٌ لَو بِعَزْمَتِهِ=يُسَابِقُ الكَونَ فِي دَرْبِ العُلا سَبَقَا
مَا زَالَ يَشْحَذُ مِنْ أَسْيَافِ عِزَّتِهِ=مَا سَوفَ يَحْشدُ فِي أَعْدَائِهِ الفَرَقَا
هُمْ نَسْلُ خَيرٍ لِمَنْ فَاقَ الوَرَى سُبُلا=فِي المَشْرِقَينِ وَحَازَ المَجْدَ وَاغْتَبَقَا
تَرَى السَّوَابِحَ فِي أَشْدَاقِ نَفْرَتِهَا=تُجَانِبُ الأَرْضَ لا تلْوِي لَهَا العُنُقَا
حَتَّى أَدَانَ لَهَا الآفَاقَ شَرْعُ هُدَى=كَأَنَّهُ المِسْكُ فِي البُلْدَانِ قَدْ فُتِقَا
بَنُو أُمَيَّةَ لَمْ تَفْتَأْ حَضَارَتُهُمْ=تَزِيدُ تَدْمُرَ مَجْدًا فَاقَ وانْعتَقَا
فِي عَهْدِهِمْ نَطَقَتْ بِالفَخْرِ شَاهِدَةً=يَدُ الفُتُوحَاتِ أَنَّ الوَعْدَ قَدْ صَدَقَا
وَقِفْ عَلَى حَلَبِ الشَّهْبَاءَ إِذْ رَفَعَتْ=بِالعِزِّ بَيرَقَ مَنْ لِلسَّيفِ قَدْ مَشَقَا
فِيهَا فَوَارِسُ سَيفِ الدَّولَةِ ابْتَدَرَتْ=مَعَاقِلَ الرُّومِ لَمْ تَتْرُكْ لَهُمْ رَمَقَا
وَمَا الفِرِنْجَةُ إِلا بَعْض مَنْ رَشَقُوا=فَصَابَهَا الخِزْيُ بِالسَّهْمِ الذِي رُشِقَا
لا مَيْسلُونَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ تَرَحٍ=أَبْقَتْ عَلَيهِمْ وَلا مَجْدًا لَنَا سُرِقَا
مَا المَجْدُ إِلا دَمُ الأَحْرَارِ تَبْذُلُهُ=بِتَضْحِيَاتٍ وَلَيسَ الفَخْرَ وَالأَنَقَا
وَلَو غَدَا مَجْدُنَا حِبْرًا عَلَى وَرَقٍ=وَلَيسَ إِلا حَرَقْتُ الحِبْرَ وَالوَرَقَا
يَا شَامُ يَا مَعْقِلَ الأَبْرَارِ مَا فَتِئَتْ=دَارَ الصُّمُودِ التِي لا تَعْرِفُ الفَرَقَا
يَا دُرَّةً فِي جَبِينِ الشَّرْقِ رَصَّعَهَا=مِنَ الحَضَارَةِ شَعْبٌ يَهْرقُ العَرَقَا
بِالأَمْسَ كَانَتْ حِكَايَاتِي مُبَعْثَرَةً=وَاليَوْمَ قَدْ أَصْبَحَتْ فِي سِلْكِهَا نَسَقَا
وَقَدْ تَفَرَّقَتِ الآمَالُ فِي حَزَنٍ=فَهْلْ سَيَجْمَعُ فِيكِ الدَّهْرُ مَا افْتَرَقَا
وَهَلْ سَأَلْمَحُ فِي عَيْنَيكِ مَجْدَ أَبِي=إِنْ كُنْتُ أُنْفِقُ عُمْرِي كَيفَمَا اتَّفَقَا
هَا قَدْ سَكَبْتُ شُعُورِي فِيكِ حَرْفَ رِضَا=مَا دَانَ مِنْهُ لأَشْعَارِي وَمَا أَبِقَا
خُذِي كَمَا شِئْتِ لا تُبْقِي عَلَى شَفَتِي=غَيرَ الحَنِينِ الذِي فِي صَمْتِهَا نَطَقَا
أَبُو فِرَاس سَقَاكِ الشِّعْرَ كَأْسَ عُلا=وَالبُحْتُرِيُّ تَغَنَى فِيكِ وَانْطَلَقَا
وَكَمْ أَجَازَ أَبُو تَمَّام قَافِيَةً=وَأَبْدَعَ المُتَنَبِّي فِيكِ وَاسْتَبَقَا
وَمَا قَصِيدِي وَقَدْ قَالُوا سِوَى أَثَرٍ=كَالشَّمْسِ غَابَتْ وَأَبْقَتْ بَعْدَهَا الشَّفَقَا
هُوَ ابْتِهَالُ فُؤَادٍ فِيكِ ذَابَ هَوَى=وَبَابَ فَجْرِكِ يَا لَيلاهُ قَدْ طَرَقَا
فَسَابِقِي الدَّهْرَ لِلعَلْيَاءِ فِي شَمَمٍ=وَعَانِقِي النَّصْرَ فِي عِزٍّ وَطُولِ بَقَا