تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخاسر المحمود



د. سمير العمري
19-08-2009, 07:41 AM
قَدْ نُحْتُ حَتَّى قِيلَ هَلْ ثَكَلا=وَضَحِكْتُ حَتَّى قِيلَ هَلْ خَبَلا
مَا هَذِهِ الأَيَّامُ تَفْجَعُنِي=فِي كُلِّ أَمْرٍ كَانَ مِنْ وَإِلى
صَبَّتْ كُؤُوسَ الصَّابِ مُتْرَعَةً=فَشَرِبْتُ حَتَّى اعْتَدْتُهُ عَسَلا
وَقَنعْتُ أَنْ أَقْتَاتَ مِنْ أَمَلٍ=لَكِنَّهَا لَمْ تُقْنِعِ الأَمَلا
قَالَتْ حَمَلْتَ الهَمَّ قُلْتَ لَهَا=هَلْ كَانَ إِلا الهَمُّ مَا حَمَلا؟
مَا حِيلَتِي؟ لا اليَأْسُ جَادَ بِهِ=فَأَكُفُّ عَنْهُ وَلا النَّدَى بَخِلا
مَنْ لِي بِعَينٍ غَيرِ مُبْصِرَةٍ=أُعْطِيهِ مِلْءَ العَينِ مَا سَأَلا
مَنْ لِي بِنَفْسٍ غَيرِ لائِمَةٍ=أَرْتَاحُ مِنْ هَمِّي الذِي ثَقُلا
فَتَّشْتُ عَنْ قَلْبٍ أُعَاتِبُهُ=فَرَأَيْتُهُ قَدْ ذَابَ حِينَ خَلا
قَلْبِي الذِي بِاللِينِ أَرْهَقَنِي=يَا لَيتَهُ يَقْسُو وَيَعْرِفُ لا
كَمْ صَاحِبٍ آثَرْتُهُ فَغَضَا=حَتَّى إِذَا ذَاقَ الرِّضَا جَفَلا
أُهْدِي لَهُ حُبِّي عَلَى طَبَقٍ=فَيَصُبُّ لِي بِالجَوْرِ كَأْسَ قِلَى
أَوْ كَاشِحٍ يَجْتَرُّ مِنْ حَسَدٍ=بُغْضًا وَيَلعَقُ بِالهَوَى العِلَلا
قَدْ أَنْجَبَتْ كَفَّاهُ قِرْدَ زِنَا=فَيَظُنُّهُ بِالوَهْمِ رِيمَ فَلا
يَا غُرْبَةً فِي الرُّوحِ مَا فَتِئَتْ=تَنْأَى وَسَرْجُ الرِّيحِ مَا احْتَمَلا
مَا زَالَ طَيرِي فِي مَوَاسِمِهِ=غَضَّ الجَنَاحِ وَشَيْبُهُ اشْتَعَلا
مَا زَالَ يَشْدُو دُونَ حَنْجَرَةِ=مِنْ أُغْنِيَاتِ الوَجْدِ مُرْتَجِلا
أَنَا أَنْتَ يَا قَلْبِي أَتُنْكِرُنِي=وَأَنَا الذِي لِوَفَائِكَ امْتَثَلا
أَوْفَيتُ مَا ظَنِّي قُتِلْتُ بِهِ=وَمِنَ الوَفَاءِ المُرِّ مَا قَتَلا
زَيَّنْتَ أَحْلامِي فَعِشْتُ لَهَا=لا أَبْتَغِي عَنْ خَيلِهَا حِوَلا
وَطَفَقْتَ تُقْنِعُنِي بِصَفْوِ غَدٍ=حَتَّى نَسِيتُ الذِّئْبَ وَالحَمَلا
أَسَفَى عَلَى قَومِي وَقَدْ صَدَفُوا=عَنْ كُلِّ دَرْبٍ جَلَّ وَاعْتَدَلا
فِي كُلِّ كُرْسِيٍّ رُوَيْبِضَةٌ=أَحْنَوْا إِلَيهِ الرَّأْسَ فَانْتَعَلا
مَأْفُونُ لَكِنْ بَاتَ مُلْهِمَهُمْ=رِعْدِيدُ لَكِنْ أَصْبَحَ البَطَلا
إِنْ شَادَ أَهْلُ العَزْمِ مَدْرَسَةً=لِلفِكْرِ شَادَ القَهْرُ مُعْتَقَلا
زُمَرًا تَرَاهُمْ فِي مُفَاخَرَةٍ=هَيْهَاتَ تَلْقَى مِنْهُمُ الَّرُجَلا
مَا اشْتَاَقُهُمْ عِلْمٌ وَلا عَمَلٌ=إِلا وَأَغْرَوا فِيهِمَا الكَسَلا
مِنْ كُلِّ مَسْرُورٍ بِشقْوَتِهِ=مَا رَاقَهُ وِرْدٌ وَطَابَ كَلا
لَوْ سَالَ مَاءُ العِلْمِ مِنْ فَمِهِ=مَا كَانَ إِلا الهَزْلَ وَالغَزَلا
وَعَلَى نَشِيجٍ مِنْ سَلامَتِهِ=قَالَ الهَوَانُ أَلا فَقَالَ بَلَى
حَسْبُ المَنَايَا أَنْ يَكُنَّ لَهُ=سَوْطًا يُزَلْزِلُ قَلْبَهُ وَجَلا
أَسَفَى فَإِنِّي لا أَكَادُ أَرَى=سَهْلا يَقِينَا الخَسْفَ أَوْ جَبَلا
الفُلْكُ تَجْرِي وَالمُنَى لُجَجٌ=وَالقَوْمُ صَرْعَى وَالهُدَى اعْتَزَلا
وَالعَالمُ المَفْتُونُ مُعْتَصِمٍ=بِالعُجْبِ فِيمَا قَالَ أَو فَعَلا
ظَنَّ الكَمَالَ فَطَارَ مُبْتَهِجًا=وَمَآلَهُ لِلأَرْضِ أَيْنَ عَلا
أَفْتَى فَمَاذَا لِلعُقُولِ جَنَى=أَرَبًا وَمَاذَا لِلعُيُونِ جَلا
إِنَّ اكْتِمَالَ العَقْلِ حِينَ يَعِي=أَنِّ الذِي فِي العَقْلِ مَا اكْتَمَلا
كَيفَ الشُّعَاعُ يَلُوحُ مُؤْتَلِقًا=نُورًا وَجِرْمُ النَّجْمِ قَدْ أَفَلا
يَبِسَ الضِّيَاءُ عَلَى مَحَاجِرِهِ=وَإِلَى المَشَاعِرِ ظِلُّهُ اتَّصَلا
إِنِّي لأَعْجَبُ كَيفَ هَانَ عَلَى=حُرٍّ بُلُوغُ عُلا وَكَيفَ سَلا
كَيفَ اسْتَطَابَ ظُنُونَ حِصْرِمِهِ=عَصَرَتْهُ بِالنَّجْوَى كُؤُوسَ طِلَى
العَدْلُ مُرٌّ عِنْدَ ذِي غُرُمٍ=وَأَمَضُّ مِنْ نُصْحٍ أَمَامَ مَلا
وَالحَقُّ مِيزَانُ الرِّجَالِ عَلَى=قَدْرِ الفَضَائِلِ خَفَّ أَوْ ثَقُلا
وَالنُّصْحُ صِدْقٌ لا يُبَرِّرُهُ=إِنْ خَانَ ذُو رَأْيٍ وَإِنْ خَتَلا
وَالعَهْدُ مَسْؤُولٌ بِصَاحِبِهِ=سِيَّانِ مَنْ وَفَّي وَمَنْ مَطَلا
وَالمَرْءُ مَحْكُومٌ بِظَاهِرِهِ=مَنْ شَقَّ صَدْرًا أَدْرَكَ الزَّلَلا
شَبَّتْ حَيَاةُ الغَابِ وَاسْتَعَرَتْ=وَالخَاسِرُ المَحْمُودُ مَنْ عَدَلا