تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر عمر أبو غريبة



عمر ابو غريبة
15-09-2010, 09:40 PM
الطريق الى يثرب




بك الشــــــــعرُ يسمو والحديثُ يطيبُ=مديحُـك قُـــرباتٌ وذكـــــــــــرُك طِيبُ
أبا القاســـــــمِ المرجــوُّ في كلِّ كربةٍ=بحــــــبك تُجــــــلى كُـــربةٌ وخطــوبُ
وحبك للرحــــــمنِ خيرُ وســــــــــيلةٍ= لحـــــــاملِ وزرٍ أثقــلتْه ذنـــــــــــوبُ
تمادى بأضـــغاثِ الشباب مســــــافرا=وهــــا هـو بعــــد الأربعــــينَ يؤوبُ
بناصــــيةٍ كم غَــــــرَّها ليـــلُ لِمَّــتي= ولم يهــــــدِها إلا ضُــــــحىً ومشـيبُ
فـــزعتُ إلى ربي على حينِ روعــةٍ=وليــــــــس بغـــــــــــيرِ الله لاذ ربيبُ
فلم ألفَ بــــاب الله إذ جئت مؤصـَداً= ولم يغشَ قلبي في الرحـــــــيمِ ريوبُ
هو اللهُ بَــــرٌّ واســـــــــــــعٌ متفضـلٌ= هو الله حيٌّ ســــــــــــــامعٌ ومجـــيب
لك الحــبُّ إن أحــــــببتَ فيّ محمــداً=حبيبُ رســـولِي في الســـماءِ حـبيبُ
تجيش عيوني بالدمــــــوعِ لذكــــــرِه= بجَمــعٍ ويعــلو إن خـــلَوتُ نحــيبُ
ينافحني من عَبْق ســـــــــيرتِه شــذىً= يذوِّبني شــــوقاً ونِعـــــــمَ مُـــــذيبُ
ويهتف بي من روضه المزدهي صدى= فيقفــــز قلبي للصـــدى ويجــــيب
ليثـــربَ نحـــدو العِيسَ والقلبُ هازِجٌ=وشـــــوقي إلى مَثوى النبيِّ رَكـوبُ
يقــــرِّبني منـــــه فــــــــــؤادٌ مجنـــحٌ= يــــــــرِفُّ إليــــه فالبعيــــدُ قــــريبُ
أفــــيءُ إلـــى دوحِ النبيِّ وظـــــــــلِّهِ= إذا اشــــــتدَّ رَمْضي والحــنينُ لهيبُ
وأطـــرق رأســـي عند كلِّ تشـــــرُّفٌ= بحضـــــــرتِه إن الرســـــــولَ مهيبُ
وأخفض صوتي بالســـــلامِ موقـِّــراً= فللنمــلِ لو تصــغي هنــــــــــاك دبيبُ
أطلَّ عليه الزائـــــرون من الكــــوى= وكم هي ضـــــاقت والمكـــانُ رحيبُ
تفسَّح حتى أحســــرَ الطـــرْفَ حــدَّه=فهذا شــــــمالٌ والســـــــــماءُ جنوبُ
ولا غــــروَ إن القبرَ مِن جــاهِ أحمدٍ= لدى الله روضٌ في الجنانِ قشـــــيبُ
وللقُبة الخضـــــراءِ تهتزّ أضــــــلعٌ= وتجهــــــش أكـــــبادٌ لها وقلـــــــوبُ
هـــنيئاً لأبنــاءِ المــــــــــدينةِ قُربُهم= فكم غُصَّ من قُربِ الرحيلِ غــــريبُ
وأكــــــرمْ بقـــــــاعٍ فيه يثوي محمدٌ=تروّيه من مســــك الثــــــواءِ طيوبُ
وصــــلى عليك اللهُ يا خيرَ مرســَــلٍ= صـــــــلاةً بها تُمحى الغــــداةَ ذُنوبُ
تبلُّ صدى الظمآنِ من وِردِ حوضِــه= غــــــداً إنّ ورداً في غَــــدٍ لَقــــريبُ

عمر ابو غريبة
24-09-2010, 09:36 PM
يمينَك أيها الرجلُ!
شعر عمر ابو غريبة
==========================

بعينِكَ يُرسم الأملُ=فلا حزنٌ ولا وجَلُ
هو الشوقُ الذي يسري=بأوردتي فأنفعلُ
لضحكتِك التي رنَّتْ=كغيثٍ راح ينهملُ
يميط القهرَ عن شفتيْ=فيزهر مبسمي المحِلُ
للعبِك بين أحضاني=فما بسواك تنشغلُ
لركضِك في مدى عينيْ=فمرحى فارسي البطلُ
تغمغمُ بدءَ نطقِك في= مسامعَ صبَّها عسلُ
ولا تنفكُّ تدعوني=فما ينتابني مللُ
وتشْبث بي تجاذبني=إذا ما حان مرتحَلُ
فويح أبيك من حجرٍ=فما أحراهُ ينفتلُ
ألا آهٍ من الأحبا=بِ كم ذبحوا وكم قتلوا
أيا روحي لك العتبى=فإني منكمُ خجِلُ
ويا روحي التي أحيا=فكيف الآنَ تنفصلُ
وها أنا’ فائضٌ أجلاً=فمذْ سفري انتهى الأجلُ
خيالٌ هائمٌ أبداً=ولا أثرٌ ولا ثقلُ
فلا الأحياءُ عدُّوه=ولا الموتى به قبلوا
على الأعرافِ موقوفٌ=فكيف لجنَّتي أصِلُ
أنا النصفُ الذي لمّا=يزلْ بلقاك يكتملُ
فما قرّتْ عيونٌ لي=لها التسهيدُ مكتحَلُ
ولي بين الحشا كبِدٌ=برمضِ الشوقِ تعتملُ
أنادي طيفَك الزاهي=فيقبل ُوجهُك الجَذِلُ
فيغمرني ببهجتِهِ=وتمطر منيَ القُبلُ
لأجلك غربتي احتُملتْ=وكلُّ الصبرِ محتمَلُ
وكأسُ النأْيِ مجترَعٌ=وكلُّ متاعبي ذُلُلُ
إذا ما الهمُّ أغرقني=فذكرك منه ينتشلُ
بك الصحراءُ مورقةٌ=ومتنُ كثيبِها خَضِلُ
أبثُّ الرملَ أشواقي=وتلك الريحُ لي رُسُلُ
إليك قصيدتي زجلت=وكلُّ قصائدي زجَلُ
وفيك الشِّعرُمنسكبٌ=شجيَّ الهمسِ ينتقلُ
ليحلفَ أنك الأغلى=ولا حنثٌ ولا بدلُ
يضوعُ شذاك في حلمي=فيرقص قلبيَ الثمِلُ
بلى سأعود يا قمري=ولو تاهتْ بيَ السُّبلُ
سأثني ناقتي يوماً=ولو ضاقتْ بيَ الحيلُ
ويقرع بابَكم قلبي=بخفقٍ قبلَه يصلُ
على جنحِ الهوى أسري=وكلَّ البَونِ أختزلُ
أنا هو يا مليكي مَن=أتاك اليومَ يمتثلُ
وعينِك لن يباعدَني=عن الأحبابِ منشغَلُ
فإنْ أنكثْ عُرى قسَمي=لك العتبى لك العذَلُ
فشُدَّ شواربي واصرخْ:=يمينَك أيها الرجلُ

عمر ابو غريبة
26-09-2010, 08:22 PM
عمر المختار..سلام عليك




شعر عمر ابو غريبة

================================================== =.

أجـــتازُ عَبرَ دِيـــــــــارٍ جــــازَها عمَــــــرُ=وهالةٌ من سَـنا المختـــــــــارِ تنتشــــــــرُ



وتلك أمجــــــادُه في الأرضِ مــــــاثِلــــة=في كلِّ رُكنٍ سـَــــــرى ذكــرٌ له عَطِــــــرُ



هـــــذي خُطـــــاهُ بِمَتْنِ البِيـــــــدِ بادِيـــةٌ=كأنهــــــــا حَبـَــــــقٌ في الأرضِ مُنْتَـــثَرُ



إنْ تقْصُصِ الرمـــــلَ يحْكِ الرملُ وطأَتَهُ=فكلُّ حبـــــةِ رمــــــــلٍ مسَّـــــها أثـــــــرُ



من ســــيِّدٍ فــارِهٍ في المجدِ مُكتَهِــــــــلٍ=كأنما شـــــــيبُه غـــــــارٌ له نَضـِــــــــرُ



يُزري بعـــــــزمِ شــــــبابٍ طالما قعدوا=إذا شـبابُ الهوى من شيبِه سخـــــروا



قد طأطأ الدهـــــرُ للمختـــارِ معترفــــاً=غلبْتَ أعوامَـــه فالدهـــــــرُ منكسِــــرُ



بعزمةٍ في صـــميمِ المجـــــدِ راســـخةٍ=لم يثنِهــــا جَلَلٌ والعـــــــــزمُ مقتــــدرُ



ما كان عـــــادٍ كمثلِ الدهـــــرِ بطشـتَه=خاب العُداةُ إذنْ كيداً فلا انتصـــــــروا



وغضبةٍ لحِمى الإســــــلامِ ثائــــــــرةٍ=تأبى الهـــوانَ لشـــــعبٍ دَأْبُـه الفَخَــرُ



لمّا أغـَـــــرَّ دفـــــينّ الحقــــدِ قوّتُـــــه=وانسلَّ يحدوهُ سوءُ االنفسِ والغَـــــرَرُ



حتى إذا حطَّ في المرســــى مراكبَـــــه=نادتْك بُرقــــةُ والواحــــــاتُ والثُّغـُـــرُ



فقُمتَ تنفُخُ في كِـــير الوغى غضبــــاً=والزّنْــدُ يقدَحُ عزمــــاً مِلؤهُ شَـــــــرَرُ



تصـولُ في غَمرةِ الأنواءِ تصفعهـــــا=مجاهداً ما اعتراه الياسُ والخَـــــوَرُ



وثائـــــــراُ أسَـــداً من خلفِه أُسُــــــدٌ=كل البـــلادِ بأعقــابِ العِـدى عُمَــــــرُ



ظنّوا مَـــراحاً وظنُّ الســوءِ أوردهم=من المنايــــــــا فمـاً ما انفكَّ ينفغــرُ



ما قَـــرَّ جَنبٌ لغـــازٍ فيكِ مضطــــجِعٌ=والأرضُ مثلُ لظى البركانِ تستعــــرُ



أعيَيْتَ يا شيخُ في الساحاتِ حيلتَهم=ورَنَّقَ الصَّفْوَ في أحــــــــلامِهم كَدَرُ



حتى كَبَتْ بك في غمْراتِها فَـــــرَسٌ=ما ردَّها قبلُ من أهوالِهــا الخطَـــــرُ



لا يشــــــــمتنَّ عـدوٌّ هــدَّه طَــــرَدٌ=إنْ نالَ صــيداً فقد أعيا به الظفَــــــرُ



قد ســـــــاقك اللهُ مأســوراً على قدَرٍ=منه فلا كفـــــرَ إن أهوى بنا القــدَرُ



وكنتَ مستشهداٍ من قبلِهـــــا فهدى=إليك أجـــراً وأجــــــرُ القتلِ مدَّخَــــرُ



إذا اصطفى اللهُ عبــــــداً زاد محنتًــه=والله يبلو الذي أصـــــــفى ويختبــــرُ



فجيءَ بالحبلِ مشـــــــــدوداً بحقدِهِمُ=والناسُ قد جُمِعوا والمــــــوتُ يبتَدِرُ



فانبَتَّ حبلٌ من الأعـــــداءِ مـــرتعشٌ=كذاك حبلُ دُعـــــــاةِ الشــــــرِّ منبترُ*



ما لُفَّ حول شَـــموخِ العُنْقِ يشنقها=حتى تباكى على الأقـــــــــدامِ يعتذرُ



تفاءل الشــــيخُ والآجــــــالُ ترمقه=بادتْ حبالُــــــكمُ والظلمُ مُندثـــــــرُ



لمّا ترنّح جســـــماً ما هوى وعلا=فوق الرقابِ وطرْفُ العِلجِ منحسرُ



تلقّفتْـــــه أيـــــــادٍ من مــــــلائكةٍ=إنا جزيناهمُ الحسنى بما صــبروا



ما زلتَ يا سيدي في أرضِنا علَماً=يلتفُّ من حولِه الأفرادُ والزُّمَــــرُ



ولا يزال لك العِــــرفانُ متصــــلاً=وما يوفّيك عرفــانٌ ولا شُـــــــكُرُ



وأنت فوق جبينِ المجدِ ناصيـــةٌ=وأنت في مصطلى ديجــورِنا قمرُ



فانعمْ برَوحٍ وريحــــانٍ ومغفرةٍ=تترى.عليك ســـلامُ اللهِ يا عمرُ



=============================================




*انقطع حبل المشنقة بالمختار فقال أسد الصحراء في ذلك الموقف العظيم متفائلا بزوال دولة الاحتلال:يلعن هيك دولة حبالها بايدة.

عمر ابو غريبة
30-09-2010, 11:01 PM
بينونة صغرى
شعر عمر ابو غريبة

فتقتَ جرحي فهلاّ كنتَ ترتقُهُ=وانفكّ بوحي فهلاّ عُدتَ توثِقُهُ
وكنتُ أقسمتُ خنقَ البوحِ في كبدي=فخنتَ عهدي بأشعارٍ تمزّقهُ
كم هدّني جِنُّهُ حبساً بقمقمِه=وأنت ترصدني بغْتاً وتطلقهُ
وكم حسبتُ حنايا القلبِ قد بردتْ=ونفخةٌ من هوىً تسري فتحرقُهُ
أيقظتَ فيَّ شجونَ الفكرِ هاجسةً=بعقْبِ غفوتِه عادت تؤرقهُ
حططتُ عن كاهلي أوزارَه ورعاً=وجئتَه بقديمِ الوزرِ توبقهُ
ومحرمًا من ثيابِ الشِّعرِ منسلِخاً=فجدَّ ثوبٌ له هيهات يُخلِقه
رميتُ بالجمراتِ الصُّم عبقرَه=كأنما الرجمُ يحييه ويَخلُقه
أطلّ من كُوّةِ الأفكارِ يحفزها=ويبعث الحلمَ فينيقاً يحلِّقه
يسري دماً بشراييني فيفجُرُها=ضاقت عليه وأعياها تدفّقُه
يحيي اليباب بقاعِ النفسِ هامدةً=ويسكبُ الماءَ بالأوهامِ يمذقُه
كأنما هو ذا الدجالُ يفتنني=بجنةٍ وأرى قلبي يصدقه
وفاغرٍ من سياطِ الجوعِ ثَمَّ فماً=وهو الذي من جبالِ الخبزِ يرزقهُ
يحيي أبيدَ خيالٍ رُمَّ ميتُهُ=بساحرِ النفخِ في رَوعي ويُنطقهُ
يرفُّ قلبي تبيعاً ساقه دجلٌ=يسبي ولمّا يزلْ عقلي يحقّقهُ
حتى إذا حطَّ فوق الأرضِ أجنحةً=بان السرابُ لصديانٍ فيصعقهُ
وتلك حيتُه من سعيِها انقلبتْ=حبلاً تلفُّ العُرى عنقي وتخنقه
وذلك الخبزُ في أيديه ذاب كما=يذوب طَلٌّ إذا ما الشمسُ ترمقه
وانماثَ ما زيَّن الدجالُ من كلِمٍ=وباطلُ الليلِ فجرُ الحقِّ يزهقه
وكلُّ عَذبٍ سقاني منه في علَلٍ=فجٌّ يعافُ فمي منه فيبصقه
قد هدّني ناهجاً في كلِّ معمعةٍ=بمسعفٍ خلفَه بالسلوِ يلحقه
أكلما خاطراً شاقتك قافيةٌ=ركضتَ في إثرِها بالجُنحِ تخفقه
ما لي وللشعرِ قد طّلّقتُه ردَحاً=وفات عِدّتَه قاضٍ يوثّقه
هجرتُ من أمدٍ هذا الطريقَ وها=أنت العشيةَ بالأهواءِ تطرقهُ
وكنتُ أجمع في دَنٍّ صُبابتَه=كسرتُ دَنّي وجئتَ الآن تلصقه
هَرقتُ خمرتَه الصهباءَ عن شفتي=وها هو الآنَ يغري بي تذوُّقهُ
يا شعرُ لو كان للألحانِ مستمعٌ=لكنما النايُ لا يشجي ترقرقُهُ
سما رويبضةٌ والدهرُ أسعده= وشاعرُ القومِ أشقاه تفيهقهُ
لو كان يحسن سقطَ اللغوِ من هذَرٍ=لكنه حائكٌ سحراً ينمّقهُ
فاكسرْ يراعَك ليس الدهرُ مكترثاً=وكاسدٌ عنده أنى تسوِّقُهُ.

عمر ابو غريبة
08-10-2010, 08:00 PM
الشَّيبُ والأربعون

شعر:عمر ابو غريبة





تَنْســــــابُ مِن بين اليَــــــدَيْنِ وتَهـــــرُبُ






وتَسُــــــلُّ عُمْــــراً في الخَفاءِ وتَسْـــــلِبُ






دَأْبُ السّــــــــنين تَفـَلُّتٌ وتَسـَــــــــــــرُّبٌ






والخَــــلْقُ مــــــاءٌ طـَبْعـُـهُ مُتـَسَـــــــرِّبُ






مَـــــــرَّتْ عـليك الأربعـــــــــــــونَ كلَيْلةٍ






أو بُـــــرْهةٍ...بل لَمْحـــةٍ لا تُحســـَــــــبُ






ونعى المَشيبُ سنينَ مِن عمري انْقضتْ






مُســْــــتفتِحاً أجـَـــــــــلاً أراهُ يقْـــــــرُبُ






أفـَــلَ الشـــــبابُ بشمسِـــــه وســـــنائهِ






وأضــــاء في ليلِ المَفــارِقِ كـــَـــــوكبُ






كـُـلٌّ نذيـــرٌ لامْـــــــرِىءٍ مُسْــــــــتغرِقٍ






في نَـهْمِ لـَـذَّتـِـــهِ يَعـُبُّ ويشــــــــــــربُ






حـــان ٍعلى الآمــالِ يحلبُ ضِــــــرْعَها






وســـــــــنونَهُ بين الأصـــــــابعِ تُحـلَبُ






حـَـــتّامَ تســـتغشي بثوبـِكَ مُــــــــــدْبراً






وخـــــــريفُ عمــــــرِك آيةٌ لا تُحْــجَبُ






وإلامَ تجعل في المســـــامعِ إصــــــبعاً






والشيبُ يهتفُ:إنَّ شـــــمسـَك تغـــرُبُ






لم تبْقَ غيرُ نهــــــــايةٍ محْتومـــــــــةٍ






فعَـلامَ تضــــــحك للحـــــــــياةِ وتلعبُ






إمـَّـا رُقــــــــــــادٌ لا تـَليــهِ صـَـــــــحْــوةٌ






أو قِـتلَةٌ تُصـْــــمي وعـِرْقٌ يشـــــــــخبُ






نقصَــــتْ على الأيــــــــــامِ كأسُ ملذَّتي






والهــــــمُّ قــــــــــــدْحٌ مـُتْرَعٌ يتصــــبَّبُ






لا غــــــــــرْوَ إنْ أَلْفَيتـَني مـُترنِّحــــــــاً






خــــــــــمْرُ الهمــــــومِ يدبُّ فِيَّ وينهبُ






ولَرُبمـــــا لو كنتُ مــنها خـــــــــــــالياً






لَطَفِقْتُ عن دربِ الهــــــدى أتشــــــعَّبُ






كم غـَــرَّت الأيــــــــــامُ خــــــاليَ مِحنةٍ






وأَضــــــــاع وَضْـــــــــحَ مَحَجَّةٍ متنكِّبُ






لكنمـــا هي رحــــــــــمةٌ قبل الـــــردى






حتى يفـِــــــــــــرَّ إليهِ قلــــــــبٌ متعـَبُ






طـُوِيتْ صــــحائفُ أو عساها أوشـكتْ




نفـِــدَ المِـــــدادُ فلا يــــــراعةَ تكــــتبُ.

عمر ابو غريبة
12-10-2010, 07:48 PM
الصورة المرفقة من المشهد العراقي اليومي الدامي تحكي الكثير الكثير لمن يطيق أن يديم النظر فيها وهي أبلغ من كل شعر ونثر.
هذه محاولة لترجمة مزَق من الألم الهائل الذي تحكيه بصمتها:
الصورة النازفة

(مجرد طفل عراقي)

شعر عمر ابو غريبة

أتنظرُ وجهي أم هو الموتُ ينظرُ=يُطلُّ من العينينِ والدمُ يقطرُ
خبا فيهما تَوقٌ يلوِّحُ صاخباً=وغار بريقٌ للشقاوةِ مُضمِرُ
أنا ها هنا يا قرّةَ العينِ لا تخفْ=فكُفَّ صراخاً في فمٍ منك يفغرُ
تشبّثْ بأهدابي الغريقةِ إنني=أخاف عليك النأيَ عني وأحذرُ
لك الحضنُ مهدٌ والدموعُ مراضعٌ=وهيهات يدنو منك تُرْبٌ معفِّرُ
أدافعُ كفّاً للمنونِ تشدُّهُ=وأرجو حياةً والمنيّةُ تزجرُ
وأبكي لعلّ الموتَ يعطفُ حانياً=فيمعنُ جذباً للصبيِّ ويسخرُ
يغالبني فيك الردى وهو غالبٌ=ويقهر عزمي قاهرٌ بك يظفرُ
أحدّق في عينيك والدمعُ يقطرُ=وما ثَمَّ إلا قاتلٌ يتبخترُ
أراه بكفِّ الغدرِ يخفي وراءه=قنابلَ للأطفالِ ثُم يفجِّرُ
أيا أمِّ لا تبكي فدمعُكِ وقعُهُ=أشدُّ من الموتِ الذي فيَّ ينخرُ
أيا أمَّنا هذي يميني فكفكي=بها عبرةً تكوي جراحي وتعصرُ
ويا أمّ صفحاً لُطِّخ الثوبُ من دمي=وثوبُكِ يا أمي من الطهرِ أطهرُ
وكنتِ طلبتِ الخبزَ مني فعاقني=كمينٌ بدربي للمنيةِ يحفرُ
ترصّدني يا أمّ وحشٌ بعودتي=وزمجر من تحتي انفجارٌ مُدمِّرُ
فأقلعتُ يا أمي كطيرٍ محلِّقاً=وفي كفِّ حتفي حطّ جنحي المكسَّرُ
رغائفُ خبزي في الطريقِ تبعثرتْ=حَبَوتُ لها لكنّ حَولي مبعثَرُ
فلا تغضبي أماهُ طال تأخّري=فما كنتُ يوماً قبلَها أتأخرُ
وعفوَكِ يا أمي لقد متُّ باكراً=وددتُ لكي لا تحزني لو أُعمَّرُ
على اللوحِ مُسجىً غارقٌ في دمائه=كأن فراتاً تحته يتحدّرُ
هنا رافدٌ منه ومنيَ رافدٌ=على وجنتي ينسابُ دجلةُ آخَرُ
روافدُ للأحزانِ والدمِ تلتقي=وتلطمُ أمواجي الخليجَ وتهدرُ
وما بين نهريِّ الدماءِ وأدمعي=يزمزمُ طوفانٌ من القهر يزأرُ
عراقُ ألمْ يُتخمْ من القتلِ والِغٌ=وقد فاض بالأشلاءِ فمٌّ ومنخرُ
عراقي الذي منه العروقُ شواخِبٌ=ونهري الذي من دورةِ الدمِ أحمرُ
ألمْ تنطفئْ لابنِ الزنا منك شهوةٌ=فما زال يحتزُّ الرقابَ وينحرُ
ألمْ يتجشَّاْ من دمائك فاسقٌ=يعبُّ دمَ الأطفالِ رطلاً ويسكرُ
فيا معشرَ الأذنابِ عبّوا جيوبَكم=من النفلِ والأسلابِ والقَوْدِ وانفِروا
بكَم بعتمُ حزنَ الثكالى ودمعةً=سفحنَ تساوي كلَّ نفطٍ يُكرَّرُ
أمرتزقٌ من لحمِنا وصِغارِنا=ببخسِ دنانيرٍ على القتلِ تُؤجَرُ
خذوا نفطَكم عني إلى غيرِ رجعةٍ=ونحُّوا مُداكم عن دمي وتقهقروا
وعرشكم الهاري على جثتي وهى=فروموا بمالِ النفطِ شعباً لتشتروا
وَلدنا وأرضعنا دُمىً تقذفونها=بأقدامكم كي تستجمّوا وتسمروا
وما يُطرب الأوغادَ في لهوِهم سوى=ذبيحٍ من الأوداجِ والحلق يشخرُ
وصرخةِ رَوعٍ من صبيٍّ مفزَّعٍ= تغشّاهُ موتٌ بالفجاءةِ يجأرُ
فيا شِسعَ بسطارِ الغُزاةِ تطامنوا=صَغاراً وأنتم بالصَّغارةِ أجدرُ
وبيعوا دمائي ما استطعتم وقَوِّدوا=فهيهات أنْ يرقى العبيدُ ويكبروا
وأنى لكم أن تكبروا يا حثالةً=من الخزيِ في كاساتِه تتقعَّرُ
ويا ظلَّ محتلٍّ تطاول خلفَهُ=إذا اعتدلتْ شمسُ الظهيرةِ يقصرُ
دمُ ابني وآلاف الدماءِ روافدٌ=لدجلةَ تجتاح الغُثاءَ وتعبرُ
وصرختُه المكتومةُ الآنَ رَجعُها=يزلزلكم بالرعبِ فاللهُ أكبرُ.

عمر ابو غريبة
22-10-2010, 08:03 PM
الإمتاع والمؤانسة..ولا عزاء لأبي حيان التوحيدي


تمتّعْ هُديت الرشدَ فالأمرُ ممتعُ=وما لك ترضى بالقيودِ وتقنعُ
بواحدةٍ كبّلتَ نفساً وأُسرةٍ=رعيتَ بها همّاً يجولُ ويرتعُ
فدعْك من التمليكِ واكْتَر دارةً=تغادرها بعد المرادِ وتُقلعُ
وطِرْ نحلةً بين الزهورِ ممرّغاً=تحوز رحيقاً أو شذىً يتضوّعُ
بلا ولدٍ يغزو جيوبَك نافضاً=ولا نكَدٍ من حيث لا تتوقعُ
وجامعْ كما شاء الهوى لك شِرْعةً=وديناً فأبوابُ اللذائذِ شُرَّعُ
إذا رُمتَها مستعجلاً فلساعةٍ=فهيا اقضِ وطْراً فالدقائقُ تسرعُ
وإنْ شئتَ يوماً تستريحُ بليلِه=فباكرْ نهارأً بالعرائسِ يطلعُ
وإنْ شئتَ أسبوعاً فأنت مرفَّهٌ=ولا ريب عندي من صديقيكِ أسبعُ
وإنْ كانت الأنفاسُ فيك طويلةً=فعرسُك طولَ الشهرِ والشهرُ أوسعُ
ولو كنتَ مثلي ذا حجاً وكياسةٍ=فعقدُك بالوقْعاتِ خيرٌ وأوقعُ
ولا تخشَ فيه حُرمةً بل وشُبهةً=حلالٌ بفُتيا العارفينَ موقَّعُ
تسنّنَ مسياراً لدى الناسِ خفيةً=وجاهرَ في تحليلِه متشيّعُ
فدعك من الكبتِ المُضرِّ بأهلِه=فما لك في النسّاكِ شأنٌ ومَطمعُ
وهل كنتَ ترضى بالزنا وحرامِه=وتترك حِلَّ اللهِ يا متسكِّعُ
فلا تقْفُ خطْواتِ الزناةِ ونهجَهم=فتلعَنَ في الدنيا وفي النارِ تقبعُ
ومُدَّ يداً نحوَ الحلالِ وطِيبِه=تمتعْ أتاك الحلُّ والجوّ ممتعُ
أقول لشيطاني رويدَك صاحبي=فطُعمُك هذا اليومَ بالكادِ يُبلَعُ
إذا لم يكنْ هذا الذي قلتَه زناً=فكيف الزنا يا ابنَ الْـ..وعُذرَك أوكعُ
تزيّن قبحَ الوجهِ بالدينِ خادِعاً=ولستُ بهذا الوجهِ يا صاحِ اُخدَعُ
وتُلقي بفتواك التي شاط طبخُها=طعاماً غَموسَ السمنِ بالسُّمِّ يُنقعُ
غوى قبلُ أشياخٌ بفتنةِ قولِه=فقاموا يحِلّون الحرامَ فأبدعوا
فيا ليتهم خصّوا به ذا عمامةٍ=لِيُحرمَ من قرْعِ العُضادةِ أقرعُ
هم العلماءُ الصِّيدُ أنى يعوزُهم=غداً منطقٌ في الردِّ واللهُ يسمعُ
ولستُ نظيرَ الشيخِ علماً وفطنةً=ولكنّصدري ريبةًيتقطّعُ
فإنْ كان فقهُ الشيخِ جوَّز متعةً=فهل جاز لاْختِ الشيخِ هذا التمتُّعُ
وهل يرتضيه في نكاحِ بُنيَّةٍ=أمِ الشيخُ في أعراضِه متمنِّعُ
أيا سادتي هذا الجنينُ ببطنِها=فماذا عساها في الولادةِ تصنعُ
إذا ما أتتْ بابنِ الحلالِ وليدِها=وما من أبٍ يرعى الوليدَ ويدفعُ
بلى دفع الصنديدُ أُجرةَ أمِّه=وليس يبالي كيفما يترعرعُ
تيتّم لا يدري أباه سوى اسمِه=وهل يُنْشئُ الإسمُ الصغيرَ وينفعُ
كنصفِ لقيطٍ جاء يحمل وِزرَه=تنوءُبذا الوزرِ الجبالُ وتركعُ
وأنى لنا نبني بذلك أُسرةً=ومجتمعاً والبيتُ أصلاً مُصدَّعُ
فأولُه لا غروَ للنفسِ متعةٌ=وآخرُه لا جرْمَ جيلٌ مضيَّعُ
إذا ما هفتْ نفسٌ ووسوس خانسٌ=بصدرِك يدعو فعلَه ويشجّعُ
ألا استفتِ قلباً بين جنبيك يقبعُ=حرامٌ نكاحي أم حلالٌ مشرَّعُ
وراودتُ عيني للقرارةِ بعدما=دحرْتُ قريني فهْو بالخزيِ مُقمَعُ
وياْبى ليَ النومَ الخبيثُ موسوساً=يطلُّ برأسٍ في الظلامِ ويرفعُ
يشدُّ بأُذني نحوَ صوتٍ موجِّهاً=إلى قصرِ جاري والصدى يترجَّعُ
فجارتُنا تشكو مصيبةَ زوجِها=وتلطم خدّاً سال دمعاً وتصفعُ
يريدُ لتقواهُ رضاعةَ خادم=ولا حرجٌ من بعدِها أو تبرقُعُ
ستغدينَ أُمّاً للصغيرِ وإنْ بدا=له شاربٌ والشعرُ في الذقنِ يلسعُ
ألمْ تنظري في وجهِه ذا براءةً=ألمْ تسمعي بالليلِ وهْو يوَعوِعُ
ألمْ تشعري بالجوعِ في ملْ عينِه=لصدرٍ إليه كلما جاع يفزعُ
ألم تلحظي يوماً شُروداً لفكرِه=وفغْرَ فمٍ أرخاهُ والريقُ يُبلَعُ
فللهِ ما أقساكِ أُمّاً بليدةً=تعذّب أمعاءَ ابنِها وتجوِّعُ
حنانيكِ يا جلمودَ صخرٍ تنازلي=وخلّي غلاماً جائعاً منكِ يرضعُ
فإنْ لم يكنْ للخيرِ عندَكِ مطرَحٌ=زِنِيهِ بعقلٍ ربما العقلُ يقنعُ
خذي الأمرَ من كلِّ النواحي وحقّقي=ترَيهِ مفيداً للجميعِ وينفعُ
فما ثَمَّ إحراجٌ بلبسٍ وخلوةٍ=ولا قبلةٍ للأم في الخدِّ تُطبعُ
ولا بأس إنْ نام الرضيعُ بحضنِها=إذا عضّه بردُ الليالي المُصقِّعُ
ويرضى عليكِ البعلُ في طَوْعِ أمرِه=فذلك بغلٌ بالسياسةِ يخنعُ
ولو كنتِ ذا عقلٍ حصيفٍ لَكِدْتِهِ=وقمتِ كأن الأمرَ منكِ تطوُّعُ
ألمْ تقنعي.كلا فهذا محرَّمٌ=وفاحشُ فعلٍ في البذاءةِ مُقذِعُ
ورنَّ جعيرُ الزوجِ ملءَ مسامعي=يرغِّب فيها تارة ويقرِّعُ
يجادلها فالشيخُ أفتى بحِلِّه=ولا ريبَ أن الشيخَ أتقى وأورعُ
فلما اعتراه اليأسُ منها شكا له=أيا شيخُ أعيتني فقل كيف أصنعُ
أرومُ لها صَوناً وتأبى حليلتي=وإني على حُرْمي غيورٌ مزعزَعُ
تنحنح مولانا وسرَّح لحيةً=وقال هداها اللهُ كيف تمنَّعُ
أتعصيك في أمرٍ وتنكرُ حِلَّه=وترفض فتوىً لي وفيَّ تشنِّعُ
إذا كنتِ تستحيينَ من كشفِ خادمٍ=فحسبكِ كأسٌ من حليبِكِ مُترَعُ
فهيا اعصُريه كاسَ خمرٍ محللاً=يُبلّلُ منه شارباً راح يكرعُ
وأفتى له مولاهُ من حسنِ حظِّه=وهل غيرُ مولانا بما جَدَّ يقطعُ
فيا سوءةً للشيخِ يبغي إثارةً=وشهرةَ صِيتٍ بالتصاويرِ تلمَعُ
أيا شيخُ لو ترضى به لمحارمٍ=لقلنا لَمثلُ الشيخِ بالفعلِ يُتْبعُ
فهاتِ أمام الناسِ أختاً وزوجةً=ودَعْ خادماً من ثديِ تينكَ يرضعُ
أتُفتي بما تأبى لنفسِك فعلَه=أمِ الشيخُ في قدْرٍ أجلُّ وأرفعُ
أجارَتَنا إنّ الخُويدِمَ طامعٌ=ودون التقامِ الثديِ هيهات يقنعُ
ويا بغلُ لو كانت لديك مروءةٌ=ولكنْ خلا منها دَيوثٌ مُجدَّعُ
إذا ما هفتْ نفسٌ ووسوس خانسٌ=بصدرِك يدعو فعلَه ويشجِّعُ
ألا استفتِ قلباً بين جنبيك يقبعُ=حرامٌ رضاعي أم حلالٌ مُشرَّعُ

عمر ابو غريبة
26-10-2010, 02:20 PM
لم يُخلَق مثلها في البلاد




شعر عمر ابو غريبة







كأنني ثمِلٌ أو عَلّه حُلُمُ






أجنّةٌ هذه أم أنها إرَمُ






في خفقةِ الطرفِ كانت ثَمَّ ماثلةً






كذّبتُ عينيّ والأفكارُ تزدحمُ






أنجمةٌ من فضاءِ الكونِ قادمةٌ






حطّتْ على الأرضِ لا جنحٌ ولا قدمُ






أم قُبةٌ من صَنَاعِ الجنِّ مبدعُها






تفيض سحراً على الأركانِ يرتسمُ






وأُزلِفتْ لي بأبوابٍ مشرَّعةٍ






تقودني ولساني الدهشُ ملتَجَمُ






مرصوفةٌ بلُجينِ الصخرِ سِكّتُها






ما أثّرتْ في مجالي متنِها قَدمُ






أطوف بين قبابٍ للسماءِ سَمتْ






تصغي لهمسٍ إذا باحت به النُّجُمُ






تشامخت فوق غيمٍ جاء يحرسها






وما رقى مُرتقاها البرقُ والديَمُ






ففي السماءِ لها حضنٌ ومضطجعٌ






ومن ملائكةِ الرحمنِ مُلتَزَمُ






دَلفتُ والقلبُ مني راقصٌ طرباً






يكاد يُسمَع من تحنانِه نغمُ






يسوقني الطِيبُ نثراً في شوارِعِها






أنى مشيتُ تضوعُ الأرضُ والنسَمُ






كل المدائنِ في أمجادها مَثُلت






أغناك عمّا سواها المِثْلُ والكرمُ






لها من السهلِ والأعلامِ مكتنَفٌ






وكم تنازع فيها السهلُ والعَلمُ






أمامك النورُ فاروِ العينَ من ظمأٍ






فالسحر فاضت به الوديانُ والقممُ






مدينة عُمِّرت دهراً وما اختضبت






حسناءُ ما طالها شيبٌ ولا هرَمُ






وما رأت حسنَها عينٌ ولا خطرت






على فؤادِ امرئٍ أرخى له الحلمُ






يطول فكرُ يراعي عند ضفتها






وما جرى بعدُ في أمواجِها قلمُ






حتى دعتني إليها قبةٌ لمعت






كخاطرٍ بارعٍ في الذهنِ يرتسمُ






أهذه الشمسُ فوق الأرضِ قد نُصبت






تقولُ لا وتُومي الشمسُ بل نعمُ






ومسجدٌ شدّني أقصاه مقترباً






كأنما أناْ في محرابِه صنمُ






مُسمَّرٌ فيه شُلّت كلُّ جارحةٍ






سوى عيوني بفيضِ الدمعِ تنسجمُ






أكِبُّ فوق الثرى الحنّاءِ ملتثِماً






فيغتديهِ خضاباً دامعٌ وفمُ






قدساهُ هذا أنا أسريتُ نحوكِ من






شوقٍ مُلِحٍّ كموجِ البحرِ يلتطمُ






ما أطفأتْ نارَه أرضٌ سواكِ ولا






خبتْ بنوءِ سنين المنتأى ِحممُ






بِنّا بجرحٍ مدى الأيامِ مرتعفٍ






وكلُّ جرحٍ خلا جنبيكِ ملتئمُ






وكم نشدنا لنزفِ القلبِ راقيةً






وليس يرقاُ إلا إنْ سلاكِ دمُ






هيهات يا قبلتي الأولى ومنعرَجي






وثالثٌ أخواهُ الروضُ والحرمُ






يمامةَ الروحِ هل للروحِ من عِوضٍ






إنْ رفّ في أفقها الغربانُ والرخمُ






وشمعدانٌ كوَهْنِ العنكبوتِ رمى






بظلِّهِ فهو في أركانِها قزمُ






يزجّه الحقُّ تحت الشمسِ منحسراً






وكلُّ باغٍ أمام الحقِّ منهزمُ






منفِّرٌ قبحُه في مُجتلىً حسنٍ






كلطخةِ الوحلِ مسّت دَرنَها القدمُ






كأنه حيّةٌ تسعى بألفِ فمٍ






تنسلُّ في جنتي ليلاً وتقتحمُ






قد أنكرتْ رسمَه الملتاثَ قبتُها






وكذّبتْ عهدَه البالي هنا الرُّسُمُ






فجّ دخيلٌ على التاريخِ مقتحم






وكلّ غازٍ رحابَ الطهرِ مصطَلَمُ






تسرطنتْ شأفةٌ في جنبِها وربتْ






ودمّلٌ خارجٌ أغرى به الورمُ






وحسبُه مِخرزٌ أو كَيّةٌ بلظىً






حتى يمجَّ صديداً غَذّهُ الوخَمُ






ألقي قميصَكِ قدساه على رمَدي






كي يسفرَ االحزنُ في الأحداقِ والعتَمُ






وبللي بنداكِ الغضِّ أوردتي






حتى يدورَ بصحراءِ العروقِ دمُ






أغارُ من ميتٍ واراهُ فيكِ ثرىً






وأغبط الحيَّ رغم القهرِ يبتسمُ






يا ليتني شجرٌ في القدسِ أو حجرٌ






فحسبُني من ثراكِ القربُ والذممُ






ذاتَ القبابِ أيسخو الدهرُ ثانيةً






ويجتليكِ شغوفٌ بالسنا نهِمُ






رأيتُها مرةً واحسرتاه إذا






ضنّتْ عليّ بثاني نظرةٍ إرمُ.

عمر ابو غريبة
23-11-2010, 08:20 PM
ذاتَ عيد..

شعر عمر ابو غريبة
=====================





لك المُرتقى الأعلى ودونَك أعلُجُ=وهم أسفلَ الدنيا وها أنت تعرجُ

فدُسْ فوق أعناقٍ لهم مشرئبّةٍ=وشُكَّ عيوناً منهمُ فيك تحدجُ

وأسفرْ عن الوجهِ المهيبِ شجاعة=إذا ما اختفى خلف البراقعِ مُنعجُ

وألسنةٌ بالحقدِ تنضحُ منهمُ=ومنك لسانٌ بالشهادةِ يلهجُ

فما خارَ والحبلُ المفتّلُ مُطبقٌ=على عنْقِه والروحُ بالحقِّ تخرجُ

فمِن رمقٍ عند الملائكِ صاعدٍ=ومن رمقٍ عند اللهى يتحشرجُ


هوى بك حبلٌ كابياً بكميتِهِ=ولم يكبُ في النجْداتِ تحتكَ مُسرَجُ

إلى اللهِ تعلو عاجلاً ومُلبّياً =وفي عرفاتِ اللهِ صوتُك يهزجُ

لكلٍّ جَناهُ يومَ نشرِ صحائفٍ =لك الغارُ إكليلاً وللدونِ عوسجُ


ترجّلَ عن أعوادِه خيرُ فارسٍ=وأطبق أجفانَ السكينةِ أدعجُ

فسُدّوا فماً منكم تريّلَ أبخراً =هنا من جِنانِ اللهِ قبرٌ مؤرَّجُ


يلوذُ بجنبِ القبرِ مُرخىً زمامُهُ =جوادٌ له يبكي الجوادَ وينشجُ

ولأمةُ حربٍ أخلقَتْها معاركٌ =وسيفٌ يمانيٌّ ورمحٌ مُزجّجُ


عليك البواكي ما كذبنَ بنائحٍ =وكلُّ رثاءٍ فيك كالصبحِ أبلجُ

فيا عمرُ المختارُ ثانيةً رَقى =ويا عمرُ المختارُ سيّانَ منهجُ

أحاط بك الأعداءُ أعزلَ شامخاً=وحولَك جيشٌ بالسلاحِ مُدجّجُ

تباهوا برشاشٍ وكعبِ مسدّسٍ =وكم زيّن الأبطالَ من قبلُ دُملُجُ

أغاروا على الجثمانِ نشباً بمخلبٍ =وركلاً بجنبِ الليثِ وهو مضرّجُ

وما نظــــــــروه قبلُ إلا ترعّدوا =وما كلّمــــــــوه قبلُ إلا تلجلجوا

فإن تكسروا سيفاً فقد سُلَّ غيرُه =وإنْ تشنقوا أوساً فثمّةَ خزرجُ

عمر ابو غريبة
01-12-2010, 09:37 AM
جنس ثالث

يمشي أمامي مائداً يتخبّطُ=متضاحكاً بوقاحةٍ لا تُغبَطُ
حَدّقتُ فيه مدبراً فحسبتُه=أنثى تمرُّ من الطريقِ "وتقلطُ"
فإذا به ذكرٌ كما يبدو وما=أدري فأمرُ فتاي ذاك "مخربطُ"
متنافرٌ تقسيمُه ولباسُه=فكأنه في الشكلِ شرقٌ أوسطُ
وضفيرةٌ في الخلفِ أرسلها كما=ذيل الحصانِ ولا حصانٌ يُربَطُ
وحواجبٌ منتوفة فكأنها=قوسٌ دقيقٌ بالمدادِ مُخطّطُ
وشفاهُه محمرّةٌ كصبيةٍ=لكنما ما من حياءٍ ينْقطُ
ضاق اللباسُ عليه حتى رابني=فلعلّه رسمٌ عليه مُسقَطُ
محشورةٌ أردافُه كهواجسٍ=في صدرِ مهمومٍ تشِبُّ وتهبطُ
لُحِمتْ عليه قطعةً مفصولةً=هيهات يُرتَق مثلُها ويخيَّطُ
كم حارني في أمرِ حاجتِه فهل=تُقضى بيسرٍ إنْ عَنَاهُ تغوُّطُ
والخدُّ محفوفٌ بخيطٍ مُرهَفٍ=يجتثُّ شعراً لم يصلْه المِلقَطُ
لمعتْ كحَمّامِ الثريِّ خدودُه=بل دونَها خزفٌ عليه مُبلَّطُ
يغدو وهاتفُه كتوأمِ أُذْنِه=ويروح والمحمولُ معْه يلغَطُ
للهِ كم هو صامدٌ محمولُه=سقطتْ عواصمُ وهو أنى يسقطُ
وسمعتُ منه لهجةًً ورطانةً=ليست على أيِّ المعاجمِ تُضبَطُ
عربيةٌ شكلاً ولكنْ حشوُها=مستعجَمٌ بمشقةٍ يُستنبَطُ
"دادي" وما "دادي" ألا يا ليتَه=معَ إبنِه بين الشوارعِ يُشحَطُ
غنجٌ كزوجٍ خاصمت وتمنّعتْ=في فينةٍ ترضى وأخرى تسخطُ
والصوتُ رقّقه الفتى متعمِّداً=فكأنه عبدٌ خصيٌّ أشمطُ
ماذا تركتَ لكاعبٍ أو زوجةٍ=والعطرُ والمسحوقُ عندكَ يُبسَطُ
قد صرتَ للفتياتِ حقاً قدوةً=في شكلِ لبسٍ أو ضفائرَ تُمشَطُ
لو كنتَ عند سَدُومَ قبل عذابِهم=لتحاججوا بك إذْ عصَوا وتلوَّطوا
وأدُ البناتِ محرَّمٌ لكنما=ولدٌ كهذا بالترابِ يُحنَّطُ
وسبقتُهُ في مشيتي متحفزاً=وأنا أحضِّرُ بصقةً تتمخّطُ
ما ردّني إلا خسارةُ بصقتي=فيه وهل أناْ مسرفٌ أو مُفرِطُ
حاشا السوائلَ لمسهُ أمّا إذا=غازٌ ففي وجهِ المخنّثِ....؟!

عمر ابو غريبة
02-12-2010, 01:15 PM
فاضت روحه خلال صلاة عصر جمعة بعد أسبوع من عودته من الحج سنة 1990..



عام مضى
شعر عمر ابو غريبة


ما كفكفَ الدمعَ مُلتاعٌ به شَرِقُ=ولا سَلا ذِكرَ مَن بانوا فما رفَقوا
وجرحِ قلبٍ مدى الأيامِ فاغِرُه=كأنّ ذكراكَ سيفٌ فيه مُمتشَقُ
يودُّ لو طارَ مِن شوقٍ يُلحُّ به=لولا ضلوعٌ كبابِ السجنِ تنصفقُ
عامٌ مضى وشِغافُ القلبِ آهلةٌ=بغائبٍ حاضرٍ في القلبِ يأتلقُ
ما بارَح العينَ إنسانٌ لها سهرتْ=عليه أهدابُها واختصّه الحَدَقُ
أقول والقبرُ قد أهوى إليه يداً=والكفُّ تدفعُ عن حِبٍّ وتعتنقُ
هذا فؤادي فدى نبضِ الفؤادِ فهل=أسمعتُ أُذناً وصوتُ الثكلِ مختنقُ
خُطّوا بجانبِه لي مضجعاً فعلى=نفسٍ بجسمينِ هذا اللحدُ منطبقُ
روحي له تَبَعٌ فاستشرِفوا أفقاً=ترَوا به الروحَ يجري خلفَها رمقُ
قد مُوِّه الموتُ بالطاعاتِ متشِحاً=حتى اسْتَبَاك وشأنُ الموتِ يسترقُ
هي الصلاةُ التي حُبِّبْتَها شَرَكٌ=واللهوُ شَرْكُ امرئٍ إيمانُه مَذِقُ
يندى جبينُ الردى من عابدٍ ورِعٍ=ويستميحُ له عذراً ويختلقُ
وأيُّ عذرٍ ترى يا موتُ في عملٍ=والدينُ يبكي الذي أرديتَ والخُلُقُ
خيرُ الرجالِ الذي قد غِلْتَ في وَضَحٍ=فهل تمعّنتَ ما في الكفِّ يعتبقُ
يا طاهرَ الثوبِ ما أغناك عن كفَنٍ=ما حِيك إلا لعاصٍ ثوبُه خَلِقُ
يا عابقَ الذكرِ أجزى عنك مغتَسَلاً=قد فاعَ في الغُسلِ منك السِّدرُ والنبَقُ
يا واسعَ البِرِّ ما أُنصِفتَ ملتَحَداً=أحرى بهذي الأيادي ذلك الأفقُ
طفلاً قضى كنميرِ الماءِ صفحتُه=وصفحةُ الناسِ يُزري ماؤها الرَّنِقُ
يا قومُ بطنُ الثرى خيرٌ لكم سكناً=خيرُ الرجالِ ثوى بالأمسِ فاستبقوا
هذا مثالُ التُّقى مُسْجىً بحفرتِه=يضوع تحتَ الثرى من روحِه الحَبَقُ
حتى تداعى الورى للقبرِ في زُمَرٍ=أفضى إلى الخُلدِ بابُ القبرِ فانتشقوا

يا خالُ صوتي أنا هل أنت سامعُه=فينثني للمنادي وجهُك الطلِقُ
نأيتُ بالشعرِ عاماً عنك ملتجماً=لسانيَ الذَّربُ قد أعيانيَ النطُقُ
وهل يُجيرُ طريداً بحرُ قافيةٍ=علا إذا راعهُ من دمعِه الغرقُ
لكنما لوعةٌ في الصدرِ قد غلبَتْ=صمتي وأرختْ لسانَ الشاعرِ الحُرَقُ
يا خالُ..رَجْعُ صدىً هل كان بالغَه=هيهات..قد حالَ بين الأهلِ مُفترَقُ.
7/1991

عمر ابو غريبة
07-12-2010, 12:47 PM
أتذكُرني؟!

يسائلني ويبتسمُ

فأضحكُ من براءتِهِ

ومكرٍ ماتعٍ في الوجهِ يرتسمُ

يعاتبني فلا أحلى معاتبةً

تفيضُ عذوبةً من فيهِ تنسجمُ

فأحضنه بشوقٍ جارفٍ والعينُ مغمضةٌ

تظنُّ بأنه حلُمُ

وتخشى أن تُفتِّحَها فيُطوى الرسمُ والنغمُ

بلى هذا شذى أحمدْ

ونغمةُ صوتِه الدافي

يسيل كعذبِ ماءٍ رائقٍ صافي

فيُحيي رمَّةً من عظميَ المُجهَدْ

ويفتح أعيناً مُبيضَّةً من حزنِها وكمَدْ

يكحِّلها مُحيّاك البهيُّ وسحرُك الشافي

وها ترتدُّ مبصرةً بدونِ رَمَدْ

أيا رمقاً إذا فارقتَني جسدا

بقيتُ طريحَ جثماني الذي همدا

كأني إنما فارقتُ عنك الروحَ منذ أمدْ

وعدتُ إلى الحياةِ كعازرٍ يصحو

ويفرك عينَه فرحا

وأُرسلُ فيك من نظري الشغوفِ يجول منسرحا

ليرتاحَ الفؤادُ ويطمئنَّ لصدقِ ما وجدا

بلى هو أحمدٌ فامدُدْ إليه يدا

وحضناً قطَّع الهجرانُ من أضلاعِه قِدَدا

أتذكرني؟!

تسائلني؟

وهل ينسى أبٌ ولَدا.

عمر ابو غريبة
10-12-2010, 08:26 AM
مَثاب
شعر عمر ابو غريبة


ثبتُ من سَورتي وحُقَّ مَثابُ=وارعوى الآنَ خافقٌ وثّابُ
وهَرقتُ الشبابَ خمرَ ضلالٍ=طالما دَبَّ في العروقِ شبابُ
وسقاني المشيبُ كأسَ حليبٍ=وكذا الشيبُ للسنين احتلابُ
هكذا عدتُ في الكهولةِ طفلاً=بصفاءٍ وفطرةٍ لا تُشابُ
وعليها قد كان عالمُ ذَرّي=وإليها يكون ثَمّ الإيابُ
فإذا العمرُ رحلةٌ وتناهت=وعلى جُرفِهِ يحطُّ الركابُ
وإذا بالحياةِ محضُ خيالٍ=وأماني الصبا اللعوبِ سرابُ
كم غوت بي أمّارةٌ للهوى=والنفسُ في الغيِّ سيدٌ ومُجابُ
زَوَّقتْ كلَّ شهوةٍ وافتنانٍ=وحديثُ الهوى لها مستطابُ
وأباحت محرماً بافتئاتٍ=وفتاوى هذا الفقيهِ عُجابُ
واستهانت بوازعٍ مستكنٍّ=وأطلّتْ فما يُواري حجابُ
كم تمرغتُ في رياضِ الأماني=فإذا بالرياضِ مَحْلٌ يبابُ
وسبَحنا بعنفوانِ غَرورٍ=ونزعناه حين غاض العُبابُ
تلك دنياك ثَيّبٌ خضبتْ فاغترَّ=لاهٍ وقد يغرُّ الخضابُ
وكشفْتُ الخمارَ عن قبحِ وجهٍ=كم عشى العينَ حسنُه الخلابُ
وشباكٌ مزّقتُها لرُتيلاء=وقد مَـجَّ من دمائي نابُ
راعفاتٌ مني الجراحُ بقلبي=ومُداها لم يُشفَ منها الإهابُ
ختلتْني فكيف أرضى بنومٍ=مطمئناً لها وكُلي ارتيابُ
وعلى الحرفِ من فراشيَ أغفو=يقظاً مثلما تنام الذئابُ
حذراً من طوارق الليلِ تلهو=بجفوني كما يؤزُّ الشهابُ
دأبُها البغتُ غِرّةً من قريرٍ=حين يغشى صفوَ القرارِ اضطرابُ
إيهِ دنيا غرّي سواي فإني=راغبٌ عنكِ يحتويني اغترابُ
عاكفٌ في تكيّتي وجُريجٌ=قد وقاهُ من مومسٍ محرابُ.

عمر ابو غريبة
14-12-2010, 07:04 PM
كمالُ المعرفة
شعر عمر ابو غريبة


كلُّ المعارفِ عند الموتِ تكتملُ=وعَلّمَ الموتُ أمّيينَ كم جهلوا
وما الحياةُ سوى نومٍ بلا نَبَهٍ=وأيقظَ المرءَ من ذا النومِ مرتحَلُ
إذا انقضى حلُمٌ للعيشِ منصرماً=تقشّعتْ سحُبٌ واستبصر الرجلُ
وما انتهى عمُرُ الإنسانِ في أجَلٍ=فالعمرُ مستأنَفٌ إذْ ينتهي الأجلُ
يا أيها الناسُ ليست دارُكم سكناً=تلك القبورُ بلا ريبٍ هي النُّزُلُ
إذا نزلتَ بها أبصرتَ من عَمَهٍ=وأنبَه القلبَ أمرٌ نابَهُ جَلَلُ
وبِتَّ في جّدّثٍ فازددتَ معرفةً=بأن ما شِدتَه من زخرفٍ طللُ
هنالك العيشُ حقاً فارتقبْ ملَكاً=يقود روحَك حيث العيشُ مقتبِلُ
ما انبَتَّ حبلٌ بموتٍ كنتَ ترهبُه=فانظرْ بعينكَ إنّ الحبلَ متصِلُ
قد كنتَ في غفوةٍ طالت بصاحبِها=وأنت للصحوِ منها الآنَ تنتقلُ
لا تفزعنّ من الكفِّ التي مسحتْ=عليك موقظةً فالأمرُ محتمَلُ
وافتحْ لها من ثقيلِ الجفنِ منسدِلاً=وقَرَّ عيناً فلا حزنٌ ولا وجَلُ
يكفيك من عتمةِ الدنيا ووحشتِها=وانظرْ إلى الضوءِ في الأنحاءِ يشتعلُ
وانفضْ تراباً علا ماضيْك من أمدٍ=وقُمْ تكاد إلى مستقبلٍ تصلُ
وألْقِ ثِقْلَ لِحافٍ عنك مبتهجاً=فالصدرُ منشرِحٌ ما هدَّه ثقَلُ
فإنْ كرهتَ الردى هَبْهُ كعيشِك ذا=أنت الغريقُ فهل يُستكرَه البللُ

عمر ابو غريبة
21-12-2010, 02:51 PM
استماحة
شعر عمر ابو غريبة


غاضَ فكري واستيأسَ المُمتاحُ=رَنِقٌ قاعُه فأنّى القَرَاحُ
وقَلِيبٌ أغوارُه داجياتٌ=ما جَلاها شمعٌ ولا إصباحُ
عَبثاً أقدحُ الزنادَ برَدْمٍ=ما أثارتْه قبسةٌ وانقداحُ
وحذفتُ الحصاةَ فيه استماحاً=فحباني دوائراً تنداحُ
حائمٌ حولَه يذودُ دِلائي=طال حبلي وعزّ منه انتضاحُ
وعميقٌ في الغورِ غَرَّ رشائي=إذْ تدلّى وماؤه ضَحضاحُ
يا لرَحمِ العقيمِ ما هزّه للآنَ=فَحصٌ لفكرةٍ وصياحُ
وجِنانٌ تنكّبَ الغيثُ عنها =مُقفراتٌ عريشُها صَوّاحُ
ظماٌ في الشفاهِ يقطرُ بؤساً=ويراعٌ من صومِه مُلتاحُ
ناظراً أرقُبُ الغَياثَ وما من=غيمةٍ ضاء برقُها اللمّاحُ
ساهراً أمسحُ الضُّروعَ عِجافاً=كيف يبتلُّ إصبعي المسّاحُ
أرِقاً في دجُنّةِ الليلِ أرجو=الفتحَ حتى تثاءب المصباحُ
عالَمٌ من سَمِّ الخِياطِ أراه=ضيِّقَ الصدرِ عزّني الإنشراحُ
أناْ رهنُ الحصارِ فيه وكم رُمتُ=خلاصاً فهل خلاصي مُتاحُ
نقمةُ العجزِ تغتلي في عروقي=والمنى هدّها الأسى المُجتاحُ
أكلَ الجَدْبُ فيَّ مِنسأتي قد=خَرَّ فكري وانسلّت الأرواحُ
وقلاني مُسخَّرٌ عبقريٌّ=وانطوت بعدَهُ الأمالي الصِّحاحُ
أين من نفثةٍ له مِلءَ رَوعي=أين وحيٌ يبثّه وبواحُ
وأُناغي قصيدةً راودتْها=النفسُ رَدحاً فما عَناها سِفاحُ
أين مني قصائدٌ ولّدَتْها=من خيالي رؤىً وفكرٌ لَقاحُ
وقوافٍ مثلَ الجُمانِ أضاءت=واشتهتْها في الجِيدِ منها المِلاحُ
وخيالٌ محلّقٌ كبُراقٍ=لمدى عينِه يطير الجناحُ
وسُلافٌ من كَرمةِ الفكرِ يهمي=حَلبُها نِعمَ دَنُّها والراحُ
ويراعٌ كالسمهريِّ انتصاباً=كم تحاشتهُ في الطعانِ رماحُ
وطليٌِّ من رائقِ الحرفِ تزهو=من نداه مفاوزٌ وبطاحُ
وشفيفٌ للبوحِ قد زاد حسناً=حين أخفاه في السطورِ وشاحُ
يا لهذا الفؤادِ كم يتعنّى=من شجاً قد فاضت به الأقداحُ
ويراعي الذي عفا منه رسمٌ=لحروفٍ يخونه الإفصاحُ
ها أنا ذا أجترُّ نفسي كماضٍ=أصفرِ الطَّرسِ كلُّه أشباحُ
كلُّ ما قلتُ آنفاً مستعادٌ=كخريفٍ تداوَرَتْه الرياحُ
أنظم القولَ كالحواشي لمتنٍ=غابرٍ كَرَّ فوقه الشُّراحُ
كاتبٌ خَطّ عرضَ حالٍ وما=ثمّةَ إلا ديباجةٌ واصطلاحُ
كصلاةِ الكُهّانِ أو مثلما قد=سجَعتْ في بني تميمٍ سَجاحُ
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن=ليس شعراً وإنما مفتاحُ.

عمر ابو غريبة
11-01-2011, 08:44 AM
حسبي اغترابي
شعر عمر ابو غريبة


واحُــــرقةً في الأضـــــلاعِ والكـبِدِ= من غــــربةِ الذكــــرياتِ والولـــدِ
عدَدتُ أيامَــــها على عَـجَـــــــلٍ= واليــومَ لا حَــــولَ لي على العـــددِ
مُـبــــــرَّحٌ لا يقِـــرُّ لي جسَــــــــدٌ= كيف قراري والشـوكُ في جســـدي
وخــــافقٌ في الضـــــلوعِ مستعرٌ= نِيـــطَ بحبل يشـــــدُّ من مَسـَــــــــد
يقول صحبي صبراً على مضضٍ= وليس لي من صـــــــبرٍ ولا جَلَـــــدِ
وكم تجـــــلَّدتُ حِــــينَ بنتُــــــهمُ= والقلبُ مخلـــــوعُ الطُّنْبِ والوتـــــدِ
ودّعـتُـهم بابتســـــامةٍ شَــــحَبتْ= أردتُهـــــا والشــــــــــفاهُ لم تُـــــرِدِ
كأن عيني غـــــــداة مُــــرتحلي= رمــــداءُ لم تشــــكُ قبلُ من رَمَـــــدِ
أنظـــــــرُ فيهــم بعينِ مقتـــرِبٍ= وهْي من الدمـــــــــــعِ عيــــنُ مبتعِدِ
غشـــــــاوةٌ بلَّلتْ نواظـــــــرَها= كعتمةِ الغيــــمِ والأديــــــمُ نَــــــــــدي
حبستُ ســـــيلَ الدمـوعِ مجتهداً= والســــــــــــيلُ قد فـاق درءَ مجتهِدِ
وربما بعضُ الدمــــعِ غـــــافلني= فأســـــــــبلُ العينَ تحت كُمِّ يــــــدي
وكم وعـــدتُ الحــبيب بعد غــــدٍ= وكذّب الدهــــــرُ مــــوعدي وغدي
قد يئســــــوا من إيـــــابِ والدهم= يأسَ طبيبٍ من بُـــــــرْءِ ملتَحَـــــدِ
كم ســـــــألوني عن عودتي قِدَماً= واليومَ لا ألفى السُّــــــؤْلَ من أحـدِ
حتى صـــغيري اللحــــوحُ منكفئٌ= مَــلَّ ســـــــؤالي دومــاً فلم يُعِـــــدِ
آه بنــــــيَّ الحــــبيبَ معـــــــذرةً= فما أطيقُ الصـــــــدودَ من ولــــدي
فلا تُشِــــــــحْ وجهَك الجميلَ ولا= تحُـــــزَّني بالفـــــــــراقِ والكمَــــدِ
حسبي اغترابي وبؤسُ فاجعتي= من شِـــــقوتي في النهــــــارِ والكَـــدَدِ
ووحشــــــةُ الليلِِ منك يا قمري= وقُــرحةُ الجفنِ فيه بالســــهُدِ
فلا تلُمْني إذا الزمـــــــــانُ وَنى=فلســتُ يومــــــــاً عنكـــم بمُـتـئد
إنْ شــــــــاقكم رشفةٌ فبي ظمأٌ= لوِردِكم والفــــــؤادُ لم يَـــــــــرِدِ
كأنما في الأضـــــلاعِ من سقرٍ= بابٌ يُصــــلّي قلبي على سُـــــفُدِ
ويلي تمجَّسْــــتُ غيرَ معتقــــدٍ= فليس تخبــــو نـــــــــاري بمتقدِ
لكنَّ قلبــــــي للهِ مُضطـــــرِعٌ= وهــــل لنا إلا اللهُ من ســـــــــــند
إنْ شـاء أمراً أو خَطَّ من قدرٍ= ما صـــــــدّه من جندٍ ولا مــــــددِ
وإنما أرجــــــو فيضَ رحمته= ليُســـــرِ حـــــالٍ بي معسِـــرٍ كنِدِ
لعل شـــــملي بالأهـــلِِ ملتئمٌ= بعد شــــــتاتِ الأســــــفارِ والبدَدِ

عمر ابو غريبة
16-01-2011, 03:39 PM
تلاشٍ
شعر عمر ابو غريبة



أوشكتِ أن تتلاشَيْ في مدى أُفقي=لم يبقَ منكِ سوى خيطٍ من الشفقِ
خُذي بقيّةَ ما خَلّفتِ من وجَعٍ=مِلءَ الفؤادِ وما أثقلتِ من رَهَقِ
وغادري ليلتي هذي وهَدأتَها=واطوي عن الجفنِ ذيلَ السهدِ والأرَقِ
وأفرديني بطعْناتي التي نزفتْ=بالأمسِ منكِ الُمُّ الفتقَ بالرَّتَقِ
دعي الخواطرَ تصفو عبرَ ذاكرةٍ=لَوَّثْتِها صوراً من عهدِكِ الرنِقِ
واستخلصي من دمي حِثْلاً يُخثِّرهُ=فقد يعود لماضيه من الدفَقِ
ولملمي ما تشظّى من زجاجِكِ في=حِنوي فهيهات أن يحظى بملتصَقِ
ها أنتِ ذا شمعةٌ تخبو ذُبالتُها=كعينِ مُحتضرٍ في آخرِ الرمَقِ
ذاب الذي طالما في القلبِ أجّجها=فارمي بواقيكِ فوق الشمعِ واحترقي
حاصرتِني بحبالِ السحرِ ساعيةً=مثلَ الأفاعي تفحُّ السمَّ في الحدَقِ
أرويتِني من أباطيلِ الهوى عَلَلاً=حتى انثنيتُ وغيرَ المَينِ لم أذُقِ
وكم رسمتِ لعيني بهرجاً وسناً=كخُلّبِ البرقِ أودى دونما غَدَقِ
يا زهرةً حسُنتْ قد ساء مخبرُها=والزهرُ في بعضِه خالٍ من العبَقِ
قد كان ما بيننا في غابرٍ كلِحٍ=أعافُ من ذكرِه في حاضري الألِقِ
فلا تسمّيهِ حباً حسبُه كذبٌ=كم شُوِّه الحبُ من زورٍ ومُلتفَقِ
ولستُ أعرفُ ما كان اسمُه:لعباً=على العواطفِ أم ضرباً من الحُمُقِ
لكنه اليومَ أمسٌ مُطفأٌ أبداً=والضوءُ يغمرُني في آخرِ النفَقِ
فامضي لشأنِكِ إني لستُ مُلتفتاً=خلفي وما كنتُ أثني لحظةً عُنُقي
كلٌّ قضى وطَراً فيه بصاحبِه=لهوتِ وانداحَ طيشُ الخافقِ النزِقِ
درسٌ من امرأةٍ جُرّعْتُ حكمتَهُ:=لا تركننَّ لمعسولِ الهوى المَذِقِ .

.