المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر نوري الوائلي



نوري الوائلي
06-04-2008, 05:02 PM
الطبيب نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم
الترابُ

عذرا ً تراب الأرض كيف تطولُ = قدماي ثغرك والفؤادُ شغول
قدماي تمشي في النعال ِتحفظا ً= وأنامُ في فرش ٍوعنك أحول
إن طالَ جسمي منك يوما ًغبرة ٌ= أو إن ّ دربي في التراب ِحمول
النفس ُتجهشُ بالصراخ توترا ً= والقلبُ ينبضُ غاضبا ًويهول
عجبا ًلنفسي كيف تنسى إنها = لتراب ِأرض ٍتنتمي وتؤول
الصدقُ جوهرك العظامُ ولحمها = ورفاتُ موتى في ثراك سيول
قدماي تمشي بالحذاء ِوإنما = أمشي على بدن ٍبلى وأجول
أمشي بزهو ٍوالترابُ ملونٌ = من عظم آدم والعظام ُ تلول
جسمي ترابٌ والترابُ نهايتي = وجميلُ خلقي في التراب ِ حلول
ما فوق سطحُك من عجائب إنما = تنمو بخيرك والعطاءُ شمول
منك الخلائقُ قد علت في وهجها = نظما ًوألوانا ًومنك تعول
كم فيك من حُسن الجمال مسُجع = وعيون ُخضرٌ في فناك ذبول
أنت الترابُ وما سواك فأنه = يبقى ترابا ً إن أبى فجهول
كم فيك من ملك ٍ وصاحب ثروة ٍ = ناموا فرادا واليدان فلول
الحسن ُفيك مع القبيح توائم ٌ= والدودُ يُسعف ُما قذى ويطول
لنهاية المخلوق وحشة تربة = والكلُ تحتك في الظلام جفول
يصحو بقعرك منْ يعيشُ بظلمه = ويفيقُ تحتك جاهلٌ وغفول
يكفيك تبتلع ُالملوكَ ومن لهم = من حافظين ومن بهم مذهول
فصبرْ على عبد ٍ وحقك غافلا ً= عمّا ملكت , عن الردى مشغول
فيك الحياة وتحت وجهك عالم ٌ= والموت فيك وللفناء دخول
فبنيتُ فوقك زائلا ًمن دورها = ومضيت ُأحلم والرجى مجهول
ونسيتُ أبني تحتك الملكَ الذي = يحوي رياضا ًوالرضى موصول
الأرضُ أمّ حيث منها أصلنا = ورفاتنا تبلى بها وتزول
من سطحها يوم الحساب ِ جسومنا = تنمو كزرع ٍوالنفوسُ ذهول
الأرضُ أم والترابُ سماتنا = والقبرُ دارٌ والممات ُ كبول
لو كان للأنسان ذرة حكمة ٍ= هجرَ الصراع ورحمه موصول
عجبي الى الأنسان كيف حياته = تقضى صراعا ًوالصراعُ سجول
حربٌ وأحقادٌ وشرُ أواصر ٍ = غدر ٌوغل ٌوالردى مأمول
هذي الحياة وسوءها من ناسها = والسوءُ في طبع ِ الرذيل ِ رسول
يا منْ على الرمضاء مُختالا جرى = زهوا ً بنفس ٍما لها مفعول
اعلم بأن ترابها متشوقٌ = في رصّ صدرك والترابُ عجول
قسما ًوحسبك كلّ من داسَ الثرى = يوما ًبقبر للبلاء ِ مثول
إن فزتَ باللذات طول َنهارها = وقضيتَ ليلك في النساء تنول
وملكتَ عزا ً كالملوك بعزهم = وجمعتَ مالا ًوالكنوزُ حمول
وعلوتَ كرسي البلاغة واعظا ً= وجمعتَ آدابا ً لها مدلول
وشربت َمن بحر العلوم ِ ومدها = حتى طفحت بجنيها وتطول
وسهرتَ ليلك َساجدا ًومناجيا ً = وحفظتَ ربك َ والرحيمُ قبول
لا بد يوما ً أن تذوق بلوعة ٍ = قهرَ المنايا , والزمانُ خذول
وتساقُ وحدك للمقابر ِعاريا ً = وتضمّك الأقدارُ والمجهول
وتركت َما لك من بنون َوحاشد ٍ= وخرجت منها والمصير ُ مهول
فاز الذي قد نام َ فوق ترابها = فيطيبُ عطرا ً والقذى مغسول
والله لو لا للحياة مظاهر = وعواذل فيها ترى وتقول
لجعلتُ فرشي والغطاء َ ترابها = وأنام ُدهري في الثرى وأغول

نوري الوائلي
10-04-2008, 04:37 AM
الطبيب
نوري الوائلي

المكتوب

يا نفسُ مهلا ً فلن تجني من الأمل = غيرَ الذي خُط في الألواح من أزل
مهما عملت ومهما كان من سند ٍ = لن تبلـُغي غير مكتوب ٍومرتحل
لا الجد ينفعُ في كسب ولا حذر = قد ينفعُ المرءَ في حفظ من الجلل
الكونُ والناسُ تجري ضمن أنظمة = للرب تخضعُ في سير وفي سُبل
الربُ قد كتب الأرزاق في حكم = يمحو ويثبتُ في لوح ٍ بلا زلل
ما يكسب العبدُ من فكر ومن مدد ٍ = إلا القليلَ وإن يدنُ لمكتمل
لا تحسبنّ حياة أهلها بشر = تعطي كما تشتهي نفسٌ من الأمل
ألهو بدنيا مع الآمال أرقبها = أصحو بحلم يضيع ُ الظهر كالبلل
اعمل وربك للأعمال ناظرها = والمؤمنون لهم دعوات مبتهل
واقنع بما قسم المنان من نعم = واصبر لبلواك صبر المتقي الوجل
إن كنت ترجو حياة سيرها وسع = لا تأخذن بنصح الحاقد الضحل
مهما عملتُ وفي الأمجاد مرتفع = أوحفني الخيرُ في ينع وفي كهل
صمٌ مسامعهم والعينُ غافية = والغلُ ديدنهم والنطقُ في شلل
يا ويلَ نفسي إذا أخطأتُ في عمل = ترمى عليّ سهام الحقد كالنزل
هذا خدوعٌ وهذا ناقدٌ لعب = والسامعون لهم آذان مفتعل
عبر العصور وسيفُ الغدر يا عجبي = يعلو الرقاب بأمر الباغي والجهل
في كل ارض أرى بالسوء منبتهم = يزهو بشوك على أسوار معتقل
ان نبعد النفس عن شغل به سقم = ننج مدى الدهر من هم ومن جدل
إنءَ بحالك عن رزق ٍ وعن مهن = فيها يسودُ لئام القوم والبُخل
واحرصْ على مهن ما الناس تحكمها = أنت السعيد بدون الناس والدخل
ما كل ما ترتجي الأهواء تكسبه = إن المقادير تأتي دون محتمل
لا ينفعُ البعدُ عن أسنان مفترس = أو يربحُ العزمُ في سعي لمحتفل
إلا بحظ ٍ وحظ الناس قسمتهم = والحظ ُيسدى الى العمال والكسل
الحظ ُ إما بتوفيق ٍلمكرمة = تعطى وإن كان ما يرجى على زحل
أو نائبات لها في القلب فاجعة = أو مانعات عن المنشود والنول
صدقا ً بأن عظيم الحظ مكتسب = أن نعبد الرب في إيمان متـّكل
يا نفس صبرا على الدنيا وما حملت = من نائبات ومن غدر ومن علل
دنياي ليل وما يعلو بها قمر= أو تشرق الشمس فيها دون مرتحل
الخير في الناس كالبذرات في سبخ = والشر ينبت فوق الطين والبلل
الخير فيهم كأزهار يعرقلها = شوك الشرور وجذر الدفل والدغل
الخيّرون كنحل كان عمرهم = والعابثون بعمر السيف والدول
الناس طبعهم قوس على قزح = مهما عملت فلن يرضوا على العمل
أنت الأمين إذا أضراسهم عرفت = في عظمك المر والأحشاء كالمهل
سوءُ العباد إذا ساءوا معاملة = للتابعين لهم بالأمر والسبل
ياليت ربي حماني من أسنتهم = فالنفسُ تأمن للواسي ومعتدل
البعدُ قطعا ًمن الأنسان مسلمة = للنفس والفكر من وهن ٍ ومن دجل

نوري الوائلي
15-04-2008, 12:19 AM
الطبيب نوري الوائلي
العسر

يا ساعة َالعُسر والميعاد والجلل = ما لي أراك وقد جئت على عجل
هل أن جسمي غدا صيدا ً له طعم = يغوي الجياع كأشبال على حمل
أو إن عظمي هوى من كثر ما نخرت = بالعظم آفاتُ موت ٍ من أسى العلل
هل ساعة العُسر جاءت قبل موعدها = أم إن قلبي غفى باللعب والهزل
في كل يوم ٍأرى قربا ً لمقدمها = كالجذر بالخصب يجري جرية العَجَل
حُزنا ًعلى النفس إن تاهت بدنيتها = ترجو من القيض أمْطارا ً لمغُتسل
ماذا أرى غير أموات ٍ بلا ملل = تبني وتظلمُ في سطو وفي ظلل
النفسُ تعلمُ للأيّام قسوتها = فالغدر ديدنها والحقُ في وجل
الناسُ موتى وهم موتى بلا جدل ٍ= والموتُ فيهم وهم في غفلة الأمل
الناسُ تلهو وهم للموت قد ركبوا = والموت ُفيهم كمنسيٍّ بلا وجل
يا خالق َالموت لـُطفا ًحين حنجرتي = يكبو عليها سوادُ الموت والجلل
في سكرة العُسر أصحو والأسى ألم = من غفلة الجهل والآمال والجدل
يا حسرة َالنفس كم تحوين من شجن ٍ= في ترك أهل ٍ وعُمر ضاع في جهل
يا ساعة العسر يا خسران مملكة = فيها النعيم ُمن اللذات والسبل
قد تشرق الشمسُ دون القوم أذ وعدوا = فالصبحُ هديٌّ الى من عاش في أجل
أن الصباحَ إذا أحييته كرم = فالليلُ موتٌ ونفسُ العبد في شلل
لو يذكر الناسُ إن الموت آخذهم = عاشوا تقاة وهم في كنف مرتحل
الناسُ حقا ً إذا للعُسر قد حسبوا = ما جاء منهم صنيعا ً غير مبتهل
ما حبب الناسَ في الدنيا وزخرفها = إلا الغرائزَ , لا تـُحكم بلا مُصل
الخيرُ ما ملكت يمناي من مُصل ٍ = تعطي المناعة من شرك ومن زلل

نوري الوائلي
05-04-2009, 02:58 PM
غِيابُكِ في الفؤادِ لهُ احتِشاءُ = وطَيفكِ في الخيَالِ لهُ انتِماءُ
عَشقتُكِ، هلْ إلى العُشَّاقِ صَبرٌ؟ = وهَل يُجلَى بلُقيَاكِ الشَّقاءُ؟
عشقتكِ في القَرارِ كعِشقِ صَبٍّ = وَعينِي لَم يُكَحِّلها الضِّياءُ
فشَوقِي كالخُسوفِ بلَيلِ دَهرِي =ولَيلِي - مِن صَباً - ندراً يُضاءُ
يُقلِّبُني مِنَ الأشواقِ ضُرٌّ =لرُؤيَا مَن لَها يُرجى اللِّقاءُ
فَصبرِي للِّقاءِ دَبيبُ نَملٍ = وَشَوقِي كالجِيادِ لَها الفَناءُ
فَلا بالصَّبْرِ تَنفلِقُ اللَّيالِي = ولا بالوَصْلِ يكتَملُ الرِّضاءُ
فَقُربُكِ قدْ أذاقَ النَّفْسَ حِسًّا = لَهُ لِلرُّوحِ دِفءٌ واحتِماءُ
فَخَوفِي بعدَما مُلئَتْ عُيوني = رَحِيلاً زادَهُ بالهَجْرِ دَاءُ
أُحاوِرُ مَن لَها في الرُّوحِ كَونٌ = فَيُكرِمُني معَ الرَّدِّ الحفاءُ
فيا لَيتَ اللِّقاءَ يشُدُّ صبرِي = ويَمْحُو مِن هُمومي مَا يشاءُ
لبُعدِكِ يرتَوِي في النَّفْسِ جُرحٌ = فيَشفِيهِ إذا شُفِيَ الفَناءُ
فجُرحِي نازِفٌ فيهِ صَلِيلٌ = تسَامَى مِن مَجارِيهِ الدَّواءُ
وباتَتْ - مِن قذَى أَلَمِي - عِظامِي = كأغصانٍ يُجرِّدُها الشِّتاءُ
فوَصْلُكِ والرحيلُ عمَى عُيُونِي = مَنَ الأشواقِ، أدْمَاها البُكاءُ
كِيَانِي في الفِراق ضَئيلُ قَشٍّ = عَلاهُ العَصْفُ ليلاً والهَواءُ
عُروقِي مِن أَسَايَ تَجِفُّ غمًّا = فَتروِيها بِلُقيَاكِ الدِّماءُ
فيَا ليلَ الأَسَى قدْ دُمتَ خُلداً = فهَلْ يُجْلِيكَ مِن عُمْرِي الضِّيَاءُ
* * *
لِوَصْفِكِ - إنْ وصَفتُ - لهُ انتِهاءٌ =ووَصْفُكِ بالكَمالِ هُوَ ابتِداءُ
سوادُكِ في الرُّؤَى نُورٌ وقُدسٌ = ورَوضُكِ لِلسَّمَاءِ لهُ السَّمَاءُ
وَيَكسوْهَا السَّوادُ.. كأنَّ بدراً = لهُ في اللَّيلِ وَهْجٌ يُستَضاءُ
جَمالٌ في المقامِ لهُ مُهابٌ = وأَركانٌ يُزَيِّنُها الغِطاءُ
بِها الدُّنيا غَدَتْ للكَونِ قلباً =على نبضاتِهِ دامَ البَقاءُ
بِها الآفاقُ أكوانٌ تَجَلَّتْ =بِها الأجواءُ مِصباحٌ يُضاءُ
بها النَّسماتُ أفواهٌ تنادِي = لهُ التَّهليلُ دوماً والثَّناءُ
لها ربٌّ يُتوِّجُها بِنُورٍ = هُوَ النُّورُ الإلهِيُّ المُضَاءُ
لَها ضوءٌ عَلا الأضواءَ وَهْجاً = بألوانٍ، فَيَتْبَعُهُ الفَضاءُ
رَحَلتُ مُهاجِراً أهلِي ومَالِي = لِلُقياها, فقَدْ طَفَحَ الإنَاءُ
سَعَيتُ مُنادياً والقَلبُ طَيرٌ = يُرفرِفُ نَحوَها والعَينُ مَاءُ
تُسابِقُ مِن عظِيمِ الشّوقِ قَلبِي = معَ السَّاقِينَ، يُسْعِفُها السَّخاءُ
فنادَى القلبُ: يا قَدَمَـيَّ سِيْرَا = فأَسْلَمَها إلى الرَّكْضِ الوَفاءُ
قَرُبْتُ وَمِن فِنَاهَا عِندَ ليلٍ =كأنَّ الأُفْقَ فَجرٌ وارتِقاءُ
أُعانِقُها كأضلاعِي لقَلْبِي = وأحْضُنُها فيغمُرُني البَهاءُ
عَجِبتُ لِطَلعَةٍ فاقَتْ خَيالاً = يؤجِّجُها بأضْواءٍ سَناءُ
جَلستُ أمامَها والعَينُ مَلأَى = بآياتٍ يُزخرِفُها النَّقَاءُ
سَجدتُ أمَامَها للهِ ربًّا = فرؤيتُها لِهَيبتِها نَماءُ
يلازمني الأمان كأنَّ رُوحِيْ = يُدثِّرُها بأَعْصَارٍ بِناءُ
دخلتُ مُنادياً "اَللهُ أكبَرْ" = فسارَعَ مِن مُناداتِي الوَلاءُ
ستيرٌ ماجدٌ رَبُّ رحِيمٌ = عِظيمٌ غافِرٌ أحَدٌ، رَجاءُ
دخَلتُ مؤمِّلاً كرَماً وَفَوزاً = ومَرضاةً بِها يعْلُو الرِّضَاءُ
فذنبِي ذَلَّنِي، والذَّنبُ ذُلٌّ = فمِنهُ ظاهرٌ، مِنهُ الخَفاءُ
فكيفَ بِحيلَتِي والنَّفْسُ ثَقْلَى = بِمعصِيةٍ بها يَكْبُوْ الدُّعاءُ
* * *
دخَلتُكِ طالباً ربِّي مَلاذاً = فأخجلَنِي مِن الطَّلَبِ الحَياءُ
دخلتُكِ حامِلاً في النَّفْسِ وِزْراً = عَلا الأكوانَ ضيق وإِسْتِياءُ
قَدِمْتُكِ حافياً، نَدَمِي عظيمٌ = لوجهِكِ قادَني ربِّي ابتِغاءُ
قدِمْتُكِ شاكياً للهِ أمْرِي = فقَدْ أضحَى معَ الذَّنبِ البَلاءُ
دخلْتُكِ حائراً: هلْ مِن شفيعٍ = فيأتِينِي مِنَ اللهِ النِّدَاءُ
أَتسأَلُ شافِعاً وأنا قَرِيبٌ = أُجِيبُ لِدعوَةٍ فيها الرَّجاءُ؟!
تُراني هَلْ أَعِيشُ ويأتِي يَومٌ = فيَجْمَعُنِي معَ البَيتِ اللِّقاءُ؟
سَلامٌ لِلمَقامِ ومَنْ بَناهُ، = سلامٌ صَادِقٌ فيهِ الوَفَاءُ

نوري الوائلي
18-05-2009, 02:15 PM
خَرِيفُ العُمْرِ قَدْ نَحَرَ الشَّبَابَا = وَعَابَ الحُسْنَ وَابْتَدَء الخَرَابَا
عليل جِسْمُهُ وَالقَلْبُ بَالٍ = وَفِكْرٌ ظَامِئٌ نَطَرَ السَّرَابَا
خَرِيفٌ قَدْ حَوَى عَجْزًا وَذُلاًّ = وَأَيَّامًا غَدَتْ عَجَلاً ضَبَابَا
فَبَاتَ الجِسْمُ لِلأَمْرَاضِ طُعْمًا = كَكَبْشٍ لَحْمُهُ أَغْرَى الذِّئَابَا
تُهَاجِمُهُ دُجًى مِنْ كُلِّ صَوْبٍ = وَقَدْ غَسَلَ اللُّعَابُ لَهَا الشِّعَابَا
أَتَانَا بِالمَوَاجِعِ كَانَ جَذْوًا = يُجَرَّعُ سَاهِيًا عَنْهُ العَذَابَا
أَتَانَا مُنْذِرًا وَالمَوْتُ مَدٌّ = عَلا الأَجْسَادَ وَهْنًا وَالْتِهَابَا
فَبَاتَ مُخَاطِبًا هَلْ مِنْ حَكِيمٍ = لَهُ لُبٌّ فَيَغْتَنِمَ الشَّبَابَا
وَلَكِنَّ الشَّبَابَ رَهِينُ نَفْسٍ = تُقَلِّبُهَا الأَمَانِي لا عُجَابَا
تَرَاهُمْ لِلحَيَاةِ كَمَنْ أَنَاخُوا = رِقَابَ الذُّلِّ لَهْوًا وَاصْطِحَابَا
فَيَبْنُونَ الحَيَاةَ بِكُلِّ حَدْبٍ = مِنَ الأَحْلامِ مَا يَعلو السحَابَا
فَلَوْ عَرَفُوا خَرِيفَ العُمْرِ صِدْقًا = لأَجْرُوا الدَّمْعَ خَوْفًا وَارْتِقَابَا
وَلَوْ عَلِمُوا بِأَنَّ العُمْرَ وَمْضٌ = لَمَا تَرَكُوا الفَرَائِضَ وَالثَّوَابَا
وَصَارُوا لِلزَّمَانِ غَمَامَ خَيرٍ = وَقَامُوا بَعْدَ كَبْوَتِهِمْ غِلابَا
وَلَوْ سَمِعَ الشَّبَابُ أَنِينَ كَهْلٍ = لَعَاشُوا فِي الشَّبَابِ كَمَنْ أَشَابَا
• • •
حَمَلْتُ حَقَائِبًا مُلِئَتْ دَوَاءً = لآلامٍ فَأَعْجَزَتِ الطِّبَابَا
فَبَاتَ اليَوْمُ تِلْوَ اليَوْمِ يَمْضِي = مَوَاعِيدًا لِطِبٍّ قَدْ أَخَابَا
فَلا أَكْلٌ بِهِ ذَوْقٌ وَطَعْمٌ = وَلا نَوْمٌ مَعَ الأَهْلِ اسْتَطَابَا
وَلا أَهْلٌ تُكَفْكِفُ عَنْ دُمُوعٍ = وَلا رِحْمٌ لآهَاتٍ أَجَابَا
فَلَمْ يَنْفَعْ مَعَ الخِلاَّنِ عَطْفٌ = وَلا مَالٌ وَإِنْ تُكْثِرْ عِتَابَا
قَلِيلٌ بَاتَ مَنْ يَحْيَا بِعَزْمٍ = كَمَنْ خَبَرَ الشَّدَائِدَ وَالحِسَابَا
وَلَكِنَّ الكَثِيرَ يَعِيشُ يَأْسًا = وَيَقْطَعُ مِنْ مَزَارِعِهِ الشَّرَابَا
وَإِنْ زَادُوا عَلَى السِّتِّينَ عَامًا = يَعِيشُ جُلَّهُم فَزِعًا كِآبَا
فَقَدْ يَحْيَا الشَّبَابُ خَرِيفَ عُمْرٍ = إِذَا عَجَزُوا وَلَمْ يَعْلُوا الصِّعَابَا
وَيَحْيَا كَالشَّبَابِ كَبِيرُ سِنٍّ = إِذَا رَكِبَ العَزَائِمَ وَالمَهَابَا
فَلا تَجْعَلْ مِنَ السَّبْعِينَ عَامًا = سُيُوفًا تَرْتَوِي تَعْلُو الرِّقَابَا
وَعِشْ عُمْرَ الخَرِيفِ شَبَابَ قَلْبٍ = وَكُنْ فِيهِ كَمَنْ أَحْيَا الهِضَابَا
فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ وَطْرًا = لأَجْعَلَ مِنْ ثَوَانِيهِ العُجَابَا
وَأُمْسِكَ بِالأَظَافِرِ وَالثَّنَايَا = جَلابِيبَ الشَّبَابِ إِذَا اسْتَجَابَا
وَلَكِنَّ الشَّبَابَ إِذَا تَوَارَى = فَلَنْ يُرْجَى لَهُ يَوْمًا مَآبَا
• • •
فَيَا لَيْتَ الشَّبَابَ وَهُمْ شَبَابٌ = يَعِيشُونَ التَّعَقُّلَ وَالصَّوَابَا
فَخَيْرُ النَّاسِ شُبَّانٌ تُصَلِّي = صَلاةَ الفَجْرِ شَوْقًا وَاحْتِسَابَا
وَخَيْرُ الزَّادِ فِي الدُّنْيَا صَلاةٌ = لِشُبَّانٍ وَهُمْ رَهَبُوا العِقَابَا
فَفِي الدُّنْيَا شَيَاطِينٌ وَلَهْوٌ = وَلَذَّاتٌ حَوَتْ شَهْدًا وَصَابَا
فَيَنْسَى النَّائِمُونَ عَلَى حَرِيرٍ = بِأَنَّ مَصِيرَهُمْ يَبْقَى التُّرَابَا
وَأَنَّ إِلَى السَّعِيدِ عَظِيمَ حَظٍّ = إِذَا حَسُنَ العِبَادَةَ وَالصِّحَابَا
وَأَفْنَى عُمْرَهُ عِلْمًا وَفِعْلاً = وَإيمَانًا وَصَبْرًا وَاحْتِجَابَا
سَيَنْجُو وَالجِنَانُ لَهُ مَآبٌ = إِذَا جَعَلَ الصَّلاحَ لَهُ رِكَابَا
وَأَنْ يَمْضِي الشَّبَابُ بِنُورِ هَدْيٍ = وَأَنْ يَجْعَل مِنَ التَّقْوَى نِصَابَا
وَأْلَجَمَ صَابِرًا بِالصَّبْرِ نَفْسًا = عَنِ اللَّذَّاتِ أَوْ فِعْلِ المُعَابا
وَيَخْتِمُ مُحْسِنًا إِنْ عَاشَ كَهْلاً = وَقَدْ أَعْمَى العُيُونَ بِهِ وَتَابَا

نوري الوائلي
24-06-2009, 05:31 PM
حواء يا أم العزائم ينهل = من صبرك الصبر الجميل ويذهلُ




أنت المدامع في المخاض ولوعة = والصبر أحلام بعطفك اكملُ




عجز الخيال وجف حبري حائرا = في وصف أم في الولادة تنزلُ




لله درك حين طفلك حابيا ً= بين الحشى والرحم كونا ينقلُ




ساعات آلام كأن دبيبها = جبل له ماء المفاصل محملُ




تأتين كالسكران حالك مؤلم = لكن جرحك في الهداية يدملُ




ألم وأخطار ودمعة حالم = هذا المخاض فكبوه لا يمهلُ




يا صبر تصغرُ في المخاض كأنما = أنت الضجور وعزمها لا يكسلُ




يا صبر هل دارت عليك مواجع = مثل المخاض وأنت منه أسفلُ




إعجاز ربي قد تمثل شاخصا = عند الولادة حيث رب يكفلُ




لم يعرف الآلام مثلك صابر= حبلى وقلبكفي النواَئب مثقلُ




طفل من الأحشاء جاء بصرخة = فكأن أوصال الدما تتحللُ




ما كان من ألم وربك راحلا = حين الجنين من المواجعينزلُ




ويزيد بشراها صريخ وليدها = فالقلب يطرب للوليد وينحلُ




تبكين آلاما ونبضك باسم = والعزم من هدي السماء مكمّلُ




من شدة الآلام تصرخ داويا = لا حمل بعد اليوم قلبي يجفلُ




لكنها تأتي بعزم بعدها = للوضع في شوق , أهذا يعقلُ!




عجبا فبعد الوضع تنسى أنها = كانت بآلام كجلد يفصلُ




لو أن آلام المخاض بكفة ٍ= ما كان في الدنيا لها ما يعدلُ




الحمل هون والولادة دمعة = لكنها من أجل طفل تقبلُ




الصبر آلاء وربك واهب = لولاك ربي لم تلد من تحملُ




حقاً وصدقافالولادة لهفة = فيها المواجع للسماتتوسلُ




تبكين من وجع وقلبك ناطرا = ضيفا له صدر العواطف يحملُ




في بطن أمي كان قلبي يرتوي = من دمها دفء الحنان ويغسلُ




تزهو بمشيتها وتفخر أنها = أم , لها أفق الجنان يظلل




عامان من بعد الولادة كوثر = من صدرها يروي الرضيع ويوصل




عامان من سهر وصدق مشاعر= وعطاء شمس لا تزول وتأفل




عامان في حجر ينام وليدها = عامان وهن , والرضيع مدلل




قبلتُ رأسك واليدين بلهفة = وكبوت تحتك والشفاه تنهلُ

نوري الوائلي
13-07-2009, 08:37 PM
كفكـفْ دموعـك مـن ضيـق ومـن سـقـم ِ = وانـفـذ ْ مـــن الـقـعـر كالـبـركـان للـقـمـم ِ
وانـهـضْ مــن الـوهـن لا تضـلـعْ لنـائـبـةٍ = فالـنـائـبـاتُ إلــــى الأخــيــار كـالـوشــم ِ
لا الـيــأسُ يــرفــعُ لا الآهــــاتُ مـنـقــذة ٌ = لا الدمـعُ ينـفـع مـَـن أضـحـى بــلا هـمـم ِ
لا الـسـعـدُ بـــاق ٍ ولا الأحــــزانُ خــالــدة ٌ= والـكــلُّ مـــاض ٍبـــلا رجـــع ولا حــشــم ِ
الـكـربُ يُجـلـي ذنــوبَ المخلصـيـن كـمـا = تعـلـو الغـيـومُ عـلـى الصـحـراء والحـمـم ِ
إنَّ الــحــيـــاة َ مـــــــع الآلام مــــزهــــرةٌ = والـنـور فـيـهـا بـرغــم الـضـيـق والـعـتـم ِ
إنَّ الـجـمــالَ بـخـلــق الــحــق مـتــَّقــدٌ = يهـدي الضريـرَ ويشـدو مَـن علـى صمـم ِ
عيشـي جمـيـلٌ ولــن أرضــى لــه بــدلا = وأطـيــبُ الـعـيـش ايـمــانٌ بــــلا ظُــلــم ِ
فــي بـحــر آلائـــك الـخـيـراتُ تُغـرقـنـي = حـتــى صـحــوتُ بـقـعـر ِغــايــة الـنـعــم ِ
كـيـف الحـسـابُ وبـحــرُ الـخـيـر مـتـّسـعٌ = بــــلا حــــدود ٍ, فيعلومـنـتـهـى الــرقـــم ِ
خـوفـي مــن الـمـوت لا كـرهـا بآخـرتـي = بل عشقُ عيشي وعشقُ الأهل والرحم ِ
مـا أروعَ العيـشَ فـي أهـل ٍوفـي وطــن ٍ = ما أسعدَ العيـشَ فـي تقـوىً وفـي قيـم ِ
عـشـقُ الحـيـاة كسـيـل ٍجــاب مـُنـحـدرا = لــم يـُبـق صـخـرا ولا جـرفـا عـلـى قــدم ِ
حــبُّ النـفـوس وحـــبُّ الـعـيـش تـوأمـُـه ُ= لا تــكــره الـعـيــشَ إلاّ نــفــسُ مـنـهــزم ِ
لا تـأسـفـَـنَّ إذا أخـطــأتَ فــــي ســهــم ٍ= وأســفْ لـقـوس ٍ إذا يـنـهـار مـــن ســـأم ِ
الـــمــــالُ يُفـقـرُأقــوامــا إذا بــخـــلـــوا = والفـقـرُ يُغـنـي نـفــوسَ الـعــزّ والـكــرم ِ
الـعـمـرُ ومـــضٌ بـــه الأيـــامُ مـسـرعــة ٌ = بـعــضٌ لـبـعـض ٍ كـمـنـشـار ٍومـخـتـصـم ِ
لا يـُسـعـفُ الـعـبـدَ مـــالٌ أو عـــلا رتـــب ٍ = عــنــد الـشـدائــد إلاّ صــبـــرُ مـعـتـصــم ِ
تــأتــي الـنـوائــبُ كالـقـطـعـان تتـبـعُـهـا = شـبـلُ الأســود فصـالـتْ فــوق منـهـدم ِ
كـثــرُ الـنـوائـب لـــم تـهــدأ عــلــى ورع = أو تغمـض ِ العيـنَ يومـا عـن بنـي الشيـم ِ
إنّ الــنــوائـــبَ لــلــوجـــدان مــؤلــمـــة ٌ= لايعتلي الـضـرسَ ضـحـك ٌسـاعـة الألـــم ِ
إنّ الـمـقــاديــرَ تـــأتـــي دون رغـبـتــنــا = لا تحـتـوي الظـلـمَ أو تـجـري بــلا حـكــم ِ
رغــــم الـمـقـاديـر فـالأعـمــالُ واجــبــة ٌ = فينـظـرُ السـعـيَ مــن رب ٍ ومــن حـكــم ِ
رغـم المقاديـر لـم نسـكـت عـلـى عـلـل = أو نـائـبــات ٍومــــا يــأتــي مــــن الـلـؤم ِ
كـم قلتـَـهـا ( لــو) ودمــعُ العـيـن منهـمـرٌ = لا تنـفـع ال(لــو) بـيـوم العـسـر والـنــدم ِ
لــم يـجـرِ شــيءٌ وعـيـن الـحـقّ غافـلـة ٌ= فـالـكـونُ قـبـضـتـهُ بـالـحـكـم والـنـظــم ِ
مــا يفـتـحُ الـحـقّ ُ مــن أبـــواب رحـمـتـه ِ= دامــتْ مــع الـشـكـر والتـذكـيـر بالـنـعـم ِ
كـــلُّ الـوجــود ومـــا يـجــري بـــه قـــدرٌ = خُطّـت معالـمـُه فــي الـلـّوح مــن قـِـدم ِ
إنَّ الخـلائـقَ لــم تـُخـلـق ْعـلــى عـبــث ٍ= والــكـــلُّ فـيــهــا بـمــيــزان ٍومـحـتـكــم ِ
سبحـانَ مَـن خلـقَ الإنـسـان فــي كـبـد ٍ= سبـحـان مــن عـلـَّم المجـهـولَ بالـقـلـم ِ
سـبـحـانَ مــَـن خـلــق الأكـــوان مـبـتـدئا = وأنـشـأ النـشـأة الأولـــى مـــن الـعــدم ِ
سبحـانَ مَـن قـال كـنْ والـقـولُ مكـرمـة ٌ= بــهــا الــوجــودُ وجـــــودٌ دام بـالــكــرم ِ
إنَّ الخـلائـقَ يــوم الـفـصـل قـــد طـويت= والكـائـنـاتُ بـــه تــُطــوى مــــع الأمــــم ِ
ثـــم الـرحـيـمُ يـُعـيـدُ الـخـلــقَ مُـقـتــدراً = وينـشـئ النـشـأة َ الأخــرى مـــع الـنـّظـم ِ

نوري الوائلي
27-07-2009, 07:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبيب نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم
نيويورك
أتيت وحيدا


إلهي إلهي اليكَ الدعاء ْ = إلهي إلهي فأنتَ الرجاء ْ
إلهي فذنبي كبيرٌ عظيمٌ = ويطوي بنفسي دروبَ الشقاء ْ
فضاقت عليَّ وإنّي خجولٌ = بأيِّ الوجوه ِ أنادي السّماء ْ
تُراني عصيتُ الأله َالحليم = ففاقتْ ذنوبي نجومَ الفضاء ْ
فتعساً لنفسي ونفسي شقاءٌ = بيوم عصيتُ وقلبي جفاء ْ
فربي لطيفٌ رحيم ٌودودُ = حليمٌ غفورٌ سخيُّ العطاء ْ
وأني بخيلٌ يؤوسٌ عجولٌ = فقيرٌ ظلومٌ رديفُ الفناء ْ
فمن لي إلهي ودربي عسيرٌ = وحملي ثقيلٌ وكدِّي عناء ْ
فأنتَ مُناي وأنتَ المرادُ = وأنتَ لروحي صفاء ُ الصفاء ْ
عطاؤك ربّي عظيمُ العطاء ِ = قليلٌ فداه ُ بحورُ الدماء ْ
وشكري لجودك ربّي ضئيلٌ = فجودك كونٌ يفوقُ الثناء ْ
وعشتُ الحياةَ بحفظ ِ اللّطيف ِ = فحولي نباحٌ وخلفي عواء ْ
خجولٌ إلهي بزهو الشباب ِ = خجولٌ وشيبي علاهُ الحَياء ْ
عجيبٌ بظلم ٍأزيدُ البناء = وأنسى لغيري يؤولُ البناء ْ
فما قيمةُ الذنبِ يومَ الحساب = لعفو ٍ يفوقُ حدودَ السّخاء ْ
فلمْ أعص ِربّي بقصد ٍ يرادُ = ولمْ أنو يوما تحدّي السّماء ْ
أفيقُ الصّباحَ بفضل ِالجليل ِ = وأجري لرزقي ببحر ِ العناء ْ
أعودُ المساء َ بكتف ٍثقيل ٍ= عليه الذنوب كثقل المساء ْْ
فذنبي بجهل ٍ سقاه الجموح ُ= ووسواسُ نفس ٍ تُجيدُ الدّهاء ْ
فيارب ِّ فارحم فؤادا أتاك = يجيبُ النداء َ وروحي فداء ْ
خجولٌ إلهي ودمعي بحارٌ = لفضلك أنّي كزرع ٍ وماء ْ
بدونَ السؤال بدونَ الدعاء ِ = تجودُ دواماً برغم الكفاء ْ
عتبتَ إذا قلَّ منَّا الدعاء ُ = لأنـّا بوهم ٍ بلغنا الثراء ْ
فكلُّ الوجود ِ إليك فقيرٌ = ويبقى لعجز ٍ رهينَ القضاء ْ
إلهي فأنتَ السميعُ القريبُ = وأنتَ المجيبُ مغيثُ النداء ْ
لعمري فعمري يضيعُ هباءً = وحلمي الكبيرُ غدا للرّثاء ْ
إلهي إذا جاء َ يومُ اللقاء ِ = أتيتُ وحيداً وحالي بُكاء ْ
أتيتُ وحيدا ً لكون ٍ جديد ٍ = فموتي ابتداء ٌ وقبري رداء ْ
فأهلي ومالي وكلُّ الحياة ِ = تزولُ وأمضي لدار ِ البقاء ْ
سأخسرُ نفسي وأهلي سواءًْ = فياصبرَ نفسي ليوم ِ البلاء ْ
وداعا ًبقلب ٍ جريح ٍحزين ٍ = فلذةَ عمري وأهلَ الوفاء ْ
فيا ساعة َ العسر يوم َالرّحيل = فكوني سلاما وخيرَ ابتداء ْ
سأتركُ أهلي وضحكَ الرّضيع ِ = وحلمي وداري ورحمي وراء ْ
سأمضي لرب ٍّ رحيم ٍ غفور ٍ = بذنب ٍ وجهل ٍ وسوء ِ الخفاء ْ
عزائي بأنَّ إلهي حليمٌ = يُزيحُ الذنوبَ, سريعُ الرّضاء ْ
وفائي إليه ِ برغمَ الذنوب ِ = يشدُّ بأزري بيومَ اللـّقاء ْ

نوري الوائلي
14-08-2009, 10:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

في رحاب الهدى

هلّت لقلبي في الروئ أوزانُ = وعلت بفكري في الدجى الوانُ


وتعطَّرتْ روحي بذكرِ مُحمد ٍ = فإذا بها للمكرمات رهانُ


ناديتُ فكري أن يتوّج في الهدى = شعرا , فذكري للهدى عرفانُ


وبدأتُ أكتبُ في الحبيبِ قصيدة ً = فإذا لكلّ فضيلة ٍ ديوانُ


فقصيدتي بدأتْ بعزم ِ مُحّلق = ينوي التبحُّر, ساقه الإيمانُ


فبحثتُ عن بيت ٍ لأبدأ رحلتي = فإذا بفكري هدّه الأمعانُ


فوقفتُ لا أدري فوصفكَ شاسعٌ = لا تشفع الكلماتُ والأوزانُ


ماذا أقولُ وفي مديحك حيرة ٌ = لم يوف ِ حقكَ كاتبٌ ولسانُ


يحتار في أفلاك وصفك والندى = وبهائك الأدباءُ والأذهان ُ


إنّا عطاشى والقريضُ مؤمل = هل يُسعفُ العطشى ضحى ظمآنُ


ما قيل إمّا ناقصٌ لا يعتلي = أو كان فيه للغلاة مكانُ


أنت الرسولُ وأنت آخر مرسل = صدقا نطقتَ ووحيك القرآنُ


قد جئت بالصدق المبين كأنما = في كل حرف للورى برهانُ


فأخذتُ أحبو في هواك مُمنّيا = نفسي لعلي في هواك أعان


عشت الطفولة رغم يتمك مكْرما = في حضن عمّك , حولك الأجفانُ


وملكتَ من خير النساء خديجة = أُم البتول وهل لها أقرانُ


ورُزقت سيّدة النساء بنيّة = زهراءُ منها للتقى قربانُ


أُيّدت من رب الوجود بحيدر = سيفٌ به طيرُ الفلا شبعانُ


خُلقٌ رفيعٌ قد ملكتَ متوّجاً = شهدتْ له الأعداءُ والخلانُ


رباك من خلق الوجود كأنما = للخلق أنتَ منابر وجنانُ


وحملت أعباء الرسالة رحمة = للعالمين , وسيفك الأغصانُ


أوذيت فيالتقوى كأنك للأذى = قلب يقطعه الأسى وسنانُ


وصبرت لم تُعرف لصبرك كبوة = أو كان عندك للأذى إذعانٌ


وبلغتَ بالخُلق العظيم منازلا = لم يدنُ منها مُرسلٌ انسانُ


وحملت للدنيا السلام رسالة = دين المحبة والرضا وأمانُ


فرسالة التوحيد أُكمل صرحُها = بمحمد ٍ , فسعتْ لها الأكوانُ


خُتمت بدين السلم كل رسالة = وعلا له في العالمين بيانُ


كنت الرحيمَ ولا تزالُ , وإنَّكم = الرحمةُ المهداة ُوالإحسانُ


أنت الأمين وصادق ومكرّم = لولاك ما طال الرضا إنسانُ


لولاك ما ختم الجليل رسالة الـ = توحيد أو شعّت بها الأزمانُ


وجَمعت بالخُلق الرفيع ومنطق = أشتاتَ قوم دينهم أوثانُ


وملكت قلبا ليّنا فكأنه = غصن يورّده الندى نيسانُ


أمضي لركبك ساعياً فكأنما = قلبي لركبك طائرٌ ولهانُ


ودنوتُ من أرض المدينة راجيا = قبر الرسول فجوده الاحسان


إني إليكم قد قدمت مؤملا = نفسي ومنها للسما خجلانُ


إني ببابك سيدي , خذني , فلا = عملي يزكيّني ولا الشكرانُ


الذنبُ يعصرني وقلبي مثقلٌ = بالنائبات وزادني الهجرانُ


أدعُو الكريم إذا قبلْت ضيافتي = عفوا جميلا طاله الغفرانُ


عند الممات وعند يوم حسابنا = أنت الشفيعُ ومنقذٌ وضمانُ


شرُفتْ بك الدنيا وزاد مقامُها = فكأنها فوق النجوم حسانُ


أسرى بك الرحمن نحو رحابه = مَنْ غيرُ أحمدَ ضافه الديّانُ


صلى عليه في السماء إلهه = فإذا له كل الوجود أذانُ


إن جاء ذكر محمد في خاطر = صلّت عليه في العلا اكوانُ


بمناهج القرآن كنّا أمّة = وسطا , بها المعروف والميزانُ


وبسيْرة المختار كنّا للعلا = نورا , وفينا للتقى عنوانُ


الله أكبرُلا نجاة َ بغيره = والمصطفى خُتمتْ به الأديانُ


حاولت ان اسعى بوصفك سيدي = هيهات ان يصف الضيا عميانُ


مدحوك قبلي بالقريض وغيره = هل شقّ بحرَ صفاتك السفّانُ


مدحَ الكريمُ حبيبَهُ في مُنزَل ٍ = فرقانُ ربي ما به بطلانُ


ماذا أقولُ وهل لشعري سامعٌ = من بعد مدح ٍ قاله القرآنُ


ماذا أقولُ فبعد مدح إلهنا = لا مدحَ يعلو أو يفوز بيانُ

نوري الوائلي
16-11-2009, 02:19 AM
أيّامُ عمري
أيّامُ عمري لها في القلبِ أصداءُ = تُدمي الجفونَ وفيها الألفُ والزاءُ
أيّامُ عمري كنجمٍ لاحَ في سَحَر = يأتي بهيجاً وعند الفجر أنباءُ
ما كنتُ أحسبها كالأرضِ دائرة = تطوي الزمانَ وفيها العمْرُ ميناءُ
تجري كومضٍ بيوم السعدِ نائية = والليلُ دهرٌ إذا أعياني الداءُ
اللهوُ فيها وفيها القلبُ منشغلٌ = والناسُ موتى وهم في الجسم أحياءُ
الحلمُ ظلّ سراباً حين أقربه = والعمرُ حتّى مع الآمال بيداءُ
حولي النعيم وكفي لا يطاوله = كالأبل عطشى وفي أحمَالها الماءُ
جرّبتُ فيها صنوفَ الناسِ قاطبة = ما عادَ فيها من الأخيار أبناءُ
ما عادَ فيها أمينٌ او له شيمٌ = والكلُ فيها مع الأخلاص أعداءُ
عشتُ السنين وجسمي بات مُرتحِلا = بين العواصم , والآمالُ أشلاءُ
حقاً عرفتُ بانّ النفسَ تائهةٌ = من دون أهلٍ , فهم للروح إثراءُ
فكلُّ وقتٍ بغير الدار مضيعة = وكلُّ دارٍ بدون الاهلِ ضلماءُ
روحي كطيرٍ وعمري حجمه قفضٌ = والاهلُ وسعٌ وسقفُ الدار أجواءُ
فتّحتُ عيني بحضنٍ ضمّ معتقلي = أعضاءُ جسمٍ بها الارواحُ أسماءُ
أيّام ُعمري بحضنِ الامّ مملكة = فيها النعيم ُوفيها الصدرُ إرواءُ
عند الطفولة كان اللعبُ حاويتي = وتشغلُ البالَ أحجارٌ وأشياء
لا همّ فيها ولا حزن يكابدني = والليلُ يدركني والحلمُ أضواءُ
لمّا بلغتُ وجدتُ النفسَ هائمة = في كل وادٍ , كأن الدهرَ أهواء
أحلامُ بِكرٍ وأفكارٌ موزعةٌ = والذهنُ تملكه في الليل حواءُ
لمّا كبرتُ رأيتُ العيشَ مُعتركاً = البغضُ فيه وطبعُ الناس حرباءُ
لن يُشبع الجوفَ الوانُ الطعام ولن = تُهدي النفوسَ من الأطماع آلاءُ
للعيش يكفي رغيفُ الخبز في سكنٍ = والملحُ والماءُ والجلبابُ نعماءُ
حربٌ مع الناس بين الناس مفزعة = ألحقدُ في القلب , والاحضانُ صفراءُ
حربٌ تطولُ بلا سيفٍ ولا سهمٍ = فالحقدُ سيفٌ بها والسهمُ إيذاءُ
ألناسُ جمعٌ كأن الحب يجمعهم = والقلبٌ تملأه بالحقد بغضاءُ
يخفون حرباً لهم في نارها حطبٌ = لم تبق فيهم من الأخلاق علياءُ
لايسأمون منَ الدنيا وإن بلغوا = في العمر ألفاً , وساقَ الجسمَ إعياءُ
لايسأمون كأن الموت تاركهم = والنفس لهو عن الآجال عمياءُ
ألجنسُ والمالُ والسلطانُ ديدنهم = والفسقُ والكذبُ ما قالوا وما شاءوا
إن الحياة كموجٍ في تقلبها = يومٌ يسرّ , وطولُ الدهر ضرّاءُ
وما عجبتُ من الأشرار إذ ملكوا = مالاُ وجاهاُ وفي الأخدار حسناءُ
أهلُ المفاسد في يأسٍ وفي فزعٍ = إن نالهم عوزٌ أو نالهم داءُ
عند التقاة وأهل الدين مفزعهم = يوم المصائب مرضاة وسراءُ
ما باتَ ليلا تقي دون فاجعة = وما تناءت عن الأبرار أرزاءُ
لن يعرف الناس إلا بعد تجربة = فيها التعامل أموال وآراء
العيشُ وسع كأرض الخصب مزهرة = لكنّها من فعال الناس جرداء
لا للتشائم لا لليأس في ورقي = بل انّ فيها الى الآلام إيفاءُ
ما كنت احيا وسوط الموجعات دم = إلا بصبر به الآمال فيحاءُ
لا يعرف السعد إلا بعد ضائقة = فالسعد روض وحول الروض معزاءُ
النفسُ تبقى برغم العسر مُوقنة = يسران حولي إذا تشتدّ رملاءُ

نوري الوائلي
03-12-2009, 06:10 AM
الطبيب نوري الوائلي


القلـــــــــــــــــــــ ــــــــم

هل زجّ في الأملِ القنوطُ سقاما = وأنسابَ في وهج الدما آلاما
هل أشبعَ القلبَ الأنينُ مواجعاً = وأستلّ منْ عزم الكرام زماما
وأحالَ رفضَ الطامحين تخاذلاً = وأغتالَ في صدر الغزاة هُماما
هل باتَ يفرعُ في الصخور وجذوها = شوكٌ يأمّلُ في الصدى أنغاما
كلا , فعزمُ الشامخين الى العلا = يبقى لدرب الصابرين إماما
لن تستكين الى المواجع أنفسٌ = عزمت بأن تعلو القفارَ غماما
عزمت بأن تهبَ الحياة شواهداً = وتظلُ في أرض الوغى أعلاما
هذه المحابرُ قد أجاد نباحها = لغواً يجاهر في العقول فصاما
مَلئت فضاءات التواصل ألسنٌ = صَبغتْ معايبُها الحياةَ ظلاما
قد زاغت الأقلامُ حين نباتها = يمتصُ من بحر الذرى أوهاما
قد خابَ من باعَ الحروفَ لعَالَمٍ = يُضني التقاةَ ويرفعُ الأبراما
لا تتركين محابراً قد ألهبتْ = نهجَ الكرام حماسةً وهياما
لا تجعلي لليأس من فرط الأذى = سوطاً يقصّرُ للردى الأعواما
الصابرون على المصائب إنّما = من صبرهم ياتي الرجا إكراما
عجباً لآهات الزمان فما لها = غير التقاةِ صحابةً وخصاما
لا تُغرق السفنً الرياحُ إذا غدت = فيها الصوارمُ للتقاةِ مقاما
سيضلُّ صوتُ الصادقين مدوّياً = ويزيحُ عن وجه النفاق لثاما
لا لن تجف عن العطاء نحورنا = أو أن تعيب عقولنا الأقلاما
منذ الطفولةنستقي فأذا بنا = نستدرك الأفعالَ والأحكاما
إن قال فينا ناقص ما يشتهي = فكلامه يعلو بنا الأجراما
فلنا وربّك للحروف قداسة = لا نبتغي من نظمها الأهراما
بل نبتغي لُطفَ الجليلِ بحرفنا = فرضاءه عنّا هُداً وسلاما
ما أقصر الدنيا وفي أعناقنا = هممٌ يطارحها الفلاحُ غراما
لم تهفُ عنا النائباتُ لأنّنا = لم نخش في فكّ الهُمامِ حِماما
بل أنّ نهج حياتنا صور الكتا = ب ونقتفي في فكرنا الأسلاما
ما مات حرفٌ للسماء معنون = بل مات سفرٌ ينشدُ الآثاما
سيظلُّ في كون الخلود لساننا = رطباً نديّاً يختمُ الأختاما
سنظلُّ فرساناً لكلّ مُلمةٍ = كوناً نفيضُ مودّةً ووئاما
فلنا الكلام وإن تسدُّ شفاهنا = ولأسْمِنا يغدو الأثيرُ كلاما
لا تحتوينا في المصائبِ جفلةٌ = فيقيننا قد صاغها أحلاما
لم تبخل الدنيا علينا كربها = فسقتنا في حلو الشراب سِماما
القلب يصمت والأناملُ نبضها = يبقى صريراً يوقضُ النُيّاما
فرضٌ على أهل الهدى أن يكتبوا = للحق فأساً تكسرُ الأصناما
لا توقف الحبرَ المواجعُ إنّما = من عسرها صاغ الفؤادُ سِهاما
لا يسبق الصبرً البلاءُ وإنما = الصبرُ يسبقُ في الردى الإقداما

نوري الوائلي
21-12-2009, 07:03 PM
الشـــــــــرابُ

أفنيتُ عمري في رباكِ رحالا = وطرحتُ فكري في علاكِ سؤالا
وجمعتُ من كلّ العلوم لأرتوي = ممّا ملكتِ نوادراً وخصالا
وبحرتُ في سرٍ بجوفكِ غامض = فوجدتهُ للظامئين زلالا
وطرقتُ أبواباً لكنْهكِ باحِثاً = فنزعتُ منها عنّوةً أقفالا
وعبرتُ وادي المهلكاتِ لأقتفي = درراً تصوغُ من الرحيقِ جمالا
فوجدتها حبُلى وبطناً مثقلاً = بعوالمٍ قد أوزعت أفضالا
ودخلت فجّ بطونها فرأيتهُ = بحراً يفيضُ زُمرداً وشمالا
الله قد أوحى لتصنعَ ما حوى = للعالمين طبابةً ونهالا
فإذا الشرابُ من البطون شفائه = قد فاقَ كلّ طبابةٍ أفعالا
بين الزهور تناغمت رقصاتُها = فكأنّها حورٌ تفيحُ دلالا
أوحى أليها ان تسيرِ وترتقي = ما يعرشون وتستقلُّ جبالا
ثم الكريمُ أثابها من جوده = ثمراً تعانقه الصباحَ سجالا
تحيا لأيّام كأنّ عطائها = كعطاء من عاش السنين نزالا
عمرٌ يغابطه الزمانُ لأنّه = يزدادُ فوق مثيله أنْزالا
فوق المناحل والزهور تلألأت = ككواكبٍ تفضي السماءَ جلالا
عجباً لأجنحة بديعُ خلقها = والرأسُ يحملُ للعيان نجالا
صوت الرفيف كأنّه معزوفةٌ = وجميلةٌ قد أرقصت خلخالا
فبطونها تحوي لكلّ وجيعة = لوناً يزيحُ عن العليل ثقالا
عسلٌ بألوان يثيرُ ظلاله = غددَ اللعاب حلاوةً وخيالا
عسلٌ يغابطه الجمالُ كأنّه = يستلُ من عبق الجمال كمالا
عسلٌ تلملمه بكلّ طراوة = نحلٌ تغازلها الزهورُ وصالا
عسلٌ يشافي والشفاءُ بأذنه = يهبُ الشفاءَ لمن يريد عجالا
يشفي السقام صغيرها وكبيرها = يشفي الخبيثَ بأذنه وسعالا
ياليتني أدنو لنحل ضامئاً = وأذوقُ منه بالرضى مِثقالا
فيه الشفاءُ كأنّ جسمي بعده = للصاعدات , ولن يهاب مُحالا
لسعاتها تشفي بوغز وابل= قد فككت لمفاصلٍ اغلالا
الشمع يشفي للمريض مواجعا= والصمغ يجلي علة وهزالا
وقوائم حملت حبوبَ لقائح = فتضيفها للمنتجات فعالا
وتجودُ للملكات خيرَ غذائها = فيزيح من جوف العليل عضالا
مرحى لمالكة تفوق بزهوها = بلقيسَ مُلكا والرشيدَ رجالا
يا نحلة الخيرات يا لونا به = تزدان كل حديقة اطلالا
يا نحلة الخيرات يا طبّاً له = أهل المواجع أرتموا اقبالا
يا نحلة البركات يا أمّ الشفى = منك الشرابُ يرمّمُ الأوصالا
تجرين في سبل كأنّك آية = بين الزهور وتزهرين تلالا
تجرين في ذلل كأنك للضحى = شمسٌ تزيحُ عن الضياء سدالا
هل تسعف الأبيات وصف مشاعر = من مغرم يدنو لها اجلالا

نوري الوائلي
12-01-2010, 03:32 AM
يا نارُ هل أمِن الردى لأنام = والعمرُ يغرزُ في الفؤاد سِهاما


هل أيقن القلبُ الشغولُ بأنّني = أصحو الصباحَ مُعافياً مقداما


يا نارُ من حولي الشباب وقد مضوا = بالنائبات ولم يروا أحلاما


ولقد رأيتُ من الزمان عجائباً = تبكي الرضيعَ وتنطقُ الأصناما


ووقفتُ عند الفجر فوق جنازةٍ = قد جاوزت في عمرها الأعواما


ماذا جنيتِ من الحياة وكم بها = عشت الدهورَ حلاوةً ووئاما


فأجابني الجسدُ المثلّجُ باكياً = لم أذكر الأفراحَ والأيّاما


كانت سويعات وقد نالتْ بها = منّي المواجعُ ذلّةً وظلاما


فترقرقت في العين دمعةُ نادمٍ = خافَ الوعيدَ وعايشَ الأوهاما


جهلٌ ولعبٌ أرتوي متفاخراً = فكأنني طفلٌ هوى الأحلاما


طفلٌ بجهلي والذنوب ضئيلها = كجبال صخر تبلغُ الأجراما


وركضتُ خلفَ لذائذٍ فعلوتها = فوجدتها بعد المنى أوهاما


قل الحياءُ فكيف مثلي يستحي = من خالق يدنو له إقداما


فنسيته ونسيت أنيّ مسلم = شهَدَ الشهادةَ موْثقا ولزاما


ياليت قلبي في المحارم صائماً = ويقولُ عند الملهيات سلاما


النارُ تأخذني بعدلك جازماً = تحوي القرارَ عدالةً وغراما


القلبُ فيها للطغات مقامع = والقعرُ يحتضنُ النّفاق زحاما


ما حال من ترك الصلاة إذا رأى = نارَ الجحيم نهايةً ومقاما


هل ينفعُ الصبرُ العصاةَ ولم يروا = في النار قطعاً للعذاب ختاما


ما حالهم وسط اللضى ونفوسهم = ترجو إذا ذكر الحميم حماما


ويقول ربّك للجحيم مسائلا =هلاّ ملئت من الجموع ركاما


فتقول ربي والحشود قوافل = زدني , فزاد وقودها أجساما


لكنّني أهفو لحلمك سيدي = فبهِ يطوف على الجّحيم سلاما


ان كان صبري للمواجع حاوياً = فأليم بعدك يلهبُ الآلاما


حالي ألاهي كالغريق مكتف = كيف النجاة وأبتغي الآثاما


من لي سواك من الذنوب مخلصاً = ويزيحُ من قلبي الجهول لثاما


هل يحرق الجسدَ السعيرُ وجبهتي = خرّت لوجهك سيدي إسلاما


أو أستباح الى العذاب ودمعتي = في النار تعلو صرخةً وندامى


لولاك ما عرف الطموحُ حبائلاً = لولاك ما ذاقَ الفؤادُ مراما


لولاك ما دخلَ الجنانَ موحدٌ = حتى وان بلغَ الكمالَ دواما

نوري الوائلي
21-02-2010, 03:44 AM
جهلاءُ دهري لم يعوا التفسيرا = وتوهّموا في شكّهم تبريرا
وتجرّعوا سوءَ الشكوك كأنّهم = في رملةٍ يتوجّسون غديرا
وتمضْمضوا كالضّامئين بمرتعٍ = ماءَ المبازل مغسِلاً وعصيرا
فإذا بهم ساروا لكلّ رذيلةٍ = وتوسّدوا كاليائسين عسيرا
عجباً لمقتنع بأنّ وجودنا = من صدفةٍ جاءت به تحويرا
إنْ كان هذا الخلق منبع صدفةٍ = فالعدل أن ندنوا لها تكبيرا
بل تستحقُ بأنْ نمجّد قدرها = ولها نخرُّ مذلّةً وشكورا
إنْ كان خلق الكائنات بصدفةٍ = منْ أنشاءَ الأولى لها تسخيرا
كم صدفة يحتاجُ خلق خليّة = قد حيّرت في خلقها التفكيرا
كيف الجمال وسحره قد أينعا = من صدفةٍ لا تملك التقديرا
ألعقلُ دوماً حين يبحرُ حوله = لم يكتشفْ في الكائنات فطورا
حاولتُ في نفسي تخيّل خالقي = وحدودَ كونٍ رقعةً وعصورا
وسألتُ نفسي والوساوس ديدني = من كان من قبل الوجود ظهيرا
هل جاءَ من عدم فيفنى بعده = أو كان قبلاً أوّلاً وأخيرا
فإذا بعقلي بل كياني كلّه = كالطالبين من الدجى تنويرا
وشعرت أنّي لم يعدْ في ذاكري = إلّا شرودا فارغاً وقصورا
وتصاغرت نفسي كإنّ بروحها = بين الترائب لا تجيد زفيرا
إنْ متّ يومي والشكوك وساوسي = ماذا أحاورُ منكراً ونكيرا
لا للشكوك وإنْ يوسوس جاهداً = أبليسُ في قلبي دجى وشرورا
من عاش أعمى في الحياة ونائماً = يصحو على جرس الممات بصيرا
لن يلبس الألحادَ إلّا جاهلاً = قد عاشَ في وهج الدليل ضريرا
من قال أنّ الخلق فعل طبيعةٍ = تبري العليلَ وتنشأ ألتأثيرا
أين الطبيعة من صغائر ذرّة = إنْ تنشطرْ تعلُ السماءَ سعيرا
هل جاء من بيض الدجاجة ثعلبٌ = أو يُعطنا رحم الغزال بعيرا
هلّا سألت النفسَ كيف توازنت = نسبُ الأناث مع الذكور دهورا
هذي الطبيعة أنّما قد خُلّقت = فيها الصفات تسايرُ التطويرا
ألعلمُ يثلجُ في الصدور أدلّةً = تعلو , وتبقى للعليم سفيرا
ألعلمُ ينبأنا بصدق حقيقةٍ = يحتاجُ خلق الكائنات قديرا
رغم ألعلوم فلا تزال سلالة = ترجو بصوت الملحدين زئيرا
لكنّ صوتهمو نعيقُ بهائم = ويجولُ فوق النائمين شخيرا
ونظرتُ حولي لم أجدْ في عالمي = إلّا جهولاً يهتدي وفقيرا
فعرفتُ أنّك للوجود ضرورة = ورأيتُ نورك في الوجود منيرا
ورأيتُ رحمتك الوجودَ تصوغه = ورأيتُ حلمك في النفوس مُجيرا
ورأيتك المولى , بخلقك منصف = ورأيتُ سترك للعباد مصيرا
وقهرتَ دونك بالفناء وأنّهم = منذ الولادة يحفرون قبورا
ولقد عرفتك عند كلّ خليقةٍ = فبها رأيتك مرشداً وأميرا
وعرفتُ أنّك للخلائق عروة = فالكلّ يجري مُحكماً وأسيرا
ورأيت من حولي نعيمك رافداً = للعالمين مودّةً ونشورا
ورزقت دون مُسائلٍ أو طالبٍ = ونشرت رزقكَ للوجود وفيرا
وخلقت بالحرفين كلّ خليقةٍ = من قبل أنْ كان الدّخان سديرا
وغفرت إلّا الشرك لم تغفرْ له = وظهرت نفسك للمسئ غفورا
ووجدتُ حولي كلّ شئ ناطقاً = قد خاب من عاش الدليل كفورا
ما كان خلقك للوجود لحاجةٍ = بل كان خلقك منّةً وطهورا
وإذا رأيت فهل رأيت تفاوتاً = في الكائنات وهل رأيت قصورا
وإذا عزمت بأن تبرهن ناقصاً = يرتدّ عزمك خاسئاً وحسيرا
إنْ كنت في شكٍ وقلبك حائر = فسألْ لمعرفة الجواب خبيرا
ينبأك أن الخلق قدرة خالق = فاقَ الوجودَ مساحةً وحضورا
من عاشَ يلحدُ والنعيم يحفّه = نكرَ الجميل وقاحةً وفجورا
ورحمت خلقك رغم سوء فعالهم = وبعثت فيهم مرشداً وبشيرا
فإذا همو سيف يجاهر نسله = رسلَ السّماء ومن يقوم نذيرا
من ذا أكون ومن أكون لأدّعي = أنّ الزراعة لا تريد بذورا
فلتشهدُ الأكوانُ أبقى مسلماً = وموحداً , عرفَ الجليلَ فطورا
وإذا مَررتُ على المعاصي ساهياً = ستجيرني بمصيبةٍ تذكيرا
فصبرتُ فيها وأرتجوتك راضياً = فوجدتك المرجو بها ونصيرا
تبّاً لقلبي إنْ دعوتك موجساً = إلاّ تكون الى الضروع مجيرا
سلّمتُ أمري للعزيز وأنّني = بالغيب أومن واثقاً وقريرا
أنت البقاء وما سواك بخالدٍ = وعلوت خلقك قاهراً وكبيرا
لن يستمرّ الكون في ميزانه = إنْ كان يحوي للعزيز نظيرا
ألنارُ مثوى المشركين ودارهم = فبها أذيقوا خسّة وثبورا
سبحان من خلقَ الوجودَ وما له = ندّ ينازعه العُلا تدبيرا
سبحان مَنْ جمُّ العطاء يزيده = جوداً , فيغني عائلاً وفقيرا
سبحانه عمّا تغلغل في النفو= س من الشكوك تسائلاً وغرورا

نوري الوائلي
12-03-2010, 08:01 PM
حييت أرضك سيدي لأطول = ان كنت أقوى من علاك تلولا


يا ابن الأسود وما عرفت بلبوة = تلدُ الثعالب او تظمّ نحولا


لم تعرف الصّحراء غيرك واثباً = عند الغسوق وما رأتك مقيلا


أسد تطاردُ في الفلاة وحوشها = وتصيدُ من أمّ الأسود سليلا


يا عم أحمد والبطين وجعفر = وأخي الذي حمل الرسول كفيلا


يا ابن الذي نادى العزيز وقد أروا = جيشا لمكة كالجراد وفيلا


فإذا بآيات السماء تزخّهم = فوق الرؤس حجارة سجّيلا


ووثبت عند البيت تحمي ثلة = خرجت تنادي للسماء رسولا


وبرزت في بدر كأن رقابهم = ثمر البراري أينعت محصولا


فتساقطت وتناثرت أغصانها = لمّا دنوت لتقطف المحمولا


شهدت انوفهمو برغم ضغائن = ما كان سيفك للنحور جهولا


قد نال منهم والسهام امامه = تهوى عليه كالغمام هطولا


وأناخ في أحد شيوخ ثعالب = فإذا همو يترادفون عويلا


ورأيته درعاً لصدر محمد = وأخاً يذود عن التقاة جفيلا


ورأيته كالتوت يعلو قامة = في أرض عشب تستدير سهولا


الخيل ما عرفت مغيرا مثله = فجرت به فوق الردى ليصولا


قاتلت بالسيفين تحصد حشدهم = كمناجل بيد الجياع مثولا


يا سيد البطحاء ما كانت لهم = قدم أمامك أو يرون سبيلا


غدرا أرادوا أن يطيحوا كوكبا = لم يغد يوما آفلا ونزيلا


حتى لغدرك لم يكن في قلبهم = نبض ليرموك الحراب قبيلا


فتوسموا عبدا ليغدر دونهم = عاش المهانة عندها وذليلا


فإذا به كالشاة تتبع خلسة = ذئبا يطارد في الشروق فصيلا


فرمى برعشة خائف رمح الردى = وأصاب غدرا للحبيب خليلا


ورأى بعين الجافلين صوامعا = تنهار ثمّ لترتقي تهليلا


فيفرّ من سوح الوغى متلعثما = ويصيح مرحى قد شفيتِ غليلا


فسعت الى جثمان من كانت له = تحبو الرقاب مهابة ونزولا


يا سيد الشهداء كبدك لم يلن = في فكها , او أن تذوق فتيلا


هذا مزاج الضالمين بخصمهم = جعلو القتيل ولحمه مأكولا


ويلملمون لدفنك الأحشاء وال =أوصال والأمعاء والتهليلا


فتحيروا , كيف اللئام تناهشت = جسداً يفيض مهابة وفحولا


أحدٌ وفيك النائبات مواجع = والغدر فيك يجاوز المعقولا


قلبي تقطع كيف جسمك في الثرى = قد مُزقت أحشاءه تمثيلا


ما حال أحمد حين جسمك حوله = الشرك ينفش في الرفاة سجولا


صلّى عليه في الحشود محمد = سبعين لم يقصر بها الترتيلا


وبكى وأجهش عنده في غصّة = فغدت للوعته الجفون ذبولا


رغم الرحيل فأنت جذو منارة = تهوى ويبقى جذرها قنديلا


ليس الرحيل لمثل نجمك مخفت = أو مسدل حول الضياء سدولا


لم يكف دمعي ان يعزي احمدا = وهو الذي ابكى الزمان طويلا


كم دمعت واستك سيّد آدم = من أمة تعلو بها التفضيلا


ما لي أراها لا تقيم لحمزة = ذكراً لمقتله ولا تبجيلا


عجبي لم الشعراء شل لسانهم = عن ذكره , أو قائلون قليلا


هامت حناجرهم لتذكرغيره = ورأت بذيل الأرذلين زبيلا


وكذا المنابر لم تقل في ذكره = ما يستحق من الثناء جزيلا


يا سيد الشهداء فزت بجنة = يحففك فيها من هداك قبولا


يخفي الزمان من الحناجر فخرها = وتضل فخرا للزمان أصيلا


ووقفت أنظرهالة من قبره = تعلو من الكبد الجريح صليلا


تعلو , لتسمع أمة قد أينعت = فيها المواجع ذلة وخمولا


وشممت مسكا نابعا بمقامه = عبقاً , فأندى في الأنوف ذهولا


أسد العزيز فما علوك بعزة = هل عز فأر حين نال خميلا


هل يفخرون بغدر مثلك سيدي = أو يطفئون بقتلك التنزيلا


كلا فدربك سيد الشهداء لا = يعلو مآذنه الدجى تضليلا


ستظل يا أسد الرسول وترتقي = فوق الزمان منارة ودليلا


وستعجزُ الأقلامُ عم محمد = عن وصف ما تحوي علا وجميلا


وتظل ذكراك الشموس لهدينا = فتنير جيلا للحياة فجيلا


لأبي عمارة قد ملئت محابري = شوقا لأبحر في الاباء قليلا


ما كان في أملي بلوغك سيدي = هل يبلغ الطفل الرضيع كهولا

نوري الوائلي
01-04-2010, 09:17 PM
عزف الحياء مع الجمال نشيدا = وعلا البهاء تألقا وقصيدا


وسما الحسان مع الزمان توهج = ينهال منها كالنجوم نضيدا


ما أنقص الدهر العتيق جمالها = بل زاد فيه مع النهى تجديدا


ويصوغ منها للجمال دوامه = ويعيده رغم المشيب جديدا


وتوقفت عند البلوغ عقارب = فغدى البلوغ الى الزمان قيودا


ووجدت فيها والمشيب يضمني = نفح الصبا يزهو بها تمجيدا


لا أبدل الحور الحسان بلونها = فبها المحاسن لا تضم حدودا


لله درك كم حويت معانيا = تعطي بودك منهلا وتليدا


الذهن يرفل من جمالك مؤنسا = والنفس تحيا في لقاءك عيدا


ما كان عقلي من خيالك فارغا = أو بات يوما في النساء شريدا


هل كان قلبي غير ودك راغبا = أو كنت في شوقي اليك زهيدا


كلا , فأنك في الحياة مكملي = جسدا يعانق روحنا ووليدا


الروح تحيا في فناءك محفلا = والجسم أضحى في ثراك رقيدا


يا زوجتي قد قلتها أدبا وشعـ =را مولعا ومحببا ومديدا


قد عشت في كنفن كأني طفلها = ملك عليها , لم ألاق صدودا


الفقرعشنا دعوة وقناعة = والخبز كان كفاية ومزيدا


العشق كان مودة وتراحما = والحب كان مع الوفاء وطيدا


في العسر كنا كالأواصر وحدة = والصبر كان على البلاء صليدا


والله ما أرضى بأهلي مبدلا = الأرض كنزا والبقاء خلودا


فهم الحياة وما سواهم علقم = لا خير ان عشت الحياة وحيدا


من وجهك البسام يومي مشرق = ألقا يزيح عن الصدور وعيدا


كنت العواطف مسكنا وسكينة = وحنان نبضك لم ير الترشيدا


أكملت ديني بالزواج وأنه = حسن المتاع مفازة ورغيدا


ما كنت أرضى أن أجاهد عازبا = أضحى لنيران الغرور وقودا


أهفو الى بيت الحنان كأنني = طير يناغي عشه تغريدا


أثلجت صدري حين همي راقدا = فوق المواجع نازفا وعتيدا


وإذا نهضت من الأمان الى الوغى = قد خلتني للمهلكات رصيدا


وخرجت جبرا للمحيط كأنني = ظبي لخوف يستجير فهودا


ورجعت منهم لائذا فكأنهم = خلفي ضباع لا تهاب أسودا


ورجعت خوفا للديار ومثقلا = بالنائبات مؤملا تضميدا


أنت الضماد من الجروح إذا غدت = في العظم أنياب اللئام حشودا


أنت الدواء إذا تنامى عارض = في القلب يبضع جاثما وعنيدا


جم النفوس إذا طلبت ودادها = تعطيك من قبل الوفاء جحودا


جمعوا الحياة كأنهم في مأمن = وغدوا لسوط المغريات عبيدا


وتناغموا في الموبقات كأنهم = ضمنوا الخلود مكاسبا ووجودا


وتراكضوا خلف المناصب والردى = يستل منهم ساهيا ورشيدا


لا يسعف الندم الضحية اذ أتى = من قاتل عاش الوصال حقودا


خير الحظوظ إذا رزقت بزوجة = تخشى القدير وتحسن التشييدا


فبها المنازل يستطاب حياضها = وبها نصوغ من التراب عقودا


فهي النعيم حلاوة وعذوبة = وهي السعادة خيمة وعمودا


وتزيح من دربي الطويل مصاعبا = وتحيل شوك المضنيات ورودا


والله لن أوفي عظيم عطاءها = حتى وان كان الوفاء شهودا

نوري الوائلي
14-04-2010, 02:26 PM
بغدادُ هل عزفت لك الأوتارُ = اوغرّدت في لحنك الأشعار
بغداد يا عين المهى وجفونها = قد زيّنتها في الدجى أقمار
يا نجمة الشرق المجلل بالدجى = يا واحة البيداء حين تزار
يا خير دجلة , والفرات معانقا = غربا كأنّ ذراعه أسوار
وتلألأتفي جانبيك مآذن = ومدارس وحناجر وثمار
وتألقت مُهج الكلام لترتوي = من بحر جود تستقيه بحار
مرحى لنهر حين شقّ خمارها = خفتت لنور ضياءها الأنوار
ماذا أحدث في القريض وقد علا = من راحتيها منهلٌ وعَمَار
ماذا أقول وقد تمثّل عالم = من معطيات ما لها أسوار
لم يشهد التاريخ مثلك أمّة = رغم النوائب دهرها أسحار
لم تعل عزمك في المصائب جفلة = أو بات يطوي دارك الأعصار
تبقين في فمّ الزمان قصيدة = تشدو بها الأحرار والأخيار
لا زلت عند الضالعات كعلقم = لن يستسيغ مذاقه استكبار
بغداد أوجعني الفراق وقد علا = قلبي الضعيف من الأسى جزّار
بغداد لم تحقد عليك أكارم = بل ساق زهوك للبلاء صغار
ما لي أراك وثوب أهلك أسود = والناعيات لدارك أستنفار
بغداد هل عزفت لقتلك فتنة = أو غيرت من سيرها الأقدار
وشوارع حمر يبارك لونها = من كلّ فجّ منحرٌ ومنار
وشوراع تطفو بها من كل عيـ = ن أدمع ونوائح وغيار
ونسائك الثكلى تشق خدودها = وصدورعا للاطمات جدار
والشامتون على المصاب كأنهم = أمنوا المصاب وحولهم أستار
وتناثرت عبر الأثير منابر = ومنائر وحواجب وجمار
لا زلت قلبا نابضا رغم الردى = رغم الأنين مزاجك الاصرار
فوق المآذن والمزارع رفرفت = روحي يشدّ جماحها مضمار
وتشبثت ولعا بكل صغيرة = وكأنها للعاشقين مزار
بغداد ما عادت دموعي مؤنسا = أو خفّفت من بُعدك الأذكار
قد عزّني والله رغم تحملي = بُعدي , وهدّت مضجعي الأسفار
ما ذقت يوما مثل زرعك يانعا = أو أشبعتني بَعدك الأمصار
من صبرك الدنيا تكسّر قيدها = وأزاح ليلَ الضارعين نهار
هل تسمعين من الحبيب توددا = أم صكّ سمعك هاون وغبار
مشغولة عني وعذرك مفزع = فالموجعات بقلبك استحضار
لو كان غيرك في البلاء ممحّصا = لأنهار فيه أيابس وخضار
أحترتُ فيها والزمانُ لصبرها = والصبر منها مثقلٌ محتار
وتحمّلت محن الصعاب وأيقنت = ان الخريف وراءه الازهار
لله درّك ترتمين لظلمة = والأهل قلبٌ كالشموس نُضار
والله لن تعلو قبابك رحمة = أو يستميل الى النجاة قرار
ان كان نبضك للعتاة مواليا = أو بات يعلو جمعك الفجّار
محروسة بالله أرض باركت =ها بالدماء مساجدٌ وبرار
محروسة بالله يا أرض الهدى = يا أرض جمع قاده الإيثار
ولقد ملكت من الفداء قواسما = ومراقدا تحبو لها الأقطار
وتشدّ عزم اليائسين الى العلا = وكأنها للموجعين عقار
أنت العراق كرامة وحضارة = أنت العراق علامة وشعار
بغداد أنت الى العراق أواصر = بل أنت أنت الى العراق اطار
بغداد في حضني كأنك طفلتي = فإذا بفكري في هواك يدار
يا دوحة الأسلام يا دار التقى = يا قلب أرض نبضها استغفار
هل يأتنا يومٌ تطير حمامة = بين الحشود, ونبعها تختار
وسجدت أبكي والدعاء يلمّني = يكفيك من سوط اللضى الجبّار

نوري الوائلي
01-05-2010, 05:43 AM
بعد ان منّ الله تعلى عليَّ بالعلم حيث نشرت مئات الأكتشافات العلمية والطبية والبايولوجية واكثر من 170 بحثا علميا في مختلف حقول الطب والبيولوجيا بحيث
من الصعب ان تجد باحثا اوطبيبا استطاع ان يبحر في هذا العدد المتنوع من التخصصات المختلفة
ويقدم انجازات يحلم بها اهل الأختصاص انفسهم ونشرت في ابرز الدوريات العلمية العالمية.
من جانب اخر فقد منّ الله تعالى عليَّ بقدرة الكتابة في المقالات والقصائد الشعرية بالرغم اني لم
احفظ اي قصيدة او حتى ابيات متعددة. وما كان هذا إلا بفضل من الله عز وجل.
ولم اترك اي فرصة في الأبحاث او القصائد الشعرية إلا وقصدت بها مرضاة الله عز وجل والله من وراء القصد


جاهدتُ دهري للحروف وصولا = وقرأتُ كي أستكشف المجهولا
وكتبتُ نفسي بالحروف مفصلا = للشاهدين عقائداً وميولا
ونشرتُ من قلمي النفيس ممنياً = ان أستزيد معارفاً وأصولا
وقضيتُ عمري باحثاً ومفكراً = وركبتُ أمواجَ الكلام سجولا
وهضمتُ من خير المعارف كتفها = وملئتُ أركانَ البحوث دليلا
ونشرتُ من جمّ العلوم سوابقاً = حتى علوت بأرضها التفضيلا
فاسألْ إذا شأت العلومَ وطبّها = ستُريك أسمي كالنجوم جليلا
وزرعتُ في سبخ مشاتلَ أزهرت = من طول صبري خضرةً وفسيلا
فتكاثرت عبر الفصول وأينعت = حتى غدت للجائعين نخيلا
وترومُ نفسي للعلوم فلم أجد = فيها لكشف المعجزات بديلا
فتسابقت للمنجزات أناملي = حتى استمالت صبيةً وكهولا
واسألْ عن الأعلام هل نشرت لهم = مثلي المنابرُ ندرةً وأصيلا
ما كان غيري في البحوث منوّعاً = او كان في حب الحروف مثيلا
هل كان غيري في البحور مميزاً = او كان يعلو موجها تفصيلا
كانوا لبحر مثل ناطر جوهر = يدنو السواحلَ زاحفاً وجفيلا
ورأيتُ في نفسي ملامحَ من به = يسموالقريضُ منابعاً وسهولا
فملكتُ رأس الشعر حين بدأته = وتركتُ ندّي في الذيول نزيلا
وملكتُ تاج الشعر رغم حداثتي = فعلوت شبرا فعتلى التبجيلا
وتراقصت فوق اللسان معانيُّ = فغدت لنهضتها الحروفُ خيولا
وملكت تاجَ الشعر بعد تذوقي = تاجَ العلوم مصادراً وأصولا
ورقدتُ ليلي والطموحُ يشدني = للعيش خلداً , لم أبال رحيلا
لم تعلُ نفسي الكبرياءُ تفاخراً = أو دقّ قلبي للغرور طبولا
ووقفتُ أقراءُ حالتي حين الردى = قد ساقَ مني صاحباُ وخليلا
فتوهجت في مقلتيّ مذلةٌ = وغدت عليّ النائباتُ رعيلا
فصفعتُ نفسي واقتلعتُ شذوذها = ورميتُ منها عقدة وغليلا
ما كنت أبحر في العلوم لعقدة = أو كنت في بحرالقريض صليلا
لولاك يا معطي الكثيرَ تفضلاً = ومسنناً في رزقك التعليلا
ما كان قولي شامتاً أو مادحاً = أو كان يوماً للطغات زبيلا
ما ذمّ حرفي في الخليقة كائناً = بل كان يرجو في القفار ظليلا
ما كان نشري للحروف تباهياً = او راجياً من ناقد تهليلا
بل كان حبري ,لا يزال مؤملا = لطف الجليل شفاعةً وقبولا
نسكي وعمري للكريم ومحبري = مثل الغمائم لن يجف هطولا
ان كنت أبني في الحياة فأنما = أبني لآخرتي هدى وسبيلا
يا مالكاً تحيا الملوك بملكه = ويحيل أنف الكبرياء ذليلا
قد كان همي في رضاك يقودني = وأجاد شكري في ولاك جزيلا
ومنحتني رغم الجهالة وسعةً = وفككت ثغري مُلهمَا وذلولا
فإذا بحرفي من كتابك يستقي = دربَ الرشاد ويتبع التنزيلا
ويطلّ في جذر العقول مسدداً = جيلا الى درب الصلاح فجيلا
ما كان ذكري للخصال كنزوة = أو كنت فيها للغرور حليلا
لكنها ذكر لنعمة واهب = ساق النعيم الى الجهول وصولا
فعلُ الخلائق قدرة من مودع = قد صاغ فيها فطرة وسبيلا
الحرفُ قولٌ والرقيبُ مسامع = يصغي ويظهر كالجبال ضئيلا
لا تحسبنّ ضئيل قولك خافياً = فلعله عند الحسيب جفيلا
النشرُ تعليمٌ يعين مداده = لوحَ الصفوف معارفاً وفصولا
النشرُ ثغرٌ والحروفُ لسانه = يحيى الخلود إذا يجودُ جميلا
لا خير في نشر يعيدُ بيانه = ما قيل دهراً او يضيرُ عقولا
ما اكثر النشر المجلل بالدجى = وبه المنافقُ يرتقي التحصيلا
لن يسعف الكبرُ العباد وأن علت = يوماً تطول مصيرها المجهولا

نوري الوائلي
18-05-2010, 10:41 AM
النفسُ تزهو والفؤادُ منارُ = والروحُ ترقى والجبينُ وقارُ




وتألقت حين الرحيل يشدني = ذاتي كانّ بطلعها الأقمارُ

فجمعتُ بعضَ حوائجي متلهفا = وشددت خصري والدموع إزارُ

وحضنتُ طفلي مشفقاً , ودموعنا = تجري كأن بلونها الأخبارُ

وأملتُ طرفي نحو سيدة لها = في النفس أفقٌ ريعه أزهارُ

وحملت نفسي واثباً وحقائبي = ورحلت عنهم والشجى مزمارُ

في كلّ بعدٍ ملزم، فالروح تبـ = قى في الديار يزفها استقرارُ

لكنّ روحي غادرت صوب المنى = والجسمُ خلف خيالها طيّارُ

وصعدت في وهج الحماس مكائناً = تعلو السماءَ تُجيبها الأمصارُ,

وتجوبُ أطباق السماء كأنّها = برقٌ وقلبي فوقها إنذارُ

روحي كأرواح المئات تعلّقت = فوق الغيوم تسوقها الأقدارُ

لكنّ شوقي طاف خوفي وارتقى = كوناً لمن قلبي لها مضمار

ما كنت أشعرُ في السماء بأنني = للفاجعات وقودها وشَرَارُ

اللهُ يمسكُ علوها ومسيرها = نحو الجنان يشدها الستّارُ

عبر المحيط كأنني البحّارُ = فقطعتُ آلافاً لبيتك قاصداً

وتركت أهلي في حماك كأنهم = أفراخ طير ما لهم أستارُ

ونزلتُ جدّة ثمّ مكة والهوى = صوب الصفاء كأنّني إعصارُ

وبدأتُ أجري نحو بيتك لائذاً = ودنوتُ منه فالمسيرُ عثارُ

وتلعثمَ النطقُ المتوّج بالحيا = وتبلّلت من مقلتي قفارُ

واهتزَّمن حولي المكانُ لرجفتي = واهتزّ من قدمي الذرى وذمارُ

كيف اللقاء وعشت دهري لاهياً = والقلبُ كاد من الدّجى ينهارُ

ورأيت كتفي في الشمال محمّلا = بالمنكرات تزيدُه الأعمارُ

ورأيت كتفي في اليمين كأنّه = غصنُ الشتاء وما علته ثمارُ

فتحيّرت قدماي أين مسيرها = وتصارعت في مهجتي الأفكارُ

أنت الحليمُ وخير جودك نافذٌ = وأنا الجهولُ وملبسي الإنكارُ

ونسيتُ عند المفرحات كريمها = وكأنّها من قدرتي أزرارُ

ورجوتُ عند أُساءتي متضرّعاً = عطفَ الجليل ومظهري استغفارُ

فتسابقت نحوي المكارمُ جمّةً = وكانّها غيثُ الشتا ينهارُ

فأجبتها بالموبقات تجاهلا = فأمدّها من فضله الجبّارُ

ودخلتُ بيتك والذنوب كبائرٌ = والظهرُ قوسٌ والمشيبُ صفارُ

ودخلتُ أحبو والجبين ملطّخٌ = والرأسُ أرضٌ والعيونُ جمارُ

وجلستُ أنظرُ للسواد كأنّني = في عالمٍ قد حاطه الأنوار

وبكيتُ حتى بُلّلت جدرانها = ودعوتُ حتى هدّني الإكثارُ

وجلست عند جدارها وقصيدتي = تحكي اللقاء وحرفها إبحارُ

وسعيت في خجل أدور بروضها = وكأنّ فيها للوجود مدارُ

حاشاك أخرج من مقامي مذنباً = ويدومُ بعد الضارعات ضرارُ

وخرجتُ من باب الرجاء يسوقني= للموت حشدٌ ما لهم أعذارُ

وخرجتُ أبكي والرجاءُ يزفني = والعينُ من قِصر اللُّقا مدرارُ

أملي بانّ الله يكفلُ عودتي = ولقاءُ من رُفعت بها الأوزارُ

وخرجتُ والبشرى بوجهي راجياً = أرضَ الرّسول تسوقني الأسفارُ

ودنوت من خير الأنام مقاربأً = فكإنّ قربي للهدى أشبارُ

وجلستُ أقرأ للرسول قصيدتي = فتعيدها من بعديَ الأسحارُ

وخرجت أنظر للبقيع فضمّني = طوقُ الضياء بأرضه ومزارُ

وركبت أقصد في المسير حدائقا = تعطي الدماء لريّها الأبرارُ

وتبعت عطراً رائقا فإذا بحمـ= زةَ يستقيم كأنّه الجرّارُ

ووقفتُ أقرأ في عُلاه قصيدةً = تحكي الفداء فشاقني التكرارُ

يا أرض يثرب قد ملكتِ معالماً = ومآثراً قد صاغها الأنصارُ

وحملت أعباء الرسالة قدوةً = فتوهجتْ من صانعيك كبارُ

وفتحت أبواباً لسيّد آدم = فإذا بك للعالمين فخارُ





ورأيتُ فيها كالآلئ حاضراً = أحداثُ نور قادها الأخيارُ

بعض من الأيام كان مدادها = مثل الكواكب ما طواه مسارُ

لو كان ظرفي في الحياة مواتياً = لبقيت فيها والقبابُ جوارُ

نوري الوائلي
31-05-2010, 07:48 PM
كالطيرحطّت من علا الدرجاتِ = وبها تدورعجائب الآلاتِ

وزهت على درج المطار وحولها = كالنحل من حشد ومن عرباتِ

ثقل من الاطنان تحمل عندها = ومحرك قد مُدّ بالقدراتِ

قد قادها بالحاسبات برامجٌ = وخرائط ٌ محسوبة الطلعاتِ

مأمونة في صنعها ومسيرها = وصعودها قد حيط بالمنعاتِ

لكنّها مرهونة بمحرّك = يجري كجري النّار في العتلاتِ

رغم التفنن والأمان بصنعها = لكنّها تغتالُ بالنكباتِ

في أي وقت يعتريها طارئ = أو تحتويها معدة الفجواتِ

فتؤول من عجب البناء لكتلة = حمراء من لهب ومن جمراتِ

في كل وقت قد أهد مسامعي = خبرُ السقوط ومقتلٌ لمئاتِ

وصعدت فيها مجبرا فكأنني = قد سقت من أمن إلى كرباتِ

وصعدتُ أمشي والمئات توزّعت = بمراتبٍ تصطفُّ في عشراتِ

وسمعتُ صوتا قد أصكّ دويّه = أفقُ المطار وطال كالعبواتِ

وجرت بنا والصوتُ ينأى خاويا = من سيرها , وتطير في قنواتِ

تجري ويحملها الهوى لطوابق = فوق الأثير بسرعة وثباتِ

ورأيتُ من علو السماء غمائما = بيضاء مثل لآلئٍ وهباتِ

تعلو بقاماتٍ كأنّ مدادها = مثل الجبال وحشدها كغزاةِ

طبقاتها تجري كأنّ مسيرها = كالسابقات لمرتعٍ وفراتِ

قد ساقها ربُّ العباد لقريةٍ = من دون منٍّ أو دعاء تقاةِ

بين الغمائم حلّقتْ وتوغلتْ = فينا كسهمٍ مسرع الخطواتِ

تهتزّ فينا والقلوبُ هواجسٌ = فكأنّ نفسي مسرح الأمواتِ

فوق المحيط ترنّحتْ وتمايلتْ = كسفينةٍ تطوي العباب لآتي

كم فيك يا ماء المحيط عجائبٍ = وخلائق ٍ من أروع الآياتِ

من كوسجٍ لطحالبٍ لسحالفٍ = لدقائقٍ في مهجة الظلماتِ

وعبرتُ بحراً سطحهُ كصفائحٍ = بيضاءَ تشرقُ كالضحى بفلاةِ

ما حالُ جسمي لو توقّف سيرُها = فوق المحيط وفجوة العثراتِ

روحي تنازعُ للبقاء وترتجي = أنْ لا تؤولَ إلى الرّدى ورفاتِ

فتوهّجت فيها لممسك سيرها = الضارعات لمأمنٍ ونجاةِ

فدعوتُ ربّي كالغريق يطوفُهُ = مستنقع الأوحالِ والحفراتِ

عجبي لعبدٍ في السما متعاطيا = خمرا ويحبو كالهوى لسقاةِ

والروحُ فيه من المكائن مربطٌ = قد جسّدتْهُ إلى الفنا ووفاةِ

وجلست ساعات بها متعطّشا = للقاء رحمي وابتداء حياتي

وجلست ساعات لساني ناطقا = رطبا بذكْرك مكثرِ الصلواتِ

يا ممسك الطير المعلق في السما = يا واهبَ الآلاء والحسناتِ

يا مُجري الرّيح الحمولِ بثقلها = يا ساتر العثرات والنّزواتِ

أمننْ لعبدك بالوصول سلامة = وادفعْ بلطفك جفلة الفزعاتِ

وأعدْ ذراعه حاضنا لعياله = وافتح ْعليهِ مسلك البركاتِ

سبحان من وهب العقول مذللا = فيها العلوم ومنطق الكلماتِ

لولاك ما طارتْ ولا هبطتْ بنا = الطائراتُ وما سعت بعلاةِ

اللهُ وفـّر ما يؤمّن صنعها = ونجاتها من ظلمة الأزماتِ

نوري الوائلي
02-07-2010, 12:23 AM
اللفظُ كالشمس تنويرٌ وإحراقُ = والحبرُ كالغصن أشواكٌ وأوراقُ
والعقلُ في الحق كالأمعاء لافظة ً = سوءاً وتبقى إلى الأجساد أعلاقُ (1)
إنّا من العقل وأنّا من منابعه = والعقلُ فينا موازينٌ وأذواقُ
إنّا ملكنا عقولا لم تظلّلها = إمارةُ السوء للظلما وأمحاقُ (2)
نحنُ المعارف والآدابُ جوهرنا = والدهرُ حبرٌ لنا والأفقُ أوراقُ
منذ الصبا صُبغتْ بالحبر منضدتي = وزان دربي مع الآداب أخلاقُ
واكتظّ ثغري فبات اللفظ قافية = والنطقُ منه على الأوزان سوّاقُ
العلمُ يطلبني والنوريُرشدني = والحرفُ يُلبسني لوناً ويشتاقُ
مثل العجينة صار الحرف نمضغه = حتى كأنّ بيان اللفظ ورّاقُ
ما كان شعري على الأفواه منقبضاً = بل إنّ شعري إلى الأفواه أشداقُ
ما طالت الريحُ يوماً من معارفنا = أو طاولتنا لنيل المجد أعناقُ
تروي لأروقة الأفلاك مسمعة ً = إنّ الزمان لما تحويه منساقُ
فابحثْ عن النور حين الليل منبسط ٌ = يخبرك إنّا إلى الأنوار إشراقُ
ما قلت إنّا هباءاً أو مبالغة = بل قال أنتم , شموخُ الدهر , عملاقُ
قد طاف منّي إلى الظلماء واهجة = فالليل ظهرٌ بها والغرب مشراقُ
لم تهفُ فينا الى التسليم نائبة ٌ= وما ثنانا عن الإنفاق إملاقُ
لم يدن منّا لفيض الشعر قائله = ولا علا دوننا الآفاقَ حذّاقُ
نحنُ الحروف وخيط العلم نغزله = نحنُ اللسان وفي الآداب مسلاقُ (3)
ما كان شعري كشعرٍ هام سامعه = بل إنّ شعري له الأبرار عِشّاقُ
إنّي من الأرض تربانٌ ومعدنه = وكم من الأرض يزهو بالعلا ساقُ
إن متّ يوماً فذكري حين تطلبه = تخبرك عنه من الأوراق أعماقُ
ما كان قبري تراب الأرض إذ حكمت = بل إنّ قبري ببطن العلم مصلاقُ (4)
من العراق أنا , يا سائلي , وأنا = فمُ الزمان له الأسماع أحداقُ
من العراق وليد والعلا سُنني = مُنذ الطفولة للعلياء سبّاقُ
من العراق فتاهُ والهدى قيمي = والعلمَ أشدو وللآداب ذوّاقُ
أنا العراقُ وشعري طاف محتضناً = كلّ الضمائر من بغداد برّاقُ
أنا العراقُ ونهري في مناسبه = ملء القصائد , للشبعان أطباقُ
لم تعلُ فيك عراق الفجر ضائقة = ولا علاك لطول الكرب إرهاقُ
أنت الكتابة والأمجاد تحفرها = أنت القوانين والألواح ميثاقُ
فيك المضايف لم تُطفأ مشاعلها = والسقي للضيف رغم العوز أفواقُ( 5)
ما هزّ نخلك والأقدار مفزعة = عصفٌ وجمرٌ وبارودٌ وإطلاقُ
ما باتت الخيلُ إلا فوقها شيم = ولا تناءى عن الصولات غيداقُ (6)
لم ترضع الأمّ من نهريك مبتذلاً = أو ذاق عشبك طول الدهر مزلاقُ (7)
هذا العراقُ به الهامات مقمرة = فجرُ الحضارات للتاريخ إشراقُ
لم تعلُ مثلك في الأيام فاجعة = أو طال مثلك في التاريخ سرّاقُ
هي المصائبُ للأبرار حاضرة = والفاجعاتُ لأهل الحق أفراقُ (8)
أنت الصمود عراق الفخر ممتحناً = والصبرُ صبرك من أيّوب دفّاقُ
الصابرون غدت أحلامهم أملاً = والطائراتُ مع الغارات أطباقُ
يعلو العراقُ شموخاً والشموخ به = يعلو وتغدو له في الكون أعماقُ
يبقى العراق تقيّاً واحداً علماً = زهو المشارق بالأمجاد خفّاقُ
يبقى العراق عزيزاً والعِدى شطط = والعزمُ فيه برغم الجور خلاّقُ
حين استجارك منكوب لحاجته = لم تغلق الباب أو يفقرك إنفاقُ
كوني العراق فلم تفتح مداخلهم = حين استجرت ولم تنجدنِ أطواقُ
إلا القليل وكان الشر يتبعني = حتى حسبتُ بأنّ الأفق خنّاقُ
لم تبق أرضٌ ولا بحرٌ ولا بلدٌ = إلا وفيها لأرض العز أعراقُ
ما كنت تاركها والله من بطر = لكنّ فيها غراب البين صفاقُ
لم يُبق منا سليلا أو ذوي رحم = حتى تعالت بكل النخل أعناقُ
يا صانع الصبر أنواطاً يعلقها = صبرُ الشعوب إذا يغتالها عاقُ
ماذا يقول إلى بغداد مغترب = قد ساد فيه لطول البعد إحراقُ
قلبي يتوق إلى أربيل معترجاً = نجفَ العراق ففيه الناس عتاقُ
ماذا أقول إلى بغداد حاضرتي = فيها الولادة فيها الحلمُ أرزاقُ
في الناصريّة للأنبار يجمعنا = نهرُ الفرات إلى الأهوار إلحاقُ
زاخو لبصرة من بغداد مربطها = للكاظمين لأرض الطف إيراقُ
أنت التآخي أيا كركوك محتضنا = كلَّ القلوب وفيك الودّ ميثاقُ
للفاو طوقٌ إلى زاخو يعانقه = والموصلُ الغرّ للفيحاء توّاقُ
الخالصُ الحرُّ يحوي عِطرَ ساقيتي = أرضي هناك وفيها الزرع أسواقُ
يا بصرة الشعر يا مكنونة ملكت = حبَّ العراق مع النهرين ينساقُ
بغداد أنشد حين البعد يثقلني = فالشوق بغداد في الأرواح آفاقُ
أنا العراقُ وجرحي لن يضمّده = طولُ السنين وما تُرضيه أشناقُ (9)
أنا العراقُ ومثلي لن يسابقه = للغاليات جموحُ الخيل أو ناقُ
فينا العوالي وقد بانت مكارمنا = وما نبالي إذا تلتفُّ أطراقُ (10)
لم نغمض العين إن مُسّت مرابعنا = ولا طوانا بيوم الريع إطراقُ (11)
فينا العراق فلم تضعف عزائمنا = للشامخات وفينا القلب مشناقُ (12)
أرض التقاة فهل طاوعت مظلمة = وانتاب شعبك عند الضيق إشفاقُ (13)
أرض الرسالات والإسلام مذهبها = والشعب فيها لدين الله توّاقُ
كم سال فيك عراق الصّابرين دمٌ = حتى كأنّخضابالأرض سمّاقُ (14)
فاكتظّت الأرض بالأشلاء ناطقة ً= إنّ الشهيد بأرض العزّ مصداقُ
أخي الشهيد وأرض الرافدين به = كالخصب فيها إلى العلياء سُوّاقُ
أخي الشهيد ويحيا في العراق فماً = يعلو المسامع أنّ الفجر رقراقُ (15)
أخي الشهيد وأرض العزّ مكمنه = أرضَ العراق نناجي حين نشتاقُ
جرح الشهيد نديٌّ حين نلمسه = يروي العراق كأنّ النحرَ غيداقُ ( 16)
عذرا بلادي فلم أ ُسعف بقافيتي= حتى يجود بكل الروح معلاقُ (17)


1- أعلاق = الشئ النفيس



2- امحاق = النقصان



3- مسلاق = الخطيب البليغ



4- مصلاق = شديد الصوت وبليغ

نوري الوائلي
13-08-2010, 04:03 PM
ياسين



أوجعت قلبي مُخبراً ومُجيبا = وقصمت ظهري ناعياً وكريبا
ونزعت من عيني المعابة أدمعاً = وزرعت فيها لوعةً ونحيبا
وعصفت في أذني دويّ نوائحٍ = وجعلت فجري عتمةً ومغيبا
وأزحت عن جمر المواجع لبنةً = قد صاغها قلبي الضروع حسيبا
وتسارعت في الصدر مثل دقائقي = دقاتُ قلبي حسرةً ولهيبا
فسقطت لا اقوى لحمل مواجعي = وأفقت من فزع الكروب مريبا
وشعرت من هول المصاب كأنه = حلمٌ له وجب الفؤاد وجيبا
ووقفت أجمع للمصاب عزائماً = قد هدّها جورُ الزمان عصيبا
آه , لقد مات الذي من جوده = أضحى الجمال الى الفؤاد نصيبا
لم أنس يوماً كان قلبي راجياً = فأجابني بالمكرمات حبيبا
قد قال لي مرحى بثغرٍ باسمٍ = وأزاح غيري حاسداً وكئيبا
فعلوت فيها للمناقب رغبة = وملكتُ منها رضّعاً وشبيبا
وملكت تاجاً للجمال متوّجاً = ونهضت منها عالماً وأديبا
ترعى وتزرع والجنائن خضرة = والكف ينضحُ معسلاً وحليبا
ولبست زيّاً للرصافة معلماً = يُضفي الوقار ويُجمل التهذيبا
وملكت من زهو الحياة بساطةً = لم تعرف التسويفَ والتكذيبا
وحرثت أرضك قانعاً ومؤملاً = فجنيت منها خضرةً وزبيبا
وجريت تدفع في الشوارع محملاً = وتبيع فيها جبنةً وضريبا
ونهضت قبل الفجر تحلب جاثياً = وجمعت عشباً في الحرور رطيبا
يا نخل بغداد الطويل وسعفه = يا بلسما يحوي القلوب رحيبا
يا عمّ يا حمل المواجع صابراً = عند الكروب ويا أعزّ قريبا
أنت العراق طبائعاً ومشاعراً = أنت الروافد صافياً وشريبا
للموت لم آسفْ فموتك سنة = والموتُ حقّ لم يحاب طبيبا
الموتُ فينا رغم جهل قلوبنا = والكلّ يسعى للرقيب منيبا
أسفي لفقدك حين قلبي نائياً = عن مقلتيك ولا يراك قريبا
لم تشبع العينان منك ولم تزل = في مقلتيها واحةً وعشيبا
الزوجُ تذهبُ للقاء فلم تجد = أبّاً يؤانسها ولا تطبيبا
الطفلُ لم ينعم برؤية جدّه = والجدّ يرحلُ موجعاً وغريبا
قد أنشبت سننُ المنون بحملنا = لم تُبق منا صاحباً وقريبا
وتكاثرت فينا كجذو مشاتل = وغدت لها أرضُ الديار خصيبا
وتتابعت جمّ الصعاب وحمّلت = منها الرؤسُ مناحةً ومشيبا
تختارُ مثل النحل فوق مزارع = فتصيبُ فينا زاهداً ونجيبا
جارَ الزمان على العراق وأهله = فغدى بهم سهم المنون مصيبا
وأذاقهم بالنائبات مصائراً = قد شاب منها جاهلاً وأريبا
حتى تعالت في العراق تذيقنا = من كلّ كرب مبهماً وعجيبا
وخرجت من بلد الكرام مُراغماً = فلقيت دربي عاصفاً وكثيبا
عشنا وربّك غربة حتى غدت = فينا المواجع مضرباً وضريبا
وتلاحقتنا بالكروب كأنّها = فينا كمن عاشَ الحياة سليبا
لا أهل يجمعنا بهم شوقٌ ولا = أنس يزيحُ عن الفؤاد خطوبا
ماتت أحبّتنا ولم تحفل بهم = منّا العيون مودّة ورغيبا
ياسين يرحمك الرحيمُ برحمة = ويزيحُ عنك مساوءاً وذنوبا
ويريك في يوم الحساب مُحمداً = فتذوقُ منه شفاعةً وشروبا
تفدي عراق الصابرين لترتقي = من كلّ بيت منحراً وصبيبا
ولك الأكفّ الى السماء تضرعاً = أن لا يريك من الزمان نكيبا

نوري الوائلي
19-09-2010, 05:14 AM
البحر



يا قارئ الشعر هل طابت لك الدارُ = وأشتدّ عزمك وأستنهظك دينارُ



يا قارئ الشعر كم أعطتك مقتضبا = هذي الحياة وكم عانتك أقدارُ



هل دار ليلك والآمالُ موصلة = أم أن حلمك عند الفجر أخبارُ



هل عشت دهرك والأيّام آمنة = أم أن دهرك مثل البحر أطوارُ



البحرُ يوما كأن الطير ساكنه = والريح منه الى الربان مضمارُ



جنّدت ركبك والأحلام مشرعة = والوهمُ أنساك أن البحر غدّارُ



تدنو من الجرف بالأسماك ممتلئا = فأكتظّ جمعك عند الجرف إعصارُ



هذي هيه الحال أن ساقتك في جهل = سوءُ النوازع وأستحوذك قنطارُ



نلهو وتجري بنا الأيّام مسرعة = مثل الضياء كأنّ العمر مشوارُ



كم ضاع منّا خليل أو ذوي رحم = حتّى كأنّ جموع الأهل أنفارُ



صرنا كمن هجرالأوطان معتذرا = فالأهلُ ماضون والأصحاب زوّارُ



مثل القطار ركبنا من ولادتنا = فيه المحطّـّات للركاب أدوار



تعطى البطاقات لا ندري مقاصدها = والركب يسري كأنّ القصد أمتارُ



عند المحطات ترسينا مصائرنا = ونترك الركب والآمال أسحارُ



مثل الخيال فأنّ الموت يتبعنا = حتى علانا فشدّ النعشَ مسمارُ



يأتي ألينا كأنا لم نقابله = أو لم نر الموت للأحباب يختارُ



نجري من الموت والآمال تجرفنا = حتّى صحونا وزهو النفس ينهارُ



نعدو من الموت أميالا فنحسبه = قد غاب عنا وبعد الموت أشبارُ



ما لي أرى النفس قد هامت لزائلة = وأنساب فيها الى اللذات إصرارُ



الوقت أصبح أموالا فما ملئت = منها العيون ولم يغنيها مدرارُ



الناس تلهث والدينار مطلبها = مثل القفاري فلن ترويها أمطارُ



هل أشبع الدهر نفسا أو روى ضمئا = وهل روت من سراب البيد أزهارُ



هذي هي الحال لا تفرح بزائلة = فما أستدام لأهل الأرض أعمارُ

نوري الوائلي
02-11-2010, 07:03 AM
الأنســــــــــاب



يا زراع الأصل عنوانا وتفتخرُ = ومُطعم الجذرَ أنساباً وتنتظرُ


وراكب الجهلَ بالأنساب تصبغه = وتأمل الركبَ للعليا وتقتدرُ


ما طال ركبك أو قامت منائره = أو أن زرعك فوق الأرض محتضرُ


كيف الوصول وهل للبذر منفلق = والحال أنت ببوق الأصل تستترُ


أن كنت تفخرُ بالأنساب مبتهجا = فالفخر بالنفس لا بالأصل يُفتخرُ


المرءُ فعلٌ إذا احسنت مسلكه = يعلوك قدراً وتعلو قدرك الدرر ُ


لا يُحمدُ الناس للأنساب إنْ نسبوا = بل يحمدون لأفعال إذا ذكروا


ويلٌ لقوم من الأنساب غايتهم = كسب المعالي وهم بالجهل قد خُبروا


يومُ الحساب فلا أنساب تنفعهم = أو ينقذ الأبُّ أبنا ما له وَزَرُ


الناسُ موتى بلا فعل يخلدهم = والمبدعون عناوينٌ وإنْ قبروا


يكفي اللبيبَ بدنيا الغدرعافيةٌ = والسعدُ فيها إذا الاشرارُ تندحرُ


إنّ الحياة لذو الالباب مرحلة = إنْ طلت فيها علاك الكربُ والكدرُ


قد زُيّنت رغم ضيق العيش ماكرة = للغافلين وهم في ريعهم ضجرُ


الأمسُ ماض وعمرُ العبد لحظته = والصبحُ غيبٌ وكسبُُ الناس ما بذروا


ما قيمة الهمّ والأرزاق مكفلة = والموتُ آت بميعاد فلا يذرُ


تقوى الجواد وفعل الصالحات هما = خيرُ الخصال لذو الألباب إنْ فخروا


جناتُ عدن لمن يحيى على ورع = ألخلدُ فيها وفيها للتقى ظفرُ


ما تشتهي النفسُ تعطى , والتقاة لهم = فيها مزيدٌ , وفيها الحورُ تنتظرُ


جناتٌ عدن بها الآلاءُ حاظرة = ما لم ترَ العينُ او تسمعْ بها بشرُ


لا خير يُرجى من الدنيا إذا قُضيت = بالمنكرات , وفيها الهمّ والقترُ


الصالحاتُ جبالٌ حين تقربها = لا يركب التّلَ إلا مَنْ له بصرُ


فالصالحاتُ نعيمٌ لا يطالعها = إلا الصبور وذو حظ فلا يزرُ


والصالحون قليلٌ حين تحسبهم = والمفسدون بلا عدٍ إذا ذكروا


لا تحسبنّ بأن الذّنب مستترٌ = إنّ الذنوبَ على أكتافنا صورُ


لا تعجبنّ من الدنيا إذا غدرت = فالبغضُ فيها وفيها الشرُ مقتدرُ


مهما علت ساريات الظلم في سُفن = لا بد يوما رياح البحر تندثر


إنْ طال قيدك والأقفاصُ مقفلة = لابد يوما به الأغلالُ تنكسرُ


لا بد يوما يسودُ الارضَ خيرتها = ويعتلي الفجرُ ليلا ما له سَحرُ


الأرضُ تورث للأخيار موعدة = والعدلُ فيها مع التوحيد منتصرُ


إن الشجاعة طيش دون تبصرة = وكم علاها بضعف الحال مبتصرُ


الرأي ينحي جيوشا قادها جهل = والفكر يغلب حين السيف ينكسرُ


الوضعُ والموتُ كالوجهين في ورِقٍ = ما بين هذا وذاك العسْرُ واليَسَرُ


عند الولادة أمّي جودها وسع = والجودُ فيها من الرحمن منهمرُ


في الجود تغرقني بالعطف تلبسني = هل جود أمّي كجود الله يعتبرُ


إنْ متّ يوما لجود الله مُرتحلي = والجودُ يجري عطاء ما له قدرُ


انت الجوادُ ومنك الجود منبعه = أنت الكريم لك الأكوان تفتقر

نوري الوائلي
20-11-2010, 10:05 AM
الوائلي




الصور الشعرية




ما زادني قولُ المديح جميلا = أو هزني نقدُ العذول جفيلا




فأنا أبن يعرب قد ملكت زمامها = قولا يطوفُ على القلوب نزيلا




كالنار فكري والوشاة وقودها = تعلو بحرق الحاقدين أثيلا




ما صدّ ضوء الشمس سودَ سحابهم = أو نال سهم الحاسدين نبيلا




شعري وان قصرت معالم سحره = يبقى بدنيا المبدعين أصيلا




قولي يطلّ على المراكب أنجما = ويحيل موج العاصفات ذلولا




يبقى يعانق في النفوس جميلها = ويكون فيها للصلاح دليلا




ما كان قولي في التقي مشوشا = أو كان في قلب الأديب دخيلا




ما كان قولي للجهالة منبتا = أو كان في لبس الكلام حليلا




ما ضر شعري ان يكون لصدقه = نثرا يشع دلالة وقبولا




يستل من عبق الرحيق معسلا = ويديرها للضامئين سبيلا




يشفي المواجع حين بات شفاءها = موت يمن على العليل جميلا




ما ضر طول الشعر يفرع للهدى = ويدق صوب العاليات طبولا


ا


ما ضر طول الشعر يعلو ويرتقي = ويفيض في لبناته التفصيلا




ينمو كأشجار ضليل ظلها = ما كان يرجو للكريم وصولا




قد صاغ قلبي واللسان محاكيا = حكماً تحاور رضعاً وكهولا




لا تأملن من الحكيم سفاهة = تهدي السراب وتغزلُ التضليلا




توحي الرذائل للجهول مناسكا = توحي العواء الى الهلوع هديلا




ان كان قولي حكمة , لا ترتجي = زيغ الكلام مرواغا معسولا




ما كان فرقان السماء بلاغة = أو كان شعرا يحسن التأويلا




بل كان هديا بالحروف معنونا = قد جاوزت في سبكها المعقولا




نهج البلاغة هل حوى في لبّه = شعرا وكان بشعره المسلولا ؟




بل كان حرفا في البلاغة آية = لم يأت منه العالمون مثيلا




سبحان من خلق اللغات ونطقها = وأتاحها للعالمين سبيلا

نوري الوائلي
31-01-2011, 02:44 AM
الطبيب نوري الوائلي
مؤسسة الوائلي للعلوم
نيويورك

سماء العراق
عبر رحلاتي بين أمريكا ودول الخليج لأول مرة تحلق الطائرة في سماء العراق فكتبت هذه القصيدة لبلد الآحرار بلد الشهادة والأيمان



طالعتُ أرضك في السماءِ هميما = وقرأتُ أسمكَ كالجروحِ أليما
وجمعتُ ذكراً ، قد أناخ بخاطري = طرباً ، وأوزعني شدى و غنيما
وشممتُ عطرك في الأثير فعانقت = روحي بطيبك بلسماً ونسيما
ونظرتُ عبر نوافذي فأجابني = أفقُ الجمال حضارةً وصميما
ودخلتُ فجّاً والغيوم سواتر = فأحالها شوقي اللهيب هشيما
فرأيت ليلاً والعراق ضياءه = كالبدر تغبطه النجومُ وسيما
يعلو ، وتعلو في جوانبه الدّما = ويصيرُ لون الخافقين رثيما
وشعرتُ أمناً والممات يحيفني = فالموتُ أضحى في العراق نعيما
وملكتُ دفئاُ كالرضيع إذ أعتلى = صدر الحنانِ وأسهب التنويما
ورأيتهُ صرحاً يلملمه الرّدى = نحوَ المعالي سالماً وقويما
تبقى الجنائنُ في رباك علامة = ويطولُ سومرُ حاضراً وقديما
وهي المسلةُ لا تزال كأنّها = ثغر ويحسبها القضاةُ نديما
وعبرت زاخو والشمال ونينوى = وقربت بغداد الفداء كليما
ورفعتُ قلبي للسلام محيّيا = أرضَ الشهادة والفدى وكظيما
وعبرتُ بابلَ ثمّ واسط لاهفاً = ورمقتُ عيني للجنوب هميما
ولمحتُ ثغرَ الرافدين عجالة = كالفجرِ يمحقُ ظلمةً وبهيما
الأرضُ حمراءٌ وزهرٌ أحمرٌ = والجذر تسقيه النحورُ سديما
ما كان يبقى في الإباء ويرتقي = أو يعتلي فوق النجومِ رقيما
لولا الحناجر والضحايا والتقى = وقلوب شعب لم تر التسليما
والماجداتُ الى الفخار بشائرٌ = يعلو بهنّ دمُ العراق عظيما
لم تُدنِ قدرك للشموخ مناصب = أو كنت ترجو في سواك زعيما
بل كان شعبك لا يزال كأنّه = قلبٌ يطلّ على الممات كريما
فرأيتُ أرضك كالبدورِ تنيرها = شمسُ المقابرش , لم تر التعتيما
عشتُ العقودَ عن المنابع مبعد =والبعدُ يفتلُ في الصدورِ غريما
بالليل يكرمني التهجدُ غفوةً = والدمعُ يُسدي للقذى الترميما
أحيا التنائي والفراقَ كأنّني = في العيدِ أحيا مرغماً ويتيما
ونسوك يا ساقي العراق بنحره = فيضاً يفيض على الغمامِ نقيما
لولاك ما رفعوا نواصي عزة = أو قارعوا في الرافدين حسوما
هل يمسحون عن اليتيم مآتماً = أو ينصرون من الظليم مظيما
أيتامُ شعبي لن يعيشوا ذلة = أو يلبسوا فوق الضلوعِ رديما
علماً تطول على الفخارِ مرفراً = بيدِ الشهيدِ ، وترتقي التعظيما
وتعيشُ رغم الموجعات معافياً = وتكون فوق العاتيات سَهوما
ستضل في قلبي أنين مواجع = تعلو ، فأعلو قامةً وشميما
كالعاشقين إذا ذكرتك مولعاً = والهائمين الى الكواعبِ هيما
ما دمت تنزف والفراق يلمني = سأعيش دهري يا عراق فطيما
ما دمت تركعُ للسماء موحِداً = ستضل سيفاً للسلامِ صروما
وتجيبك الأقدارُ عند نوازع = وتزيحُ عنك المانعاتُ حتوما
القيدُ حولك كالعظام تحيله = قيمُ الحرائر والنحورُ رميما
ما نام في أرض الأباة أذلةٌ = أو ترتضي دون التقاة زنيما
سيدومُ في أرض العراق ويرتقي = نهجُ السماء مبادئاً ورسوما
ويقومُ في ظل الصّلاة مُوحَدا = يبني المفاخرَ شامخاً معصوما
لن يرتضي شعبُ المبادئ مُلحِدا = او جاهلاً يعلو الزمامَ دميما
سيضلُ أسمك يا بلادي رايةً = فوق الصدور ومعلماً وتميما
وتكون فينا والسلام هوية = فخراً بها نطوي الزمانَ صريما
وعبرت أرضك ساعة فحسبتها = الإلهامَ والتاريخَ والتقويما
وعبرت أرضك والعناقُ يشدّني = بالرافدين أصالةً وحميما