د. سمير العمري
05-06-2010, 04:34 AM
طَعَنُوكَ مِنْ قُبُلٍ وَقَالُوا اخْتَارَا=هُوَ مَنْ أَثَارَ أَبَى الحِوَارَ وَثَارَا
لَو كَانَ أَمْطَرَنَا السَّلامَةَ لاتَّقَى=لَكِنَّهُ مَلأَ العُيُونَ غُبَارَا
أَمُغَامِرٌ وَرَدَ الهَلاكَ وَسَادِرٌ=فَقَدَ الشِّرَاكَ وَخَاسِرٌ يَتَبَارَى
وَعَلَى اخْتِبَالاتِ التَّطَهُّرِّ مِنْ دَمٍ=شَقَّ الصُّفُوفَ وَخَالَفَ التَّيَّارَا
هَلْ يَنْفَعُ العُصْفُورَ هَدَّدَ عُشَّهُ=ذُو مِخْلَبٍ أَنْ يُشْهِرَ المِنْقَارَا
أَمْ هَلْ تُصَدُّ الطَّائِرَاتُ مُغِيرَةً=إِنْ أَطْلَقَتْ تِلكَ البَنَادِقُ نَارَا
قَتَلوُكَ فِي زَيفِ الحَقِيقَةِ وَادَّعَوا=أَنَّ التَّوَجُسَ يَدْفَعُ الأَخْطَارَا
إِذْ أَخْرَجُوا مِنكَ الدِّيَارَ وَأَمْعَنُوا=فِيكَ الحِصَارَ وَيفْتَدُونَ أُسَارَى
أَفَيُؤْمِنُونَ بِبِعْضِ مَا شَرَعَ الهُدَى=فَضِّ النِّزَاعِ وَيَكْفُرُونَ جِوَارَا
مَاذَا الإِخَاءُ إِذَا تَبَزَّلَ خِنْجَرًا=فِي القَلْبِ غَدْرًا يَسْفِكُ الأَعْمَارَا
لَيسَ الذِي اتَّخَذَ الإِخَاءَ شَعِيرَةً =مِثْلَ الذِي اتَّخَذَ الإِخَاءَ شِعَارَا
كَمْ جَارَ فَوقَ العَرْشِ مِنْهُمْ خَائِنٌ=رَفَعَ العَبِيدَ وَحَقَّرَ الأَحْرَارَا
وَمَتَى انْتَشَى بِالكَأْسِ قَالَ فَأَمْسَكَتْ=كَفُّ الفَسَادِ الدُّفَّ وَالمِزْمَارَا
نَامَتْ عَلَى شَفَةِ المُرُوءَةِ هِمَّةً=وَاسْتَيْقَظَتْ عِنْدَ المَوَاقِفِ عَارَا
قَدْ أَذْعَنُوا لِلأَوْلِيَاءِ وَأَتْقَنُوا=فَنَّ الثُّغَاءِ وَنَافَسُوا التُّجَّارَا
بَاعُوا ضَمِيرَ الحَقِّ وَاتَّبَعُوا الضَّلالَ=وَقَبَّلُوا الأَقْدَامَ وَالأَدْبَارَا
وَتَطَاوَلُوا مِلْءَ الهَوَانِ جَلالَةً=وَتَنَادَلُوا مِلْءَ الطِّعَانِ خُوَارَا
وَإِذَا الأَئِمَّةُ أَسْرَفَتْ فِي سَكْرَةٍ=فَعَلامَ تَتْبَعُهَا الشُّعُوبُ سُكَارَى
نَمْ يَا عَدُوُّ قَرِيرَ عَينٍ إِنَّنَا=قَوْمٌ نُحِبُّ الدَّنَّ وَالدِّينَارَا
بِالأِمْسِ كَانَ الشَّجْبَ كُلُّ سِلاحِنَا=وَاليَومَ لا شَجْبًا وَلا اسْتِنْكَارَا
وَلَقَدْ يَذُودُ البَأْسَ عَنْكَ خَوَارِجٌ=مِنَّا وَيَبْنُونَ الصُّرُوفَ ضِرَارَا
إِنِّي لأُبْصِرُ أُمَّةً بَينَ الوَرَى=هَمَلا وَبَينَ الكَائِنَاتِ حِمَارَا
وَمَضَلّلا بِالأُنْثَيَينِ سَرَى بِهِمْ=أَوْرَى العَدَاوَةَ بَينَهُمْ وَتَوَارَى
زَعَمُوا اتِّبَاعَ الحَقِّ نَهْجًا وَادَّعَوا=شَمَمَ الإِبَاءِ وَخَالَفُوهُ مَدَارَا
وَتَذَرَّعُوا بِالعَجْزِ حَتَّى لَو سَطَا=هِرٌّ لَقَالُوا: اللَيْثُ ثَمَّ أَغَارَا
فِيمَ التَّعَلُّل وَالعُيُونُ شَوَاخِصٌ=وَالحَقُّ قَدْ فَضَحَ الظَّلامَ نَهَارَا
مَنْ يَدَّعِي ثَنْيَ الشُّعَاعِ مَتَى سَرَى=نُورًا يُعَانِقُ بِالرُّؤَى الأَبْصَارَا؟
أَمَّنْ يَصُدُّ قِوَى الشُّعُوبِ إِذَا أَبَتْ=وَيَرُدُّهُنَّ إِذَا اجْتَمَعْنَ مَسَارَا؟
هِيَ هِمّةُ الإِنْسَانِ مَا تَرْقَى بِهِ=إِلا إِذَا جَرَّ الهَوانَ وجَارَى
وَلَئِنْ تَخَاذَلَتِ الجُيُوشُ بِنَصْرِهَا=فَاللهُ رَبُّكَ يُرْسِلُ الأَنْصَارَا
جَاؤُوكَ بِالأُسْطُولِ وَفْدَ تَضَامُنٍ=مِنْ مُسْلِمِينَ وَشِيعَةٍ وَنَصَارَى
مِنْ كُلِّ مَنْ رَكِبَ السَّفِينَةَ نَاجِيًا=مِنْ عَارِ مَنْ سَكَبَ الضَّغِينَةَ قَارَا
النَّاهِضِينَ إِلَى الفَضِيلةِ وَالنَّدَى=النَّاصِرِينَ الحَقَّ وَالأَبْرَارَا
الحَافِظِينَ مِن الحَيَاةِ كَرَامَةً=لِلأَبْرِيَاءِ ، المُحْسِنِينَ كِبَارَا
جَاؤُوا بِأَشْرِعَةِ التَّحَدِّي كُلَّمَا=عَرَضَ العَدُوُّ تَشَبَّثُوا إِصْرَارَا
رَفَعَتْ لَهُ الأَتْرَاكُ رَايَةَ عِزَّةٍ=تَهَبُ الأَمَانَ وَتَرْدَعُ الأَغْرَارَا
وَسَأَلْتُ: أَيْنَ بَنُو العُرُوبَةِ عَنْ يَدٍ؟=أَيْنَ الرِّجَالُ قُضَاعَةً وَنِزَارَا؟
قَدْ فُقْتَهُم يَا أَرْدُغَانُ مُرُوءَةً=وَبُطُولَةً وَكَرَامَةً وَوَقَارَا
مَنْ ذَا يُجَارِي فِيَ الإِبَاءَ عَلاكُمُ=هَيْهَاتَ كَيفَ المَجْدُ فِيكَ يُجَارَي
أَدْرِكْ بِهِمَّتِكَ الأَبِيَّةِ أُمَّةً=مَا عَادَ فِيهَا فِي المُلُوكِ غَيَارَى
أَدْرِكْ فَإِنَّ شِعَابَ مَكَّةَ قَدْ عَفَتْ=وَالنِّيلُ غَارَ فَأهْلَكَ الأَزْهَارَا
هَذِي كِلابُ الأَرْضِ أَخْبَثَ نَابُهَا=شِيَةً عَلَى نَفْجِ السُّعَارِ جَهَارَا
وَلَغَتْ بِقَانُونِ التَّحَضُّرِ وَاعْتَدَتْ=صَلَفًا عَلى البَشَرِيَّةِ اسْتِصْغَارَا
وَسَطَتْ عَلَى الأُسْطُولِ تَسْفَحُهُ دَمًا=فِي مَشْهَدٍ يَذَرُ العُقُولَ حَيَارَى
فَإِلامَ أَمْرِيكَا وَمَجْلِسُ أَمْنِهَا=تَحْمِي الشِّرَارَ وَتَظْلِمُ الأَخْيَارَا
شَهِدَتْ عَلَيهِمْ فِي البِلادِ جَرَائِمٌ=فَبِأَيِّ آلاءِ الهُدَى تَتَمَارَى
شَرُّ المَمَالِكِ مَنْ تَجُورُ وَتَزْدَرِي=قَدْرَ الرِّجَالِ وَتَصْلبُ الأَفْكَارَا
أَمِن الحَضَارَةِ أَنْ تَسُودَ فَتَفْتَرِي=حُجَجًا لِتُمْعِنَ فِي الوَرَى اسْتِعْمَارَا
أَمِن العَدَالَةِ أَنْ يُعَرْبِدَ مُجْرِمٌ=فَيَذُودُ عَنْهُ البَاطِلُ اسْتِكْبَارَا
أَمِن البُّطُولَةِ أَنْ تُهَيمِنَ قُوَّةٌ=حَتَّى يُرَاق بِهَا الدَّمُ اسْتِهْتَارَا
إِنْ كُنْتِ فِي دُجَجِ السِّلاحِ كَبِيرَةً=فَاللهُ أَكْبَرُ نَاصِرًا قَهَّارَا
فَتَرَفَّعِي يَا تِلْكَ عَنْ سُبُلِ الخَنَا=إِنَّ المَثَالِبَ تُذْهِبُ الأَقْدَارَا
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأُمُّ لا تَقْسُو عَلَى=أَبْنَائِهَا فَتَدَارَكِي الآثَارَا
قَدْ عِشْتِ رَاسِخَةً عَلَى قِمَمِ العُلا=وَاليَومَ قَدْرُكِ فِي الوَرَى قَدْ بَارَا
سَالَتْ دِمَاءُ الأَبْرِيَاءِ عَلَى يَدٍ=سَالَتْ عَلَى جِيدِ الزَّمَانِ نُضَارَا
يَا مِصْرُ يَا أَرْضَ الكِنَانَةِ مَنْ لَنَا=إِنْ لَمْ تُقِيلِي لِلإخَاءِ عِثَارَا
إِنْ كُنْتِ أَنْكَرْتِ الأُخُوَّةَ مَنْهَجًا=هَلا حَفِظْتِ الجَارَ والأَدْوَارَا؟
فُكِّي الحِصَّارَ فَلَيْسَ يُعْقَلُ كَي نَرَى=فَكَّ الحِصَارِ بَأَنْ نَخُوضَ بِحَارَا
يَا شَعْبَ مِصْرَ أَلَسْتَ أَكْرَمَ مَنْ أَبَى=فَلِمَ التَّخَاذُلُ لا يَزَالُ سِوَارَا
إِنَّا عَهِدْنَاكَ المُقَدَّمَ فِي الوَغَى=لا خَائِنًا وَجِلا وَلا خَوَّارَا
يَومَ الجَزَائِرِ أَبْرَزَ الأَنْيَابَ فِي=الكُرَةِ الجَمِيعُ وَأَنْشَبُوا الأَظْفَارَا
وَعَلَى حِصَارِ أُبَاةِ غَزَّةَ أَخْبَتُوا=فَمَنِ الذِي قَدْ غَيَّرَ المِعْيَارَا؟
إِنْ كَانَ مُحْتَزبُ الحِصَارِ وَبَأْسُهُ=فِي شِعْبِ مَكَّةَ زَلْزَلَ الكُفَّارَا
فَعَلامَ صَمْتُ السَّادِرِينَ كَأَنَّمَا=بَاتَ التَّوَاطُؤُ فِي الفُجُورِ فَخَارَا؟
هُبُّوا إِلَى رَفَحِ الكَسِيرَةِ وَارْفَعُوا=رَايَاتِ حُبٍّ وَاهْدُمُوا الأَسْوَارَا
إِنِّي أَرَى الظُلُمَاتِ أَوْشَكَ فَجْرُهَا=وَأَرَى عُيُونَ النَّصْرِ تَحْضُنُ دَارَا
وَأَرَى رِكَابَ العَدْلِ شَدَّ رِحَالَهُ=فِي المَشْرِقَينِ وَنَحْوَ غَزَّةَ سَارَا
إِنْ كُنْتَ فِي خَتَلٍ فَإِنَّ قَصَائِدِي=سَوطٌ يُذِيقُ المُرْجِفِينَ تَبَارَا
يَنْثَالُ مِنْ قُلَلِ المَشَاعِرِ مَادِحًا=صِيدًا وَمُخْزِي الخَائِنِينَ ذِمَارَا
لا كَانَ مَنْ يَرْضَى الهَوَانَ لأَهْلِهِ=أَوْ لَيسَ عَنْهُمْ يَدْفَعُ الأَضْرَارَا
إِنِّي أُهَادِنُ لا أُدَاهِنُ مَنْهَجِي=بِالحَقِّ يَقْضِي مَا دَرَى أَو دَارَى
إِنْ قَامَ يَعْذلُهُ الِلَئامُ فَإِنَّهُ=عِنْدَ الكِرَامِ يَزِيدُهُمْ إِكْبَارَا
لَنْ يَجْحَدُوهُ وَلَنْ يُكَلَّلَ بِالرِّضَا=لَكِنَّهُ فِكْرٌ جَرَى أَشْعَارَا
لَو كَانَ أَمْطَرَنَا السَّلامَةَ لاتَّقَى=لَكِنَّهُ مَلأَ العُيُونَ غُبَارَا
أَمُغَامِرٌ وَرَدَ الهَلاكَ وَسَادِرٌ=فَقَدَ الشِّرَاكَ وَخَاسِرٌ يَتَبَارَى
وَعَلَى اخْتِبَالاتِ التَّطَهُّرِّ مِنْ دَمٍ=شَقَّ الصُّفُوفَ وَخَالَفَ التَّيَّارَا
هَلْ يَنْفَعُ العُصْفُورَ هَدَّدَ عُشَّهُ=ذُو مِخْلَبٍ أَنْ يُشْهِرَ المِنْقَارَا
أَمْ هَلْ تُصَدُّ الطَّائِرَاتُ مُغِيرَةً=إِنْ أَطْلَقَتْ تِلكَ البَنَادِقُ نَارَا
قَتَلوُكَ فِي زَيفِ الحَقِيقَةِ وَادَّعَوا=أَنَّ التَّوَجُسَ يَدْفَعُ الأَخْطَارَا
إِذْ أَخْرَجُوا مِنكَ الدِّيَارَ وَأَمْعَنُوا=فِيكَ الحِصَارَ وَيفْتَدُونَ أُسَارَى
أَفَيُؤْمِنُونَ بِبِعْضِ مَا شَرَعَ الهُدَى=فَضِّ النِّزَاعِ وَيَكْفُرُونَ جِوَارَا
مَاذَا الإِخَاءُ إِذَا تَبَزَّلَ خِنْجَرًا=فِي القَلْبِ غَدْرًا يَسْفِكُ الأَعْمَارَا
لَيسَ الذِي اتَّخَذَ الإِخَاءَ شَعِيرَةً =مِثْلَ الذِي اتَّخَذَ الإِخَاءَ شِعَارَا
كَمْ جَارَ فَوقَ العَرْشِ مِنْهُمْ خَائِنٌ=رَفَعَ العَبِيدَ وَحَقَّرَ الأَحْرَارَا
وَمَتَى انْتَشَى بِالكَأْسِ قَالَ فَأَمْسَكَتْ=كَفُّ الفَسَادِ الدُّفَّ وَالمِزْمَارَا
نَامَتْ عَلَى شَفَةِ المُرُوءَةِ هِمَّةً=وَاسْتَيْقَظَتْ عِنْدَ المَوَاقِفِ عَارَا
قَدْ أَذْعَنُوا لِلأَوْلِيَاءِ وَأَتْقَنُوا=فَنَّ الثُّغَاءِ وَنَافَسُوا التُّجَّارَا
بَاعُوا ضَمِيرَ الحَقِّ وَاتَّبَعُوا الضَّلالَ=وَقَبَّلُوا الأَقْدَامَ وَالأَدْبَارَا
وَتَطَاوَلُوا مِلْءَ الهَوَانِ جَلالَةً=وَتَنَادَلُوا مِلْءَ الطِّعَانِ خُوَارَا
وَإِذَا الأَئِمَّةُ أَسْرَفَتْ فِي سَكْرَةٍ=فَعَلامَ تَتْبَعُهَا الشُّعُوبُ سُكَارَى
نَمْ يَا عَدُوُّ قَرِيرَ عَينٍ إِنَّنَا=قَوْمٌ نُحِبُّ الدَّنَّ وَالدِّينَارَا
بِالأِمْسِ كَانَ الشَّجْبَ كُلُّ سِلاحِنَا=وَاليَومَ لا شَجْبًا وَلا اسْتِنْكَارَا
وَلَقَدْ يَذُودُ البَأْسَ عَنْكَ خَوَارِجٌ=مِنَّا وَيَبْنُونَ الصُّرُوفَ ضِرَارَا
إِنِّي لأُبْصِرُ أُمَّةً بَينَ الوَرَى=هَمَلا وَبَينَ الكَائِنَاتِ حِمَارَا
وَمَضَلّلا بِالأُنْثَيَينِ سَرَى بِهِمْ=أَوْرَى العَدَاوَةَ بَينَهُمْ وَتَوَارَى
زَعَمُوا اتِّبَاعَ الحَقِّ نَهْجًا وَادَّعَوا=شَمَمَ الإِبَاءِ وَخَالَفُوهُ مَدَارَا
وَتَذَرَّعُوا بِالعَجْزِ حَتَّى لَو سَطَا=هِرٌّ لَقَالُوا: اللَيْثُ ثَمَّ أَغَارَا
فِيمَ التَّعَلُّل وَالعُيُونُ شَوَاخِصٌ=وَالحَقُّ قَدْ فَضَحَ الظَّلامَ نَهَارَا
مَنْ يَدَّعِي ثَنْيَ الشُّعَاعِ مَتَى سَرَى=نُورًا يُعَانِقُ بِالرُّؤَى الأَبْصَارَا؟
أَمَّنْ يَصُدُّ قِوَى الشُّعُوبِ إِذَا أَبَتْ=وَيَرُدُّهُنَّ إِذَا اجْتَمَعْنَ مَسَارَا؟
هِيَ هِمّةُ الإِنْسَانِ مَا تَرْقَى بِهِ=إِلا إِذَا جَرَّ الهَوانَ وجَارَى
وَلَئِنْ تَخَاذَلَتِ الجُيُوشُ بِنَصْرِهَا=فَاللهُ رَبُّكَ يُرْسِلُ الأَنْصَارَا
جَاؤُوكَ بِالأُسْطُولِ وَفْدَ تَضَامُنٍ=مِنْ مُسْلِمِينَ وَشِيعَةٍ وَنَصَارَى
مِنْ كُلِّ مَنْ رَكِبَ السَّفِينَةَ نَاجِيًا=مِنْ عَارِ مَنْ سَكَبَ الضَّغِينَةَ قَارَا
النَّاهِضِينَ إِلَى الفَضِيلةِ وَالنَّدَى=النَّاصِرِينَ الحَقَّ وَالأَبْرَارَا
الحَافِظِينَ مِن الحَيَاةِ كَرَامَةً=لِلأَبْرِيَاءِ ، المُحْسِنِينَ كِبَارَا
جَاؤُوا بِأَشْرِعَةِ التَّحَدِّي كُلَّمَا=عَرَضَ العَدُوُّ تَشَبَّثُوا إِصْرَارَا
رَفَعَتْ لَهُ الأَتْرَاكُ رَايَةَ عِزَّةٍ=تَهَبُ الأَمَانَ وَتَرْدَعُ الأَغْرَارَا
وَسَأَلْتُ: أَيْنَ بَنُو العُرُوبَةِ عَنْ يَدٍ؟=أَيْنَ الرِّجَالُ قُضَاعَةً وَنِزَارَا؟
قَدْ فُقْتَهُم يَا أَرْدُغَانُ مُرُوءَةً=وَبُطُولَةً وَكَرَامَةً وَوَقَارَا
مَنْ ذَا يُجَارِي فِيَ الإِبَاءَ عَلاكُمُ=هَيْهَاتَ كَيفَ المَجْدُ فِيكَ يُجَارَي
أَدْرِكْ بِهِمَّتِكَ الأَبِيَّةِ أُمَّةً=مَا عَادَ فِيهَا فِي المُلُوكِ غَيَارَى
أَدْرِكْ فَإِنَّ شِعَابَ مَكَّةَ قَدْ عَفَتْ=وَالنِّيلُ غَارَ فَأهْلَكَ الأَزْهَارَا
هَذِي كِلابُ الأَرْضِ أَخْبَثَ نَابُهَا=شِيَةً عَلَى نَفْجِ السُّعَارِ جَهَارَا
وَلَغَتْ بِقَانُونِ التَّحَضُّرِ وَاعْتَدَتْ=صَلَفًا عَلى البَشَرِيَّةِ اسْتِصْغَارَا
وَسَطَتْ عَلَى الأُسْطُولِ تَسْفَحُهُ دَمًا=فِي مَشْهَدٍ يَذَرُ العُقُولَ حَيَارَى
فَإِلامَ أَمْرِيكَا وَمَجْلِسُ أَمْنِهَا=تَحْمِي الشِّرَارَ وَتَظْلِمُ الأَخْيَارَا
شَهِدَتْ عَلَيهِمْ فِي البِلادِ جَرَائِمٌ=فَبِأَيِّ آلاءِ الهُدَى تَتَمَارَى
شَرُّ المَمَالِكِ مَنْ تَجُورُ وَتَزْدَرِي=قَدْرَ الرِّجَالِ وَتَصْلبُ الأَفْكَارَا
أَمِن الحَضَارَةِ أَنْ تَسُودَ فَتَفْتَرِي=حُجَجًا لِتُمْعِنَ فِي الوَرَى اسْتِعْمَارَا
أَمِن العَدَالَةِ أَنْ يُعَرْبِدَ مُجْرِمٌ=فَيَذُودُ عَنْهُ البَاطِلُ اسْتِكْبَارَا
أَمِن البُّطُولَةِ أَنْ تُهَيمِنَ قُوَّةٌ=حَتَّى يُرَاق بِهَا الدَّمُ اسْتِهْتَارَا
إِنْ كُنْتِ فِي دُجَجِ السِّلاحِ كَبِيرَةً=فَاللهُ أَكْبَرُ نَاصِرًا قَهَّارَا
فَتَرَفَّعِي يَا تِلْكَ عَنْ سُبُلِ الخَنَا=إِنَّ المَثَالِبَ تُذْهِبُ الأَقْدَارَا
يَا مِصْرُ أَنْتِ الأُمُّ لا تَقْسُو عَلَى=أَبْنَائِهَا فَتَدَارَكِي الآثَارَا
قَدْ عِشْتِ رَاسِخَةً عَلَى قِمَمِ العُلا=وَاليَومَ قَدْرُكِ فِي الوَرَى قَدْ بَارَا
سَالَتْ دِمَاءُ الأَبْرِيَاءِ عَلَى يَدٍ=سَالَتْ عَلَى جِيدِ الزَّمَانِ نُضَارَا
يَا مِصْرُ يَا أَرْضَ الكِنَانَةِ مَنْ لَنَا=إِنْ لَمْ تُقِيلِي لِلإخَاءِ عِثَارَا
إِنْ كُنْتِ أَنْكَرْتِ الأُخُوَّةَ مَنْهَجًا=هَلا حَفِظْتِ الجَارَ والأَدْوَارَا؟
فُكِّي الحِصَّارَ فَلَيْسَ يُعْقَلُ كَي نَرَى=فَكَّ الحِصَارِ بَأَنْ نَخُوضَ بِحَارَا
يَا شَعْبَ مِصْرَ أَلَسْتَ أَكْرَمَ مَنْ أَبَى=فَلِمَ التَّخَاذُلُ لا يَزَالُ سِوَارَا
إِنَّا عَهِدْنَاكَ المُقَدَّمَ فِي الوَغَى=لا خَائِنًا وَجِلا وَلا خَوَّارَا
يَومَ الجَزَائِرِ أَبْرَزَ الأَنْيَابَ فِي=الكُرَةِ الجَمِيعُ وَأَنْشَبُوا الأَظْفَارَا
وَعَلَى حِصَارِ أُبَاةِ غَزَّةَ أَخْبَتُوا=فَمَنِ الذِي قَدْ غَيَّرَ المِعْيَارَا؟
إِنْ كَانَ مُحْتَزبُ الحِصَارِ وَبَأْسُهُ=فِي شِعْبِ مَكَّةَ زَلْزَلَ الكُفَّارَا
فَعَلامَ صَمْتُ السَّادِرِينَ كَأَنَّمَا=بَاتَ التَّوَاطُؤُ فِي الفُجُورِ فَخَارَا؟
هُبُّوا إِلَى رَفَحِ الكَسِيرَةِ وَارْفَعُوا=رَايَاتِ حُبٍّ وَاهْدُمُوا الأَسْوَارَا
إِنِّي أَرَى الظُلُمَاتِ أَوْشَكَ فَجْرُهَا=وَأَرَى عُيُونَ النَّصْرِ تَحْضُنُ دَارَا
وَأَرَى رِكَابَ العَدْلِ شَدَّ رِحَالَهُ=فِي المَشْرِقَينِ وَنَحْوَ غَزَّةَ سَارَا
إِنْ كُنْتَ فِي خَتَلٍ فَإِنَّ قَصَائِدِي=سَوطٌ يُذِيقُ المُرْجِفِينَ تَبَارَا
يَنْثَالُ مِنْ قُلَلِ المَشَاعِرِ مَادِحًا=صِيدًا وَمُخْزِي الخَائِنِينَ ذِمَارَا
لا كَانَ مَنْ يَرْضَى الهَوَانَ لأَهْلِهِ=أَوْ لَيسَ عَنْهُمْ يَدْفَعُ الأَضْرَارَا
إِنِّي أُهَادِنُ لا أُدَاهِنُ مَنْهَجِي=بِالحَقِّ يَقْضِي مَا دَرَى أَو دَارَى
إِنْ قَامَ يَعْذلُهُ الِلَئامُ فَإِنَّهُ=عِنْدَ الكِرَامِ يَزِيدُهُمْ إِكْبَارَا
لَنْ يَجْحَدُوهُ وَلَنْ يُكَلَّلَ بِالرِّضَا=لَكِنَّهُ فِكْرٌ جَرَى أَشْعَارَا