تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : برزخ الحفظ



د. سمير العمري
28-06-2010, 09:43 PM
إِنَاؤُكَ مِنْ قَمْحِ الفَجِيعَةِ قَدْ أَجْفَى=وَمَاؤُكَ مِنْ قرْحِ الوَجِيعَةِ قَدْ جَفَّا
وَوَجْدُكَ مِنْ رِيحِ الذَّرِيعَةِ جَمْرَةٌ=وَغَيثُكَ مِنْ رُوحِ الشَّرِيعَةِ قَدْ أَطْفَا
أَلا أَيُّهَا السَّارِي عَلَى دَرْبِ هِمَّةٍ=تَعزُّ عَلَى الشَّكْوَى وَتَفْخَرُ بِالأَكْفَا
هُوَ العَهْدُ فَانْزَعْ نَزْغَةَ السُّخْطِ بِالرِّضَا =وَرُدَّ اللَيَالِي بِالمَحَبَّةِ وَالزُّلْفَى
فَحِلْيَةُ مَنْ يَسْمُو عَلَى الغَيظِ حِلْمُهُ=وَلَيسَ شَدِيدًا مَنْ يُنَازِعُهَا العُنْفَا
وَكُلُّ إِنَاءٍ مِنْ هَوَى النَّفْسِ نَاضِحٌ=فُصُبَّ مِن الإِبْرِيقِ أَعْذَبَهُ رَشْفَا
عَجِبتُ مِن الأَيَّامِ مَا انْفَكَّ دَأْبُهَا=يَدُورُ عَلَى ذَاتِ الوَتِيرَةِ لا يَغْفَى
أَفِي اليَومِ مَا فِي الأَمْسِ وَالأَمْسِ فِي غَدٍ=وَمَا عَرِفَتْ إِلا الغَيَاهِبَ وَالعَصْفَا
تَدُورُ بِذَاتِ الكَأْسِ مَا بَينَ نَاقِمٍ=وَبَينَ ظُنُونٍ مَا شَقَقْنَ لَنَا جَوْفَا
كَأَنَّ العُلا لَمَّا تَسَاقَى مُدَامَتِي=سَقَى أَلْفَ نَفْسٍ مِنْ تَمَيُّزِهَا زَعْفَا
وَقَالُوا هَجَاكَ القَومُ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ=فَقُلْتُ: سَلامًا لا أَمسُّ لَهُمْ طَرْفَا
هُمُ الصَحْبُ وَالأَحْبَابُ لا مِثْلَ صَاحِبٍ=يُعَبِّقُ أَنْفَ العَيشِ مِنْ نُصْحِهِ عَرْفَا
وَكَمْ طَائِرٍ أَقْلَى مِنَ النَّقْرِ إِلْفَهُ=فَذَابَ حَنِينًا لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ إِلْفَا
فَإِنْ مَدَّتِ الكَفَّينِ مِنْهُمْ جِنَايَةٌ=فَمَا الفَضْلُ إِلا أَنْ أَمُدَّ لَهُمْ كَفَّا
وَإِنْ قَدَحُوا بِالصَّدِّ فِي القَدْرِ مَرَّةً=فَقَدْ مَدَحُوا بِالوُدِّ فِي قَدْرِنَا أَلْفَا
وَلِي قَلْبُ عِرْفَانٍ عَصَرْتُ شَغَافَهُ=سُلافَ وَفَاءٍ مِنْ عَلائِقِهِ صِرْفَا
تُرَاودُهُ الأَحْدَاثُ مِنْ كُلِّ مِرْيَةٍ=فَمَا مَالَ عَنْ نَهْجِ الوَقَارِ وَلا خَفَّا
إِذَا غَرِمُوا أَعْفَى وَإِنْ ظَلَمُوا عَفَا = وَإِنْ سَقِمُوا عَافَى وَإِنْ شَتَمُوا عَفَّا
وَإِنْ نَكَثُوا وَافَى وَإِنْ غَدَرُوا وَفَى=وَإنْ طَلَبُوا أَوْفَى وَإِنْ بَخَسُوا وَفَّى
مُحِيطٌ أَنَا لِلشِّعْرِ قَاعِي مُمَرَّدٌ=وَمَائِيَ مِنْ عِطْرِ الزَنابِقِ أَو أَصْفَى
وَصَيدُ مَجَالِي جَاوَزَ المَدَّ وَالمَدَى=وَبِنْتُ خَيَالِي لا يُحَاطُ بِهَا وَصْفَا
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الحَرْفَ إِلا نَسِيجُهُ=حَرِيرٌ بِأَحْدَاقِ الجَوَاهِرِ قَدْ حُفَّا
أُغَنِّي ؛ وَمَا فِي النَّايِ إِلا حُشَاشَتِي=تَرَانِيمَ قَلْبٍ لا أَكِلُّ بِهِ عَزْفَا
بِشِعْرٍ سَرَى فِي الصَّدْرِ كَالبَدْرِ فِي الدُّجَى=يُلامِسُ فِي الوجْدَانِ بِالنُّورِ مَا اسْتَخْفَى
وَفِكْرٍ جَرَى فِي الدَّهْرِ كَالنَّهْرِ فِي الحِجَا=يُطِيبُ لأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ نَبْعِهِ الغَرْفَا
فَكَيفَ يُنِيبُ العَبْدَ مَنْ كَانَ سَيِّدًا=وَكَيفَ يَسُومُ النِّصْفَ مَنْ يَمْلكُ الضِّعْفَا
وَلَو كُنْتُ مَخْبُولا لَمَا كُنْتُ جِئْتُهَا=فَكَيفَ وَقَدْ كُنْتُ الحَكِيمَ الذِي يُقْفَى
وَلَكِنْ دَهَانِي بَرْزَخُ الحِفْظِ للِأُلَى=وَإِبْدَاعِ نَظْمِي بِنَزْرِ مَرْجٍ وَقَدْ أَغْفَى
أَمَا اخْتَلَطَتْ بِيضُ اللآلِي وَسُودُهَا؟=فَكَيفَ جَرَتْ فِي السِّلْكِ وَانْتَظَمَتْ صَفًّا؟
إِذَا دَارَ قَصْدُ المَرْءِ دَارَى رَشَادهُ=وَسَاقَ دَلِيلَ العَقْلِ فِي الحُكْمِ وَاسْتَكْفَى
وَمَا كُلُّ مَا يَبْدُو مِن الأَمْرِ ظَاهِرًا=كَفِيلٌ بَأَنْ يُجْلَى الصَّوَابُ بِهِ كَشْفَا
فَمَنْ كَانَ عَفَّ القَصْدِ صَدَّقَ وَاتَّقَى=وَأَدْرَكَ أَنَّ السَّهْوَ لا يُوجِبُ القَذْفَا
وَمَنْ كَانَ ذَا حِقْدٍ عَلَى الشَّأْنِ وَالسَّنَا=تَحَرَّى الثُّرَيَّا أَنْ يُسَاوِمَهَا الخَسْفَا
يَظُنُّ بِرَجْمِ النَّجْمِ بِالوَجْمِ شُهْرَةً=وَيَحْسَبُ أَنَّ الشَّأْفَ فِي صَدْرِهِ يَشْفَى
أَرَانِي كَأَنَّ اللهَ بِالخَيرِ خَصَّنِي=فَقَيَّضَ لِي الحُسَّادَ تَخْدِمُنِي عَكْفَا
كَسَونِي كِرَامَ القَومِ تَسْخُو بِفَضْلِهَا=وَعَرَّوا لَئِيمَ النَّفْسِ يُبْدِي الذِي أَخْفَى
وَإِنِّي أَمُدُّ الكَفَّ للهِ سَاجِدًا=بِشُكْرٍ وَقَدْ أَهْدَى الكِرَامَ لَنَا صَفَّا
بِحُرٍّ سَلِيلِ المَجْدِ مِنْ آلِ غَامِدٍ=وَلَو قَامَ فَرْدًا لِلجُنَاةِ فَقَدْ كَفَّى
وَهَذَا نَدَى مَحْمُودَ قَدْ زَادَنِي أَخًا=وَهَذَا جَلالُ الصَّقْرُ قَدْ فنَّدَ السُّخْفا
وَفَاحَ شَذَا الإِنْسَانِ مِنْ أُمِّ ثَائِرٍ=تَلِيدًا وَمِنْ سُقْيَا وَفَاءَ أَرَى الوَطْفَا
وَمَازِنُ هَذَا البَرُّ ذُو الرَّأْيِ عَاضِدًا=وَسَالِمُ صِنْوُ النَّفْسِ قَدْ عَطَّرَ الأَنْفَا
وَفَضْلُ الخُدَيدِي سَابِقٌ غَيرُ لاحِقٍ=وَزِيدَانُ ذُو الإِحْسَانِ بِالوُدِّ قَدْ أَلْفَى
وَأَسْمَعُ مِنْ زِيبَارِ لِلفِكْرِ صَوْلَةً=فَيَحْلُو لِعَقْلِ الحُرِّ مِنْ كَرْمِهِ قَطْفَا
ونَادِيَةُ الإِصْرَارِ هَمًّا وَهِمَّةً=وَجُهْدُ رَنِيمِ الصِّدْقِ لَمْ يَعْرِفِ الخلْفَا
وَزَاهِيَةٌ بِالحَقِّ وَافَتْ فَأَنْصَفَتْ=وَوَافَقَ فِيهَا المَنْطِقُ الدِّينَ وَالعُرْفَا
وَزَهْرَاءُ وَالشَّحَّاتُ وَالخَالِدِي مُنَى= وَمَرْحَةُ وَالغَنَّامُ قَدْ أَنْصَفُوا الحَرْفَا
جِهَادُ وَعَبْدُ اللهِ وَالشَّهْمُ عَايِدٌ= وَيَحْيَى وَنَجْوَى وَالحُسَينِيُّ مَنْ أَضْفَى
وَرِيمُ ، ثُرَيَّا وَالعَطِيَّةُ والذِي=يُحَدِّثُ أَهْلَ الحَقِّ حُسْنًا وَمَنْ قَفَّى
سَتَعْلُو شُمُوسُ النُّورِ فِي وَاحَةِ العُلا=وَيَسْرِي دُعَاةُ الخَيرِ فِي ظِلِّهَا حِلْفَا
وَمَنْ كَانَ رَبُّ النَّاسِ فِيهِمْ حَسِيبَهُ=فَلَنْ يُزْدَرَى فِي القَدْرِ يَومًا وَلَنْ يُنْفَى