المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لوعة البين



د. سمير العمري
19-02-2004, 09:16 PM
أَعَادَكِ العِيدُ أَمْ عَادَتْ عَوَادِينَا=أَمِ اسْتَعَادَتْ مِنَ الذِّكْرَى دَوَاعِينَا
أَمْ جَدَّكِ الوَجْدُ يَا نَفْسًا أَذَوبُ بِهَا=أَمْ أَوْهَنَ القَلْبَ مَا أَفْشَتْ مَآقِينَا
أَشْجَاكِ مِنْ مُهْجَتِي نَجْوَى أُرَدِّدُهَا=شِعْرًا يَفِيضُ بِغَيْرِ السَّعْدِ تَلْحِينَا
فَصِرْتِ لِلأَلَمِ المَكْتُوبِ مُدْمِنَةً=وَصِرْتِ بِالأَمَلِ المَكْذُوبِ تُغْرِينَا
قَدْ كَانَ عَهْدٌ مِنَ الفِرْدَوسِ نَفْحَتُهُ=بِأُمْسِيَاتٍ كَسَوْنَا سَمْتَهَا لِينَا
وَأُمْنِيَاتٍ بَتُولٍ مِنْ سُلافَتِهَا=نَسْقِي الرَّجَاءَ بِكَأْسٍ مِنْ تَصَافِينَا
فَتَسْبَحُ الرُّوحُ نَشْوَى وَالهَوَى ثَمِلٌ=وَيَقْطِفُ القَلْبُ بِالشَّوْقِ الرَّيَاحِينَا
لَكَمْ سُقِينَا بِدَارِ السَّعْدِ هَمْسَ فَمٍ=وَاليَوْمَ يَسْكُنُ جَفْنَ العَيْنِ سَاقِينَا
وَكَمْ قَطَفْنَا نَوَاصِي كُلَّ دَانِيَةٍ=مِنَ الغَرَامِ وَضَمَّتْنَا أَمَانِينَا
الزَّهْرُ بَسْمَتُنَا وَالطَيْرُ هَمْسَتُنَا=وَالصَمْتُ رَبْوَتُنَا وَالشِّعْرُ وَادِينَا
وَرَوْضَةُ الطُّهْرِ فِي أَسْمَى مَشَاعِرِنَا=كَطَلْعَةِ الفَجْرِ فِي أَدْجَى لَيَالِينَا
فِيهَا رَسَمْتُكِ أَحْلامًا أَطُوفُ بِهَا=بَيْنَ النُّجُومِ بِنَجْوَى مِنْ قَوَافِينَا
أَبُثُّهَا الشَّوْقَ لا تَخْبُو لَوَاعِجُهُ=وَأَنْثُرُ الأُفْقَ عِطْرًا مِنْ مَعَانِينَا
أَعَانِقُ الفَجْرَ فِي عَيْنَيكِ مُبْتَسِمًا=وَأَلْثِمُ الزَّهْرَ فِي خَدَّيْكِ وَالتِّينَا
وَأَعْصُرُ الوَجْدَ آهَاتٍ مُعَتَّقَةً=وَأَمْلأُ الكَأْسَ مِمَّا أَوْدَعَتْ فِينَا
يَا رَاحَةَ النَّفْسِ إِنْ ضَاقَتْ بِنَا سُبُلٌ=وَمُتْعَةَ القَلْبِ فِي أَقْصَى تَدَانِينَا
لَقَدْ تَصَرَّمَ حُلْوُ العَيْشِ بَعْدَكُمُ=وَكَانَ مِنْكُمْ كَفَافُ العَيْشِ يَكْفِيْنَا
وَكُنْتُ فِي اللُجَّةِ الزَّرْقَاءَ مَرْكَبَةً=تَأْوِي إِلَيْكِ وَقَدْ شَطَّتْ مَرَافِينَا
يَا نَفْسُ لا تَعْذِلِي المَلْهُوفَ مِنْ شَرَقٍ=فَالشَّرْقُ مَطْلَعُهَا وَالغَرْبُ يُغْوِينَا
أَلا وَقَدْ غَابَ عَنْ عَيْنَيكِ مَبْسَمُهَا=فَلَيْسَ إِلا الدُّجَى فِي عَيْنِ نَاعِينَا
وَلَيْسَ إِلا الذِي قَدْ أَنْهَكَتْ يَدُهُ=قَلْبًا يَذُوبُ أَسَىً لَوْلا تَأَسِينَا
يَا لَوْعَةَ البَيْنِ هَلا غِبْتِ عَنْ أُفُقِي=غِلْتِ الفُؤَادَ وَقَطَّعْتِ الشَّرَايِينَا
جَفَّتْ سَوَاقِي عُيُونِ الوَجْدِ وَاحْتَقَنَتْ=عَيْنُ الغَمَامِ وَمَا جَفَّتْ سَوَاقِينَا
وَهَزَّتِ الخَافِقَ الأَشْوَاقُ فَارْتَجَفَتْ=مِنْهُ الضُّلُوعُ وَجَافَتْنَا بَوَاقِينَا
كُنَّا وَكَانَتْ لَنَا الأَسْبَابُ سَانِحَةً=وَاليَوْمَ نَرْجُو اللِقَا وَالوَصْلُ قَالِينَا
كَأَنَّ بَاسِمَ أَيَّامِي وَقَدْ عَبَسَتْ=وَجْهُ المَنُونِ بِثَغْرِ اليَأْسِ يُشْقِينَا
مَنْ عَاَش فِي أَمَلٍ عَاشَتْ مُشَعْشِعَةً=فِيهِ الحَيَاةُ وَأَوْفَى العَهْدَ وَالدِّينَا
وَمَنْ تَمَطَّى عَلَى خَرْجِ القُنُوطِ قَضَى= وَأَصْبَحَ التِّبْرُ فِي أَحْزَانِهِ طِينَا
سَقَى المُهَيْمِنُ أَيَّامًا بِكُمْ أَنُسَتْ=وَلَيْسَ تَعْرِفُ أُنْسًا فِي تَجَافِينَا
لَئِنْ قَضَى الدَّهْرُ قَسْرًا فِي تَشَتُّتِنَا=فَنُوْرِكِ المُقْتَدَى فِي القَلْبِ يَهْدِينَا
وَاللهِ مَا انْصَرَفَتْ عَنْكُمْ ضَمَائِرُنَا=يَوْمًا وَلا رَغِبَتْ عَنْكُمْ أَمَانِينَا
مَا كُلُّ مَنْ فَارَقَ الأَحْبَابَ مُفْتَرِقٌ=بَعْضُ الفِرَاقِ يَزِيدُ الحُبَّ تَمْكِينَا
لَيْتَ التِي أُوْدِعَتْ رُوحِي تَرِقُّ لَهَا=وَلَيْتَهَا مِنْ لَذِيذِ الوَصْلِ تُحْيِينَا
وَلَيْتَ أَنَّا وَمَا أَبْقَى الزَّمَانُ بِنَا=نَعُودُ نَمْرَحُ صَفْوًا فِي رَوَابِينَا
هُنَاكَ حَيْثُ رُبُوعِ الأَهْلِ عَابِقَةٌ=بِكُلِّ صِرْفٍ مِنَ التَّحْنَانِ يُنْشِينَا
نُعَاقِرُ الرُّوحَ حِيْنًا مِنْ غَضَارَتِهَا=مِنَ القُلُوبِ وَنَسْقِي وُدَّهَا حِينَا
لَوْلا تَعَلُّلِ مُشْتَاقٍ لَمَا خَفَقَتْ=فِي القَلْبِ مِنْ خَفْقَةٍ بِالشَّوْقِ تُرْدِينَا
إِنِّي أَمُوتُ بِهَذَا البَيْنِ فَاجْتَهِدِي=أَنْ لا أَمُوتَ بَعِيدًا عَنْ أَرَاضِينَا
لا زِلْتِ أَنْتِ شَذَى الأَنْفَاسِ فِي مِقَـةٍ=وَلا يَزَالُ لَكِ الإِحْسـاسُ يُدْنِينَـا
حَبِيبَةً بِالْحَنِينِ العَـذْبِ تَسْكُنُنِـي=وَفِي الشَّغَافِ أَرَى فِيهَا فِلِسْطِينَا