المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَحجُّ رُوحًا



د. سمير العمري
23-12-2006, 02:44 AM
مِنْ رَجْفَةِ الشَّوقِ فِي الأَجْفَانِ لَمْ أَنَـمِ=أُقَلِّبُ الطَّرْفَ بَيـنَ السُّهْـدِ وَالسَّجَـمِ
ظَمْآنَ أَطْمَعُ فِي إِنْجَـازِ مَـا وَعَـدَتْ=حَيرَانَ أَسْمَعُ فِي هَمْسِ الهَوَى سَدَمِـي
مَلأْتِ رَوْضَكِ يَا بِنْـتَ الرَّبِيـعِ شَـذَا=فَهَلْ سَفَحْتِ عَلَى خَدِّ الـوُرُودِ دَمِـي
وَهَلْ صَبَبْـتِ لأَوْرَاقِ الخَرِيـفِ صِبَـا=أَعَادَ قَلْبَ الفَتَـى مِـنْ سَطْـوَةِ الهَـرَمِ
وَهَلْ أَصَابَـكِ مِـنْ هَـارُوتَ فِتْنَتُـهُ=حَتَّى سُحِرتُ بِحُسْنِ الجِسْـمِ وَالشِّيَـمِ
فَمَا تُمَـدُّ إِلَـى غَيْـرِ الدُّعَـاءِ يَـدِي=وَلَيـسَ تَتْبَـعُ إِلا بِالرِّضَـا قَـدَمِـي
وَلَيـسَ تُبْصِـرُ إِلا المُجْتَبَـى مُقَـلِـي=وَلَيـسَ يَنْطـقُ إِلا بِالثّنَـاءِ فَـمِـي
يَا سَاهِمَ الطَّرْفِ تَرْجُو الوَصْلَ مَنْ بَخِلَتْ=بِهِ عَلَيـكَ أَمَـا لِلشَّـوقِ مِـنْ سَـأَمِ
حَسْبُ الفُؤَادِ ذُهُولاً أَنْ يَـذُوبَ أَسَـى=بِالسَّـادِرَاتِ وَأَنْ يَلْـتَـذَّ بِـالأَلَـمِ
كَأَنَّمَا الصَبْرُ صَابٌ وَالجَـوَى وَصَـبٌ=وَالذِّكْرَيَـاتُ بَقَايَـا السُّـمِّ وَالدَّسَـمِ
وَبِي مِنَ الوَجْدِ مَا يَذْوِي الوُجُـودُ بِـهِ=مِنَ الحَنِينِ وَمَـا يُوهِـي مِـنَ السَّقَـمِ
أُغَالِبُ الدَّمْعَ فِـي أَجْفَـانِ مُحْتَشِـمٍ=وَأَكْتُمُ الحُزْنَ فِـي وِجْـدَانِ مُبْتَسِـمِ
لَمَّا شَدَدْتِ بِلَحْظٍ قُلْـتُ يَـا كَبِـدِي=أُصِبْتُ قَبْلَكَ مِنْ سَهْـمٍ عَلَيـكَ رُمِـي
أُخِذْتَ مِنْ حَيثُ لا قَـاعٌ تَلُـوذُ بِـهِ=مِنَ العُيُـونِ وَلا تَقْـوَى إِلَـى عَلَـمِ
يَا وَيْحَ نَفْسِـكَ قَـدْ أَوْرَدْتَهَـا تَلَفًـا=وَبَاتَ أَمْـرُكَ بَيـنَ الصَّـرْمِ وَالصَّلَـمِ
فَمَا انْقَلَبْتَ عَلَى هِنْـدٍ بِـذِي حَـرَضٍ=وَلا سَلِمْتَ إِلَى سَلْمَـى بِـذِي سَلَـمِ
وَلا لَقِيـتَ مِــنَ الآرَامِ سَانِـحَـةً=وَلا بَقِيتَ عَزِيزَ الجَنْـبِ فِـي الأَجَـمِ
لا كُنْتَ يَا قَلْـبُ إِنْ أَصْبَتْـكَ غَانِيَـةٌ=فَكَمْ مِنَ العِشْقِ قَدْ أَفْضَى إِلَـى النَّـدَمِ
مَحَضْتُكَ الصِّدْقَ وَالأَيَّامُ فِـي كَـذِبٍ=وَعِشْتُكَ الحَقَّ وَالأَحْـلامُ فِـي بَكَـمِ
وَصُنْتُ قَدْرَكَ عَنْ جَهْـلٍ وَعَـنْ زَلَـلٍ=فَهَلْ سَتَعْصِي لِسَـانَ النُّصْـحِ إِنْ يَلُـمِ
يَا غَافِلاً عَنْ سَبِيـلِ الحَـقِّ مُنْشَغِـلاً=بِالمُلْهِيَ اتِ مِـنَ الأَوْطَـارِ وَالنَّـغَـمِ
قِيثَارَةُ الرُّوحِ نَاجَتْ مُهْجَتِي فَسَجَـتْ=وَانْسَابَ فِيهَا الهُدَى كَالنُّورِ فِي الظُّلَـمِ
قَدْ كُنْتُ مُتَّهِمًا صَرْفَ الزَّمَـانِ وَقَـدْ=ظَنَنْـتُ أَنِّـي بِصَرْفِـي غَيـرُ مُتَّهَـمِ
حَتَّى جَرَيتُ عَلَى رُجْمٍ وُعِظْـتُ بِهَـا=وَلَيسَ أَوْقَـعَ مِثْـلُ الوَعْـظِ بِالرُّجُـمِ
هِـيَ الحَيَـاةُ سَـرَابٌ لا رَوَاءَ بِهَـا=وَلَوْ حَبَتْـكَ كُنُـوزَ الـدُّرِ والحَشَـمِ
لَذِيذُ عَيْشِكَ مَهْمَـا طَـالَ لَيـسَ لَـهُ=إِلا الفَنَـاءُ وَمَهْمَـا طَـابَ كَالحُلُـمِ
تَجْرِي عَلَيـكِ يَـدُ الأَقْـدَارِ نَافِـذَةً=فِي صَفْحَةِ اللَّوْحِ مِمَّـا خُـطَّ بِالقَلَـمِ
وَكُلُّ خَفْقَـةِ قَلْـبٍ فِيـكَ تَسْمَعُهَـا=يَسْرِي بِكَ المَوْتُ مَسْرَى الرُّوحِ فِي الأَدَمِ
كَمْ ظَنَّ قَبْلَكَ مِنْ عَبْـدٍ وَمِـنْ مَلِـكٍ=بَـأَنْ تَـدُومَ لَـهُ الدُّنْيَـا فَلَـمْ تَـدُمِ
مَضَوا عَلَى الدَّهْرِ وَالآثَـارُ فِـي عَـدَمٍ=وَغَايَـةِ الخَلْـقِ وَالأَيَّــامِ لِلـعَـدَمِ
فَهَلْ ضَمِنْتَ مِـنَ الأَيَّـامِ مِـنْ دَعَـةٍ=وَهَلْ أَمِنْتَ أَذَى مِـنْ سَيْلِهَـا العَـرِمِ
غَوْلُ الحَـوَادِثِ إِنْ خَانَتْـكَ تَجْربَـةٌ=أَمْضَى مِنَ السَّيْفِ فِي الهَامَاتِ وَالهِمَـمِ
وَرُبَّ حَـالٍ يُرِيـكَ الدَّهْـرُ نِعْمَتَهَـا=وَفِـي لُبَابَتِهَـا ضَـرْبٌ مِـنَ النِقَـمِ
يَـا مَـنْ يُسَـوِّفُ عِنْـدَ اللهِ تَوْبَتَـهُ=احْذَرْ فَإِنَّ رَسُولَ المَـوْتِ غَيـرُ عَمِـي
مَـاذَا تَقُـولُ لِـرَبٍّ جِئْتَـهُ ثَـمِـلاً=وَلَمْ تُصَـلِّ لَـهُ يَوْمًـا وَلَـمْ تَصُـمِ
مَـاذَا تَقُـولُ وَعَيـنُ الـذُّلِّ صَاغِـرَةٌ=وَفُوكَ يُخْتَمُ لا يَقْـوَى عَلَـى الكَلِـمِ
فَـدَعْ غُـرُورَكَ بِالدُّنْيَـا وَزِينَتَـهَـا=وَعُـدْ لِرَبِّـكَ بِالطَّاعَـاتِ وَاسْتَقِـمِ
نَادَى المُنَادِي إِلَى دَرْبِ الهُـدَى سُبُـلاً=وَأَذَّنَ الحَـجُّ فِـي أُمِّ القُـرَى فَـقُـمِ
الحَجُّ فَـرْضٌ عَلَـى التَّعْجِيـلِ يَعْمُـرُهُ=مَنِ اسْتَطَاعَ وَلَيسَ الحَـجُّ فِـي الهَـرَمِ
بَطْحَاءُ مَكَّةَ فِي الآفَاقِ قَـدْ صَدَحَـتْ=بِرَحْمَـةِ اللهِ فَاسْـعَ اليَـومَ وَاغْتَـنِـمِ
بَطْحَاءَ مَكَّـةَ يَـا خَيـرِ البِـلادِ لَهَـا=طُهْرًا تَتُـوقُ قُلُـوبُ الجِـنِّ وَالنَّسَـمِ
سُبْحَانَكَ الله كَمْ أَوْلَيـتَ مِـنْ نِعَـمٍ=وَكَـانَ بَيْتُـكَ فِينَـا أَكْـرَمَ النِّعَـمِ
جَعَلْـتَ أَفْئِـدَةً تَهْـوِي إِلَيـهِ بِهَـا=تُجِيبُ دَعْـوَةَ إِبْرَاهِيـمَ فِـي القِـدَمِ
حَتَّى أَتَاهُ مِـنَ الآفَـاقِ مَـنْ رَكِبَـتْ=عَلَى سَنَامٍ وَمَنْ يَمْشِـي عَلَـى قَـدَمِ
فِي رِحْلَةِ العُمْرِ يَسْعَى القَوْمُ فِي عَجَـلٍ=بِالضَّامِـرَاتِ وَيَسْعَـى اللهُ بِالـرُّحـمِ
لَمَّا وَصَلْتُ إِلَـى المِيقَـاتِ أَدْرَكَنِـي=مِنَ التَّضَرُّعِ مَا أَدْرَكْـتُ مِـنْ ضَـرَمِ
خَلَعْتُ عَنِّي ثِيَـابَ الزِّيـفِ مُغْتَسِـلاً=مِنَ الذُّنُوبِ وَمَا فِي القَلْبِ مِـنْ سَخَـمِ
نَظَرْتُ حَولِي فَكَانَ النَّاسُ فِـي حُـرُمٍ=وَقَدْ تَسَـاوَى ذَوُو التِّيجَـانِ بِالخَـدَمِ
لَبَّيكَ حَجَّاً لَـكَ اللَّهُـمَّ يَـا أَحَـدَاً=يَشْدُو بِهَا القَلْبُ فِي وَهْدٍ وَفِـي أَكَـمِ
لَبَّيـكَ لَبَّيـكَ لا رَبٌّ سِــوَاكَ وَلا=أَرْجُو سِوَاكَ رِضَا يَـا عَامِـرَ الكَـرَمِ
لَبَّيـكَ حَمْـدَاً وَإِيمَـانًـا وَتَزْكِـيَـةً=لَبَّيكَ لَبَّيكَ فِـي حِـلٍّ وَفِـي حَـرَمِ
إِلَـى رِحَابِـكَ يَـا رَحْمَـنُ قَافِلَتِـي=فَلا تَكِلْنِي وَكُنْ لِـي خَيْـرَ مُعْتَصَـمِ
أَتَيتُ بَابَـكَ أَرْجُـو قِسْمَـةً بِرِضَـا=وَمَنْ يُقِـمْ عِنْـدَ بَـابِ اللهِ يَقْتَسِـمِ
بَـابَ السَّـلامِ سَـلامُ اللهِ أُمْـهِـرُهُ=نَجْوَى الفُؤَادِ بِشَـوقٍ غَيـرِ مُنْفَصِـمِ
مَا إِنْ دَلَفْتُ وَعَيـنُ الشَّـوقِ خَاشِعَـةٌ=حَتَّى ذَرَفْـتُ بِجِفْـنٍ غَيـرِ مُحْتَشِـمِ
وَقَفْتُ فِي الصَّحْنِ لا سَاقٌ تُطِيـعُ وَلا=عَقْـلٌ يَثُـوبُ وَلا أُذْنٌ بِـلا صَمَـمِ
أُخِذْتُ فِي جُنُبَـاتِ الطُّهْـرِ مُنْصَدِعًـا=حَتَّى شَهَقْتُ بِصَـوتٍ غَيـرِ مُنْكَتِـمِ
وَحَامَتِ الرُّوحُ بُشْرَى حَـوْلَ كَعْبَتِـهِ=كَأَنَّ مِنِّي كَثِيـرَ الشَّـوقِ لَـمْ يَحُـمِ
لَو يَبْذُلُ الدَّهْرُ مِنْـهُ الكَـوْنَ حِينَئِـذٍ=لَمْ أُبْدِلِ الكَونَ بِالنَّشْـوَى وَلَـمْ أَسُـمِ
أَدَرْتُ ذَاكِرَةَ التَّارِيـخِ فِـي خَلَـدِي=فِي السَّابِقَـاتِ مِـنَ الأَيَّـامِ وَالأُمَـمِ
هَـذَا الخَلِيـلُ يَـؤُمُّ البَيـتَ يَرْفَعُـهُ=مِنَ القَوَاعِـدَ يَقْضِـي الهَـمَّ بِالتَّمَـمِ
وَذَا المَقَـامُ وَإِسْمَاعِيـلُ فِـي شَـرَفٍ=طَوْعَ الأُبُـوَّةِ فِـي ذَبْـحٍ وَفِـي وَأَمِ
وَتِي قُرَيشُ بِـدَارِ النَّـدْوَةِ اجْتَمَعَـتْ=مِنْ كُلِّ طَاغِيَةٍ فِـي النَّـاسِ مُحْتَكِـمِ
هَذَا أَبُـو لَهَـبٍ تَبَّـتْ يَـدَاهُ طَغَـى=فِي النَّاسِ كِبْرًا وَأَحْنَى الـرَّأْسَ لِلصَّنَـمِ
هُنَـا تَنَـزَّلَ جِبْرِيـلُ الأَمِيـنُ عَلَـى=خَيرِ البَرِيَّةِ فِـي حُكْـمٍ وَفِـي شِيَـمِ
هُنَا مُحَمَّدُ فَوْقَ الشِّـرْكِ بَـدْرُ دُجَـى=يَهْدِي الوَرَى سُبُلاً مِـنْ دِينِـهِ القِيَـمِ
أَقَـامَ دَولَــةَ إِيـمَـانٍ وَمَعْـرِفَـةٍ=وَطَهَّرَ البَيتَ مِنْ شِـرْكٍ وَمِـنْ وَخَـمِ
هَذَا السَّبِيلُ فِسِـرْ فِـي إِثْـرِ خَطْوَتِـهِ=بَينَ الجُمُوعِ وَهَـذَا الرُّكْـنُ فَاسْتَلِـمِ
وَطُفْ كَمَا طَافَ تَدْعُـو اللهَ مُبْتَهِـلاً=تَرْجُو الشَّفَاعَـةَ ثُـمَّ الحِجْـرَ فَالْتَـزِمِ
وَصَـلِّ سُنَّتَـهُ خَلْـفَ المَقَـامِ وَكُـنْ=فِي السَّاجِدِينَ لِـرَبِّ النَّـاسِ وَاسْتَهِـمِ
وَإِنْ ظَمِئْتَ فَذِكْـرُ اللهِ كَـأْسُ نَـدَى=وَمَاءُ زَمْزَمِ تَروِي رِيـقَ كُـلِّ ظَمِـي
ثُمَّ اسْـعَ سَبْعًـا وَلا تَبْخَـلْ بِأَدْعِيَـةٍ=تَفُزْ بِمَـا قُلْـتَ لا فِيهَـا وَمَـا نَعَـمِ
فَالجِسْمُ يَسْعَـى إِلَيهَـا مَـرْوَةً وَصَفَـا=وَالرُّوحُ تَسْعَى إِلَى الرُّضْـوَانِ وَالنِّعَـمِ
وَفِي مِنَـى تَلْتَقِـي إِنْ شِئْـتَ تَرْوِيَـةً=بِكُـلِّ مُنْشَغِـلٍ بِالذِّكْـرِ مُنْسَـجِـمِ
وَسِـرْ إِلَـى عَرَفَـاتِ اللهِ مُجْتَـهِـدًا=وَتُبْ إِلَى اللهِ وَابْكِ النَّفْـسَ مِـنْ أَثَـمِ
وَادْعُ الكَرِيمَ بِمَا تَرْجُـو يُجِبْـكَ بِـهِ=وَإِنْ سَأَلْتَ ذُرَى الفِرْدَوسِ لَـمْ تُضَـمِ
وَإِنْ نَفَرْتَ مَعِ الحُجَّاجِ صَـوْبَ مِنَـى=فَكُنْ بِشَرْعِ الهُدَى لِلنَّـاسِ فِـي أَمَـمِ
وَإِنْ رَجَمْـتَ فَقَصِّـرْ وَاتَّبِـعْ سُبُـلا=وَاحْلُلْ ثِيَابَـكَ وَانْحَـرْ فِدْيَـةً بِـدَمِ
فَإِنْ تَعَجَّلْـتَ فِـي يَومَيـنِ لا جَـرَمٌ=وَإِنْ تَأَخَّرْتَ فَامْكُـثْ غَيـرَ مُجْتَـرَمِ
وَعُدْ لِمَكَّةَ طُـفْ بِالبَيـتِ وَارْنُ لَـهُ=بِالهَاطِـلاتِ وَدَاعَ القَـطْـرِ لِلـدِّيَـمِ
يَا رِحْلَةَ النُّـورِ بِالإِيمَـانِ مَـا فَتِئَـتْ=فِي كُلِّ عَـامٍ لِقَـاءَ الطُّهْـرِ وَالسَّلَـمِ
هُنَا الأُخُوَّةُ بِالإِسْـلامِ قَـدْ جَمَعَـتْ=كُلَّ الأَحِبَّةِ مِنْ عُـرْبٍ وَمِـنْ عَجَـمِ
هُنَـا تَوَحَّـدَتِ الآرَاءِ وَاعْتَصَـمَـتْ=تَقْوَى القُلُوبِ بِحَبْلِ الوَاحِـدِ الحَكَـمِ
هَابَتْ عُرَاهَا حُشُودُ الكُفْرِ وَاحْتَزَبَـتْ=لِتَطْعَنَ الدِّيـنَ فِـي المِنْهَـاجِ وَالنُّظُـمِ
قَالُـوا الشَّعَائِـرُ للأَوْثَـانِ مَرْجِعُهَـا=وَفِي المَشَاعِرِ مَا يَعْصَـى عَلَـى الفَهِـمِ
وَقِيلَ كَيـفَ يُـرَى إِبْلِيـسُ تَرْجُمُـهُ=كُلُّ الجُمُوعِ وَرَغْمَ الرَّجْـمِ لَـمْ يَهِـمِ
وَكَيـفَ تَلْثِـمُ شَيئَـاً ثُـمَّ تَحْقـرُهُ=وَكَيفَ تَزْعُـمُ أَنَّ الخَيْـرَ فِـي الخِيَـمِ
خَابَ اللِئَامُ وَفِي البُّهْتَانِ قَـدْ رُكِسُـوا=فَدِينُكَ الحَقُّ يَسْتَعْصِـي عَلَـى التُّهَـمِ
هَلْ أَدْرَكُوا القَدَرَ المَحْتُومَ هَـلْ عَقِلُـوا=مَعْنَى الوَفَاءِ لِفَحْـوَى العَهْـدِ وَالذِّمَـمِ
وَهَلْ أَقَامُـوا عَلَـى دِيـنٍ لِيَحْتَقِـرُوا=شَرْعَ المُهَيمِـنِ فِـي قُدْسِيَّـةِ القِيَـمِ
إِنَّـا لَنَعْبُـدُ رَبَّ العَـرْشِ طَاعَـتُـهُ=فَرْضٌ عَلَى العَبْدِ فِي فَهْمٍ وَفِـي غَمَـمِ
وَمَـا الشَّعَائِـرُ إِلا مِــنْ شَرِيعَـتِـهِ=لِنِنْهَلَ العَفْوَ مِنْ نَبْـعِ الهُـدَى الشَّبِـمِ
يَا أُمَّةَ الحَقِّ عُـودِي لِلهُـدَى وَدَعِـي=أَوْهَـامَ مُحْتَفِـلٍ بِاللَّهْـوِ مُحْـتَـدِمِ
فَلَيسَ غَيْرُ حِمَـى الدَّيَّـانِ يَحْفَظُكُـمْ=مِنْ عَجْزِ هِمَّةِ مَقْهُـورٍ وَمِـنْ وَصَـمِ
لا يَأْنَـفُ الـذُّلَّ إِلا مَـنْ يَقُـومُ لَـهُ=وَلا يَفُوزُ بِتَـاجِ المَجْـدِ غَيـرُ كَمِـي
وَالمَوْتُ أَكْـرَمُ لِلأَحْـرَارِ مِـنْ دَعَـةٍ=تَسْقِي النُّفُوسَ شَرَابَ الـذُّلِّ وَالرَّغَـمِ
وَلَيـسَ يَنْفَـعُ لِلإِنْسَـانِ مَـعْـذِرَةً=أَنْ قَالَ كِدْتُ فَكَـادَ الدَّهْـرُ بِاللُّجُـمِ
ومن يُجَازِ الوَرَى بالشَّـرِّ يُجْـزَ بِـهِ=وَمَـنْ يُـوازِ بِسِيمَـا الخَيـرِ يَتَّسِـمِ
يَـا رَبِّ إِنَّ سَنَـا الغُفْـرَانِ غَايَتُـنَـا=وَقَولُـكَ الحَـقُّ فَاغْفِـرْ زَلَّـةَ القَـدَمِ
بَذَلْتُ نَفْسِـي لَـكَ اللَّهُـمَّ مُحْتَسِبًـا=وَقَدْ خَفَضْتُ جَنَـاحَ الـذُّلِّ فَاحْتَكِـمِ
أَحجُّ رُوحًا وَفِي الرِّضْـوانِ لِـي أَمَـلٌ=فَاقْبَلْ دُعَائِي مَعِ الحُجَّاجِ فِـي الحَـرَمِ
وَارْفَعْ مَقَامِي بِمَا أَسْدَيـتَ مِـنْ نِعَـمٍ=بَيْنَ الخَلائِقِ وَاكْتُـبْ حُسْـنَ مُخْتَتَـمِ