تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إليك إلهي



د. سمير العمري
02-04-2005, 08:21 AM
مَقَامُكِ عِنْدِي لا أَجَلُّ وَلا أَسْمَى=وَقَدْرُكِ يَعْلُو فِي مَجَرَّتِهِ العُظْمَى
وَعَهْدُكِ مَوْصُولٍ وَطُهْرُكِ وَاصِلٌ= وَفَجْرُكِ قَدْ أَهْدَى وَصُبْحِيَ قَدْ أَهْمَى
لَكِ القَلْبُ مَحْفُوفَاً بِقَيْدِكِ هَانِئًا=فَلا هِنْدَ فِي قَلْبِي سِوَاكِ وَلا سَلْمَى
أَرَى كُلَّ وُدٍّ بَعْدَ وُدِّكِ فَاتِرًا=وَكُلَّ وَفَاءٍ فِي حَقِيْقَتِهِ وَهْمَا
فَوَجْهُكِ وَضَّاءُ وَثَغْرُكِ بَاسِمٌ=وَعَقْلُكِ غَلابٌ وَلَحْظُكِ قَدْ أَصْمَى
وَقَلْبُكِ لِي السُّكْنَى وَرُوْحُكِ لِي الهَوَى=وَهَمْسُكِ لِي النَّشْوَى وَبَسْمَتُكِ النُّعْمَى
أَتُوْقُ إِلَى إِلْفِي وَأَشْكُو حُشَاشَتِي=وَقَدْ قَدَّرَ المَوْلَى لِمَا وَصَلَتْ صَرْمَا
يَكَادُ حَنِيْنِي يَسْفِكُ البَيْنُ زَفْرَهُ=فَيَا بُؤْسَ قَلْبِي كَمْ يَحِنُّ وَكَمْ يَدْمَى
كَأَنِّي أَرَى حَتْفِي إِذِ الشَّوْقُ هَزَّنِي=بِرَعْشَةِ مَقْرُورٍ تَئِنُّ لَهُ الحُمَّى
إِلَى اللهِ أَشْكُو مَا أَرَى إِنَّ فِي السُّهَا=حَنِينٌ إِلَى نَخْلِ المُرُوءَةِ أَنْ يُنْمَى
خَبَرْتُ بَنِي الدُّنْيَا فَكَانُوا ثَلاثَةً=وَلَسْتُ أَرَانِي غَيْرَ مُنْصِفِهِمْ حُكْمَا
فَبَرٌّ كَرِيمٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفٌ=يُنَافِحُ عَنْكَ عِنْدَ عَثْرَتِكَ الظُلْمَا
وَغِرٌّ يُمَارِي القَوْمَ لا رَأْيَ عِنْدَهُ=إِذَا مَدَحُوا أَوْمَا وَإِنْ قَدَحُوا أَوْمَا
وَشَرٌّ سَقِيمٌ يَأْكُلُ الحِقْدُ قَلْبَهُ=وَإِنْ هُوَ لَمْ يُؤْذِ الصَّدِيقَ فَقَدْ هَمَّا
أَلا إِنَّ مَا يَلْقَى الكَرِيمُ مِنَ الأَذَى=بَلاءٌ وَتَمْحِيصٌ لِيُعْلَمَ مَنْ أَسْمَى
هُمُومِي أَرَاهَا اليَّوْمَ قَدْ أَوْهَنَتْ يَدِي=وَلَكِنْ شَدِيدُ الهَمِّ لا يُوْهِنُ العَزْمَا
يَحَارُ وَضِيعُ القَدْرِ فِي غَيْرِ هِمَّةٍ =وَإِنَّ كَبِيرَ القَدْرِ مَنْ يَحْمِلُ الهَمَّا
وَيَعْدُو خَسِيسُ النَّفْسِ حِقْدًا عَلَى العُلا=فَيَغْدُو كَمَا الكَلب الذِي يَنْبَحُ النَّجْمَا
تَمُرُّ اللَيَالِي مُثْقَلاتٍ عَلَى الوَرَى=فَيَجْزَعُ مَنْ أَكْدَى وَيَصْبِرُ مَنْ أَكْمَى
خَلِيْلَيَّ مَا الإِنْسَانُ إِلا مَوَاقِفٌ=تَبَدَّى أَمَامَ العَيْنِ كَالبَدْرِ إِذْ تَمَّا
يَرَاهُ بَصِيرُ الرُّوحِ نُورًا وَهَادِيًا=وَيَنْظُرُ مَرْمُودٌ فَيَحْسَبُهُ زَعْمَا
تَخَالَفُ أَحْلامُ الرِّجَالِ وَتَلْتَقِي=وَأَحْرَى بِطَبْعِ الحُرِّ أَنْ يُنْصِفَ الخَصْمَا
وَمَا يَرْتَقِي بِالقَزْمِ تَصْفِيقُ مَادِحٍ=وَمَا يَزْدَرِي بِالنَّجْمِ تَلْفِيقُ مَنْ ذَمَّا
إِلَيْكَ إِلَهِي أَشْتَكِي ظُلْمَ صَاحِبٍ=تَشَّفَى بِمَيْتِ اللَحْمِ وَاسْتَمْرَأَ العَظْمَا
لَقَدْ سَئِمَتْ نَفْسِي نُفُوْسًا تَوَاضَعَتْ=وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ لَنَا رُحْمَى
تَمَادَتْ فَأَبْدَتْ كُلَّ فَظٍّ وَفَاجِرٍ =وَزَادَتْ لنَا جَهْلاً فَزِدْتُ لَهَا حِلْمَا
وَمَا مَنْطِقِي يَسْمُو عَنِ الرَّدِّ عَاجِزًا =وَلَكِنْ لِسَانِي يَأْنَفُ الفُحْشَ وَالشَّتْمَا
لَعَمْرُكَ كَمْ تُزْرِي الوَقَاحَةُ بِالفَتَى=وَكَمْ تَصِمُ الأَحْقَادُ صَاحِبَهَا وَصْمَا
وَفَيْتُ عُهُودِي مَا اسْتَطَعْتُ أَحِبَّتِي =وَمَنْ قَدْ سَقَانِي مِنْ خِيَانَتِهِ سُمَّا
تَحَرَّيْتُ فِي الإِحْسَانِ جَهْدِي وَطَاقَتِي=وَكُنْتُ إِذَا اهْتَمُّوا أَمُوتُ بِهِمْ هَمَّا
وَوَاللهِ مَا آسَى عَلَى مَا فَعَلْتُهُ=وَلَكِنَّ جَوْرَ الصَّحْبِ يُحْدِثُ لِي غَمَّا
خَلِيْلَيَّ هَلْ فِي الكَوْنِ صِدْقٌ وَذِمَّةٌ=تَرَى مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ أَصْوَبَهَا مَرْمَى
أَلا كَيْفَ يَهْدِي الدَّرْبُ لِلرُّشْدِ إِنْ هَدَى=ضَرِيْرٌ وَمَكْفُوفٌ يَقُوْدُهُمَا أَعْمَى
وَلَوْلا وَفَاءُ المُكَرَمِيْنَ ذَوِي النُّهَى=لَبَاتَ فُؤَادِي يَشْتَكِي بِالأَسَى العُقْمَا
وَكَمْ مِنْ يَدٍ تَمْتَدُّ بِالخَيْرِ فِي نَدَى=فَتَكَفِيكَ عِنْدَ الحَاجَةِ البَذْلَ وَالحَزْمَا
وَمَاذَا يَقُولُ الشِّعْرُ إِنْ رَامَ مَدْحَهَا=وَإِنْ قَامَ يَقْتَادُ النُّجُومَ لَهَا قَومَا
أَتَيْتُكَ يَا ابْنَ الفَضْلِ بِالحَرْفِ خَافِضًا=لأَجْنِحَةِ العِرْفَانِ ، وَالـوُدَّ قَـدْ ضَمَّـا
وَجِئْتُكَ يَا ابْنَ الحَقِّ بِالطَّرْفِ رَافِعًـا=وَقَدْرُكَ أَعْلَى أَشْكُرُ الرَّجُـلَ الشَّهْمَـا
أَرَى بِكُمَا الأَيَّامَ تَصْفُو لِشَارِبٍ=سَقَتْهُ الخُطُوبُ المُرَّ مِنْ كَأْسِهَا لَمَّا
وَمَا يَسْلَمُ الإِنْسَانُ ذُو الجُهْدِ مِنْ أَذَى=وَمَا يُطْفِئُ الشَّمْسَ الغَمَامُ إِذَا غَمَّا
وَلَيْسَ الذِي يُبْقِي عَلَى الوُدِّ مُخْلِصًا=كَمَنْ لا يَصُونُ الوُدَّ وَالعَهْدَ وَالسِّلْمَا
إِلَيْكَ إِلَهِي أَرْفَعُ الكَفَّ ضَارِعًا=فَإِنَّكَ حَسْبِي قَدْ أَحَطْتَ بِنَا عِلْمَا