المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غراس الخير



د. سمير العمري
03-12-2004, 02:31 AM
عَلَى سُوقِهَا تَنْمُو الغُصُونُ وَتُزْهِرُ=وَمِنْ مَائِهَا تَهْمِي الهَتُونُ وَتُمْطِرُ
وَعَيْنٌ بِصَافِي النَّهْلِ عَذْبٌ وُرُودُهَا=وَعَيْنٌ يَصُدُّ النَّفْسَ عَنْهَا التَّكَدُّرُ
وَفِي الأَرْضِ أَصْنَافُ الثِّمَارِ تَجَاوَرَتْ=فَذَا حَنْظَلٌ مُرٌّ وَذَلِكَ سُكَّرُ
وَفِي النَّاسِ أَشْبَاهٌ فَنَفْسٌ نَفِيْسَةٌ=وَنَفْسٌ تَمَادَى فِي ثَرَاهَا التَّكَبُّرُ
وَإِنِّي مَتَى حَلَّ الكَرِيمُ بِوَاحَتِي=لأَفْخَرُ وَالأَحْرَارُ بِالصِيْدِ تَفْخَرُ
أَجَبْتَ دُعَائِي يَا أَخِي فِي تَوَاضُعٍ=وَذَلِكَ مَا أَزْهُو بِهِ وَأُقّدِّرُ
بِشِعْرٍ كَنَظْمِ الدُّرِ فِي جِيْدِ مُهْجَةٍ=بِهَا الحُبُّ فِي اللهِ أَزْهَى وَأَنْضَرُ
مُهَفْهَفَةُ الأَلْفَاظِ مَاسَتْ بِحَرْفِهَا= كَمَا مَاسَ غُصْنٌ نَاعِمٌ وَهُوَ مُزهِرُ
تَكَامَلَ كُلُّ الحُسْنِ فِيهَا كَأَنَّهَا=عَرُوسٌ بِثَوْبِ السِّحْرِ وَالطُّهْرِ تَخْطُرُ
أَخَ الدِّينِ لا دُنْيَا بِغَيْرِ عَقِيدَةٍ=وَلا عَيْشَ إِنْ مَا خَالَطَ الرُّوحَ مُنْكَرُ
أَرَى فِي لِبَاسِ الزُّهْدِ خَيْرًا وَزِينَةً=وَلَكِنْ بِبَذْلِ الهِمَّةِ الخَيْرُ أَكْثَرُ
وَمَنْ لمْ يُوَالِ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى الهُدَى=وَيَبْرَأْ مِنَ الكُفَّارِ فَهْوَ يُكَفَّرُ
وَمَا أَنَا ذُو حِرْصٍ عَلَى الدِّينِ مُشْفِقٌ=إِذَا لَمْ أُقَدِّرْ لِلأُمُورِ وَأقْدِرُ
أَخَ العَزْمِ إِنْ تَنْهَضْ إِلَى الحَقِّ إِنَّنِي=إِلَى الحَقِّ نَهَّاضٌ وَلِلْحَقِّ أَنْصَرُ
أُدبِّرُ أَمْرًا فِيهِ إِصْلاحُ أُمَّةٍ=تُرَاوَدُ عَنْ دَرْبِ الإِبَاءِ وَتُقْهَرُ
تَهَاوَتْ قِلاعُ العِزِّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ=تَلُوكُ الرَّدَى فِي مَا يُرَاقُ وَيُهْدَرُ
وَأَمْسَتْ تَرَى دَرْبَ الهَلاكِ نَجَاتَهَا=كَأَنَّ حِمَى الإِسْلامِ لِلغَرْبِ مَعْبَرُ
وَأَصْبَحَ عرْضُ المُحْصَنَاتِ بِضَاعَةً=وَأَضْحَتْ دِمَاءُ الطِفْلِ كَأْسًا تُخَدِّرُ
أَرَى عِلْمَهَا جَهْلاً وَإِيمَانَهَا هَوَى=وَقَدْ بَاتَ قَلْبِي لَوْعَةً يَتَفَطَّرُ
فَرِفْقًا أُبَاةَ الضَّيْمِ رِفْقًا بِأُمَّةٍ=عَلَى مَنْهَجِ التَّوْحِيدِ تُنْهَى وَتُؤْمَرُ
لَكَمْ قَالَ دَعْوَى النَّصْرِ بِالحَرْفِ شَاعِرٌ=وَلَكِنَّ عَنْهَا النَّصْرَ بِالسَيْفِ يُهْجَرُ
رَأَيْتُ اللَيَالِي تَخْدَعُ النَّاسَ بِالمُنَى=وَذُو العَقْلِ بِالأَيَّامِ لا رَيْبَ يُزْجَرُ
إِذَا غَدَرَ الإِنْسَانُ لِلهِ عَهْدَهُ=عَلَى غَيرِ جَهْلٍ فَهْوَ لِلنَّاسِ أَغْدَرُ
وَمَنْ يَدَّعِ الفِعْلَ الجَمِيلَ بِقَوْلِهِ=وَتَأْتِ يَدَاهُ الشَّرَّ كَيْفَ يُقَدَّرُ
وَمَنْ قَالَ فِي أَمْرِ الأَحِبَّةِ شَأْنُهُ=حَفِيظًا عَلَيْهِمْ كَيْفَ يَجْفُو ويَنْفِرُ
تَبَصَّرْ أَخَ الإِسْلامِ فِي حَالِ أُمَّةٍ=فَمِنْهَاجُ أَهْلِ العَقْدِ فِيْهَا التَّبَصُرُ
وَلَيْسَ يُعِيْدُ المَجْدَ فِيْنَا تَدَابُرٌ=وَلَكِنْ يُعِيْدُ المَجْدَ فِيْنَا التَّدَبُّرُ
وَكُنْ لِدُعَاةِ الحَقِّ ذُخْرًا وَنَاصِرًا= قَوِيًّا لِدِينِ اللهِ فِي الأَرْضِ تُظْهِرُ
وَصَابِرْ عَلَى البَلْوَى وَجَاهِدْ فَذُوْ التُّقَى=يُجَاهِدُ أَهْوَالَ الخُطُوْبِ وَيَصْبِرُ
وَثَابِرْ عَلى المَعْرُوفِ وَاغْرسْ مِنَ الهُدَى= فَإِنَّ غِرَاسَ الخَيْرِ فِي النَّاسِ يُثْمِرُ