مشاهدة النسخة كاملة : على قيد الحـ/زن
وضحة غوانمة
01-03-2011, 05:30 PM
مرّت أوقات، حلّق الصّمت فيها في سمائي، كان ممتدّ الجناح، مثلَ نسرٍ
وأنا طفلٌ .. اختبأتُ تحت شجراتِ الصّنوبر سامقاتٍ في دمي
يمتدّ جذرٌ في شراييني تمادى،،،
كنتُ أحلُمُ حينها بزهرِ اللّوزِ في نيسان
كم نيسانَ غادرَ في فصولي، أينَ كنتُ وأينَ زهرُ اللّوزِ في فصلي القتيل؟!
ها قد عدتُ تحت السماء،، مكشوفَةً للرّيح تعصف
شاليَ المنسوجَ من خيطانِ حزنٍ بارد الجدران،
ملتَفّاً دِثاراً من صقيع الخوف،،
تؤرّقني وشوشات اللّيل أحسَبُها عليَّ.. فأحترق من داخلي
فتات الجمر في روحي تمدّد راسماً شكلي،، فصرت "أنا" الّتي تَرَون،
وخبّأتُ رماد "أنا" التي احترقت،، في سرّي..
وصار صديقُ أيّامي:
مساءٌ فيه أحكي، إنّما وحدي
ولحني صمتيَ الحاني على صَوتي!
وضحة غوانمة
01-03-2011, 10:44 PM
وفي لحظة
يمرّ العمر في عيني، قطارا مسرعا ولّى
وفي لحظة
أفاقت من تراب الموت أحزاني
وجاءتني رياحُ الموتِ واليأسِ
وفي روحي قناديلٌ على الشّرفاتِ يُطفئُها
أنينٌ من رياح التيهِ والحرمانِ والبؤسِ
وماتَ العمرُ في عمري
وماتت زهرةٌ كانت تواعدُني على شبّاكِ أحلامي
وماتَ غدي
كما أَمسي
.
فيا قلبي
أيا قارورة الأحزانِ، والعطرِ
تعالَ نُعيد زرعَ حدائق الزّنبقْ
تعال هنا ولا تغرَقْ
بأرضِ الحلمِ يا قلبي
ألا تدري بأنّ خريفنا يأتي
سريعاً كلّما أورَقْ؟!!
...
وضحة غوانمة
03-03-2011, 07:35 PM
الحزن محراب النفوس،، سيل طهر الروح
قافلة الحج نحو الله..
أرقبكِ،،
أرقبُ دمعكِ الآتي طواعيةً من عيني إلى عيني
وأعرفُ وجه هذا الحزن،،
دعيني أكتب الدّعوات:
ها أنا، أنتِ، و"الأحزانُ" ثالثُنا..
وهذا سيلُ أوجاعٍ من الذّكرى،
وآخرُ التصقَ بمعطفكِ البارحة!
الشّموع،، تبكي هنا،،
ودموعنا،، سالت مدادا يكتب الكلمات
.. والصمتُ ضيف شرف..
نخبُ: الجراح،،
أحزانِكِ
ألمِ الروح!
.
.
نخبُ التوحّد بيننا!
وضحة غوانمة
05-03-2011, 08:27 AM
أضيعُ أحيانا منّي وأنا أحاول أن أجدكِ،،
فلماذا تغرينني بأمل؟!
اتركيني للذّبول بلا ربيع..
الرّيح تعوي في دمي،،
والصمت قيد لا يبارِحُ معصم القلب،،
ذلك اليوم،، وضعت رأسي على مخدّةٍ باردةٍ
برودة ذلك الحجر، أتذكرينه؟؟
صارت وسائدي حجر،، ظهري يسانده حجر،،
كفي يعاضده حجر..
لا شيء سوى حجر.. فأنجديني يا صخور!!
تفتّت القلب الصّغير..
أموت كلّ ثانيةٍ.. وأحتضر عيشا رديئا في انتظار المعجزة
ألا فكونيها،،
رجوتُكَ يا رحمَ الغيب لِد لي معجزة،، قبل النّشور!
وضحة غوانمة
05-03-2011, 08:35 AM
إنّنا في هذه الأرض.. نَكبُر سريعا،،
ونَكبُر أكثر ممّا ينبغي..
ويختنق داخلنا طفلٌ يرفض أن يكبر..
وفي لحظات الألم المرير، حين تُثخِننا الجراح؛
تسيلُ دموعُنا كمطر الشّتاء بهدوء (لكنّها لا تجفّ)،،
وتختنق داخلنا من جديد دموع القهر لطفلٍ ظلّ حبيسا..
فلا هو عاش طفولته فبكى تاراتٍ كمطر الخريف
(ينهمر قطراتٍ كبيرة،، لكنّها لا تُبلّل) ولا هو كبر؛؛
ليُوازي مساحة الجرحِ المفتوحِ في دفّة القلب..
والّذي لا تنغَلِقُ بوّابتهُ أبدا!!
من سخرية القدر،،
رغم أنّهُ كان غارقا في الخطيئة حتّى أذنيه،،
ورغم أنّه كان يخبّئ خنجره،، في مقتل..
تماما في مقتل
.
.
رغم كلّ ذلك..
بكى بأزيزٍ مرّ..
لم أسأله كي لا أخدشَ رجولتهُ في موطن الامتحان العسير!
هو قال لي بعدما التقط أنفاسه المنهكة،،
:
احكِ لي حكاية،،
أريد أن أنام!!
لا تسخري من براءتي،، رحمة
أظلّ امرأة،، وأظلّ إنسانا ..
هناك... لم أفقد إنسانيّتي،، فقط فقدتُ ذكائي!!
___________
( ) ما بين الأقواس مقتبس من مقولة
وضحة غوانمة
06-03-2011, 05:49 PM
هناك أيضا،،
ولأوّل مرة
.
.
بدَأَتْ تَنبُتُ لي "أنياب"!!
وضحة غوانمة
06-03-2011, 05:53 PM
في عتمة الزّنزانة
حين أسنَدتُ رأسي على جِدارها الرّطب،
فكّرتُ فيكم،، ولمْ أبكِ
كنتم جميعا هناك.. رأيتُكُم،
وسمعتُ أصواتكم القادمة من البعيد،،
وأوحيتُم لي بكلامٍ كثيرٍ، وأغنياتْ!
ولا زلتم معي حيثُ ارتحلتْ، وحيث أعيشُ مدفونةً هنا،،
أتذكّركم، والذّكرى عزائي، والخنجرُ المنغَرِسُ في قلبي
في آنٍ معا،،
لماذا يعيشُ الآخرونَ في أوطانٍ تمنهحم الأمان،،
ونموتُ نحنُ منَ الصّقيع؛؛ ونمنَحُ أردِيَتَنا لهذا الوطنِ العاري،،
ونُطْعَنُ في الظّهر!!
وضحة غوانمة
07-03-2011, 07:30 PM
ليس أنّي قد فقدتُكِ، وافتقَدتُكِ
ها هو الصّبرُ تخزني أشواكه،،
والصّبرُ سلوى..
غير أنّ الصّبر مرّ..
.
وضحة غوانمة
07-03-2011, 07:36 PM
أخاف أن أعتاد لون الحديد،، ورائحة الصّدأ
لا سماء هنا دون أسلاك،
كلّ شيء يمرّ عبر الأشياك،
حتّى الهواء..؛
فيأتينا برائحة الصّدأ
أخاف أن أعتاد شعور الغريب،، حتّى إذا ما عدتُ يوما
كانت الغربة في دمي سجني الجديد
هناك .. في عتمة الزّنزانة فكّرتُ بالعيون التي فارقتُها
ولم أبكِ.. وحين أتيتُ هنا* خانتني شجاعتي وبكيت..
مهما يكُن فكِلا الحالينِ مرّ،، والمرار طعمُ أيّامنا هنا..
أفكّر فيكم جميعا، وأشتاقكم، وأتساءل عن أحوالكم..
أعرف أنّ الحياة تشغلكم عن التّذكر،،
أمّا نحن فالذّكرى عزاؤنا وجرحنا في أنٍ معا!
،
،
،
________________________
*هنا: أي السّجن، وهو المرحلة التالية لزنازين التحقيق
وضحة غوانمة
10-03-2011, 09:03 AM
وأنا هنا، أواجه الجدران الرّطبة بصمت،،
وأواجه لونَ الحديدِ بصمت،،
قدرٌ علينا أن نتجرّعَ الموتَ ولا نرفض،،
ونعيش الذلّ اليوميّ، والقهرَ ولا نصرُخ،،
ندفّئ هذا الوطن بأحضاننا..
ونعيش في خَواااااء!!
ونموت واقفين..
،
،
هل حقّا نموت واقفين؟!
وضحة غوانمة
10-03-2011, 09:37 AM
وكلاكما وجعي،،
وكلاكما سرّ الشّفاء..
!!
وقفتُ وحدي في الممرّ،، وكيف أعرف أنّني وحدي؟!
معصوبة العينينِ كنت..
ظنّوا بأنّهم عصبوا عيوني،، كانت محاجر خالية
والعينُ أنتِ
تركتها خلفي غداةَ رحيل..
وكان الصّبر شوكاً لا ثمر..
.
.
وضحة غوانمة
11-03-2011, 09:45 PM
وكُنتُ هنا.. عندما غرس الجدُّ شجرته العتيقة
لكنّي غبت في موسم الزيت..
وظلّ قنديلي يترنّح
ذبالته من روحي،، ودمي انطفأ..
.
.
قد لا يحتملُ الموقفُ هذا النزفَ من بَوحي
يلعنُ الصمتَ القديم.. يَتعاتبانِ هنا،، حيثُ هنا وقفَ التاريخ..
لماذا أغرق في ذاتي ارتدادا عندما يُطلّ وجهك يا وطني
ألأنني حاولت ولم أُفلِح ؟!
أنتَ وحدكَ من زمرةِ الطّينِ تعرف ما كان:
سهرَ الليل،، والخوفَ الذي أخفيناه بابتسامة
رجفَ القلوبِ عندما كانت تَحين ساعةُ العمل..
وانتهينا كومةً في مسلخ التتحقيق،،
وكان الوقتُ هزيمة،،
وأنا أختبئ منكَ خجلا، وخَجلْ..
كنتَ القلبَ والروحَ لروحي في الغياب،،
والقيد، ناصية الشوارع التي غادَرْتُ قَهرا
.
.
وعيون أمّي..
إيهِ أمّي، قد أتيتُ،، فهل تعودي؟!
قد أتيتُ،، فهل تعودي؟!
قد أتيتُ،، فهل تعودي؟!
قد أتيتُ،، فهل تعودي؟!
وضحة غوانمة
13-03-2011, 10:12 AM
وهناك،، تتوافد الذّكريات من أعمق الجذور
وتذهبُ"نعمة النّسيان" أدراجَ الرّياح..
فنعيشُكم من جديد،، ونُعيد كلّ الأدوار..
منع التّجول،، الجرحى،، والمطاردين
إيه يا وجوه المطاردين ما كان أجملكِ
كم أنتم مختلفون..
ومن الـ"عيب" أن تحكي البنتُ عن الشّباب:
عن أسمائهم، عواطفها تجاههم، القلق عليهم....
كل الممنوعات تُصبح مُباحة لكم،، أنتم معشر الشّهداء الأحياء
فنقفز لدى سماعِنا خبرا عنكم،، وتُفتح العيون وتشده،،
وتصبح أسماءكم أذكارً لكلّ الأوقات،،
كأنّنا نتطهّر بكم، ونسمو
يمسّنا شيءٌ من قداسة باقترابنا منكم،، وتزدادُ فينا مساحة بيضاء،
أو خضراء،، بل حمراء من دمكم المسفوك مع "انتظار "الّتنفيذ
ويصير مسموحا أن نحبّكم،، ونخشى عليكم!!
لأنّ الوعي الباطن لأشدّ الرجال حميّةً يعلم علم اليقين أنّكم "مختلفون"
تختلفون أنتم..
حتّى صوركم تصبح تذكارات الأعياد،، ويأتي بها الرجال للنّساء:
"احرصي عليها"
;
;
تعال نقلّب الصفحات من أعمارنا التي ذوت في شوارع المخيّم،،
في الأزقّة،، في الجبال المحيطة،،
في عتمة الليل،، آتي
الشوق إليكم خُطايَ،، والخوفُ أنفاسي
آتيكم لأنّ الشّوقَ أكبرُ من خوفي،،
وإنْ تَكُن آخرَ مرّةٍ آتي بها
"يتصيّدونني"..
;
إنّه قدرُ الحياةِ على هذه الأرض!
.
.
وضحة غوانمة
16-03-2011, 11:48 AM
أمس
كنتِ حريق الأفئدة، وحديث العيون، ولهفة الشوق حتّى البكاء
وصمت البكاءِ حتّى النشيج..
أستسقي اللغة لتمطرني كلماتٍ لأحكيكِ
يا قصّةً عبرت قلب الجهاد وقلبت عقل الصبرِ اندهاشاً بك
يا امرأةً تعلّم الشمس كيف يكون العطاء
وتعلّم الجبال كيف يكون الثبات
وتعلّم النّجوم في الليل نور الهداية
تغزل من أيّام سجنها حكاية الحكايات،
تربط روحها بجدائل الصبر، كي لا تقصيها الغربة..
حدّثيني عن عناق الروح للـ "ياسمين"
عن تفاصيلٍ للعتاب ستُلقي خصلاتِ شعرها الذهبيّ على كتف "غزالي"
احكِ "للخرزاتِ" في إبرةِ العشقِ الأموميّ وهي تنسجُ (إسورة)* الشوق
كيف يخفق القلبُ في خيالات اللقاء الممنوع
كيف تبكي الصور على الجدرانِ الواقفةِ من دهشة
مصلوبةً فاغرةً فاها تنظرُ في عينيكِ الناطرتين، وقلبك الملتاع،
وأمومتكِ المسلوبة، وصبركِ الواثق، وإيمانك الراسخ!
علّمينا أيّها القادمة من قلب الإلحادِ كيف يصنعُ الإيمانُ المعجزات
علّمينا كيف تكون التّضحيةُ في سبيل الله بالمال والنفس والولد،
وعلّمينا كيف يصيرُ الشّموخُ جدار الصّور لكلّ الغائبين في زنزانتكِ الغريبة!!
إيرينا، ولكِ ولكلّ من سبقوني إلى القيد: اعتذاري
لكِ، ولكّ من سبقتهم إلى الحريّة: اعتذاري
إيرينا، لم تَغِب عيونك التي بكت بدموعٍ وحرقت فؤادي يوم وداعي،
طوال سنتين من الحياة تحت الشمس لم أنسَ برد اغترابكِ ورجفة الحنينِ في أوتار صوتك،
أضبطُ منبّهي لصلاةِ الفجرِ ولا زال صوتُكِ من يوقظني لها..
وحين يهزّني الشوق أذهب لصورة "غزالي" التي أهديتِني إيّاها وأخاطبها بصمت..
لا زلتُ أرسم في أفقي تفاصيل يومٍ ألتقيكِ/ ألتقيكُنّ فيه تحت الشمس،،
أكتُبُ في صمتٍ رسائلي إليكِ/ إليكنّ، وأدعو الله أن تصلكنّ وحياً في قلوبكنّ
فهل وصلت رسائلي؟
_______________________
إيرينا سراحنة: أسيرة أكرانية الأصل/ أسلمت وتزوجت الفلسطيني إبراهيم سراحنة، جاهدا في سبيل الله، حتّى أُسِرا. أُبعدَت ابنتهما البكر (ياسمين)
إلى أكرانيا وهي بنت سنتين، وبقيت الرضيعة "غزالي" لتكبر وتعيش مع صورٍ لأمٍّ محكومة بالسجن لعشرين عاما، وأبٌ محكومُ بستّ مؤبّدات!
أمس 15/3/2011 كانت المرة الأولى منذ تسع سنوات التي تزور فيها "ياسمين" القادمة من أوكرانيا أمّها الأسيرة، وتعانق أختها "غزالي".
* الأشغال اليديويّة التي تصنعها الأسيرات من "الخرز".
وضحة غوانمة
20-03-2011, 07:51 AM
في صمتٍ،، أتيتُ إليك مرّاتٍ عديدة
ثمّ رحلتُ في صمتٍ وأكثرْ !!
وضحة غوانمة
20-03-2011, 11:19 AM
دَعيني اليومَ أحدّثكِ عن قُرب،
حديثَ المواجدِ حولَ الموائدِ في ليلةٍ ماطرة،
حديثَ السمَرِ تحتَ ضوءِ القَمرِ في ليلةِ نَيْسانيّةٍ دافئة..
حديثَ روحٍ صَقَلتها الآلامُ ، وبالغت في صَقلِهَا
حتّى تركت في بعضها مُزَقا أنفذ من خلالها لروحي
فأستكشفها، أراها كما لم أرها من قبل،
منشورة هكذا كغسيل ناصع تحت الشمس
في حديقة حورية أمنت على نفسها
عيون الرقباء!
وحين أنغمس في دهاليز روحي أكثر
أبتسم وأنا أتنفس فقّاعات الذكريات البريئة..
وقبل أن أنفض يدي منيّ،
وأُرقّع ثقوب الماضي الذي تنزّ منه الذكريات
فتنضح ملحا على جرحي..
وبرودة على دفئي..
دعيني أحدثكِ عن قرب..
.
.
وضحة غوانمة
20-03-2011, 05:50 PM
عندما كنت طفلة، خرجت أمي من البيت ذات يوم...
كنت أعرف حينها_ بقدر ما ملكت من وعيي الصغير_أنها تساعد أبي في الأرض، ليست الأرض لنا،
فنحن لا أرض لنا إلا التي أخذوها وبنوا حولها الأشياك.. هي ملزمة على مساعدته، لم يلزمها هو بكلمة،
هي أمي ألزمت نفسها بذلك.. قالت لي مرة: "يما إيد على إيد رحمة".
كنت وحدي في البيت.. لا لم أكن وحدي، كان معي أختي الصغيرة، وأخي الأصغر..
كان رضيعا.. أوكلت إليّ أمي مهمة الاعتناء به، إلى أن يحين موعد ذهابي إلى المدرسة في الفترة المسائية..
جلست بجانب سرير أخي، صرت أهدهده حتى ينام.. لكنه لم ينم.. بل صار يبكي،
لم أعرف أنا الطفلة يومها ما أفعله له،، ظننته جائعا، جهّزت له "الرضعة"،حاولت جهدي إسكاته بإطعامه،
لكنّه لم يتوقّف عن البكاء لحظة،،
.
.
اختنقت..
بدأت أبكي،
صرنا نبكي ثلاثتنا: أخي، وأختي الصغيرة، وأنا
وحان الوقت لأغادر،،
وضحة غوانمة
25-03-2011, 08:41 AM
كان لا بدّ من إطاعة أمي التي حذّرتني من "التّحجج" بأخي لعدم الذهاب إلى المدرسة،
بقيت أتأرجح بنظري بين الساعة المعلّقة على جدار غرفة الوكالة التي نعيش فيها،
ووجه أخي الرضيع المبلل بالدموع..
صارت العقارب تُسرع في مِشيتها كأنّها تهزأ من عجزي، من خشيتي من حسم الموقف،،
كان صوت بكاء أخي أعلى من صوت جرس المدرسة، وتوبيخ المعلمة..
بقيت إلى جواره، تارة أحمله بين ذراعيّ الصغيرتين، وتارة أودعه سريره،،
توسّلت إليه مرارا أن يتوقّف عن البكاء،
لكنّه لم يُصغِ لتوسلاتي..
.
.
وفي لحظة شجاعة، أو ربّما قسوة أمسكت بزجاجة الحليب،
وضعتها في يد أختي الصغيرة، قلت لها: اعتني به، أطعميه،،
أغمضت عينيّ عن وجهه، وضعت يديّ على أذنيّ، وهرعت هاربة..
.
.
لم أفتح عينيّ.. ولم أُزح يديّ إلا وقد صرت خارج البيت..
وبقيت أركض حتّى وصلت باب المدرسة...
كنت أقول لنفسي: لا تخشي عليه، سيكون بخير،
أجل هو بخير،
إنّه لا يبكي،
رغم أني كنت أركض هاربة من بكائه الذي كان لا يزال يصمّ أذنيّ !!
وضحة غوانمة
08-04-2011, 06:25 PM
لا أذكر شيئا عمّا جرى يومها في المدرسة،
لكنّني لا أنسى أبدا أنّني حين عدت إلى البيت وجدتهما بخير: أخي وأختي الصغيرين،،
أمّا أمي فكانت لا تزال تعمل في الأرض، لم ألقِ عليها لوما،، امرأة مكافحة،
قبل الوعي تعلّقت عيوني بها وهي تواصل العمل في النهار في شتّى أنحاء البيت وخارجه،
وتسهر الليل "تُديّر" لنا الثياب الكبيرة، وترقّع الصغيرة كي نعيش،
نحن الذين نعيش على هامش التاريخ بعد أن مُنِحت أرضنا ليهود،،
وهُجّر أهلنا من ديارهم وأرضهم ليعيشوا في الخيام، ثمّ في بيوت الصفيح التي بنتها لهم وكالة الغوث،
ومع ذلك لم تتوقّف أمي يوما عن مساعدة أبي في الأرض،
كنت أعجب من أين لهم بهذه الإرادة ليعيشوا بعدما سلبتهم عصابات "الأغراب" كلّ شيء:
بيوتهم، أراضيهم، بلداتهم، أهلهم، ذكرياتهم، بيادر القمح، وأغاني الحصاد،
وليالي الشتاء حول "الموقدة" !
.
.
هل تظنّين أنّي كنت أستمدّ شجاعتي من أمي حين اتخذت قراري
وذهبت إلى المدرسة رغم بكاء أخي؟
؟
؟
وضحة غوانمة
12-04-2011, 01:26 PM
بحقّ، لم أَلُم أمّي يومها،
وكان يمكن أن أفعل بسبب عجزي،
ولأني حين عدت من المدرسة لم أجدها في البيت،
لم يكن أخي الصغير في حضنها فترتاح روحي التي تعذبت ببكائه،
كان لا يزال مستلقيا في سريره مستسلما، منهكا من البكاء..
حملته بين ذراعي، وأمسكت بيد أختي، وخرجت إلى باب البيت..
.
.
هناك، على حجرٍ وضعت رأسي وأنا أحتضن أخويّ،،
أردت أن أقصّر مسافة مشوار العودة إلى البيت؛
قلت..
هنا تلاقينا أمي أسرع !!
وضحة غوانمة
12-04-2011, 01:30 PM
ولم أدرِ بشيء بعدها، إلا حين أيقظتني يد أمي وصوتها الحزين عتبا على نفسها!
أمي..
ها هي سنين الأسر مكوّمة كقنطرة في أرضنا المسلوبة،
"سناسل" قلبي يهدّمها القهر، ولا يدك تُرمّم بناءها من جديد،
وأرض روحي تحتاج قطر رضاكِ حتى لا تجدب.
أمّي أنا أرضُ كتلك الأرض التي ظللتِ تعملين فيها مع أبي،
أحتاج إلى عطاء وعناية حتّى أستمرّ..
واصلي العمل في الأرض، إنتِ وأبي،،
ولا تعتبي على نفسك..
.
.
وضحة غوانمة
28-04-2011, 07:44 PM
.
.
أعيشُك جرحاً عميقا..
أَسُدُّ بهِ جِراحاتي الصّغيرة!!
.
.
وضحة غوانمة
28-04-2011, 07:49 PM
مرّ وقتٌ صُمتُ فيه عن الكتابة لكِ،،
كان الخاطر مرّاً، وكان الظلام مقنّعا بالضّياء
وبدا ثغر الحياةِ باسما!!
وإذا به الـ طبع الـ رديء
وجه الظّلام، وقطع ليلٍ مظلمةٍ كـ/ الفِتَن!
هناكَ بكيتُ لأنّي شعرتُ بقشعريرةِ فقدكِ
شعرتُ بأنّي لن أملك الجرأة للاقترابِ منكِ..
خشيتُكِ
تصوّري،،
خشيتُكِ، وانتِ في الغيبِ حلمٌ تمدَّد!!
صائمة أنا لا أستطيع القول،،
أتلو في صمتٍ تسبيحي، وأدعو
أن يكون القادم أفضل،،
ينهرني هذا العمر المسرع بي،
والوقت المقتول بين كثرة الواجبات المهمل أكثرها،
وتجتاحُ الرّوح أمنية على خجل،
بعد أن يغزو البياض المفارق يصبح التّمنّي عبثا!!
وأنتِ لستِ أمنية، ولست عبثا..
بل أنتِ روحٌ تجتاحُ عبثي لأواصل العيش في اتزان!
حتى إذا لم تأتي فسأبقى أحبّكِ
وأحلم بأنّكِ تأتين
وسأبقى رغم الصّيام
.
.
أكتبُ لكِ!!
وضحة غوانمة
29-04-2011, 09:44 PM
لأنّ الليل أصمّ،،
لا يسمعُ نواح القلب..
ولأنّه أعمى
أدفن فيه مواجعي،، ودموعي
هذا الليل لكِ وحدَكِ
أحفره لكِ
وأعجزُ أن أبوحَ بسطرٍ يؤرّقُني
لأنّ في الصّمت حكمة
أُحاولُ أن أتشبّث بها كي أبقى أنا!
وضحة غوانمة
30-04-2011, 08:36 PM
مدخل:
كانت ليلةً ماطرة،
وتخلل المطر ريحٌ خفيفة حملت إلى أنفي الملتصق بالشَّبكِ رائحةَ الطين،
وفتح الطين لقلبي بابا ًلم يُغلق على أشياء لا أقوى على البوح بها،
خزّنتها في الروح ألما فوق ألم..
وفي أول ردهة الذكريات كنتِ أنتِ أوّل وجه رأيت، والأخير
لأنّني رأيتُكِ وحدك..
رائحة الطين، رائحتكِ..
...
"
"
"
وجـاءالـمطر،
وجئتِ أنتِ..
لم يكن في يوم من الأيام السابقة المطر يأتي بك،،،
لم يكن موعدنا سماويا حزينا هكذا..
أم أنه لا بد من الاعتراف الآن،،
بعد كل هذا العمر: أنه لم تكن بيننا من مواعيد!!
لماذا أتت مواعيدك معي بعد فوات العمر؟!
جئتِ،، وكنّا على موعدٍ مع البكاء،
لكنه تغيّب عن قصد، وتسلّق جرحٌ خاصرتي!
وجلست أحدّق فيكِ.. في المجهول،،
في القادم إليّ..
فأنا وحدي التي تنتظر هذا القادم،،
أما أنتِ.. فقد استقلتِ من محطات الانتظار جميعا..
لكنك قبل أن ترحلي.. حجزتِ لي مسبقا: موعدا مع المجهول
أنتظره في كل محطات أيامي القادمة!!
فهل ستكونين بعد اليوم ذلك الوحي النازل من السماء مع المطر؟
أم ستمرّ عليّ سنون من الجدب؛؛
أغدو معها أرضا مواتا، يبابا..
وفيّ شيء من ذلك،،
لكنه الكبرياء يمنعني من المجاهرة؛؛
فأظل أتزين لكِ.. وللمطر !
أغريه بنبتٍ قادم من الزمن البعيد،،
ويمتدّ كل شيء داخلي ويتمدد خلسة،،
وخفية عن عيون الغرباءـ عيون الرقباء!
فتصبح الحقيقة فيها شيء يشبه الذاكرة،
يشبهها ولا يكونها..
لماذا نخجل من أنفسنا، ونختبئ من ذاكرتنا؟؟
ألأننا اعتدنا أن نضع فيها كل القمصان السوداء لأيام حدادنا الطويلة،،
ولا نجد فيها قميصا أبيض واحدا لأيام الفرح!!
ألهذا نحب النبش في دفاتر المواعيد القديمة مع الحزن؟
مخرج
.
.
وبعد،، صامتةٌ أنا كالّليل،، برد القول مثل شتاء بلدتنا.. زمهريرٌ مُرّ،
وأنتِ حلمٌ غادرني يُتما في الكهولة.. ليس يأتي القولُ حينَ يكون عنكِ،، وليسَ يأتي الدّمعُ،،
.
.
خانني كلّ شيء بعدَكِ!
وضحة غوانمة
05-05-2011, 03:56 PM
كان فجرا
جاؤوا مُدَجَّجينَ بحثا عن امرأةٍ في منتصف الثلاثين..
كانت نائمةً من مرض..
وتحلمُ بالفجر!
جاؤوا وكان وداع
وصايا سريعة
ذهول
.
.
.
لا وقت للألم،
لا وقت للدّموع
لا وقت إلّا للصّبر..
وحدَهُ الصّبر ليأتِ
وحدَهُ يمتَدُّ فوقَ الرّوحِ ظلّا
هل سيَأتي؟!
لا وقتَ حتّى للإجابةْ
.
.
وضحة غوانمة
05-05-2011, 03:57 PM
كانَ فجرا في المُخيَّم..
في الزّقاقِ تجمَعوا،
كُنتُ أعلمُ أنّهم يوما سيأتون،،
كنت أعلمُ أنّ المسألةَ مسألةُ وقت..
توقّعتُهُم في كلّ يوم، كلّ ليلة.... إلّا هذه الليلة، هذا الفجر
يبدو أننا نتوقّع الحدث في كلِّ الأوقات
إلّا وقت الحدوث
!
وضحة غوانمة
07-05-2011, 04:19 PM
في المخيّم
كلّ أنفاسِ البلاد،
المخيّم
رئةٌ تتَّسِعُ أن نتنفَّسَ كلُّنا من ذات الألمِ والمعاناة
هواء المخيَّمِ حسرات..
جاء كلّ لاجئٍ في طريق هجرته القسريّةِ بسمائه التي هناك
وعلّقَها على وتدِ الخيمة، ونقَّلَها معه حيثما حلَّ وصار..
سماء المُخيَّمِ هابطةٌ من علٍ، يملؤها أزيزُ "الهليكوبتر"
في المخيّم يُعَلَّبُ البشرُ في الخِيام
ثمَّ تحتَ الصّفيحِ والزِّنك..
ويُضغَطونَ في الطّوابيرِ لزيادةِ المساحةِ للمواليدِ الجديدة
أعدادٌ أخرى ستحمِلُ أسماءَ في "كرت المؤن"
في المخيَّم نزدادُ في كلِّ يومٍ وليدا
وفي كلِّ فجرٍ أسيرا، أو أسيرة
والليلُ يُفَرِّخُ مطاردينَ في جبالِ المخيَّم!
وضحة غوانمة
08-05-2011, 05:30 PM
كانَ الصّمتُ أفضلَ الرّفقةِ هناك،،
وهناك، حين ضاقَ الأفقُ إلّا من خَيال
صار لكلّ زاويةِ معنى، في كلّ زاويةٍ طُقوس،،
والزّوايا اثنتان: عن اليمين وعن الشّمال..
الثالثة للزائرين من الحشراتِ وما شابه...
والرابعة لهم: للباب الذي يوصَدُ كلّ الوقتِ على قلبي،،
ومنهُ تُطِلُّ الوجوهُ القبيحة،، وفيهِ تُسمَعُ دورَةُ المفاتيح..
هناك زارتني العيونُ، والأصواتُ، والأحلامُ وكلُّ شيء!
هناك حفرتُ بأظافري "رزنامة" الشّهر تلو الشّهر
حتّى لا أضيعَ من الوقت، ذلكَ المعطى بكرمٍ بلا ملامح
حيث لا ساعة، وإن كانت العقاربُ وافرةً وسامّة!
لا نعرفُ من الّزمن إلّا ما تُشيرُ إليهِ وجبةُ الصّباح لِنَعلَمَ أنّ ثمّةَ صباحاً
بدأ في عالم الأحياء،،
أمّا الأحياءُ المدفونونَ فيبدأ اليومُ بلا صَباح، ولا ملامح..
هناك،،
كلُّ الأشياء ِ هناكَ بلا ملامح!
حتّى نحنُ نَغيبُ عن ملامحِنا،، فلا نَرانا
وحينَ يَطولُ الغِيابُ،،
وبعدُ... حين نرانا نُنكِرُنا..
كم شاخَ قلبي هناك..
.
.
وضحة غوانمة
12-05-2011, 01:09 PM
وحين حان الوقت كي أخرجَ من هناكَ إلى هناكَ آخر
قالوا لي: هناك أفضل، سترينَ الضوء،
هناك سيكون حولكِ غيركِ والسّكون..
هناكَ تلفاز وزيارات أهل، وساحةٌ ترين فيها الشّمس!
ظلتَ أحلمُ بالسّاحة "كيف هي؟" أتخيّلُها..
في أنحائها رسمت شكلا للحياة.. وامتدّ خيالي واسعا معها..
.
.
حين وصلتُ من هناكَ "القبر"*، إلى هناك "القبر" الآخر ذي السّاحة **
قتلتني الحقيقة،، كان أسوأ ما في الأمر: تلك السّاحة!
ليتني لم أخرج من "هناك"،، قلتُها في نفسي
واختنَقت دمعةٌ على جدار حلقي..
وسقَطَت في جوفي، وسَقَطتُ فيَّ
هناك رغم وجود آخرين،، ظلَلْتُ أصاحِبُني زمنا!
كنتُ أعلمَ النّاسِ بحالي، وكنتُ الأقربَ لها،،
وإن كنتُ التَزَمتُ الصَّمتَ حيالَها كي تجلِدَ ذاتَها على هفواتٍ
تضَخَّمَت في المحنة..
هناك، يبقى البشرُ بشرا
وحدَهُ الليل كان يُلبِسُنا بياض الملائكة، فنحومَ فوقَ أسيجةِ السّاحة
ونخرجُ من صفيحِ الشّبابيك "اعتذاري للشّبابيك" ..
الخَيال يُصعِّبُ علينا الأشياءَ حين تخذلُنا في الواقع.
ــــــــــــــــــــــ
* زنازين التحقيق.
** السّجن.
وضحة غوانمة
14-05-2011, 12:30 PM
هـ
ن
ا
ا
ا
ك
غنّينا معا في العيد،، والعيد هناكَ بطعم الحنظل
أخفينا دموعَنا، اشتِياقَنا الـ يحزُّ في الرّوحِ كَـ نصل،،
وقفنا رغمَ أوجاعِ الفؤادِ في صلابةِ الفرسان، وغَنّينا:
كفكفي الدَّمعَ واهتِفي ... يا ابنةَ المجدِ للأُسودْ
أوشَكَ الليلُ يَختَفي ... وسنا فجرِنا يَعود....
.
.
ونشتاقُ البكاءَ كاشتِياقِنا كلّ شيء،،
فنرَدِّدُ في شجن:
يا ظَلامَ السِّجنِ خَيِّمْ إنَّنا نهوى الظَّلاما
ليسَ بعدَ الليلِ إلّا فجرُ مجدٍ يتسامى...
هناك
ضحِكَت "قاهرة" من أعماقِها المحتَرِقة وأنا أروي لها حِكايةً
عن زيارةٍ لي للملاهي قبل اعتِقالي بأسبوع:
كانت السّاعةُ الحاديةَ عشرةَ ليلا
لم يكُن غيرُنا في المكان، أحببتُ "الدّويخة"
ركبتُها وطلبتُ إلى أخي أن يُديرَها بي يَدَويّاً
ظلتُ ألفُّ إلى أن كدتُ أغيبُ عن وعيي، وضحكتُ كما لَمْ أضحَكْ في حياتي..
قلتُ لِـ قاهرة: كانت المرّةَ الأولى الّتي دختُ فيها وضحكت،،
كانَ مِن عادتي كلَّما "دوَّخَتني" الحياةُ أن أبكي..
.
.
.
قاهرة السّعدي: أسيرة فلسطينية غير محررة، أم لأربعة أطفال،
ومحكومة بالسّجن المؤبّد ثلاث مرّات.
وضحة غوانمة
17-05-2011, 08:32 AM
لا زلتُ أسمعُ تلكَ الأصوات،،
لا زلتُ أبصرُها العيون..
في نهايةِ كلِّ يوم،،
وحين تكتَمِلُ طُقوسُ عدِّنا الأخير، كنتُ أركنُ إلى "برشي" بصمت،،
كانت تلكَ اللحظة هي لحظة اليقظة التي أبدأُ فيها التّحليقَ مبتَعِدةً
عن جدران زنزانتي الملتصقةِ بجِلدي..
في تلكَ اللحظة كانت تُقرَعُ أجراسُ العودةِ في قلبي، فأفرُّ منّي،
من قيدي، من قضبانِ زنزانتي، وبابها الثّقيلِ الموصدِ في موت!
لا أُنكِرُ أنّني أحدَثتُ صّخَبا في أوّلِ مرَّةٍ أبصرتُ فيها نجمةً في السّماء..
ألصقتُ وجهي بقضبان "الشّباك" (اعتِذاري للشبيابيك)
ومن طرفِ غطاءِ الصّفيحِ في مساحةِ
عشرة سنتيمترات مربّعة رُحتُ أحاوِلُ استِعادةَ السّماء ليلا..
ولمَعت في ناظري نجمة، رحتُ أردِّدُ بصوتٍ عالٍ: نجمة، رأيتُ نجمة
نعم، ها هي ...
نَظَرنَ في وُجوم، لم تُحَرِّكْ إحداهُنَّ ساكِنا..
خَجِلت، وانكَمَشتُ في "برشي" مُجدَّدا في صمت..
كيفَ لي أنا القادمةُ من قريب إدراكَ ما عليهِ حال فتياتٍ في عمر الزّهور
جئنَ قبلي بأعوام..
ربَّما أنّهُنَّ نسينَ أنّ في السَّماء نجوما..
هناك.. السّماءُ ليست كالسّماءِ هُنا..
هناك.. الهَواءُ ليسَ كالهَواءِ هنا..
هُناك.. ليسَ كَـ هُنا
ونحنُ هناكْ، لَسنا نحن عندَما "نحنُ هنا"!
البرش: كلمة عبريّة، بديلها العربيّ: فراش السّجين.
إنّما البرش ليس كأيّ فِراش، ولذا أبقيتُ عليها لتحمل دلالاتها كما هي..
وضحة غوانمة
21-05-2011, 05:57 PM
لا زال خيطُها مشدودا بقلبي يَخِزني كلّما حاولتُ الابتِعاد
تتملّكُني رغبةٌ في التّخلّص من وجع الوفاء
الوفاءُ ثقيلٌ حين تخوننا الحياة..
وهي تمارس الخيانة دائما، لكأنّما دمها يخون شريانها!
الوفاء ألمٌ في الروح حين يحمّلُنا فوق طاقةِ الاحتِمال..
الذاكرة الرّديئة تشفعُ لكثير من الخطايا بحق الوفاء،
وذاكرتي تخونني فلا تنسى
وتأبى ممارسة خطيئة النّسيان بحق!
حتّى هناك..
عندما عوديتُ "على ما يوجبُ الحبّ للفتى"
ظلّ الوفاء يتربّصُ بغدر التجاوز.. فصارَ الصّمتُ خطيئتي والفضيلة!
وأكبرتُني حين تركتُهم يجرّحون الرّوحَ ولم أعترِض،
لأنّ الاعتراض تمرّد..
والتّمردُ في زمن المحنة غدر،
والغدر من شيم الذين لا أنتمي لهم!
وضحة غوانمة
28-05-2011, 06:40 PM
أرتّب رذاذَ أفكاري، "أسفّطه" على كتفِ الحُضور
وأنسَحِب
أتركُ المساحة مرتّبَةً في انتظار...
وأنطَلِقُ وراءَ بعضي
هي مُحاوَلَةٌ للخَلاصِ من رزمةِ الأمورِ المعلّقةِ على مشجبِ الاستفهام
تلكَ التي تنتمي لعالمِ المواقف المبهمة
أو التي تحتمل الأخذ على أكثر من محمل
وأخصّ تلكَ التي لا أدري لها تصنيفا: أمدحٌ هي أم قدح!!
والنّساء
النّساء يُتقِنَّ اللعب في المساحة تلك: الهلاميّة
والمواقف التي لا تنتمي إلى لونٍ واضح المعالم..
لذا طالما ابتَعَدتُ عن هذا العالم
لا زلتُ أذكرُ كيف أغضَبتُ "أمّي" حينَما رفضتُ الجلوسَ إلى الجارات،،
ولا يغيبُ عن بالي كيف كانَ أخي الذي يصغرني،
-وكنت أتهيّأُ لبناء أسرة- يُمازحني بـ "خبث": سَتُصبحين من عالم النّساء!
ها أنا أصارعُ ولا أكون،،
لا أقبل جلّهنّ، ولا يقبلنَني
ويُصبِحُ الحدّ الفاصلُ بين الكينونةِ والانتِماء الخطّ الأكثر سخونةً
والأشدّ على اليد التي تبني!
.
.
هناك.. لأوّل مرّة انتّميتُ لعالمِ النّساء بفخر
حيث النّساء أعظمُ مخلوقاتِ الله!
.
.
وضحة غوانمة
03-06-2011, 09:12 PM
تعالي
اربُطي صرّة الرّوحِ للرّحيلِ القادم،،
هي الطّريقُ تنادي في إلحاحْ
تعالي
عانِقيني قبل الوداعِ
وإن كُنتِ وحدكِ في الطّريقِ كتفُكِ إلى كتفي،،
وعينُكِ على وجعي،،
ودموعي عنكِ في خَفاء
وحدَكِ من أملكُ البكاءَ أمامها بلا مواربةٍ أو تبرير
الكذبُ يرحل
لستُ في حاجةٍ لاختِراعِ أسبابٍ وهميّة..
وحدكِ تبصريني بعيني
وأبصرُكِ بـ قلبي
لماذا حين اختَنَقتُ هناكَ بين الجُموعِ وهديرِ الأصواتِ في الذّاكرة
لماذا أتيتِ
دونَ الهاربينَ جميعا أتيتِ
ونمتِ على حِجْرِي
هو الصّمتُ ثالثنا في المكان
هو الدّمعُ زائرُنا دونَ إذن
والبوحُ نصلٌ حزَّ حلقي في سُكونْ!!
يا الله كم كان ذلكَ السّكونُ غريبا عميقا كَـ قعرِ مُحيط!
ولا زلتِ تنامينَ على حِجري،،
فيأتي الصمتُ،،
وتشرقني الدّموعُ بلا استئذان!!
تعالي،،
لا زلتُ خاليةً من الحياةِ إلّا منكِ
فكوني هنا،، واتبَعيني حينَ أغدو هُناك!
.
.
.
وضحة غوانمة
10-06-2011, 12:47 PM
وأحملُ في القلبِ جنازةً لا تتعبُ فيها النّائحات،،
ألا ويحَ قلبي،
ألا ويحَ قلبي،
على ندرةٍ في الصّديقِ أسيرُ
وكلّي صديقٌ لكلِّ الذينَ يسيرونَ جنبي،
ووحدي أسيرُ وما من صديقْ!
وعيني لهم، حينَ تغفو العيونُ،،
ولا نجمةٌ ستُضيءُ لعيني، بعتم الطّريقْ!
ووحدي أسيرُ
ووحدي سأعطي،،
ووحدي سأبكي
ووحدي أعزّي النّواحَ بقلبي
وإنّي انتَظَرتكِ
وحدِي يطيبُ لقلبي انتظارُكِ
وحدي على جسرِ صبرٍ ونارْ!
وحين سَتأتين
كوني كَـما "هم"
لأرجِعَ وحدي،،
بغير انتظار!
.
.
فشكرا
لكلّ خيانةِ روحٍ
أَتَتْ صفَعَتني على وجهِ طهرٍ كروحِ الصِّغَارْ
فأيقَظَت الحلمَ ذاكَ الموشّى
لأجلِهِمُ قَد حَمَيتُ حِماهُ
وفيَّ احتِضارْ
"وَفيتُ، وبعضُ الوفاءِ" انتِحارْ
وضحة غوانمة
13-06-2011, 08:13 PM
حفرت في نفسي أخاديد عميقة
سالت فيها أوديةٌ من مطر الرّوح
وروّت عطش الصحاري التي أبَيْتُ النظر إليها في أرض روحي
تلك التي تجاهلتها،، هناك
دفنتُها تحت أكوام القشّ المتطاير من مواسم الحصاد
في صيف عمري..
أرمي بنفسي فوق كومة ذكريات
لا ينفكّ يُحادثُني ماضيّ
وأنثني لتناول قهوتي
فما أشبه وجهَك بطعم القهوة التي أشتهي كلّ صباح!
وضحة غوانمة
20-06-2011, 09:38 PM
تغيبونَ أنتم
ويبقى وجهُ حزني في الليل البهيم
أسودَ حالكا
ويطولُ الصّمتُ ما بيني وبينه
واجمٌ لسان الخاطر المكسور
شاردٌ ذهنُ الروحِ المبعثرة
وفي الأرضِ متّسعٌ لمزيد ألم
وفي المسافات عثراتٌ مقبلة
وفي الوقتِ انكساراتٌ قادمة،،
والقلبُ مفتَّتٌ/ مشقَّق يُغالب يدَ الأيّامِ القاسية
.
.
كم هو صعبٌ هذا العمى
وكيفَ أستطيعُ مدَّ الحرفِ بالنّورِ
لِـ تُبصرَه العيونُ التي أبكت فؤادي؟!
وكيف يأتي النّورُ والدّواة ألم، والمداد نزف؟!
عنكِ سأحكي
يَطولُ الحديثُ عنكِ
وأنتِ التي أَشعَلْتِني في انطِفاءٍ عندما غابوا جميعا..
ملء روحي وجعٌ لا يحتملُ المَساس،
وملء القلبِ احتِراقٌ على مَهل،،
و.. كُلُّهمُ هنا،، ووحدَكِ غِبتِ
وأنتِ مخزنُ بَوحي حينَما ينغَمِسونَ بِـ "هُمْ"
ويترُكونَ الرّوحَ في صمتِ الموتِ
ولا يَرحَمون...
وحدَكِ تأتين،
آتي بكِ، أستوحِيكِ
لأنّي اختَرتُ أن أبقى وحيدة؛
لأنَّ في اختِزانِ الألمِ في الفقد طُهرٌ لِروحٍ فتَّتتها مواجعُ المواجهة..
ها أنا أنزوي بعيدا في الوقت الذي أنغَمِسُ فيه معكم،،
فلا تنخَدِعوا باقتِرابي
مَقسومةٌ بيني وبيني
فأنا معكم جداً، وأنا أبعد النّاسِ عنّي وعنكم!
هناكَ أختفي في عالمي،
تختنِقُ أحلامُ النّهارِ أمامَ تَجهُّمِ الليل،
فأصحو على وجعي بصمت،
وأغفو من شديد ألم.. لِـ أصحو
كَـ طفلٍ سرقوا دميتهُ الوحيدة
فأحسَّ باليُتمِ يملأُ كيانه!
وضحة غوانمة
25-06-2011, 01:54 PM
كنتُ قد أقسمتُ أنّي
لن أغنّي
زاد حدّ الموتِ في قلبي وها
إنّني أرقصُ من فرط المرارْ
فوق جمر الاحتضارِ
والتمنّي
.
وضحة غوانمة
02-07-2011, 04:10 PM
هذا المساءُ أضأتُ قنديلي الأخير،،
وكانت كلُّ ما قبله
قد انطفأت على دمعي،
وهذا ليليَ الأوّل: أسامرُكِ
وأنتِ نجمتي للصّبح،،
أحَمّلُ ريحَ نافذتي تحايا القلبِ،،
هل وصَلَتْ؟؟
خذيني من يدي للبحرِ
؛
يغسِلُني
وعودي بي إلى البرِّ ؛
أواصِلُ نسجَ أشرعَتي؛
لكي أرحلْ!!
فهل أرحل؟
غدا أرحل
.
وضحة غوانمة
06-07-2011, 09:58 AM
كيفَ أكتبُ عنكَ حينَ تغيبُ وكلُّ الكلامِ حِملٌ لديك؟
يا أنتِ يا قمرَ السّماءِ
وغيمةً بيضاءَ فتّتَها البِعاد
تتأنّقينَ على محيّا خاطِري
وتُنافسينَ بياضَ قلبي في هواكِ
وأنتِ أنتِ بياضُ قلبي في سوادِ الفقدِ،
والفقدُ سوِادْ
هل سوف أستمعُ البلابلَ في مسائي؟
هل على أعتابِ قلبي سوفَ أبكي في الفراغِ؟
هل الفراغُ سوى بياضِي في السطورِ،
وأنتِ سطريَ والمِدادْ
قلبي يحوكُكِ للشِّتاء،،
وأنتِ وحدَكِ دفءُ روحي،،
تنزِلُ الأمطارُ في شقّي،
وشقّي قد تطاولَ في البِعادْ
وإليكِ ألجأُ حينَما ألمي تمادى،،
فاضَ منّي الصبرُ..
عضّ دمي السهادْ
وتعبتُ ألجأُ في السّكوتِ إليكِ أنتِ
وأنتِ ما اشتاقَت إليَّ الرّوحُ منكِ
وأنتِ سكّينٌ بجوفي، لا أبوحُ بهِ
وأنتِ قنديلي ومن روحي الفتيلُ
أنا القَتيلُ بالانتِظار
احتَلَّني الصمتٌ الرّهيبُ
ونارُ أحلامي رماد!
.
.
.
وضحة غوانمة
08-07-2011, 03:30 PM
ليس في جعبتي للقول شيء،،
ليس إلّا هدأةٌ بعد انتهاء العاصفة،،
وأسألُني: لماذا كلّ هذا البرد في جوفي؟
لماذا تأكل الأشياء من صمتي؟
وماذا تحملُ الأيامُ بعدَ الـ بـَعدِ يا خوفي؟
أحقّا هكذا خوفي
مزاولةُ انتظارٍ بعد ساعات الوجومِ والانتظار؟
وبعدُ وحين أنفِّضُ الأفكارَ عن ثوبي
أعودُ أواصلُ الأفكارَ
والتفتيشَ والتنقيبَ والترتيبَ
أبني في دمي ألفَ انتظارٍ في انتظار؟!!
ويطولُ هذا الإنتظار
وأنا هنا مثلُ اليتيمِ توسّلٌ في راحتيهِ
وعينُهُ فيها انكسار،،
والدمعُ لا يُشفي القلوبَ
إذا القلوبُ بها احتضار
!
وضحة غوانمة
16-07-2011, 12:21 AM
بعض الأشياء يحسن عنها السكوت،،
عندما نحرّك الماء الراكد فينا تتحرّك معه الكثير من الرواسب التي ينبغي ألا تثور،،
بعض التجمّعات من الأفضل إيجاد تصريفٍ لها خارج البوح،،
أو ردمها لتجفّ مع السّنين،،
إنّما لا يجدر بالعاقل إثارة الكامن، طالما هو كامنٌ لا تحرّكه حركة الكون من حوله،،
بعض القرارات تحتاج منّا ضعفا أكثر لنتمكّن منها،،
ليس كل قرار تقف وراءه قوّة!!
وضحة غوانمة
25-07-2011, 05:44 PM
تعرفين
و الوقت يأخذُنا بعيدا
ثمّ يلقينا بألفٍ من هموم العيشِ في مللٍ
على الشطآنِ رملاً يحتضِرْ!
ولقد فعل،
وعلى العيونِ تَلَت سحاباتُ الدّخانِ جنونَها
وانداحَ في روحي شَرَرْ
قد مرّ وقتٌ كنتِ أنتِ بالانتِظارِ،
أنا وقفتُ وأنتظرُ..
خَلَت المحطّةُ
لم يعُد إلّا يدايَ
وجيبُ معطفيَ الوحيدْ
والبردُ أوّلُ قادمٍ نحوي هنا،
والبردُ أوّل نازلٍ في حدِّ صمتي،
ثمّ أتبعَهُ الجوى تترى، وصار البردُ ألسنةَ الدُّنى
والقلبُ يقطرُ منفَطِرْ!
وأنا أحدّقُ فيكِ
وامتلأتُ بكِ،
والصمتُ أقوى من لساني
هل عرفتِ السرّ يا بنت البحار؟!
عميقةٌ في الأرضِ أنتِ
ولا مكانَ لمثلكِ في قَفرِ هذا العمرِ ينطفئ الأمانُ
و لا قَمرْ
.
وضحة غوانمة
04-08-2011, 09:55 PM
مِنْ زَمااانْ
وَأنَا أُخَبِّئُ كُلَّ يومٍ نَجمَةً
مِن قَبلِ أن يأتِي ويَسرِقَها الظَّلامُ فَلا تَبانْ
يوماً،، وكنتُ أشْعَلتُ النُّجومَ لِمَولِدي
وتَلوتُ كُلَّ الأُمنِياتْ
وصّدى تَراتيلِ المّساء
،
،
حينَ اقتَرَبتُ لِأُطفِئَ النّجماتْ
في الحالِ فاجَأني الظَّلامْ
فَقُلتُ: أٌطفِئُ أُمنِياتِي
ولْتَعِشْ كُلُّ النُّجومِ بِحِضنِ قَلبي في أَمانْ!
وَحِجارَتي..
رُصِفَتْ بِقاعِ البئرِ كيمَا تَشرَبَ الغِربانْ
مِن غُربَةِ الرُّوحِ الّتي أُلْقِمْتُها
طِفلاً يَنوحُ لِشِدَّةِ الحِرمانْ
فَلَكمْ أَتُوقُ إلى الغِناءْ
شَبَّاكُ عُمرِي قَدْ أَطَلَّ عَلى سَرابْ
وتَعَرْبَشَتْ جُدرانَ قلبي (الباردة)
"عُلِّيقَةٌ" أشواكُها مُرَّةْ
وَجَميعُ أَعمِدَتي دُخانْ!!
وضحة غوانمة
11-08-2011, 11:06 AM
إنّي وقلبكِ سوف نشعلُ شمعةً للصبرِ في ليل الفراق
قولي لقلبكِ أن يرحِّبَ بالمَرارِ وطول حمّى الانتظار
واستجمعي كلّ البراكينِ القديمةِ في بوادي عمرِنا حتّى تثور
واستوقفي سيرَ الدهور
وأوقِفي هذا الرحيل
(لغة الوداع فصيحةٌ)
لغة الوداعِ ووحدَها وصلَت بأعلى صوتِها
وتسمّرَت فوق الرؤوسِ وأعلَنَت عن بوحِها
(لغة الوداعِ فصيحةٌ)
وجميعُ ما أبقَت لنا الأيامُ أشتات الكلامِ
ولحن قولٍ لا يُبين
استَجمِعيني وانثري فوقي اصطباركِ كي أعيش
استجمِعيني واربُطيني بالحياةِ
وأوقِفي فيَّ اشتهاءَ الموتِ من قبل المماتِ
بفورةِ الأحزانِ حينَ وقفتُ أرثيني على بعضِ الطلولِ
وكلّ توقي للرّحيل
الشّمسُ تُحرِقُنا جميعاً في الهجير،،
والليل أبردُ من فراق!
وهواجسٌ ملءُ الأرق..
وسواد هذا الليلِ يكشِفُنا
ويكتمُ سرّهُ الأزليّ في صمتٍ يَطول
قَد كانَ ليلُ الحزنِ بابا
كانَ نابُ البُعدِ ينهَشُ مثلَ أنيابِ الذئابِ
تناوشتني..
قطَّعَت منّي نِياطَ الروحِ
والقلبُ قتيل.
_____________
ما بين قوسين مُقتَبَس.
وضحة غوانمة
15-08-2011, 11:20 PM
ها قَد افَقتُ عليَّ بعد سنين
من عُمقِ حرماني ولوعات الفؤادْ
قد عدتُ،
سوفَ أبدّلُ الظلماتِ
أجتازُ المسافات التي خلّفتُها حين الرقادْ
وأجرُّ أجنحتي الكسيرة،
أين الجبيرة؟
يأتي الحصادُ مباغتاً
وأنا ألملمُ معولي،
جادت ليَ الأيامُ من عصيانها
ألف انطِفاءٍ
ألف بلوى في اتّقادْ
وأنا أحاول كلّ هذا العمرِ
إشعالَ الرّماد!!
وضحة غوانمة
26-08-2011, 12:33 AM
الصّخور حين تسقط من أعلى الجبل،
لا تتزيّن
!!!
(هذيان)
..........
وجِئتُكَ رغمَ أسْفاَري
ورغم عُكوفِيَ الدَّائِمْ
على صَمتِي .. عَلى لَيلِي
وَرغمَ خُفُوتِ نَجمَاتِي!!
بِرغمِ الخَوفِ فِي قَلبي
وَكُثرِ وَساوِسِي فِي الليلِ
وَالهَذيانِ فِي الأحلامِ
كُثرَ تَقلّبِ الأشياءِ وَالأحوالِ فِي نَفسِي!
...
رَميتُ إليكَ أشْرِعَتي الّتِي بَلِيَتْ مِنَ التِّرحَالْ
جَلَستُ أُخِيْطُ أيَامِي التِي كَثُرَتْ بِها المُزَقُ!!
...
أيَا قَلبِي..
طَريقُ قَوافِلِ الأحزَانِ
كَمْ صَادَفْتَ مِنْ أمَلٍ
تَجَذّلَ ثُمَّ يَخْتَنِقُ
وَجِئتُكَ رغمَ أسْفَارِي
حَنيني كانَ يَسبِقُني
وَخطوِي ليسَ يَنْطَلِقُ
جَلَسْتُ إليكَ فِي صَمتٍ
وَصِرتُ أُراقِبُ الأزمَانَ فِي عَينيكَ تَنْسَكِبُ
ومِنْ عَينيكَ تَنْبَثِقُ!!
جَلَستُ إليكَ في صَمْتٍ
أُعيدُ تَهَجُّؤَ الكلِمَاتِ في شَفَتِي
أحَاولُ ..
ثُمَّ أَكبُو..
ثُمَّ أَخْتَنِقُ
وما أدري
سوى أنّ الليالي طيفُ مرتحلٍ
ويأتي الفجرُ بعد الليلِ يأتلقُ
وداعاً أيّها القلقُ
وضحة غوانمة
07-09-2011, 12:56 PM
وها أنا أتَشَظّى وأَجْبُرُني،،
وأحتَرِقُ، وأُجَمِّلُني،
وأعلو فوقَ جِراحي على مئذَنةْ!
وحينَ تَعَب
أستَلقي على كومِ أحزانٍ رطيبة،،
لمْ تَزَل في القلبِ غَضَّةْ..
أغوصُ فيها حتّى النّومِ صمتاً يجرَحُ الأوتارْ!!
وعلى أعوادِ قلبي يَنبُتُ دمعٌ، أراهُ بريقَ أملْ!
وأطفئُ شمعتي بِيَدي لأَنامَ ملءَ الضَّياعْ..
وأصحو ملءَ الجفنِ مَسير..
وملءَ الخَطوِ انتِظار!
.
.
فإمّا ستأتي،
وإمّا سأرحل،،
.
.
وإمّا فَـ عَيْشِي على قيدِ موت!!
وضحة غوانمة
09-09-2011, 11:14 PM
أنتَ لستَ ابن ذّريحْ
لستُ ليلى العامريّة
صورةٌ للأشقياء...
عادةُ الحُبِّ افتِراقٌ في المسَاء!
نحن وَحّدَنا البكاء..
وغَدَونا غيمةً مُثقَلَةً
تُغرِقُ الأرضَ دُموعا
كلّما جاء الشّتاء!!
وضحة غوانمة
09-09-2011, 11:26 PM
وراحلةٌ أنا عنّي
.
.
خذي مني.. جموع الذكريات إليكِ
جفَّت كلُّ أقلامي..
فماذا قد يقولُ السطرُ ؛؛
أنّاتُ البياضِ بهِ حَكَت دهرا تُعاتبني؟!
وراحلةٌ أنا عنّي
خذي بعضَ الجراح لُصوقُها بالرّوحِ أتعبني
خذي سُقيا السطور تئنّ من عطشٍ..
ومن وجلٍ..
ومن وَهَنِ
وراحلةٌ أنا عنّي
وهذا بعض أوردتي
يسيل النزفُ..
يرسمُ حلمِيَ الغافي
يبوح بكلّ ما أسررتُ
عن ليلٍ يطاردني !!
.
وضحة غوانمة
23-09-2011, 01:02 PM
خذيني أمّي إذا عدت يومًا
وشاحًا لهدبك
وغطّي عظامي بعشبٍ
تعمّد من طهر كعبك
وشدّي وثاقي ..
بخصلة شعر ..
بخيطٍ يلوّح في ذيل ثوبك ..
ضعيني أمّي، إذا ما رجعت
وقودًا بتنور نارك ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك *
(محمود درويش)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
خذلني بعدك كلّ الصّحب، وأدارت ليَ الحياةُ ظهرها..
أتذكرينَ أنّها يوماً أعطتني وجها غير وجهكِ؟!
ولم تعرفي أنّي كنت هناك أمارس طقسَ الحبّ وحدي في جَلَد،
وألصَقتُ وجهكِ على كلّ أشيائي، وعلى جداري الميّت كتبتُ
بالحبر السرّيّ واللغة الصامتة ألف اعترافٍ بكلّ ما أنكَرتُهُ زمنا!
وكنتِ معي، أتيتِ من الجدارِ الخلفيّ، وتسرَّبتِ مع هواء كانون البارد،
وأعطيتِني معطفا لكلّ الشتاء القادم من رحمِ السّماء!
لا يعرفونكِ ولا يعرفونني.. وحدنا كنّا في الجبال المحيطة نلتقطُ ما
أسقطتهُ الأشجار من فرح، وشهِدَت على نبضنا المتوحّد "دلوب"
الزّعتر والميرميّة، وأشواك السوّيد.. وعنّابةٌ في بطن الوادي المحاذي
لجبل الصّبر المُطلِّ على قلبينا.
لستُ أنسى صباحاتك وعطاياكِ..
السّماء تمطر، جاء عطركِ يا سيّدةً منحَت قلبها للنّجوم،،
سأخرجُ لاستقبالكِ
وحدكِ تنزلين من السّماء مع المطر،
ووحده المطر يرويني بكِ!
(اليوم.. أوّل المطر في شتائي المنتظر )
وضحة غوانمة
12-10-2011, 09:32 AM
أزيّن قلبي
أعلّق فوق جدارِي ابتسامة
أرتّب روحي،
أضفّر من شعرها ما تناثر في الوجدِ والشوقِ
أمسحُ عن رفّ عمري غبار بعادِ
ولوعةَ شوقٍ
وحسرةَ جرحٍ، وطوق ندامة
أعلّق فوق جدارِي ابتسامة
ألملمُ شعثي،
أهاتفُ كلّ النجومِ لتحضرَ
أكتب للشمسِ أن: لا تغيبي
فإنّي أهيّئني لابتسامة
ستأتونَ
هذي ستائرُ خوفي
سأرفعها عن جبين النوافذ
هذا رسائلُكُم في الغيابِ
أخبّئها في خزائنِ ذكرى
ستأتونَ أنتم
وتوقظُ فرحا تشرَّدَ عمرًا
دموعُ تلاقٍ، علتها ابتسامة
هلمّوا لبيتي،
هلمّوا لقلبي
هلمّوا لروحي فمنها خرجتم،
وعنها حُجِزتُم وراء الغيابِ
هلمّوا فما نحنُ إن لم تعودوا
سوى أرض بور تشقّق جدبا
وأفق سماءٍ تعرّى من الغيث
أنتم له نبضُه والغمامة!
وضحة غوانمة
01-11-2011, 08:45 AM
أريد أن أبكي
فامنَحيني بعض الدموعِ لحين ميسرة
امنحيني بعض حرفٍ غابَ عنّي، عندما اشتدّ الغياب
لستُ أُخفيكِ بأنّي قد رجعتُ لخيمتي مكسورةَ القلم،،
أُخفي وجهي عن عين الشمس كي لا تفضحَ ملامحَ أحزاني الكثيرة،
في الآونة الأخيرة لم أعد أحلم
لم أعد أرى وجه جدّي في السّماء
ولم أغنِّ للمطر
مرّ وقتٌ لم أغنِّ للمطر
مُقفرٌ رأسي من القمحِ، ولم تأتِ الحمائم
مجدبٌ هذا الشّتاء
.
.
وبحلقي
دمعةٌ تأبى الظّهور
.
.
قولي لتشرينَ الحزينَ بأنّني أشتاقُ أن أبتلّ فقد تيبّستُ من الجفاف
قولي للحمائمِ أن تصطبرَ عليّ، لعلّ الغناءَ يُعيد الماء لجدولنا المهجور..
قولي لروحكِ إنّني برغم ضياع حكايات المساء سأبتسم،
لأنّي وعدتك بأني سأفعل..
فابتسمي
وابتهلي لينزل المطر
وضحة غوانمة
04-11-2011, 09:13 PM
سأقتَلِعُني من عين النّهار
وسألقي بي لذئابِ الوقتِ في برد الفراق
.
.
السّحابةُ تلك أمّي
تبكي عليّ شهور الصقيعِ بلا توقّف
وتعِدُني بربيعٍ يذهبُ بين رَحِيلَيْن
بكفّينِ مرتجفتين
وبقلبٍ وجِل
وبخطى غير ثابتة
سأزور كهفَ الساحر العجوز
أتسوّل حفنةً من رقاد
وأملأ جيوبي بحبيبات أمل
علّ الوجعَ الدّفينَ في جوفي يصمِت عن أنينٍ يشبه الحرمان
وحرمانٍ يشبه اليتم
.
.
سأحفر في قلبي جدولًا لجفاف هذا اليوم
ما أصعبَ الترقيمَ في صفحةٍ لا تعترِفُ سوى بالنّقاطِ في بدايات السّطور!
وضحة غوانمة
11-08-2013, 08:21 PM
"
"
أأرّخ اليوم لعامٍ جديد
للحزن المدفونِ في قبر روحي
للسعة الألمِ التي تُبقيني ساهرةً بلا نجوم، بلا مناجاة، بلا شيء سوى الشرود
للمرِّ الذي صبّني في كؤوس الغربةِ كي أذوق انتفاضَ الحياة
لا شيءَ يبقى بُعيدَ التجرّد من كل شيء: الحبّ، والأهل، والبيت، والدفء..
لا شيء يبقى بُعيد انعزالٍ عن الخلق، والليلِ، والأغنية
سوى رؤيةٌ سوف تحيا بروحي كحبّة قمحٍ على تلّةٍ مقفرة
وحلمٍ بأن ينبت الزّرعُ عمّا قريب
وتغدو التلال ربيعا بهيّا، وتغدو الحياة هديلا جميلا، وتغريد طيرٍ أتى من بعيد!
'
'
وضحة غوانمة
11-08-2013, 08:31 PM
"
" "
"
للساهرين على تلال قلبي كَـ ليلة صيف
للساكنين الجفن دمعا: على موعدٍ كان ثمّ انتهى
وطول انتظارٍ،، ولم يأتِ بعد اللقاء
وغيبة روحٍ برغم الحضور
:
ما زلتُ على قيد الحـ/ ياة
لا شمس لي، لا ظلّ لي
لا الشارع هذا أعرفه، ولا أولئك في ذاك الرصيف أهلي
لا ذي بلدتي، ولا هذا طريقي
ليس لي حتّى "هو"
ليس لي إلا أنا
وجناح حلم
'
'
وضحة غوانمة
11-08-2013, 09:37 PM
ودائما يُفضي الصمتُ إليكَ كما تفضي القهوة إلى البحر!
ألتقي بك على رصيفٍ موغلٍ في الغربة، فتنفرجُ في جدار روحي دفّتا نافذةٍ منسيّة
فأستيقظُ بكَ على بوحٍ أعتنيتُ دوما ألا أكتبه على ورق،
دعني اليوم أبثّه للوحة مفاتيحي علّ أصابعي تتوقّف
عن نقر الفراغ في انتظار المعجزة!
تلك المعجزة التي لا أعرف ملامحها، برغم ذلك قضيت سنين عمري انتظارا لها،
برغم الوقت المملوء بكل أنواع الواجبات واللاواجبات وبرغم ألوان الصمت
ودرجات الجرح وأنواع الملح في حلقي،
من دمعةٍ مشنوقة ومن كلماتٍ مشبوحةٍ عمرا..
برغم كل هذا الاكتظاظ في عمري وجدتُ دوما وقتا لأنتظر!
قد يكون في الحَكايا بعض عزاء للغربة التي تتمدّد في روحي فتأكل مساحاتي
وتتركني على حافة الحنين بشبه جنون.
قد يكون للبحر عذر الجفاء، أنا التي حين أغضب من مدينتي أخاصم البحر،
وأشيح بوجههي عنه، وأعرف أنه رغم ازدحام شواطئه بآلاف الوجوه،
إلّا أنه يعرف وجهي حاضرا وغائبا، ويعرف صمت عتابي،
ولذا فقد تجاهلني في أيامي الأخيرة عن قصد،
وكان غياب البحر الحاضر مؤلما كفقد حبيب!
دعني أرمّم نفسي على ضوء بوح، ليت الحروف تقوى على حمل رسائلي،
سأجتهدُ ما استطعت إلى ذلك سبيلا، تماما كما أفعل في الحياة والحب،
تماما كما أفعل في الصبر،
ووحده الانتظار يستطيع أن يأخذ مني أكثر،
وحده يتفوّق على استطاعتي فأستطيعه فوق جديلة عمري القصيرة!
وضحة غوانمة
11-08-2013, 10:23 PM
سأبدأ من حيثُ انتهيت، لأنّ للنهايات وقع المطر فوق سقفِ فقير،
للنهايات تنهيدةُ ما بعد البكاءِ، ورعشةُ ما بعد الصحو من خدر الجراحة،
وللنهاياتِ لونٌ ليس في قوس قزح،
لونٌ لا تعرفه إلا ريشة فنّانٍ وقفت صامتةً إجلالا للحظةٍ تخلّدَت بصمت!
ها هي الأشياء تغيب من حولي كزوارق غرقى في قاع محيطٍ لا أبحث عن منقذ لها،
لا شيء يغري بالحياة، لا شيء يستحقّ أن أصحو له في الصباح الباكر لأنسجَ له دقائقي،
لا شيء يستحقّ أن أحافظ على بطاريّة هاتفي مملوءة لأملأ به بعض صمت نهاري،
كلّ الأشياء راحلة بلا عودة، وهذه المرة بلا عودة للأبد، ولأوّل مرة دون بكاء!
هو الوداع المرجوّ منذ زمن، هو الحلقة الأخيرة في مسلسل الحكايات
المغلّفة بورقِ السلوفان الملوّن الملفت،
الحكايات التي تشتعل فجأةً بقدر، وتنطفئ بترتيب..
ها قد غابت زوارق كثيرة ولم تترك في وجه البحر فراغ الفقد،
هناك أشياء أجمل ما فيها أن نفقدها!
وعقارب الوقت تتكفّل بالباقي، بعضٌ من السمّ لا يميت!
وضحة غوانمة
13-08-2013, 12:26 AM
ليس أني قد تحطمتُ على جانبٍ من صخور التوغّلِ في الغدر أني انتهيت،،
ليس أنّي فقدت آخر خيطٍ يربطني بالثقة بالبشر أنّي لم أعُد أحيا،،
ليس أنّي أُنَقّل خطوتي كالصغيرِ على حافّة حذرٍ وترقّب كبوةٍ أن عزيمتي شلّت!
لا تفرح بموت الأشياء الأكثر جمالا في روحي،
كانت زينةً لا ضرورة لها في زمن الأنياب..
وكان عزائي أنّي أخيرا رأيتني "ببساطة" هكذا بلا ظلال ولا ألوان ولا تكلّف
رأيتني على وقعِ الحقيقة والتجرّد، دون قطع الأثاث الداخليّ
التي لا تزيد الروح إلا ازدحاما لا حاجة له..
كثيرةٌ هي الأشياء التي لا حاجة لها،
مرهقٌ فقط هو احتياجي لشيء واحد!
شيء لم أعد أبحث عنه،
.
.
لم أعد أبحث عن أي شيء
أنا فقط أبحث عن طريق لخطوتي القادمة،
فأيّ طريقٍ ستُفتَحُ لي؟
وضحة غوانمة
17-08-2013, 06:40 PM
لا غرابة أنّي أصبحتُ طبيعيّةً أكثر،
سبحان الذي أخرج كل تلك الأشياء منّي، وأخرجني منها إليّ
ها أنا أتنفس بشكل طبيعيّ..
لا شيء يأخذ منّي شهقة استغراب،
لا شيء يدهشني،
لا شيء يحملني على كفّ الفرح،
لا شيء يملكني انبهارا!
لا جرس الهاتف يحرّكني
ولا طرقات على جدار القلب من شيء
ها قد أفرغتُ ردهة روحي من الأثاث المكدّس عمرا بلا استعمال،،
لا حاجة لكل هذا الترف،
لا حاجة لكل هذه الديكورات اللافتة..
أنا الآن أجمل بلا أيّة إضافات،
بلا أيّ شيء سواي
أنا الآن أجمل،
لأنّي أنا "ببساطة"
!
وضحة غوانمة
20-08-2013, 08:58 PM
::
سأغمض عيني عنّي، أنا التي أحاصرني بالرقابة وأشهر في وجه حرفي كاتم صوت،
وأتظاهر بأنّ الصمت أبلغ! وبأنّ الحرف أضعف من أن يحمل المعنى الكبير ...
أنا التي بلغت هذا العمر ولم أكتب بعد قصّةً كاملة، ولم أكمل لوحةً واحدة،
ولم أتمّ تفنيد العِبَر في يومِ ميلادي في أيٍّ من الأعوام؛ لأبدأ من جديد بلا تجارب مكررة،
ولا أخطاء منسوخة طبق الأصل عن تلك التي مرّت في عامٍ سابق.
هذه هي أنا، مستقلةٌ بكامل أطرافي: حكومةٌ مستبدّة ومعارضةٌ منقسمةٌ على نفسها
لا تخلو من عناصر مدسوسة وأطراف خارجيّة!
صوتٌ يريد أن يرتفع فوق كل رقيب، ورقابةٌ تشنق الكلمات تحت مقصلة الخوف.
ولذا أكتب في كل مرة تجتاحني فيها رغبة صوتي العارمة قطعةً من لوحة،
واعدةً نفسي أني سأكمل في المرة القادمة بقية الأجزاء، لكني أخلف وعدي معي،
هكذا تبدو حكايتي مع الكلمات، قطعا كقطع "البازل" منثورةً بغير ترتيب ولا تشابك،
كي أستطيع أن أبوح في كل مرة بشيء دون أن أبوح بكل شيء!!
ها إنني أكتبني، مبعثرةً مجزّأةً تحت سوط الرقابة، رقابتي..
وحدي من أملك خارطة الأجزاء، وحدي من أعرف تفاصيل اللوحة،
وبقرار مني لا أجمعها ولا أضمّ أجزاءها لتكتمل!
فمتى أعفو عنّي فأسمح لي بقول ما أريد؟
أو إن ضننتُ عليّ بعفوٍ فلماذا لا أملك ما يكفي من الشجاعةِ
لأتمرّد على رقابتي فأصرخ بأعلى صوتي وأعلن ما أريد؟!
سأصارحني بأمر، لقد أخطأت حين أعلنت اسمي الصريح،
فقط حينما كنت مختبئة تحت اسم مستعار كنت أقول ما أريد دون أن أحذف أو أعدّل.
مرحى لكل الأسماء المستعارة في الوطن العربي،
مرحى للمنفى الذي يتباهى بتحريرنا من عقدة الصمت البليغ!
'
'
'
وضحة غوانمة
22-08-2013, 11:35 PM
::
مرّت تسع سنواتٍ على لقائنا الأخير
لم يكن الوداع مخططا له، لم نقرّر الرحيل عن المكان الذي جمعنا
كان كلّ شيءٍ يسير بقدرٍ بعيدا عن إرادتنا وتخطيطنا،
هم الرجال من يخططون ويقررون، ونحن النساء "الطيّبات" نحتكم فقط
وبصمت المغلوب على أمره، وبسذاجة الأطفال الذين لا يدركون ما وراء الأشياء.
كلاهما قرر الرحيل، ذاك الذي كان يسكن بيتها وقلبها قبل أن تنكشف سوءة
مروءته ليقرر التخلّي عنها،، وذاك الذي غاب قسرا عن بيتي ليعود بعد سنوات
غريبا مجرّدا من كل الطقوس التي زيّنت قلبينا يوما..
لأقضي السنوات الثماني التالية أبحث عنها عبثا!
ولأقرر بعدها أن لا حاجة للبحث عن جثث ميتة، فَعُدت غريبةً كما كُنت،
وعادت هي إلى حيث كانت، بحقيبةٍ فارغةٍ من الذكريات وقلبٍ موصدٍ،
وروحٍ تعطي للحياة ظهرها.
تسع سنواتٍ فصلتنا قبل أن تجمعنا مدينةٌ غريبة،
في المدن الغريبة يُفقِدُنا الحنين نكهة اللقاء، فاللقاء على الرصيف الذي
لا يعرف خطوتك ليس لقاءً، الملتقى إن لم يكن على أرض وطنٍ فهو غربةٌ جديدة!
لم تكن كافيةً تلك الساعة التي قضيناها في حديثٍ مُختزَل، كما لو كان محادثةً
على عجل في نافذةٍ إلكترونية،، التفتنا حولنا خوفا واستهجانا أكثر مما
حدّقنا في ملامحنا. اقتَرَحَت أن نأخذ صورة،
هفت نفسي للفكرة، الصورة ستعطيني وقتا لتأمّلها.
حين نغيب عن شخوص نحبهم طويلا فإنّ لحظات اللقاء الأول تكون أشبه بالخَدَر،
للبعد طقوسه في شدّ أوتار القلوب وإيلامها، وللقاء الأوّل بعده اضطراب ما بعد الشدّ،
وأزمة التصديق!
قالت: غادري الآن، قلت بأنّي مشتاقة لها وإنّي أحتاج أن أقضي معها وقتا أطول،
قالت: لا أحبّ أن ألتقي شخصا أحبّه في بلدٍ أكرهه، اذهبي الآن، سنلتقي في بلدٍ آخر!
كأنّ برق كانون التمع كلّه فجأة في ذهني، نزلت كلماتها على روحي كقـَـدَر
فاستسلمتُ تماما للفكرة الوعد، ولم أناقِش.
وقفت، نفضت عباءتي مما علق بها من غبار الرصيف، وأغلقت عيني على
وجهها الوضاء كشمعة أحب تأمّلها وهي تضيء.. عانقتها
- نلتقي في البلد الآخر...
قلتها ومشيت في طريقي وأنا أفكر في
كلماتها: "لا أحبّ أن ألتقي شخصا أحبّه في بلدٍ أكرهُه"!
أنا التي التقيت في البد الذي أحبّه أكثر الشخوص الذين كرهتهم،
حتّى ضاقت عليّ الأرضُ بما رحُبَت، فأطلقت لأشرعتي العنان
أبحثُ عن وطنٍ لروحي في بلدانَ لا تحبّني!
::
وضحة غوانمة
25-08-2013, 12:03 AM
::
صامتةٌ كالليل،،
قلبٌ مشرعٌ للريح، والألم يصفعُ بلا رحمة
الوحدة رداء الأيام، والفراغ مساحة للخوف!
الفقد مفزعٌ كالفقد تماما!
::
وضحة غوانمة
01-09-2013, 12:25 AM
::
ألقَت عليَّ سؤالها باستفزاز الواثق: هل فيما تقومين به ما يستحق هذه التضحية؟
وثقبت نظرتها صفحة الأفق، نظرتها التي تحاشيتها وأنا أقول بحدّة المكابر:
هي وجهات نظر، كلنا يرى الأمور من زاويته.
هي لا تعلم أنّي قننتُ التواصل معها للسنوات السبع الماضية بسبب هذه الكلمات
الموغلةِ في القدم، سبع سنواتٍ تلت وهي تتّشح ثوب وجل!
ربّما لأني أنا ذاتي وبعدما دفعت ثمنا باهظا أدركت أن الأمر لم يكن يستحق أبدا!
أنا التي دافعت عن الأمر بمنطقٍ مثاليّ، وأحكمت كل الثغرات بكل براعة، ثمّ في
السنوات التالية وبعدما أدركت حقيقة ما يجري، بعدما تعرّت كل الأمور من زينتها،
وبعدما دفعت الضريبة مضاعفةً عمدتُ إلى ثوب المثاليّة فمزّقته إربا،
أنا التي غصت في الأمر حتى شحمة أذني، خرجت منه إلى أقصى نقطة في النأي كيما
أُزيحَ عنّي ما التصق بي من ذكراه. نعم ما التصق بي من ذكراه، أمّا ضريبته
فستبقى تلاحقني للعمر الباقي طال أم قَصُر.
فيما بعد عندما فتّشت طرقات روحي عما علق بها من تلك السنوات، وجدت أنّي
مزدحمة جدا بالكثير منها،، شيء ما من تلك الحقبة غاص في أعماق روحي ولم يخرج،
بل تحلّل في قاعي وصار جزءا من تركيبتي، ما يؤلمني أنّه كان حادا جارحا
فظلّ كلما تحرّكت كوامني يمعن في تقطيعي ويهيّج كل داخلي بصرخة تمرّدٍ مكتومة!
الروح حين تتوجّع تخرج أنّاتها على شكل مواقف، ...
الألمُ يعطينا ملامح جديدة، يُلبسُنا من الصفات حللا لم نعرفها من قبل،
ويغيّر الأمور في نظرنا بطريقة عجيبة. الألمُ ساحر، يستطيع أن ينقلنا من
النقيض إلى النقيض، يختصر مسافات الجدل والمنطق والمثالية البيضاء!
::
وضحة غوانمة
12-09-2013, 12:29 AM
::
أشعر أني لا أقف على أرض، معلّقة هكذا في لا مكان،
لا أرض تحتي ولا أفق أمامي، ولا شيء إطلاقا أرتكز عليه!
سأحكي ما كان من يومي؛ فإني قد أموت بلا حكاية
خرجت أعرف وجهتي، ركبت الحافلة، كنت دوما أصوب نظري تجاه البحر
الممتد على طول الطريق يميني، اليوم كنت ألوي رأسي شمالا، كأني في خصام
مع البحر. كنت أقرأ لافتات المحال التجارية والكافيهات كأني أراها لأول مرة
بدت لي كأنّها غريبة، حتى وجوه الناس التي قابلتها وأنا أسير بعدما نزلت من
الحافلة كانت كلها غريبة.
لا شيء يشبهني.. كنت أشتري ما أردت هكذا دون ابتسامة، دون فسحة من
حديث،، لا شيء مني كان معي.. غبت كلي عني وبدت الشوارع غير آبهة بغيابي،
لأول مرة أرى المدينة بهذا الوجه المتجهم، المدينة التي كانت مدينة الأحلام عندي،
صارت اليوم مدينتي السجن.
ركبت سيارة في طريق العودة، كأنّ الأمر لا يخصني، أنا التي نزلت لأشتري
حقيبة تحمل أشيائي للسفر، ركبت السيارة وأطلقت نظري في واجهات المحلات
من جديد، كانت نظراتي تمر على الأشياء بلا مبالاة، ولا رغبة في تعرّف الأمكنة
كما كنت قبل وقت من الآن.
بدت الطريق طويلة، زادها الازدحام طولا، كنت أهدهد نفسي أني سأصل إلى
البيت ولا شأن لي بعدها بالطريق وما في الطريق ومن فيها،،
في لحظة كأني بدأت أحس، فأشفقت على السائق الذي سيعود هذه الطريق من جديد،
لا أدري لماذا بدت الطريق لي خانقة ثقيلة، ولماذا أردت فقط أن أنتهي منها وأعود
إلى البيت، مع أن البيت يحمل لي كل ما تركته فيه من وجع قبل أن غادرته..
في البيت كنت أنا أنتظرني لألبسني من جديد
لأشعِرني بثقل الألم وعمق الجرح ورجفة الخوف من القادم
القادم الذي لا أعرف شيئا عن ملامحه سوى أنه سيكون في مدينة أخرى
ولتكن مدينة بعيدة، لا وجه فيها من الوجوه التي أعرفها،
لا سطوة فيها للنظرات الفضولية، ولا ابتزاز فيها للغريب...
لا شيء يشبهني في مدن الآخرين، لا شيء ينتمي إليّ ولا أنتمي إلى شيء،
لا شيء يأبه بي، لا شيء يفتقدني، لا شيء يشعر بكينونتي،،
في مدن الآخرين للعيون أنياب، وللصمت أسواط لاسعة، ولما وراء الكلمات
فوهة بندقيّة مصوّبةُ في مقتل!
في المدن الغريبة لا نعود كما نحن، فالغربة تُلبسنا ثوبا على مقاس الغريب،
ومقاس الغريب ضئيلٌ جدا لا يتّسع للكبرياء..
في المدن الغريبة كلّ شيء يذكّرك بأن لا مكان لك فيها، كلّ شيء يقول
بأنّك جدّ غريب!
وضحة غوانمة
23-09-2013, 11:22 PM
::
لليالي السفر وقع شيء لا تعرف كيف تصفه،
لعله كنزول المطر غريبا في بقعة داكنة من الليل،،
أو كسقوط أوراق صفصافةٍ فصلت بين بيتين،،
لعلها كوقع أقدام الغريب على عتبة بابك في ليلة خوف،
لمن عرف معنى أقدام الغريب على الأعتاب في ليالي الخوف!
ليالي الرحيل فيها من الوحشة ما يقضّ المضاجع،،
الرحيل ليس له حلل بهيّة، حقائب الرحيل مكتظّةٌ بالحنين، وبعض الصور،
ثقيلةٌ هي لا بهجة فيها ولا هدايا!!
الليلة ترحل من جديد، هنا تودع وحدها مدينةً غريبة، لتحتضن مدينةً غريبةً أخرى
وحدها، لا يدَ تلوّح لها من بعيد سوى قلب تركته على الجهة الأخرى من البحر،،
وللبحر تقول وداعا، ولا تفكرفي لقاء جديد، هنا على الأقلّ.. فكل شيء تبدل في نفسها،
هي نفسها تبدلت، ساحر هو الألم!
هناك لا يد تلوّح لها مرحّبة، ولا ابتسامة تنتظرها من أحد،،
وحدها تماما كما كانت دوما، سوى أنّها الآن غارقةٌ في الوحدة حتّى العظم!
كيف يكون رحيلا ذلك الانتقال من مكانٍ غريبٍ إلى آخر لا ننتمي له؟!
برغم ذلك يبقى الرحيل رحيلا، فيه من الألم ما فيه، وفيه من التشظي ما فيه،
وفيه من الإغراق في الغربة ما فيه..
::
وضحة غوانمة
21-11-2013, 01:50 PM
،،
،،
حملتها الأيام بعيدا،، كطائر نورسٍ من غير بحر
هل تعيش النوارس بعيدا عن البحر؟!
يأتيها الموجُ من كل صوب، تُغرقها الموجات تحت ردائها
ولكن .. من غير بحر!
وهي تجدّف بلا يدين، الروح أثقل حقائبها، والحنين أطول المسافات،
للغيم اللامرئي في سمائها حكاية انتظار، والانتظار دمها في شريان العمر،
للمطر النازل فوق مظلتها بوح العارفين، تستقبله بقلبها وتخبئ أسراره ليوم لم يأتِ بعد،
لكنه سيأتي يوما ما..
هي موقنةٌ بأنّ في الأفق حكاية مطرزة بالدهشة، حكاية لها لما قبل الموت.
للحياة المتشابكة أغصانها كدوحة منذ القِدَم ثمار لم تذقها،
وسلّة ذكرياتها حملت كلّ ما تساقط من أوراق في الخريف المتكرر!
وبعد،، هي التي تلف نفسها بدثار الشتاء كي لا يصحو الصقيع في دمها
اعتادت أن تترك للريح مسربا للروح،
حيث وشوشات الريح حكايةٌ أخرى ثمينة.
وهي التي تعشق قمر كانون المتدثر بالبياض في ليالٍ أرادت أن تكون صافية
وبقيت معلّقةً بين الأزرق والأبيض في دِيَمٍ ودودة..
تلك المعلّقة بين السماء والأرض، بين الرجاء والرجاء لا تحمل مظلّة
هي للسماء وجهها، وللسماء يديها، وللسماء روحٌ تصعد كل يوم وتعود.
،،
،،
وضحة غوانمة
28-09-2014, 02:26 AM
مَا بين صَمتي وَتَصرِيحِي وَتَموِيهِي
أذُوبُ سَــعياً لِـشيءٍ لَــسْتُ أدرِيــهِ
بَعضِي وَأَحرَمَ فِي مِيقَاتِ ذَاتِ أسَىً
يَطُوفُ فِيَّ، وَبَعضِي تَاهَ فِي تِيهِي
تَرَجّلَ القَلــبُ وَالأيّــــــامُ وَاجِــمَةٌ
لا تَسْألُوهُ! دَعُوا فِي القَلبِ مَا فِيهِ
ذُبَالةُ الرّوحِ رِيـحُ الوَقتِ تُطْفِؤها
فأُشــعِلُ الوَقتَ صَبراً كَي أُجَارِيهِ
يَفتَرُّ ثَغرُ دَمِي عَن ألْـفِ مَــوعِدَةٍ
والصّبحُ عَـانَدنِي، والليلُ يُردِيـهِ
وكُلّمَا حُزْتُ صِـــدّيقًا لِـمُعجِـزَتي
يَرتَدُّ عَنّي، وَسُـوءُ الطّبعِ يُغوِيهِ
مَا ضَرَّ رُوحِي كَثِيرُ الكَافِرين بِهَا
حَـسْـبُ المُهَاجِرِ أنَّ الله يَـحمِيــهِ
يَا رَاحِـلينَ خُذُوا عَنّي مَناسِــكَكُم
هَـــــــذَا الغِـيابُ نَبيٌّ فِي تَجَلّيِهِ!
وضحة غوانمة
21-07-2015, 12:40 AM
أتيتِ
وكنتُ التحفتُ اعتزالي
وخبّأتُ في قاعِ بئرٍ حنيني
وأقفلتُ بابَ التّذكّرِ عنّي
لأنّي
كفرتُ بكلّ البَشرْ
غريبٌ هو الوقتُ بعدَ الغيابِ،
صديقةَ ذاكَ الزمانِ البريءِ
كأنّ الزمان استدارَ إلى الخلفِ عشرين عاما
وأنتِ كَـــ أنتِ،،
لقاءٌ على "صدفةٍ " كَـــ المطرْ!
هو الوقتُ أسقَطَ من عينِ قلبي
الكثيرَ،
وأجهدَ في النّأيِ روحي،،
وأنتِ
كما أنتِ ..
زهرٌ تندّى بماء الوفاءِ،
فلا تشبهينَ الذينَ تولّوا
ولا تُشبِهينَ الذي قَد غَدَرْ
.
.
أُغَيّبُ بَعضِيَ عنّي لِأنسَى
فلمّا التقيتُكِ ..
كُلّي حَضَرْ!
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir