المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفولتي ( 4 )



عبد الله راتب نفاخ
06-03-2011, 12:45 PM
حين زفّت أمي إلى أبي ، لم يكن لوالديها كبير رغبة بهذه الزيجة و إن لم يعارضاها ، فهو يكبرها بقريب من عشرين سنة ، و هو كذلك على علمه و فضله معروف بعنفه و نزقه ، أما صورتها عند الناس جميعاً فمبنية على اللطف و الرقة و الود ، و هي الداعية الربانية ذات السمعة الطيبة ، و القبول الواسع عند من يسمعون كلامها و مواعظها و نصائحها التي تلقيها في جلساتها الدينية .
لذلك بقي لديهما خوف عليها من الجو الجديد الذي حملت إليه ، فلما جئت أنا الدنيا آل الخوف عليها إلي ، و بت محل نظريهما الدائم ، و لهفة قلبيهما الأولى .
جدتي رحمها الله التي لكم كانت تداعبني ‘ و تهدي إلي ما يتيسر لها من أطايب كلما زرناها ، و إن قدرت على صنع شيء من لذائذ الطعام كنا أول المدعوين إلى مائدتها ، و كان عبد الله الاسم الدائم على شفتيها .
جدتي تلك ... فجأة لم أعد أراها باسمة فاتحة ذراعيها لاستقبالي إن ذهبنا إليها ، بل ممددة على سرير في غرفة جانبية من غرف بيتها ، لا حركة تصدر عنها ، و لا كلمة من كلمات المودة و الألفة و المحبة التي طالما أسمعتنيها .
كثرت زياراتنا إليها تلك الأيام ، كما أخذ شعور الفقد يراودني لكلماتها و حضنها الذي طالما ضمتني إليه فكنت أتفلت منه لما اعتدت من قسوة علمنيها والدي ، و شوق لملاطفتها التي كنت أرد عليها بخشونة شديدة لقِّنت شيئاً منها في بيتنا .
و ذات يوم ، عدت إلى البيت من مدرستي فلم أجد أمي في انتظاري كما اعتدت ، و لما حضرت كان شيء من بسمتها الشفيفة قد تلاشى .
في اليوم التالي لا أدري أي شعور تملكني بالشوق إلى رؤية جدتي و نحن متجهون إلى بيتها ، شوق إليها و إن لم أستطع الارتماء في حضنها ، و رغبة بتقبيلها و لمس يديها و إن لم أجد فيهما حرارتهما المعهودة .
بدافع من شوقي ذاك سبقت أمي على السلم الموصل إلى غرفة والدتها ، و جريت مسرعاً إلى داخلها ، فتلقيت أكبر صدمة واجهتني حتى ذاك الحين .
لم أجد على السرير الموضوع في غرفتها جسدها الممدد ، و لا أسطوانة الأكسجين المثبتة إلى جانبه ، و لا فستانها البيتي الذي كانت ترتديه .
كانت تلك أول مرة شعرت فيها بأني سأبادلها حبها الكبر لي ، أول مرة أحسست أنني مملوء حنواً عليها ، و رغبة بمبادلتها بمثل كلماتها اللطيفة ، لا بالكلام الخشن العنيف الذي لم أقابلها إلا به قبلاً .
أول مرة اتخذت قراري بأن أغدو كما ينبغي لي معها .
لكن ... كانت كل رغباتي تلك قد تأخرت ... و فات أوانها .

محمد رامي
06-03-2011, 02:52 PM
http://sites.google.com/site/elmasry7000/BARKALAHFEEK.gif
مازلت متابعاً
وأنا أتسلح بالصمت أمام تلك التراجم الشخصية
فلا أجد مبررا لأي تعليق
فما أقراه يفرض علي الانحناء باحترام
حفظك الله وسدد خطاك

مازن لبابيدي
06-03-2011, 05:12 PM
كثيرا ما تشكل صدمات الطفولة البارزة شخصية الطفل وترسم في نفسه تضاريسها وتنحفر في ذاكرته لتصبح جزءا لا يتجزأ منه نفسه .
أخي عبدالله ببساطة سردك وجمال تعبيرك تجعلنا نعيش تلك الطفولة وكأننا نشاهدها ونتعاطف مع بطلها الصغير .

ملاحظة لو سمحت لي أخي عبدالله ، لا تترك مسافة بين واو العطف والكلمة التي تليها فهذا أفضل ، وتعتبر الواو جزءا من تلك الكلمة فلا يفترقان في سطرين ، تماما كالفاء .

لك أطيب تحية يا صاحبي المبدع .

محمود فرحان حمادي
06-03-2011, 06:06 PM
يقتنص قلمك ومضات عذبة
لتكتب بروح الإبداع الندية
أمتعنا بوحك
وما أجمل أيام زمان
وسقيا لتلك الليالي الأصيلة
تحياتي

ربيحة الرفاعي
06-03-2011, 11:42 PM
أتابعك بإعجاب
وأنقش ملامح ذلك الطفل في قلبي بمحبة

وأنتظر صفحات أيامه باهتمام

دمت بالق

فاطمه عبد القادر
07-03-2011, 01:45 AM
أول مرة اتخذت قراري بأن أغدو كما ينبغي لي معها .
لكن ... كانت كل رغباتي تلك قد تأخرت ... و فات أوانها .




السلام عليكم
خضَّتني ,,وأحزنتني الجملتان أعلاه
أخي عبد الله نصوصك هذة تشعرني بحميمية القراءة
أتابعها بشغف
إنها من حكايا العائلات الدافئة
أشكرك كثيرا
نحن بانتظار المزيد
دمت مبدعا
ماسة

لمى ناصر
07-03-2011, 04:48 AM
طفولة تحمل في ذاكرتها لوحات كثيرة
تنفث نبضها بحزن شفيف...فهل نحن على موعد
آخر لتلك العيون التي باتت لا تفارق بيان سحرنا؟

عبد الله راتب نفاخ
07-03-2011, 01:47 PM
http://sites.google.com/site/elmasry7000/BARKALAHFEEK.gif
مازلت متابعاً
وأنا أتسلح بالصمت أمام تلك التراجم الشخصية
فلا أجد مبررا لأي تعليق
فما أقراه يفرض علي الانحناء باحترام
حفظك الله وسدد خطاك


حياكم الله أستاذي الكريم ..
شرفني مروركم و ردكم ...
بوركتم

عبد الله راتب نفاخ
07-03-2011, 05:07 PM
كثيرا ما تشكل صدمات الطفولة البارزة شخصية الطفل وترسم في نفسه تضاريسها وتنحفر في ذاكرته لتصبح جزءا لا يتجزأ منه نفسه .
أخي عبدالله ببساطة سردك وجمال تعبيرك تجعلنا نعيش تلك الطفولة وكأننا نشاهدها ونتعاطف مع بطلها الصغير .

ملاحظة لو سمحت لي أخي عبدالله ، لا تترك مسافة بين واو العطف والكلمة التي تليها فهذا أفضل ، وتعتبر الواو جزءا من تلك الكلمة فلا يفترقان في سطرين ، تماما كالفاء .

لك أطيب تحية يا صاحبي المبدع .


أخي الكريم ...
أشكر مرورك الطيب و تعليقك الراقي العطر...
لكنني استغربت من قضية الواو ، فما أعلم أحداً من العلماء قال إنها و الكلمة بعدها كلمة واحدة ،و لا الفاء كذلك .
فحروف المعاني كلمات مستقلة بذاتها و إن اتصل بعضها بكلمات أخر بعدها ، كما الحال في الضمائر .
و لا ضير في جعل الواو في سطر و ما بعدها في آخر ، إلا في كلام بعض متفيقهي العصر الحاضر ، الذين جعلوا ذلك خطأ، و كان منهم أستاذ لي في الجامعة حاججته مطولاً في شأنها ، و لم يدل في حججه بما يمت بصلة للعلم !!!!!
فأرجو إن كنت تعلم لي شيئاً من أقوال العلماء في ذلك أن تفيدني به ، و بحجتهم في ما يقولون
سلمك الله

مازن لبابيدي
07-03-2011, 06:15 PM
أخي الكريم ...
أشكر مرورك الطيب و تعليقك الراقي العطر...
لكنني استغربت من قضية الواو ، فما أعلم أحداً من العلماء قال إنها و الكلمة بعدها كلمة واحدة ،و لا الفاء كذلك .
فحروف المعاني كلمات مستقلة بذاتها و إن اتصل بعضها بكلمات أخر بعدها ، كما الحال في الضمائر .
و لا ضير في جعل الواو في سطر و ما بعدها في آخر ، إلا في كلام بعض متفيقهي العصر الحاضر ، الذين جعلوا ذلك خطأ، و كان منهم أستاذ لي في الجامعة حاججته مطولاً في شأنها ، و لم يدل في حججه بما يمت بصلة للعلم !!!!!
فأرجو إن كنت تعلم لي شيئاً من أقوال العلماء في ذلك أن تفيدني به ، و بحجتهم في ما يقولون
سلمك الله


بارك الله فيك أخي عبدالله ، وإنما قلت ذلك من ما تعلمته قديما وظننته مسلما به أو متفقا عليه ، ولست أعرف صراحة أي دليل يدعم هذا القول أو يفنده فليس ذلك من اختصاصي بأي حال .
وها أنا أتوجه إليك بنفس الطلب ، جزاك الله خيرا ، فإن علمت شيئا فأعلمني به ولك الشكر .

ملاحظة 1 : قصدت من قولي : كلمة واحدة ، من الناحية الكتابية الشكلية وليس أن الواو خالية عن المعنى بذاتها .
ملاحظة 2 : كذلك في رسم المصحف - حسب علمي القليل أيضا - ترسم الواو مع الكلمة التي تليها . ولا يوقف عليها في القراءة كما لا يوقف على الفاء أو الباء أو الكاف أو اللام . والله أعلم

أشكرك أخي عبدالله لإثارة النقاش وأرجو أن نصل فيه إلى نتيجة مرضية سواء بالوصل أو الفصل أو جواز الوجهين .

تحيتي

فلسطين أم الرؤى
08-03-2011, 05:41 PM
جميل هذا البوح الطفولي الشفيف,
ذكريات عارمة وخصبة , ومشاعرلا تنسى لطفولة لا تنسى , والأجمل فكرة الترجمة لهذه المرحلة بعد مرور سنوات كثر.
دام قلمك أخي معبرا
ودم بكل خير

أماني عواد
08-03-2011, 06:08 PM
الاستاذ عبدالله نفاخ

كانت تلك أول مرة شعرت فيها بأني سأبادلها حبها الكبر لي ، أول مرة أحسست أنني مملوء حنواً عليها ، و رغبة بمبادلتها بمثل كلماتها اللطيفة ، لا بالكلام الخشن العنيف الذي لم أقابلها إلا به قبلاً

ذلك الشعور قد كان كافيا للوصول الى النهاية . تلك النهايات المكللة دائما بالحرمان

قد ومزق الموت اول قرار لك كما سبق الموت اخر حلم لها


متابعة

سلمت يداك

عبد الله راتب نفاخ
11-03-2011, 06:12 AM
يقتنص قلمك ومضات عذبة
لتكتب بروح الإبداع الندية
أمتعنا بوحك
وما أجمل أيام زمان
وسقيا لتلك الليالي الأصيلة
تحياتي


أستاذنا الكريم ..
حياكم الله و بارك بكم ..
ألف شكر لكم لمروركم الطيب هذا

عبد الله راتب نفاخ
11-03-2011, 06:22 AM
أتابعك بإعجاب
وأنقش ملامح ذلك الطفل في قلبي بمحبة

وأنتظر صفحات أيامه باهتمام

دمت بالق


أستاذتنا الكريمة القديرة الفاضلة ....
سلمكم الله و بارك بكم ..
لكم كل شكر و تقدير و امتنان

عبد الله راتب نفاخ
13-03-2011, 12:50 PM
أول مرة اتخذت قراري بأن أغدو كما ينبغي لي معها .
لكن ... كانت كل رغباتي تلك قد تأخرت ... و فات أوانها .




السلام عليكم
خضَّتني ,,وأحزنتني الجملتان أعلاه
أخي عبد الله نصوصك هذة تشعرني بحميمية القراءة
أتابعها بشغف
إنها من حكايا العائلات الدافئة
أشكرك كثيرا
نحن بانتظار المزيد
دمت مبدعا
ماسة

صدقت أخي الكريمة ...
فما ذكرته من جمل كان الأكثر تأثيراً في النص ....
حياك ربي و سلمك
و شكراً لمرورك

عبد الله راتب نفاخ
13-03-2011, 12:52 PM
طفولة تحمل في ذاكرتها لوحات كثيرة
تنفث نبضها بحزن شفيف...فهل نحن على موعد
آخر لتلك العيون التي باتت لا تفارق بيان سحرنا؟


أستاذتي الكريمة ...
شرف كبير لي مروركم الطيب هذا ...
لكم كل تقدير و محبة ...
سلمكم الله

محمد البياسي
13-03-2011, 02:39 PM
من سمات العمالقة
أن يكون لهم اسلوب خاص في الكتابة

و انا استطيع الان ان اعرف اي نص لك وان كان غير موقع باسمك
لان اسلوبك له سمة خاصة تميزه من غيره

اقول : الحمد لله أن مثلك موجود في ساحة الادب
لأنك كالريحانة , تلطف أجواء هذا الزمن الادبي الفاسد

احترامي و تقديري يا سبط شيخ العربية

بتول الدليمي
13-03-2011, 03:49 PM
قصة مؤثرة جدا ادخلتنا بحرا من الامنيات
واسترجاع بعض من الذاكرة
الاخ الفاضل عبد الله راتب النفاخ
لا يسعني إلا الوقوف أمام بوحك والتصفيق بكل حرارة
لصائغ الحرف وأستاذ الكلمة
دمت بحفظ الرحمن

عبد الله راتب نفاخ
15-03-2011, 09:51 AM
بارك الله فيك أخي عبدالله ، وإنما قلت ذلك من ما تعلمته قديما وظننته مسلما به أو متفقا عليه ، ولست أعرف صراحة أي دليل يدعم هذا القول أو يفنده فليس ذلك من اختصاصي بأي حال .
وها أنا أتوجه إليك بنفس الطلب ، جزاك الله خيرا ، فإن علمت شيئا فأعلمني به ولك الشكر .

ملاحظة 1 : قصدت من قولي : كلمة واحدة ، من الناحية الكتابية الشكلية وليس أن الواو خالية عن المعنى بذاتها .
ملاحظة 2 : كذلك في رسم المصحف - حسب علمي القليل أيضا - ترسم الواو مع الكلمة التي تليها . ولا يوقف عليها في القراءة كما لا يوقف على الفاء أو الباء أو الكاف أو اللام . والله أعلم

أشكرك أخي عبدالله لإثارة النقاش وأرجو أن نصل فيه إلى نتيجة مرضية سواء بالوصل أو الفصل أو جواز الوجهين .

تحيتي

سلمكم الله أستاذي الكريم ..
صدقتم فيما قلتم ، لكنه ليس دليلاً على عدم جواز جعل الواو في سطر و ما بعدها في آخر ..
حياكم الله أستاذنا الكريم

عبد الله راتب نفاخ
15-03-2011, 09:52 AM
جميل هذا البوح الطفولي الشفيف,
ذكريات عارمة وخصبة , ومشاعرلا تنسى لطفولة لا تنسى , والأجمل فكرة الترجمة لهذه المرحلة بعد مرور سنوات كثر.
دام قلمك أخي معبرا
ودم بكل خير


الأجمل مرورك الكريم أستاذتي الراقية ..
دمت بكل خير و تقدير

عبد الله راتب نفاخ
16-03-2011, 10:11 AM
[QUOTE=أماني عواد;587866]الاستاذ عبدالله نفاخ


ذلك الشعور قد كان كافيا للوصول الى النهاية . تلك النهايات المكللة دائما بالحرمان

قد ومزق الموت اول قرار لك كما سبق الموت اخر حلم لها


متابعة

سلمت يداك[/QUOTE

أستاذتي الكريمة أماني ..
مرورك طابت به النفس ..
حياك ربي و سلمك ..
لك كل تحية و تقدير

نهلة عبد العزيز
16-03-2011, 02:47 PM
يا لروعة الحرف اذا نقش بعفويه واتقان

اكثر من رائع ,, اخى عبد الله

لك اسوار ياسمين لا تنتهي

دام نبضك متخما بذكريات الطفوله

اتابعك


نور الجريوى

عبد الله راتب نفاخ
18-03-2011, 09:12 AM
من سمات العمالقة
أن يكون لهم اسلوب خاص في الكتابة

و انا استطيع الان ان اعرف اي نص لك وان كان غير موقع باسمك
لان اسلوبك له سمة خاصة تميزه من غيره

اقول : الحمد لله أن مثلك موجود في ساحة الادب
لأنك كالريحانة , تلطف أجواء هذا الزمن الادبي الفاسد

احترامي و تقديري يا سبط شيخ العربية


أي عطاء منحتنيه يا أستاذي ..
و أي هطل من الوصف أغدقت علي ...
سلمك الله و بارك بك ...
جعلتني أنحني لمدحك ، و لكلماتك المحبة ...
سلمكم الله

محمد ذيب سليمان
19-03-2011, 10:34 AM
ولنا معك متابعة

فما تسرده لنا يكاد اأن يكون جزءا من حياة بعضنا
أو قريبا حد الإلتصاق بما عشنا مع غير التفاصيل الصغيرة

شكرا لك