مشاهدة النسخة كاملة : لغة الصمت ..أقصوصة .
عبدالغني خلف الله
08-04-2011, 02:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لغة الصمت ..(أقصوصة)
عبدالغنى خلف الله
الحلقة الأولى
هأنا أعود لدواتى كما يعود العاشق لحبيبته الأولى ..صحيح إننى لا أكتب وأمارس لغة الصمت لا أكثر ..ألا يقولون أن الصمت يكون أحياناً أبلغ من صخب الكلام ..ولمن تُرسم الكلمات يا زمان الرهق المقيم ؟! لكأنك يا قلبى صخرة أُقتلعت من جذورها ..لكنك حين تدحرجت من أعلى قمة فى الجبل ..كنت نزقاً و صاخباً فى انزلاقك المثير وأنت تدهس الشجيرات الصغيرة التى أدمنت قُبلات الهواء الطلق ساعة الأصيل وهى تتمايل يمنةً ويسرًة فى رقصة هادئة بإيقاع نافذ ..ومع كل الصخب والضجيج الذى تلونه قبعات الغبار الصاعد إلى فضاءات السهل الفسيح قلت الكثير قبل أن ترتاح على هُدب التلة الصغيرة اسفل الوادى ..وضاع صوتك عبر الأثير ..نعم حبيبتى ..أرجوك لا تدلفى إلى ذاكرتى الآن ..إنتظرينى قليلاً ..أعدك بأن أعود إليك ولى معك وقفات ووقفات ...لكن ..أففِ لقد مللت الانتظار حبيبى..أعطينى بضعة ثوان وسألتقيك ..أعدك بذلك .. قال لى الموظف القابع خلف نافذته الزجاجية .. بطاقتك الشخصية لو سمحت ..أدخلت يدى فى جيب سترتى وبعد أن تاهت كثيراً فى ثنايا أوراقى المهترئة عثرت على البطاقة ..ملمسها الناعم دلنى عليها ..أخرجتها وقبل أن اقدمها له تأملت صورتى الفوتغرافية المختبئة خلف الغطاء البلاستيكى المتآكل من جميع زواياه .. قالت لى عيناى ..أما تعبت يا صديقى من الركض بحثاً عن الذات ..مذ متى وأنت تقرع ابواب السادة الكبار دون أن يلتفت إليك أحد منهم .. تناولها منى وقال لى تفضل بالجلوس ريثما يتصل بنا سيادة المسئول .. قلت له أنا فى عجلة من أمرى .. أرجوك إتصل به عبر هاتفكم الداخلى .. قال لى بكبرياء مصطنع نحن لا نتصل .. هو من يتصل .. لكن ..عزيزي الفاضل ..إنه يعرفنى بالاسم .. لطفاً قل له فلان يطلب الإذن بمقابلتك .. ابتسم فى خبث وهو يقول لى .. هل لديك موعد مسبق ؟.. قلت له لا ..إذن عليك بالجلوس هنالك ..اخرجت قلمى وكتبت على وريقة صغيرة .. عزيزي فلان .. أنا بغرفة الاستقبال .. تناولها منى ورمى بها جانباً ..قلت لك يا استاذ غير مسموح لنا بالاتصال أو تمرير المذكرات الخطية إلى الداخل ..ألأ تفهم ؟!! .. نعم أفهم .. أفهم جداً وبكل تأكيد .. غادرت المكتب وقبل أن أعبر الطريق أخذت نفساً عميقاً والتفت خلفى لأري ذاك الموظف وهو يضحك من أعماقه مع زميل له كان يجلس بقربه يستمع إلى حواري معه دون أن ينبس ببنت شفة وهو يضع قلماً انيقاً فى فمه وقد توقف عن كتابة شيء أمامه فى وريقة صغيرة حملت فى أعلاها عنوان واسم المؤسسة تلك ..نعم حبيبتى ..ها قد عدت إليك ..لقد صرت قاسياً حبيبى ومعاملتك لى تشعرنى بأنك ما عدت تحبنى ..كيف تقولين هذا الكلام غاليتى ..أنا أحبك .. ولو كنت فى هذه اللحظة لوحدى لصرخت بأعلى صوتى .. أحبك .. احبك ..ولكننى أفقد فى هذه اللحظة بعضا من نفسى .. فقد رفضونى ..رفضونى .. بكل بساطة وبدون إعتذار .. رفض طلبى حبيبتى ..تصورى .. إييه يا دنيا ..ما هذا الذى يحدث لى ؟!! .
عبدالغني خلف الله
09-04-2011, 08:13 AM
الحلقة الثانية
أشعر بإحباط شديد منذ الليلة الفائتة حبيبتى ..فقد وبخنى جدي توبيخاً قاسياً ولاذعاً.. ذلك لأننى لم أزره بالمشفى طوال الأسبوع الذى أمضاه بالمشفى مريضاً ممدداً فوق السرير الأبيض يتالم جراء معادوة آلام (القولون ) العصبى له ..هذه العصبية الزائدة عن الحد تجتاح كل شيء حتى تلافيف إمعائنا .. قلت له والله العظيم يا جدي لم اكن موجوداً بالمدينة .. فقد غادرتها لزيارة أحد اصدقائي القدامى بقريته النائية .. كانت رحلة شاقة لكنها ممتعة بحق .. فقد اقلتنا شاحنة ظلت تهبط وتصعد بنا الوهاد والوديان على مدي يوم كامل .. ولماذا كل هذه المعاناة حبيبى ؟ .. هل سافرت لإنجاز صفقة ما أو شراء شيء .. لا .. لا .. حبيبتى .. قطعت تلك المسافة فقط لأسلم عليه لأننى إفتقدته بشدة الأعوام الأخيرة .. تعودت أن امضى معه فى قريتهم تلك نصف فترة الإجازة الصيفية أيام الدراسة وتعود هو على تمضية البقية معى .. غريب تصرفك هذا حبيبى .. لا أحد يسافر لبضعة دقائق من أجل عيون صديق او حتى حبيبة فى زماننا هذا .. وكل المشاوير مرهونة بكسب مادى أو للحصول على ربح ما اياً كان ..هذا المنطق لا يعجبنى حبيبتى .. تدحرجنا من آخر نقطة وصلتها الشاحنة سيراً على الأقدام .. لم اشعر بالتعب لأن كل شيء حولى كان يشعرنى بالأمن والراحة والسكينة ..وهنا تذكرت ايام صبانا فى تلك السهول الخضراء التى أصابها اليوم الجفاف واضحت مجدبة بشكل مخيف .. اين تلك الغابات الممتدة إلى ما لا نهاية .. لقد اُجتثت حبيبتى من عروقها .. اذكر أنني كنت وصديقى نمتطي (الحمير ) ونحن ندفع أمامنا قطيع صغير من الأغنام باتجاه الوادى ..وكانت الأغنام تعرف طريقها جيداً الشيء الذى سهل كثيراً من مهمتنا .. وهنالك ندعها تمرح وتسرح وتلهو كما تشاء .. ونجلس أنا وصديقى تحت شجرة ( تبلدى ) عملاقة نهضت لوحدها في ثنايا الغابة كطفل اضاع طريقه نحو حضن أمه الدفيء .. وفى تلك الأيام تعلمنا كيف نصنع المزامير من أعواد الذرة الجافة .. نقوم بتجويفها جيداً ونحدث ثقوباً صغيرة بها .. وعندما ننفخ فيها تعطيناً نغماً حنوناً .. حنوناً جداً حبيبتى .. نطرب له وتطرب له أيضا عصافير الغابة واسراب الغزلان العابرة فوق أعلى التلال وكذلك اغنامنا .. وقبيل الظهيرة نتسابق بحميرنا ومن يفوز يُحظى بوجبة شهية يصنعها الخاسر يطلقون عليها اسم ( أم حليبين ) .. وجبة بسيطة من دقيق الذرة المعجونة باللبن .. اللبن الذي نحتلبه من اغنامنا نقوم بوضعة فوق حفنة من العيدان المتساقطة هنا وهنالك من الأشجار ..بعد ان نكون قد اشعلنا فيها النار ..وعندما تنضج ننظفها من حبيبات الرمل التى علقت بها ومن ثمّ نقوم بتسخين كوب من اللبن ونأكلها بتلذذ ..قضمة من هنا ورشفة من هناك ..نعم ..نعم حبيبتى .. يطلقون عليها ذاك الاسم لأنك تعجنها باللبن وتاكلها مع شيء من اللبن المتوفر بأيدينا .. كيف لا وأغنامنا الحبلى باللبن ترعى أمامنا .. لكن حبيبتى إنتهت رحلتى بالألم والدموع .. فقد توفيت أم صديقى أثناء زيارتى لهم ..شعرت بألم فظيع بمعدتها .. وعندما أخذوها على ظهرناقة حتى أقرب مشفى ماتت فى الطريق .. وكيف ذاك حبيبى .؟ ألا توجد مشافى فى بالقري ؟.. لا توجد .. بالطبع لا توجد .. المستشفيات والمشافى الخاصة والطرق المسفلتة ضرب من البذخ الذى لا يحلم به اهلونا فى الأماكن النائية وللمفارقة العجيبة .. تعيش المدينة الكبيرة على ما ينتجه هؤلاء البسطاء من خيرات .. خضروات وفواكه وقمح وذرة ولا يحصدون سوى القليل والقليل جداً .. إذ أن اسواق المحاصيل رهينة لتقلبات السعر الموازي والبورصة واشياء من هذا القبيل .
وطن النمراوي
09-04-2011, 08:42 AM
اقتباس كامل النص
سأتابع لغة الصمت هذي أستاذي الفاضل عبد الغني
و لكن هل ستواصلها ؟ أم في كل مرة لغة صمت جديدة ؟
لأنهم رفضوا طلبه في الحلقة الأولى و قد تعاطفت معه جدا فليتهم يحنون عليه في التالية...
سعدت بمصافحة حرفك الجميل هنا أستاذي فلقد كان صاحبك ذكيا في نقلنا من الحوار مع الحبيبة إلى سرد ما عاناه ... و... سأتابع
لك التحيات و مثلها لحرفك اللطيف.
فقط قل له إن حرف الثاء قد حل –سهوا- محل السين في (ينبس)
أحمد عيسى
09-04-2011, 04:44 PM
أسلوب يدهشني كل مرة في السرد ، تجذب القارئ رغماً عنه ليتابع القصة مهما كانت طويلة
أحييك أيها البارع
أتابعك
عبدالغني خلف الله
10-04-2011, 10:16 AM
أحبتى وطن وأحمد ..اسمحوا لى أن أناديكم بدون ألقاب وشكراً لأنكم فى معيتى وما أروعها من رفقة غالية .. شكراً مرة أخري.. ولوطن أقول شكراً للتصويب وقد تم عزيزتى .
عبدالغني خلف الله
10-04-2011, 10:18 AM
الحلقة الثالثة
أشعر بفرح غامر مليكتى فقد تصالحت مع جدى وقبل مشكوراً إعتذارى ..لكم أحب هذا الهرم الغالى العتيق وأتمنى لو يمد الله فى أيامه ..فأنا لست مستعداً بعد لفقده .. صحيح انه متقدم فى السن ولكن شخصيته المرحة تأسرنى على الدوام .. قالت لى أمى ..لمّا كنت طفلاً صغيراً لا تنفك تبكى بصوت عال طوال الليل وأنت فى عامك الأول وكان جدك يقيم فى الطرف الآخر من المنزل لوحده بعد أن غادرتنا أمى فى زمن مبكر .. وظل جدك وفياً لذكراها فلم يتزوج بعد وفاتها بالرغم من رجاءاتنا وتوسلاتنا له بالزواج لا سيما وجميع أقرانه فى القرية متزوجين بأكثر من إمرأة ..فى هذه الجزئية لا أتفق معك .. لماذا حبيبتى ؟ .. لأننى لن أقبل بأن يتزوج علىّ زوجى .. ولكنها سنة الحياة يا رائعتى ..المهم .. اين كنا ؟ .. كنت تبكى طوال الليل .. نعم.. نعم ..فكان جدى يأتى أنصاف الليالى مهرولاً ليأخذنى فى حضنه ويظل يدور بى حول الدار إلى أن أنام ..فيضعنى بلطف فى مخدعى ..وفى صباح كل يوم يأخذنى معه فى مشاوير لا تنتهى وقد حملنى معه ذات مرة للمدرسة التى يعمل بها كمعلم لللغة العربية والفقه الاسلامى .. هو معلم إذن .. بالطبع حبيبتى فقد كان من الرعيل الأول الذين تخرجوا من الأزهر الشريف ..فأحدث وجودى هرجاً ومرجاً لا مثيل له.. فقد كانت المدرسة .. مدرسة للبنات .. تجاذبتنى الآنسات الصغيرات كل واحدة منهن تريد حملى..فشعرت بالخوف منهن فانخرطت فى البكاء ..كنت أنا ايضاً سأفعل لو كنت معهن ..ليتك كنت هناك .. لا .. لا .. حبيبتى وإلا كنت ستكونين اليوم كبيرة فى السن .. لكننى فعلاً كبيرة فى السن .. فقد بلغت العشرين عاماً بالتمام والكمال فى الخامس من مارس الماضى ..أنا آسف حبيبتى كأنك تلمحين إلى تقصيرى فى تقديم هدية تليق بك بمناسبة عيد ميلادك .. اقسم بالله العظيم أننى لم أكن أملك ولا فلساً واحداً لذلك كتبت لك قصيدة .. ألم تعجبك حبيبتى .. بلى أعجبتنى .. بيد أنى سمعت أحدهم يقول ( إحذروا كتابة الشعر ..فإنه يورث الفقر ) ..وأنا لا أنوي الأرتباط بشخص خالى الوفاض ولو اننى أحبك .. يجب أن تحصل على وظيفه .. بالمناسبة اخبرنى جدى بأن صاحب شركة أكس للتجارة والخدمات زميله إبان دراسته فى كلية دار العلوم بالأزهر الشريف وقد كتب لى رسالة يذكره فيها بأيام القاهرة ومنتدياتها الساحرة ..لا اظننى ساقبل بشهر العسل هنا .. ضع فى الإعتبار ومنذ اليوم .. شهر العسل بالقاهره أو الاسكندرية .. مفهوم ؟ .. حاضر حبيبتى .. على عينى وراسى فقط دعواتك لى بأن أوفق مع السيد إكس .. إن شاء الله ..لم تسألنى لماذا أخلفت موعدى معك مساء الأمس ..؟ .. أود أن أعرف السبب بكل تأكيد .. لقد ذهبت إلى الحدائق العامة يحدونى أمل اللقاء ..إخترت مكاناً قصياً وجلست أترقب إطلالتك المفرحة ..حدق الجرسون فى وجههى أكثر من مرة وهو يوزع طلبات الأسر الكثيرة التى انتثرت على الموائد وهى تضج بالسعادة والحبور ..والموسيقى الهادئة تلون المكان بالرغم من صخب الأطفال وهم يتقافزون من حولى كالفراشات ..لكنك تأخرت كثيراً .. تأخرت حبيبتى والوقت يمر ..والأسر بعضها يغادر والبعض الآخر يدلف إلى الداخل ..وأنا كمن يجلس على الجمر .. تجتاحنى رياح القلق .. وفى لحظة ما بدأت اشك فى مدى حبك وإخلاصك لى ..وكلما أنهض لأغادر أجلس مرة أخرى وضميري يقول لى أمنحها مهلة أخري .. ومهلة أخرى وأخرى وأنت لا تأتين ..وفى نهاية الأمر أيقنت بأنك تتلاعبين بعواطفى لذلك لملمت اشيائى وانصرفت ..هل تبكين يا غاليتى ؟ ..لا ..لا ..أرجوك كفى عن البكاء .. لقد سامحتك .. أنا أبكى لعل دموعى تعبر لك عن مدى إحساسي بالألم لأننى خذلتك ..صدقنى كنت أنوى اللحاق بك لكن بعض أقاربنا حضروا فجأة من القرية ..ولماذا حضروا من القرية حبيبتى ..حضروا .. حضروا .. لخطبتى لابن عمى الذي يعمل فى المهجر .. ماذااااا؟؟؟!.
مازن لبابيدي
11-04-2011, 01:49 PM
ها نحن على موعد جديد مع رائعة أخرى للأستاذ الكبير عبد الغني خلف الله .
أنسى نفسي أخي وأنا "أتدحرج نزولا في قصتك من حلقة لأخرى مستمتعا بالريف السوداني ، ليوقظني أذان العصر ، ولكن الحمد لله أنهيت قراءة الحلقة الثالثة .
لكم سيدي كل التقدير والتحية
ربيحة الرفاعي
12-04-2011, 03:12 AM
أهلا بعودة هطول الرواية العربية السودانية النكهة والتي ادمنّاها
متابعون بشوق وترقب للتالي
دم بألق أديبنا الرائع
عبدالغني خلف الله
13-04-2011, 07:27 PM
ولك ايتها الغالية أهدى الحلقة الرابعة مشفوعة بالدعاء العريض بأن يحفظك الله من كل سوء ..أجر وعافية يا ابنتى ربيحة ..أجر وعافية إن شاء الله .
عبدالغني خلف الله
13-04-2011, 07:30 PM
الحلقة الرابعة
اعذريني حبيبتي لتصرفي الأحمق ذاك وقد هالني ما سمعته منك بخصوص خطوبتك.. لكن كان يتعين عليّ الانتظار لمعرفة ردك على طلب اقاربك بدلا من الهروب كلص مطارد.. انت دائما تظلمني حبيبي.. قلت لهم بكل بساطة.. لقد دخلت الجامعة هذا العام فقط وأرغب في تكملة دراستي بالجامعة.. وماذا قالوا لك حبيبتي.. تحولوا الى طلب يد شقيقتي الكبرى .. وهل وافقت ؟! بالطبع وافقت ..كيف لا والاغتراب حلم كل فتى وفتاة.. لقد كان تحولهم نحو شقيقتي شيئا رائعا .. لاننا لا نتفاءل خيرا عندما تُزوج الشقيقة الصغرى بينما الكبرى غير متزوجة.. هذا الامر أراحني وأراح أسرتي وبالذات شقيقتي.. لقد كنت دائما اعتبرها كصديقة لي اكثر من كونها شقيقة.. وقد شكرتني بحرارة بعد مغادرتهم وقالت لي انت فعلت ذلك من أجلي.. لأنك وكعادتك تخافين على مشاعري وتؤثرينني على نفسك.. لكنها لو علمت بأنني رفضت عرضهم لأجلك .. ربما .. ربما ماذا حبيبتي ؟ لكأنك نادمة على قرارك .. لا .. ارجوك لا تفهمني بطريقة خاطئة .. أنا فقط أريد أن أذكّرك بضرورة أن تجتهد أكثر لتكون احسن وأفضل الف مرة من المغتربين.. وكيف سأفعل حبيبتي .. أنت تمزحين ولا ريب .. المهم .. هل وافق العريس على خطوبة شقيقتك بدلا عنك.. بالطبع وافق واتصل بها عبر الهاتف وسمعتهما يتوشوشان بكلام لذيذ.. مثل ماذا حبيبتي ..؟ يعني .. هو يقول لها أنه سعيد جدا بموافقتك على زواجنا بالرغم من أننا لم نلتق كثيرا .. باستثناء الاجازات.. وماذا قالت له.. كن صريحا وواضحا معي.. كنت ترغب في الزواج بشقيقتي.. قال لها لا.. أقسم لك بأنني قلت لوالدتي.. هي أو أنت.. كلاكما قريبتان من قلبي .. ياااه.. قال لها كل هذا..؟! وأكثر حبيبي.. هؤلاء المغتربون عمليون جدا.. يضعون خطة.. والخطة لها رؤية محددة ورسالة.. ولها ايضا اهداف.. وكذلك وسائل لتحقيق الاهداف.. وتوجد دائما بدائل في حالة ما واجهت الخطة صعوبات ان كان علي صعيد المراحل او الاخطار غير المنظورة.. مهلاً.. مهلاً.. حبيبتي إعترفي بأنك سمعت هذا الكلام داخل مدرجات الجامعة.. (إن جيت) للحقيقة هذا هو ملخص محاضرة الدكتور عصام استاذ الاقتصاد بالكلية.. لديكم محاضر اسمه عصام حبيبتي؟! أجل اسمه عصام.. هذا الاسم يدل على أنه شاب .. بالطبع حبيبي .. شاب وسيم وضحوك وبشوش وشاطر.. هل انت معي حبيبي .. لا .. لم اسمعك جيدا.. كنت اتمنى لو كنت معي مساء البارحة وانا استمع الى (فيروز).. ومن هي فيروز؟. فيروز شخصية جميلة ومهذبة ورائعة وصوتها دافيء وحنون .. يأخذك الى عوالم ساحرة وتتمنى لو أنها لا تكف.. تكف عن ماذا..؟ عن الكلام.. وأين إلتقيت بها.. أنا ألتقي فيروز؟! وكيف يتسنى لي توفير قيمة التذكرة إلى سوريا أو لبنان.. هي ليست سودانية حبيبي .. ؟ لا بالطبع .. سمعتها تردد.. (بكتب اسمك يا حبيبي على رمل الطريق بكتب اسمك يا حبيبي على الموج العميق ويبقي اسمك يا حبيبي واسمى بينمحا..).. الان فهمت .. قصدك الفنانة فيروز.. لقد أفزعتني حبيبي .. فقد حسبتها فتاة التقيتها هنا .. هل تغارين عليَّ يا غاليتي.. بالطبع أغار .. أغار لدرجة مخيفة .. أنت لا تعرفني جيدا حبيبي بالرغم من أننا نحب بعض على مدى اكثر من ثلاثة اعوام.. تعرف لو أخذتك مني أي إمرأة سيكون مصيرها الموت البطيء على يدي.. الموت الزؤام ؟! أعوذ بالله.. سأدعها تندم على اليوم الذي أحبتك فيه.. سأقطعها من القدم للرأس .. قطعة .. قطعة .. وأرمي بها للكلاب.. ولماذا كل هذه القسوة حبيبتي ..؟ أنت لا تقتلين ذبابة ناهيك عن البشر .. فأنا أحفظك عن ظهر قلب .. إذن كن حذراً .. لا تحولني إلى قاتلة حبيبي.. مفهوم؟! مفهوم حبيبتي.
المحامية علياء النجار
13-04-2011, 08:20 PM
( إحذروا كتابة الشعر ..فإنه يورث الفقر ) .
جميلة ومعانيها كامنة
عبدالغني خلف الله
14-04-2011, 09:28 AM
عزيزي الدكتور مازن ..شكراً لأنك هنا وقد حرصت على التعليق بالرغم من أن الأسرة فى هذه اللحظة تهيأت للخروج للريف حيث سنشهد غداً إن شاء الله عدد ست زيجات لأبناء وبنات من الأسرة وتعلم عزيزي فوضي التحضيرات للسفر ..ألتقيكم الأحد بإذنه تعالى ..دعواتكم لنا برحلة موفقة .
آمال المصري
14-04-2011, 11:56 AM
متابعة بصمت حتى لاأعكر صفاء النص
تصحبكم السلامة أستاذنا الفاضل ورحلة موفقة لك وللأسرة الكريمة
تحيتي
عبدالغني خلف الله
17-04-2011, 01:00 PM
الأستاذه علياء ..السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته
لوجودك هنا أكثر من دلالة ..فأنا لم اصافح كلماتك بعد ربما للترحال والمشغوليات .. تشرفت بإطلالتك وأتمنى أن يحفظك الله ومن حولك من كل سوء .
عبدالغني خلف الله
17-04-2011, 01:02 PM
لك وحشه يا ابنتى الغالية رنيم وقد عدنا والحمد لله من السفر وبمجرد وصولنا هرعت نحو اللاب توب لمصافحتكم ..سلمت لنا من كل سوء .
عبدالغني خلف الله
17-04-2011, 01:03 PM
الحلقة الخامسة
لم أجد السيد "أكس" حبيبتي بمكتبه وقد علمت بأنه مسافر خارج السودان إلى بلد يطلقون عليه اسم " هونولولو..".. وأين تقع هذه البلدة حبيبي ؟ أنا نفسي لا أعلم.. أظنها جمهورية في المحيط .. تعلمين أن الناس هنالك يشكلون جمهوريات من جزر لا تزيد مساحتها عن بضعة كيلومترات .. ولماذا سافر إلى هذا البلد بالذات.. قيل لي .. في الواقع لم يقل لي أحد.. لأن السيد/ (أكس) وضع لوحة في مقدمة مكتبه تقول..(القنصل الفخري لهونولولو..) .. أراك تهتم بالسياسة هذه الأيام وأزحتني جانباً من ذاكرتك.. وكيف ذاك حبيبتي وأنت هنا في قلبي.. هل يتذكر الإنسان قلبه.. بالطبع لا.. لأنه جزءاً منه .. أنت بمثابة الروح للجسد بالنسبة لي .. لكنني أحاول فهم العالم من حولي.. حتى لا أكون كالأصم في (الزفة) كما يقولون.. وأحاول أن أبدو سياسياً .. كل المطلوب منك لكى تكون سياسياً الحصول على بطاقة عضوية لهذا الحزب أو ذاك ثم قليل من المواظبة على لقاءات وزيارات رئيس الحزب والأعضاء التنفيذيين وشيئاً فشيئاً تحد نفسك وقد صرت متنفذ.. وهذه الوضعية تفتح لك نافذة لعالم السياسة العريض.. فتذهب إلى هذه الندوة أو تلك وتثير جدلاً أو تشارك في نقاش قضية ما تشغل الرأي العام.. وما هو الرأي العام حبيبي ؟!. الرأي العام هو نحن.. أنا وأنت.. والآخرون .. لكن لا أحد يأبه هذه الأيام للرأي العام .. يرضى أو يسخط.. طالما أن السياسي يتمتع بجميع مزاياه.. وهل للسياسي مزايا حبيبي؟! طبعاً .. ميزات كثيرة.. بداية هو شخص معروف ويشار إليه بالبنان.. هو صاحب المائدة والفائدة و( رأس القايدة) .. إذا تكلم أصغى الجميع وإذا أمر تطاع أوامره . وهل تتطلب وظيفة السياسي بكالوريوس علوم سياسية. .؟ صديقتي في الكلية محظوظة والله.. فهي تدرس علوم سياسية .. حبيبي ليتني لم أدخل كلية الإقتصاد ودخلت معها.. الموضوع ليس بهذه البساطة حبيبتي.. المهم أين كنا؟ كنا بمكتب السيد "أكس" القنصل الفخري للجزيرة (الفي) المحيط..قصدك (هونولولو).. بالضبط كدة.. نعم .. نعم.. وجدت فتاة أنيقة ورائعة تجلس بجوار السكرتيرة وقد أفرغت محتويات حقيبة متوسطة الحجم بها الكثير من العطور و(الكريمات) .. نسائية حبيبي؟!
.. بالطبع نسائية.. هل توجد كريمات رجالية؟.. توجد وبكثرة .. شاهدت العديد من الطلاب بالجامعة يسببون لنا (الحساسية) من قوة ونفاذ العطور التي يستعملونها فنسعل طوال المحاضرة.. وبعضهم يضع الكريمات و(الشامبو) فوق شعره ويمشطه في شكل ضفائر صغيرة لا يتجاوز طول الواحدة منها مليمتر واحد .. وأيضاً يضع فوق رأسه (هدفون) ويستمع للموسيقى أثناء المحاضرة .. معقول حبيبتي .. هل يحدث هذا في أروقة الجامعة .. يحدث ولكن مع القلة فقط .. الحمد لله.. كنت سأموت من الغيظ لو كانوا كُثر.. فمن يبني هذا البلد القارة ويتحمل شموسها الاستوائية اللاهبة وأدغالها الموحشة وهو بهذه الشاكلة؟ .. هذا إذا استبعدنا طبعاً قضايا مصيرية على نطاق الأمة الإسلامية في الوقت الراهن..
عموماً أين كنا حبيبتي ؟.. كنا مع بائعة الكريمات .. كانت كريمة جداُ معي إذ وجدت لي وظيفة أتمسك بها لبعض الوقت .. قالت لي لماذا لا تعمل بشركتنا كمندوب مبيعات للعطور والكريمات النسائية إلى أن تحصل على الوظيفة التي تتمنى .. قلت لها.. والله فكرة لا بأس بها ومن ثم اخذتني بعربتها إلى مباني الشركة .. ركبت معها لوحدكما حبيبي؟.. لا .. طبعاً لا .. هنالك سائق مهمته توزيع المنتجات وتلك الفتاة تتنقل معه من مكان لآخر.. وبعد أن أنهيا جولتهما قدمتني للمدير.. لم يكن استقباله لي مشجعاً .. قال لي بالحرف الواحد..( إنتا ) تشتغل مندوب مبيوعات؟!.. قلت ولم لا سيدي .. قال لي مظهرك هذا ( يطفش) الزبونات .. قلت له كيف يعني1..بداية قال لي حبيبتي .. تحتاج إلى (نيو لوك).. تصفيفة شعر جديدة .. و(صنفرة) وجه .. وملابس جديدة.. وهل وافقت حبيبي؟ .. طبعاً وافقت .. انتظري حتى ترينني في شخصيتي الجديدة . وقد اخترت لك نوعاً مميزاً من العطور كهدية .. حبيبتي .. حبيبتي .. أين أنت؟!.
عبدالغني خلف الله
19-04-2011, 09:03 AM
الحلقة السادسة
يبدو أنك لست راضية حبيبتي عن عملي الجديد لذلك عدت مرة أخرى (لمؤسسة اكس للتجارة والخدمات) ولدى مدخل المؤسسة قابلني السيد (اكس ) بقامته الفارعة بعكس جدي (الذي قصرت قامته وغاب قذاله فكأنه متربص أن يصفعا وكأنما صفعت قفاه مرة فأحس ثانية لها وتوقعا ).. ربما طبيعة عمل المدرس القاسية هي السبب فى تدهور صحته .. وقوف بالساعات أمام التلاميذ يلقنهم الجديد المفيد وجلوس بالساعات لتصحيح الكراسات والواجبات اليومية .. أما السيد ( اكس ) حبيبتي فقد ولد وفي فمه ملعقة من ذهب .. ورث هذه المؤسسة العملاقة من والده بمجرد أن تخرج من الأزهر .. وما أن علم حبيبتي بأنني حفيد أعز أصدقائه على أيام الدراسة بالأزهر عاد أدراجه وطلب من السائق أن يوقف محرك العربة.. إذن أنت حفيد صديقي ( سبويه ) .. ها ..هاهاها . وتحمل اسمه أيضاً .. ها ..هاهاها وكيف حاله الآن ؟ .. بخير سيدي .. لقد نصحته أكثر من مرة أن يهجر مهنة التعليم وينضم ليعمل معي هنا في الإستيراد والتصدير لكن دماغه ناشفه كما يقولون .. لقد رحب بي ترحيباً مهولاً حبيبتي.. وحدثني عن جدي وكيف أنه تعود الإصرار على رأيه حتى وإن لم يكن صائباً.. لقد أضاع عمره في حقل التعليم . فماذا جنى يا ترى؟! بضعة دراهم هي كل مردود المعاش الشهري الذي لا يسمن ولا يغني من جوع .. وماذا تصدرون سيدي؟.. سألته.. وكانت إجابته مخيبة للآمال حبيبتي .. قال لي إنهم يصدرون حوالي خمسة ألف قطعة من سن الفيل سنوياً .. وهذا معناه إبادة المئات من الأفيال المسكينة .. ثم سألته حبيبتي عن بقية الصادرات ..فبم أجابك حبيبى ؟ قال لي هي بضعة مئات من جلود النمور والتماسيح .. بالإضافة لعشرات الكيلوجرامات من المسك المستخرج من إبط التمساح .. في الواقع شعرت بالرثاء لحال تلك المخلوقات الجميلة وكيف أن شرذمة من هؤلاء السادة يقتلونها للاستفادة من أعضائها.. لكن إذا كان الإنسان يقتل.. أطفال ونساء وعجزة .. سيان.. يقتلون بدم بارد في فلسطين وشرق آسيا وأفريقيا فكيف نأسى على الحيوانات بالرغم من فظاعة ما تتعرض له من إبادة .. سألني السيد/ اكس حبيبتي عن الخدمة التي يقدمها لي .. فقلت له لقد تعاقدت مع شركة (تاتيانا) للعطور المستوردة لمدة عام ولكن حبيبتي .. أقصد.. أنت بالطبع.. لا تقبلين بهذا النوع من العمل ..أخبرته بأن خطيبتى ليست مرتاحة لهذا النوع من العمل .. قال لى ..عليك بأن تهديها بعض عطورنا وثق أنها ستوافق .. سألته هل قلت عطورنا سيدي ؟ قال لي نعم .. هذه الشركة تابعة للمؤسسة وسأعطيك (كرت) للمدير العام ليهتم بك أكثر .. وخذ هذا المظروف وأعطيه لجدك .. وقل له .. الآن تأكدت بدون أدنى شك من وجهة نظري المناهضة للعمل في حقل التعليم .. حملت المظروف حبيبتي لجدي .. وماذا كانت ردة فعله ؟.. ردة فعل من؟. جدك حبيبي .. ألم تقل بأنه أعطاك بعض المال كمساعدة لجدك..لكنه ويا للعجب رفضه بإصرار وقال لى خذه يا بنى وأبدا به مشروعاً يخصك .. نعم ..نعم حبيبتي .. هل أنت معي؟. اعتقد بأنك ذهبت من هنا .. لا لم أذهب .. لكن عليك بتقديم استقالتك من الشركة فوراً طالما أن جدك قد وفر لك ذلك المبلغ .. لكن حبيبتي .. لقد وقعت معهم اتفاقاً بأن لا أستقيل قبل إخطارهم كتابة وقبل شهرين على الأقل .. إذن سأمنحك هذه الفترة ولكن عدني بأن تستقيل بعدها.. أراك بعد ثلاثة أيام لأنني مسافرة مع أسرتي للتعرف على أهل خطيب شقيقتي .. إذ عاد من المهجر.. حمداً لله على السلامة ها قد عدت حبيبتي من السفر..تبدين متعبة جداً ..لعلها وعثاء السفر من فعلت بك ذلك .. أنظري ماذا أحضرت لك .. عطر باريسي آخر موضة .. من أنت يا شاب ؟!. فأنا لا أعرفك .. وكيف ذاك حبيبتي .. هل تمزحين أم ماذا ؟ .. بل أنا جادة فيما أقول.. ما هذا الذي فعلته بنفسك .. كيف تصفف شعرك بهذه الطريقة ؟. لكن حبيبتي .. هم قاموا بذلك .. وكيف تغير من لون بشرتك لتبدو ناعماً وكأنك قطعة من (القطيفة) .. لكن حبيبتي ..هم قاموا بذلك .. وكيف تسمح لنفسك بارتداء هذه الأشياء في أذنيك وحول عنقك ؟ لكن حبيبتي .. هم قاموا بذلك .. أسمعني جيداً يا من كنت حبيبي .. أرجوك أعد لي حبيبي الذي سلبته مني .. وإلا لن تراني بعد هذا اليوم .. ولكن حبيبتي .. هم قالوا لي هذه متطلبات اجتذاب السيدات وإقناعهم بشراء العطور .. إذن أنا أريد حبيبي ذاك .. أغبش .. أخرش .. خشن اليدين .. أغبر الوجه .. يكافح من أجل توفير لقمة العيش الشريفة لي ولديه القدر الكافي من الرجولة والإقدام ليحميني من نوائب الدهر والأيام.
عبدالغني خلف الله
20-04-2011, 12:24 PM
الحلقة السابعة
يا الله.. ماذا دهى هؤلاء الحبيبات.. تقول لك يجب ان تحصل على وظيفة وعندما تحصل عليها تخاصمك وترفض الحديث اليك.. كنت انوي ان اواصل الكتابة في الشعر فاعترضت على الشعر على اعتبار انه يفقر الانسان .. ما اغرب هذا المنطق.. لو كنت واصلت لصرت مثل سعاد سالم الصباح مثلا او فدوى طوقان او غادة السمان.. فدوى طوقان ممكن لكن غادة السمان روائية وليست شاعرة.. طيب دعنا منها.. مثل ليلى بعلبكي.. هذه أيضا قاصة وليست شاعرة.. إذن ما رأيك في سلمى خضراء الجيوشي.. ؟ هذه لا اعرفها معرفة دقيقة ولست متأكدا من كونها قاصة او شاعرة .. لكن من المؤكد أن اسمها جميل ومموسق.. هذا اذا كنت نطقته على الوجه الصحيح يا هذا.. ثم ثانيا لماذا الشاعرات فقط وليس الشعراء.. يا أخانا؟! بربك ماذا افعل بكم حتى وان كتبتم المعلقات التسعة.. اولا المعلقات ثمانية وليست تسعة.. ولو.. الشعر يحتاج إلى وجدان رقيق وقلب صاف وعينان رائعتان وفم كعناقيد العنب.. ما هذا الهراء يا صديقي.. ما دخل الفم في الشعر ..؟! .. لديه دخل بالطبع.. عندما تسمع شعرا رقيقا من إنسانة رقيقة وفم رقيق أفضل من أن تسمعه من إنسان متشنج يضرب المنصة التي يقف عليها بقوة ويلوح بكلتا يديه في الهواء ويقرأ الشعر بصوت أجش وعيناه تدوران بصورة تثير الرعب في نفوس الحاضرين.. لكن الشاعرة تقرأ بيتا.. تتوقف هنيهة لتصلح من ثوبها أو تحرك رأسها مرة ذات اليمين ومرة ذات الشمال.. تقرأ البيت الثاني.. تمسح الصالة بعينين نجلاوين وتواصل بما يشبه الهمس .. وعندما تنهي قصيدتها وهي تعيد الفقرة الأخيرة ثلاث مرات وبإيقاعات مختلفة تقوم بتحية الجمهور بإنحناءة موحية وتغادر المنصة وهي تبتسم.. عزيزي الفاضل .. اسمعني جيدا .. أنت تثير معركة في غير معترك.. وتحاول أن تنسينا قصتك مع الوظيفة الجديدة.. يا بائع.. ماذا؟! يا بائع الكريمات المتجول.. (عليك الله ما تعبت) من الركض صعودا وهبوطا من صيدلية لصيدلية ومن سوبر ماركت لسوبر ماركت .. مثل (كلب الرمضاء).. يظل طوال النهار يلهث؟! وكيف أتعب أو أسأم وأنا على طوال الوقت في حضرة الجمال .. والرقة .. والأناقة والروعة.. هل حسبتني بائع أحذية.. أنا أبيع مستلزمات البهاء والجاذبية والوسامة.. ويوم أمس توقفت كثيرا لدى إحداهن .. كانت جميلة بشكل لافت.. أجلستني أمام مكتبها وهي توقع على بعض الأوراق ودعتني على قدح من الشاي بالنعناع.. كانت لطيفة معي وكريمة لأبعد الحدود.. وبقية الموظفات يرمقنني شذرا بانتظار ان اعرض عليهن عطوري.. والسداد بالطبع أول كل شهر.. فالمرتب الذي يتقاضينه بالكاد يكفي متطلبات الأسرة.. إيجار المنزل.. فاتورة الماء والكهرباء.. فاتورة النفايات.. فاتورة عامل الصحة.. أقساط الجامعات والمدارس.. ثم وجبة الفطور والمواصلات للصبايا.. كلفة الدروس الخصوصية ثم الكراريس والأقلام وعلب الهندسة والألوان وتكلفة المعيشة من لحوم وخضروات وفواكه وسكر وشاي وصابون غسيل وحمام ومعجون أسنان.. مهلاً .. مهلاً يا عزيزي.. نحن هنا للاستمتاع بأقصوصة لننسى همومنا الشخصية ولم نطلب منك تذكيرنا بها.. طيب .. طيب.. هكذا أنتم دائما .. تخافون مواجهة الحقيقة وتتهربون من واقعكم المرير.. إذن أين كنا..؟ كنا نحتسي قدحا من الشاي بمكتب تلك الآنسة اللطيفة .. لا ليست آنسة.. فهي للأسف الشديد مطلقة.. هذا ما علمته لدى عودتي لإستلام قيمة الأشياء التي اشترتها مني .. ولديها طفلة.. مطلقة ولديها طفلة؟!.. لقد أحزنتني يا فتى.. وماهو سبب طلاقها؟ قالت لي وهي تفتح صندوق أسرارها كصديق وليس كبائع.. إنها متزوجة منذ ثلاثة أعوام وتعيش مع أسرة زوجها.. بيد أن شقيقاته أحلن حياتها إلى جحيم لا يطاق .. يتدخلن في كل صغيرة وكبيرة وقد أكتشفت وبعد ان فات الأوان ان شخصية زوجها ضعيفة للغاية .. وعندما فاض بها الكيل واجهتهن بشراسة لا تصدق.. وقلت لنفسي الى متى اجامل زوجي على حساب اعصابي.. وقبل ثلاثة اشهر وعندما كنت وطفلتي في زيارة لاسرتي قال لي عبر الهاتف .. انت طالقة ولا تعودي الى هنا وبعد دقائق من محادثته لي توقفت عربة نقل صغيرة بها كل اشيائي.
عبدالغني خلف الله
21-04-2011, 08:52 AM
الحلقة الثامنة
يطلقها بالتلفون..؟!.. هذا ليس عدلا .. لماذا تختلف اللغة والأفعال يوم الخطوبة عنها يوم الطلاق.. تجد الواحد من هؤلاء يذوب ولهاً ويرتدي أجمل ما لديه من ثياب وينتقي عباراته بعناية فائقة وهو ينقل للفتاة رغبته في خطوبتها.. يعدها ويمنيها الأماني .. يسمعها معسول الكلام .. ويوم الطلاق .. يقول لها كلمتين لا أكثر.. أنت طالق.. وماذا فعلت عزيزتي عندما وصلت عربة النقل الصغيرة وهي تحمل أشيائك.. أصابني إحساس طاغ بالغبن والإحباط .. لاسيما وأنني كنت أتباهى بزوجي في جميع مناسبات العائلة.. كنت كثيرا ما أتحدى به رفيقاتي من بنات الأسرة.. وبم كن يجبنك عزيزتي.. كانت كل واحدة منهن ترسم صورة أحلامها للزوج القادم على نموذج زوجي.. بالطبع لم أحرك ساكنا وتولى شقيقي الأصغر مهمة نقل الأشياء إلى الداخل.. وقد أحدث ذلك فوضى عارمة في منزلنا المكون من ثلاث غرف فقط فاضطررنا لحشر بعض الاشياء الصغيرة تحت الأسرة وفي زوايا الحمام وغرفة المطبخ .. وما هو أول شيء خطر ببالك عزيزتي بعد أن تلقيت مكالمته عبر الهاتف ..؟! سقطت السماعة من يدي وكان أول خاطر فكرت به هو أن أذهب إلى إبنتي وأحتضنها.. وهذا ما فعلته بالضبط .. أخذتها إلى حضني وأنا أبكي وأردد .. الحمد لله الذي رزقني بك حياتي . الحمد والشكر لله أنك معي.. ومن يومها أحضرت أعتى وأقوى الأقفال .. لغرفة نومك عزيزتي.. لا بل لقلبي .. قلبي المسكين الضعيف الذي أوقعني في هذا المأزق بأن عشق رجلاً ضعيف الشخصية.. بيد أنني وقد أمتلكت حريتي وطفلتي ووظيفتي قررت أن لا أخوض مثل هذه التجربة مرة أخرى وأن أكرس كل وقتي وحياتي لابنتي.. ولكنك صغيرة السن وفاتنة جدا.. وألف رجل يتمناك .. أشكرك عزيزي على هذه المجاملة بل هي مواساة حقيقية لم أتذوق طعمها منذ شهور . لكنني لا أجامل عزيزتي.. لديك إطلالة ساحرة.. وقوام فارع.. و .. حتى وإن كنت مثل (تاجوج) المحلق.. أو جولييت روميو.. أو بثينة جميل.. فلن أثق في رجل بعد التجربة التي عشتها.. عموما هذا شأن يخصك بالدرجة الأولى.. لكن لي رجاء عندك إن كانت لدي معزّةً في قلبك .. أرجوك وأتوسل إليك أن تدعي الباب مواربا لأي طارق جديد يختلف عن زوجك الأول .. لديك الفرصة عزيزتي وأنت موظفة مرموقة بهذا المرفق لدراسة شخصيات زملائك بعمق.. وإن حدث أن تقدم لك واحد منهم بالله عليك لا ترفضيه.. لكنني قد قررت عزيزي .. لا .. لا.. أرجوك دعي الأيام تفعل ما تشاء ولا تتوقفي عند منعطف واحد وقطار العمر يعانق الكثير من المحطات وهو يمضي في ترحاله الطويل.. ها.. ماذا.. قلت.. والله.... والله.. سأحاول من أجلك فقط.. لأنك كنت ولا تزال لطيفا معي..
بالإذن حبيبتي .. عفوا .. عزيزتي.. لا عليك.. سأمر على تلك الآنسة التي تجلس في غرفة الحاسوب.. مرحبا.. بائع العطور المجهول.. وكيف ذاك عزيزتي.. أخشى ان تكون من المخابرات وتنتحل شخصية بائع عطور لجمع المعلومات.. إجلس.. إجلس.. فأنا أمزح معك .. لقد أخفتني عزيزتي وشعرت للحظة بأنني شخص غير مرحب به في هذه الدائرة الحكومية .. لا .. بالعكس تماما.. كل الموظفات يقدرن تعاملك الراقي في تسويق عطورك.. إيييييه.. شاي أم قهوة؟ .. ليس قبل أن أعرف سر هذه التنهيدة الحزينة.. ماذا أقول لك عزيزي.. هل تصدق أنني متزوجة قبل ثلاثة أعوام ولا أعلم شيئا عن مكان زوجي وما اذا كان حياً او ميتاً.. فقد عقد عليّ وعاد إلى المهجر على أمل العودة بعد ثلاثة أشهر لإتمام مراسم الزواج.. بيد أنه لم يعد.. أراهن بأنك تعشقينه حد الألم.. وإلا لما انتظرته طوال هذه المدة .. كنت أعشقه .. وكنا نتواصل عبر الهاتف حتى قبل تسعة أشهر ثم إنقطعت أخباره.. يا الله .. أنت وفية ونادرة المثال.. لكّم هو صعب الوفاء هذه الأيام .. لا تنسي أننا في الألفية الثالثة ولا وقت للحب ودوزنة القصائد والبكاء على الأطلال.. إذ لا توجد أطلال أصلا وهذه الأبراج الزجاجية تسد الأفق .. كان ذلك عندما تغادر القافلة ربعها وتترك خلفها مرابط الإبل والخيول ومواقد النار الهامدة.. فلا تملك إلا أن تكتب شعرا حزينا مفعما بالبكاء..( عفت الديار محلها فمقامها بمنىً تأبد غورها ...)
عبدالغني خلف الله
22-04-2011, 07:08 PM
الحلقة التاسعة
ماهذا الذي تقوله يا شاب؟! هل أنت بائع مشاكل أم عطور؟! وما ذنبي أنا..؟ الكل يفتح لي قلبه خاصة عندما أكون بمفردي داخل المكتب أو الصيدلية.. فما أن يرن هاتف إحداهن حتى تفتحه ثم تغادر المكتب وهي تردد.. (أهلين .. كيفك؟!.. لا والله كنت بعيدة شوية من التلفون.. كان في الشاحن.. أيوا.. أيوا.. سامعاك..) وعند هذه النقطة تكون قد غادرت المكتب و(الفرندة).. ووقفت تحت ظل شجرة من أشجار حديقة المصلحة الحكومية لتواصل محادثتها وعبر الباب أحاول أن أقرأ وجوههن أثناء المحادثة وألمح على البعد الجمال وهو يضحك أو وهو يبتسم.. وأحيانا يكشر عن أنيابه.. وهل للجمال أنياب؟! طبعا.. الشقي من يقع في قبضة سيدة جميلة وسادية.. ستريك نجوم الليل أثناء النهار.. بمنظار أو عدسة مكبرة.. لا يا صديقي.. بوهج النار التي ستشتعل بين ضلوعك وأنت مساهر (ومن فرشه فوق جمر القضا كيف يرقد؟!) قصدك المحاكم .. القضاة يعني..؟ لا يا عزيزي .. القضا نوع من الأعشاب تحترق بمجرد ملامسة النار لها وتظل ملتهبة لفترة طويلة.. لكن صدقني ليست الفتيات وحدهن من تغادر المكتب أو الغرفة للرد على محادثة ما.. جميع الشباب صبايا وصبيان يفعلون ذلك لدواعي الخصوصية طبعا.. فلا أحد يرد على المحادثات داخل الغرف.. هل تتوقع ورود أشياء خطيرة أثناء تلك المحادثات..؟!.. لا أعتقد أنها بذاك العمق.. ومعظمها يدور حول المحاضرات داخل القاعات.. (أدوكم شنو الليلة؟!..) يسأل أحدهم زميله بنفس الكلية وقد تغيب عن المحاضرة ربما لأنه يشعر بصداع أو بشيء من الحمى.. وربما لأنه ساهر في الإنترنت ولم يشعر بالساعات وهي تمضي سراعا.. وهو يتنقل من موقع لموقع.. (وجاتنق) هنا .. وآخر هنالك.. وربما مشاهدة بعض أفلام الفيديو.. صحيح أن معظمهم يهتم بدروسه ويحرص على (الاتندسي) لأنه محاسب يها في نهاية (السمستر).. وإلا سيحرم من الجلوس للامتحانات و(يربت) .. على رسلك.. على رسلك عزيزنا.. أتندسآ وسمستر ويربت.. الا توجد كلمات بالعربي الفصيح توافق هذه الكلمات.. بلى وبكثرة.. ولكن شباب الجامعات يفضلونها هكذا.. وهنالك مفردات فرضت نفسها.. مثل ماذا؟.. يعني يقول ليك (أوكي).. و(باي).. حتى السيدات في الغربة عندما يهاتفن الوالد والوالدة ويطلب أحدهم من إبنته أن يعطي الهاتف لحفيده أو لحفيدته وبعد لحظات يتخللها الصمت .. تقول له الأم (قول لجدو باي) .. قول ليهو (باي .. باي)..
هذا استلاب .. هذا تشويه للهوية.. وغربة حضارية.. بالله عليك لا (ُتكبر) الموضوع.. خلاص الهوية توقفت عند (باي يا جدو) و (اوكي يا ماما).. ما تدخل في الغريق قليلاً لتحدثنا عن طمس الهوية الممنهج باسم (العولمة) والاستلاب الثقافي عبر الآلة الإعلامية الرهيبة التي تستقطب أولادنا وبناتنا وترسخ في أذهانهم مفاهيم الغرب العجيبة تلك.. بإستثناء طبعا إحترام المواعيد والشفافية والنزاهة والتداول السلمي للسلطة.. و.. مهلا يا عزيزي الفاضل.. لماذا لا تحدثنا عن الاستلاب السلوكي .. التحلل الأخلاقي.. ولا أقول الإنحلال أو التفسخ.. وتبني العادات الضارة مثل التدخين ولا أقول المخدرات.. ومشاهدة الأفلام الإباحية.. والمشكلة الكبرى أن يأتي يوم يتم فيه تبني هذه القيم معنى وممارسة.. وهنا لا قدر الله الطامة الكبرى.. يوم تصطحب إبنتك (البوي فرند) للمنزل وتقوم بتقديمه لك أو عندما تسكن في شقة لوحدها أو مع الذكور في المدينة الكبيرة.. أما الزواج العرفي والسري والإجهاض.. و .. كفى.. كفى.. بالله عليك إصمت.. لقد أحبطتنا بهذا الحديث المتشائم وهذه النظرة السوداوية لمستقبل أجيالنا.. فهنالك صحوة دينية والحمد لله وهنالك شباب ملتزم دينيا وسلوكيا وقادر على التفاعل مع قضايا أمته والذود عن حياضها.. أتمنى ذلك من كل قلبي يا هذا ولو.. لو.. ماذا؟ ولو فحسب.
عبدالغني خلف الله
25-04-2011, 09:05 AM
الحلقة العاشرة
لماذا بات الناس يعشقون أخبار الكوارث والأخبار المحزنة.. ؟ حتى الصحف تحتفي بالأخبار المحبطة وتكتبها بالخط العريض.. وفي أعلى الصفحة الأولى .. يقولون لك مثلا (إبن يقتل والده بالرصاص والشرطة تعتقل الجاني).. وعندما تهبط إلى أسفل الصفحة او صفحة الجريمة إمعانا في التشويق تكتشف أن شابا شاهد شخصا يتجول داخل باحة منزلهم في ساعة متأخرة من الليل ونسبة لأن نفس المنزل تعرض لحادثة سرقة ليلية.. إعتقد الإبن بأن الذي يتحرك هو ذات اللص الذي سرق منهم كل ما لديهم من نقود ومصاغ ذهبية فما كان منه إلا أن اخرج مسدسه وأطلق عليه النار فأصابه في كتفه.. وعندما إكتشف أن المصاب والده جن جنونه وصار يصرخ في هستيريا عارمة .. أبي .. أبي .. يا ناس .. ياعالم.. النجدة .. النجدة.. وهُرع بالوالد المصاب إلى المشفى .. لكنه توفي في صباح اليوم التالي متأثرا بجراحه.. وبالطبع كان لابد للشرطة من حبسه والتحقيق في الواقعة.. ودخل الإبن في حالة رهيبة من الإكتئاب.. وصام عن الأكل والشراب وحتى الكلام.. فهل تستحق حادثة كهذه عنونا مثيرا وبالخط العريض واللون الأحمر .. فلا تملك وأنت تقرأ إلا أن تشعر بالأسى للمستوى الذي وصلت إليه وسائل الإعلام وهي تسوق الاثارة بديلا للتريث وتركز على الوقائع بديلا لمعطياتها ودوافعها بما يخدم المجتمع.. ولماذا هذه المحاضرة يا.. بائع العطور؟!.. لا .. ليست محاضرة ولا يحزنون.. فقد كنت مساء يوم أمس في سرادق للعزاء لأحد أقرباء حبيبتي .. وسمعت إثنان من الشباب يتهاماسان بالقرب مني.. وعندما نطقوا بإسم حبيبتي وشقيقتها إنتبهت كل حواسي وتحولت إلى (رادار) لا بل قل (طبق لاقط) قال له كان ينوي إكمال مراسم الزواج واصطحابها معه وقام بإيجار شقة واشترى كل مستلزماتها من مبرد وأسرة وتلفاز وبوتوجاز وما إلى ذلك.. ولكنه ما إن رأى شقيقتها الصغرى حتى أصابه نوع من الإحباط.. فتباطأ في الإجراءات واكتفى بتقديم (شبكة) الخطوبة فقط على أمل العودة بعد عام لاكمال مراسم الزفاف.. هل قالا كل ذلك داخل سرادق العزاء..؟ بالطبع قالاه .. وإلا كيف سمعتهما.. فمنذ أن خاصمتني حبيبتي إنقطعت عني كل أخبارهم .. لكن سرادق العزاء للترحم على المتوفي وتلاوة القرآن الكريم.. وليس للخوض فى خصوصيات الآخرين ..هذا ما كان يحدث في الماضي البعيد.. أما اليوم.. فإن سرادقات العزاء تعتبر مكانا مريحا لتجاذب أطراف الحديث والضحك ومناقشة القضايا والأوضاع السياسية ولا تستغرب إذا سمعت بأن تظاهرة ضد الحكومة إنطلقت من سرادق للعزاء في ميت توفي بسبب إصابته بمرض الملاريا.. طيب وماذا كان شعور حبيبتك إزاء هذا الموقف العصيب.. سأنتظر حتى التقيها بعد اسبوع.. حينها تكون فترة الإنذار التي قدمتها لشركة العطور قد انتهت وأستطيع بعد ذلك تقديم إستقالتي وعمل مشروع بالهبة التي منحني إياها جدي .. ولو أنني .. ها .. ماذا.. ولو أنني .. بصراحة بصراحة .. بت أستمتع بالعمل كبائع للعطور والكريمات.. لأنه يعطيك الفرصة للتوغل في عوالم حواء بكل ما يلفها من غموض وقبل يومين إلتقيت إحداهن بإحدى الإدارات الحكومية.. قيل لي أنها موظفة متعاونة جديدة بمعنى أنها لن تحصل على الوظيفة إلا بعد إنقضاء فترة الإختبار.. يا الله.. وجه كأنه القمر في بهائه وإستدارته ونضارته.. وعينان تومضان بضوء ساطع.. وإبتسامة تريح الاعصاب .. عرضت عليها أشيائي وشرحت لها طريقة السداد.. إختارت بذوق يعجز وصفه أجمل العطور وأغلاها.. وشكرتني لإمهالها حتى أول الشهر للسداد.. لاسيما وانه سيكون أول مرتب تتقاضاه بعد إكمالها لدراستها الجامعية.. أخذت وأعطيت معها في الكلام فعلمت منها بأنها حاصلة على درجة الماجستير في التاريخ.. لكنني صدمت عندما لمحت عكازتين من الالمونيوم خلف مقعدها.. وعلمت منها بانها كانت قد اصيبت بشلل الأطفال وهي في عامها الثاني.. إذ لم تكن أسرتها الفقيرة تهتم بأخذ اللقاحات ضد مرض شلل الأطفال وبقية الأمراض كما تقضي بذلك قوانين وزارة الصحة.. ووالدها يعتقد بأن هذه اللقاحات مشبوهة وأن (الخواجات) ربما يكونوا قد أضافوا لها مواد بعض المواد التى تمنع الإنجاب لتقليل عدد المسلمين في العالم.. ولازال الناس حتى يومنا هذا يتناولون موضوع اللقاحات هذا بشيء من الشك والريبة.. فلماذا لا تقوم مراكز حديثة ومتطورة لانتاج اللقاحات في عالمنا العربي والإسلامي .. حتى لا نرى مأساة جديدة كمأساة تلك الفتاة الرائعة..؟ أقول وبكل الصدق.. لقد حدثتني نفسي بأن أتقدم لخطبتها حتى وهي بحالتها الراهنة.. وحبيبتك يا موهوم؟ هل ستنساها.. لا طبعا .. قلت حدثتني نفسي.. ولم أقل بأنني قد إقتنعت بحديثها.. (ياخي) جميلة بشكل !!!!.
عبدالغني خلف الله
27-04-2011, 09:51 AM
الحلقة الحادية عشرة
يقولون .. (الثور إن وقع تكتر سكاكينو..).. بمعنى أن الثور عندما يسقط تكثر الأدوات التي تعمل على تقطيعه إرباً.. إرباً.. ويقولون ايضا.. (الصقر إن وقع كترة البتاتب عيب..) بمعنى أن الصقر المحلق في الفضاء عندما يسقط عليه إلا يضرب الأرض بجناحيه ضربات متتالية.. لأن ذلك لن يفيده في شيء ولن يساعده في العودة للتحليق مجددا.. وما مناسبة هذه الأمثلة يا أخانا .. كأنك تحاضرنا عن الحكمة الشعبية التي تلجأ إليها الشعوب عندما يضطرب تفكيرها ولا تجد ضالتها من الحلول المنطقية لمشاكلها .. المناسبة يا صديقي هي أنني بإختصار شديد في مأزق حقيقي.. إذ أنني عندما سعيت لتقديم إستقالتي عن العمل بالشركة ذكرنى السيد المدير بأن لدي مديونية كبيرة لدى العديد من الآنسات والسيدات.. بعضهن لديهن أعذاراً حقيقية. والبعض الأخر يستغل طيبتي وولعي بالجمال.. بل والفناء فيه..وهددني قائلاً إما أن تسدد أو النيابة ومن ثمّ السجن ..هذا الرجل لا يرحم .. قالت لي تلك السمراء الفاتنة بلون القمح.. (معليش .. ما حأقدر أسدد ليك الشهر دة لأنو الوالد ستجرى له عملية جراحية.. ) تقول ذلك وقد أسبلت أجفانها وخصتني بنظرات حانية تفتت الصخر.. وأخرى حدقت مليا في وجهي وقالت وهي تتأوه وتقول لي (آه..يا غالى .. ما عاوزاك تفتكر إني محتالة أو كذابة وكدا..) تعرف يا حبيب .. وحبيب هذه صفة فاسمي ليس (حبيب).. نطقت بها وكأنها كمنجة سكرى .. ( الوالدة بتمر بظروف صعبة جدا.. صدقني الطبيب قرر ليها ثلاثة عمليات دفعة واحدة.. عملية في الغدة الدرقية وعملية لإزالة جزء من المرارة وعملية في العيون.. صدقني يا حبيبنا ).. وهذه المرة بصيغة الجمع وبصورة تفقد الانسان وقاره.. لولا اننا سددنا قيمة قطعة أرض منحت لينا في الخطة الإسكانية الجديدة.. ما كنت بتأخر في السداد .. أما هذه النمرة الشرسة والتي لم تكن تعيريني أي إلتفاتة.. كيف لا والجميع يحوم حولها من شدة جمالها وجاذبيتها.. فقد سكنت أمامي مثل قطة وديعة وأرخت العنان لدموعها وتأوهاتها وقد كنا وقتها بالمكتب لوحدنا.. شقيقي .. يا عزيزي الفاضل .. وصلته تأشيرة إقامة من ( أبو ظبي..) ويجب ان يكون هنالك في غضون اسبوع قبل أن تنتهي فترة (الفيزا) التي ضلت طريقها إلينا.. وده بالمناسبة أخونا الكبير.. ضحى بكل ما يملك من أجل أن يوفر لنا كل إحتياجاتنا الحياتية من صحة وتعليم حتى أنه لم يتزوج تقديرا لظروف أشقائه وشقيقاته وكلهم بالمراحل التعليمية المختلفة وأنا الوحيدة المتخرجة وأحاول مساعدته بقدر الإمكان مع ضعف المرتب الذي أتقاضاه.. وماذا فعلت يا هذا.. ؟ هل سامحتهن بكل بساطة لتواجه النيابة والسجن..؟ لا .. بالطبع.. كان يجب عليّ أن أتصرف وبسرعة.. وماذا فعلت.. سطوت على مصرف أم نهبت متجر أم.. مهلاً.. مهلاً.. هل تظنني مجرم بالوراثة؟!.. ولو أن الإجرام لا يورث.. كان لابد من الإيفاء بوعدي لحبيبتي.. قمت برصد كل المبالغ المؤجلة وأخذت ما يعادلها من منحة جدي.. نصف المبلغ تقريباً .. سحبته من المصرف؟!.. وكيف أسحبه وأنا أصلاً لم أودعه له.. أنا إنسان عملي ولا أؤمن بإيداع المبالغ في المصارف.. (دخلنا البورصة الاستثمار الآمن .. أيش سوينا ؟! ) أو استفدنا من التعامل مع الصكوك والأسهم .. تعرف يا صديقي بمجرد أن إستلمت المبلغ من جدي قمت بتحريزه داخل قطعة من القماش ووضعته داخل علبة فارغة من الصفيح .. وقمت بإدخال العلبة داخل جرة من الآجر .. ومن ثم أدخلت الجرة داخل زكيبة من (الخيش)المصنوع من نبات (الكناف) وبهدوء شديد حملت الجوال وادخلته في مستودع للمياه تحت الأرض كنا نستعمله قبل عشرات السنين وقد هجرناه بعد أن تم توصيل المياه عبر الأنابيب للمناطق السكنية وأحكمت القفل جيداً.. في الواقع إشتريت قفل جديد .. وما أحزنني أنني إضطررت للغوص داخل تلك المياه الآسنة مرة أخري وقمت بتفكيك تلك الدائرة الاحترازية الواحدة تلو الاخرى بدءً بالجوال وانتهاءً بقطعة القماش تلك وبعد أخذ المبلغ المطلوب تتبعت تلك الخطوات من جديد.. كل ذلك وحبيبتي لا تعلم كم أعاني من أجلها ولن تصدق بأنني أوشكت على الإفلاس بسببها.. كل الجميلات يفعلن ذلك بعشاقهن.. لكن لماذا برأيك يفعلن ذلك؟! اولاً للتأكد من صدق مشاعرك نحوهن.. وثانياً لاثبات النظرية التي تقول (سطوة الجمال أشد مضاضة من وقع الحسام المهند ) وثالثاً.. ثالثاً ؟! دعني أفكر.. ثالثا.. ثالثا لانهن جميلات وهذا سبب كافٍ للاستبداد والغطرسة.
وطن النمراوي
27-04-2011, 07:33 PM
كالمهرة تعدو كانت الحلقات سريعة الإيقاع و النبض و لكنها بتؤدة الحكيم الذي يعطينا بكل كلمة مغزى و عبرة.
لحقت بأول أربع و سأتابع السبع الأخريات من خلف النافذة https://www.rabitat-alwaha.net/images/icons/icon6.gif
لأقضي وقتا جميلا مع قلم يعرف الطريق نحو الإبداع
لك تحياتي أستاذي الفاضل عبد الغني و دعائي إلى الله أن يديم عليك نعمة الإبداع فإنك ماهر في جرجرتنا خلفك لنتابع.
زهراء المقدسية
27-04-2011, 08:55 PM
كل أقصوصة منها بألف قصة وقصة
احترت أي منها أطرح وأناقش ففي كل منها كثير مزدحم
ليقال.....
الكبير عبد الغني خلف الله
كنت هنا وما أسعدني
فتقبل مروري
ودمت بكل الخير
عبدالغني خلف الله
28-04-2011, 11:15 AM
والله ما أروع صحبتكم يا عزيزاتى الفضليات وطن وزهراء ..وكلما أجد صدي لكلماتى لدي اى واحدة من بناتى أشعر بسعادة غامرة ..ما أنشده وأتمناه أن ترسم حكاياتى مجرد ابتسامة على وجوهكن الكريمة لا أكثر .. أما الإحتفاء ..فهذا كثير على جداً ..دمتما بألف خير .
عبدالغني خلف الله
29-04-2011, 09:00 AM
الحلقة الثانية عشرة
والآن قد استعدت حريتك يا ولد وقُبلت استقالتك من قبل شركة العطور والكريمات.. أمامك مشوار لابد ان تمشيه خطوة خطوة مع حبيبتك.. قالت (عاوزاك اغبش..خشن اليدين.. أغبر الوجه..).. برنامج يعنى.. أنت يا صاحبي تحتاج إلى (خارطة طريق..) من أين وكيف تبدأ.. وهل ستبدأ في العودة إلى مظهرك القديم قبل أن تسترد المديونية التي فوق عاتق الآنسات والسيدات.. (إن جيت) للحق.. الموضوع شائك ومعقد.. واسمح لي أن أقول ليك بكل صراحة.. مضى على خصامكما أكثر من شهر.. ما هو الضمان بأن معاليها بانتظارك..؟! مش يمكن تكون قامت بشطبك من قاموسها العاطفي وأستبدلتك بالدكتور.. الدكتور.. قصدك دكتور الإقتصاد..؟! معقول تكون عملت كدا؟! غايتو إنت مُحبط بشكل.. فأل الله ولا فألك .. أنا أحبها بجنون.. حب عذري هدفه الزواج وتكوين أسرة وحضرتك تقول لي الدكتور.. قلنا ربما ..ربما بلغة الدبلوماسية تعنى لا.. تهجرني وتشّمت فيّ فتيات الحي الذي أقطن به.. إذ وبعد أن غيرت شكلي صرت محور إهتمام جميع الآنسات في شارعنا .. أحسن شيء أنني أعمل بمنهج المراحل.. قصدك حرق المراحل؟! لا يا أستاذ.. مرحلة تلوها مرحلة أخرى وسأبدأ من حيث إنتهيت.. سأبدأ بالرأس.. تنظفه من الذكريات.. ومن كل أثار العدوان.. عدوانها على قلبك المسالم.. قلبك الرهيف.. أليس كذلك ؟! لا.. كيف أنظف ذاكرتي من أجمل محتوياتها.. ألم تسمع المغني وهو يردد (يا صحو الذكرى المنسية .. في بعادك وين ألقى الحنية.. مواسم تمضي وتتجدد.. والذكرى تصبح أبدية..) ده كلام أغاني يا شاطر .. لا توجد ذكريات أبدية.. النسيان هو بلسم الجراحات الغائرة في حشاشة الفؤاد.. أنا من رأييّ أن تنساها.. وأنا لا أوافقك الرأي.. سأبدأ المرحلة الأولى غداً ‘ن شاء الله .. ولماذا غداً.. بل اليوم.. سأحلق رأسي (صلعة).. أتفضل أجلس في الكرسي.. نعم هنا.. كيف أقص لك شعر رأسك.. أعني أي (ستايل) تريد؟! أريده (صلعة).. نعم..؟!.. هذا طلب غريب ولو أنني أتذكر ونحن في السبعينات من القرن الماضي أن قص الشعر (صلعة).. كان الموضة التي أطلقها.. الممثل الأمريكي (بول بريمر أو بول نيومان )..لست متأكد .. إنتظر.. لحظة من فضلك.. لقد سمعت بهذا الاسم ولكن في السنوات الماضية فقط.. أظنه سفير.. أو رئيس.. والله يا شاب أنا لا أفهم في السياسة.. وأحلق لك رأسك كما ترغب.. لكن لو كنت مكانك لقمت من محلي على الفور وتوجهت الى مركز زراعة الشعر.. كان على الأقل بعته لهم بمبلغ محترم.. أبيع شعر رأسي؟!.. هل جُننت يا رجل.. لم يتبق إلا أن أبيع رأسي أيضا.. ما هذا الذي يحدث في عالمنا؟! لا تغضب مني يا شاب.. بعض الفتيات في الغرب يقمن بإيجار الرحم للإنجاب المدفوع القيمة مقدما.. يا عمنا.. عليك الله.. أحلق لي شعري وأنت صامت.. ليتني أغمض عينيّ وأعود لأجد نفسي في القرن الأول الهجري.. على الأقل أكون في منأىً عن هذا التشويه المتعمد لكل شيء في الحياة.. وربما أكون في هذه اللحظة أمتطي صهوة حصان أبيض ونحن نقرع أبواب (قرطبة ).. حبيبتي تظلمني.. معها حق إذا كان الظلم واحدة من أكبر سمات هذا العصر .. ياااه.. أكاد لا أصدق.. بأن الذي يظهر أمامي على المرآة هو أنا.. يااااه.. ما أجمل التخلص من ذلك المظهر الطفولي الفوضوي البائس.. إنتظريني حبيبتي حتى أكمل بقية المراحل.. ولكن.. يا إلهي .. هذه العاصفة الترابية التي ثارت في هذه اللحظة هي كل ما اتمنى.. سأجلس على قارعة الطريق وأمنحها وجهي لتريحني من كل آثار النعومة التي جثمت فوقه.. أيوا.. تمام التمام.. يا مواطن.. تحرك من هذا المكان وأدخل إلى المتجر.. التراب سيؤذيك.. شكرا.. أشكرك .. لكنني مرتاح هنا والحمد لله..
عبدالغني خلف الله
01-05-2011, 09:24 PM
الحلقة الثالثة عشرة
أهلين حبيبي.. حبيبي ..نور عيني وثمرة فؤادي.. (ومنى خاطري وبهجة أنسي).. كل هذه الصفات لي أنا..؟ طبعا.. إنت إنسان رائع.. رائع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني.. الآن استطيع أن أقول أن حبيبي قد عاد وعادت لي أحلى الأماني.. والأن هل أنت سعيدة بشخصيتي القديمة حبيبتي..؟ بكل تأكيد حبيبي.. لقد مرت بي أيام وليالي بحالها وأنا أبكي واتألم لفقدك.. قلت لنفسي..حبيبي لن يغير شكله من أجلي أنا وحدي وهو في خضم تلك المنتديات الجمالية الصاخبة.. وكثيرا ما كنت أسأل .. لماذا كنت قاسية معك لتلك الدرجة الفظيعة..؟ ولكن ما هذا الإحمرار الذي بعينيك حبيبي؟! هل أُصبت بالتهاب حاد في العيون..؟! لا.. أبداً.. حبيبتي.. فقط وجدت نفسي في وسط عاصفة ترابية رهيبة.. فدخلت حفنة من التراب بعينيّ.. هذا كل ما في الأمر.. أنت تكذب يا هذا.. لماذا لا تعترف لها بأنك جلست في قلب الأهوية والأعاصير حتى يصبح وجهك أغبر.. بناءاً على طلبها..؟!.. ليس كل ما نفعله نقوله.. لقد بكيت ليلة أن تخاصمنا.. هل أخبرها بذلك لتكّون فكرة سيئة عني.. بأنني ضعيف.. ولا يعتمد عليه.. الدموع فقط للنساء..وليس للرجال.. عدنا فأنقلبنا عليهن.. ياعمي هل تقصد أن المرأة كائن ضعيف لا يعتمد عليه.. ألم تسمع بالمؤأة الحديدية ؟ .. لا .. أبدا.. هن عاطفيات لا أكثر.. أما إذا أغضبتهن غضبة مضرية.. فيتوجب عليك أن تكتب وصيتك الأخيرة قبل أن تغادر الحياة.. هذا إن كنت تملك شيئا لتوصي به بإستثناء تلك الدراهم القليلة داخل خزانة منزلكم المهجورة.. ولماذا تفشي أسراري بهذه الطريقة السافرة.. ماذا لو سمعنا لص وتوصل إلى بؤرة الكنز؟! إطمئن.. لن يجرؤ أحد بالدخول إلى هناك حتى ولو كان بداخلها إحتياطي الخزينة العامة من الذهب.. وكيف أحوالك حبيبتي..؟ أحوالي لا تسر.. فقد نكث إبن عمي بوعده ولم يكمل مراسم الزفاف من شقيقتي كما كان مخطط له.. وكان يرمقني بنظرات عتاب عارمة.. وكأنه يقول لي .. أريدك أنت .. لا شقيقتك.. هل أنت معي حبيبي؟ حبيبي أين أنت؟؟ أنا هنا.. أين كنا؟.. كنا في منتصف اللامكان.. ماذا قلت؟ لم أسمعك جيدا.. قلت لك..
( in the middle of no where) وأين تقع هذه المدينة حبيبي..؟ تقع في الشرق الأوسط.. هل هي جميلة؟! لا ليست جميلة ولكنها مناسبة للكثيرين.. المهتمين بالشأن الفلسطيني يرون أنها افضل مكان منعا للإلتزام بأي شيء.. حتى لا يكبلوا أنفسهم بالعهود والمواثيق.. والمهتمون بالديمقراطية وحقوق الإنسان يعتبرونها أفضل ما يمكن التوصل إليه وليس بالامكان أفضل مما كان.. و..مهلاًَ.. مهلاً حبيبي.. هل تتحدث في السياسة في أول لقاء لنا بعد الخصام؟!.. لو تعلم كم أحبك.. حبيبي .. أنا أيضا.. أحبك ياروحي ولكن.. هل تعتقدين ان لحبنا أي فرصة في المستقبل أم أنك ستكملين الجامعة بينما أنا قد افتتحت مركزاً للاتصالات والعطور الجاهزة.. لا يغطي كلفة الإيجار .. تاني...عطور وهلمجرا ؟!... فكر حبيبي في أي مشروع لا يقربك من البنات.. مركز اتصالات معناه أن تأتي الفتيات لإجراء الاتصالات وتحويل رصيد لهواتفهن.. وممارسة الثرثرة مع بعضهن البعض.. وقد يتصلن ولا يدفعن وأنت طبعا لن تكون فظا معهن وبذلك تضيع منحة جدك بين ريم ولمياء وصفاء وندى.. وما أدراك ما ندى.. لا أطمئني حبيبتي.. بالمناسبة هل الدكتور عصام موجود بالجامعة.. لا حبيبي.. لقد هاجر إلى كندا.. الحمد لله.. والشكر لله.. لكن ومع التقدم في التكنولوجيا نتراسل أنا وهو عبر (الايميلات).. أليس ذلك رائعا حبيبي..؟! حبيبي.. أين أنت ؟!
[COLOR=[/COLOR]"DarkRed"]
عبدالغني خلف الله
06-05-2011, 08:58 AM
الحلقة الرابعة عشرة
قالت لي تلك الفاتنة صاحبة (الفيزا) لشقيقها بأنه قد غادر بالفعل إلى (أبو ظبي).. وسألتني وهي تسبل أهدابها في مكر ودلال.. أليس لديك أقرباء يعملون هناك.. ؟ أين..؟! سألتها .. في أبو ظبي؟! شرحت لها وضعي الإقتصادي وبأننا أناس فقراء عاديون.. لا نفقه كثيرا في مسائل الإغتراب والسفر.. نفلح الأرض ونجني ثمارها ونقوم بتخزينها داخل حفرة غريقة نطلق عليها إسم (المطمورة).. فلا تصاب حبيبات الذرة جراء الرطوبة والحشرات.. وكلما احتجنا للمال أو لمئونة أسبوع نقوم بنبشها وإخراج ما نحتاجه ومن ثم نهيل عليها التراب مرة أخرى.. هذا يعني أنك لم تدخل الجامعة؟!.. لا.. للأسف الشديد.. توقفت عن الدراسة بعد العام الدراسي الأول بالثانوي العالي.. ولكنني خريج مدرسة الحياة.. بإمتياز شديد.. وأين تقع هذه المدرسة حبيبي.. عفوا.. عزيزي.. لا عليك.. ولو أنني كنت أفضل أن تمكثي قليلا في المحطة الأولى لكنك غادرتها بسرعة شديدة..لكن أود أن أسألك عن شيء أزعجني قبل أن تحضري لي المبلغ المتأخر.. هل يستطيع الإنسان التواصل مع شخص ما.. من كندا إلى هنا بـ (الاوتمبيلات) ؟! الاوتمبيلات..؟! هذه المفردة قديمة حبيبي.. عفوا.. عزيزي.. وهي تطلق على الجيل الأول من السيارات التي وصلت إلى هنا.. لكنك ربما تقصد (الإيميلات).. صاح..؟! نعم .. هي.. وليس غيرها.. هذه نقلة علمية جديدة وقديمة في نفس الوقت اسمها الانترنت.. الم تدرس الانترنت في مدرسة الحياة التي تخرجت منها.. اقصد الحاسوب حبيبي.. عفوا.. عزيزي.. لقد تلقيت العديد من الدروس في مدرسة الحياة..أهمها وأولها أنك إما أن تكون شيئا ما في المجتمع.. أو تحرم من كل شيء.. أستاذ جامعي.. طبيب .. مهندس.. وإلا فاستعد لأن تهجرك حبيبتك وتتواصل مع شخص آخر. عبر.. عبر.. قلت لي ما اسمها؟!.. الايميلات حبيبي.. وهذه المرة بدون عفوا عزيزي.. وأين أجدها حبيبتي.. عفوا .. حبيبتي.. والتكرار هنا لمزيد من التأكيد على أن في القلب مساحة لك يا واسعة العينين.. يا أنت.. أنت لا تجدها بل تشكلها بنفسك فما عليك إلا أن تتحصل على (كونكتر) أو تدلف إلى أي مقهى إنترنت.. وتطلب من مديرها أن يعمل لك (إيميل).. ولماذا مدير المقهى.. أليس بوسعك أن تقومي بذلك..؟! أستطيع عزيزي.. عفوا.. عزيزي.. رجعنا بضعة خطوات إلى الوراء.. ما علاقة النساء بالغيوم؟! تجد الواحدة منهن تظللك لبعض الوقت من هجير الحياة ثم ترحل إلى شخص آخر وبلد آخر.. أولا تختار الاسم ونضيف إليه عدد.. أي عدد.. وتختار (الهوتميل) أو (الياهو) او (الجي ميل).. وكل هذه القنوات متاحة حبيبتي..؟ عفوا.. حبيبتي.. بالطبع حبيبي.. عفوا.. حبيبي.. وبكم نشتري الواحدة من هؤلاء.. نشتري ماذا حبيبي؟! القنوات التي ذكرتها..؟ لا.. يا عزيزي الفاضل .. تراجع رهيب عن المسلمات.. هي لا تشترى بل هي مجانا.. مجانا عزيزتي؟ (هذه بتلك) طبعا حبيبي.. ومن هو المغفل الذي يبيع اشيائه مجانا في عصرنا هذا.. لابد أن في الأمر سر لم نكتشفه بعد.. تفضل حبيبي.. شاي بالنعناع.. يعدل الدماغ.. لا أظنك تحتاجينه مثلي.. فماذا يشغل دماغ فتاة أنيقة ومترفة وجميلة.. وذكية.. ورائعة وفارعة.. شكرا.. شكرا..( أخي ).. هذا لطف منك.. خذها لتتعلم كيف تكون طبيعيا مع البنات ولا تستسلم بهذه الطريقة المشينة.. المبلغ تمام التمام.. وهذه مني لك.. لابد أن نصف مرتبك قد إنتقل إلى جيبي ولو أن جيبي هو جيبك.. بالطبع حبيبي.. الحال من بعضه ا.. أخشى أن أقول لك بأنني يجب أن أذهب بهذه الأوراق إلى مكتب المدير العام للمصلحة فتغضب.. لا.. هذا واجبك.. ولم أغضب..؟ طيب ما رأيك لو نذهب معا ومن هنالك نتوجه إلى أقرب (انترنت كافي).. لأتحصل لك على إيميل..؟!.. هذا لطف منك.. من دواعي سروري.. إذن هيا بنا.. ماذا ننتظر.. لحظة من فضلك حتى أخطر العامل المختص بإغلاق وفتح المكاتب.. عامل صنعته فقط إغلاق وفتح المكاتب.. بالطبع حبيبي.. عفوا.. حبيبي.. ليتني كنت أنا من أقوم بذلك.. لا.. لا تقول مثل هذا الكلام وإلا سأخاصمك.. حبيبتي عندما أكون أنا من يفتح لك باب المكتب أكون أول شخص يحظى برؤيتك هنا .. وعندما تغادرين أكون آخر من وقعت عليه عيناك.. ولو.. حبيبي.. أنت أكبر من ذلك بكثير.. هذا هو (إيميلك) وبإمكانك مراسلة من ترغب من الناس.. أشكرك من كل قلبي .. سأراك غدا إن شاء الله عندما أحضر لأخذ طلباتك الجديدة.. وهو كذلك.. أين كنت خلال الأسبوع المنصرم حبيبي؟! لقد خفت عليك وشعرت وكأن شيئا فظيعا قد حصل لك.. لا اطمئني بالمناسبة.. أرجو أن تكتبي لي على هذه الوريقة عنوان بريدك الألكتروني.. بريدي أنا؟! هل تعلمت مبادئ الحاسوب والإنترنت؟! بالطبع حبيبتي وإلا لماذا أطلب عنوان بريدك الألكتروني.. هذا رائع.. هذا مدهش.. والان عليك أن ترسل لها رسالة رقيقة تؤكد فيها بأنك تحبها اكثر من دكتور كندا ذاك..والآن إرسل ..
Your massage has been sent
Go back to inboxولكن ..تري ما معنى هذه الجملة ؟!!
أماني عواد
07-05-2011, 09:32 PM
الاستاذ الكبير عبد الغني خلف الله
بدأتها الان ووصلت الحلقة السادسة
قصة مثيرة تجعل من الصمت ثرثرة شيقة
متابعة
سلمت يداك
عبدالغني خلف الله
08-05-2011, 10:28 AM
مرحباً بك هنا يا ابنتي العزيزة اماني ..واسعد الله سبحانه وتعالي صباحاتك بالخير والجمال ..مع كل الإعزاز والود .
عبدالغني خلف الله
10-06-2011, 04:00 PM
الحلقة الخامسة عشرة
مساء الخير حبي .. هل وصلتك رسالتي عبر الإيميل ..؟ وهل أنت من أرسل تلك الرسالة الرقيقة ..؟! نعم .. نعم .. أنا هو ..لقد حسبتك ..حسبتك ..لا عليك .. ما هو الجديد عندك ؟ ..خمني أنت كنه مشروعي الجديد .. أراهن بأنه سيعجبك .. بت لا أستطيع التكهن مع حبيب يتقلب مثل المشهد السياسي العربي ..وهل للمشهد العربي تقلبات .؟ بالطبع حبيبي .. تقلبات قد ترسلك للعناية المكثفة وأخري تفقدك صوابك وتنسيك حتي اسمك وأخري قد تضعك في دائرة الخطر مدي الحياة ..عليّ أن اصدقك حبيبتي بالرغم من أنني لا أفهم كثيراً في السياسة .. أما أنا فأفهم بعد أن صرنا وأنا وصديقتي التي تدرس العلوم السياسية مثل (البوسنا والهرسك ) لا نفترق أبداً ..وهل هذا الثنائي يغني أم ثنائي ماذا ؟ هو ثنائي يغني فعلاً أغنيات للبطولات ومعني أن ننتصر برغم كل المؤامرات وصنوف الكيد الساسي المأفون ..دعينا من هذه الترهات وتعالي بنفسك لتري المركز التجاري الذي قمت بافتتاحه يوم أمس فقط ..مركز للبيع بالتقسيط حبيبي ؟ .. لا مركز للأزياء ..للرجال حبي ؟ ..لا بالطبع حبيبتي .. للنساء طبعاً ..وهل توجد معارض لأزياء الرجال .. ؟ ولم لا ..حياتي ؟ .. لقد شاهدت عرضاً رائعاً للموضة هذا الصيف للرجال .. ليتك كنت معي .. لقد كانو يتحركون تماماً كما تفعل عارضات الأزياء ..لا ..لا أصدقك يا عمري .. ولو أن هذا قد يكون مقبولاً في دول الغرب ..أما شبابنا العربي فهو بعيد عن هذا التهافت المشين ..عروض أزياء للرجال ؟!! ..يا إلهي ..ماذا حدث لهؤلاء الناس ؟ وهل يستحق الرجال عروضاً من أي نوع ..ماذا أنتجوا لنا غير القمع والتنكيل ؟ .. لم يتبق إلا أن ترتدي ( كامبل ) زياً عربياً وترقص رقصة الحرب بالسيف والرمح ..لن يفعلها أبناؤنا بكل تأكيد .. لكن هل ستأتين لمشاهدة العرض الكبير الخميس القادم ..؟ لقد إنتهينا من كل شيء تقريباً ولم يتبق إلا الإخراج وسيحضر لنا من باريس فنان ومصصم كبير للأزياء .. لن أحضر ولا تكلمني بعد اليوم إلي أن تغلق هذا الماخور اللعين ..فكر في مشروع يليق بك كرجل ..كرجل حقيقي ..مفهوم ؟ ..ولكن حبيبتي لقد انفقت كل ما أملك بناءً علي دراسة جدوي علمية ومنهجية أعدتها شركة متخصصة في هذا المجال .. و ...حبيبتي هل أنت معي؟ أين ذهبت هذه الدجالة ؟ ..يا الله .. ماذا دهي هؤلاء الحبيبات ؟ ! .
عبدالغني خلف الله
11-06-2011, 07:20 AM
الحلقة السادسة عشرة
ممتااز ..ممتاز ..يبدو أن الإعلان الذي نشرناه عن رغبتنا في توظيف عارضات أزياء قد أثبت جدواه .. فهذه السمراء الفارعة لا بد أنها قد قرأت الإعلان وتريد التقديم لنا .. مرحبا ..السلام عليكم .. .وعليكم السلام ..تفضلي بالجلوس ..لا .. اشكرك يا أخي ..في الواقع أنا اسأل عن مكتب المحامي عدلان .. قيل لي أنه قريب من هنا ..مكتب الأستاذ عدلان بالطابق الثالث .. ولكن ألا ترغبين بالعمل كعارضة أزياء ؟ ..عارضة أزياء ؟!!..هل جُننت يا شاب ؟ ..أولاً أنا استاذة جامعية وحتي إن كنت عاطلة عن العمل هل سأقبل أو تقبل اي فتاة سودانية بالعمل كعارضة أزياء .. إعتبري مشاركتك معنا وظيفة إضافية وسأمنحك راتباً يعادل ضعف مرتبك بوزارة التعليم العالي ..عفواً أخي .. ليس لي الكثير من الوقت لأبدده معك فأمامي نصف ساعة فقط لألحق بمحاضرتي ..بالإذن ..السلام عليكم ..وعليكم السلام ..في الواقع قرأت إعلاناَ بالصحف عن وظائف لعارضات أزياء ..هل ..؟ ..نعم . نعم ..نحن من أعلن ..تفضلي ..يا لروعة هذه الفتاة .. صحيح أنها لا تضع ( ميك اب ) ويداها خشنتان كنتوءات الصخر ..لكننا سنعكف علي إعادة صياغتها من جديد ..قلت لي ما اسمك ..إسمي ( لينا ) ..عاشت الأسامي ..من اي كلية تخرجت ..؟ عن اي كلية تتحدث ؟ .. أنا أمية ولا أعرف كيف اكتب اسمي وكنت أعمل في غسل وكي ملابس الجيران لمساعدة اسرتي ..فقد تقاعد والدي ومعاشه يكفينا حتي الأسبوع الأول فقط من كل شهر ..لا أجد عيباً في العمل عزيزتي .. المهم ألا يمتهن الواحد منا مهنة التسول ..لا باس ..سأمنحك راتباً يكفي اسرتك فلا تقلقي ..هل لي أن أعرف طبيعة عملي ..؟ فأنا اشاهد عروض الأزياء في التلفاز فقط وليس لدي فكرة عن طبيعة عمل العارضات ..نعم ..نعم حبيبتي ..أعني عزيزتي ..لحسن الحظ لدينا فساتين جاهزة تناسب طولك ..فأنت فارعة جداً حبيبتي ..أعني عزيزتي ..من هنا فضلاً..علي مهلك ..علي أكثر من مهلك ..خذي هذا الفستان وجربيه ..بالإذن ..أخي ..حالاً ..هذا الفستان ضيق جداً ومفتوح عند الصدر ..والذراع عارية ..لا ..لا ..لا مشكله ..جربي هذا حبيبتي ..أنا متأكد من أنه سيعجبك ..حسناً ..لا يا أخي .. إنه منصّف عند القدمين وإحدي الكتفين عارية تماماً ..ولكن حبيبتي ..لا بد من خلق نوع من التشويق والإثارة في نفوس من يشاهدون عروضنا حبيبتي فيشتروا منا ..لا أتفق معك أخي ..الدين والعرف وتقاليدنا تنهانا عن التبرج .. أفضل أن أعود للعمل في غسل وكي الملابس علي إمتهان كرامتي وكرامة أسرتي ..بالإذن ..لكن أختي .. لدينا موديلات أخري جربيها ..السلام عليكم ..وعليكم .
عبدالغني خلف الله
14-06-2011, 12:03 PM
الحلقة السابعة عشرة
مرحبا حبيبتي ..يا للمفاجأة السارة ..هل تتسوقين عادة بهذا ال ( سوبر ماركت ) ..؟ .. لا حبيبي لقد حضرت مع شقيقتي التي تود شراء بعض الأغراض ..للعرس ..؟ ..ليس تماماً .. لكنها في كل عيد تتهيأ لتلك المناسبة التي لا تريد أن تتم ..ولماذا لا تتم حياتي ؟..لأن العريس يماطل ويراوغ كلما اقترب الموعد الذي حدده لإتمام الزواج ..وأنت كيف تسير الأمور معك ؟ ..لو كنت تجيبين ( إيميلاتي ) لعرفت كيف تسير الأمور معي ..حتي هاتفك النقال ..حبي ..مُغلق..وعندما يرن لا يجيب وعوضاً عن ذلك يأتيني صوت هامس ليقول لي ( الهاتف الذي تطلبه مُغلق أو مشغول أو لا يمكن الوصول إليه ) فأصاب بالرعب الشديد .. بالمناسبة .. حياتي ..لقد قمت بإنشاء صفحة علي ( الفيس بوك ) ..والله ؟!! ..أنت تتقدم بسرعة في ما يخص تقنيات القرن العشرين ..بل الواحد والعشرين ..معذرة ..أنا أيضاً لدي صفحة ولو كنت دقيقاً لعرفتني وقمت بالرد علي طلبي لك لإضافتي ضمن قائمة أصدقائك التي تتنامي باطراد ..صحيح ..صحيح ..هل أنت ذات الخمار الأسود ؟ .. نعم أنا هي ..يااه ..لكم أحببت إطلالتك وأنت تريحين وجهك فوق كفك اليمني وتبتسمين ..صدقيني حبيبتي لقد حاولت التواصل معك ولكنني لم أهتد للطريقة التي أُشكل بها صفحة خاصة بي ..ليست صعبة حبيبي ..تضغط علي كلمة (نوت ) علي الجانب الأيسر ..تجدها تحت عبارة ( وول )..حائط يعني ..ما هذه الطلاسم ؟ ..عموماً سأحاول أن أفتح صفحة بينما تكونين أنت علي الخط عبر الهاتف النقال ..هو كذلك حبيبي ..لقد خرجت شقيقتك أليس تلك الجميلة الرشيقة شقيقتك ؟ ..إنها تشبهك لدرجة مخيفة حياتي .. يا للهول .. إنها فاتنة حقاً ..كفي حماقة وكُف عن التغزل بشقيقتي ..معذرة ..لقد كنت أُعبر عن شعورى بعفوية لا أكثر ..أنظري لقد دلفت مرة أخري للمتجر ..لديها قائمة طويلة من المشتريات ..ولكن قل لي ..ألا زلت مصمماً علي المضي قدماً في مشروع عروض الأزياء ؟! .. بالطبع لا ..لقد فاتني أن أقول لك بأنني قايضته بموقع جديد مع أحد الأصدقاء ..عظيم ..كنت واثقة بأنك ستثوب إلي رشدك .. وبم قايضته حياتي ؟ ..قايضته بمحل لتصفيف الشعر ..( كوافير) ؟!! .. لماذا تبدين مرعوبة هكذا ..ولماذا أنت مصمم علي إغضابي في كل مرة ؟ ..إنتظري لحظة حبيبتي سأشرح لك الأمر ..بالموقع طابق علوي لإيجار فساتين الزفاف وبالطابق الأرضي تتم عملية تجهيز العروس ..وعادة أصعد أنا حيث الفساتين عندما تجري عملية ( الميك أب ) وعندما تصعد العروس وصويحباتها لاختيار الفستان المناسب وقياسه أهبط أنا للطابق الأرضي ..وهكذا حبيبتي تسير الأمور ..حبيبتي توقفي ..لماذا تركضين هكذا بعيداً عني ؟! لن أتوقف ولا تكلمني بعد اليوم حتي تتخلص من عقدة الدوران في محيط السيدات والآنسات .. ولكن حبي ..ولكن ..أين اختفت هذه الأفعي ؟ ..يا الله ماذا دهي هؤلاء الحبيبات ؟ .
]
عبد الله الرحيلي
28-07-2012, 08:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لغة الصمت ..(أقصوصة)
عبدالغنى خلف الله
الحلقة الأولى
هأنا أعود لدواتى كما يعود العاشق لحبيبته الأولى ..صحيح إننى لا أكتب وأمارس لغة الصمت لا أكثر ..ألا يقولون أن الصمت يكون أحياناً أبلغ من صخب الكلام ..ولمن تُرسم الكلمات يا زمان الرهق المقيم ؟! لكأنك يا قلبى صخرة أُقتلعت من جذورها ..لكنك حين تدحرجت من أعلى قمة فى الجبل ..كنت نزقاً و صاخباً فى انزلاقك المثير وأنت تدهس الشجيرات الصغيرة التى أدمنت قُبلات الهواء الطلق ساعة الأصيل وهى تتمايل يمنةً ويسرًة فى رقصة هادئة بإيقاع نافذ ..ومع كل الصخب والضجيج الذى تلونه قبعات الغبار الصاعد إلى فضاءات السهل الفسيح قلت الكثير قبل أن ترتاح على هُدب التلة الصغيرة اسفل الوادى ..وضاع صوتك عبر الأثير ..نعم حبيبتى ..أرجوك لا تدلفى إلى ذاكرتى الآن ..إنتظرينى قليلاً ..أعدك بأن أعود إليك ولى معك وقفات ووقفات ...لكن ..أففِ لقد مللت الانتظار حبيبى..أعطينى بضعة ثوان وسألتقيك ..أعدك بذلك .. قال لى الموظف القابع خلف نافذته الزجاجية .. بطاقتك الشخصية لو سمحت ..أدخلت يدى فى جيب سترتى وبعد أن تاهت كثيراً فى ثنايا أوراقى المهترئة عثرت على البطاقة ..ملمسها الناعم دلنى عليها ..أخرجتها وقبل أن اقدمها له تأملت صورتى الفوتغرافية المختبئة خلف الغطاء البلاستيكى المتآكل من جميع زواياه .. قالت لى عيناى ..أما تعبت يا صديقى من الركض بحثاً عن الذات ..مذ متى وأنت تقرع ابواب السادة الكبار دون أن يلتفت إليك أحد منهم .. تناولها منى وقال لى تفضل بالجلوس ريثما يتصل بنا سيادة المسئول .. قلت له أنا فى عجلة من أمرى .. أرجوك إتصل به عبر هاتفكم الداخلى .. قال لى بكبرياء مصطنع نحن لا نتصل .. هو من يتصل .. لكن ..عزيزي الفاضل ..إنه يعرفنى بالاسم .. لطفاً قل له فلان يطلب الإذن بمقابلتك .. ابتسم فى خبث وهو يقول لى .. هل لديك موعد مسبق ؟.. قلت له لا ..إذن عليك بالجلوس هنالك ..اخرجت قلمى وكتبت على وريقة صغيرة .. عزيزي فلان .. أنا بغرفة الاستقبال .. تناولها منى ورمى بها جانباً ..قلت لك يا استاذ غير مسموح لنا بالاتصال أو تمرير المذكرات الخطية إلى الداخل ..ألأ تفهم ؟!! .. نعم أفهم .. أفهم جداً وبكل تأكيد .. غادرت المكتب وقبل أن أعبر الطريق أخذت نفساً عميقاً والتفت خلفى لأري ذاك الموظف وهو يضحك من أعماقه مع زميل له كان يجلس بقربه يستمع إلى حواري معه دون أن ينبس ببنت شفة وهو يضع قلماً انيقاً فى فمه وقد توقف عن كتابة شيء أمامه فى وريقة صغيرة حملت فى أعلاها عنوان واسم المؤسسة تلك ..نعم حبيبتى ..ها قد عدت إليك ..لقد صرت قاسياً حبيبى ومعاملتك لى تشعرنى بأنك ما عدت تحبنى ..كيف تقولين هذا الكلام غاليتى ..أنا أحبك .. ولو كنت فى هذه اللحظة لوحدى لصرخت بأعلى صوتى .. أحبك .. احبك ..ولكننى أفقد فى هذه اللحظة بعضا من نفسى .. فقد رفضونى ..رفضونى .. بكل بساطة وبدون إعتذار .. رفض طلبى حبيبتى ..تصورى .. إييه يا دنيا ..ما هذا الذى يحدث لى ؟!! .
موضوع جيد يعالج قضية الزبونية والمحسوبية دون مراعاة الكفاءة ، كما يعالج تردي مستوى الموظفين العاملين بالإدارات . ملاحظة الأخ عبد الغني ،قلت في الأول ستكتب أقصوصة ، والاقصوصة قصيرة جدا بالمقارنة مع القصة ، فما كتبته قصة وليس أقصوصة. مع تحياتي وتقديري.
عبدالغني خلف الله
27-03-2013, 08:06 AM
عزيزي بل وأستاذي عبدالله الرحيلي ..أعتذر بشدة لتقصيري في التعقيب علي ملاحظاتكم القيمة ..فقد ظننت أن ما كتبت هنا مجرد تهويمات لا أكثر لذلك كان التصنيف ..أقصوصه ..وأنت بلطفك خلقت منها قصه ..شكراً مرة أخري وحفظك الله من كل سوء .
نداء غريب صبري
29-06-2013, 03:33 PM
رواية جميلة
بدات قراءتها امس ولم أنته حتى عصر اليوم
شكرا لك ايها الحخ الأكبر والقاص الرائع
بوركت
لانا عبد الستار
27-07-2013, 05:49 AM
أسلوب سردي رائع بقلم روائي قدير
قراءتها متعة وتذوق
أشكرك
د. سمير العمري
17-08-2013, 06:19 PM
أنت قاص مميز بارع في حذب القارئ لمتابعة الحدث والحوار ، وفي نصوصك دفء النقاء والصدق ورائحة الريف السوداني الحبيب.
لا فض فوك ودام هذا الألق!
تقديري
عبدالغني خلف الله
22-08-2013, 07:38 AM
رواية جميلة
بدات قراءتها امس ولم أنته حتى عصر اليوم
شكرا لك ايها الحخ الأكبر والقاص الرائع
بوركت
الإبنة المترفة نداء ..أشكرك وأنت تصبغين علي هذا النص صفة الرواية ..حفظك الله من كل سوء .
عبدالغني خلف الله
22-08-2013, 07:40 AM
أسلوب سردي رائع بقلم روائي قدير
قراءتها متعة وتذوق
أشكرك
الإبنة الغالية لانا ..كل الود وعاطر التحايا وشكراً جزيلا علي مرورك علي هذا النص .
عبدالغني خلف الله
22-08-2013, 07:45 AM
أنت قاص مميز بارع في حذب القارئ لمتابعة الحدث والحوار ، وفي نصوصك دفء النقاء والصدق ورائحة الريف السوداني الحبيب.
لا فض فوك ودام هذا الألق!
تقديري
والله كم أنا سعيد بهذه الإطلالة الرائعة من قامة باسقة مثلكم ..ومصدر سعادتي أنك بخير .. ومن أجمل الصدف أنني وجدت هاتفكم من ضمن قائمة الواتسوب عندي هذا الصباح..يعجز الحرف عن توصيف الرسالة التي تتحملون مسئولياتها تجاه أمتكم ..ابقاك الله دائما في حلل الصحة والعافية وحفظك ومن حولك من كل سوء .
ناديه محمد الجابي
20-01-2021, 07:20 PM
بدأت قراءة هذه القصة فوجدت نفسي أغوص بين ثنايا حروفها فلم أتركها إلا مع آخر حرف فيها
سيدي الفاضل/ شكرا على هذا القص الجميل ـ هذا هو الأدب الذي يسرق كل حواس المتلقي
سرد ممتع وشيق يفتح الباب على الكثير من المواضيع الهادفة فيتناولها بعمق وبأسلوب جميل متمكن
أنت أديب مبدع ـ وقد استمتعت بكل حرف في روايتك وأتمنى لو اقرأ لك من جديد.
دمت بكل خير ـ ولك تحياتي وتقديري.
:v1::nj::0014:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir