تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ...... خارج التغطية



مازن لبابيدي
19-04-2011, 07:39 AM
......خَارِجَ التَّغطِيَة



حَرَصَ الحَاجُّ أَبُو عَبدِالله حِرْصًا شَديدًا عَلَى إخْفاءِ حُلَّتِهِ الزَّاهِيةِ عَنْ أَعْيُنِ أَهْلِهِ وأَولادِهِ وكُلِّ مَنْ يَعْرِفُهُ إلاَّ عَنْ بَعْضِ رِفْقَةٍ قِلَّةٍ.
لَمْ يَكُنْ غِيابُهُ مِنْ حِينٍ لآِخَرَ وَتَأَخُّرُهُ في العَوْدَةِ إلى دارِهِ أَمْرًا يُوجِبُ القَلَقَ ومَا كان لأُِمِّ عَبدِاللهِ أَنْ تَعْتَرِضَ عَلى زَوْجِهَا الذي تَهابُهُ وَتُجِلُّهُ وتَعْلَمُ أنَّهُ ما لَمْ يَكُنْ في المَسْجِدِ أَوْ في صِلَةِ رَحِمٍ فَهُوِ مع أَصحَابِهِ يَتَسامَرونَ ويَذْكُرونَ أيَّامَ الصِّبا والشَّبابِ.
أَمَّا عَبدُالله كبيرُ أَولادِهِ فَقَدْ شَبَّ سَريعًا مُتَجاوِزًا انْتِبَاهَ والِدِهِ لَهُ ، وصَارَ هُوَ الآخَرُ قَليلَ اللُّبْثِ في المَنْزِلِ مُمْضِيًا غَالِبَ الوَقْتِ في الاهْتِمامِ بِمَظْهَرِهِ وهِنْدَامِهِ و(مُهَاتَفَةِ) أَصْحَابِهِ ومُواعَدَتِهِمْ .
واعْتَادَتْ المِسْكِينَةُ أُمُّ عَبْدِاللهِ عَلى ذَلِكَ مِن ابنِها أَيضًا .. شَابٌّ فِي رَيَعَانِ صِبَاهُ ، وسَيَعْقِلُ عِندَما يَكْبَرُ .. إنْ شَاءَ اللهُ ، هَذا كُلُّ ما كان بِيَدِهَا فِعْلُهُ بَعْدَ نَصَائِحِهَا المُهْدَرَةِ ورَجائِها المُتَواصِلِ المُشْفِقِ عَلَيْهِ .

في لَيْلةٍ تُشْبِهُ الكَثيرَ مِنْ لَيالٍ غَيرَها أَكَلَ القَلَقُ قَلْبَ أُمِّ عَبدِاللهِ لِتَأَخُّرِهِ الشَّديدِ ... عَبَثًا حاوَلَتْ الوُصُولَ لأَبي عَبدِاللهِ الَّذِي كان هَاتِفُهُ الجَوَّالُ مُغْلَقًا ، والَّذِي زَادَ في غَلَيانِ فُؤَادِها أنَّ صاحِبَ عَبدِاللهِ المُقَرَّبَ أَجابَها- عِنْدَما اتَّصَلَتْ بِهِ- أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ولا يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ !.. هَكَذا قَال ... شَعَرَتْ بِنَبْرَةٍ مُرِيبَةٍ فِي صَوْتِهِ .. رُبَّما بِسَبَبِ القَلَقِ .

ساعاتُ الانتِظارِ القاتِلَةُ مَرَّتْ أَحْقابًا عَلَى أُمِّ عَبدِاللهِ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعْ صَوْتَ المُفْتاحِ يَدُورُ في قَلْبِها ، وعِنْدَما بَدَأَ البَابُ يَنْشَقُّ أَتَمَّتْ هِيَ فَتْحَهُ بِسُرْعَةٍ وَتَلَقَّتْ وَلَدَهَا في حُضْنِها بَاكِيةً مُعاتِبَةً حَتَّى أَنَّها لَمْ تَلْحَظْ لِلْوَهْلَةِ الأُولَى الذُّهُولَ والإِعْياءَ والحُزْنَ المُؤْلِمَ الَّذي كان يَعْتَصِرُ قَلْبَهُ ويَشُلُّ تَفْكِيرَهُ ...
يا حَبِيبي لَقَدْ شَغَلْتَنِي عَلَيْكَ كَثِيرًا ... والحَمْدُ للهِ أَنَّكَ بِخَيْرٍ ، لَكِنِّي يَا وَلَدِي قَلِقَةٌ عَلَى أَبِيكَ فَقَدْ تَأَخَّرَ كَثِيرًا وَهُوَ ..جَوَّالُهُ.. خَارِجُ التَّغْطِيَةِ .
انْفَجَرَ عَبدُاللهِ بِالبُكاءِ والنَّحِيبِ والأُمُّ ذَاهِلَةٌ تَجْهَدُ لِطَرْدِ الأَفْكَارِ السَّوْداءِ المُتَزَاحِمَةِ عَلَى قَلْبِهَا حَتَّى كادَتْ أَنْ تُوقِفَهُ ! وَقَبْلَ أَنْ تَنْطِقَ بِشَيءٍ سَبَقَهَا عَبْدُ اللهِ بِكَلِماتٍ خَالَطَتْهَا دُمُوعُهُ ... لَقَدْ شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي .. شَاهَدْتُ أَبِي .. شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي والتَقَتْ عَيْنايَ بِعَيْنَيْهِ... وكان يَرْتَدي ..لا ..لا ..وَاختَلَطَتْ الحَشْرَجَةُ والبُكَاءُ بِكَلِمَاتٍ خَافِتَةٍ .. بَيْنَما كَانَ هَاتِفُ المَنْزِلِ يَرِنُّ .
...
فِي اليَوْمِ التَّالي خَيَّمَ الحُزْنُ والأَلَمُ .. والصَّمْتُ .. عَلَى دَارِ العَائِلَةِ ... خِلالَ مَرَاسِمِ الجَنَازَةِ .

صهيب توفيق
19-04-2011, 11:08 AM
عزيزي د. مازن/
ما أروع ما خطه يراعك....
كم أنت مبدع يا أخي العزيز
نقلتنا بسلاسة دون أن نشعر من التركيز على بطل القصة الأب إلى ابنه وسلطت الضوء عليه وعلى غيابه ثم أعدتنا إلى محورها بنفس المستوى من السلاسة المتقنة.
أنا هنا قارئ لحرفك ومعجب به ولست أحكم عليه البتة.
تشكيل النص يدفعني للتمسك بهذا المبدأ الذي عودتنا عليه
تقبل تحياتي العطرة وإعجابي الشديدين

كاملة بدارنه
19-04-2011, 03:36 PM
قصّة رائعة حبكت بحبكة تصاعديّة ومتينة ، ولغة منتقاة معبّرة ...
وكانت النّهاية التي ربطت كلّ خيوط القصّ إغلاقا للباب الذي شقّه لنا العنوان ... خارج التّغطية
فالعنوان هو البّوابة التي ندخل النّص عبرها، وقد أخفى بين ثناياه ما يساعد على الكشف، حيث أوحى لنا أنّ هناك خللا ما في التّواصل
وجاءت النّهاية لتكشف أنّ الخلل عظيم، وانّ الحدث خارج إطار تغطية العقل أيضا لصعوبة استيعابه حين سماعه
شكرا لك طبيبنا على إبداعك الذي يطرق أبوابا حياتيّة مهمّة
تقديري وتحيّتي
ملاحظة: كنت أفضل أن تحذف جملة الانهاء - خلال مراسم الجنازة؛ لأنّها جاءت تفسيريّة ..والرّأي الأخير لكم )

زهراء المقدسية
19-04-2011, 07:27 PM
والسؤال ما سبب وفاة الحاج أبي عبد الله ؟؟؟
وبأي حال رآه ابنه؟؟
باقتدار جعلت استيعابنا لسبب الوفاة خارج التغطية
وليتها أفكارنا السوداء تظل خارج التغطية أيضا

أبدعت أستاذنا الكبير
تقديري

نجوى الحمصي
19-04-2011, 10:14 PM
قصة رائعة ثرية بالجَّمال
سلسة وتشد القارئ للنهاية
بكل ماأعطي من حب للقراءة
والنهاية لم تكن إلا لكل قارئ
يضعها بيمناه ومن ذائقته
كل على حسب تغطية ذوقه وفكره ونور قلبه
رآه ولده عبد الله
ونحن رسمنا صوراً بعقولنا الأدبية لنراه
نحاول أختيار منها
مما لايظلم أبي عبدالله وصورة رأه بها ابنه
حتى أننا حائرون بالجنازة هي للابن من القهر والصدمة
أم الأب الذي غاب ولم نعلم عنه أي امر
شاعرنا دكتورنا أديبنا
مازن لبابيدي
كم مبدع أنت بعطائك أينما تجلى وترقرق
دمت ولاحرمنا الله من
أدب قصصك التي لاتمل
عبرة وخبرة وفكرة وإمتاع

نادية بوغرارة
19-04-2011, 10:21 PM
يا لها من قصة متينة الصياغة ، شيقة الحكي !!!

كانت أم عبد الله قلقة على الإبن أكثر ، ففقدت الزوج ..

و كم يشبه هذا الإبن أباه !!!

أسئلة كثيرة يطرحها النص ، و إجابات تختلف مع كل قراءة جديدة .

ربما تقصد أن توجه القارئ إلى أمر ما بالإخبار عن وفاة الأب ، لكن إخفاء ذلك

يعطي مساحة أكبر للخيال و الـتأمل .

لم أجد تفسيرا لما لونته بالأحمر :

لَكِنِّي يَا وَلَدِي قَلِقَةٌ عَلَى أَبِيكَ فَقَدْ تَأَخَّرَ كَثِيرًا وَهُوَ ..جَوَّالُهُ.. خَارِجُ التَّغْطِيَةِ .


دمت مبدعا .

مازن لبابيدي
20-04-2011, 05:27 AM
عزيزي د. مازن/
ما أروع ما خطه يراعك....
كم أنت مبدع يا أخي العزيز
نقلتنا بسلاسة دون أن نشعر من التركيز على بطل القصة الأب إلى ابنه وسلطت الضوء عليه وعلى غيابه ثم أعدتنا إلى محورها بنفس المستوى من السلاسة المتقنة.
أنا هنا قارئ لحرفك ومعجب به ولست أحكم عليه البتة.
تشكيل النص يدفعني للتمسك بهذا المبدأ الذي عودتنا عليه
تقبل تحياتي العطرة وإعجابي الشديدين

وأتقبل حبك وأخوتك اللذين غمرتني بهما ولا أتخلى عنهما أبدا .

أسعدتني والله بانضمامك "لاتحاد الكتاب المشكِّلين" فمرحبا بك .

لصهيب توفيق خالص الود وأطيب تحية .

مازن لبابيدي
20-04-2011, 07:42 AM
قصّة رائعة حبكت بحبكة تصاعديّة ومتينة ، ولغة منتقاة معبّرة ...
وكانت النّهاية التي ربطت كلّ خيوط القصّ إغلاقا للباب الذي شقّه لنا العنوان ... خارج التّغطية
فالعنوان هو البّوابة التي ندخل النّص عبرها، وقد أخفى بين ثناياه ما يساعد على الكشف، حيث أوحى لنا أنّ هناك خللا ما في التّواصل
وجاءت النّهاية لتكشف أنّ الخلل عظيم، وانّ الحدث خارج إطار تغطية العقل أيضا لصعوبة استيعابه حين سماعه
شكرا لك طبيبنا على إبداعك الذي يطرق أبوابا حياتيّة مهمّة
تقديري وتحيّتي
ملاحظة: كنت أفضل أن تحذف جملة الانهاء - خلال مراسم الجنازة؛ لأنّها جاءت تفسيريّة ..والرّأي الأخير لكم )

أختي الفاضلة كاملة بدارنة

قدمت قراءة خبيرة لنصي المتواضع وربطا ذكيا لعنوان القصة بمحورها الأساس .

ربما بدت الجملة الأخيرة تفسيرية بوجه من الوجوه ، لكن أحب التأكيد على ضرورتها كجزء من القصة وخاصة خاتمتها .

أعتز برأيك وأستنير أختي ولك كل التقدير

تحيتي

ربيحة الرفاعي
21-04-2011, 02:53 AM
يجعلون هواتفهم خارج التغطية في مواقع هي في الغالب مفاتيح خير الأمة
وقد أوحى بذلك قول الشاب "شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي والتَقَتْ عَيْنايَ بِعَيْنَيْهِ" فإن كان الرجل حيث قرأت فليتك لم تقل "لا .. لا.. " فهي تشير باتجاه مغاير

لم تغرني حلته الزاهية التي أخفاها عن اهله بظن آخر، فقد سبقها الحاج ، ولحقها " في المَسْجِدِ أَوْ في صِلَةِ رَحِمٍ "
ولعل هذا منعني من التجاوب مع إيحاءات النص
ربما يجعلني هذا قارئة ساذجة، ولكني لا استطيع ان أكون إلا انا

نص باهر كدائما

دمت بألق

مازن لبابيدي
21-04-2011, 05:39 AM
قلت لبعض من قرأ القصة واحتار في تفسير ما أشكل منها ، إن هذه ليست أحجية أو لغزا يحتاج إلى حل ، ولا أحب أن أصادر حق القارئ في الخروج بالصورة التي أوحت بها القصة له . ربما يعمد الكاتب إلى إبهام بعض جوانب القصة القصيرة والتركيز على غيرها ليقول إن هذا هو ما كتبت القصة من أجله ، أو ليجعلها تتسع لأكثر من احتمال وتأويل يجمعها جميعا قالب واحد أو تتقاطع في مشهد من مشاهدها . من هنا أقول إن القصة القصيرة الناجحة يجب أن تكون كل كلمة وحرف فيها ذات دلالة وفي مكانها الصحيح دون إطالة أو حشو ، أي مكثفة دون إخلال بمضمونها الفكري أو الحدثي أو الجمالي ، وبقدر ما يحقق الكاتب هذا ترقى القصة في قيمتها .

تحيتي لكل كريم مر من هنا وسأرد على كل إن شاء الله بما يليق بقدره الكبير عندي .

مازن لبابيدي
24-04-2011, 01:40 PM
والسؤال ما سبب وفاة الحاج أبي عبد الله ؟؟؟
وبأي حال رآه ابنه؟؟
باقتدار جعلت استيعابنا لسبب الوفاة خارج التغطية
وليتها أفكارنا السوداء تظل خارج التغطية أيضا

أبدعت أستاذنا الكبير
تقديري



؟؟؟؟؟؟
زهرة القدس الرائعة ، الإبداع في القراءة لا يقل عن الكتابة أحيانا ، وأنت مبدعة في كليهما .

أنصحك والجميع بقراءة ثانية ... متأنية .

لك التقدير الكبير وتحية أخوية

مازن لبابيدي
24-04-2011, 01:47 PM
قصة رائعة ثرية بالجَّمال
سلسة وتشد القارئ للنهاية
بكل ماأعطي من حب للقراءة
والنهاية لم تكن إلا لكل قارئ
يضعها بيمناه ومن ذائقته
كل على حسب تغطية ذوقه وفكره ونور قلبه
رآه ولده عبد الله
ونحن رسمنا صوراً بعقولنا الأدبية لنراه
نحاول أختيار منها
مما لايظلم أبي عبدالله وصورة رأه بها ابنه
حتى أننا حائرون بالجنازة هي للابن من القهر والصدمة
أم الأب الذي غاب ولم نعلم عنه أي امر
شاعرنا دكتورنا أديبنا
مازن لبابيدي
كم مبدع أنت بعطائك أينما تجلى وترقرق
دمت ولاحرمنا الله من
أدب قصصك التي لاتمل
عبرة وخبرة وفكرة وإمتاع




وكم مبدعة أنت بنظرتك وعاطفتك
أسعدتني قراءتك الشاملة للقصة وتفاعلك معها كما أسعدني مرورك فيها .
لولا أخي صهيب لقلت أن قصة كهذه لم تلفت إلا نظر صاحبات القلوب المرهفة والعاطفة السخية
فلله در الأم ما أرحمها والزوجة ما أعطفها والأخت ما أحنها والبنت ما أشفقها .


نجوى الحمصي ، لك من أخيك وافر التقدير والشكر .

بابيه أمال
25-04-2011, 03:47 AM
سلام الله عليكم
الحلة الزاهية لحاج تجله زوجته رغم تأخره في العودة لمنزله مهابة مما تراه عليه من حال طيب ما بين مسجد وصلة رحم أو جلسة سمر مع أصدقائه للترويح عن النفس بتذكر أيام الصبا والشباب هي ثوب كفن زاه شاهده عليه ابنه عبد الله ذا الصفات المشابهة له والمشارك معه في إحدى العمليات الجهادية على أكبر تقدير..

هنا حاولت فقط فك رموز نص جمع ما بين حياكة الأحداث المتسارعة ما يجعل القارئ في نهاية الحروف ما بين ثلاث ألغاز أولها أب.. وابن.. وحلة زاهية.

الأخ الكريم مازن.. شكرا لقلم يصاحب لغة السرد بألغاز خارج التغطية..

نادية بوغرارة
25-04-2011, 01:37 PM
[COLOR="Indigo"]

ثوب كفن زاه شاهده عليه ابنه عبد الله ذا الصفات المشابهة له والمشارك معه في إحدى العمليات الجهادية على أكبر تقدير..

COLOR]
======
حين قرأت النص أول الأمر و فاح منه عطر الشهادة ، ظننت أنه تأثري بالأحداث المحيطة بنا ،

بمنظر الدماء و الشهداء في أرجاء وطننا ، حيث الضحايا ممن يقصدون الشهادة ، و من مُنحت لهم دون أن يطلبوها .

حالة تعكس خيوطها على نسيج أفكارنا فتفرض نفسها علينا بقوة ،

اليوم الوالد ـ و غدا ربما الإبن ـ و للأمهات فيها نصيب أيضا ،

عدت بعد أن وجدت من يشاطرني ،و حتى لو كان مجرد تأثير خارجي ، أعتقد أنه مبرّر .

نسأل الله فرجا قريبا .

دمتِ .

أماني عواد
25-04-2011, 08:15 PM
الاستاذ الكبير مازن لبابيدي

قد قرأتها مرارا وفي كل مرة كنت اتخيل شخصية مغايرة للاب . فللوهلة الاولى شعرته " سي السيد " بطل ثلاثية نجيب محفوظ . وفي غيرها خيل لي انه لصا لولا الا ان الدلالة الذكية التي اوردتها "حلته الزاهية" قد قادتني لأحسن الظن به فاقول انه مناضل بطل يعمل خارج التغطية هو وجواله

اكثر ما يجذبنا تلك القصص والروايات التي تثير فينا روح النضال
خارج التغطية عنوان موفق جدا فاي تغطية على اتساعها تضيق امام قلب مناضل
دمت مبدعا

مازن لبابيدي
11-05-2011, 01:40 PM
يا لها من قصة متينة الصياغة ، شيقة الحكي !!!

كانت أم عبد الله قلقة على الإبن أكثر ، ففقدت الزوج ..

و كم يشبه هذا الإبن أباه !!!

أسئلة كثيرة يطرحها النص ، و إجابات تختلف مع كل قراءة جديدة .

ربما تقصد أن توجه القارئ إلى أمر ما بالإخبار عن وفاة الأب ، لكن إخفاء ذلك

يعطي مساحة أكبر للخيال و الـتأمل .

لم أجد تفسيرا لما لونته بالأحمر :

لَكِنِّي يَا وَلَدِي قَلِقَةٌ عَلَى أَبِيكَ فَقَدْ تَأَخَّرَ كَثِيرًا وَهُوَ ..جَوَّالُهُ.. خَارِجُ التَّغْطِيَةِ .


دمت مبدعا .


أختي نادية


متعتي بقراءة ردودك وتحليلك للنص لا تقل عن قراءة قصة كاملة ، وأرى نجاح قصتي في إثارة هذا التفكر العميق والتحليل الدقيق عند القراء وقد يأتي ذلك أحيانا بتأويلات ربما كانت بعيدة عن بالي ، ولكن كما قلت سابقا في أكثر من موضع ، لا يهم الحدث الذي يقدح زناد القصة القصيرة بقدر ما يهم القالب القصصي الذي يتشكل منه والذي قد يتسع بعد ذلك - وبحسب براعة القاص وتوظيفه له - لمجموع من الأحداث والتفسيرات التي تلتقي أو تتقاطع عنده ، والأهم عندي هو العبرة التي يتمحور حولها النص أو القصة .
استفسارك عن الكلمة "هو" ، هي كلمة سبقت للسان الزوجة ثم استدركتها بكلمة "جواله" لأن ما يشغل بالها حقا هو صاحب الجوال .

أعتز بوقوفك إلى جانبي أختي نادية فمرحبا بك

كل التقدير والاحترام

مازن لبابيدي
11-05-2011, 01:50 PM
يجعلون هواتفهم خارج التغطية في مواقع هي في الغالب مفاتيح خير الأمة
وقد أوحى بذلك قول الشاب "شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي والتَقَتْ عَيْنايَ بِعَيْنَيْهِ" فإن كان الرجل حيث قرأت فليتك لم تقل "لا .. لا.. " فهي تشير باتجاه مغاير

لم تغرني حلته الزاهية التي أخفاها عن اهله بظن آخر، فقد سبقها الحاج ، ولحقها " في المَسْجِدِ أَوْ في صِلَةِ رَحِمٍ "
ولعل هذا منعني من التجاوب مع إيحاءات النص
ربما يجعلني هذا قارئة ساذجة، ولكني لا استطيع ان أكون إلا انا

نص باهر كدائما

دمت بألق

لست قارئة ساذجة أختي الكريمة ولكنه منظارك النقي الذي يأبى أن يرى شائبة ناهيك عن أن يقبل بها .

لا أحب أن أفرض حكمي على القارئ قاتلا بذلك روح التخيل ومصادرا حق الفهم عنده ، لكنني أناقشك في فكرتك من جهة منطقها ، أفلا ترين أختي أن كون أبي عبدالله حاجا ومصليا وواصلا للرحم يجعل من الفكرة التي أوحاها إليك النص أشد قبحا وشناعة مما لو صدرت عن غيره ؟ وبالتالي ينتج صدمة أكبر ؟ . سؤال للنقاش فقط ولا أدعي تأويلا .

تحيتي وتقديري للقارئة المتميزة ربيحة الرفاعي .

سامح محرم السعيد
12-05-2011, 10:58 PM
من إبداع الكبار نتعلم ومن حوار الكبار نزداد علماً وخبره

وأتسائل هنا هل سيظل عبد الله في حُلته ويسير في نفس الطريق خارج التغطية ؛

أستاذي / مازن
أدام الله عليك هذه الحكمه والإبداع

مازن لبابيدي
13-05-2011, 09:21 AM
سلام الله عليكم
الحلة الزاهية لحاج تجله زوجته رغم تأخره في العودة لمنزله مهابة مما تراه عليه من حال طيب ما بين مسجد وصلة رحم أو جلسة سمر مع أصدقائه للترويح عن النفس بتذكر أيام الصبا والشباب هي ثوب كفن زاه شاهده عليه ابنه عبد الله ذا الصفات المشابهة له والمشارك معه في إحدى العمليات الجهادية على أكبر تقدير..

هنا حاولت فقط فك رموز نص جمع ما بين حياكة الأحداث المتسارعة ما يجعل القارئ في نهاية الحروف ما بين ثلاث ألغاز أولها أب.. وابن.. وحلة زاهية.

الأخ الكريم مازن.. شكرا لقلم يصاحب لغة السرد بألغاز خارج التغطية..

وهل يستعصي حل الألغاز على تغطية أديبة حصيفة مثلك أختي بابية ؟

في ضوء ردك أحب أن أكشف عن حيرتي في اختيار عنوان للقصة ، فقد توجهت في البداية لعنونتها ب "حلة زاهية" ، ثم رأيت أن الأنسب والأشمل لمحور التأثير المراد هو العنوان الذي اعتمدته .

أشكر مرورا نديا وقراءة ذكية من أختي بابية .

كل التقدير والسلام تحية .

محمود فرحان حمادي
13-05-2011, 10:08 AM
أصالة الموهبة وقوة الفطنة وجمالها
هي التي أوحت هذا النص
ولاغرو والدكتور مازن لبابيدي
صاحبه وكاتبه
دام بهاء الحرف
تحياتي

مازن لبابيدي
15-05-2011, 06:09 AM
======
حين قرأت النص أول الأمر و فاح منه عطر الشهادة ، ظننت أنه تأثري بالأحداث المحيطة بنا ،

بمنظر الدماء و الشهداء في أرجاء وطننا ، حيث الضحايا ممن يقصدون الشهادة ، و من مُنحت لهم دون أن يطلبوها .

حالة تعكس خيوطها على نسيج أفكارنا فتفرض نفسها علينا بقوة ،

اليوم الوالد ـ و غدا ربما الإبن ـ و للأمهات فيها نصيب أيضا ،

عدت بعد أن وجدت من يشاطرني ،و حتى لو كان مجرد تأثير خارجي ، أعتقد أنه مبرّر .

نسأل الله فرجا قريبا .

دمتِ .

من الطبيعي أختي نادية أن تؤثر فينا الأحداث خاصة الكبيرة منها ، فهي تغير مزاجنا وعاطفتنا وربما فكرنا وقيمنا .

أعتز بمرورك في كل مرة ، وأشكرك لقراءتك وتحليلك .

تحيتي

محمد ذيب سليمان
15-05-2011, 11:00 PM
نص جميل اخذنا معه حتى آخر حرف فيه
وكانت النهاية ايضا شديدة الوقع
وغير متوقعة

شسكرا لك

مازن لبابيدي
16-05-2011, 01:30 PM
الاستاذ الكبير مازن لبابيدي

قد قرأتها مرارا وفي كل مرة كنت اتخيل شخصية مغايرة للاب . فللوهلة الاولى شعرته " سي السيد " بطل ثلاثية نجيب محفوظ . وفي غيرها خيل لي انه لصا لولا الا ان الدلالة الذكية التي اوردتها "حلته الزاهية" قد قادتني لأحسن الظن به فاقول انه مناضل بطل يعمل خارج التغطية هو وجواله

اكثر ما يجذبنا تلك القصص والروايات التي تثير فينا روح النضال
خارج التغطية عنوان موفق جدا فاي تغطية على اتساعها تضيق امام قلب مناضل
دمت مبدعا

أماني عواد المبدعة قراءة وكتابة ، أحييك بكل التقدير

يكفيني أن تصبري على قراءة قصتي مرارا لأشعر بالرضا عنها ، وقد صدقت فالقصص التي تثير فينا روح النضال تتعدى كونها قصة عادية إلى طاقة روحية تتسلل إلى القلوب لتحيي فيها تلك المعاني النبيلة .

شكرا لمرورك الطيب .

مازن لبابيدي
16-05-2011, 01:35 PM
من إبداع الكبار نتعلم ومن حوار الكبار نزداد علماً وخبره

وأتسائل هنا هل سيظل عبد الله في حُلته ويسير في نفس الطريق خارج التغطية ؛

أستاذي / مازن
أدام الله عليك هذه الحكمه والإبداع

مرور طيب أدخل السرور لقلبي

أخي سامح أنت مبدع موهوب ، وكلنا متعلم يبتغي الرقي بأدبه وثقافة الأمة والحفاظ على هويتها الأصيلة .

تساؤلاك يحتمل الكثير من التشعبات ويكفي أن نسلط الضوء على جانب اجتماعي بهذه الخطورة وأثره في البيت والولد والزوج والأمة لنحصد ثمرة العبرة ونوافي المقصد من القصة .

بارك الله فيك ولك التحية العطرة

مازن لبابيدي
16-05-2011, 01:38 PM
أصالة الموهبة وقوة الفطنة وجمالها
هي التي أوحت هذا النص
ولاغرو والدكتور مازن لبابيدي
صاحبه وكاتبه
دام بهاء الحرف
تحياتي

أخي الحبيب شاعرنا الفذ محمود حمادي

مرحبا بك في جناح القصة الذي طار فرحا بقدومك ، وأنت تغني هذا النص بإطرائك الكريم .

دمت لنا بدفعك المؤازر .

مازن لبابيدي
16-05-2011, 01:40 PM
نص جميل اخذنا معه حتى آخر حرف فيه
وكانت النهاية ايضا شديدة الوقع
وغير متوقعة

شكرا لك

شاعرنا وقاصنا الحبيب محمد ذيب

أكرمتني بإكرامك للنص وأسعدتني بإعجابك .

لك التقدير الكبير والتحية العطرة .

ناديه محمد الجابي
11-02-2013, 05:39 AM
لم تعجبنى القصة فقط .. ولا تلك الألغاز التى أثارتها
ولكن أيضا تلك المحاولات والمحاورات التى عملت
جاهدة على فك رموز النص فأثرته وأمتعتنا .
فشكرا لك د . مازن على ما كتبت
وشكرا لقلم مسكون بالروعة والأبداع .

عبدالإله الزّاكي
12-02-2013, 04:26 AM
......خَارِجَ التَّغطِيَة



والَّذِي زَادَ في غَلَيانِ فُؤَادِها أنَّ صاحِبَ عَبدِاللهِ المُقَرَّبَ أَجابَها- عِنْدَما اتَّصَلَتْ بِهِ- أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ولا يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ !.. هَكَذا قَال ... شَعَرَتْ بِنَبْرَةٍ مُرِيبَةٍ فِي صَوْتِهِ .. رُبَّما بِسَبَبِ القَلَقِ .

فِي اليَوْمِ التَّالي خَيَّمَ الحُزْنُ والأَلَمُ .. والصَّمْتُ .. عَلَى دَارِ العَائِلَةِ ... خِلالَ مَرَاسِمِ الجَنَازَةِ .

لو كانت الحلّة الزاهية شهادة في سبيل الله أو عملا صالحا لما أخفاها الصديق المقرّب عن زوجة أبي عبدالله و ما يزيد هذا الإتجاه تصديقا إحساس الزوجة من نبرة الصديق بالريبة! ثم قول الولد: وكان يَرْتَدي ..لا ..لا ..فربما علم الولد بأمر خيانة الوالد فأخفاه عن والدته حتى تبقى الصورة كما كانت في عين الأم و الأهل و الجيران .
ثم لو كان الأمر يتعلق بالشهادة لما تسيّد الصمت المكان في الجنازة فهذا مقام البطولة و التضحية ! الأمر يتعلق بخيانة، إلى هنا انتهى تفكيري أخي الكريم و أديبنا الراقي و شاعرنا السامق مازن لبابيدي، قصّة رائعة السبك و سلسة السرد، مفتوحة التأويل.

تحياتي لك أيها الكريم و بالغ تقديري

مازن لبابيدي
23-02-2013, 02:38 AM
لم تعجبنى القصة فقط .. ولا تلك الألغاز التى أثارتها
ولكن أيضا تلك المحاولات والمحاورات التى عملت
جاهدة على فك رموز النص فأثرته وأمتعتنا .
فشكرا لك د . مازن على ما كتبت
وشكرا لقلم مسكون بالروعة والأبداع .

الشكر كله لك أختي الأديبة نادية الجابي لمرورك الطيب وإطرائك الكريم
مثل هذه الحوار وهذه الآراء لها قيمة عظيمة حقا أختي والكاتب الحذق هو الذي يستفيد منها ويطور أسلوبه على ضوئها .
تقديري وشكري لكلماتك التي نثرت العطر في صفحتي

آمال المصري
05-04-2013, 12:19 AM
تلك الحُلَّة التي كان يحاول إخفاءها عن عائلته وأبنائه وغلق جواله كانت وراء السبب الغامض الذي كشفه ولده ولم يستطع البوح به لوالدته
امرأة أخرى !
وكانت النهاية مذهلة حيث تركت باب التأويل مفتوحا على مصراعيه
جنازة من ؟ هل الابن الذي غلبه الإعياء مما رأى ؟ أم الإب إثر حادث ؟
نص شائق ماتع
بوركت واليراع طبيبنا الرائع
تحاياي

مازن لبابيدي
05-04-2013, 07:55 AM
لو كانت الحلّة الزاهية شهادة في سبيل الله أو عملا صالحا لما أخفاها الصديق المقرّب عن زوجة أبي عبدالله و ما يزيد هذا الإتجاه تصديقا إحساس الزوجة من نبرة الصديق بالريبة! ثم قول الولد: وكان يَرْتَدي ..لا ..لا ..فربما علم الولد بأمر خيانة الوالد فأخفاه عن والدته حتى تبقى الصورة كما كانت في عين الأم و الأهل و الجيران .
ثم لو كان الأمر يتعلق بالشهادة لما تسيّد الصمت المكان في الجنازة فهذا مقام البطولة و التضحية ! الأمر يتعلق بخيانة، إلى هنا انتهى تفكيري أخي الكريم و أديبنا الراقي و شاعرنا السامق مازن لبابيدي، قصّة رائعة السبك و سلسة السرد، مفتوحة التأويل.

تحياتي لك أيها الكريم و بالغ تقديري

أخي الحبيب الأستاذ الأديب سهيل المغربي
شكرا لمرورك الكريم وقراءتك المتأنية العميقة في نصي المتواضع
أعتز بإطرائك الذي أدخل السرور إلى قلبي .
تقديري وتحيتي

مازن لبابيدي
05-04-2013, 07:59 AM
تلك الحُلَّة التي كان يحاول إخفاءها عن عائلته وأبنائه وغلق جواله كانت وراء السبب الغامض الذي كشفه ولده ولم يستطع البوح به لوالدته
امرأة أخرى !
وكانت النهاية مذهلة حيث تركت باب التأويل مفتوحا على مصراعيه
جنازة من ؟ هل الابن الذي غلبه الإعياء مما رأى ؟ أم الإب إثر حادث ؟
نص شائق ماتع
بوركت واليراع طبيبنا الرائع
تحاياي

أختي الأديبة الكريمة آمال المصري
كم يسعدني مرورك الطيب على صفحتي الصغيرة لتغنيها بقراءتك المتأنية وتعليقك الجميل .
أعتز بإطرائك الكريم المغدق

تقديري وتحيتي

خليل حلاوجي
17-06-2013, 08:25 PM
نص اعتز به ... وبصاحبه .


نص ثري .

نداء غريب صبري
10-07-2013, 03:27 PM
قرأته استشهاديا بطلا
وولده مناضل مثله

فهل أخطات في قراءتتي

شكرا لك اخي

بوركت

د. سمير العمري
28-09-2013, 07:48 PM
قرأت هذه القصة أكثر من مرة على غير عادتي ، ولم أجد أن النص إلا يدل على أحد وجهتين وبهذا فهو للأسف مشوش من ناحية المضمون بعدم توفر القرائن الكافية لتحديد الاتجاه هل كان موته فيما يشرف أو فيما يخجل.

وأنا حقيقة - وأعرفك مثلي - لا أحب الأحجيات وكنت أود لو تم تحديد الاتجاه بوضوح في قصة مميزة لغة وأسلوبا وأداء من حيث التكثيف ومن حيث الحبكة والسرد الدرامي المتنامي.

تقديري

مازن لبابيدي
29-09-2013, 06:26 AM
نص اعتز به ... وبصاحبه .


نص ثري .

وبك اعتزازي كبير أخي الحبيب خليل

دام دفعك

مازن لبابيدي
29-09-2013, 06:28 AM
قرأته استشهاديا بطلا
وولده مناضل مثله

فهل أخطات في قراءتتي

شكرا لك اخي

بوركت

بارك الله فيك أختي نداء
سأترك لك قراءتك الجميلة ، ففي القراءة من الإبداع شيء أيضا .

لك تحيتي وتقديري

مازن لبابيدي
29-09-2013, 06:38 AM
قرأت هذه القصة أكثر من مرة على غير عادتي ، ولم أجد أن النص إلا يدل على أحد وجهتين وبهذا فهو للأسف مشوش من ناحية المضمون بعدم توفر القرائن الكافية لتحديد الاتجاه هل كان موته فيما يشرف أو فيما يخجل.

وأنا حقيقة - وأعرفك مثلي - لا أحب الأحجيات وكنت أود لو تم تحديد الاتجاه بوضوح في قصة مميزة لغة وأسلوبا وأداء من حيث التكثيف ومن حيث الحبكة والسرد الدرامي المتنامي.

تقديري

مرحبا بأخي الحبيب أبي حسام
أعتز جدا برأيك ونقدك أخي الكريم ، فهو لي كمرآة صافية تعينني على تجميل أدبي .
صدقت أخي الحبيب فما أردتها أن تكون أحجية .
أثارت القصة تباينا ملحوظا في قراءة التأويل الممكن بعناصرها الغامضة ، وشيء من هذا الغموض مقصود ليناسب غموض البطل نفسه والسر الذي كان يخفي .
إن كان لي أن أنظر للقصة كناقد ، أقول أن الكاتب ركز في الحبكة على الحلة لا على قضية الموت التي كانت السبب في انكشاف المخفي للعائلة .
وأعود ككاتب لأقول أن في القصة إشارات ، ربما لم أنجح في تأسيسها ، لترشد القارئ إلى احتمالات التأويل ، والحقيقة أن بعض القراءات التي قدمها الإخوة كانت مقاربة .

مودتي وتقديري

ربيحة الرفاعي
04-11-2013, 03:29 PM
يجعلون هواتفهم خارج التغطية في مواقع هي في الغالب مفاتيح خير الأمة
وقد أوحى بذلك قول الشاب "شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي والتَقَتْ عَيْنايَ بِعَيْنَيْهِ" فإن كان الرجل حيث قرأت فليتك لم تقل "لا .. لا.. " فهي تشير باتجاه مغاير

لم تغرني حلته الزاهية التي أخفاها عن اهله بظن آخر، فقد سبقها الحاج ، ولحقها " في المَسْجِدِ أَوْ في صِلَةِ رَحِمٍ "
ولعل هذا منعني من التجاوب مع إيحاءات النص
ربما يجعلني هذا قارئة ساذجة، ولكني لا استطيع ان أكون إلا انا

نص باهر كدائما

دمت بألق
لست قارئة ساذجة أختي الكريمة ولكنه منظارك النقي الذي يأبى أن يرى شائبة ناهيك عن أن يقبل بها .

لا أحب أن أفرض حكمي على القارئ قاتلا بذلك روح التخيل ومصادرا حق الفهم عنده ، لكنني أناقشك في فكرتك من جهة منطقها ، أفلا ترين أختي أن كون أبي عبدالله حاجا ومصليا وواصلا للرحم يجعل من الفكرة التي أوحاها إليك النص أشد قبحا وشناعة مما لو صدرت عن غيره ؟ وبالتالي ينتج صدمة أكبر ؟ . سؤال للنقاش فقط ولا أدعي تأويلا .

تحيتي وتقديري للقارئة المتميزة ربيحة الرفاعي .

تستعيدني هذه القصة بدهشة القراءة الأولى وإصراري عليها
ربما لأني لا أرى في العمليات الاستشهادية قبحا أوشناعة ايا من كان منفذها، وقد كانت مفاتيح عدّة وجهتني ذلك الاتجاه بما لدي من رؤية لتلك العمليات البطولية
الحاج - حلة زاهية - في المسجد - في صلة رحم - يرتدي...
يرتدي ماذا بزة عسكرية لفدائي ينطلق في عملية استشهادية أم حزاما ناسفا على حدود مستوطنة للمحتل !

عدت للنص مشوقة لما يحمل من روعة في فكرته وصياغته وتصاعد توتره وما وصلني من محموله

دمت بروعتك

تحاياي

مازن لبابيدي
05-11-2013, 05:27 PM
تستعيدني هذه القصة بدهشة القراءة الأولى وإصراري عليها
ربما لأني لا أرى في العمليات الاستشهادية قبحا أوشناعة ايا من كان منفذها، وقد كانت مفاتيح عدّة وجهتني ذلك الاتجاه بما لدي من رؤية لتلك العمليات البطولية
الحاج - حلة زاهية - في المسجد - في صلة رحم - يرتدي...
يرتدي ماذا بزة عسكرية لفدائي ينطلق في عملية استشهادية أم حزاما ناسفا على حدود مستوطنة للمحتل !

عدت للنص مشوقة لما يحمل من روعة في فكرته وصياغته وتصاعد توتره وما وصلني من محموله

دمت بروعتك

تحاياي

كم يسعدني هذا التشوق ويثبت لي مرة تلو المرة كم أنت قارئة متميزة ، ومن قال أن الأديب يمكن أن يتميز ما لم يكن كذلك !

بعد مشاركة أخي الدكتور سمير ومشاركتك الثانية أختي ، أرى أنني ربما بالغت في ترميز القصة ، ولكني لا زلت أرى ذلك يناسب محورها وطبيعة الشخصية موضوعها ، لا سيما إذا اعتبرنا أن هذا الغموض يصبغ أحداثها وهو بذلك جزء منها .

لك الشكر والتقدير أختي أم ثائر

خلود محمد جمعة
05-12-2013, 12:12 AM
أستمتع بالنص الراقي بذكاء
حرفك يبهج الروح
كعادتك مبهر
دمت بخير
مودتي وتقديري

هشام النجار
26-01-2014, 09:28 PM
لأول وهلة تذكرنا هذه القصة بمعالجة الأديب والروائى الشهير نجيب محفوظ لازدواجية الرجل الشرقى فى ثلاثيته التى تعد احدى كلاسيكيات الأدب العربى " قصر الشوق " و " بين القصرين " و " السكرية " .
والتى رصد خلالها بحرفية عالية تناقضات الازدواجية التى تجعل الشخص مرحاً بشوشاً منبسطاً مع أصدقائه ورفاقه وعالمه الخاص خارج المنزل بتلك الملابس الزاهية التى لا تناسب وقاره وهيبته المعهودة ، مقابل تجهمه وصرامته وقسوته وتشدده داخل بيته وفى محيطه الحياتى الضيق .
التشابه ظاهر جداً بين شخصيتى " سى السيد " و أبو عبد الله ؛ فهناك حرص على اخفاء حياة البهجة والبهرجة والانفتاح والتحرر الا من رفقته الخاصة ، أما فى محيطه وأمام المجتمع وبين أهله وأسرته فهو صاحب القيم والمبادئ والهيبة والصرامة ، الذى تخضع له زوجته خضوعاً مشبوباً بالاحترام والاجلال .
الثلاثية لكونها روايات ممتدة تنتقل بقوة وعمق بين شخصيات شتى ومساحات زمانية ومكانية ضخمة ، فهى تحمل الكثير من الرسائل السياسية والاجتماعية والمفاهيم الفكرية والأخلاقية والقيم الدينية ، أما القصة هنا فقد رسمت مشهداً واحداً على غلاف الرواية واقتنصت رسالة أو رسالتين بدتا كأن الكاتب أرادهما على هامش الروايات الأصلية من قبيل استدعاء ما تم كتابته استشرافاً للمستقبل بعد أن صدقه الواقع اليوم ؛ فكأنه يقول : ما أحوجنا لقراءة ثلاثية نجيب محفوظ الآن برموزها ووقائعها وشخصياتها واسقاطاتها السياسية والاجتماعية .
ولعل الرسالة الأقوى والأهم هى الرسالة السياسية ؛ لكون الثلاثية كانت فى الأساس تشتغل على فكرة التغيير بالثورة ، وذلك من خلال التمرد على السلطة الأبوية ، فكان تمرد فهمى على أبيه ثم تمرد كمال الأكثر انفلاتاً وجموحاً بعد صدمته بنزوات الأب .
كان التمرد على سلطة الأب الازدواجى المُخادع هو ارهاصة ومقدمة ثورة 1919م ، وربما كان بكاء عبدالله أمام أمه ليس حزناً انما تعبير عن صدمة ما قبل الانفجار والتمرد الجيلى على السلطة الأبوية " الزائفة " ببعدها السياسى .
الشباب دائماً هو الساخط ووقود التمرد والثورة ، أما الذين يميلون للخضوع والتساهل وفى بعض الأحيان لاعتبار المواءمات وتمرير كثير من الانحرافات ابقاءاً على " ظل " سى السيد ، هم جيل الشيوخ وكبار السن ، والمتمثل فى شخصية " أمينة " فى الثلاثية وشخصية أم عبدالله فى القصة ، والتى قد تسمى الأشياء بغير أسمائها ارضاءاً لمنهجها الدبلوماسى ؛ فقد تدرى أن زوجها المنفلت يرتاد بيوت الغوازى ، لكنها لا تعلن ذلك انما تلتمس لتأخره عذراً آخر من قبيل " السمر " مع أصدقائه .
الاستدعاء له قيمته ورسالته القوية فى هذه الأيام ؛ فقد تجاوزت الازدواجية فى حياتنا حدوداً لم تكن تقربها من قبل ، وربما تتوارى الى جانبها خجلاً ازدواجية بطل القصة الذى يدعى ويُظهر الورع ويتسلط على أسرته مستمداً عوامل هذا التسلط من تورعه وتقواه بينما لياليه الحمراء فى العوامات تعكس صورته الأخرى الحقيقية .
وربما كانت ازدواجية السيد عبد الجواد وأبو عبدالله خاصة به ولا تضر كثيراً مجتمعه الا فى حدود أسرته وسيحاسبه الله على كذبه وخداعه وانفلاته الأخلاقى .
لكن ماذا عن ازدواجية وخداع السياسى الأفاق الذى يدعى النزاهة والشرف وهو فى حقيقته فاسد ومختلس فيهدر مقدرات وطن وحقوق ملايين المواطنين .
بل ليس فقط السياسيين من ذوى الاتجاهات التى قد يتفهم البعض ويمرر تجاوزاتهم وتلوناتهم وخداعهم المقيت .
انما هناك ازدواجية بعض ما يطلقون على أنفسهم " اسلاميين " ، لنكتشف أن ادعاء الالتزام بأخلاق الاسلام وآدابه وقيمه لم يكن الا قشوراً وراء ركام بئيس وبغيض من سوء الخلق وأساليب الوضاعة والحقارة والسب والشتم والتطاول والدس والتآمر .
بل من كان يدعى البطولة ويصفق له البعض على عنترياته ، اذا بهم يصفقون ويخبطون كفاً بكف عند ظهوره على حقيقته الواهية المذعورة أمام الاختبار الفعلى للبطولة والرجولة .
هناك بالفعل من تستهويه لعبة ازدواج الشخصية، فتجده يمارس الفعل ويدعي نقيضه ، ولكنهم خارج تغطية الرصد حتى تكشفهم وتفضحهم الأحداث وتعريهم أقلام المفكرين والأدباء .
ولأن هناك ما استجد على أرضية الأحداث والواقع وفى سياق الثورة والتغيير ، فكان لابد من استدعاء أحد أهم الأعمال التى رصدت هذه التحولات فى مطلع القرن الماضى ، حتى لا تظل هذه الشخصيات على مسرح أحداث اليوم والتى جاوزت بمراحل ازدواجية " سى السيد " خارج التغطية .
هاتف أبو عبدالله ظل خارج التغطية وزوجته لا تدرى أين هو ؟؟ وربما ظنته فى عبادة وصلة رحم ! ، وقد صُدمَ ابنه برؤيته فى ذلك الموضع بثيابه الزاهية .
يجد الازدواجيون المخادعون متعة كبيرة فى لعب الدورين ؛ فأحدهم يستمتع بالتفلت والتحرر من جهة ثم لعب دور الورع والتقى والصرامة من جهة أخرى .
وأحدهم يستمتع بلعب دور البطولة والشجاعة ، وهو يدرك ويعى أكثر من أى أحد آخر أنه أجبن الخلق أجمعين ولا يستحق ربع هذا المقام ولا عشر تلك المكانة .
يستمتعون بأنهم خارج تغطية الرصد وأنهم ينجحون فى خداع الناس والضحك عليهم .
لكنهم فى حقيقة الأمر واهمون وساذجون وقليل جداً فيهم وصف " أغبياء " ؛ فهم ان ظلوا خارج التغطية لبعض الوقت فان الوقت لن يسعفهم والأحداث لن تمهلهم لمواصلة الخداع الى النهاية .
والنهاية – كما نعلم من التاريخ – دائماً مأساوية مُخزية لأمثال هؤلاء ؛ فكيف هو حال أبو عبدالله وهو أمام ابنه – يذكرنا بمشهد سى السيد أمام ابنه فهمى - ، فى ذلك المشهد الذى تركه الكاتب لخيال القارئ ؛ وللقارئ أن يتخيل مقدار الخزى والعار على وقع تلك الجمل : " ... لَقَدْ شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي .. شَاهَدْتُ أَبِي .. شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي والتَقَتْ عَيْنايَ بِعَيْنَيْهِ... وكان يَرْتَدي ..لا ..لا .. " .
هى الفضيحة لا محالة ، تلك نهاية من اتخذ الازدواجية والخداع منهجاً وفلسفة فى الحياة ، فهو يفتضح أمام أقرب المقربين له قبل فضيحته العامة أمام الناس .
ربما سقط الأب على اثر رؤية ابنه له وهو ..... ، هنا كانت االبراعة ظاهرة فى ترك مشهد الفضيحة مفتوحاً وكذلك مشهد النهاية وسبب الموت .
لكن ما نعيه من التجارب أنه لا حياة ولا استمرار للمخادعين الازدواجيين فى مشاهد الحياة بتنوعاتها السياسية والاجتماعية .

مازن لبابيدي
30-01-2014, 03:36 PM
أستمتع بالنص الراقي بذكاء
حرفك يبهج الروح
كعادتك مبهر
دمت بخير
مودتي وتقديري

الأخت خلود جمعة

سررت بحضورك الكريم وكلماتك الجميلة

أعتز بهذا الإطراء السخي

ولك الشكر والتحية

مازن لبابيدي
30-01-2014, 03:49 PM
لأول وهلة تذكرنا هذه القصة بمعالجة الأديب والروائى الشهير نجيب محفوظ لازدواجية الرجل الشرقى فى ثلاثيته التى تعد احدى كلاسيكيات الأدب العربى " قصر الشوق " و " بين القصرين " و " السكرية " .
والتى رصد خلالها بحرفية عالية تناقضات الازدواجية التى تجعل الشخص مرحاً بشوشاً منبسطاً مع أصدقائه ورفاقه وعالمه الخاص خارج المنزل بتلك الملابس الزاهية التى لا تناسب وقاره وهيبته المعهودة ، مقابل تجهمه وصرامته وقسوته وتشدده داخل بيته وفى محيطه الحياتى الضيق .
التشابه ظاهر جداً بين شخصيتى " سى السيد " و أبو عبد الله ؛ فهناك حرص على اخفاء حياة البهجة والبهرجة والانفتاح والتحرر الا من رفقته الخاصة ، أما فى محيطه وأمام المجتمع وبين أهله وأسرته فهو صاحب القيم والمبادئ والهيبة والصرامة ، الذى تخضع له زوجته خضوعاً مشبوباً بالاحترام والاجلال .
الثلاثية لكونها روايات ممتدة تنتقل بقوة وعمق بين شخصيات شتى ومساحات زمانية ومكانية ضخمة ، فهى تحمل الكثير من الرسائل السياسية والاجتماعية والمفاهيم الفكرية والأخلاقية والقيم الدينية ، أما القصة هنا فقد رسمت مشهداً واحداً على غلاف الرواية واقتنصت رسالة أو رسالتين بدتا كأن الكاتب أرادهما على هامش الروايات الأصلية من قبيل استدعاء ما تم كتابته استشرافاً للمستقبل بعد أن صدقه الواقع اليوم ؛ فكأنه يقول : ما أحوجنا لقراءة ثلاثية نجيب محفوظ الآن برموزها ووقائعها وشخصياتها واسقاطاتها السياسية والاجتماعية .
ولعل الرسالة الأقوى والأهم هى الرسالة السياسية ؛ لكون الثلاثية كانت فى الأساس تشتغل على فكرة التغيير بالثورة ، وذلك من خلال التمرد على السلطة الأبوية ، فكان تمرد فهمى على أبيه ثم تمرد كمال الأكثر انفلاتاً وجموحاً بعد صدمته بنزوات الأب .
كان التمرد على سلطة الأب الازدواجى المُخادع هو ارهاصة ومقدمة ثورة 1919م ، وربما كان بكاء عبدالله أمام أمه ليس حزناً انما تعبير عن صدمة ما قبل الانفجار والتمرد الجيلى على السلطة الأبوية " الزائفة " ببعدها السياسى .
الشباب دائماً هو الساخط ووقود التمرد والثورة ، أما الذين يميلون للخضوع والتساهل وفى بعض الأحيان لاعتبار المواءمات وتمرير كثير من الانحرافات ابقاءاً على " ظل " سى السيد ، هم جيل الشيوخ وكبار السن ، والمتمثل فى شخصية " أمينة " فى الثلاثية وشخصية أم عبدالله فى القصة ، والتى قد تسمى الأشياء بغير أسمائها ارضاءاً لمنهجها الدبلوماسى ؛ فقد تدرى أن زوجها المنفلت يرتاد بيوت الغوازى ، لكنها لا تعلن ذلك انما تلتمس لتأخره عذراً آخر من قبيل " السمر " مع أصدقائه .
الاستدعاء له قيمته ورسالته القوية فى هذه الأيام ؛ فقد تجاوزت الازدواجية فى حياتنا حدوداً لم تكن تقربها من قبل ، وربما تتوارى الى جانبها خجلاً ازدواجية بطل القصة الذى يدعى ويُظهر الورع ويتسلط على أسرته مستمداً عوامل هذا التسلط من تورعه وتقواه بينما لياليه الحمراء فى العوامات تعكس صورته الأخرى الحقيقية .
وربما كانت ازدواجية السيد عبد الجواد وأبو عبدالله خاصة به ولا تضر كثيراً مجتمعه الا فى حدود أسرته وسيحاسبه الله على كذبه وخداعه وانفلاته الأخلاقى .
لكن ماذا عن ازدواجية وخداع السياسى الأفاق الذى يدعى النزاهة والشرف وهو فى حقيقته فاسد ومختلس فيهدر مقدرات وطن وحقوق ملايين المواطنين .
بل ليس فقط السياسيين من ذوى الاتجاهات التى قد يتفهم البعض ويمرر تجاوزاتهم وتلوناتهم وخداعهم المقيت .
انما هناك ازدواجية بعض ما يطلقون على أنفسهم " اسلاميين " ، لنكتشف أن ادعاء الالتزام بأخلاق الاسلام وآدابه وقيمه لم يكن الا قشوراً وراء ركام بئيس وبغيض من سوء الخلق وأساليب الوضاعة والحقارة والسب والشتم والتطاول والدس والتآمر .
بل من كان يدعى البطولة ويصفق له البعض على عنترياته ، اذا بهم يصفقون ويخبطون كفاً بكف عند ظهوره على حقيقته الواهية المذعورة أمام الاختبار الفعلى للبطولة والرجولة .
هناك بالفعل من تستهويه لعبة ازدواج الشخصية، فتجده يمارس الفعل ويدعي نقيضه ، ولكنهم خارج تغطية الرصد حتى تكشفهم وتفضحهم الأحداث وتعريهم أقلام المفكرين والأدباء .
ولأن هناك ما استجد على أرضية الأحداث والواقع وفى سياق الثورة والتغيير ، فكان لابد من استدعاء أحد أهم الأعمال التى رصدت هذه التحولات فى مطلع القرن الماضى ، حتى لا تظل هذه الشخصيات على مسرح أحداث اليوم والتى جاوزت بمراحل ازدواجية " سى السيد " خارج التغطية .
هاتف أبو عبدالله ظل خارج التغطية وزوجته لا تدرى أين هو ؟؟ وربما ظنته فى عبادة وصلة رحم ! ، وقد صُدمَ ابنه برؤيته فى ذلك الموضع بثيابه الزاهية .
يجد الازدواجيون المخادعون متعة كبيرة فى لعب الدورين ؛ فأحدهم يستمتع بالتفلت والتحرر من جهة ثم لعب دور الورع والتقى والصرامة من جهة أخرى .
وأحدهم يستمتع بلعب دور البطولة والشجاعة ، وهو يدرك ويعى أكثر من أى أحد آخر أنه أجبن الخلق أجمعين ولا يستحق ربع هذا المقام ولا عشر تلك المكانة .
يستمتعون بأنهم خارج تغطية الرصد وأنهم ينجحون فى خداع الناس والضحك عليهم .
لكنهم فى حقيقة الأمر واهمون وساذجون وقليل جداً فيهم وصف " أغبياء " ؛ فهم ان ظلوا خارج التغطية لبعض الوقت فان الوقت لن يسعفهم والأحداث لن تمهلهم لمواصلة الخداع الى النهاية .
والنهاية – كما نعلم من التاريخ – دائماً مأساوية مُخزية لأمثال هؤلاء ؛ فكيف هو حال أبو عبدالله وهو أمام ابنه – يذكرنا بمشهد سى السيد أمام ابنه فهمى - ، فى ذلك المشهد الذى تركه الكاتب لخيال القارئ ؛ وللقارئ أن يتخيل مقدار الخزى والعار على وقع تلك الجمل : " ... لَقَدْ شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي .. شَاهَدْتُ أَبِي .. شَاهَدْتُهُ يا أُمِّي والتَقَتْ عَيْنايَ بِعَيْنَيْهِ... وكان يَرْتَدي ..لا ..لا .. " .
هى الفضيحة لا محالة ، تلك نهاية من اتخذ الازدواجية والخداع منهجاً وفلسفة فى الحياة ، فهو يفتضح أمام أقرب المقربين له قبل فضيحته العامة أمام الناس .
ربما سقط الأب على اثر رؤية ابنه له وهو ..... ، هنا كانت االبراعة ظاهرة فى ترك مشهد الفضيحة مفتوحاً وكذلك مشهد النهاية وسبب الموت .
لكن ما نعيه من التجارب أنه لا حياة ولا استمرار للمخادعين الازدواجيين فى مشاهد الحياة بتنوعاتها السياسية والاجتماعية .

أخي الأستاذ الأديب هشام النجار

وضعتني قراءتك العميقة وسبرك لأغوار القصة ثانية في مقام الرضا عن النص الذي وجدتني قد أغرقت في ترميزه حتى ترك الكثير من علامات الاستفهام ، وقد اقتربت كثيرا من مرادي منه .

لا أزعم أني قصدت إلى الإسقاط الذي استنتجته أنت على الثلاثية الخالدة للأديب الراحل نجيب محفوظ - مع تحفظي على بعض أعماله وفكره - ولكن بلا شك فإن هذه الثلاثية قد حفرت مكانتها في أدبياتنا المعاصرة وأثرت بلا شك في كل من قرأها من المثقفين ، لا سيما وقد استقت أحداثها وتمحورت حول نمط شخصي مشاهد في مجتمعاتنا بتشابه بيئاتها وما تفرزه من نماذج ، وقد وظف نجيب محفوظ هذه الشخصية وما تمحور حولها من تراكيب وسلوكيات وجعلها إطارا لسرد حقبة تاريخية تسلسلت كما تفضلت عبر الأجيال مع تحول في أنماط التفكير والمواقف السياسية .

أعتز بحضورك الكريم وأشكر لك مشاركتك الغنية

تقديري وتحيتي

لانا عبد الستار
08-08-2014, 09:44 PM
قصة معبرة ومؤثرة أخي الأديب الرائع وفيها تتناول الجانب الإنساني الاجتماعي ولكن بقليل من التفكير وقراءة مفاتيح النص نعلم أن الأب والابن كانا في حالة جهاد سري كما يحدث في عدة بلاد من بلادنا في مواجهة الطغيان والجور.

أشكرك

مازن لبابيدي
09-09-2014, 05:54 AM
قصة معبرة ومؤثرة أخي الأديب الرائع وفيها تتناول الجانب الإنساني الاجتماعي ولكن بقليل من التفكير وقراءة مفاتيح النص نعلم أن الأب والابن كانا في حالة جهاد سري كما يحدث في عدة بلاد من بلادنا في مواجهة الطغيان والجور.

أشكرك

الأخت الأديبة لانا عبد الستار
أرحب بمرورك على هذا النص المتواضع الذي أثار الجدل حول تفسيره وغرضه ، وكان لا بد لي ككاتب أن لا أصادر أيا من تلك الآراء لحساب تأويل مسبق أو معين ، لاسيما وقد جعلت الغموض جزءا مكونا من حبكة القصة وخاتمتها .
أعتز بحضورك ورأيك

تحيتي وشكري لك