تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تشابه أم تناص أم...؟



صفاء الزرقان
22-04-2011, 07:21 PM
شكلت رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال" “Season of Migration to the North”معينا لا ينضب للبحث والدراسة فكانت وما تزال محور العديد من محاضرات الأدب المقارن , تجسد الرواية الصراع الإفريقي الأوروبي .تعد هذه الرواية من أهم روايات ما بعد الكولونيالية فهي تدرس في الأدب المقارن من خلال مقارنتها مع رواية كونراد "قلب الظلام" Heart of Darkness فكلا الروايتين تمثل الصراع الإفريقي الأوروبي أو ما يعرف بصراع الشرق والغرب صراع الشمال والجنوب .

ظهرت رواية"موسم الهجرة إلى الشمال" في منتصف الستينات وهي فترة شهدت تحرر إفريقيا من وطأة الاستعمار الأوروبي . مثلت هذه الرواية صرخة قد تكون صادمة للبعض لجرأة الطرح وقساوة بعض مشاهدها , فقد تضمنت الرواية مشهدي قتل يتضمنان تفاصيل قاسية لعملية القتل ,يتناول المشهدان قتل رجلين لنسائهما . صورت الرواية الصراع الإفريقي الأوروبي والانتقام من صورة المستعمر بطريقة مغايرة .
لكن هناك جانبا آخر لدراسة هذه الرواية من خلال مقارنتها بمسرحية شكسبير عطيل " Othello " مع مراعاة الفرق بين الجنسين الأدبيين فالموسم رواية وعطيل مسرحية . يتضمن كلا العملين أوجه شبه وقواسم مشتركة في عدة جوانب كالأفكار والحبكة وبعض المشاهد .

ورد اسم عطيل صريحا مرتين في رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" في أول مرة ورد كان عبارة عن أداة سحرية لجلب إحدى الضحايا وهي ازابيلا سيمور فقد كان مصطفى سعيد _بطل الرواية_ يستخدم الحديث عن إفريقيا كأداة جذب لإيقاع النساء في شركه الذي نصبه . تساله ازابيلا "ما جنسك؟ هل أنت أفريقي أم آسيوي؟ قلتُ لها: أنا مثل عطيل. عربي أفريقي". ص 48 .المرة الثانية التي ورد فيها اسم عطيل كانت عندما قال مصطفى "أنا لستُ عطيلاً. عطيل كان أكذوبة","أنا صحراء الظمأ...لماذا لا تحكمون بشنقي فتقتلون الأكذوبة"نفى ان يكون عطيل لان عطيل كان مغيب العقل عندما وقع تحت تأثير خدعة دفعته لقتل زوجته ,بينما كان قتل مصطفى سعيد لنسائه سواء كان ذلك مباشرة أم بدفعهن للانتحار رمزا للانتقام من الاستعمار فهو يقول "أنا الغازي الذي جاء من الجنوب "ص 168.ألف مصطفى العديد من الكتب التي تتناول موضوع الاستعمار وهذا يوضح اثر الاستعمار في نفسه .


اوثيلو او عطيل في مسرحية شكسبير هو رجل إفريقي أتى إلى أوروبا مثله مثل مصطفى سعيد ,ولكن لم يتم تسليط الضوء على تاريخهما أو عائلتهما فمصطفى سعيد مثلا لم يتم التطرق إلى عائلته إلا في ذكر القليل عن أمه التي ظهرت بشكل بسيط في الرواية ويتابع الرواية دون أي ذكر لها وكأن قدومهما للاوروبا كان يمثل انسلاخا عن تاريخهما.
كلاهما كان متميزا في المجتمع الأوروبي ولكن بالرغم من ذلك لم ينصهرا تماما في المجتمع الأوروبي . فقد كان عطيل قائدا عسكريا محنكا بارعا حتى انه تفوق على الاوروببين في ذلك فقد كان البرلمان كان يلجأ إليه دوما في الظروف الصعبة . كان مصطفى من أكثر الطلاب تميزا بين أقرانه "كان أنبغ تلميذ في أيّامنا... معجزة في ذلك الوقت ، كان أشهر طالب في كلية غردون... نابغة في كلّ شيء ، لا يوجد شيء يستعصى على ذهنه العجيب. كان المدرسون يكلموننا بلهجة ويكلمونه بلهجة ، وخصوصاً مدرسو اللغة الإنجليزية ، كانوا كأنما يلقون الدرس له وحده دون بقية التلاميذ...نحن كنّا ننطق الكلمات الإنكليزية كأنها كلمات عربية. لا نستطيع أن نسكّن حرفيْن متتالييْن. أما مصطفى سعيد فقد كان يعوج فمه ، ويمطّ شفتيه ، وتخرج الكلمات من فمه كما تخرج من أفواه أهلها..".


كلاهما كان متحدثا بارعا استخدم سحر حديثه لاستمالة و استجلاب قلوب النساء.عطيل استجلب قلب ديزديمونا عن طريق أحاديثه عن مغامراته وعندما شعر والدها بتعلقها به وانزعج من ذلك لان عطيل اسود إفريقي, قال عطيل "أنا لم استخدم سحرا اسود لتحبني ولكنني حدثتها عن مغامراتي".كذلك كان حال مصطفى سعيد الذي كان يصطاد نسائه بالحديث عن إفريقيا "رويت لها حكايات ملفقة عن صحاري ذهبية الرمال وأدغال تتصايح فيها حيوانات لا حدود لها"ص41.فالصورة المتخيلة للرجل الإفريقي القوي في ذهن النساء الأوروبيات هي أول ما كان يؤدي لوقوع النساء في المصيدة , يقول مصطفى" ذخيرتي من الأمثال لا تنفد . شنى يعرف متى يلاقي طبقه . وأحسست بزمام الحديث في يدي ، كفنان مهره مطواع ، أشد فتقف ، أهزه فتمشي ، أحركه فتتحرك وفقاً لإرادتي ، إن يميناً وإن شمالاً ."


كان بيت مصطفى سعيد عالما شرقيا بامتياز يحتوي كل مقومات سحر إفريقيا من بخور وخشب الصندل مخطوطات عربية نادرة فكانت النساء تحبه كفكرة وليس كشخص فمن عرفت حقيقته منهن كرهته. يروي مصطفى على لسان إحدى نسائه "كانت عكسي تحن إلى مناخات استوائية، وشموس قاسية، وآفاق أرجوانية، كنت في عينيها رمزاً لكل هذا الحنين…كانت صيداً سهلاً" (ص. 169/170)
تتشابه أحداث العملين والحبكة . في كلا العملين يلعب المنديل أو"handkerchief" _الذي كان في عطيلأول هدية من عطيل لديزديمونا _ففي المسرحية تبدو معالم قصة المنديل واضحة بأنها كانت قصة ملفقة للتشكيك في زوجة عطيل .أما في الموسم فالقصة غامضة لم يتم ذكر مصدر المنديل و قصته يقول مصطفى سعيد :
"كنتُ أعلم أنها تخونني. كان البيت كلّه يفوح بريح الخيانة. وجدتُ مرّة منديل رجل ، لم يكنْ منديلي. سألتها فقالت: إنّه منديلك. قلتُ لها هذا المنديل ليس منديلي. قالت: هبْ أنه ليس منديلك. ماذا أنت فاعل؟"ص 170 فكان المنديل هو المحرك الرئيسي أو القشة التي قسمت ظهر البعير ودفعت الرجلين لقتل زوجاتهما .

تستقبل كلا المرأتين قدرهما باستسلام وكأنهما سعيدتين به لم تقاوما بل كانتا مستكينتين تماما . في المسرحية يخبر عطيل زوجته انه سيقتلها ويطلب منها أن تجهز نفسها فتتقبل قدرها دون مقاومة . أما جين موريس في رواية الطيب ظهرت لبؤة صعبة الترويض عصية المنال , كان كل لقاء بينهما عبارة عن نزال يخرج منه مصطفى سعيد خالي الوفاض وهو الرجل الشرقي الذي سبا عقول النساء كان أمامها أسدا مكسورا. ولكنها تحولت في مشهد قتلها إلى قطة وادعة مستكينة وكأنها كانت فرحة برجولته التي ثار لها .

في العملين حدث مشهد القتل في السرير واشتهر في العصر الإليزابيثي وجود مشاهد الخيانة والدراما العالية لتصوير هذه المشاهد. فعطيل بعد ان قتل زوجته جلس منتحبا عند السرير مستشعرا تأنيب الضمير .أيضا في رواية موسم الهجرة إلى الشمال قتل مصطفى جين في السرير ,حيث صور الطيب السرير تصويرا ملحميا رائعا يليق بهذا الانتقام , فشبه حواف السرير و كأنها ألسنة لهب حيث اجتمع العالم كله .
"قالت لي: أحبك – فصدقتها. و قلت لها: أحبك و كنت صادقا. و نحن شعلة من اللهب، حواف الفراش ألسنة من نيران الجحيم و رائحة الدخان أشمه بأنفي و هي تقول لي: أحبك يا حبيبي، و أنا أقول لها أحبك يا حبيبتي. و الكون بماضيه و حاضره و مستقبله اجتمع في نقطة واجدة ليس قبلها و لا بعدها شيء"ص 173

محمود فرحان حمادي
22-04-2011, 08:33 PM
دراسة باذخة تنمُّ عن مقدرة عالية في تحليل النصوص
وتفصح عن ناقدة تحمل من الجرأة ما يجعلها تفوز بلذة الألق الأدبي الناصع
(الهجرة إلى الشمال) لبست اليوم حلة ندية بهذه السطور التي استكشفت معالمها
أعني معالم جمالها وروعتها الآسرة التي ربما كانت مجهولة عن الكثير
لقد وجدت هنا يراعًا سيتحفنا بالكثير من مثل هذه اللفتات المميزة في عالم النقد والرؤية الثاقبة
شكرًا للمبدعة الفاضلة صفاء على ما قدمته لنا هنا
ومرحبًا بها أميرة على طاولة النقد في أفياء واحة الخير
وسنظل نترقب هطول غيثها ونطمح بأن تقرأ لنا ما نكتب
تحياتي

كاملة بدارنه
22-04-2011, 09:57 PM
عنوان الدّراسة عزيزتنا النّاقدة الجديدة صفاء يشير إلى جدليّة واسعة وإشكاليّة ... فرواية "موسم الهجرة إلى الشّمال" للطيّب صالح هي عنوانه
بعد قراءة هذه الدّراسة يمكن أن نضيف للعنوان أم تلاص أم تخاطُر ؟ ولا أدري أيّهما أصحّ، وما النّتائج !؟
شكرا جزيلا على العين الثّالثة االتي ترى الأمور بمنظار مغاير، وعلى المقارنة الرّائعة...
إن شاء الله ستتحفيننا بدراسات أخرى
تقديري وتحيّتي

صفاء الزرقان
22-04-2011, 11:06 PM
شكرا جزيلا على حفاوة الاستقبال . اشكرك استاذ محمود لتعليقك الجميل سأقرأ لكم بالتأكيد
شكرا استاذة كاملة على قرأتك وتحليلك للعنوان
يمكننا ايضا ان نقول انه توظيف ايضا لايصال رسالة قد يكون الطيب وظف مسرحية عطيل لتغزيز فكرته وتأكيدها
كل الاحتمالات قائمة ولهذا ترك العنوان مفتوحا ولم يحصر بشئ محدد فلكل منا قراءته وتحليله

ربيحة الرفاعي
23-04-2011, 12:44 AM
شدّني العنوان لما لمست خلال أزمة مضت من مدى جهل الناس بمعنى التناص

ولكني بتتبع هذه الدراسة والوقوف على تقاطعات النصين وجدت ما يفوق التشابه والتناص ... فقد التقت الرواية بمسرحية عطيل في عدة قوائم رئيسية للنص جاءت بنفس الدرجة من الأهمية في الرواية، ولم تات في مجرد صورة هنا أو تعبير هناك جاء طبيعيا ومنسجما في السياق ، بل تطابق في الدعائم

وأتساءل الآن وقد كان لرواية موسم الهجرة إلى الشمال في صباي قيمة وتأثير كبيرين، وأخذت مني عطيل لموقعها بين روائع الأدب العالمي اهتماما وتعمقا في القراءة، كيف لم ألحظ تلك التقاطعات على أهميتها ووضوحها.

أجدني أوافق أديبتنا الكبيرة كاملة بدارنة في رؤيتها، وتلح على خاطري مفردة تلاص هنا ، وبقوة

قراءة بديعة أتوق بعدها لجديدك ايتها الكريمة

دمت بألق

أماني عواد
23-04-2011, 11:33 AM
الأستاذة الكبيرة صفاء الزرقان
ما لا نعلمه ربما ان ذخيرتنا الأدبية يتمازج فيها المدروس بالاحساس , ذلك لان القيمة الشعورية التي تولدت حين تأثرنا بعمل ما. كبيرة حد التقمص

رغم اني لم اقرأ للان كلا العملين "عطيل " و "موسم الهجرة للشمال " الا انني اجد في قراءتك نظرة ثاقبة وأفقا واسعا فالمقارنة تفوق التحليل, والتحليل بحد ذاته ابداعا
اتمنى ان اعود لدراستك بعد قراءتهما علّي أشاركك الحيرة !!!!!!!!!
قأنا اجد في دراستك ما يستحق تسليط الضوء عليه.


رائعة وفقك الله
بانتظار الجديد

صفاء الزرقان
23-04-2011, 03:03 PM
"شدّني العنوان لما لمست خلال أزمة مضت من مدى جهل الناس بمعنى التناص "
اوافقك الرأي سيدتي الفاضلة ربيحة هناك التباس لدى الغالبية بفهمنا للتناص والتمييز بينه وبين مفردة التلاص .
اتوقع ان سبب عدم ملاحظتك للتقاطعات بين العملين هو غزارة مواضيع البحث التي تطرحها رواية الموسم وقصور البحث فيها على جانب معين فغالبية الدراسات قامت على مقارنتها برواية قلب الظلام ربما لاشتراكهما وتوحدهما في الجنس الادبي .
اشكر لك تعليقك الذي اثرى المقال
دمت غاليتي

صفاء الزرقان
23-04-2011, 03:07 PM
شكرا استاذة اماني على هذا الاطراء اخجلتي تواضعي.
الرواية تستحق القراءة فهي تطرح موضوعا ما زال شائكا وتجسد الصراع بطريقة مختلفة
مسرحية شكسبير ايضا من أهم الاعمال الادبية الغربية التي لاقت جدلا واسعا كلا العملين يستحق القراءة اتمنى ان تستمتعي بقراءتهما وان نتشارك التساؤل
شكرا جزيلا

محمد ذيب سليمان
23-04-2011, 09:45 PM
الأخت صفاء

ربما لااجد ما اضيف الى ما قالته الأخوات من قبلي

حول هذه الدراسة والمقارنة بين هذين النصين الرائعين

ولكن كل ذلك يحسب لك ولدراستك المتأنية لكلا النصين

ومن ثم مقابلة النصين في نقاط تكاد ان تكون متشابهة

او لنقل أن احدهما قد استهواه النص الول لدرجة التقمص

فمزج أو اقتطع من النص الول ولكن بحرفية الكاتب القدادر على المفقابلة بين الحداث

كنت رائعة فشكرا لك

توليب محمّد
24-04-2011, 02:24 PM
في سؤال طرح على الرّوائي المبدع الطيب صالح عمّن تأثّر بهم من الأدباء أجاب:
" نظرتُ في أساليب عدد من الكتّاب ولا بدّ أنّني أخذت شيئا من هنا وشيئا من هناك "
وأن يكشف " مبدع " عن حقيقة المبدعين الأصيلين بأنّهم ليسوا كائنات خارقة تدّعي الخلق من عدم
فهو قمّة " التّأصّل " و "الأصالة " وفرادة الإبداع.
ولو كان التّقاطع بين النّصوص يقع تحت طائلة " التّلاص " فإنّي أجزم أنّ السّاحة الأدبيّة ستخلو من
نصوصها ومن أدبائها من جرّاء هذه " التّهمة "
فهذه المقارنة / التّشابه / التّناص / التّلاص.. الذي قرأته هنا بدافع نفي " أصالة " إبداع الطّيّب صالح
ليصيّر ديْنا عليه لـ "عطيل " شكسبير هل سنُلحقه بـ" تهمة تلاص " جديدة لشكسبير إذا علمنا أنّ
مسرحيّة " عطيل " مأخوذة من قصّة " القائد المغربي " لكاتب إيطالي " جيوفاني جيرالدو سينثو "؟؟؟
لن أجنح عن الموضوعيّة - برغم انحيازي الشّديد لرواية الطيب صالح - لقولي
يكفيه صاحب " موسم الهجرة إلى الشّمال " ما أصّله للرّواية العربيّة وما أفردها عن الرّواية الكلاسيكيّة
في الأدب العربي والغربي وما نالته من تكريم باعتبارها من أفضل مائة أثر أدبي عالميّا وما جعلها تُـقرأ بلغات فاقت العشرين...
بصدق كنت أتمنّى أن يكون النّقاش هنا للأساليب الفنّيّة المبتكرة بهذه الرّواية وأن " نتجنّب " رؤية عدميّة " لإبداعنا العربي لا يستحقّها.
لولا أنّي قرأت هذا الموضوع بـ" ملتقى النّقد التطبيقي والدّراسات النّقديّة " لاعتبرت الآراء هنا وجهات نظر لعمل أدبي تلزم أصحابها
ولكن والأمر قد صنّف " نقدا " فاسمحي لي سيّدتي بهذا المرور من أجل" تأصيل " النّقد
تقبّلي فائق الاحترام

صفاء الزرقان
24-04-2011, 11:17 PM
سيدة توليب اشكر مرورك
يعلم اغلب المهتمين بالادب الانجليزي اصل اغلب اعمال شكسبير فمن اهم مصادره كتاب الف ليلية وليلة
لم تكن هذه الدراسة بهدف التقليل من اهمية رواية الطيب او الانقاص من دور اعماله في تشكيل الرواية العربية وانما كانت لطرح تساؤل راودني اثناء دراسة العملين فرغبت بطرحه وليس رؤية عدمية للادب العربي.
لم يتم التطرق للاساليب الابداعية في الرواية لما لاقت هذه الجوانب من اهتمام ودراسة من قبل العديد من النقاد والباحثين .من اهم ما كتب عن هذه الرواية كتاب "تحولات الشوق" للدكتور والناقد محمد شاهين استاذ الادب الانجليزي في الجامعة الاردنية الكتاب صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر, 1993.

صفاء الزرقان
24-04-2011, 11:19 PM
استاذ محمد ذيب اشكر مرورك سيدي واقدر رأيك شكرا لك

ربيحة الرفاعي
26-04-2011, 03:29 AM
في سؤال طرح على الرّوائي المبدع الطيب صالح عمّن تأثّر بهم من الأدباء أجاب:
" نظرتُ في أساليب عدد من الكتّاب ولا بدّ أنّني أخذت شيئا من هنا وشيئا من هناك "
وأن يكشف " مبدع " عن حقيقة المبدعين الأصيلين بأنّهم ليسوا كائنات خارقة تدّعي الخلق من عدم
فهو قمّة " التّأصّل " و "الأصالة " وفرادة الإبداع.
ولو كان التّقاطع بين النّصوص يقع تحت طائلة " التّلاص " فإنّي أجزم أنّ السّاحة الأدبيّة ستخلو من
نصوصها ومن أدبائها من جرّاء هذه " التّهمة "
فهذه المقارنة / التّشابه / التّناص / التّلاص.. الذي قرأته هنا بدافع نفي " أصالة " إبداع الطّيّب صالح
ليصيّر ديْنا عليه لـ "عطيل " شكسبير هل سنُلحقه بـ" تهمة تلاص " جديدة لشكسبير إذا علمنا أنّ
مسرحيّة " عطيل " مأخوذة من قصّة " القائد المغربي " لكاتب إيطالي " جيوفاني جيرالدو سينثو "؟؟؟
لن أجنح عن الموضوعيّة - برغم انحيازي الشّديد لرواية الطيب صالح - لقولي
يكفيه صاحب " موسم الهجرة إلى الشّمال " ما أصّله للرّواية العربيّة وما أفردها عن الرّواية الكلاسيكيّة
في الأدب العربي والغربي وما نالته من تكريم باعتبارها من أفضل مائة أثر أدبي عالميّا وما جعلها تُـقرأ بلغات فاقت العشرين...
بصدق كنت أتمنّى أن يكون النّقاش هنا للأساليب الفنّيّة المبتكرة بهذه الرّواية وأن " نتجنّب " رؤية عدميّة " لإبداعنا العربي لا يستحقّها.
لولا أنّي قرأت هذا الموضوع بـ" ملتقى النّقد التطبيقي والدّراسات النّقديّة " لاعتبرت الآراء هنا وجهات نظر لعمل أدبي تلزم أصحابها
ولكن والأمر قد صنّف " نقدا " فاسمحي لي سيّدتي بهذا المرور من أجل" تأصيل " النّقد
تقبّلي فائق الاحترام

عجبا أيتها الكريمة
لم تشر صاحبة الموضوع للتلاص ولا حاولت اتهام الطيب الصالح به، وإنما نحن من فعل، وأظننا قلنا في ذلك رأيا نزعم انه متجرد وموضوعي وله منطلقات نقدية ليس لأحد أن يكبلها بدعوى تأصيل النقد ، أو الزعم برؤية عدمية لإبداعنا العربي حين نناقش أمره بعلمية وتجرد.
نحن هنا في ملتقى رابطة الواحة الثقافي، حيث تتصدر اللغة العربية وآدابها محاور رسالتنا لنهضة الأمة
وليس كل ما في النقد أن نمسك بالنصوص لتلميعها أحيانا وستر عوراتها أحيانا أخرى، بل إن في القراءة النقدية ما لا تحصيه أصول النقد المستوردة من محاور يطرق من شاء منها ما شاء في سبيبل الارتقاء بقراءتنا لما نقرا، وتوسيع آفاقنا في التعامل معه كنص وكمضون.

ثم إن التشابه والتناص وحتى التلاص ليست اختلاسا ، وفيها ما يرجع لوقع الحافر على الحافر والتأثر والاستفادة وفيها العفوي والمتعمد وسلسلة تطول وتستحق التوسع في دراستها وليس الاعتراض عليها

تحيتي لغيرتك وحسك العروبي الراقي

دمت بألق

محمد الشحات محمد
19-05-2011, 03:24 AM
قراءة قيمة حول التقاطعات بين نصين من فنّين مختلفين ، كما أن تعرضها لكاتبين أحدهما عربي ، و الآخر غربي ، و عموماً دون الالتزام بحدود قومية أو قيود تاريخية من أهم ما دعتْ إليه أحدث المدارس البحثية عبْر الأدب المُقارن ، و ذلك مواكبةً للتطور في الأدبيات العالمية و التبادل الثقافي و الفكري ، و ولم يتوقف مصطلح الأدب المقارن على المقارنة بين فنون الكتابة الأدبية فقط ، و إنما تجاوز ذلك بالمقارنة بين الأدب و فنون أخرى مثل الرسم و الرقص ، و كذلك بين مختلف فروع العلم و المعرفة مثل علم النفس و الفلسفة و العلوم و التاريخ و الهندسة و الطب ، و الاقتصاد و العلوم السياسية و غيرها .. ،
و نظراً لأهمية "الأدب المقارن"يجب أن يتميز القائمون بالبحث من خلاله بالفطنة و موسوعية المعرفة و إجادة عدة لغات و قراءة الدراسات و النصوص الأدبية المتنوعة ،
و إذا كان الأدب المُقارن قديماً يُستخدم في توضيح سمات معينة ، و تقاطعات مشتركة بين عدة نصوص لإثبات نسبها إلى صاحبها الأصلي بعيداً عن السرقات ، و مُشتركاً في ذلك مع مدارس النقد التاريخية لمعرفة سمات فترة تاريخية بعينها ، و مع تعدّد مدارس النقد الأدبي ، و اختفاء نظريات ، و ظهور نظريات أخرى ، فإن الأدب المُقارن نال شهرة واتساعاً في الغرب أكثر من موطنه الأصلي العربي ، و أصبحت المقارنات بين نصوص صينية و أخرى عربية و ألمانية و فرنسية و أمريكية في دراسة واحدة ،

و بالعودة إلى مقال أختنا الفاضلة صفاء الزرقان "تشابه أم تناص أم .." ، فلقد نجحتْ إلى حدٍّ بعيد ، و تميزتْ ، و سبق أن قرأتُ لها مقارنتها من خلال نقط الاشتراك/التقاطعات بين ما حدّده أرسطو في كتابة "فن الشعر" و التقنيات الرئيسية للمسرحية ، و بين "أنثى السراب" ، و تعرضّ كاتبتنا "صفاء الزرقان" إلى الموسيقى ، و وصف حالة الموت للبطلة و تطهير المتلقي ، و اقتباس جملة النهاية لكاتب يوناني آخر ، و غير ذلك من تطبيق البحث "المقارن" ، كما أعجبني لها ردٌّ في الموضوع الذي نشرته منقولاً عن بحث للناقد اليمني د. أحمد باحارثة بعنوان "حول القصة الشاعرة .. التأصيل و التقنيات" ، و حاولت كاتبتنا عبر ردّها البحث عن أوجه التشابه/التقاطعات و الاختلاف بين القصة الشاعرة و تنويعات شعرية غربية تستخدم السرد ، و مع وجود ردودي إلاّ أنني أؤكّد إعجابي و تقديري بقلمها الذي يُحاول البحث بجدّ ، و هذه من سمات الأدب المُقارن بصفةٍ عامة ..
و لكن تبقى هناك مُعظلة .. ، و هي ما أشارت إليه الفاضلة "توليب محمد" ، و كانتْ إشارتها ناجمة عن العنوان الذي وضعته أ. صفاء "تشابه أم تناص أم .." ، و العنوان هنا يشي بانفتاح التأويلات و الاستفهامات ، و بالتالي ، فإنّ هذا العنوان أضاف إلى ما قدْ يصنعه بعضهم -باسم الأدب المقارن- من تشكيك في عمل إبداعي أو مبدع بعينه ،
و إذا كانت ألمانيا صعّبت درجة الحصول على رسائل الدكتوراة في مجال الأدب المقارن بسبب فقه اللغة التاريخي و المقارن من جهة ، و العديد من المناهج التي يتوجب على المختص في الأدب المقارن الإلمام بها ، فضلاً عن العوائق الأخرى التي واجهها الأدب المقارن في الغرب ، فإنه من الأوْلى أن ننتبه نحن العرب لما قد يُصاب به الأدب العربي من تشكيك ، و تطبيع ، و خصوصاً في ظلّ العولمة و أخطارها رغم مُميزاتها ،
و إذا كنتُ أتفق مع التنويه لإشارة الخطر هذه من قِبَل أ. توليب ، فإنني أُوافق أختنا القديرة أ. ربيحة الرفاعي أننا لابدّ من الاطلاع على المستجدّات دون التقيّد بحدود إقليمية و نأخذ منها ما يُحافظ على هويتنا ، و يدفعنا إلى الأمام لمواكبة أحدث أساليب النقد الأدبي ،
و إن كان أبسط نقط الأدب المقارن و أهمها في ذات الوقت هو التقاط تلك التقاطعات بين النصوص ، و التي لا يلحظها كثيرون
و هذا ما وجدته هنا فيما قدّمته كاتبتنا ببراعة،

تحية لكاتبة المقال أ. صفاء الزرقان ،

و مرحباً بها في ساحة الأدب و النقد عبر "الواحة الثقافية" العالمية

و لكل مَنْ مرّ هنا بمناقشات جادة و مفيدة ، و مُعلنا الإشادة بالموضوع و قلم كاتبته الرائع

دمتم بألقٍ و إبداعٍ و نقاء

صفاء الزرقان
20-05-2011, 02:01 AM
الاستاذ الكبير محمد الشحات اشكر مرورك
تعليق زاد من قيمة المقال واثراه لقد بينت جوانبا مهمة في الادب المقارن
شكرا لهذه المعلومات.
اما بالنسبة للعنوان: "العنوان هنا يشي بانفتاح التأويلات و الاستفهامات" هذا ما قصدته وليس التشكيك بأدب الكبير المبدع الطيب صالح
هو تساؤل راودني فطرحته ولكنني اعتقد ان الطيب قد وظف هذا التشابه لايصال رسالة من خلاله ولم يكن فقط تشابها عابرا انه فطن عبقري
استفاد من عطيل ليزيد من الق روايته.
اسعدني تعليقك و ردك اشكر ترحابك و اطرائك
و متابعتك لما كتبت
دمت بخير

محمد البياسي
01-06-2011, 11:39 PM
أقلُّ ما يمكن أن أقوله هنا : إنك رائعة .

قلم يستحق التقدير و الإعجاب و المتابعة و الدراسة .


احترامي و محبتي

صفاء الزرقان
02-06-2011, 10:36 AM
أقلُّ ما يمكن أن أقوله هنا : إنك رائعة .

قلم يستحق التقدير و الإعجاب و المتابعة و الدراسة .


احترامي و محبتي

اسعدني مرورك استاذ محمد وقراءتك للدراسة

كل التقدير لك ولقلمك وفكرك المحترم
شكرا لك
دمت بخير

رفعت زيتون
03-06-2011, 01:11 PM
.

قرأتُ هنا أكثر من مرّة

وفاتني أن أشكر صاحبة الموضوع والدراسة على هذا المجهود

الذي نحن بحاجة لها ولمثيلاتها لما فيه من إرجاع الحقّ لصاحب الحقّ

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لما فيه من تحفيز للدارسين وتوجيه كذلك

إلى كيفية الولوج إلى هذه الدراسات من خلال هذه التجربة الكبيرة

أشكر الأخت صفاء وأثني على ما تقدمه لنا .
.

صفاء الزرقان
03-06-2011, 01:14 PM
.

قرأتُ هنا أكثر من مرّة

وفاتني أن أشكر صاحبة الموضوع والدراسة على هذا المجهود

الذي نحن بحاجة لها ولمثيلاتها لما فيه من إرجاع الحقّ لصاحب الحقّ

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لما فيه من تحفيز للدارسين وتوجيه كذلك

إلى كيفية الولوج إلى هذه الدراسات من خلال هذه التجربة الكبيرة

أشكر الأخت صفاء وأثني على ما تقدمه لنا .
.
اشكر مرورك استاذ رفعت وتعليقك الذي اسعدني
تقديري واحترامي :hat:

احمد خميس
16-09-2011, 08:36 PM
في هذه الكلمات البسيطه الجميله نجد المعني الرئيسي الذي يدور حوله
ادب الطيب صالح‏,‏ والاهم من ذلك ان هذا هو المعني الذي تدور حوله
شخصيه الطيب صالح الانسانيه‏

صفاء الزرقان
18-01-2012, 01:17 AM
في هذه الكلمات البسيطه الجميله نجد المعني الرئيسي الذي يدور حوله
ادب الطيب صالح‏,‏ والاهم من ذلك ان هذا هو المعني الذي تدور حوله
شخصيه الطيب صالح الانسانيه‏

أهلا و سهلاً بك استاذ احمد

مرورٌ أسعدني شكراً لك

أهلا بك دوما

تحيتي و تقديري

وليد عارف الرشيد
18-01-2012, 03:55 PM
مقارنة موفقة أتاحت لنا فرصة الدخول في عالمين أدبيين رائعين وحفزتني على إعادة القراءة فعين الناقد تضيء جوانب قد لاتخطر على بال القارئ
موضوعٌ نقديٌ رائعٌ ومكثف وبعناية عينٍ فاحصةٍ محللة تعطي للنقد جانبًا جماليًّا يشد المتلقي أحيانًا أكثر من قراءة النص المعني
شكرًا أختنا الفاضلة الأديبة الناقدة المتميزة صفاء
متعة حقيقية عشتها بين حروفك
مودتي وتقديري كما يليق

ربيع بن المدني السملالي
18-01-2012, 05:05 PM
ومن غير صفاء الزرقان يأتينا بهذا التّحليل الموفق
أسجّل إعجابي ، ودعائي لك بالتوفيق أستاذة صفاء ، فشمسُ فضلك بدأت تبزغ ،وبإذن الله سيكون لك مستقبلاً مُفعماً بالعطاء ، ويشرفني أن أكون ممن قرأ لك الكثير من إبداعك
تحيتي وتقديري مع المحبة الخالصة في الله

صفاء الزرقان
04-04-2012, 11:40 AM
مقارنة موفقة أتاحت لنا فرصة الدخول في عالمين أدبيين رائعين وحفزتني على إعادة القراءة فعين الناقد تضيء جوانب قد لاتخطر على بال القارئ
موضوعٌ نقديٌ رائعٌ ومكثف وبعناية عينٍ فاحصةٍ محللة تعطي للنقد جانبًا جماليًّا يشد المتلقي أحيانًا أكثر من قراءة النص المعني
شكرًا أختنا الفاضلة الأديبة الناقدة المتميزة صفاء
متعة حقيقية عشتها بين حروفك
مودتي وتقديري كما يليق

استاذ وليد اهلاً وسهلاً بك

مرورك شرفني و أسعدني.

أعمال الاديب الرائع الطيب صالح تحتاج لتأمل و قراءة

لروعة ما تحتويه, اتمنى لك قراءة ممتعة

تحيتي وتقديري