جعفر الوردي
25-04-2011, 12:22 AM
الشَّهِيد
إلى شهداء سورية الأبرار
شعر: جعفر الوردي
سَقَى زَهرَ الرُّبوعِ دَمُ الشَّهيدِ = فَأحيَا العِتقَ فِي قَلبِ العَبيدِ
سَرَى نُورُ الشَّهادةِ فَامتَطَاهُم = وحَلَّق فِي الجِنانِ إِلى خُلُودِ
وفَاحَتْ مِن دِمَائِهِمُ عُطُورًا = فَسَاءَتْ كُلَّ جَبَّارٍ عَنيدِ
وهَا دَمُهُمْ لِمَنْ يَبغِي حَيَاةً = وذَا قَبرٌ وسَيفٌ مِن جَلِيدِ
فَقَد شَقُّوا الطَّريقَ لِكَي تُلاقُوا = حَيَاةَ العِزِّ والأَمرِ الرَّشِيدِ
فَخُطُّوا مِن دِمَائِكُمُ مِدَادًا = وَأَثنُوا بِالكَلامِ وبِالقَصِيدِ
فَمَنْ نَخشَى وهَذَا الرَّأسُ مِلكٌ = لِمَن أَبدَاهُ فِي هَذا الوُجُودِ
وقُولُوا يَا شَهِيدُ لأَنتَ مَجدٌ = وكُلُّ العِزِّ فِي دَمِّ الشَّهِيدِ
رَمَى سَهمُ المنِيَّةِ فِي فُؤادِي = بِمقتَلِهِم سِهَامًا فِي الوَرِيدِ
وصَارَتْ أَرضُ أَوطَانِي حِدَادًا = عَلَى جِسمٍ مَلِيءٍ بِالحَدِيدِ
فَمَا قَتَلَ الرَّصَاصُ إِذَا غَشَاهُم = بَل انْبَعَثَتْ حَيَاةٌ فِي الوَلِيدِ
فَكَمْ مِنَّا شَهِيدٌ عَاشَ دَهْرًا = وكَمْ حَيٌّ يَعِيشُ كَمَا الرُّقُودِ
وكَم أَحيَتْ دِمَاؤُهُمُ بِلادًا = وَضَاعَتْ مِن خَؤُونٍ بِالوُعُودِ
هُمُ الأَحياءُ دُونَهُمُ مَوَاتٌ = وَلِلأَعدَاءِ هُمْ شَرُّ الوَعِيدِ
ويَا أُمَّ الشَّهِيدِ ويَا بَنِيهِ = فَلا تَأسَوا عَلَى حَيٍّ سَعِيدِ
عَلَى مَن قَدَّمَ العُقبَى عَجُولاً = لِبَعثِ الرُّوحِ في شَعبِ الثَّرِيدِ
فَأَحيَا دَمُّهُ ابنًا وَكَهلاً = وزَوجًا والجَمَادَ مَعَ الوُرُودِ
فَذَا خَلْقٌ وإِبدَاعٌ وبَعْثٌ = ولَيسَ الصَّدحُ مِن صَوتٍ بَلِيدِ
لِيَضرِبَ بِالكَلامِ الشَّمسَ صُبحًا = وَيُزعِجَ أُذْنَ بَدْرٍ في الهُجُودِ
ويَأتي بِالبَلاغَةِ في حِبَالٍ = ويَعتَقِلَ القَصَائِدَ مِن لَبِيدٍ
فَتُصغِي الأُذنُ تحَسَبُ أَنَّ أَمرًا = أَتَى مِن عِندِ قُرآنٍ مجَيدِ
فَيُولَدُ مِن بُطُونِ القَولِ فَأرٌ = يُغَازِلُ قِطَّةً بَينَ النُّهُودِ
بهِذا تُعقَرُ الآمَالُ فِينَا = وتَلبَسُنَا المَهانَةُ في الخُدُودِ
فَدَمٌّ صَامِتٌ يحُيي شُعُوبًا = وَكَمْ يُودِي الكَلامُ إِلى اللُّحُودِ
فَمَا التَّحرِيرُ يَأتي مِن خِطَابٍ = وَلا فَنٍّ ولا شِعرٍ فَرِيدِ
وَلَكِن مِن رِجَالٍ قَد تَبَارَوا = لِيَسبِقَ بَعضُهُمْ بَعضًا لِعِيدِ
وَهَبَّوا لِلشَّهادَةِ مُذْ دَهَاهُمْ = نَذِيرُ الشُّؤمِ قَتَّالُ السُّعُودِ
وَهَذَا الدَّرسُ يحكِي لِلمَطَايَا = عَنِ الأَحمَالِ مِن زَمنٍ بَعِيدِ
عَنِ الحِمْلِ الَّذِي أَضْنىَ ظُهُورًا = وَأَجْهَضَ حَمْلُ إِبدَاعِ العَدِيدِ
عَنِ الحِمْلِ الَّذِي أَعْطَى سُمُومًا = لِجِيلٍ فَاسْتَحَالَ إِلى قُرُودِ
وشَابَ الشَّيخُ والأَقفَالُ تَروِي = سُيُوفًا في اللِّسَانِ وفي القُدُودِ
ومَزَّقَ في الحَرائِرِ كُلَّ طُهْرٍ = ونَازَعَ رَبَّهُ في ذِي الحُشُودِ
فَمَا أَقسَاكَ يَا حِملاً عَلَينَا = وَمَا أَقسَى الزَّمَانُ عَلَى الأُسُودِ
فَكَيفَ يَسِيلُ دَمٌّ في عُرُوقٍ = وَمَا نَلقَى أَشَدُّ مِنَ الصَّدِيدِ
ومَا مجَرَى الدِّمَاءِ بَوَسطِ عِرقٍ = فَعِرقُ دِمَائِنَا أَرْضُ الجُدُودِ
طَلَبنَا المجدَ وَالأَثمانُ تَعلُو = وَلا تَأتِ المَعَالي مِن قُعُودِ
سَلامٌ مِن بِلادٍ في فُؤَادِي = لمقتُولٍ يُزَّفُ مَعَ الشُّهُودِ
وأنْعِمْ بِالشَّهادَةِ مِن سَبيلٍ = وبِالقَاعِ الَّتِي حَولَ الشَّهيدِ
الجمعة 22/4/2011 م
إلى شهداء سورية الأبرار
شعر: جعفر الوردي
سَقَى زَهرَ الرُّبوعِ دَمُ الشَّهيدِ = فَأحيَا العِتقَ فِي قَلبِ العَبيدِ
سَرَى نُورُ الشَّهادةِ فَامتَطَاهُم = وحَلَّق فِي الجِنانِ إِلى خُلُودِ
وفَاحَتْ مِن دِمَائِهِمُ عُطُورًا = فَسَاءَتْ كُلَّ جَبَّارٍ عَنيدِ
وهَا دَمُهُمْ لِمَنْ يَبغِي حَيَاةً = وذَا قَبرٌ وسَيفٌ مِن جَلِيدِ
فَقَد شَقُّوا الطَّريقَ لِكَي تُلاقُوا = حَيَاةَ العِزِّ والأَمرِ الرَّشِيدِ
فَخُطُّوا مِن دِمَائِكُمُ مِدَادًا = وَأَثنُوا بِالكَلامِ وبِالقَصِيدِ
فَمَنْ نَخشَى وهَذَا الرَّأسُ مِلكٌ = لِمَن أَبدَاهُ فِي هَذا الوُجُودِ
وقُولُوا يَا شَهِيدُ لأَنتَ مَجدٌ = وكُلُّ العِزِّ فِي دَمِّ الشَّهِيدِ
رَمَى سَهمُ المنِيَّةِ فِي فُؤادِي = بِمقتَلِهِم سِهَامًا فِي الوَرِيدِ
وصَارَتْ أَرضُ أَوطَانِي حِدَادًا = عَلَى جِسمٍ مَلِيءٍ بِالحَدِيدِ
فَمَا قَتَلَ الرَّصَاصُ إِذَا غَشَاهُم = بَل انْبَعَثَتْ حَيَاةٌ فِي الوَلِيدِ
فَكَمْ مِنَّا شَهِيدٌ عَاشَ دَهْرًا = وكَمْ حَيٌّ يَعِيشُ كَمَا الرُّقُودِ
وكَم أَحيَتْ دِمَاؤُهُمُ بِلادًا = وَضَاعَتْ مِن خَؤُونٍ بِالوُعُودِ
هُمُ الأَحياءُ دُونَهُمُ مَوَاتٌ = وَلِلأَعدَاءِ هُمْ شَرُّ الوَعِيدِ
ويَا أُمَّ الشَّهِيدِ ويَا بَنِيهِ = فَلا تَأسَوا عَلَى حَيٍّ سَعِيدِ
عَلَى مَن قَدَّمَ العُقبَى عَجُولاً = لِبَعثِ الرُّوحِ في شَعبِ الثَّرِيدِ
فَأَحيَا دَمُّهُ ابنًا وَكَهلاً = وزَوجًا والجَمَادَ مَعَ الوُرُودِ
فَذَا خَلْقٌ وإِبدَاعٌ وبَعْثٌ = ولَيسَ الصَّدحُ مِن صَوتٍ بَلِيدِ
لِيَضرِبَ بِالكَلامِ الشَّمسَ صُبحًا = وَيُزعِجَ أُذْنَ بَدْرٍ في الهُجُودِ
ويَأتي بِالبَلاغَةِ في حِبَالٍ = ويَعتَقِلَ القَصَائِدَ مِن لَبِيدٍ
فَتُصغِي الأُذنُ تحَسَبُ أَنَّ أَمرًا = أَتَى مِن عِندِ قُرآنٍ مجَيدِ
فَيُولَدُ مِن بُطُونِ القَولِ فَأرٌ = يُغَازِلُ قِطَّةً بَينَ النُّهُودِ
بهِذا تُعقَرُ الآمَالُ فِينَا = وتَلبَسُنَا المَهانَةُ في الخُدُودِ
فَدَمٌّ صَامِتٌ يحُيي شُعُوبًا = وَكَمْ يُودِي الكَلامُ إِلى اللُّحُودِ
فَمَا التَّحرِيرُ يَأتي مِن خِطَابٍ = وَلا فَنٍّ ولا شِعرٍ فَرِيدِ
وَلَكِن مِن رِجَالٍ قَد تَبَارَوا = لِيَسبِقَ بَعضُهُمْ بَعضًا لِعِيدِ
وَهَبَّوا لِلشَّهادَةِ مُذْ دَهَاهُمْ = نَذِيرُ الشُّؤمِ قَتَّالُ السُّعُودِ
وَهَذَا الدَّرسُ يحكِي لِلمَطَايَا = عَنِ الأَحمَالِ مِن زَمنٍ بَعِيدِ
عَنِ الحِمْلِ الَّذِي أَضْنىَ ظُهُورًا = وَأَجْهَضَ حَمْلُ إِبدَاعِ العَدِيدِ
عَنِ الحِمْلِ الَّذِي أَعْطَى سُمُومًا = لِجِيلٍ فَاسْتَحَالَ إِلى قُرُودِ
وشَابَ الشَّيخُ والأَقفَالُ تَروِي = سُيُوفًا في اللِّسَانِ وفي القُدُودِ
ومَزَّقَ في الحَرائِرِ كُلَّ طُهْرٍ = ونَازَعَ رَبَّهُ في ذِي الحُشُودِ
فَمَا أَقسَاكَ يَا حِملاً عَلَينَا = وَمَا أَقسَى الزَّمَانُ عَلَى الأُسُودِ
فَكَيفَ يَسِيلُ دَمٌّ في عُرُوقٍ = وَمَا نَلقَى أَشَدُّ مِنَ الصَّدِيدِ
ومَا مجَرَى الدِّمَاءِ بَوَسطِ عِرقٍ = فَعِرقُ دِمَائِنَا أَرْضُ الجُدُودِ
طَلَبنَا المجدَ وَالأَثمانُ تَعلُو = وَلا تَأتِ المَعَالي مِن قُعُودِ
سَلامٌ مِن بِلادٍ في فُؤَادِي = لمقتُولٍ يُزَّفُ مَعَ الشُّهُودِ
وأنْعِمْ بِالشَّهادَةِ مِن سَبيلٍ = وبِالقَاعِ الَّتِي حَولَ الشَّهيدِ
الجمعة 22/4/2011 م