المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تشابك



أحمد عيسى
13-05-2011, 11:07 PM
قال لزميله في الشركة وصديقه "أحمد" وقلبه يخفق بين جوانحه :
- هل أنت متأكد من رقم الغرفة .
ابتسم أحمد ، رسم علامات الثقة على جبينه ، ربت على كتف زميله أيمن ، وقال :
- هي خبرتي الاستثنائية يا صديقي ، خارج مجال العمل لكنها تفيد أحياناً
الطابق الثاني ، الغرفة رقم اثنان
هرول أيمن وزميله الى الطابق الثاني ، ثم الى الغرفة المقصودة ، وقفا خارجها وأحمد يتابع
لقد تتبعت (الآي بي) للعنوان الذي يراسلك ، وهو لهذا الجهاز ، بالغرفة موظفتان وموظف واحد ، حبيبتك احدى هاتين الموظفتين ، ستعرفها وتراها اليوم يا صديقي .
أيمن ، قلبه يخفق في وله ، وتوتر أيضاً ، وخوف ما من المجهول ، هذه الصديقة التي عرفها لعام كامل ، تراسله ويراسلها عبر الشبكة الداخلية للشركة ، باسم وهمي ارتبط في وجدانه بها ،
وردة الحياة ، هكذا كانت تلقب نفسها حين التقى بها عبر الأثير ، هكذا عرفها ، نور الحياة التي تشاركه همومه وأحزانه واهتماماته ، أخبرها مرات أنها تعرف ماذا يريد أن يقول ، قبل أن يقوله ، وأجابته كثيراً عن أسئلة قبل حتى أن يسألها ، سألتقي بنديمي أخيراً ،
- لماذا ترفضين أن تخبريني باسمك ، أو مسماك الوظيفي في الشركة ، لماذا تحتفظين بهذه المعلومة الوحيدة لنفسك وأنت كتاب مفتوح أمامي ،، لماذا
سألها السؤال كثيراً ، كم تهربت من ذاك السؤال ، كم ابتسمت – دون أن يراها – كم قطبت جبينها وصمتت حزناً – هكذا تصورها – كم تألمت ، وتجاهلت أحياناً ، لكن اجابة سؤاله بقيت دفينة صدرها ، لم تصل لوحة المفاتيح بعد ، لم تعطِ الأمر لأصابعها بأن تفعل .
أحمد يلقي نظرة في الغرفة ، ثم يخرج اليه ، يشير له بأصابعه ... اليها
هادئة وادعة خف مكتبها ، ليست بالغة الجمال ، لكنها أنيقة ، رقيقة هشة حتى لتخالها ستسقط فجأة ،
ألقى التحية علىها ، وعلى زميلتها البدينة خلف الحاسب ، تلعثم ، تذكر أنه لا يوجد سبب واحد لوجوده في غرفة السكرتارية ، وفي هذا الوقت بالذات قبل الانصراف بدقائق معدودة ..
نظر الى عينيها ، شعر بتيه داخلها ، تنحنح ، قال متلعثماً :
- أنا المهندس أيمن ، من قسم الصيانة ، فقط أردت أن توصلي هذه الرسالة للسيد مدير التسويق
أخرج قلمه وكتب على ورقة أمامها :
- أخبرتك أنني سأعرفك ، قلبي فعل
نظر اليها وحاول أن يغمز بعينيه ، فلم يملك أمام عينيها الساحرتين الا رجفة سرت في أوصاله كلها ، وليس في عينيه فحسب ، ابتسمت له ، وقالت بدلالها كله :
- سأفعل
خرج من الغرفة مهرولاً ، لم يبال بصديقه ، الذي كان ينتظره ، خرج بكل جوارحه يسبق خطواته الى غرفته ،الى حاسوبه الذي صار يعشقه أكثر ،
كتب لها وهو ينتفض انفعالاً :
- لقد أخبرتك أنني سأصل اليك ، وسأعرفك
كتبت وكأنها تنتظره :
- وأنا أخبرتك أنك لن تفعل .
وعرف حينها باحساسه الذي لا يفارقه كلما حدثها ، أنها تنتحب .

-------------------

أحمد عيسى
16 أبريل

صفاء الزرقان
13-05-2011, 11:35 PM
نور الحياة التي تشاركه همومه وأحزانه واهتماماته ، أخبرها مرات أنها تعرف ماذا يريد أن يقول ، قبل أن يقوله ، وأجابته كثيراً عن أسئلة قبل حتى أن يسألها ، سألتقي بنديمي أخيراً ،
سألها السؤال كثيراً ، كم تهربت من ذاك السؤال ، كم ابتسمت – دون أن يراها – كم قطبت جبينها وصمتت حزناً – هكذا تصورها – كم تألمت ، وتجاهلت أحياناً ، لكن اجابة سؤاله بقيت دفينة صدرها ، لم تصل لوحة المفاتيح بعد ، لم تعطِ الأمر لأصابعها بأن تفعل .


نص جميل يحاكي واقعاً

جميلة عباراتك عندما وصفتها بانها تعرف ما يريد قوله قبل ان يقوله وهذا يذكرني بقول لغسان كنفاني يصف الحالة نفسها عنما يقول :

"إن لي قدرة لم أعرف مثلها في حياتي على تصورك ورؤيتك.. وحين أرى منظراً أو أسمع كلمة وأعلق عليها بيني وبين نفسي أسمع جوابك في أذني.. كأنك واقفة إلى جواري ويدك في يدي..
أحياناً أسمعك تضحكين.. وأحياناً أسمعك ترفضين رأيي.. وأحياناً تسبقينني إلى التعليق.. وأنظر إلى عيون الواقفين أمامي.. لأرى إن كانوا قد لمحوك معي"

رصدت انفعالاتها و ردود افعالها بطريقة جميلة عندما بقيت اجابتها حبيسة ولم تصرح بها

النهاية كانت جميلة بما تحمل من سخريةٍ زادت من جمال النص فقد خانه احساسه واخطأها فاصابها في نقطة قتلتها وادمتها فهي بحدس الانثى الذي لا يُخطئ قالت له "وأنا أخبرتك أنك لن تفعل ."
وعرف حينها باحساسه الذي لا يفارقه كلما حدثها ، أنها تنتحب .

دام ابداعك

عبد الله راتب نفاخ
14-05-2011, 10:30 AM
قفلة رائعة ..
و قصة مميزة ..
بوركت أديبنا ..
لك التحايا

زهراء المقدسية
14-05-2011, 12:17 PM
تشابك يعكس حقيقة التباعد
توهمها فكانت غيرها
صدقت هي وخاب هو

قصة رائعة الحبك والسرد والخاتمة صفعة

تقديري الكبير

كاملة بدارنه
14-05-2011, 04:07 PM
قصّة رائعة تتطرّق لما نبنيه من قصور وهميّة، ترسم خريطتها فكرة عابرة تختلقها بنات أفكارنا

نعيش فيها حالمين... وعندما نصحو نصدم بحقيقة الواقع الذي نجده سرابا

سرد شيّق وحبكة جاذبة

شكرا لك ولإبداعك أخ أحمد

تقديري وتحيّتي

( همسة : (الاي بي) ، بالغرفة موظّفتان (موظفتين)، خلف (خف)، عليها ، نظر إليها ( لها) وليس في عينيه )

أحمد عيسى
15-05-2011, 02:48 PM
نص جميل يحاكي واقعاً

جميلة عباراتك عندما وصفتها بانها تعرف ما يريد قوله قبل ان يقوله وهذا يذكرني بقول لغسان كنفاني يصف الحالة نفسها عنما يقول :

"إن لي قدرة لم أعرف مثلها في حياتي على تصورك ورؤيتك.. وحين أرى منظراً أو أسمع كلمة وأعلق عليها بيني وبين نفسي أسمع جوابك في أذني.. كأنك واقفة إلى جواري ويدك في يدي..
أحياناً أسمعك تضحكين.. وأحياناً أسمعك ترفضين رأيي.. وأحياناً تسبقينني إلى التعليق.. وأنظر إلى عيون الواقفين أمامي.. لأرى إن كانوا قد لمحوك معي"

رصدت انفعالاتها و ردود افعالها بطريقة جميلة عندما بقيت اجابتها حبيسة ولم تصرح بها

النهاية كانت جميلة بما تحمل من سخريةٍ زادت من جمال النص فقد خانه احساسه واخطأها فاصابها في نقطة قتلتها وادمتها فهي بحدس الانثى الذي لا يُخطئ قالت له "وأنا أخبرتك أنك لن تفعل ."
وعرف حينها باحساسه الذي لا يفارقه كلما حدثها ، أنها تنتحب .

دام ابداعك

الفاضلة : صفاء الزرقان

أسعدني مرورك وحسن قراءتك ، كان مروراً ثرياً وقراءة متميزة بكل تأكيد

أشكرك ، وأقدر وجودك

كل التحايا

ربيحة الرفاعي
30-05-2011, 01:57 AM
قصة جميلة ثقيلة المضمون
بسردية مترابطة متينة البناء
وتسلسل للفكرة شيّق انتهى بقفلة كرست رسالة النص

بعض عثرات أظنها طباعية

دمت بألق

سامح محرم السعيد
31-05-2011, 01:08 PM
الأستاذ الكريم / أحمد عيسي

وليتشابك ذلك التشابك مع كل المتشابكين الذين تشابكوا هنا وهناك


( أنا صديقه الوحيد الذي عرف حبيبتيه ، ويتركني هكذا بكل سهولة وكأنني غير موجود ، وبينما أنا موجود في شرودي بباب المكتب ، وهو خرج مسرعا لحاسوبة حيث الصدمة المتشابكة .

نادتني زميلتها المتينة بهدوء وهمست لي خِلسة كانت تقصدك أنتَ ، هي تحبك َ أنتَ وليس هو...)


طوق ياسمين وطاقة بنفسج وتقبل مروري

د. سمير العمري
27-11-2011, 10:11 PM
قصة تتشابك فيها الدلالات تشابك الأحداث ، وحالة بات يفرضها زمان بات التواصل عبر الشابكة يمثل حياة أخرى فيها كل شيء إلا القدرة على معرفة الوهم من الواقع.

كأني بها البدينة تلك ، ولكن هذا النص يوضح أن الإنسان إنما يتحرك وفق خياله وما يصوره له ـ ولعل هذا يكون من خباله أيضا.

أشكر لك مقدرتك القصصية المبهرة!

دمت بخير وعافية!


تحياتي

أحمد عيسى
01-03-2012, 05:08 PM
قفلة رائعة ..
و قصة مميزة ..
بوركت أديبنا ..
لك التحايا

الأستاذ والزميل المحترم : عبد الله راتب نفاخ

أشكرك أيها الفاضل أن أعجبتك هذه الأقصوصة
سعيد بك وبوجودك هنا

تقبل ودي كله

آمال المصري
18-12-2013, 11:43 AM
التواصل كان من نوع بعيد عن الواقعية ... رسم شخصية الطرف الآخر واختارها حسب ما صورها له خياله فكانت الصدمة أنه تعلق بوهم
نص جميل رغم أن الفكرة مطروحة بأردية مختلفة ولكن هنا كان السرد رائع والحبكة قوية والخاتمة مدهشة
بوركت واليراع
تحاياي

ناديه محمد الجابي
27-01-2014, 08:41 PM
سرد قصصي رائع امتاز سبكا وطرحا وحبكا بقلم
كاتب مبدع ومتمكن من أدواته بشكل ملفت
ونهاية ساخرة من أوهام التواصل عبر الشابكة
دمت ودام إبداعك.

نداء غريب صبري
12-02-2014, 12:45 AM
قصة جميلة وسرد ممتع ومضمون طريف برغم حزن الخاتمة والفتاة البدينة التي تنتحب وراء شاشاتها

أمتعتني قراءتها

شكرا لك أخي

بوركت

خلود محمد جمعة
14-02-2014, 10:38 PM
سرداً وفكرة ومضموناً رائعة
لما يختار الأنسان العذاب لنفسه ؟
لما نتشابك حد التقيد مع انفسنا ؟
دمت بخير
مودتي وتقديري