المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " النهايات الُموجِعة "



إسلام شمس الدين
08-07-2004, 11:05 PM
http://members.lycos.co.uk/egyptsonsmag/rose.jpg

- " بداية و نهاية "
دوماً ما يستوقفني هذا العنوان لإحدى روايات أديبنا الكبير نجيب محفوظ ..
تشدني هاتان الكلمتان لتأملهما شارداً مع ما وراءهما من معانِ .
فلكل شئ بداية .. و له أيضاً نهاية ، فلاشئ مطلق الوجود ؛ لا شئ مطلق الحدود ؛ لا شئ مطلق الخلود سوى وجه الله تعالى .
- مسلمة بديهية يدركها الطفل الصغير قبل الشيخ الحكيم .
إلا أننا قلما نعمل بما أدركناه من هذه البديهية ، قلما وضعنا في حسباننا أن كل ما نحلم به لا بد له من نهاية .. فنحن ننظر إلى الأمور على إطلاقها ؛ نحلم أحلاماً مطلقة ؛ نسعى إلى نجاحاتِ مطلقة ؛ ننسى أو نتناسى أن ما نحلم به و ما نسعى إليه – حتى و إن تحقق – فلا بد له من نهاية ..
نتشبث بكلِ أملِ صغير من أجل تحقيق أحلامٍ ربما تأتي لحظة النهاية لها بمجرد أن يداعبنا أمل تحقيقها .
و ليست هذه نظرة متشائمة ..
فقد تأتي النهايات سعيدة ، و قد تأتي حزينة ..
إلا أن أصعب النهايات .. هي تلك " النهايات الُموجِعة " .

تصارعت تلك الأفكار بداخلي و أنا استمع إليها صامتاً ..
لم تتفوه سوى بكلمة واحدة ..
استطاعت ببراعة فائقة اختيار الكلمة المناسبة لتقرير الصمت الأبدي فيما بيننا .. كلمة واحدة أسدلتْ بها آلاف الستائر المُعتمة ، لملمتْ ما تبقى من نبض الحروف بداخلنا لتطلق عليه سهام الصمت في مشهد إعدامٍ جماعي لكل مفردات اللغة .

تأملتُ ملامحها الهادئة .. كدتُ انحني لها إعجاباً ببراعتها في إصدار الحكم النهائي على مشاعرنا دون ثغرة واحدة قد تنفذ منها تلك المشاعر لنقض الحكم أو استئنافه ، و دون أن تدع لنا أي فرصة للتراجع .
ارتقت بالمشهد من درجة الخلاف إلى أقصى درجات الصراع ..
من جرحِ للمشاعر إلى جرحِ للكرامة ..
من نهاية للحلم إلى قتله ..

أذهلتني مفاجأة النهاية غير المتوقعة .. حاولت ألا أقف صامتاً كتمثالِ حجري ، حاولت التظاهر بانفعالِ ما *حتى و إن كان اللامبالاة .. فكرتُ في الثورة لجرحِ عميقِ أصاب كرامتي .. فتشت بداخلي عن حروفِ مبعثرة تجيبها..
- لماذا لا أجيبها بنفس الكلمة ؟.. لماذا لا أثور عليها ؟ .. أو فلأطلب منها على الأقل تبريراً لهذه الكلمة ؟
تعالت صرخات الجرح بداخلي ترجوني الحفاظ على ما تبقى من ذاتي ..
فتملكني لا الصمت .

قررتُ الهروب ثانيةً إلى أفكاري و تأملاتي ..
لم تكن أحلامي عديدة بحيث أن فقداني لإحداها قد يعوضه تحقيق حلمِ آخر .. كانت قليلة إلى الدرجة التي تجعلني أتشبث بكل خيطٍ من خيوطِ الوهم الواهية في سبيل الحفاظ على الحلم .
لقد كانت هي دائماً محور أحلامي .. بل و محور حياتي كلها ..
كل لحظة لنا معاً كانت بالنسبة لي حلماً جميلاً أتمنى لو لا أصحو منه أبدا ..
كل همسِ بيننا هو نغمٌ ينسيني صخب الحياة من حولنا ..
كل لقاءٍ هو حياةٌ خُلقت لنا وحدنا .
إلا أنني لم أتناسى للحظة أن الُحلم لا بد له من نهاية .. وأنه لا مفر من أن تكون نهاية حلمنا هي إحدى تلك النهايات الحزينة .
هيأتُ نفسي كثيراً للحظة إعلان انتهاء وقت الأحلام و النزول إلى أرض الواقع المؤلم ..
انتظرتُ كثيراً تلك النهاية الحزينة.. ترقبت مفاجأتها لي في أي لحظة .
و بالرغم من أنني كنت اتمنى لو لا تأتي أبداً .. إلا أنني الآن أتمنى لو جاءت منذ زمن ..
فلم تكن النهايات الحزينة أبداً بقسوة النهايات المُوجِعة .

استدارت مبتعدة ..
أفقتُ من شرودي ..
قررت الانسحاب بهدوء ..
كان يجب أن التفت لذلك الُجرح العميق النازف بداخلي ..
عانقته مواسياً ؛ خبأته بداخلي علني استطيع يوماً مداواته .
استسلمت لتلك " النهاية الموجعة " باحثاً عن بداية حلمِ جديد بتضميد جراح ذاتي !



إسلام شمس الدين

يسرى علي آل فنه
09-07-2004, 09:25 AM
أخي الطيب:-اسلام شمس الدين
هذه هي الحياه بدايات ونهايات وما بينهما طريق لابد ان نعبر فيه
اما لذات الحلم فما اضيق الحياة بدونه وان تجرعنا مر النهايات ،لايزال يشرق بصيص امل في حلم جديد ربما يؤل الى واقعٍ جميل ويالفرحتنا ان كان اجمل من ذات الحلم

********
حلم النهاية الاروع ان يرزقك الله تعالى وايانا رضاه وجنته

اللهم آمين

دمت بكل الروعه

إسلام شمس الدين
15-07-2004, 01:23 AM
صدقتِ أختي الكريمة نبض الإيمان

أشكر لكِ مرورك و مشاركتك المميزة و دعائك الجميل

و لكِ وافر تحياتي و تقديري
إسلام شمس الدين

طائر الاشجان
15-07-2004, 02:14 PM
اشتمل النص على نظرة فلسفية لإحدى أهم مسلمات الحياة منذ الازل وهي حتمية المصير لكل شئ ، سنة الله فيما خلق ، وتسطع جليةً عندما تتخذ شكل الإبتلاء كما نفهمه نحن المسلمون ، وتتحدد المسافة بين المهد واللحد برحلةٍ يتم خلالها تدوين أحداث هذه الفترة الزمنية التي نعبر عنها بالعمر ، ثم تأتي اللغة كأداةٍ لرصد هذا الحدث أو ذاك ، بالاضافة إلى الصور والنقوش كما خطتها يد الانسان ، وكانت هي الوحيدة قبل اختراع وسائل أخرى كآلة التصوير .
ويبقى القلم الملاح الوحيد الذي يجيد الإبحار في خِلجان النفس البشرية ، ويصورها من الداخل بتفاعلاتها التي لا توصف إلا بريشة كاتب .
وهذا تماماً ما رأيناه خلف سطور استاذنا إسلام شمس الدين .

تحية لروعة قلمك وعبقرية حامله .

أخوكم/ طائر الاشجان

علي حسين الموصلي
22-07-2004, 10:37 AM
لكل ما في الوجود بداية ونهاية
كلماتك جميلة ومعبرة
بارك اللة فيك

ياسمين
25-07-2004, 02:31 AM
إسلام شمس الدين
الغائب الحاضر
اخى العزيز افتقدتك جدا
وافتقدنا قلمك
على أى حال انا دخلت ارحب بك الان
وسأعود لمداخلتك فما أروع مداخلة النهايات الموجعة

انتظرنى اسلام...

لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين

د. سمير العمري
04-08-2007, 11:54 PM
عثرت عليها مصادفة فعجبت كيف فاتني أن أرد عليها في حينها ، وقد تبتسم الآن من ردي عليها بعد كل هذا الوقت ، ولكن نصا كهذا يجدر به أن يعود حيا من طيات الأرشيف ، ثم أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا.

ربما أجد في رفع هذا النص تكفيرا لتقصيري سهوا عن الرد في حينه.


وربما يجدر بك أن تعود إلى النص لتنقيح بعض البعض من هنات نحوية فيه.



تحياتي

وفاء شوكت خضر
05-08-2007, 12:55 AM
الأخ الفاضل / د. إسلام شمس الدين .

سلام الله عليط أينما كنت وأين حللت ..

يراع غاب عن ساحة الواحة ، ونفتقده بشدة ..
وإنسان نفتقد نقاءه ووجوده بيننا ..
ربما نجدك يوما تنثر النور هنا بتواجدك ..
هو حلم ربما يتحقق .. ربمـــــــا ...

تهاجر الطيور ، ومهما بعدت مسافات السفر وطال الغياب ..
لا بد تعود لأوطانها ..

ننتظرإيابك أيها الطائر المحلق ..


كن بخير دائما أيها الأخ العزيز .

جوتيار تمر
05-08-2007, 01:54 AM
العزيز اسلام...

البداية...!
-1-
دخلت مهمومة وكأن بها مصاب..
نظرت إلي..ابتسمت.. ثم ..
كسى وجهها هم موجع...
نزعت معطفها الأرجواني..
بدأت تتمتم..انه البرد...
-2-
جلست قرب الموقد..
رمت ببعض قطع الحطب الجاف
في النار..إنها تحترق بسرعة..
كأن الزمن هكذا ..
يريد ان يمضي مسرعا
دون ان يقدم لنا تفسيرا...
-3-
تمد يدها إلي ..اغرس أناملي
في يدها...تحضنها...تقبلها..
تقترب..تضع رأسها
على صدري...
كم أحب الأشياء التي لانهاية لها..
-4-
حبيبتي ماذا بك..؟
لاشيء فقط سؤال يحرقني
هل لكل شيء نهاية..؟
قالتها وهي تتكسر حزنا..
صوتها كان معذبا...
-5-
صمت خيم علينا كلانا
عادت تقول بنفس النبرة
هل لكل شيء نهاية..؟
-6-
حبيبتي.......
تسأليني انا...
هل لكل شيء نهاية..؟
وبلغة صارمة..تعود..
إذا لماذا أصلا البداية..؟
تتغير نبرتها..لتبلغ منها
الحدة أقصاها..
لكن أيعقل أن يستمر
كل شيء دون نهاية...؟
-7-
ثم ما تلبث ان تعود
هادئة..وديعة...
لا باس أن نعيش لبضع أيام
حتى ندرك مقتضيات البداية..!
.................................................. ...

نص لي هنا في الواحة...اردت ان اشاركك به في البدايات والنهايات

محبتي لك
جوتيار

حوراء آل بورنو
06-08-2007, 05:33 AM
لا بأس في نهايات موجعة إذا بها زال العطب و بتر الفاسد قبل أن يقتل القلب !

في شوق لحرفك الجميل يا فاضل ، فمتى يعود النورس لزيارة واحته .

كن بخير دائما و أبدا .

سحر الليالي
26-09-2007, 10:23 PM
الفاضل " اسلام "

اشتقنا لـ نبض يكتب من مداد الشمس ...!!!

نفتقدكـ بـ شده...!

لتكن بخ ــير

أسماء حرمة الله
30-04-2008, 06:35 PM
سلام ربّي عليك ورحمته وبركاتـه

تحيـة تقطر دعاءً



اللهمّ ارحم أختَنـا حنَان وارحمنـا إذا صِرْنا إلى ماصَارَتْ إليـه ..! (http://www.twbh.com/flash/aldaaaar.swf)



أخي الطّيّب إسلام،

وكأنّ النهاياتِ المُوجعةَ تزور كلَّ روحٍ، كلما أصبح القمرُ جُرحـاً !
نمضي في حياتنـا، نغفل عن أشياء كثيرة، ونضعُ حياتنا أحياناً في قبضـةِ سراب، حتّى يخطف الأجلُ أحباباً لنا، فنتذكّر حينئذٍ بأنّ الحياةَ لاتساوي شيئاً ! وبأنّ بعـضَ ما ظننّاهُ وَرْداً لم يكن في الحقيقـة إلاّ سكّيناً يُغرَس على مهلٍ فينـا، ربّما لأنّنـا صدّقْنـا أنّ كلّ ما حولنـا لايذرفُ إلاّ عطراً !

وهاهو الغيابُ يحملكَ كما حملني وكما حملَ أحبتنا، إلـى غيمـة لاتصلها غير الرّوح ! أتُراكَ غفوتَ بين يديْ فرح، أمْ في ذاكرة حزنٍ لايرحـم، أمْ أنّ الغيابَ العنيدَ رحلَ بكَ إلى قريتـه التي لا مكانَ لها على أثيـر أو غيمـة ؟!

أخي الأديب الكريم الصّادق، حماكَ ربّي أينما حللتَ وارتحلتَ، وأعادكَ إلينا قريباً، ترفلُ في ألفِ حديقة فرح، وماذلكَ على اللـه بعزيز ،.


سلمتَ أينما كنتَ أديبنـا
خالص تقديري ودعواتي :0014:
وألف طاقة من الورد والندى

حسنية تدركيت
30-04-2008, 09:20 PM
نص يحتاج منا الكثير من التأمل " النهاية والبداية " تلك الحقيقة التي علينا ان نسلم بها
أسأل الله ان يحسن خاتمتنا في كل شيء , وجزاك الله خيرا على هذه الفسحة الجميلة للتأمل

سحر الليالي
30-04-2008, 10:11 PM
نفتقدك جدا أيها الفاضل ..
كن بخير د وما

عبدالله المحمدي
30-04-2008, 10:43 PM
خلقنا للبقاء

تحياتي لهذا البوح الصادق

دمت اخي اسلام بهذا النور

سمو الكعبي
01-05-2008, 01:11 AM
حرف رائع وبداية براقة لك نهجك الخاص في هذا النص