المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة : السهو عن الذات في محاريب الصلاة



د. حكمت صالح
09-07-2004, 04:47 PM
"إِنْ تَنَمْ عَيْنِي ، فَقَلْبِي لا يَنَام ُ كَيْفَ ؟؛ والآفَاقُ عُرْسٌ مُسْتَهَامُ "

"هَذِهِ الدُّنْيَا تَغَشَّـاهَا سـَدِيْمٌ فَإِلَى أَيْنَ ؟؛ إِذَا حُمَّ الـْحِمَامُ ؟ "
***
لَفّنِي الْوَجْدُ لَهِيْباً - أَيْنَ مِنِّي مُهْجَةٌ حَرَّى - بِمَرْمَى مُنْتَهَاهْ 1

لَذَّةٌ تَعْتَصِرُ الْقَلْبَ اعْتِصَاراً وَالثَّنَايَا نَاغِرَاتٌ فِي الشِّفَاهْ 2

صَعْقَةُ التَّيَّار فِي أقْصَى عُرُوقِي مَوْجُهَا ؛ يَسْخَرُ مِنْ حَبْلِ النَّجَاهْ 3

وَأنَا فِيْ هَدْأة اللَّيْلِ غَرِيْبٌ غُرْبَةً تَطْحَنُ صَخْرِي بِرَحَاهْ 4

كَمْ تَعَذَّبْتُ بِحُبِّي ! .. كَمْ دَعَوْتُ الــلَّــهَ رَبِّي!.. مُسْتَجِيْراً بِحِمَاهْ 5

قُرْبُكَ اللَّهُمَّ مِنِّي .. قُرَّةٌ تَغْمُرُ عَيْنِي . . فَتُغَنِّيْنِي الْحَيَاهْ 6
.........7-
إيْهِ ؛ يَا وَجْدُ .. وَيَالَذَّةُ .. يَا تَيَّاْرُ .. يَا تَعْذِيْبُ ، إيْهٍ فِي هَوَاهْ 8

إغْزِلُوْنِي .. لَحْمَةُ الحُبِّ عَلى مِنْوَالِهِ ؛ تَنْسُجُ مِنْ نَبْضِي سَدَاهْ 9

اِدْفِنُوا نَبْضِيَ بِالثَّلْجِ الْمُدَمّى وَاصْهَرُوا الرَّعْشَةَ فِي جَمْرِ الشِّفَاهْ 10

قَطِّعُوا الآمَالَ مِنِّي إرَباً، ثُمَّ انْثُرُوهَا .. حَوْلَ حَافَاتِ الْمِيَاهْ 11

تُنْبِتِ الْوَرْدَ رَبِيْعاً ، ثُمَّ تَخْضَلَّ فَيَافِيْهِ النَّشَاوى بِشَذَاهْ 12

تَرْفُلُ الدُّنْيَا عَرُوساً ؛ زَفَّهَا لَحْنٌ ؛ يُنَاغِيْ مُهَجَ العِشْقِِ صَدَاهْ 13


يَاحَبِيْبِي : إنَّهَا ؛ إنْ تَكُنِ الآ هَةُ قَدْ أرْهَفَهَا الْوَجْدُ ؛ فَـ " آهْ " 14

آهِ مِنْ حُبٍّ .. تَنَدَّتْ بالأطايِيْبِ مَغَانِيْهِ ، فَتَاْهَتْ .. ثُمَّ تَاهْ 15

إنَّهَا رُوْحِيْ .. بِمِحْرَابِكَ حَلّتْ رُبَّمَا يَعْكِفُ قَلْبِيْ لِلصَّلاهْ 16

جَذَبَتْنِيْ قِبْلَة ٌ؛ أسْهُو بِهَا عَنْ كُلِّ مَا حَوْلِيْ ، وَيَسْهُو الإنْتِبَاهْ 17

وَحُشَاْشَاْتِيْ انْتَضَتْنِيْ ؛ أرَقاً يَحْجُبُ طَرْفِي؛ بِجَلالٍٍ لَنْ أرَاهْ 18

وَانْبِهَارِيْ.. صَاْرَ جُزْءاً مِنْ جَمَاْلِيَّاتِ كَوْنٍٍ ؛ ضَاْقَ عَنْهُ مُحْتَوَاهْ 19

قُشْعَرِيْرَاتٌ غَزَتْنِي .. أتَحَامَاْهَا ، تَجُوْسُ الجِلْدَ .. تَجْتَثُّ لِحَاهْ 20

أيُّهَا الطَّاْرِقُ لَيْلاً : لَوْ تَرَيَّثْتَ قَلِيْلاً ؛ رَيْثَمَاْ تَكْبُوْ الجِبَاهْ 21

تُكْمِلُ المِشْوَارَ فِيْ سَجْدَتِهَا النَّشْوَى خُشُوْعاً ؛ فَتَفِي الْقَلْبَ مُناهْ 22

فَهْيَ وَالطُّوْفَانُ لَذَّاتُ وِصَالٍ بِحَبِيْبٍ ؛ يُثْلِجُ الصَّدْرَ رِضَاهْ 23

هَذِهِ الْمَعْشُوْقَةُ الْحُلْوَةُ تَدْعُوْهَا الْكُنَى : " عِشْقاً " ، وأدْعُوْهَا : " الصَّلاهْ " 24

أرْفَعُ الْكَفَّيْنِِ لِلأعْلَى .. أُحَيِّيْهَا ؛ فَيَزْدَانُ الْمُحَيَّا بِسَنَاهْ 25

تَيَّمَتْنِي .. مَلَكَتْ قَلْبِي وَحِسِّي فَأنَا فِيْ حَضْرَةِ الْمَحْبُوبِ سَاهْ 26

وَتَفِيْضُ النَّشْوَةُ الْوَلْهَى عَبِيْراً فِي الْفَيَافِي ؛ غَيْرَ مَألُوْفٍ شَذَاهْ 27

رِحْلَةٌ فِيْ مَلَكُوْتِ اللّهِ ؛ فَجْراً لا يَحُطُّ الرَّحْلَ فِيْ سَاحِي ضُحَاهْ 28

بَعْضُ صَحْبِي قَاْلَ لِيْ : هَيَّا تَرَجَّلْ قُلْتُ : مَنْ غَادَرَ – غَيْرِيْ – مُرْتَقَاهْ 29

فَذَرُونِي .. أحْتَسِيْهَا لَذَّةً ؛ لا يَحْتَسِي مِنْ كَأْسِهَا غَيْرُ التُّقَاهْ 30

فَلَوَ انَّ الْعَذْلَ قَدْ مَارَسَ عِشْقِي لَصَبَا ؛ حَتَّى تَفَانَى فِيْ صِبَاهْ 31

تِلْكَ بَعْضٌ مِنْ حُشَاشَاتِ ضَمِيْرٍٍ بَعْدَمَا طَلَّقَ جَفْنَايَ كَرَاهْ 32


فَأنَا تَوْأمِيَ الشَّوْقُ ، إذَا مَا ذَكَرَ الْمَحْبُوبَ ذَابَتْ شَفَتَاهْ 33

يَاحَبِيْباً ؛ لَيْسَ كَالأحْبَابِ وَصْلاً مَنْ تُرَى مَحْبُوبُهُ مَا قَدْ سَلاهْ 34

طَاوَلَتْنِي بَعْضُ آمَالِي شُمُوخاً وَبِهِ الأفْلاكُ دَارَتْ فِيْ عُلاهْ 35

قُلْتُ : لَوْلاهُ مُحِبٌّ ؛ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاسِِ رَيْبٌ ؛ أنْ خَلَتْ مِنْهُمْ دُنَاهْ 36

إنَّ فِيْ نَفْسِي .. اُرِيْتُ الآيَةَ الْكُبْرَى ، وَفِي آفَاقِهَا طَرْفِيَ تَاهْ 37

سُدُمُ الْكَوْنِِ .. مَلايِيْناً تَرَامَتْ أينَ مِنْ عَيْنَيَّ إدْرَاكُ مَدَاهْ 38

فَارْقُبِ الشُّهْبَ مَلِيّاً ؛ أوَ تَدْرِي أنَّهَا خَرَّتْ سُجُوداً لِلإلهْ 39

الرَّيَاحِيْنُ .. إذَا مَا يَلَتِ الرِّيحَ ؛ فَلا تَرْكَعُ قَطٌّ لِسِواهْ 40

صَهِ .. هَلْ تَسْمَعُ شَدْوَ الصَّخْر ِ ؛ إذْ عَاوَدَ ذِكْرَ اللّهِ؛ يَسْتَجْدِي رِضَاهْ ِ 41

هَذِهِ النَّمْلَةُ .. فِيْ مَنْكِبِ رِزْقِِ اللّهِ تَسْعَى ، وَهْيَ تَجْتَازُ الْفَلاهْ 42

تَسْحَبُ القَشَّةَ . هَلْ يَقْدِرُ أنْ يَسْحَبَ تَلاًّ أوْ كَثِيْباً مِنْكَ فَاهْ 43

أيُّهَا الطّارِقُ: كُثْرٌ؛ لَيْتَ شِعْري جَمْعُ مَنْ لَمْ يَفْقَهُوا مَعْنَى الْحَيَاهْ 44

رَانَ قَلْبٌ .. نَامَ عَنْ ذِكْرِكَ رَبِّي وَلأمْرٍٍ ؛ قَدْ دَهَاهُ مَا دَهَاهْ 45

آهِ .. لَوْ يَدْري- الَّذِي نَامَ عَنِِ النُّوْر ؛ وَلَفَّتْهُ الدَّيَاجِي – مَا عَسَاهْ 46

حَاشَ لِلّهِ ، إذَا الأرْعَنُ ؛ حُمْقاً ضَاعَ ؛ مُذْ غَابَ عَنِِ الْوَعْيِِ هُدَاهْ 47

قَدْ دَعَوْنَا مَارِقاً مِنْ جِلْدِهِ ؛ لَمْ يُلْقِِ بِالسَّمْعِِ إِلَى مَنْ قَدْ نَهَاهْ 48

خَسِرَ الْجَوْلَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ الشَّيْطَانِِ ، مَا يُجْدِيْهِ أنْ عَضَّ الشِّفَاهْ 49

ثُمَّ ؛ يَوْمَ الحَشْرِِ لا يَقْوَى عَلَى اسْتِصْرَاخِِ مَنْ نَادَى ؛ فَيَجْتَرُّ لَهَاهْ 50

قَالَ لِيْ الْقَلْبُ؛ وَقَدْ أرْهَفَ نَبْضاً -: يَغْفِرُ اللّهُ لِمَنْ كَانَ عَصَاهْ 51

قُلْتُ : إهْنَأْ .. إنْ تَكُنْ لُذْتَ بِحَبْلِِ اللّهِ ؛ فَاللّهُ مُجِيْبٌ مَنْ دَعَاهْ 52

إنْ يَكُنْ قَدْ قَصرَ إقْدَامِيَ ذَنْبٌ فَبِهَدْي اللّهِ تَمْتَدُّ خُطَاهْ 53

أيُّهَا الْقَلْبُ : تَمَهَّلْ ، لا تُرَعْ .. لا إنّهُ بِالْعَفْوِِ قَدْ فَاضَتْ يَدَاهْ 54

يَتَجَافَى مَضْجِعُ السُّهْدِ عَنِْ الصَّبِّ ؛ إذَا الْمَحْبُوْبُ قَدْ كَانَ اجْتَبَاهْ 55

فِيْ مَدَارِِ الْعِشْقِِ ؛ جُرْماً نَيِّراً ؛ أصْبَحَ .. لَمَّا غَضَّ طَرْفاً عَنْ أنَاهْ 56

فِيْ رِِحَابٍ مِنْ فَرَادِيسِِ السَّعَادَاتِ ؛ مَعَ الأبْرَارِِ ؛ يَسْتَاقُ خُطَاهْ 57

أيُّ مَرْقىً ؛ أيُّهَا الأوَّابُ ؛ يَسْمُوْ فِيْهِ رُوْحُ الْقُدْسِِ ! ؛ أمْ أيٌّ كَمَاهْ 58

فِيْ جَلالاتِ خُشُوْعٍٍ سَرْمَدِيٍِّ؛ لَمْ يَطُلْ؛ جُنْحُ الخَيَالاتِ؛ ذُرَاهْ 59

وَالزَّمَانُ الْفَرْدُ يُمْسِيْ جَوْهَراً فِيْ جِيْدِ عُمْرٍٍ ؛ لانِهَائيٍّ مَدَاهْ 60

أيُّهَا السَّائلُ : إسْعَدْ ، وَامْلإِ الدُّنْيَا ابْتِهَالاً .. وَتَبَاشِيْرَ نَجَاهْ 61

إنَّهَا الْجَنَّةُ .. أعْطَتْ لِسَرَابِ الْعَيْشِِ مَعْنىً ، وَجَلَتْ عَنْهُ دُجَاهْ 62

إنَّهَا الْجَنَّةُ .. إيْهٍ .. فَتَزَوَّدْ حَبَّذَا مَنْ زَادُهُ كَانَ تُقَاهْ 63

أوَ مَنْ يفرُشُ للجنَّةِ دَرْباً بالرَّيَاحِينِ .. وَيَشْتَارُ شَذَاهْ 64

مِثلُ مَنْ يَسْلُكُ شِعْباً يَتَهَاوَى فِي سَعِيرٍ ؛ يَصْطَلِي الْجَمْرُ لَظَاهْ 65

فَإذَا لَمْ يَكُ فِي الإحْرَاقِ بُدٌّ فَلْتَكُنْ نَارَ اشْتِيَاقٍ.. لِلإلَهْ 66

الموصل : 4-10 رمضان 1417 هـ / 13 – 19 كانون الثاني 1997 م

طائر الاشجان
09-07-2004, 10:22 PM
قد تحقق حلمي ، هكذا كنت أمني نفسي بقصيدة تنضح بالجزالة من قلمٍ مستنير الفكر بالايمان ينضح .

سلم الفكر والقلم أخي الكريم ، وجعلها الله في ميزان حسناتك شافعة لك يوم لا ظل إلا ظله .

تحياتـــي وتقديري
أخوكم/ طائر الاشجان

نهى فريد
11-07-2004, 11:56 AM
هنا يكون للصمت معنى



هنا فقط
تحياتي

د.جمال مرسي
11-07-2004, 08:23 PM
يا لروعة ما كتبت أخي د. حكمت
احسنت
و جعلها الله في ميزان حسناتك
د. جمال

عبد الوهاب القطب
11-07-2004, 08:59 PM
الفاضل الشاعر
د.حكمت

الله الله كم استمتعت بهذه اللمسة الروحانية

جزاك الله خيرا

ابدعت وكفى

تحياتي واعجابي

المخلص

عبدالوهاب القطب

د. حكمت صالح
15-07-2004, 04:10 PM
اخوتي الاحبة

طائر الاشجان

نهى

د. جمال مرسي

ابن بيسان

ماعساي ان اقول ؟؟ .. لم اتوقع ل ( السهو في محاريب الصلاة ) هذه الحفاوة , اخجلتمونا , وعسى أن تكون كلماتكم حافزا لمزيد من الابداع الذي تتوقون اليه

شكرا

د. سمير العمري
03-09-2004, 03:25 PM
وأنا وإن تأخرت قهراً إلا أنني لن أتأخر عن التعبير عن الحفاوة بهذا الألق وهذه المعاني السامقة وأن أتشرف برفعها تارة أخرى.

جعل الله ما كتبت في ميزان حسناتك يوم تلقاه.


تحياتي وتقديري
:os: