تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ولاعزاء للرجال!!.



السيد سعيد علام
09-06-2011, 06:35 PM
(1)
الميدان ضيق .. الزحام شديد ، ومازالت الناس تتدفق .. لم يعد هناك موضع لقدم .. أثمن شىء يمكن اقتناصه فى هذا الزحام موضع بالعربة..الصراع دائر بين العربات .. لا اعتراف بكهل أو امرأة أو بطفل أو بشاب .. الكل يحارب من أجل الموضع..رهط من الناس يتزاحمون حول عربة .. تقدم الشاب للفوز بمكان فيها ـ كما اعتاد ـ وهو على بابها ـ الذى لا يسع الجميع ـ انغرس مرفق نحيف فى بطنه .. تراجع .. انجذب صدره لبطنه ، وبدفعة متسابق خلفه وجد نفسه داخل العربة كاتما الآه .. صارخا فى صمت0التفت ليرى المارد ذا المرفق النحيف ، ليدرك بالكاد أنه أنثى .. ترتدى الجينز وقميص تحرر ذيله من سجن البنطلون .. تلف عنقها بسلسة ذهبية كشباب المدن والمتطلعين إليهم .. اكتفت فى أحد معصميها بساعة ، وفى الآخر بإنسيال .. تحمل متعلقاتها فى أجلسيه جلد ، وشعرها قد شنق فالتف قتيلا على الرأس لتكفنه بكاب كابتة كل النسمات الأنثوية أن تفوح..تصلبت تجاعيد وجهه من المفاجأة الممزوجة بالمهانة .. تحرر من شرنقة المفاجأة حتى لا يدع حصنا جديدا للرجال يتهاوى أمام الغزو النسائى طمعا فى المساواة ، وربما التفوق. نشبت معركة كلامية بينهما .. تطاولت فيها الألسنة والإهانات وحينما عجز عن مجاراتها ـ نظرا لتفوقها ـ أعلن مزمجرا محاولا عزلها عن بنات جنسها : إن ما فعلته جريمة لو اقترفتها إحدى شقيقاته كان القتل عقابها. أخذت تترحم على (سى السيد) وتتفاخر بالمساواة وأوجه التفوق لديهن .. تطورت المشادة فى إطارها الضيق إلى الركاب حول أحقية المرأة فى العمل أو البقاء فى المنزل .. فهذا شاب ورجل يثوران من أجل استمرارية سيادة بنى جنسهما العتيدة ، وهذه فتاة وامرأة تجهران بالرفض والعصيان وإعلان وثيقة التحرر النسائى لإنصافهن من الرجال ، وهذه أم تحمل طفلا تعلن ـ مجهدة ـ أمنيتها بالمكوث فى المنزل هربا من الشقاء الذى لم تخلق له حواء لولا ضيق المعايش ، وهذا كهل يترحم على الأيام سحيقة المضى ، وهذا طفل لا يستطيع متابعة المعركة الدائرة بعينيه. اختلى الشاب بجاره ـ الذى حاول تهدئته ـ وأخذ يصف له عنف الضربة ، وعن الزمن الذى يحفل بهذا النوع من النساء ، وعلى الجانب الآخر تحارب الفتاة الجميع لتوطد دعائم المستقبل لبنات جنسها.الكل يحارب جاهدا لفرض رأيه على الآخرين بصوته ، فلا يسمع من أطرقوا السمع أو التزموا الحياد ـ يأسا - إلا صخبا. تحولت العربة إلى شعلة من نيران الكلمات الصاخبة حتى بلغ كل غايته ومقصده.

(2)
تعود للبيت .. تدخل حجرتها ،وتغلق عليها بابها .. أرخت ستائر النوافذ .. انعزلت عن العالم والناس .. ألقت بالأجلسيه على السرير .. تخلصت من ثيابها .. ارتدت قميص النوم .. تطلعت لنفسها فى المرآة .. دققت النظر فى عينيها .. واسعتان ، جميلتان .. استدارت .. اعتدلت .. تغزلت فى نفسها .. حلت مشنقة شعرها .. دفعته للأمام فغطى وجهها وصدرها .. المشط الأبيض يسبح بين أمواجه وكأنه قارب اندفع فى تيار .. أطاحت بشعرها للخلف .. هاج كإعصار .. كشلال .. كبحر .. كنهر ، ثم حط كالحمام منسدلا على كتفيها حتى أردافها .. خيوط حريرية قاتمة السواد .. أزاحت خصلة شعرها التى عانقت أهداب عينها اليمنى فبدت كالصبح عندما ينجلى عنه الليل فيكشف فجرا مليئا بالآمال. بعدما أشبعت عينيها من مفاتن جسدها من جميع الزوايا مدت جسدها على السرير ، لكن لم تستطع النوم .. استقبلت أحلامها مستيقظة حول فارس مستقبلها .. تحدد صفاته وملامحه وآمالها فيه من خلال أحلامها ورغباتها .. احتارت فى الأسئلة التى ترددت فى نفسها عنه ، نعم .. لابد أن يكون جميلا .. لكن ما هو الجمال ؟! أو تناسق الجسد؟ أم شفافية الروح ؟! ، ولابد أن يكون قويا ، ولكن القوة قوة العضلات ؟ أم قوة التفكير ؟! ولا بد أن يكون ناجحا ، لكن هلى النجاح هو النجاح فى الحياة أم القدرة على مكافحة الحياة ؟! هل يكون فى المركز العظيم أم فى القلب العظيم ؟!سحبت الجفون من فوق العيون المغمضة ، فأيقظت العين .. قفزت إلى ذهنها حادثة العربة .. تنهدت .. استعادت تفكيرها فى فارس أحلامها لتطلق أمنية قبل أن تغوص فى بحار النوم .. ليته هذا المتخلف!.

كاملة بدارنه
09-06-2011, 07:16 PM
تنهدت .. استعادت تفكيرها فى فارس أحلامها لتطلق أمنية قبل أن تغوص فى بحار النوم .. ليته هذا المتخلف
نهاية قلبت كلّ التّوقّعات راسا على عقب! ...
أيعقل أنّ من تطالب بالتّحرّر، وتترحّم على (سي السّيّد)، أن يكون طيف (السّيّد) لا يزال معشّشا في دماغها وتتمنّاه ؟!
قصّة فيها الكثير من المفارقات... والتّركيز على التّحرّر المظهريّ للمرأة، وليس الجوهريّ جاء موفّقا، وبأسلوب سرديّ جميل، ولغة معبّرة
تقديري وتحيّتي
همسة :( وقميصا - أهو تناسق - هل القوّة -هل ( هلي) )

صفاء الزرقان
09-06-2011, 07:53 PM
قصة معبرة تصور الشرخ الذي تعانيه كل امرأة رسمت مظهراً مُغايراً لما
بداخلها فانسلخت عن انوثتها وهو ما يصوره مظهرها في العربة والفعل الذي
اقدمت عليه فتعود لبيتها معيدة اكتشاف انثوتها ."أطاحت بشعرها للخلف .. هاج كإعصار .. كشلال .. كبحر .. كنهر ، ثم حط كالحمام منسدلا على كتفيها حتى أردافها .. خيوط حريرية قاتمة السواد .. أزاحت خصلة شعرها التى عانقت أهداب عينها اليمنى فبدت كالصبح عندما ينجلى عنه الليل فيكشف فجرا مليئا بالآمال" تصوير رائع
استخدمت تعابيراً جميلة كقولك "مشنقة شعرها" "وشعرها قد شنق فالتف قتيلا على الرأس لتكفنه بكاب كابتة كل النسمات الأنثوية أن تفوح"
النهاية اراها واقعية لانها ارادت رجلاً يمتلك حميةً قد يثور لتصرف غير لائق
بدر من انثاه هي لا تريد رجلاً مُتحرراً لا يرى ان تصرفها كان خاطئاً .
استاذة كاملة السؤال الذي طرحته سؤال واقعي "أيعقل أنّ من تطالب بالتّحرّر، وتترحّم على (سي السّيّد)، أن يكون طيف (السّيّد) لا يزال معشّشا في دماغها وتتمنّاه ؟! "
هو يعشش في دماغها و لكن سراً هي تتمنى ان تكون مع سي السيد ولكن سي السيد الغيور القوي الذي يوفر لها درعاً واقياً مما قد تتعرض له وليست الصورة النمطية التي تتبادر الى الاذهان عند سماع اسم سي السيد الذي يزمجر حاملاً عصاه او "كرباجاً"
هي ظهرت كلبؤة في العربة عارضة قوتها و لكنها بدت مستمتعة عند عودتها الى بيتها بدور القطة الوادعة التي تتمنى ان تكون بصحبة اسد لا ان تكون هي مصدر القوة
فالانثى لا تستمتع بدور اللبؤة لانه دور يحملها اعباء اضافية تثقل كاهلها
قصة تعرض حالاً نراه كثيراً

دمت بخير

ربيحة الرفاعي
09-12-2013, 10:11 PM
قصّ غاصبمهارة وتعمّق في خبايا النفس ليكشف التناقض بين ما هو متفق مع الطبيعة متناغم مع بنائها وميلها الفطري، وما هو مكتسب شوّهت فيه الصوروقلبت فيه المعاني ، فكان الشخر المضني في أعماقها والحرب الخرساء بين ما تريده وما تريد أن تريده

مباغتة النهاية جاءت محمّلة بثقيل رسالة النص وغايات مضمونه

دمت بخير ايها الكريم

تحاياي

ناديه محمد الجابي
10-12-2013, 10:51 AM
هذه هى المرأة تحوي كل المتناقضات , تحارب من أجل المساواة والتحرير
ولكنها في قرارة نفسها تحب الرجل القوي , صاحب الشخصية الطاغية
الملئ بالقيم والمعرفة, وتكره الرجل اللين المطواع.

سردية موشاة بلغة متميزة, تصوير رائع وتعابير جميلة
سبك فني مميز, وألق في الأداء
دام ألقك.

خلود محمد جمعة
16-12-2013, 10:37 AM
سرد جميل ونهاية مباغته
خالفت كل التوقعات
هذه المرأة لا تعبر غير عن نفسيتها التي أظنها غير سوية
التناقضات البشرية عجيبة
دمت بخير
مودتي وتقديري

نداء غريب صبري
09-04-2014, 12:23 AM
المرأة لا تتكامل إلا مع رجل، لكنها تريد رجلا حقيقيا، وسي السيد الذي تحاربه مسخ للرجولة
لهذا ظهرت المرأة في القصة كانها متناقضة لكنها صادقة مع نفسها

قصة جميلة وسرد جميل

شكرا لك أخي

بوركت

آمال المصري
28-12-2015, 07:41 PM
غالبا يغلف الباطن منها ظاهرا متناقضا مع رغباتها .. يتماشى وأنوثتها التي لاتستطيع لفظها مهما كانت طموحاتها في المساواة
قص شائق غاص في داخل النفس ليستخرج لنا ما يعتمل بها من متناقضات بأسلوب جميل وسرد ماتع وخاتمة مباغتة حولت مسار النص نهائيا
شكرا لك أديبنا الفاضل تلك المساحة البديعة
تحاياي