غيداء الأيوبي
12-06-2011, 02:17 PM
مَرِيِضٌ أَنَا
مَرِيِضٌ أَنَا..جَاءَ الطَّبِيِبُ وَشَخَّصَا=وَلا شَخْصُ يَدْرِي مَا اعْتَرَانِي لِيَفْحَصَا
وَهَلْ يَعْرِفُ الأَغْرَابُ عِلَّةَ شَارِدٍ ؟=تَخَفَّى عَنِ الأَجْنَاسِ حَتَّى تَقَرْفَصَا ؟!!
أَنَا مُذْ خُلِقْتُ الآهُ تَبْكِي بِأَدْمُعِي=وَفِي مُقْلَتِي طَيْفُ الدُّمُوعِ تَقَمَّصَا
وَمَا عِلَّتِي إِلاَّ تَرَاكُمِ لَوْعَةٍ=غَفتْ فِي حَنَايَا الْقَلْبِ دَهْراً مُقَرَّصَا
كَأَنِّي مِنَ الآلامِ عِشْتُ مُكَفَّناً=وَقَدْ عَاشَ مَوْتِي فِي حَيَاتِي مُقَلِّصَا
فَيَا وَجَعِي..هَلْ مِنْ عِلاجٍ لِمَارِدٍ ؟=تَعَوَّدَ أَنْ يَرْتَاحَ عِنْدِي وَيَرْقُصَا ؟!!
وَهَلْ سَوْفَ يُعْطِيِنِي الطَّبِيِبُ مِنَ الدَّوَا ؟=إِذَا كَانَ سَقْمِي فِي الدِّمَاءِ مُخَبَّصَا ؟!
وَأَيُّ دَوَاءٍ سَوْفَ يُشْفِي..وَحَالَتِي=بَدَتْ فِي عُيُونِ الطِّبِّ يَأْساً مُرَخَّصَا
أَنَا بِتُّ أَشْكُو وَالنَّحِيِبُ سَرِيِرَتِي=وَمَا كُنْتُ أَشْكُو لِلطَّبِيِبِ تَمَلُّصَا
لأَنِّي رَأَيْتُ الْمَوْتَ حَيّاً بِفَرْشَتِي=فَآلَيْتُ حَقْنِي فِي الْوَرِيدِ لأَخْلُصَا
فَأَمْسَكْتُ كَفّاً كَالزَّلازِلِ رَجْفُهَا=وَقُلْتُ : اعطِنِيِهَا يَا طَبِيِباً تَحَرَّصَا
إِذَا حُقْنَةُ الْمَوْتِ اسْتَرَاحَتْ بِأَضْلُعِي=فَقَدْ يَسْتَرِيِحُ الْمَوْتُ مِنْ جَسَدٍ عَصَى
أَنَا دَنِفٌ وَالْحُزْنُ أَثْقَلَ عِلَّتِي=وَفِي جَسَدِي مُرُّ الدَّوَاءِ تَجَصَّصَا
وَقَدْ حَارَ فِي أَمْرِي طَبِيِبٌ مُحَنَّكٌ=بَدَا شَبَحاً وَالطِّبُّ خَابَ فَحَصْحَصَا
وَأَغْلَقَ بَاباً كَانَ أَصْلاً مُرَتَّجَا=مَضَى وَاخْتَفَى نُورُ الْبَيَاضِ فَأخْرَصَا
وَعُدْتُ إِلَى حِضْنِي أَضُمُّ وَسَائِدِي=وَقَدْ لَفَّنِي رِيشُ النَّعَامِ مُحَفَّصَا
غَفَوْتُ وَفِي عَيْنِي خُدُورٌ وَرِمْشُهَا=تَمَرَّغَ فِي دَمْعِ الذِبُولِ مُحَمَّصَا
هُنَاكَ الْتَقَيْتُ الرُّوحَ طَيْفاً مُحَلِّقاً=وَفِي رِعْشَةِ الأَحْلامِ طِرْتُ لأَقْنُصَا
لَعَلِّي أَعِيشُ الْوَقْتَ فِي رِحْلَةِ الْمُنَى=سُوَيْعَاتُ عُمْرِي قَدْ تُطَيِّبُ مُخْلِصَا
وَإِذْ بِي عَلَى سَفْحٍ أُرَفْرِفُ جَانِحاً=أُذِيِبُ ثُلُوجَ السَّفْحِ قُطْناً مُفَصْفَصَا
لأَلْقَى مَلاكَ الرُّوحِ فِي حِضْنِ لَوْحَتِي=يُلَمْلِمُ رِيشاً مِنْ جَنَاحِي مُقَصْقَصَا
فَيَبْنِي لَنَا عُشّاً عَلَى غَيْمَةِ الْهَوَى=وَيَحْمِلُنِي بَيْنَ الْحَنَايَا مُقَفَّصَا
وَتَمْضِي بِنَا السَّاعَاتُ مِثْلَ دَقَائِقٍ=وَلَكِنَّهَا دَهْرٌ لِعُمْرٍ تَلَخَّصَا
لَعَلِّي إِذَا مَا اسْتِيْقَظَ الصُّبْحُ شَائِباً=أَفِيِقُ وَمَاءُ الْعَيْنِ يَجْلُو مُمَحَّصَا
لَعَلِّي أُدَاوِي عِلَّتِي مُتَأَمِّلاً=إِذَا مَا اسْتَجَابَ الْوَعْدُ شَهْداً مُمَصْمَصَا
وَلَكْنْ أَبَى الدَّهْرُ السَّقِيِمُ بِأَنْ أَرَى=شُعَاعَ الأَمَانِي فِي شِفَاءٍ تَلَصَّصَا
فَلمْ يُشْفِنِي مَا خِلْتُهُ بِسَرِيِرَتِي=وَلا زَالَ تِرْيَاقُ الأَمَانِي مُغَصْغَصَا
وَمَا بَيْنَ بَيْنِي وَالدِّثَارُ مُعَرْبِدٌ=أَنَا نَاسِكٌ وَالسُّهْدُ عِنْدِي تَعَنْفَصَا
وَيَغْرِفُ مِنْ آهَاتِيَ اللَّيْلُ حُزْنَهُ=وَيَنْثُرُهُ جَوْفَ الظَّلامِ مُشَخَّصَا
فَيَا لَيْتَنِي مَا تُهْتُ وَهْماً بِلَيْلَتِي=وَهَا قَدْ تَلاشَى اللَّيْلُ صُبْحَاً فَأَبْرَصَا
وَعُدْتُ وَمِنْ حَيْثُ ابْتَدَأْتُ بِفَرْشَتِي=أَذُوبُ عَلَى نَفْسِي عَيَاءً مُحَرْقَصَا
غيداء الأيوبي
مَرِيِضٌ أَنَا..جَاءَ الطَّبِيِبُ وَشَخَّصَا=وَلا شَخْصُ يَدْرِي مَا اعْتَرَانِي لِيَفْحَصَا
وَهَلْ يَعْرِفُ الأَغْرَابُ عِلَّةَ شَارِدٍ ؟=تَخَفَّى عَنِ الأَجْنَاسِ حَتَّى تَقَرْفَصَا ؟!!
أَنَا مُذْ خُلِقْتُ الآهُ تَبْكِي بِأَدْمُعِي=وَفِي مُقْلَتِي طَيْفُ الدُّمُوعِ تَقَمَّصَا
وَمَا عِلَّتِي إِلاَّ تَرَاكُمِ لَوْعَةٍ=غَفتْ فِي حَنَايَا الْقَلْبِ دَهْراً مُقَرَّصَا
كَأَنِّي مِنَ الآلامِ عِشْتُ مُكَفَّناً=وَقَدْ عَاشَ مَوْتِي فِي حَيَاتِي مُقَلِّصَا
فَيَا وَجَعِي..هَلْ مِنْ عِلاجٍ لِمَارِدٍ ؟=تَعَوَّدَ أَنْ يَرْتَاحَ عِنْدِي وَيَرْقُصَا ؟!!
وَهَلْ سَوْفَ يُعْطِيِنِي الطَّبِيِبُ مِنَ الدَّوَا ؟=إِذَا كَانَ سَقْمِي فِي الدِّمَاءِ مُخَبَّصَا ؟!
وَأَيُّ دَوَاءٍ سَوْفَ يُشْفِي..وَحَالَتِي=بَدَتْ فِي عُيُونِ الطِّبِّ يَأْساً مُرَخَّصَا
أَنَا بِتُّ أَشْكُو وَالنَّحِيِبُ سَرِيِرَتِي=وَمَا كُنْتُ أَشْكُو لِلطَّبِيِبِ تَمَلُّصَا
لأَنِّي رَأَيْتُ الْمَوْتَ حَيّاً بِفَرْشَتِي=فَآلَيْتُ حَقْنِي فِي الْوَرِيدِ لأَخْلُصَا
فَأَمْسَكْتُ كَفّاً كَالزَّلازِلِ رَجْفُهَا=وَقُلْتُ : اعطِنِيِهَا يَا طَبِيِباً تَحَرَّصَا
إِذَا حُقْنَةُ الْمَوْتِ اسْتَرَاحَتْ بِأَضْلُعِي=فَقَدْ يَسْتَرِيِحُ الْمَوْتُ مِنْ جَسَدٍ عَصَى
أَنَا دَنِفٌ وَالْحُزْنُ أَثْقَلَ عِلَّتِي=وَفِي جَسَدِي مُرُّ الدَّوَاءِ تَجَصَّصَا
وَقَدْ حَارَ فِي أَمْرِي طَبِيِبٌ مُحَنَّكٌ=بَدَا شَبَحاً وَالطِّبُّ خَابَ فَحَصْحَصَا
وَأَغْلَقَ بَاباً كَانَ أَصْلاً مُرَتَّجَا=مَضَى وَاخْتَفَى نُورُ الْبَيَاضِ فَأخْرَصَا
وَعُدْتُ إِلَى حِضْنِي أَضُمُّ وَسَائِدِي=وَقَدْ لَفَّنِي رِيشُ النَّعَامِ مُحَفَّصَا
غَفَوْتُ وَفِي عَيْنِي خُدُورٌ وَرِمْشُهَا=تَمَرَّغَ فِي دَمْعِ الذِبُولِ مُحَمَّصَا
هُنَاكَ الْتَقَيْتُ الرُّوحَ طَيْفاً مُحَلِّقاً=وَفِي رِعْشَةِ الأَحْلامِ طِرْتُ لأَقْنُصَا
لَعَلِّي أَعِيشُ الْوَقْتَ فِي رِحْلَةِ الْمُنَى=سُوَيْعَاتُ عُمْرِي قَدْ تُطَيِّبُ مُخْلِصَا
وَإِذْ بِي عَلَى سَفْحٍ أُرَفْرِفُ جَانِحاً=أُذِيِبُ ثُلُوجَ السَّفْحِ قُطْناً مُفَصْفَصَا
لأَلْقَى مَلاكَ الرُّوحِ فِي حِضْنِ لَوْحَتِي=يُلَمْلِمُ رِيشاً مِنْ جَنَاحِي مُقَصْقَصَا
فَيَبْنِي لَنَا عُشّاً عَلَى غَيْمَةِ الْهَوَى=وَيَحْمِلُنِي بَيْنَ الْحَنَايَا مُقَفَّصَا
وَتَمْضِي بِنَا السَّاعَاتُ مِثْلَ دَقَائِقٍ=وَلَكِنَّهَا دَهْرٌ لِعُمْرٍ تَلَخَّصَا
لَعَلِّي إِذَا مَا اسْتِيْقَظَ الصُّبْحُ شَائِباً=أَفِيِقُ وَمَاءُ الْعَيْنِ يَجْلُو مُمَحَّصَا
لَعَلِّي أُدَاوِي عِلَّتِي مُتَأَمِّلاً=إِذَا مَا اسْتَجَابَ الْوَعْدُ شَهْداً مُمَصْمَصَا
وَلَكْنْ أَبَى الدَّهْرُ السَّقِيِمُ بِأَنْ أَرَى=شُعَاعَ الأَمَانِي فِي شِفَاءٍ تَلَصَّصَا
فَلمْ يُشْفِنِي مَا خِلْتُهُ بِسَرِيِرَتِي=وَلا زَالَ تِرْيَاقُ الأَمَانِي مُغَصْغَصَا
وَمَا بَيْنَ بَيْنِي وَالدِّثَارُ مُعَرْبِدٌ=أَنَا نَاسِكٌ وَالسُّهْدُ عِنْدِي تَعَنْفَصَا
وَيَغْرِفُ مِنْ آهَاتِيَ اللَّيْلُ حُزْنَهُ=وَيَنْثُرُهُ جَوْفَ الظَّلامِ مُشَخَّصَا
فَيَا لَيْتَنِي مَا تُهْتُ وَهْماً بِلَيْلَتِي=وَهَا قَدْ تَلاشَى اللَّيْلُ صُبْحَاً فَأَبْرَصَا
وَعُدْتُ وَمِنْ حَيْثُ ابْتَدَأْتُ بِفَرْشَتِي=أَذُوبُ عَلَى نَفْسِي عَيَاءً مُحَرْقَصَا
غيداء الأيوبي