تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : احتضار قلم



الحسين المسعودي
12-06-2011, 05:00 PM
احتضار قلم

أخذ قلمه، بحث عن موضوع يكتب فيه،معالم تراءت له أضغاث أحلام،قلب في سلة القمامة عن موضوع يلتهمه قلمه الجائع...
تجول في دروب المدينة العتيقة...بدت له المنازل تشكو من وطىء الزمن ...تنهد حسرة على تاريخ المدينة الضائع بين العمارات و الناطحات و الفيلات.
القلم يئن جوعا... يحكي مرارة أمانيه في أن يصبح كاتبا.
لقد قرر أن يصبح كاتبا لا شاعرا...
لايزال يذكر يوم نظم أول قصيدة و آخر قصيدة ، ذهب بها فرحا إلى والده ، صفعه على خده اليانع صفعة سمع طنينها من المطبخ ، فاهتز لها قلب أمه التي تعد وجبة العشاء.
"أعوذ بالله...ألا تعلم أن الشعراء يتبعهم الغاوون ، و أنهم في كل واد يهيمون ...و أنهم يقولون ما لا يفعلون.؟"
ودون أن يقرأ والده القصيدة مزقها إربا إربا.
كانت أول قصيدة و آخر قصيدة.
إنه اليوم لا يذكر من ذلك الزمن البعيد سوى أشلاء الورقة تتطاير في سماء الغرفة.
القلم يئن من الجوع،و صاحبه مكتوف الفكر ، عاجز عن إطعامه، المواضيع مستهلكة، فالكتاب لم يتركوا موضوعا إلا دونوه في بطون صحائفهم.
سئم القلم من صاحبه ، و سئم من تبريرات عجزه ،فقرر أن يكتب ليسكت جوعه بعض الوقت ، فقد طال انتظاره مركونا في جيب معطف صاحبه بلا شغل و لا مشغلة،غير ملإ الشبكات المسهمة و السودوكو.
قرر القلم أن ينتفض لتحسين ظروف عيشه، مادام صاحبه عاجزا عن توفير طعامه.
نزع القلم نفسه من بين أنامل صاحبه قائلا في ثقة و عزم:

- سأكتب ، نعم سأكتب ، سأكتب كل شيئ و في كل شيئ
سأكتب عن وطني يتقاسمه الوزير و الوزارات
سأكتب عن الناهبين و الناهبات ،سأكتب عن المرتشين و المرتشيات،سأكتب عن الأفواه المكمومة خوفا على أسنانها من البرد ، سأكتب عن الصفقات المشبوهة و البنايات المغشوشة...
سأكتب...سأكتب...سأكتب...

اشتعل القلم حماسا ، و دبت فيه قشعريرة الحياة بعد طول الجوع و البطالة...

بدأ القلم يكتب ، و قبل أن ينهي أول سطر عن وطنه على طاولة القمار ، أحس بضيق صدره و برمق الحبر يجف حرفا حرفا، فلفظ آخر أنفاسه مع آخر نقطة رسمها على الوزير و الوزارات و الوزارات....

نادية بوغرارة
12-06-2011, 07:35 PM
إن تكميم الأفواه كثيرا ما يسري أثره ليمتد إلا الأقلام ، فيصيبها العجز ،

و اليأس و التكلس ...و هي حالة يكرهها الكاتب ، فإما يقاوم أو يسكت للأبد .

تحية لقلمك .

آمال المصري
12-06-2011, 07:50 PM
حقا ينفذ المداد ولا تنفذ الكلمات عن الفساد والمفسدين الذين أعاثوا فيها
تستنطق الأقلام كل مافي جوفها ليس شعرا ولا أدبا .. ولكن ألما ومرارات .. تئن لأوجاع البشر
ربما جوعا .. أو مرضا .. أو قهرا .. أو احتضارا .. أو ....!
أديبنا المكرم ...
طبت وطاب حرفك
تحيتي الخالصة

شيئ - شيء

زهراء المقدسية
12-06-2011, 08:35 PM
و قبل أن ينهي أول سطر عن وطنه على طاولة القمار ، أحس بضيق صدره و برمق الحبر يجف حرفا حرفا، فلفظ آخر أنفاسه مع آخر نقطة رسمها على الوزير و الوزارات و الوزارات....

ربما هالته فظائع الوزراء والوزارات
فلم يتحمل ولفظ آخر أنفاسه
وإن تنميت له العمر الأطول ليكتب ويكتب
ويكشف قباحتهم أكثر

ومثل قلمك أستاذ المسعودي لا يجب أن يجف

لكن وبعد إذن كاتبنا الكبير
أليست هذه القطعة أقرب للقصة من النثر؟؟
مجرد سؤال وأنتم أعلم مني

تقديري ووافر تحياتي

كاملة بدارنه
12-06-2011, 09:19 PM
بدأ القلم يكتب ، و قبل أن ينهي أول سطر عن وطنه على طاولة القمار ، أحس بضيق صدره و برمق الحبر يجف حرفا حرفا، فلفظ آخر أنفاسه مع آخر نقطة رسمها على الوزير و الوزارات و الوزارات....
لا بدّ أن يستعيد أنفاسه ليعاود الكتابة ... فالقلم هو نبض الحياة وينبوعها ... إن جفّ جفّت ... ويظل الأمل في أن يكتب ما هو خير ...
نصّ جميل الفكرة والحرف الأخ الحسين
بورك القلم

(وطء - ملء)

علياء محمود
12-06-2011, 09:20 PM
عندما ينتشر الظلم والفساد ف بقاع الارض..ويصمت الناس عن الحق..فهذا يكفي لتثور اقلام الشرفاء لتقرع جرس الانتباه..
ولكن يبدو ان صوت الحق مبحوحا ومحكوم عليه دائما بالاعدام..
تحيتي استاذ حسين..

الحسين المسعودي
12-06-2011, 11:30 PM
إن تكميم الأفواه كثيرا ما يسري أثره ليمتد إلا الأقلام ، فيصيبها العجز ،

و اليأس و التكلس ...و هي حالة يكرهها الكاتب ، فإما يقاوم أو يسكت للأبد .

تحية لقلمك .

سعدت بلقائك هنا مبدعتنا الجميلة، بعد أن افتقدناك في واحة القصص.
شكرا لك على المرور و التشجيع.

صفاء الزرقان
13-06-2011, 12:52 AM
رائعة كلماتك .
اردت اقتباس جزء من النص ولكن اغلب كلماتك كانت رائعة
براقة لانها تعكس صدقاً في نقل الصورة.
رائع تصويرك لحال القلم بانه جائع ولتمرده على عجز حامله
فنطق القلم بما عجز عن قوله الكاتب و كأن القلم صورة او رمز
للاوعي او للذات المتمردة للكاتب فتغلبت هذه الذات على الذات
المقهورة منذ الطفولة والمترددة والحائرة بين مواضيع الكتابة و اشكالها نثرأ و شعراً
وكأن هويته كانت مفقودة لانه ليس قادراً على تحديد الجنس الادبي الذي يرغب بممارسته
وعندما قرر ان يكتب تلقى صفعة احدثت خللاً في توازنه و ضعفاً في شخصيته
فبدأ القلم بثورة على صاحبه محرراً اياه ثم على الفساد و لكن الجفاف ادركه فاوقف سيره
فكانت صورة جفافه كئيبة. ارى ان صورته كانت ستبدو
اروع لو انه لم يجف و جرفت ثورته كل العقد
التي بقي الكاتب اسيراً لها عندها كانت الصورة ستحاكي
واقع الثورات الحالية وما نشهده من تحرر لافواه عاشت
مطبقة لا تفتح الا في عيادات الاسنان, فكان اول ما يعكس
حالة الصمت قصة كتابته للشعر طفلاً والتي كانت اول اشكال القمع التي عاشها
متدرجاً من قمع الاهل "السلطة الاولى" ثم قمع الحكومات "السلطة الاكبر" .
اتمنى ان تكون ملاحظتي خفيفة الظل
دام قلمك حياً نابضاً ثائراً
تقديري و احترامي

الحسين المسعودي
13-06-2011, 11:06 PM
حقا ينفذ المداد ولا تنفذ الكلمات عن الفساد والمفسدين الذين أعاثوا فيها
تستنطق الأقلام كل مافي جوفها ليس شعرا ولا أدبا .. ولكن ألما ومرارات .. تئن لأوجاع البشر
ربما جوعا .. أو مرضا .. أو قهرا .. أو احتضارا .. أو ....!
أديبنا المكرم ...
طبت وطاب حرفك
تحيتي الخالصة

شيئ - شيء

الأخت رنيم مصطفى:
شكرا لهذ الوهج الذي يطفح به قلمك.
سعدت بمرورك العطر

الحسين المسعودي
14-06-2011, 01:09 AM
ربما هالته فظائع الوزراء والوزارات
فلم يتحمل ولفظ آخر أنفاسه
وإن تنميت له العمر الأطول ليكتب ويكتب
ويكشف قباحتهم أكثر

ومثل قلمك أستاذ المسعودي لا يجب أن يجف

لكن وبعد إذن كاتبنا الكبير
أليست هذه القطعة أقرب للقصة من النثر؟؟
مجرد سؤال وأنتم أعلم مني

تقديري ووافر تحياتي

أستاذتي زهراء:
شكرا لك على مرورك العبق، و شكرا لهذه الدفقة التي طفحت بأجمل المعاني.
صدقت أختي الكريمة فهذه المحاولة بين المنزلتين ، و لكن فضلت إنزالها في هذه الواحة ، لغاية في نفسي.
شكرا لك على الملاحظة القيمة.

الحسين المسعودي
15-06-2011, 11:56 PM
[QUOTE=علياء محمود;613156]
عندما ينتشر الظلم والفساد ف بقاع الارض..ويصمت الناس عن الحق..فهذا يكفي لتثور اقلام الشرفاء لتقرع جرس الانتباه..
ولكن يبدو ان صوت الحق مبحوحا ومحكوم عليه دائما بالاعدام..
تحيتي استاذ حسين..[/QUOTE
شكرا لك أختي علياء على هذه القراءة المتأنية و التي زادت هذا النص رونقا و بعدا جميلين.
تحياتي

ربيحة الرفاعي
16-06-2011, 12:56 AM
رحلة غواص ماهر في تيه نفس أرهقتها القيود الاجتماعية والفكرية والسياسية وكبل إبداعها الكبت وخنق الأرواح عن التحليق، فتعثرت خطواتها واضطربت عجزا لامتناع التمرين

لكن الأصوات التي يخنقونها والأقلام التي يكبلونها ، هي تلك التي تفجر الثورات
فكيف يلفظ قلم صاحبك انفاسه لحظة تنطلاقه من قمقمه؟

نص جميل وعميق
وحوار محلّق لا تملك أمامه إلا أن تقف وتتمعن

وبعض عثرات إملائية

أبدعت أديبنا
دمت بألق

عبد الله راتب نفاخ
16-06-2011, 06:25 AM
نص أسود سواد الواقع ..
صادق صدق كاتبه ..
أيها الكريم .. حقاً أبدعت ..
لك كل التقدير

الحسين المسعودي
18-06-2011, 08:01 PM
رائعة كلماتك .
اردت اقتباس جزء من النص ولكن اغلب كلماتك كانت رائعة
براقة لانها تعكس صدقاً في نقل الصورة.
رائع تصويرك لحال القلم بانه جائع ولتمرده على عجز حامله
فنطق القلم بما عجز عن قوله الكاتب و كأن القلم صورة او رمز
للاوعي او للذات المتمردة للكاتب فتغلبت هذه الذات على الذات
المقهورة منذ الطفولة والمترددة والحائرة بين مواضيع الكتابة و اشكالها نثرأ و شعراً
وكأن هويته كانت مفقودة لانه ليس قادراً على تحديد الجنس الادبي الذي يرغب بممارسته
وعندما قرر ان يكتب تلقى صفعة احدثت خللاً في توازنه و ضعفاً في شخصيته
فبدأ القلم بثورة على صاحبه محرراً اياه ثم على الفساد و لكن الجفاف ادركه فاوقف سيره
فكانت صورة جفافه كئيبة. ارى ان صورته كانت ستبدو
اروع لو انه لم يجف و جرفت ثورته كل العقد
التي بقي الكاتب اسيراً لها عندها كانت الصورة ستحاكي
واقع الثورات الحالية وما نشهده من تحرر لافواه عاشت
مطبقة لا تفتح الا في عيادات الاسنان, فكان اول ما يعكس
حالة الصمت قصة كتابته للشعر طفلاً والتي كانت اول اشكال القمع التي عاشها
متدرجاً من قمع الاهل "السلطة الاولى" ثم قمع الحكومات "السلطة الاكبر" .
اتمنى ان تكون ملاحظتي خفيفة الظل
دام قلمك حياً نابضاً ثائراً
تقديري و احترامي

المتألقة دوما صفاء:
قراءة ممتعة و مفيدة زادت محاولتي بهاء و رونقا.
تعجبني كثيرا القراءة المتأنية للنصوص.
شكرا لك .
تحياتي.

بابيه أمال
19-06-2011, 02:55 AM
حالة احتضار ذكرتني بأول أيام الكتابة.. كانت الوالدة - أسأل الله لها الرحمة وجميع أموات المسلمين - تقول لي حين تجدني على الأوراق منكبة: "من أراد العذاب فليعلم بناته !" ثم تضحك بعد ذلك قائلة: "ألم تجدي غير السياسة تكتبين فيها؟ اكتبي في أمر آخر مثل الطبخ الذي لا تتقنينه مثلي!" ثم تستمر حين تسمع توسلاتي لها بتركي أكتب ما أرتاح له: "عسى من الله أن لا تكونين آخر الأسبوع ممن يأكلون العدس بحشراته" (تذكرة منها بحال السجن علني أرتدع).

الأخ الحسين
كثيرا من الأقلام والطاقات والضمائر احتضرت بكاء للوطن، ومئات الأرواح فارقت الحياة وفاء له.. فكان كل هذا سببا - من بعد الله - في حياة أوطان مسلوبة الإرادة هي اليوم إلى الحرية والحياة أقرب..

شكرا لقلم يعرف كيف يرصد الحالة - على اختلاف الظرف - بتعابير تبلغ المكنون والمضمون باحتراف.
دمت راشد الفكر أخي.

الحسين المسعودي
27-06-2011, 12:38 AM
رحلة غواص ماهر في تيه نفس أرهقتها القيود الاجتماعية والفكرية والسياسية وكبل إبداعها الكبت وخنق الأرواح عن التحليق، فتعثرت خطواتها واضطربت عجزا لامتناع التمرين

لكن الأصوات التي يخنقونها والأقلام التي يكبلونها ، هي تلك التي تفجر الثورات
فكيف يلفظ قلم صاحبك انفاسه لحظة تنطلاقه من قمقمه؟

نص جميل وعميق
وحوار محلّق لا تملك أمامه إلا أن تقف وتتمعن

وبعض عثرات إملائية

أبدعت أديبنا
دمت بألق

أسعدني أن راقت ذائقتك هذه المحاولة.
شكرا مبدعتنا المتألقة على هذه القراءة المتأنية.
تحياتي.

د. سمير العمري
12-07-2012, 11:30 PM
القلم سيف لا يجب أن يلين أو ينثني ، والكتابة حياة لا يموت صاحبها.

أشكر لك نصك الثائر هذا وحبذا التكثيف!

دمت بخير وعافية!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ربيع بن المدني السملالي
02-08-2012, 03:54 AM
نص رائع وجميل ، وذكي لله درّك أخانا حسين

اشتقنا لك أخي فأين أنتَ ؟

أتمنى ان تكون في أفضل حال

تحياتي