المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البحر القديم ..قصيدة شعر .



عبدالغني خلف الله
19-06-2011, 01:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ونبقي مع الشاعر السوداني مصطفي سند في قصيدته :
البحر القديم

بيني وبينك تستطيل حوائط
ليل وينهض ألف باب
بيني وبينك تستبين كهولتي
وتذوب أقنعة الشباب
ماذا يقول الناس إذ يتمايل النخل العجوز سفاهة
ويعود للأرض الخراب....
شبق الجروف البكر للأمطار
حين تصلّ في القيعان رقرقة السراب
×××
عبرت ملامحك النضيرة خاطري
فهتفت ليتك لا تزال
للريح خمرك للمساء وللظلال
والبرق لي والرعد والسحب الخطاطيف الطوال
تروى هجير النار تحت أضالعي الحرّى
وتلحف في السؤال
كيف ارتحالك في العشيِّ
بلا حقائب أو لحاف ؟
ترتاد أقبية المكاتب والرفوف السود
والصحف العجاف
زمنا يمصّّ الضوء من عينيك
يصلب وجهك المنسيّ في الدرج العتيق

أثرا كومض شرارة تعبى على خشب الحريق
كيف ارتحالك أيها المصلوب مثل شواهد الموتى
بزاوية الطريق
××××
سكن السحاب ومرّ طيفك من جديد
نثرته كفّ البرق حين تلاحق الإيماض
وانعتقت شرارات الرعود
أرخى وأزهر ثم طار زنابق كالفجر لامعة الخدود
حلق المرايا رنّ كالناقوس
وانفرطت ملايين العقود فإذا هممتُ توارت الألوان
وانتصبت شبابيك الجليد
أنا في الرياح مسافر يلقى على الأبواب
جارحة الردود
بيني وبينك تستبين مخالبي
وتسيل من شدقي الدماء
وحش أنا غول خرافيُّ العواء
تحوى توابيتي دقيق الموت تزحف من سراديبي
ثعابين الشتاء
سبري: عجين السدر سن الحوت
هيكل مومياء
بيني وبينك ما يراه الناس سروة شاطىء
ناء وزهرة كستناء
تتلاصقان على الرمال فتذهل الدنيا وترتعش الحقول
كيف التجاؤك للتماثيل التي أسنت على برك الوحول ؟
منك الشباب عصارة النبت الجديد
ومهرجانات الفصول
ونراك تحفل بالعواجيز العتاق صفائح الأيّام مقبرة الأفول
بيني وبينك سكّة السفر الطويل من الربيع
الي الخريف
تعلو قصور الوهم أنت ومرقدي في الليل
أتربة الرصيف
هم ألبسوك دثار خزّ ناعم الأسلاك
منغوم الحفيف
ودعوك تاج العزّ فخر العزّ مجد العزّ
شمس العزّ عزّ العزّ صبّوا في دماك
عصارة الكذب المخيف
وأنا الذي حرق الحشاشة في هواك
ممزّق الأضلاع مطلول النـزيف
بيني وبينك قصّة الشعراء صدر غمامة
يلهو على الأفق الشفيف
هذا أنا
بحر بغير سواحل بحر هلامي عنيف
لا بدء لي لا قاع لي لا عمر لي
لكنني في الجوف ينبض قلبي
النـزق
اللهيف

نادية بوغرارة
19-06-2011, 04:43 PM
شكرا على هذا النقل المميز لشعراء السودان الشقيق .

دمت بشعر .

آمال المصري
19-06-2011, 11:18 PM
رائعة تتلاحق وتتصارع بها الصور الجميلة
أديبنا المكرم ...
أحسنت الانتقاء فأمتعتنا بقراءة باذخة
تحيتي الخالصة

ربيحة الرفاعي
20-06-2011, 01:54 AM
مفارقة عجيبة بين الشباب بجذوته وألقه، والمشيب برماده وخفوته
حملتها صور القصيدة الجميلة ومعانيها الحلوة
ولفظ خريفي يغامر بمخاطبة الربيع معترفا بما فيه ومؤكدا على أنه الأعمق والأصدق

قصيدة بديعة واختيار مميز استاذنا الكريم

دمت بألق

عبدالغني خلف الله
20-06-2011, 08:10 AM
ما أروع حروفك هذا الصباح عزيزتي نادية وأنت تتوقفين عند رائعة الأستاذ المرحوم مصطفي سند وهو المناسبة موظف في مصلحة البريد والبرق بالسودان بيد أنه أنتج سبعة دواووين شعرية وضعته علي راس شعراء الحداثة بالسودان ..هذا مع تحياتي .

عبدالغني خلف الله
20-06-2011, 08:16 AM
أصابني رعب حقيقي عندما قرأت مداخلة الأخ الغالي محمد ذيب سليمان في بوست غرفة التفشش للرائع المترف الدكتور مازن ..وهو يشير لتوعك إبنتي (أنا )ربيحة الرفاعي وسعدت لأن اليد المصابة عادت لتداعب أزرار الكي بورد من جديد ..حمداً لله علي سلامتك ..وفيما يخص البحر القديم ..قرأت القصيدة منتصف السبعينيات من القرن الماضي وأنا في خانة ( منك الشباب عصارة النبت الجديد ) وأعود لها الآن وقد ( هرمنا ) علي حد تعبير ذلك المواطن لتونسي الجميل ..هذا مع تحياتي .

عبدالغني خلف الله
20-06-2011, 08:19 AM
إبنتي الجميلة رنيم ..الإعزاز والود وأصدق الأمنيات بأن يوفقك الله سبحانه وتعالي في حياتك المهنية والشخصية ويحقق أمانيك في الحياة ..رحل شاعرنا مصطفي سند لكنه لم يمت وقد ترك لنا ثروة شعرية هائلة كما تعلمين ..هذا مع تحياتي .