المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوعد الحق.. ق. ق



عبدالرحمان بن محمد
26-06-2011, 02:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الوعد الحق : قصة قصيرة

انكمشت على جسدي مدثرا بغطاء نال منه الزمن، في محاولة يائسة لاتقاء برد شهر أبريل المتقلب، ومحاولا من جهة أخرى منع عيني من غفوة عابرة، ليصل تعب الجسد أقصاه، فيسقط في سباة عميق بحيث لا يحس قساوة البرد في فترة ما بعد منتصف الليل..
على نور شمعة كادت تكتمل، تتبعت ببصري الضعيف أسطرا من كتاب أصفر،وأنا أحاول استجماع شتات ذهني، ومنعه من استحضار ذكريات الزمن القريب..
ذكريات البيت الواسع، والفراش الوثير، والمال الكثير..
غصت رغما عني في كتاب الذكريات الجميلة، مع الزوجة الطيبة، وسمية الصغيرة وهي ترتمي بين أحضاني، وتمرر أناملها الصغيرة على وجنتاي، قبل أن أعود لحاضري، وألقي نظرة متحسرة على غرفتي الصغيرة الوحيدة، وآخذ نفسا عميقا ممزوجا برائحة احتراق خبز الشعير، وأنا أدعوا الله ألا يكون حال الزوجة في بيت والدها كحالي..
أفقت من شرودي على ظلال نور الشمعة المتمايل على صفحة الكتاب الأصفر ، لأعاود القراءة من جديد..
إنه بحق عالم مخيف، ومهيب..
عالم يأجوج ومأجوج..
ويبقى الشخص محتارا كيف استطاع ذو القرنين هزمهما و...
انتبهت مذعورا على صوت أنات، وصراخ، وعويل يأتي من الخارج، فسارعت لفتح باب الغرفة المطل على الزقاق مباشرة..
ولوهلة ،ظننت نفسي في حلم، لو لا أن لفحني برد الشارع في قسوة، فجعلني أنتبه لما يحدث..
ففي الزقاق، كان عشرات الأشخاص يموج بعضهم في بعض، وهم يهرشون أجسادهم بأظافرهم في رعب، وقد هالني مشهد مسئول معروف ببلدية المدينة، بربطة عنقه الزاهية، وهو يعوي كذئب مفترس، ملوحا بيديه في الهواء، ويعدو هاربا كأن شياطين الجحيم تلاحقه..
وفي أعقابه، ميزت مسؤولا كبيرا بعمالة الإقليم، وهو يلقي بلباسه التقليدي الذي اعتاده في المناسبات، عن جسمه ،و يسقط ملتويا على الأرض، لأشاهد بعض ذلك أغرب عملية تحول لبني البشر في التاريخ الحديث..
ففجأة بدأت أظافره تكبر، وأنيابه تبرز، وشعر جسده ينمو، وقرن شيطاني يتشكل في منتصف جبهته تماما..
ثم يتوقف فجأة عن الصراخ ويبقى للحظات منكمشا على جسمه، قبل أن يقفز على أطرافه الأربعة، ويرمقني بنظرة حاقدة مخيفة، فتراجعت للخلف مغلقا الباب علي، وأتابع المشهد الرهيب من شق بالباب..
ويا لهول ما رأيت!! فمن كان بالقريب ممثلا للملك رأيته ينقض على مواطن مطحون معروف، لا يملك قوت يومه، ويغرز مخالبه فيه ويمزقه بأنيابه تمزيقا..
أغمضت عيني في فزع وأنا أصيح..
يا إلهي.. يبدو أن الجدار الذي كان يقف سدا منيعا أمام سادية بعض البشر قد سقط..
وبإيمان ورهبة، تمتمت بآيات بينات ومنتظرا وعده..
وعد الله الحق..
انتهت بإذن الله

نادية بوغرارة
27-06-2011, 09:27 PM
هل كان كابوسا ؟؟؟
هل كان مشهدا من مشاهد قيام الساعة ؟؟
هل و هل ...

كل هذا لا يهم ، حين أكاد أراه منظرا يوميا مع فارق بسيط تطلبه الحَكْي ،
وأسمعُه دعاء / وِرْدا تلهج به القلوب الواجفة .

الأخ ، عبد الرحمن بن محمد ،

تقبل مروري و في انتظار جديدك .

عبدالرحمان بن محمد
27-06-2011, 11:32 PM
نادية بوغرارة
لعله إسقاط لفترة من التاريخ تَنسخ أحداثه بدقة كل لحظة..
لكن هذه المرة بعنف أكبر
فياجوج وماجوج ذاك الزمان كانوا مفسدين في الارض
أما ياجوج وماجوج هذا الزمان فلم يعد يكفيهم إذلال البشر، بل قرروا أيضا
أكل لحومهم، والاستمتاع بدمائهم..
تقبلت مرورك بسعادة
أنا أعتز بك
مودتي الغالية

كاملة بدارنه
28-06-2011, 09:21 AM
وعد الله الحق..
أصبت بانتظارك هذا ... وعد الله الحقّ هو الذي سيخلّص الأمم من براثز ما وقعت فيه بسبب ابتعادها عن الحقّ
نصّ معبّر ورامز لمأساة الواقع أخ عبد الرّحمان
تقديري وتحيّتي

(سبات - وجنتيّ - أدعو )

عبدالرحمان بن محمد
28-06-2011, 11:59 PM
الكريمة كاملة بدارنة

نعم هو ذاك
والله لا يخلف وعده أبدا
وكثيرا ما يعجل في الدنيا قبل الآخرة فقد قال تعالى:
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة، والله يعلم، وأنتم لا تعلمون" برواية ورش
أشكرك على المرور
وعلى التدقيق اللغوي

أكرمك ربي

ربيحة الرفاعي
30-06-2011, 01:07 AM
مرعب هذا الاستحضار لمشاهد تعكس بشاعة الواقع برمزية لا مبالغة فيها برغم ما قد يبديه أكل لحوم البشر
فكل تفاصيل الواقع الذي نعيش يشهد بذلك، ليس بما هو اقل بشاعة، وإنما بما هو أكثر تزيفا وزركشة

الدخول في جو النص كان موفقا، وهذ الوصف لضيق الحال وتذكر ماض مغاير، جاء تمهيدا بديعا للفكرة، وتدليلا على صدقيتها، وشرحا لواحد من وجوه وحشية من يملك أن يتوحش

أحسنت أيها المبدع

دمت بألق

زينة حداد
30-06-2011, 05:46 PM
كُنْاَ نَرَى تِلَكَ اَلوَحْشِيةَ عَلَى مَرْمَى تِلْفَاَزٍ بَعْدَ مُنْتَصَفَ اَلْلَيلِ فِي سَرّْيةٍ تَاَمَّةٍ
وَ نُقْنَعُ أَنْفُسَنَا أَنَّهَا مَشَاَهِداً غَيرَ حَقْيقْيةٍ ..

بَيدَ أَنَّنْا بِتْنَا وَ أَصْبَحَنَا نَعْيشُ تَفَاَصِيلَهَا البَشِعَةَ
وَ دَورَنَا فِيهَا
مَنْ يُقْضَى عَلَيهِم
دُونَ "سيناريو" مُعَّداً لَهُ مُسْبَقَا !


لَكَ شُكْرِي وَ تَقْدِيري أُسْتَاذِي


زِينَة

عبدالرحمان بن محمد
02-07-2011, 11:55 PM
الشاعرة والأديبة الفاضلة ربيحة الرفاعي
أعتز دوما بحظورك المميز
وتحليلك العميق
ووجهة نظرك القيمة
تشجيعك لي يضمن استمراري في المحاولة
سأحاول إلى أن أتمكن بإذن الله
كل الاحترام والتقدير
أسعدك الله بدخول الجنة

عبدالرحمان بن محمد
03-07-2011, 12:03 AM
زينة حداد
تعليقك جميل كجمال اسمك
لك من الشكر حتى ترضي
حفظك المولى

آمال المصري
23-02-2012, 11:20 AM
هنا الواقع دون مبالغة على كل الأصعدة
نص رائع من قاص نجح في توظيف أدواته باقتدار
مرحبا بك في ربوع الواحة أديبنا الفاضل
تحاياي

وليد عارف الرشيد
23-02-2012, 04:24 PM
روعة ... لك قدرة مذهلة على نقل المشاعر وردات الفعل وبراعة في ترجمة الواقع
مؤلمٌ لاذعٌ ... لكنه جميل هذا القلم
مرحبًا بك متألقًا في واحتك
مودتي وتقديري كما يليق

عايد راشد احمد
23-02-2012, 08:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استاذنا الفاضل

قصة رائعه رغم ما بها من كم رعب

لكن للاسف عدا هو الحال ولا نستطيع نكرانه

اجدت السلسل واللوج للحدث بتدرج راقي مع استخدام كل ادواتك لنجاح عمل راق كهذا

تقبل مروري وتحيتي

نداء غريب صبري
24-02-2012, 04:07 PM
مشاهد كابوسية لكنها صادقة، فقد أصبحوا بهذا العنف وهذا القبح

شكرا لك أخي

بوركت

عبدالرحمان بن محمد
27-02-2012, 09:40 PM
هنا الواقع دون مبالغة على كل الأصعدة
نص رائع من قاص نجح في توظيف أدواته باقتدار
مرحبا بك في ربوع الواحة أديبنا الفاضل
تحاياي

أهلا بك أختي الكريمة
هو واقع لا يشرف أمة الإسلام
نسأل الله الثبات على الحق
سرني تواجدك
وتشجيعك
أكرمك ربي

عبدالرحمان بن محمد
27-02-2012, 09:49 PM
روعة ... لك قدرة مذهلة على نقل المشاعر وردات الفعل وبراعة في ترجمة الواقع
مؤلمٌ لاذعٌ ... لكنه جميل هذا القلم
مرحبًا بك متألقًا في واحتك
مودتي وتقديري كما يليق

وليد عارف
جعلك الله ممن عرفوا الله فقدروه حق قدره
سعدت بما تفضلت به علي من خير الكلام
ذاك من لطفك
وحسن أخلاقك
أسعدك الله بصحبة حبيبه

عبدالرحمان بن محمد
14-04-2012, 11:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استاذنا الفاضل

قصة رائعه رغم ما بها من كم رعب

لكن للاسف عدا هو الحال ولا نستطيع نكرانه

اجدت السلسل واللوج للحدث بتدرج راقي مع استخدام كل ادواتك لنجاح عمل راق كهذا

تقبل مروري وتحيتي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نعم ذاك حالنا ولا زال
نسأل الله أن يبدل الحال من حال إلى حال أفضل

مروررك إشارة لطيفة تركت أثرها في وجداني
سأبقى أذكرك بخير
شكرا لك

عبدالرحمان بن محمد
14-04-2012, 11:10 PM
مشاهد كابوسية لكنها صادقة، فقد أصبحوا بهذا العنف وهذا القبح

شكرا لك أخي

بوركت

سيبقى الشر ما بقي البشر أختي
نسأل الله الثبات
سعدت ببصمتك الحية
وفقك الله