تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شيء عن السرقة .. من سرق حذائي ؟



بهجت عبدالغني
29-06-2011, 01:34 PM
شيء عن السرقة ..
من سرق حذائي ؟


متى كان أول سرقة في التاريخ ؟ كيف حدثت ؟ ومن كان أول سارق ؟ وما كان أول شيء مسروق ؟
أسئلة لا نملك الاجابة عنها ..
ولكنها بدأت .. لا شك .. في لحظة ما .. من حالة ما .. من فلسفة ما .. في زمن ما .. ربما يكون سحيقاً في عمق التاريخ ..
فالألواح الطينية تهمس في آذاننا عن قوانين وتشريعات سنت عقوبة لردع السارق ، فتخبرنا اللوح الطيني الذي يحتوي على قانون ( عشتار ـ 1934 ـ 1924 ق . م ـ ) في المادة ( 10 ـ 11 ) انه في حالة القبض على السارق في بستان ، فإنه يعوض عما سرق .
بينما يخبرنا قانون ( اشنونا ) في المادة ( 12 ـ 13 ) على ان السارق الذي يقبض عليه نهاراً داخل سياج ( مشكينم ) يعاقب بمبلغ عشر ( شيقلات ) من الفضة ، اما ليلاً فان عقوبته الموت .
وتطرق قانون ( حمورابي ) إلى جريمة السرقة في مواد عديدة ، حيث تنص هذه المواد على قتل السارق " إذا سرق رجل حاجة تعود إلى إله أو قصر يُقتل ذلك الشخص ويُقتل الذي استلم المسروقات من يده " و " يقتل السارق إذا ثبت انه يبيع مفقودات وهي ليست مفقودات " .
كما أن جميع الديانات السماوية تحرم السرقة ، فنجد أن الله تعالى يقول لموسى عليه السلام في الوصايا العشر في التوراة ( لا تسرق ) .
وعندما جاء ذلك الشاب يسأل المسيح عليه السلام عن العمل الصالح ، أجابه المسيح بأن يعمل بالوصايا ، فلما يسأله الشاب عن الوصايا , يرد المسيح قائلاً : ( لا تقتل , لا تزن , لا تسرق , لا تشهد بالزور , أكرم أباك و أمك , و أحب قريبك كنفسك ) .
أما القرآن الكريم فقد تحدث عن عقوبة السرقة ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .
وكذلك توعد أولئك الذين يسرقون الناس في وضح النهار ، الذين يطففون الكيل والميزان ويبخسون الناس اشياءهم ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) ) .

وفي قصة الصديق يوسف عليه السلام كلام عن السرقة ( قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) وأصل هذه المسألة ـ كما في التفاسير ـ أن يوسف كان يحيا عند عمته . عندما كبر وأرادوا أن يأخذوه أرادات العمة أن تستبقيه فدست في متاعه تمثالاً . أو منطقة كانت لها من أبيها إسحاق وادعت أنها فقدت ذلك ؛ ففتشوا الولد فعثروا معه على الشيء الذي ادعت عمته سرقته فاستبقته بشرع بني إسرائيل .
أما صاحب الظلال فيقول : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل . . وتنطلق الروايات والتفاسير تبحث عن مصداق قولهم هذا في تعلات وحكايات وأساطير . كأنهم لم يكذبوا قبل ذلك على أبيهم في يوسف ; وكأنهم لا يمكن أن يكذبوا على عزيز مصر دفعا للتهمة التي تحرجهم , وتبرؤا من يوسف وأخيه السارق , وإرواء لحقدهم القديم على يوسف وأخيه ! لقد قذفوا بها يوسف وأخاه !
وكذلك نجد قصة سرقة صواع الملك ، التي كانت تدبيراً من الله تعالى ليوسف ، حتى يبقي اخاه معه في مصر ، وحتى يتوب اخوته ويستغفروا لجرائمهم ، ومن ثم يجيئوا الى مصر آمنين (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) ) .

وفي الحديث الشريف ( لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده ) متفق عليه .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا أَوْ قَالَ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ) رواه احمد في مسنده .

وكأي شيء فإن وسائل السرقة وطرقها تطورت وتنوعت عبر العصور ، فالآن تسرق أصوات المنتخبين ـ بكسر الخاء ـ ، وهناك من يسرق شعبه .
ومن الناس من يسرق من خلال الانترنت عن طريق رسائل الكترونية كاذبة . أو عن طريق النقّال ( الموبايل ) .

وهناك من يسرق الأحذية والأشياء في المسجد الحرام !!

وفي أحد الأيام خرجت من المسجد لأجد حذائي المتواضع جداً والمهتريء جداً قد سُرق ، وقد كان من أرخص الأحذية وكنت قد لبسته دهراً ..
لا أدري لماذا ..
ربما أراد السارق أن يحصل على البركة !!

حكى ابن الجوزي في أحد كتبه أن أحد القصاصين كان يعظ الناس في مسجد من مساجد البصرة وقد أجاد في التأثير بعواطف مستمعيه حتى أنهم كانوا جميعاً يبكون، وعندما أراد الخروج اكتشف أن حذاءه قد سرق فقال :



ويحكم كلكم تبكون .. فمن سرق حذائي ؟!

نادية بوغرارة
29-06-2011, 02:44 PM
ما أجمل ما أتحفتنا به في هذا الموضوع !!!

السرقة داء ربما ظهر مع أول ظهور المجتمع البشري ، و الشفاء منه معضلة ،

كما أن هناك المصابون بمرض السرقة ، يسرقون أي شيء يجدونه دون صاحب ،

و دون أن تكون لهم حاجة بالشيء المسروق ،

و ليس هذا فقط ،،،

ظهرت لنا سرقة الأفكار و الأسماء و الملامح ،،،،

و أصبحت للسرقة مرادفات كثيرة كالغبن و النصب و الاحتيال و التزوير و الغصب ...

و زينوها فكانت " فهلوة " و شطارة وخفة يد و نباهة و ذكاء ...

هل سيجيب أحد على السؤال : من سرق حذائي ؟؟

الأخ المفكر و الفيلسوف بهجت الرشيد ،

شكرا لك .

ربيحة الرفاعي
30-06-2011, 11:38 PM
مقدمة رائعة تحمل الكثير من المعلومة في إطار سهل وخفيف
وطرح ذكي لشأن بات مزعجا وربما مقلقا
لكنه لم يستشر كظاهرة بعد ولن ييكون ذلك بعون الله

كنت اقتبست بعضا من مقالتك في رد على قصيدة لشاعرنا الكريم مولود خلاف في نفس الموضوع
وسأقوم هنا باقتباس نص القصيدة الساخرة
علّنا نخرج بابتسامة من موضوع موجع


أَبَعْدَ بَلائِيَ هــَلْ مِنْ بــَلاءِ=وَقَـدْ سَرَقُـوا اليَومَ مِنِّي حِذائِي
مُصـَابِي جَلِيلٌ، عـَزَاءٌ جَمِيلٌ=وَدَمْعِي غَزِيـرٌ عَلَى التُّعَسـَاءِ
وَقَلْبِي جَرِيـحٌ ،وَجِسْمِي طَرِيحٌ=وَرُزْئِي يَجُـولُ بِأُفْقِ السَّمـاءِ
فَيَا ســَارِقَيَّ ظَنَنْتُمْ نَجــَاةً=فَبِعْتُمْ دَهــَاءَكُمْ بِالغَبَــاءِ
وَفِعْلَتُكُمْ بِي بِضِعْفٍ تُجَــازَى=وَعِنْدِي لَكُمْ كَمْ وَكَمْ مِنْ جَزَاءِ
فَإِنْ غـَابَ نَعْلِي فَمَا غَابَ قَوْلِي=وَمَا غـَابَ عَنْ سَاِرقَيَّ دُعَائِي
ولست بظـــانٍ نجاة صديقي=لعل الصديق طريـح لـداء
عَجِبْتُ لِفَـاعِلِ هَذِي الذُّنـُوبِ=أَلَيْسَ لَــهُ ذَرَّةٌ مِنْ حَيَــاءِ
أَأَعْمَى تُــرَى أَم ْ بِهِ مَسُّ جِنٍّ=أَلَيْسَ لَهُ ذَوْقُـهُ فِي البَهــَاءِ
أَيَسْرِقُ نَعْلاً بَلاهُ الزَّمــــَانُ=فَزَارَ البَرَارِي وَغــَاصَ بِمَاءِ
إِذَا بَـاعَهُ مَـا جَنَى غَيْرَ هـَمٍّ=عَنَــا بَيْعِهِ مِنْ ضُحَى لِمَسَاءِ
وَدِينـَارُهُ لَيْسَ يُجْدِيـهِ نَفْعـًا=ذُنُوبُ لُصـُوصٍ ضَنَى البُؤَسَاءِ
أسَارِقَنَا مـَا أَحَطَّك َ لِصًّـــا=وَأَمْثَــالُكُ ْ أَتْعَسَ الأَغْبِيـَاءِ
أَهَلاَّ سَرَقْتُمْ بُنُوكًـا وَمَــالاً=بِهَا تَصْعَـدُونَ إِلَى الأَغْنِيَـاءِ
إِذا مَــا غَدَوْتُمْ لُصُوصًا دُهَاةً=تُضَاهُـونَ لِصَّهُمْ فِي الدَّهَـاءِ
تُسَـاوُونَ ذَنْبًـا بِمِقْـدَارِ نَهْبٍ=وَتَمْحِي السَّعَادَةُ عَنْكُمْ هِجَائِي
لَعَلِّي هُنَــاكَ أُحَيِّي لُصُوصًـا=يُعَوِّضُ ذَمِّي عَلَيْكُمْ ثَنَــائِي
سَأَبْكِيكَ نَعْلِي سـَأَبْقَى وَفِيًّـا=يُعَزِّي المَــوَدَّةَ فِيَّ وَفَــائِي
لَمِسْكِينُ أَنْتَ حِذَائِي الصَّبُـورُ=شَقَــاءٌ يَزُورُكَ بَعْدَ الشَّقَـاءِ
شَكَوْتَ إِلَى الدَّهْرِ رِجْلِي وَوَزْنِي=وَقسْوَةَ أَرْضٍ وَطُــولَ اِرْتِدَاءِ
فَكَيْفَ بِرِجْلِ بَعِيرٍ صَبَـــاحًا=تَزُورُكَ لاَ رَاحَــةً بِالعِشَـاءِ
سَتَعْرِفُ يَوْمًــا بِأَنِّي جَـوَادٌ=وَيُصْبِحُ رِجْلِيَ ذَا مِنْ رَجَــاءِ

بهجت عبدالغني
01-07-2011, 09:54 AM
في الفقه درسنا بعض التسميات للسارق

الطرّار : هو الذي يأخذ المال من جيوب الناس في وضح النهار .

النبّاش : هو الذي يسرق الاموات ..

أما اليوم فقد تعددت الأسماء ، والسرقة واحدة ..

سرقة أعضاء الانسان لتباع في السوق السوداء ، والطامة الكبرى هناك أطباء مترطون في ذلك ..

سرقة المعلومات الالكترونية من قبل القراصنة ( الهكر ) ..

سرقة الأبحاث والكتب والمقالات والقصص والروايات ..

ولا تغرنكم الأسماء والمظاهر ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ..


وسيبقى السؤال : من سرق حذائي ..



الأديبة السامقة نادية بوغرارة

شكراً على هذه المداخلة الطيبة




تحياتي ..

بهجت عبدالغني
01-07-2011, 09:56 AM
شاعرتنا الكريمة ربيحة الرفاعي


شكراً على هذا النقل الموفق للقصيدة

ونسأل الله تعالى أن يشفي أمتنا من هذا الداء ..


وسيبقى السؤال : من سرق حذائي ؟؟ ..

تقبلي خالص دعائي وتحياتي ..

نداء غريب صبري
26-07-2011, 05:40 PM
سرقوا أوطاننا أخي
سرقوا جهودنا وأحلامنا
سرقوا الغد

ويسمونهم قادة
ويسمون من يسرقون الأحذية لصوص

اسمح لي أن أسأل أنا
من سرق وطني؟

بهجت عبدالغني
26-07-2011, 09:20 PM
نـــداء ..

والنتيجة .. الهلاك ..

الدليل : قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : " إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " رواه البخاري في صحيحه .

والعجيب ان هناك من يقدسون السرّاق ويسبحون بحمدهم ، ويقولون انهم جدار المقاومة والصمود حيث لا مقاومة ولا صمود !!!

السرقة ثقافة ..

تبدأ من سرقة الحذاء ، وتستمر .. إلى سرقة الأحلام والإبداع والشعوب ..


وسؤالك شرعي جداً ..
من سرق وطني ؟!


بالمناسبة أنا وطني سُرق مني قبل أن أرى النور ..




تحياتي ودعائي ..

بهجت عبدالغني
10-06-2012, 01:34 PM
وانا اقلب في كتاب ( مختار مختصر كتاب تاريخ بغداد ) لابن جزلة الغدادي ، وقفت على أبيات لمحمد بن عبدالله بن سكرة ، قالها عندما دخل حماماً فسرق نعليه فعاد إلى منزله حافياً .

إليك أذم حمام ابن موسى ... وإن فاق المنى طيبا وحـرا
تكاثرت اللصوص عليه حتى ... ليحفى من يطيف به ويعرى
ولم أفقد به ثوبا ولكـن ... دخلت محمدا وخرجت بشـرا

( وخرجت بشرا ) يقصد بشر الحافي ..

ناديه محمد الجابي
21-10-2023, 01:18 PM
موضوع رائع وطريف وقد أبدعت
وهناك أيضا السرقات الأدبية والإقتباسات دون الإشارة إلى مصدره
ومن أنواع السرقات الشعريَّة أيضاً، السلخ وهو أخذ بعض المعنى،
والمسخ وهو قلب الصورة الحسنة إلى قبيحة، وكذلك أخذ المعنى مع الزيادة عليه، بالإضافة إلى عكس المعنى إلى ضدِّه.
ومن فنون السرقة الأدبيَّة أيضاً؛ التضمين باستعارة الأبيات وأنصافها من شعر الغير وإدخالها خلال القصيدة ضمناً.
وتحدث السرقات في السيارات الجديدة، عبر أجهزة رخيصة يمكن شراؤها عبر الإنترنت، تستغل ضعف الحماية الموجودة في أنظمة السيارات.
شكرا لك ولك كل التحية والتقدير
.:004::003::010: