تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شاعر و قصيدة



د.جمال مرسي
17-07-2004, 08:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
احبائي الكرام في واحتنا الثقافية الغناء
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ربما يكون هذا الموضوع مطروحا في أماكن أخرى كثيرة و لكني لم أجد مثيله هنا في الواحة
و لذا قررت أن أعرضه عليكم .
و الموضوع ببساطة اننا و عبر هذه الصفحة سنتناول شاعرا معينا من الشعراء الذين كانت لهم بصماتهم
على الحركة الثقافية العربية .
نتناول سيرته الذاتية و قصيدة منتقاة من أعمالة المتميزة .

و لعلي أبدأ أنا ..على أن يقوم الأعضاء الكرام بعدي باختيار شاعر آخر و قصيدة له ليتثنى للجميع الإطلاع على هذه الشخصيات الأدبية التي أثرت حياتنا الثقافية على مر التاريح الأدبي العربي .

و لقد اخترت لكم اليوم الشاعر المصري فاروق جويدة

أولا السيرة ذاتية

هو شاعر مصري معاصر ولد عام 1946، و هو من الأصوات الشعرية الصادقة والمميزة في حركة الشعر العربي المعاصر، نظم كثيرا من ألوان الشعر ابتداء بالقصيدة العمودية وانتهاء بالمسرح الشعري.
قدم للمكتبة العربية 20 كتابا من بينها 13 مجموعة شعرية حملت تجربة لها خصوصيتها، وقدم للمسرح الشعري 3 مسرحيات حققت نجاحا كبيرا في عدد من المهرجانات المسرحية هي: الوزير العاشق ودماء على ستار الكعبة والخديوي.
ترجمت بعض قصائده ومسرحياته إلى عدة لغات عالمية منها الانجليزية والفرنسية والصينية واليوغوسلافية، وتناول أعماله الإبداعية عدد من الرسائل الجامعية في الجامعات المصرية والعربية.
تخرج في كلية الآداب قسم صحافة عام 1968، وبدأ حياته العملية محررا بالقسم الاقتصادي بالأهرام، ثم سكرتيرا لتحرير الأهرام، وهو حاليا رئيس القسم الثقافي بالأهرام.

ثانيا : القصيدة


مــا عــاد يكفــينا الغضــب


شعر : فاروق جويدة


من قال إن العار يمحوه الغضب=وأمامنا عرض الصبايا يغتصب
صور الصبايا العاريات تفجرت=بين العيون نزيف دم من لهب
عار علي التاريخ كيف تخونه=همم الرجال ويستباح لمن سلب؟‏!‏
عار علي الأوطان كيف يسودها=خزي الرجال وبطش جلاد كذب؟‏!‏
الخيل ماتت‏..‏ والذئاب توحشت=تيجاننا عار‏..‏ وسيف من خشب
العار أن يقع الرجال فريسة=للعجز‏..‏ من خان الشعوب‏..‏ ومن نهب

‏***‏
لا تسألوا الأيام عن ماض ذهب=فالأمس ولي‏.‏ والبقاء لمن غلب
ما عاد يجدي أن نقول بأننا‏..‏=أهل المروءة‏..‏ والشهامة‏..‏ والحسب
ما عاد يجدي أن نقول بأننا‏..‏=خير الوري دينا‏..‏ وأنقاهم نسب
ولتنظروا ماذا يراد لأرضنا=صارت كغانية تضاجع من رغب
حتي رعاع الأرض فوق ترابنا=والكل في صمت تواطأ‏..‏ أو شجب
الناس تسأل‏:‏ أين كهان العرب؟‏!‏=ماتوا‏..‏ تلاشوا‏.‏ لا نري غير العجب
ولتركعوا خزيا أمام نسائكم=لا تسألوا الأطفال عن نسب‏..‏ وأب
لا تعجبوا إن صاح في أرحامكم=يوما من الأيام ذئب مغتصب
عرض الصبايا والذئاب تحيطه=فصل الختام لأمة تدعي‏'‏ العرب‏'‏

‏***‏
عرب‏..‏ وهل في الأرض ناس كالعرب؟‏!‏=بطش‏.‏ وطغيان‏..‏ ووجه أبي لهب
هذا هو التاريخ‏..‏ شعب جائع=وفحيح عاهرة‏..‏ وقصر من ذهب
هذا هو التاريخ‏..‏ جلاد أتي=يتسلم المفتاح من وغد ذهب
هذا هو التاريخ لص قاتل=يهب الحياة‏..‏ وقد يضن بما وهب
ما بين خنزير يضاجع قدسنا=ومغامر يحصي غنائم ما سلب
شارون يقتحم الخليل ورأسه=يلقي علي بغداد سيلا من لهب
ويطل هولاكو علي أطلالها=ينعي المساجد‏..‏ والمآذن‏..‏ والكتب
كبر المزاد‏..‏ وفي المزاد قوافل=للرقص حينا‏..‏ للبغايا‏.‏ للطرب
ينهار تاريخ‏..‏ وتسقط أمة=وبكل قافلة عميل‏..‏ أو ذنب
سوق كبير للشعوب‏..‏ وحوله=يتفاخر الكهان من منهم كسب

‏***‏
جاءوا إلي بغداد‏..‏ قالوا أجدبت‏..‏=أشجارها شاخت‏..‏ ومات بها العنب
قد زيفوا تاجا رخيصا مبهرا=‏'‏ حرية الإنسان‏'..‏ أغلي ما أحب
خرجت ثعابين‏..‏ وفاحت جيفة=عهر قديم في الحضارة يحتجب
وأفاقت الدنيا علي وجه الردي=ونهاية الحلم المضيء المرتقب
صلبوا الحضارة فوق نعش شذوذهم=يا ليت شيئا غير هذا قد صلب
هي خدعة سقطت‏..‏ وفي أشلائها=سرقت سنين العمر زهوا‏..‏ أو صخب
حرية الإنسان غاية حلمنا=لا تطلبوها من سفيه مغتصب
هي تاج هذا الكون حين يزفها=دم الشعوب لمن أحب‏..‏ومن طلب
شمس الحضارة أعلنت عصيانها=وضميرها المهزوم في صمت غرب

‏***‏
بغداد تسأل‏..‏ والذئاب تحيطها=من كل فج‏.‏ أين كهان العرب؟‏!‏
وهناك طفل في ثراها ساجد=مازال يسأل كيف مات بلا سبب؟‏!‏
كهاننا ناموا علي أوهامهم=ليل وخمر في مضاجع من ذهب
بين القصور يفوح عطر فادح=وعلي الأرائك ألف سيف من حطب
وعلي المدي تقف الشعوب كأنها=وهم من الأوهام‏..‏ أو عهد كذب
فوق الفرات يطل فجر قادم=وأمام دجلة طيف حلم يقترب
وعلي المشارف سرب نخل صامد=يروي الحكايا من تأمرك‏..‏ أو هرب
هذي البلاد بلادنا مهما نأت=وتغربت فينا دماء‏..‏ أو نسب
يا كل عصفور تغرب كارها=ستعود بالأمل البعيد المغترب
هذي الذئاب تبول فوق ترابنا=ونخيلنا المقهور في حزن صلب
موتوا فداء الأرض إن نخيلها=فوق الشواطئ كالأرامل ينتحب
ولتجعلوا سعف النخيل قنابلا=وثمارها الثكلي عناقيد اللهب
فغدا سيهدأ كل شيء بعدما=يروي لنا التاريخ قصة ما كتب
وعلي المدي يبدو شعاع خافت=ينساب عند الفجر‏..‏ يخترق السحب
ويظل يعلو فوق كل سحابة=وجه الشهيد يطل من خلف الشهب
ويصيح فينا‏:‏ كل أرض حرة=يأبي ثراها أن يلين لمغتصب
ما عاد يكفي أن تثور شعوبنا=غضبا‏..‏ فلن يجدي مع العجز الغضب
لن ترجع الأيام تاريخا ذهب=ومن المهانة أن نقاتل بالخطب
هذي خنادقنا‏..‏ وتلك خيولنا=عودوا إليها فالأمان لمن غلب





و دمتم

عبداللطيف محمد الشبامي
17-07-2004, 11:26 PM
جميل جداً

وأنا هنا سأورد عن شاعر اليمن الكبير المرحوم / عبدالله البردوني

فمن هو ؟


عبد الله البردوني
ولد عام 1348هـ 1929 م في قرية البردون (اليمن) أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م . ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها. وعمل أيضا مسؤولا عن البرامج في الإذاعة اليمنية.




له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. .

صدرت دراسته الأولى "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" عام 1972.
أما دواوينه فهي على التوالي:

- من أرض بلقيس 1961 –

- في طريق الفجر 1967 –

- مدينة الغد 1970

- - لعيني أم بلقيس 1973

- - السفر إلى الأيام الخضر 1974

- - وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 –

- زمان بلا نوعية 1979

- - ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983

- - كائنات الشوق الاخر 1986 –

- رواء المصابيح 1989


وسأختار من إحدى قصائده وهي بعنوان :

أبو تمام وعروبة اليوم


مـا أصدق السيف! إن لم ينضه الكذب = وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضب

بـيض الـصفائح أهـدى حين تحملها = أيـد إذا غـلبت يـعلو بـها الـغلـــب

وأقـبح الـنصر..نصر الأقوياء بلا = فهم. سوى فهم كم باعوا. وكم كسبوا

أدهـى مـن الـجهل علم يطمئن إلى = أنـصاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا

قـالوا: هـم الـبشر الأرقى وما أكلوا = شـيئاً.. كـما أكلوا الإنسان أو شربوا

مـاذا جـرى.. يـا أبا تمام تسألني؟ = عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما السبب

يـدمي الـسؤال حـياءً حـين نـسأله = كـيف احتفت بالعدى (حيفا) أو النقب)

مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم؟ =كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبوا

الـيوم عـادت عـلوج (الروم) فاتحة = ومـوطنُ الـعَرَبِ الـمسلوب iiوالسلب

مـاذا فـعلنا؟ غـضبنا كـالرجال ولم = نـصدُق.. وقـد صدق التنجيم والكتب

فـأطفأت شـهب (الـميراج) أنـجمنا = وشـمسنا... وتـحدى نـارها الحطب

وقـاتـلت دونـنا الأبـواق صـامدة = أمـا الـرجال فـماتوا... ثَمّ أو هربوا

حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا = وإن تـصدى لـه الـمستعمر انسحبوا

هـم يـفرشون لـجيش الغزو أعينهم = ويـدعـون وثـوبـاً قـبل أن يـثبوا

الـحاكمون واشـنطن حـكومتهم = والـلامعون.. ومـا شـعّوا ولا غربوا

الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةً = لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَب

لـهم شموخ (المثنى) ظـاهراً ولهم = هـوىً إلـى بـابك الخرمي ينتسب

مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل كذبت = أحـسابنا؟ أو تـناسى عـرقه الذهب؟

عـروبة الـيوم أخـرى لا يـنم على =وجـودها اسـم ولا لـون.ولا لـقــب

تـسـعون ألـفاً (لـعمورية) اتـقدوا = ولـلـمنجم قـالـوا: إنـنـا الـشهــب

قـبل: انتظار قطاف الكرم ما انتظروا = نـضج الـعناقيد لـكن قـبلها التهبوا

والـيوم تـسعون مـليوناً ومـا بلغوا = نـضجاً وقـد عصر الزيتون والعنب

تـنسى الـرؤوس العوالي نار نخوتها = إذا امـتـطاها إلـى أسـياده الـذئب

(حـبيب) وافـيت من صنعاء يحملني = نـسر وخـلف ضلوعي يلهث العرب

مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا أبتي؟ = مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجرب

مـاتت بصندوق »وضـاح«بلا ثمن = ولـم يمت في حشاها العشق والطرب

كـانت تـراقب صبح البعث فانبعثت = فـي الـحلم ثـم ارتمت تغفو وترتقـب

لـكنها رغـم بـخل الغيث ما برحت = حبلى وفي بطنها قحطان أو كـرب

وفـي أسـى مـقلتيها يـغتلي يمن = ثـان كـحلم الـصبا... ينأى ويقتـرب

»حـبيب« تسأل عن حالي وكيف أنا؟ = شـبابة فـي شـفاه الـريح تـنتحـب

كـانت بـلادك (رحلاً)، ظهر (ناجية) = أمـا بـلادي فـلا ظـهر ولا غـبــــب

أرعـيت كـل جـديب لـحم راحـلة = كـانت رعـته ومـاء الروض ينسكــب

ورحـت مـن سـفر مضن إلى سفر = أضـنى لأن طـريق الـراحة التعــــــب

لـكن أنـا راحـل فـي غـير ما سفر = رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطب

إذا امـتـطيت ركـاباً لـلنوى فـأنا = فـي داخـلي... أمتطي ناري واغتــرب

قـبري ومـأساة مـيلادي عـلى كتفي = وحـولي الـعدم الـمنفوخ والـصخــب

»حـبيب« هـذا صـداك اليوم أنشده = لـكن لـماذا تـرى وجـهي وتكتئــب؟

مـاذا؟ أتعجب من شيبي على صغري؟ = إنـي ولـدت عجوزاً.. كيف تعتجب؟

والـيوم أذوي وطـيش الـفن يعزفني = والأربـعـون عـلى خـدّي تـلتهــب

كـذا إذا ابـيض إيـناع الـحياة على = وجـه الأديـب أضـاء الفكر والأدب

وأنـت مـن شبت قبل الأربعين على = نـار (الـحماسة) تـجلوها وتـنتخــب

وتـجتدي كـل لـص مـترف هـبة = وأنـت تـعطيه شـعراً فـوق ما يهـب

شـرّقت غـرّبت من (والٍ) إلى (ملك) = يـحثك الـفقر... أو يـقتادك الـطلـب

طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفأت = فـيك الأمـاني ولـم يـشبع لها أرب

لـكـن مـوت الـمجيد الـفذ يـبدأه = ولادة مـن صـباها تـرضع الـحقـــب

»حـبيب« مـازال فـي عينيك أسئلة = تـبدو... وتـنسى حـكاياها فـتنتقب

ومـاتـزال بـحـلقي ألـف مـبكيةٍ = مـن رهبة البوح تستحيي وتضطرب

يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا دمـنا = ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتـــلب

سـحائب الـغزو تـشوينا وتـحجبنا = يـوماً سـتحبل مـن إرعادنا السحب؟

ألا تـرى يـا »أبـا تـمام« بـارقنا = (إن الـسماء تـرجى حـين تحتجــب)

مع خالص التحايا والتقدير

ياسمين
24-07-2004, 11:30 PM
رااااااااااااااائع د.جمال
فاروق جويدة من أرق الشعراء فى مصر
وهو من الشعراء الذى نمى على كتاباتهم مشاعرنا
والآن نتابع كتاباته الثقافية والنقدية يوم الجمعة من كل اسبع بجريدة الاهرام
ومن يتابع مقالاته وكتاباته يدرك مدى المجال الثقافى والادبى الذى يدور فى فلكه هذا الشاعر
المصرى الاصيل الملامح الخمرى اللون الفرعونى القلم

د. جمال
أحييييييييييييك على ذوقك الراقى فى اختيار شاعرنا فاروق جويدة
وانتظرنى هنا معك لتقديم المزيد من الاعمال الجميلة لشاعرنا الجميل

شكرا د.جمال على جمال الاختياروالذى ليس بغريب عليك
وانتظرنى ... حتما سأعود

لك تحياتى ,,,, وباقة ياسمين

د.جمال مرسي
27-07-2004, 06:03 AM
اخي الحبيب عبد اللطيف محمد
اشكرك على تفاعلك الجميل و السريع مع الموضوع و أعتذر لتأخري في الرد
و فعلا الشاعر المرحوم عبد الله البردوني من الشعراء الذين يقرأ لهم و يستحقون الإشادة
و قصيدته التي بين ايدينا اليوم قرأتها من قبل مرات و مرات
و هي بالفعل من قصائده الجميلة
بارك الله بك و شكرا لتفلعلك
د. جمال

د.جمال مرسي
27-07-2004, 06:10 AM
اهلا اهلا اهلا بياسمينتنا التي افتقدناها
اهلا بالأخت الطيبة الرقيقة التي طالما اسعدنا تواجدها و تواصلها الجميل
اهلا بهذا العبق الذي أطل على صفحة شاعر و قصيدة
اطلالة جميلة مفرحة و مفاجأة سارة
أهلا بك اختي الكريمة و الف الف حمد لله على السلامة بعد رحلتك البحرية
و طبعا كلنا مشتاقون لمل سينتثره قلمك من درر نسعد بها فعلا هنا و في جميع
الصفحات التي تمرين عليها و تضعين بصماتك فيها
شكرا لمرورك و توقيعك في موقعي
شرف لي ما بعده شرف
بارك الله بك و حفظك من كل سوء
و سلامي لأسرتكم الغالية
و في انتظتر ما ستكتبيه عن فاروق جويدة أو غيره من الشعراء هنا
أخوكم د. جمال مرسي

ناصر ثابت
10-08-2004, 02:46 AM
- ولد الشاعر محمد مهدي الجواهري في النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899م ، والنجف مركز ديني وأدبي ، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها ، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة.

- تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر ، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " . وكان لهذه الأسرة ، كما لباقي الأسر الكبيرة في النجف مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية .

- قرأ القرآن الكريم وهو في هذه السن المبكرة وتم له ذلك بين أقرباء والده وأصدقائه، ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة، فأخذ عن شيوخه النحو والصرف والبلاغة والفقه وما إلى ذلك مما هو معروف في منهج الدراسة آنذاك . وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان المتنبي ليبدأ الفتى بالحفظ طوال نهاره منتظراً ساعة الامتحان بفارغ الصبر ، وبعد أن ينجح في الامتحان يسمح له بالخروج فيحس انه خُلق من جديد ، وفي المساء يصاحب والده إلى مجالس الكبار .

- ‏أظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .‏

- كان قوي الذاكرة ، سريع الحفظ ، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له. فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة .‏

- كان أبوه يريده عالماً لا شاعراً ، لكن ميله للشعر غلب عليه . وفي سنة 1917، توفي والده وبعد أن انقضت أيام الحزن عاد الشاب إلى دروسه وأضاف إليها درس البيان والمنطق والفلسفة.. وقرأ كل شعر جديد سواء أكان عربياً أم مترجماً عن الغرب .

- وكان في أول حياته يرتدي العمامة لباس رجال الدين لأنه نشأ نشأةً دينيه محافظة ، واشترك بسب ذلك في ثورة العشرين عام 1920م ضد السلطات البريطانية وهو لابس العمامة ، ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة ، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد ، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة ( الفرات ) وجريدة ( الانقلاب ) ثم جريدة ( الرأي العام ) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين .

- لم يبق من شعره الأول شيء يُذكر ، وأول قصيدة له كانت قد نشرت في شهر كانون الثاني عام 1921 ، وأخذ يوالي النشر بعدها في مختلف الجرائد والمجلات العراقية والعربية .

- نشر أول مجموعة له باسم " حلبة الأدب " عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين .

- سافر إلى إيران مرتين : المرة الأولى في عام 1924 ، والثانية في عام 1926 ، وكان قد أُخِذ بطبيعتها ، فنظم في ذلك عدة مقطوعات .

- ترك النجف عام 1927 ليُعَيَّن مدرّساً في المدارس الثانوية ، ولكنه فوجيء بتعيينه معلماً على الملاك الابتدائي في الكاظمية .

- أصدر في عام 1928 ديواناً أسماه " بين الشعور والعاطفة " نشر فيه ما استجد من شعره .

- استقال من البلاط سنة 1930 ، ليصدر جريدته (الفرات) ، وقد صدر منها عشرون عدداً ، ثم ألغت الحكومة امتيازها فآلمه ذلك كثيراً ، وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى ، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية ، ثم نقل لإلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير .

- في عام 1935 أصدر ديوانه الثاني بإسم " ديوان الجواهري " .

- في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي .وإذ أحس بانحراف الانقلاب عن أهدافه التي أعلن عنها بدأ يعارض سياسة الحكم فيما ينشر في هذه الجريدة ، فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً .

- بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام) ، ولم يتح لها مواصلة الصدور ، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة .

- لما قامت حركة مارس 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران ، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام) .

- في عام 1944 شارك في مهرجان أبي العلاء المعري في دمشق .

- أصدر في عامي 1949 و 1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه في طبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينيات والتي برز فيها شاعراً كبيراً .

- شارك في عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية الذي عُقد في الاسكندرية .

- انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين .

- واجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين .

- أقام في براغ سبع سنوات ، وصدر له فيها في عام 1965 ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة " .

- عاد إلى العراق في عام 1968 وخصصت له حكومة الثورة راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر .

- في عام 1969 صدر له في بغداد ديوان "بريد العودة" .

- في عام 1971 أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " أيها الأرق" .وفي العام نفسه رأس الوفد العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر الأدباء العرب الثامن المنعقد في دمشق . وفي العام نفسه أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " خلجات " .

- في عام 1973 رأس الوفد العراقي إلى مؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس .

- بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر، المغرب، والأردن ، وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به ولكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها واستراح ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي بسط رعايته لكل الشعراء والأدباء والكتّاب.

- كرمه الرئيس الراحل «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد ، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشق جبهة المجد» ذروة من الذرا الشعرية العالية .

- يتصف أسلوب الجواهري بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس الملتحم بالصور الهادرة كالتيار في النفس ، ولكنه يبدو من خلال أفكاره متشائماً حزيناً من الحياة تغلف شعره مسحة من الكآبة والإحساس القاتم الحزين مع نفسية معقدة تنظر إلى كل أمر نظر الفيلسوف الناقد الذي لايرضيه شيء.

- وتوفي الجواهري في السابع والعشرين من تموز 1997 ، ورحل بعد أن تمرد وتحدى ودخل معارك كبرى وخاض غمرتها واكتوى بنيرانها فكان بحق شاهد العصر الذي لم يجامل ولم يحاب أحداً .‏

- وقد ولد الجواهري وتوفي في نفس الشهر، وكان الفارق يوماً واحداً مابين عيد ميلاده ووفاته. فقد ولد في السادس والعشرين من تموز عام 1899 وتوفي في السابع والعشرين من تموز 1997


تنويمة الجياع
نامي جياعَ الشَّعْـبِ نامي = حَرَسَتْكِ آلِهـة ُالطَّعـامِ

نامي فـإنْ لم تشبَعِـي = مِنْ يَقْظـةٍ فمِنَ المنـامِ

نامي على زُبَدِ الوعـود = يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ

نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ = فـي جُـنْحِ الظـلامِ

تَتَنَوَّري قُـرْصَ الرغيـفِ = كَـدَوْرةِ البدرِ التمـامِ

وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِسـاحَ = مُبَلَّطَـاتٍ بالرُّخَــامِ



نامي تَصِحّي! نِعْمَ نَـوْمُ = المرءِ في الكُـرَبِ الجِسَامِ

نامي على حُمَةِ القَـنَـا = نامي على حَـدِّ الحُسَـام

نامي إلى يَــوْمِ النشورِ = ويـومَ يُـؤْذََنُ بالقِيَـامِ

نامـي على المستنقعـاتِ = تَمُوجُ باللُّجَج ِ الطَّوامِي

زَخَّارة ً بـشذا الأقَـاحِ = يَمدُّهُ نَفْـحُ الخُـزَامِ

نامي على نَغَمِ البَعُوضِ = كـأنَّـهُ سَجْعُ الحَمَامِ

نامي على هذي الطبيعةِِ = لم تُحَـلَّ بـه "ميامي "

نامي فقد أضفى "العَرَاءُ" = عليكِ أثوابَ الغـرامِ

نامي على حُلُمِ الحواصدِ = عـاريـاتٍ للحِـزَامِ

متراقِصَـاتٍ والسِّيَـاط ُ =تَجِـدُّ عَزْفَـاً ﺑﭑرْتِزَامِ

وتغازلـي والنَّاعِمَـات = الزاحفاتِ من الهـوامِ

نامي على مَهْدِ الأذى = وتوسَّدِي خَـدَّ الرَّغَامِ

وﭐستفرِشِي صُمَّ الحَصَى = وَتَلَحَّفي ظُلَـلَ الغَمَامِ

نامي فقـد أنـهى " مُجِيـعُ= الشَّعْـبِ " أيَّـامَ الصِّيَـامِ

نامي فقـد غنَّـى " إلـهُ= الحَـرْبِ" ألْـحَانَ السَّـلامِ



نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي = الفَجْـرُ آذَنَ ﺑﭑنْصِرامِ

والشمسُ لنْ تُؤذيكِ بَعْدُ = بما تَوَهَّـج من ضِـرَامِ

والنورُ لَنْ "يُعْمِي!" جُفوناً = قد جُبِلْنَ على الظلامِ

نامي كعهدِكِ بالكَرَى = وبلُطْفِهِ من عَهْدِ "حَامِ"

نامي.. غَدٌ يسقيكِ من =عَسَـلٍ وخَمْـرٍ ألْفَ جَـامِ

أجرَ الذليلِ وبردَ أفئدةٍ = إلى العليـا ظَـوَامِي

نامي وسيري في منامِكِ = ما استطعتِ إلى الأمامِ

نامي على تلك العِظَاتِ = الغُرِّ من ذاك الإمامِ

يُوصِيكِ أن لا تطعمي= من مالِ رَبِّكِ في حُطَامِ

يُوصِيكِ أنْ تَدَعي المباهِـجَ = واللذائـذَ لِلئـامِ

وتُعَوِّضِي عن كلِّ ذلكَ = بالسجـودِ وبالقيـامِ

نامي على الخُطَبِ الطِّوَالِ = من الغطارفةِ العِظَامِ

نامي يُسَاقَطْ رِزْقُكِ = الموعـودُ فوقَـكِ ﺑﭑنتظـامِ

نامي على تلكَ المباهجِ = لم تَدَعْ سَهْمَاً لِرَامِي

لم تُبْقِ من "نُقلٍ" يسرُّكِ = لم تَجِئْهُ .. ومن إدَامِ

بَنَتِ البيوتَ وَفَجَّرَتْ = جُرْدَ الصحارى والموامي

نامي تَطُفْ حُورُ الجِنَانِ = عليـكِ منها بالمُدَامِ

نامي على البَرَصِ المُبَيَّضِ = من سوادِكِ والجُـذَامِ

نامي فكَفُّ اللهِ تغسـلُ = عنكِ أدرانَ السَّقَـامِ

نامي فحِـرْزُ المؤمنينَ = يَذُبُّ عنكِ على الدَّوَامِ

نامي فما الدُّنيا سوى ="جسرٍ!" على نَكَـدٍ مُقَـامِ



نامي ولا تتجادلـي = القولُ ما قالتْ "حَذَامِ"

نامي على المجدِ القديـمِ =وفوقَ كومٍ من عِظَامِ‏

تيهي بأشباهِ العصامِيّينَ! = منكِ على "عِصَـامِ"

الرافعينَ الهَامَ من جُثَثٍ = فََرَشْـتِ لَهُمْ وهَامِ

والواحمينَ ومن دمائِكِ= يرتوي شَرَهُ الوِحَامِ

نامي فنومُكِ خَيْرُ ما = حَمَلَ المُؤَرِّخُ من وِسَامِ



نامي جياعَ الشعبِ نامي = بُرِّئْتِ من عَيْبٍ وذَامِ

نامي فإنَّ الوحدةَ العصماءَ= تطلُـبُ أنْ تنـامي

نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي = النومُ مِـن نِعَمِ السلام

تتوحَّدُ الأحزابُ فيـه = ويُتَّقَى خَطَرُ الصِـدامِ

تَهْدَا الجموعُ بهِ وتَستغني= الصُّفوفُ عَنِ ﭐنقسـامِ

إنَّ الحماقـةَ أنْ تَشُقِّـي= بالنُهوضِ عصا الوئـامِ

والطَّيْشُ أن لا تَلْـجَئِي = مِن حاكِمِيكِ إلى احتكامِ

النفسُ كالفَرَسِ الجَمُوحِ = وعَقْلُها مثلُ اللجـامِ

نامي فإنَّ صلاحَ أمرٍ = فاسـدٍ في أن تنـامي

والعُرْوَةُ الوثقى إذا استيقَظْـتِ = تُـؤذِنُ بانفصـام

نامي وإلا فالصُّفوفُ = تَؤُول منكِ إلى ﭐنقِسـامِ

نامي فنومُكِ فِتْنَـة ٌ = إيقاظُها شـرُّ الأثامِ

هل غيرُ أنْ تَتَيَقَّظِـي = فتُعَاوِدِي كَرَّ الخِصـامِ



نامي جياعَ الشعبِ نامي = لا تقطعي رِزْقَ الأنامِ

لا تقطعي رزقَ المُتَاجِرِ ، = والمُهَنْدِسِ ، والمُحَـامِي

نامي تُرِيحِي الحاكمينَ = من ﭐشتباكٍ والتحَـامِ

نامي تُوَقَّ بكِ الصَّحَافَةُ = من شُكُـوكٍ واتِّهَـامِ

يَحْمَدْ لكِ القانـونُ صُنْعَ = مُطَـاوِعٍ سَلِـسِ الخُطَامِ

خَلِّ "الهُمَامَ!" بنومِكِ = يَتَّقِي شَـرَّ الهُمَـامِ

وتَجَنَّبِي الشُّبُهَـاتِ في وَعْـيٍ = سَيُوصَـمُ ﺑﭑجْتِـرَامِ



نامي فجِلْدُكِ لا يُطِيقُ = إذا صَحَا وَقْعَ السِّهَامِ

نامي وخَلِّي الناهضينَ = لوحدِهِمْ هَدَفَ الرَّوَامِي

نامي وخَلِّي اللائمينَ= فما يُضِيرُكِ أن تُلامِي!

نامي فجدرانُ السُّجُونِ = تَعِـجُّ بالموتِ الزُّؤَامِ

ولأنتِ أحوجُ بعدَ أتعـابِ= الرُّضُـوخِ إلى جِمَـامِ

نامي يُـرَحْ بمنامِـكِ = "الزُّعَمَـاءُ!" من داءِ عُقَـام

نامي فحقُّكِ لن يَضِيعَ = ولستِ غُفْلاً كالسَّوَامِ

إن "الرُّعَاةَ!" الساهرينَ= سيمنعونَكِ أنْ تُضَامِي



نامي على جَـوْرٍ كما= حُمِلَ الرَّضِيعُ على الفِطَامِ

وَقَعي على البلوى كما =وَقَعَ "الحُسامُ!" على الحُسامِ

نامي علـى جَيْـشٍ مِنَ = الآلامِ محتشـدٍ لُهَـامِ

أعطي القيادةَ للقضاءِ =وحَكِّمِيـهِ في الزِّمَـامِ

واستسلمي للحادثاتِ = المشفقـاتِ على النِّيَـامِ

إنَّ التيقظَ - لو علمتِ- = طليعـةُ المـوتِ الزؤامِ

والوَعْيُ سَيْفٌ يُبْتَلَى = يومَ التَّقَـارُعِ ﺑﭑنْثِلامِ



نامي شَذَاةَ الطُّهْرِ نامي = يا دُرَّةً بيـنَ الرُّكَـامِ

يا نبتةَ البلـوى ويا = ورداً ترعرعَ في ﭐهتضامِ

يا حُرَّةً لم تَـدْرِ ما = معنى ﭐضطغانٍ وانتقامِ!

يا شُعْلَةَ النُّـورِ التي = تُعْشِي العُيُونَ بلا اضطرامِ!

سُبحانَ رَبِّكِ صُورةً = تزهو على الصُّوَرِ الوِسَامِ

إذْ تَخْتَفِينَ بلا اهتمامٍ = أو تُسْفِرينَ بلا لِثَـامِ

إذْ تَحْمِلِينَ الشـرَّ صابـرةً = مِنَ الهُـوجِ الطَّغـامِ

بُوركْتِ من "شَفْعٍ " فإنْ= نزلَ البلاءُ فمن "تُؤَامِ"

كم تصمُدِينَ على العِتَابِ = وتَسْخَرينَ مـن الملامِ!

سُبحانَ ربِّكِ صورةً = هي والخطوبُ على انسجامِ



نامي جياعَ الشعبِ نامي = النومُ أَرْعَى للذِّمَامِ

والنومُ أَدْعَى للنُزُولِ =على السَّكِينَةِ والنِّظَامِ

نامي فإنَّكِ في الشَّدائدِ = تَخْلُصِينَ من الزِّحَامِ

نامي جياعَ الشَّعْبِ لا = تُعْنَيْ بِسَقْطٍ من كلامي

نامي فما كانَ القَصِيدُ = سوى خُرَيْزٍ في نظامِ

نامي فقد حُبَّ العَمَاءُ = عَنِ المساوىء والتَّعَامِي

نامي فبئسَ مَطَامِـعُ الواعِيـنَ! = من سَيْـفٍ كَهَـامِ

نامي: إليـكِ تحيّتِي = وعليكِ، نائمةً سـلامي


نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي = حَرَسَتْكِ آلهةُ الطعامِ
-----------------

* نشرت في جريدة "الأوقات البغدادية" ، العدد 28 ، في 28 آذار 1951 .

ناصر ثابت
12-08-2004, 05:16 AM
نزار قباني
إفادة في محكمة الشعر
ألقيت في مهرجان الشعر التاسع ببغداد عام 1969

نزار قباني (1923-1998): شاعر سوري اشتهر بأعماله الرومانسية والسياسية الجريئة. تميزت قصائده بلغة سهلة وجدت بسرعة ملايين القراء في أنحاء العالم العربي. ولد نزار من عائلة دمشقية، درس القانون في جامعة دمشق وتخرج عام 1945. عمل سفيراً لسوريا في مصر وتركيا وبريطانيا والصين وإسبانيا قبل أن يتقاعد عام 1966. انتقل إلى بيروت (لبنان) حيث أسس دار نشر خاصة تحت اسم "منشورات نزار قباني". بدأ أولاً بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى الشعر العمودي، وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. كان لانتحار شقيقته التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه، أثر كبير في حياته، وتناولت كثير من قصائده قضية حرية المرأة. تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. وكان ديوان "قصائد من نزار قباني" الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار، حيث تضمن هذا الديوان قصيدة "خبز وحشيش وقمر" التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. تميز قباني أيضاً بنقده السياسي القوي، من أشهر قصائده السياسية "هوامش على دفتر النكسة" 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعماله "حبيبتي" (1961)، "الرسم بالكلمات" (1966) و"قصائد حب عربية" (1993).

مرحباً يا عراقُ ، جئتُ أغنّيكَ = وبعـضٌ من الغنـاءِ بكـاءُ

مرحباً، مرحباً.. أتعرفُ وجهاً =حفـرتهُ الأيّـامُ والأنـواءُ؟
أكلَ الحبُّ من حشـاشـةِ قلبي= والبقايا تقاسمتـها النسـاءُ

كلُّ أحبابي القدامى نسَــوني= لا نُوارَ تجيـبُ أو عفـراءُ
فالشـفاهُ المـطيّبـاتُ رمـادٌ= وخيامُ الهوى رماها الـهواءُ
سـكنَ الحزنُ كالعصافيرِ قلبي= فالأسى خمرةٌ وقلبي الإنـاءُ

أنا جـرحٌ يمشـي على قدميهِ = وخيـولي قد هدَّها الإعياءُ

فجراحُ الحسينِ بعضُ جراحي= وبصدري من الأسى كربلاءُ

وأنا الحزنُ من زمانٍ صديقي= وقليـلٌ في عصرنا الأصدقاءُ

مرحباً يا عراقُ، كيفَ العباءاتُ = وكيفَ المها.. وكيفَ الظباءُ؟

مرحباً يا عراقُ ... هل نسيَتني= بعدَ طولِ السنينِ سامـرّاءُ؟

مرحباً يا جسورُ يا نخلُ يا نهرُ = وأهلاً يا عشـبُ... يا أفياءُ

كيفَ أحبابُنا على ضفةِ النهـرِ = وكيفَ البسـاطُ والنـدماءُ؟

كان عنـدي هـنا أميرةُ حـبٍّ = ثم ضاعت أميرتي الحسـناءُ

أينَ وجـهٌ في الأعظميّةِ حلـوٌ = لو رأتهُ تغارُ منهُ السـماءُ؟

إنني السـندباد.ُ.. مزّقهُ البحـرُ = و عـينا حـبيبتي المـيناءُ

مضغَ الموجُ مركبي ... و جبيني= ثقبتهُ العواصـفُ الهـوجاءُ

إنَّ في داخلي عصوراً من الحزنِ = فهـل لي إلى العـراقِ التجاءُ؟

و أنا العاشـقُ الكبيرُ... ولكـن = ليس تكفي دفاتـري الزرقـاءُ

يا حزيرانُ.ما الذي فعلَ الشعرُ؟ = وما الذي أعطـى لنا الشعراءُ؟

الدواويـنُ في يدينا طـروحٌ = والتعـابيرُ كـلُّها إنـشاءُ

كـلُّ عامٍ نأتي لسـوقِ عُـكاظٍ = وعـلينا العمائمُ الخضـراءُ

ونهـزُّ الرؤوسَ مثل الدراويشِ = ...و بالنار تكتـوي سـيناءُ

كـلُّ عامٍ نأتي ... فهذا جريـرٌ = يتغنّـى.. وهـذهِ الخـنساءُ

لم نزَل ، لم نزَل نمصمصُ قشراً = وفلسطـينُ خضّبتها الـدماءُ

يا حزيـرانُ... أنـتَ أكـبرُ منّا = وأبٌ أنـتَ مـا لـهُ أبـناءُ

لـو مـلكـنا بقيّـةً مـن إبـاءٍ = لانتخـينا.. لكـننا جـبناءُ

يا عصـورَ المعلّقـاتِ مـلَلنا... = ومن الجسـمِ قد يملُّ الرداءُ

نصـفُ أشـعارنا نقوشٌ ومـاذا = ينفعُ النقشُ حين يهوي البناءُ؟

المـقاماتُ لعبةٌ ... والحريـريُّ = حشيشٌ.. والغولُ والعـنقاءُ

ذبحتنا الفسـيفسـاءُ عصـوراً = والدُّمى والزخارفُ البلـهاءُ

نرفـضُ الشعرَ كيمياءً وسحراً = قتلتنا القصيـدةُ الكيـمياءُ

نرفـضُ الشعرَ مسـرحاً ملكياً = من كراسيهِ يحرمُ البسـطاءُ

نرفـضُ الشعرَ أن يكونَ حصاناً = يمتطـيهِ الطـغاةُ والأقـوياءُ

نرفـضُ الشعرَ عتمـةً ورموزاً = كيف تستطيعُ أن ترى الظلماءُ؟

نرفـضُ الشعرَ أرنبـاً خشـبيّاً = لا طمـوحَ لـهُ ولا أهـواءُ

نرفضُ الشعرَ في قهوةِ الشـعر.. = دخـانٌ أيّامـهم.. وارتخـاءُ

شعرُنا اليومَ يحفرُ الشمسَ حفراً = بيديهِ.. فكلُّ شـيءٍ مُـضاءُ

شـعرنا اليومَ هجمةٌ واكتشـافٌ = لا خطوطَ كوفيّـةً ، وحِداءُ

كلُّ شعـرٍ معاصـرٍ ليـسَ فيهِ = غصبُ العصرِ نملةٌ عـرجاءُ

ما هوَ الشعـرُ... إن غدا بهلواناً = يتسـلّى برقصـهِ الخُـلفاءُ

ما هو الشعرُ... حينَ يصبحُ فأراً = كِسـرةُ الخبزِ –هَمُّهُ- والغِذاءُ

و إذا أصـبحَ المفكِّـرُ بُـوقـاً = يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ

يُصلبُ الأنبياءُ مـن أجـل رأيٍ = فلماذا لا يصلبَ الشعـراءُ؟

الفدائيُّ وحـدهُ.. يكتـبُ الشـعرَ = و كـلُّ الذي كتبناهُ هـراءُ

إنّهُ الكاتـبُ الحقيقـيُّ للعصـرِ = ونـحنُ الحُـجَّابُ والأجـراءُ

عنـدما تبـدأُ البنـادقُ بالعـزفِ = تمـوتُ القصـائدُ العصـماءُ

مـا لنا ؟ ما لنا نلـومُ حزيـرانَ = و في الإثمِ كـلُّنا شـركاءُ؟

من هـم الأبرياءُ ؟ نحنُ جميـعاً= حامـلو عارهِ ولا اسـتثناءُ

عقلُنا ، فكـرُنا ، هـزالُ أغانينا = رؤانا، أقوالُـنا الجـوفـاءُ

نثرُنا، شعرُنا، جرائدُنا الصـفراءُ = والحـبرُ والحـروفُ الإمـاءُ

البطــولاتُ موقـفٌ مسـرحيٌّ = ووجـوهُ الممثلـينَ طـلاءُ

و فلسـطينُ بينهـم كـمـزادٍ = كلُّ شـارٍ يزيدُ حين يشـاءُ

وحـدويّون! و البـلادُ شـظايا = كـلُّ جزءٍ من لحمها أجزاءُ

ماركسـيّونَ! والجماهـيرُ تشقى = فلماذا لا يشبـعُ الفقـراءُ؟

قرشـيّونَ! لـو رأتهـم قريـشٌ = لاستجارت من رملِها البيداءُ

لا يمـينٌ يجيـرُنا أو يســارٌ = تحتَ حدِّ السكينِ نحنُ سواءُ

لو قرأنا التاريخَ ما ضاعتِ القدسُ = وضاعت من قبـلها "الحمـراءُ"..

يا فلسـطينُ ، لا تزالينَ عطشى = وعلى الزيتِ نامتِ الصحـراءُ

العباءاتُ.. كـلُّها مـن حـريـرٍ = واللـيالي رخيصـةٌ حمـراءُ

يا فلسـطينُ، لا تنـادي عـليهم = قد تساوى الأمواتُ والأحياءُ

قتلَ النفـطُ ما بهم مـن سـجايا = ولقد يقتـلُ الثـريَّ الثراءُ

يا فلسـطينُ ، لا تنادي قريشـاً = فقريشٌ ماتـت بها الخيَـلاءُ

لا تنادي الرجالَ من عبدِ شمسٍ = لا تنادي.. لم يبـقَ إلا النساءُ

ذروةُ الموتِ أن تموتَ المروءاتُ = ويمشـي إلى الـوراءِ الـوراءُ

مرَّ عامـانِ والغـزاةُ مقيمـونَ = و تاريـخُ أمـتي... أشـلاءُ

مـرَّ عامانِ.. والمسـيحُ أسـيرٌ = في يديهم.. و مـريمُ العـذراءُ

مـرَّ عامـانِ... والمآذنُ تبكـي = و النواقيـسُ كلُّها خرسـاءُ

أيُّها الراكعونَ في معبدِ الحـرفِ = كـفانا الـدوارُ والإغـماءُ

مزِّقوا جُبَّـةَ الدراويـشِ عـنكم = واخلعوا الصوفَ أيُّها الأتقياءُ

اتـركـوا أولياءَنـا بـسـلامٍ = أيُّ أرضٍ أعادها الأولياءُ؟

في فمي يا عراقُ.. مـاءٌ كـثيرٌ = كيفَ يشكو من كانَ في فيهِ ماءُ؟

زعمـوا أنني طـعنتُ بـلادي= وأنا الحـبُّ كـلُّهُ والـوفاءُ

أيريدونَ أن أمُـصَّ نـزيفـي؟ = لا جـدارٌ أنا و لا ببـغاءُ!

أنـا حريَّتي... فإن سـرقـوها = تسقطِ الأرضُ كلُّها والسماءُ

ما احترفتُ النِّفاقَ يوماً وشعري = مـا اشتـراهُ الملـوكُ والأمراءُ

كـلُّ حـرفٍ كتبتهُ كانَ سـيفاً = عـربيّاً يشـعُّ منهُ الضـياءُ

و قـليـلٌ مِنَ الكـلامِ نَـقِـيٌّ = وكـثيرٌ من الكـلامِ بغـاءُ

كم أُعـاني مِمَّا كَتَبْـتُ عـذاباً = ويعاني في شـرقنا الشـرفاءُ

وجعُ الحرفِ رائـعٌ.. أوَتشـكو = للـبسـاتينِ وردةٌ حمـراءُ؟

كلُّ من قاتلوا بحرفٍ شـجاعٍ = ثم ماتـوا.. فإنـهم شهداءُ

لا تعاقب يا ربِّ من رجموني = واعفُ عنهم لأنّـهم جهلاءُ

إن حبّي للأرضِ حـبٌّ بصيرٌ = وهواهم عواطـفٌ عمياءُ

إن أكُن قد كَوَيْـتُ لحمَ بلادي = فمن الكيِّ قد يجـيءُ الشفاءُ

من بحارِ الأسى ، وليلِ اليتامى = تطلـعُ الآنَ زهـرةٌ بيضاءُ

و يطلُّ الفـداءُ شـمساً عـلينا = ما عسانا نكونُ.. لولا الفداءُ

من جـراحِ المناضلينَ... وُلدنا = ومنَ الجرحِ تولدُ الكـبرياءُ

قبلَهُم ، لم يكـن هـناكَ قبـلٌ = ابتداءُ التاريخِ من يومِ جاؤوا

هبطـوا فـوقَ أرضـنا أنبياءً = بعد أن ماتَ عندنا الأنبياءُ

أنقذوا ماءَ وجهنا يـومَ لاحوا = فأضاءت وجوهُنا السوداءُ

منحـونا إلى الحـياةِ جـوازاً = لم تكُـن قبلَهم لنا أسمـاءُ

أصـدقاءُ الحروفِ لا تعذلوني = إن تفجّرتُ أيُّها الأصـدقاءُ

إنني أخزنُ الرعودَ بصـدري = مثلما يخزنُ الرعودَ الشتاءُ

أنا ما جئتُ كي أكـونَ خطيباً = فبلادي أضاعَـها الخُـطباءُ

إنني رافضٌ زماني وعصـري= ومن الـرفضِ تولدُ الأشـياءُ

أصدقائي، حكيتُ ما ليسَ يُحكى = و شـفيعي... طـفولتي والنـقاءُ

إنني قـادمٌ إليكـم ... و قلبـي = فـوقَ كـفّي حمامـةٌ بيضـاءُ

إفهموني... فما أنا غـيرُ طـفلٍ = فـوقَ عينيهِ يسـتحمُّ المـساءُ

أنا لا أعـرفُ ازدواجيّةَ الفكـرِ = فنفسـي.. بحـيرةٌ زرقـاءُ

لبلادي شـعري.. ولسـتُ أبالي= رفضتهُ أم باركتـهُ السـماءُ..

عبد الوهاب القطب
16-08-2004, 06:04 PM
اخي الحبيب الصديق

وشاعرنا الجميل ناصر

لله درك على اختيارك الرائع لشاعرين

قمة في الابداع.

لقد قضيت وقتا ممتعا حقا وانا اسابق

السطور من روعة الشعر.

هذا هو الشعر الذي اطرب اليه واعشقه.

تحياتي وشكري الجزيل

ودا التألق والعطاء

المخلص

عبد الوهاب القطب

ناصر ثابت
16-08-2004, 07:52 PM
أخي العزيز ابن بيسان..
أشكرك على مرورك الكريم
فأنت لست فقط قمة في الشعر والأدب.. لكنك قمة في التذوق .. لذلك كنت أعرف أنك ستعجب بهذه القصائد..
ناصر ثابت

ناصر ثابت
16-08-2004, 08:01 PM
سيرة الشاعر عمر أبو ريشة

ولد عمر أبو ريشة في منبج بلدة أبي فراس الحمداني في سوريا عام 1910م ونشأ يتيما وتلقى تعليمه الابتدائي في حلب .أكمل دراسته الجامعية في بيروت في الجامعة الأمريكية حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم عام 1930م ثم أكمل دراسته في لندن في صناعة النسيج ، وهناك قام بدعوة واسعة للدين الإسلامي بلندن .

ثار على بعض الأوضاع السياسية في بلادة بعد الاستقلال وامن بوحدة الوطن العربي وانفعل بأحداث الأمة العربية بشدة

شغل عدة مناصب :

· عضو المجمع العلمي العربي دمشق

· عضو الأكاديمية البرازيلية للآداب كاريوكا- ريودي جانيرو

· عضو المجمع الهندي للثقافة العالمية

· وزير سوريا المفوض في البرازيل 1949 م 1953 م

· وزير سوريا المفوض للأرجنتين والتشيلي 1953 م 1954 م

· سفير سوريا في الهند 1954 م 1958 م

· سفير الجمهورية العربية المتحدة للهند 1958م 1959 م

· سفير الجمهورية المتحدة للنمسا 1959 م 1961م

· سفير سوريا للولايات المتحدة 1961 م 1963م

· سفير سوريا للهند 1964 م 1970 م

· يحمل الوشاح البرازيلي والوشاح الأرجنتيني والوشاح النمساوي والوسام اللبناني برتبة ضابط أكبر والوسام السوري من الدرجة الأولى وآخر وسام ناله وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وقد منحه إياه الرئيس اللبناني إلياس الهراوي . شردته الكلمة اثنين وعشرين عاما في مشارق الأرض ومغاربها وهذا شأن كل صاحب كلمة . ويقال إنه سجن بسبب القصيدة التالية..

وتُوفي رحمه الله في الرياض عام 1990 م .

دفن في مسقط رأسه في سوريا



أمتي
عمر أبو ريشة
أمتي هل لك بين الأمم = منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي مطرق = خجلا من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا = ببقايا كبرياء الألم
أين دنياك التي أوحت إلى = وتري كل يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه = ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني ساحب = مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي كم غصة دامية = خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف = فاته الآسي فلم يلتئم
ألاسرائيل تعلو راية = في حمى المهد وظل الحرم !؟
كيف أغضيت على الذل iiولم = تنفضي عنك غبار التهم ؟
أوما كنت إذا البغي اعتدى = موجة من لهب أو من دم!؟
كيف أقدمت أحجمت ولم = يشتف الثأر ولم تنتقمي؟
اسمعي نوح الحزانى واطربي = وانظري دمع اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها = تتفانى في خسيس المغنم
رب وامعتصماه انطلقت = ملء أفواه البنات اليتم
لامست أسماعهم لكنها = لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجددته = لم يكن يحمل طهر الصنم
لايلام الذئب في عدوانه = إن يك الراعي عدوَّ الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لما = كان في الحكم عبيدُ الدرهم
أيها الجندي يا كبش الفدا = يا شعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالروح إذا = طلبتها غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله = شرفا تحت ظلال العلم

د.جمال مرسي
16-08-2004, 08:12 PM
ما شاء الله عليك أخي ناصر
كأنك آليت على نفسك إلا ان تقوم على هذه الصفحة بمفردك
فلست أرى من يريد المشاركو بإمتاعنا بقصيدة جديدة و شاعر جديد كما لو كان الناس في سبات عميق
أشكرك أخي الحبيب على هذه الدرر و هذه الترجمة التي وضعتها لكل شاعر من هؤلاء القمم .. الجواهري و نزار و أبو ريشة

تحياتي و بارك الله بك أخي الحبيب
د. جمال

ناصر ثابت
16-08-2004, 08:30 PM
أستاذنا العزيز الدكتور جمال مرسي
نعم أحببت أن أساهم قدر الامكان في الإضافة إلى هذه الزاوية الجميلة.. يجب أن أعترف أنني أنسخ من مواقع أخرى والعتب على قلة الوقت، ولو كنت متفرغا أكثر لكتبتها بنفسي مباشرة.. لكنني وجدتها مساحة جيدة لاختيار بعض القصائد التي تشكل قمما شعرية عربية..

أرجو أن تكون اختياراتي موفقة.. وتنال إعجابكم

شكرا لك مرة أخرى
ناصر ثابت

ناصر ثابت
22-08-2004, 09:24 AM
الشاعر الجاهلي الشنفرى المتوفي نحو 70 قبل الهجرة
وهو ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته .
وهو - أي الشنفرى - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال .

في هذه القصيدة يطالب الشاعر قومه أن يقيموا صدور مطيهم.. وإلا فإنه يميل إلى قوم سواهم.. وهو يقصد هنا وحوش البراري.. كالذئب والأفعى..
القصيدة مليئة بالحكمة والفخر... والاعتزاز بالنفس وايثار العيش الخشن على الناعم في سبيل الهدف والغاية مثلا البيتان التاليان يحتويان الفخر والحكمة:
أُدِيمُ مِطالَ الجـوعِ حتى أُمِيتهُ، وأضربُ عنه الذِّكرَ صــفحاً ، فأذهَلُ
وأسـتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ عَليَّ ، من الطَّـوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ

أما البيت التالي فيظهر كيف أن الشاعر عنده صفة السرعة مثل الصعاليك:

إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسـمي تطاير منه قـادحٌ ومُفَلَّلُ

هذه القصيدة تستحق المكانة الرفيعة التي تحظى بها في الأدب العربي عامة والجاهلي خاصة.. وهي مدرسة في العزة والشجاعة لعامة العرب.. وفي الفصاحة وقوة البيان لشعرائهم.. راجيا لكم أهلَ الواحة كل الفائدة من قرائتها وتدبرها..



لامية العرب

للشنفرى

أقيموا بني أمي ، صــــدورَ مَطِيكم= فإني ، إلى قومٍ سِـواكم لأميلُ !
فقد حـمت الحـاجـاتُ ، والليلُ مقمرٌ= وشُــدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛
وفي الأرض مَنْأىً ، للكــريم ، عن الأذى= وفيها ، لمن خــاف القِلى ، مُتعزَّلُ
لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضـيقٌ على أمرئٍ= سَـــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
ولي ، دونكم ، أهــلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ= وأرقطُ زُهـلـول وَعَـرفــاءُ جــيألُ
هم الأهلُ . لا مستودعُ السـرِّ ذائعٌ= لديهم ، ولا الجـاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
وكلٌّ أبيٌّ ، باسـلٌ . غير أنني= إذا عرضت أولى الطرائدِ أبســــلُ
وإن مـدتْ الأيـدي إلى الزاد لم أكن= بأعجلهم ، إذ أجْشَـعُ القومِ أعجل
وماذاك إلا بَسْطـَةٌ عن تفضـلٍ= عَلَيهِم ، وكان الأفضـلَ المتفضِّلُ
وإني كفاني فَقْدُ من ليس جــازياً= بِحُسنى ، ولا في قـربه مُتَعَلَّلُ
ثلاثةُ أصـحـابٍ : فؤادٌ مشـيعٌ ،= وأبيضُ إصـليتٌ ، وصـفراءُ عيطلُ
هَـتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُونِ ، يــزيــنـها= رصائعُ قد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ
إذا زلّ عنها السـهمُ ، حَنَّتْ كأنها= مُـرَزَّأةٌ ، ثــــكــــلى ، تــــــرِنُ وتُعْــــــوِلُ
ولـتُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ= مُــــجَـــــــــدَعَةً سُــــــــــــقبانها ، وهي بُهَّلُ
ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسـِـــهِ= يُطـــــــــــــالعها في شــــــــــــأنه كيف يفعـلُ
ولا خَـــرِقٍ هَيْــقٍ ، كأن فُــؤَادهُ= يَظَـــــــــلُّ به المكَّـــــــــاءُ يعلو ويَسْــــــــــفُلُ ،
ولا خـالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ،= يــــروحُ ويـــغــــــدو ، داهـــــــــــــــناً ، يتكحلُ
ولستُ بِعَلٍّ شَــرُّهُ دُونَ خَيرهِ= ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهـتاجَ ، أعزلُ
ولستُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت= هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ
إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسـمي= تطـاير منه قـادحٌ ومُفَلَّلُ
أُدِيمُ مِطالَ الجـوعِ حتى أُمِيتهُ ،= وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحاً ، فأذهَلُ
وأـتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ= عَليَّ ، من الطَّـوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ
ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشربٌ= يُعـاش به ، إلا لديِّ ، ومأكلُ
ولكنَّ نفســاً مُرةً لا تقيمُ بي= على الضـيم ، إلا ريثما أتحولُ
وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ= خُـــيـُوطَــةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ
وأغدو على القوتِ الزهـيدِ كما غدا= أزلُّ تـهـاداه التَّــنــائِـفُ ، أطـحلُ
غدا طَاوياً ، يعـارضُ الرِّيـحَ ، هافياً= يخُـوتُ بأذناب الشِّعَاب ، ويعْسِلُ
فلمَّا لواهُ القُـوتُ من حيث أمَّهُ= دعــــــــــا ؛ فأجابته نظـائرُ نُحَّلُ
مُهَلْهَلَةٌ ، شِيبُ الوجوهِ ، كأنها= قِداحٌ بكفيَّ ياسِــرٍ ، تتَقَلْقَلُ
أو الخَشْـرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ =مَحَابيضُ أرداهُنَّ سَـامٍ مُعَسِّلُ ؛
مُهَرَّتَةٌ ، فُوهٌ ، كأن شُدُوقها= شُقُوقُ العِصِيِّ ، كالحاتٌ وَبُسَّـلُ
فَـــضَـجَّ ، وضَجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّها= وإياهُ ، نوْحٌ فـوقَ عــلياء ، ثُكَّلُ ؛
وأغضى وأغضتْ ، واتسـى واتَّســتْ بهِ= مَـرَامــــيلُ عَــــزَّاها ، وعَــــزَّتهُ مُــــرْمِـلُ
شَكا وشكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت= ولَلصَّـــــــبرُ ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ!
وَفَـــاءَ وفـاءتْ بادِراتٍ ، وكُـلُّها ،= على نَكَـــــظٍ مِمَّا يُكـــــــاتِمُ ، مُـــجْــــمِـــــــلُ
وتشربُ أسآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما= سرت قـــــــرباً ، أحـــناؤها تتصــلصلُ
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْدَلَتْ= وَشَـمــَّرَ مِني فَــارِطٌ مُتَمَهِّلُ
فَوَلَّيْتُ عنها ، وهي تكبو لِعَقْرهِ= يُباشرُهُ منها ذُقـــــونٌ وحَوْصَلُ
كأن وغاها ، حجرتيهِ وحولهُ= أضاميمُ من سَفْـرِ القبائلِ ،نُــزَّلُ ،
توافـينَ مِن شَتَّى إليهِ ، فضَمَّها= كما ضَمَّ أذواد الأصاريم مَنْهَل
فَعَبَّتْ غشاشاً ، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها ،= مع الصُّـبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ
وآلف وجه الأرض عند افتراشــها = بأهـْدَأ تُنبيه سَناسِنُ قُـحَّـلُ ؛
وأعدلُ مَـنـحوضـــاً كــأن فـــصُوصَهُ= كِــعَــابٌ دحـــاها لاعــبٌ ، فهي مُثَّلُ
فإن تبتئس بالشنـفـرى أم قسطلِ= لما اغتبطتْ بالشـنـفرى قبلُ ، أطولُ !
طَـرِيدُ جِـناياتٍ تياسـرنَ لَــحْــمَــهُ ،= عَـقِـيــرَتـُهُ في أيِّـهــا حُــمَّ أولُ ،
تـــنـامُ إذا مــا نـــام ، يــقــظــى عُــيــُونُـها ،= حِـثـاثــــاً إلى مكـــروهـهِ تَتَغَــلْغَـلُ
وإلفُ هــمومٍ ما تـزال تَـعُـودهُ= عِــــيــاداً ، كـــحــمـــى الرَّبعِ ، أوهي أثقـــــلُ
إذا وردتْ أصدرتُــــها ، ثُمَّ إنها= تـــثـــوبُ ، فــتــأتــي مِــن تُــحَــيْتُ ومن عَــلُ
فــإمـــا تــريــنــي كـابنة الرَّمْلِ ، ضـاحياً= على رقـةٍ ، أحفى ، ولا أتنعـلُ
فأني لمولى الصـبر ، أجتابُ بَزَّه= على مِثل قلب السَّمْع ، والحزم أنعلُ
وأُعدمُ أحْـياناً ، وأُغـنى ، وإنما= يـــنـــالُ الغِـــنى ذو البُــعْـــدَةِ المـــتــبَذِّلُ
فلا جَـزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ= ولا مَـرِحٌ تحـت الغِــنى أتخيلُ
ولا تزدهـي الأجبـال حِلمي ، ولا أُرى= سـؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ
وليلةِ نحـسٍ ، يصطلي القوس ربها= وأقـــطـــعـــهُ اللاتــي بــهــا يــتـنبـلُ
دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصـحبتي= سُــعارٌ ، وإرزيزٌ ، وَوَجْرٌ ، وأفكُلُ
فأيَّمتُ نِسـواناً ، وأيتمتُ وِلْدَةً= وعُـدْتُ كما أبْدَأتُ ، والليل أليَلُ
وأصـبح ، عني ، بالغُميصاءِ ، جالساً= فريقان : مسـؤولٌ ، وآخرُ يسـألُ
فقالوا : لقد هَــرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا= فـــقـــلنا : أذِئــبٌ عـسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ
فـلمْ تَـكُ إلا نبأةٌ ، ثم هـــوَّمَــــتْ= فقلنا قـطـاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْـدَلُ
فإن يَكُ من جنٍّ ، لأبرحَ طَارقاً= وإن يَكُ إنساً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ
ويومٍ من الشِّعرى ، يذوبُ لُعابهُ ،= أفاعيه ، في رمضـائهِ ، تتملْمَلُ
نَصَبـْتُ له وجهي ، ولاكنَّ دُونَهُ= ولا سـتر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ
وضافٍ ، إذا هبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ= لبائدَ عن أعطـافـهِ ما ترجَّـلُ
بعيدٍ بمسِّ الدِّهـنِ والفَلْى عُهْدُهُ= له عَبَسٌ ، عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ
وخَرقٍ كظهر الترسِ ، قَفْرٍ قطعتهُ= بِعَامِلتين ، ظهرهُ ليس يعملُ
وألحقتُ أولاهُ بأخراه ، مُوفياً= على قُنَّةٍ ، أُقعـي مِـراراً وأمـــــثُلُ
تَرُودُ الأراوي الصحـمُ حولي ، كأنَّها= عَـذارى عليهنَّ الملاءُ المُذَيَّلُ
ويركُـدْنَ بالآصــالٍ حولي ، كأنني= مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحي الكيحَ أعقلُ

عبداللطيف محمد الشبامي
22-08-2004, 10:50 PM
السلام عليكم

وهنا أيضاً سأسوقُ قصيدة أخرى لشاعرنا الكبير عبدالله البردوني ... والقصيدة تحت عنوان ... فلسفة الجراح ...

وهاهي الذكرى الخامسة على وفاته ... فلقد توفي في يوم الإثنين30 أغسطس 1999م

رحمه الله وعفا عنه .

فلسفة الجراح


مـتـألمٌ ، مـمّـا أنــا مـتـألمُ؟=حـار الـسؤالُ ، وأطرق المستفهمُ

مـاذا أحـس ؟ وآه حـزني بعضه=يـشـكو فـأعرفه وبـعضٌ مـبهمُ

بي ما علمت من الأسى الدامي وبي=مـن حـرقة الأعـماق مـا لا أعلمُ

بي من جراح الروح ما أدري ، وبي=أضـعاف مـا أدري ومـا أتـوهمُ

وكــأن روحـي شـعلةٌ مـجنونةٌ=تـطغى فـتضرمني بـما تـتضرّمُ

وكـأن قـلبي فـي الضلوع جنازةٌ=أمـشي بـها وحـدي وكـلي مأتمُ

أبـكي فـتبتسم الـجراح من البكا=فـكـأنها فـي كـل جـارحةٍ فـمُ

يا لابتسام الـجرح كـم أبكي وكم=يـنساب فـوق شـفاهه الحمرا دمُ

أبـداً أسـيرُ عـلى الجراح وأنتهي=حـيث ابـتدأت فـأين مني المختمُ

وأعـاركُ الـدنيا وأهـوى صفوها=لـكن كـما يـهوى الـكلامَ الأبكمُ

وأبــارك الأم الـحـياة لأنـهـا=أمـي وحـظّي مـن جـناها العلقمُ

حـرمـاني الـحـرمان إلا أنـني=أهــذي بـعاطفة الـحياة وأحـلمُ

والـمرء إن أشـقاه واقـع شـؤمهِ=بـالـغبن أسـعده الـخيال الـمنعمُ

وحـدي أعيش على الهموم ووحدتي=بـالـيأس مـفعَمةٌ وجـوي مـفعمُ

لـكـنني أهــوى الـهموم لأنـها=فِـكـرٌ أفـسر صـمتها وأتـرجمُ

أهـوى الـحياة بـخيرها وبشرها=وأحــب أبـناء الـحياة وأرحـمُ

وأصـوغ ( فلسفة الجراح )نشائداًيـشدو بـها اللاهي ويُشجى المؤلَمُ



ودمتم

خالص التحايا والتقدير

يوسف العزعزي
30-08-2004, 01:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وركاتتتتتتتته
احسنتم القول
ودمتم بألف خير

ناصر ثابت
31-08-2004, 04:38 PM
المتنبي أكبر شعراء العربية على الأطلاق، وهو أشهر من أن يُعرف.. لكنني أنصح أخوتي الأعزاء بالقراءة عنه وعن حياته في الرابط التالي:
http://almotanaby.ajeeb.com/motan1.asp
وهناك أيضا تجدون ديوانه كاملا مشروحا ومرتبا وسهل الاستعمال.
القصيدة التالية تتميز بكونها من أصدق ما كتبه هذا الشاعر العملاق.. فلقد زار المتنبي مصر ومدح حاكمها واسمه كافور الاخشيدي.. منتظرا منه أن يوليه أو يجعله قائدا لإقليم أو منطقة.. وهو الطموح الذي لازم المتنبي طوال حياته وجعله يتنقل بين الأمصار..
المتبي في هذه القصيدة يعبر عن الراحة النفسية الشديدة التي تمتع بها حال هروبه من مصر بعد أن أخل كافور بوعده له.. وحبسه في منزله مخافة أن يهرب ويهجوه وهذا ما حصل في القصيدة التالية، حيث كان الهجاء مرا مقذعا وناعتا لكافور بأنه عبدٌ عديم الرجولة.. وهذا هو الواقع:


عيــدٌ بِأيَّـةِ حـالٍ عُـدتَ يـا عِيـدُ = بِمــا مَضَـى أَم لأَمْـرٍ فِيـكَ تجـدِيدُ
أَمــا الأَحِبــةُ فــالبَيَداءُ دُونَهُــمُ = فَلَيــتَ دُونَــكَ بَيْــدًا دونَهـا بِيـدُ
لَـولا العُـلَى لـم تجِبْ بِي ما أَجُوبُ بِها = وَجنــاءُ حَـرْفٌ وَلا جَـرْداءُ قَيـدُودُ
وَكــانَ أطْيَـبَ مِـنْ سـيفِي مَعانَقَـةً = أَشْــباهُ رَونَقــه الغِيــدُ الأَمــالِيدُ
لـم يَـتْرُكِ الدَهْـرُ مِـنْ قَلبي وَلا كَبِدي = شَـــيْئاً تُتَيِّمــهُ عَيْــنٌ وَلا جِــيدُ
يــا ســاقِييَّ أَخَـمرٌ فـي كُؤوسِـكما = أم فــي كُؤُوسِــكُما هَــمٌّ وتَسْـهِيدُ
أَصَخْــرَةُ أَنـا مـا لـي لا تُحِـرِّكُني = هــذي المُــدامُ وَلا هـذي الأَغـارَيدُ
إذا أَرَدْتُ كُــمَيْتَ اللَّــوْنِ صافِيَــةً = وَجَدْتُهـــا وحَــبِيبُ النَفْسِ مَفقُــودُ
مــاذا لَقِيْــتُ مِـنَ الدُنْيـا وأَعْجَبُـهُ = أَنِّــي بِمـا أَنـا شـاكٍ مِنْـهُ مَحسُـودُ
أَمْسَــيْتُ أَرْوَحَ مُــثرٍ خازِنًـا ويَـدًا = أَنــا الغَنِــيُّ وأَمــوالِي المَواعِيـدُ
إِنّــي نَــزَلتُ بِكَــذابِينَ ضَيفُهُــمُ = عَـنِ القِـرَى وعَـنِ التَرحـالِ مِحـدُودُ
جُـودُ الرّجـالِ مـنَ الأَيْـدِي وَجُـودُهُمُ = مــنَ اللِسـانِ فَـلا كَـانُوا وَلا الجـوُدُ
مـا يَقبِـضُ المَـوتُ نَفسًـا مِن نفوسِهِمِ = إِلا وفــي يــدِهِ مِــن نَتَنِهـا عُـودُ
أكُلمــا اغْتَـالَ عَبـدُ السُـوءِ سـيدَهُ = أَو خانَــه فَلَــهُ فـي مصـرَ تَمهيـدُ
صــار الخَـصِي إِمـام الآبِقيـن بِهـا = فــالحُر مســتعبَد والعَبــدُ مَعبُـودُ
نـامَت نواطِـيرُ مِصـرٍ عَـن ثَعالِبِهـا = فقــد بَشِــمْنَ ومـا تَفْنـى العنـاقيدُ
العَبــد ليسَ لِحُــرٍّ صــالحٍ بــأخٍ = لَــو أنـهُ فـي ثيـابِ الحـرِّ مولـودُ
لا تشــتَرِ العَبــد إلا والعَصَـا معـهُ = إِن العَبِيـــدَ لأنجـــاسٌ مَنـــاكيدُ
مـا كُـنتُ أَحسَـبُني أَحيـا إلـى زَمَنٍ = يُسـيء بـي فيـهِ عَبـد وَهْـوَ مَحمودُ
وَلا تَــوهمتُ أَن النــاس قَـدْ فُقِـدُوا = وأًن مِثْــلَ أَبــي البيضـاءِ مَوجـودُ
وأَنَّ ذَا الأَسْــوَدَ المَثْقــوبَ مشْــفَرُهُ = تطِيعُــهُ ذي العَضــارِيطُ الرعـادِيدُ
جَوعـانُ يـأكلُ مِـن زادي ويُمِسـكُني= لِكَــي يُقـالَ عَظِيـمُ القـدرِ مَقصُـودُ
وَيلُمِّهـــا خُطَّــةً وَيلُــم قابلِهــا= لِمِثْلِهــا خُــلِقَ المهريَّــةُ القُــودُ
وعِندَهــا لَـذَّ طَعْـم المـوتِ شـارِبُهُ = إِن المَنِيَّـــةَ عِنْــدَ الــذُلّ قِنديــدُ
مَـن علَّـم الأسـودَ المَخْـصِيَّ مكرُمـة = أَقَومُــهُ البِيــضُ أَمْ آبــاؤهُ الصِيـدُ
أم أُذْنُــه فــي يـدِ النّخَّـاسِ دامِيـةً = أَم قَــدْرهُ وَهــوَ بِالفِلسَـيْنِ مَـردُودُ
أولَــى اللِئــام كُوَيفــيرٌ بِمَعــذِرَة = فـي كُـلِّ لُـؤْم وبَعـض العُـذْرِ تَفنِيـدُ
وَذاك أن الفحــولَ البِيــضَ عـاجِزَة = عـنِ الجَـميلِ فكَـيفَ الخِصْيَـةُ السُودُ

مروان المزيني
06-09-2004, 05:18 PM
أســـاتذتي وأحــبــتي..

مــررت اليوم لكي أشبع عينيّ برؤيتكم ومتابعة أقلامكم الرائعة..

وعندما شـدني هذا المكان برائحته العبقة والتي نشر عبيرها أستاذنا الكبير د. جمال.

آليت إلا أن أشتم عبيركم وأنهل من معينكم وأهيم في روضكم..

ولي اقترح للأستاذ الدكتور الأديب الشاعر : سمير العمري وهو إضافة كلمة ( مدرسة أو جامعة ) قبل اسم الموقع : رابطة الواحة الثقافية. وذلك لتوافر كافة المقومات لذلك.

تقبلوا مني تحيتي واشتياقي الدائم لكم..

محبكم ... أبو مازن ... مروان المزيني.

مبارك إبراهيم العجلاني
11-09-2004, 08:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر المرهف محمود غنيم – رحمه الله
هو شاعر مصري ولد ونشأ في قرية (كوم حمادة) بمحافظة المنوفية في مصر عام 1313هـ ، في هذه البيئة الريفية البكر نشأ محمود غنيم نشأة فطرية بعيدا عن قشور الحضارة الحديثة ، مما كان له أثر في تكوين شخصيته وسلامة فطرته ، فاستوى عوده على مبادئ الإسلام وأخلاق العروبة .
تعليمه :
كان أول تعليمه في الكتاب ، فحفظ القرآن الكريم ودرس العلوم الشرعية والعربية ، ثم التحق بالمعهد الأحمدي الأزهري بطنطا ، ومكث به أربع سنوات ، ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي، ولكن لم يتم دراسته بها ، فالتحق بأحد المعاهد الدينية ونال منه الشهادة الثانوية، وبعد ذلك التحق بمدرسة دار العلوم، وكان ذلك عام 1925م، وتخرَّج فيها عام 1929م.
عمل في التدريس ثم كان مفتشاً للتعليم الأجنبي عام 1946.
عالج الشعر منذ صغره وفاز بعدة جوائز ، وله دواوين منها :صرخة في واد –في ظلال الثورة ، وله مسرحيات ومؤلفات أخرى ، وقيل عنه إنه خليفة حافظ إبراهيم رحمه الله .
وقد كان له موقف من الشعر الحر.
هذا ما استطعت كتابته عن هذا الشاعرالكبير، ومن عنده زيادة فليسعفنا بها .
موقف وقصيدة
زار شاعرنا الأندلس ورأى آثار المسلمين الخالدة كما زار العراق _نسأل الله أن يحررها _ والشام ورأى مآثر الأجداد صورة براقة مشرقة ثم التفت إلى واقع أمتنا المرير فأحدث ذلك هزة عنيفة في نفسه الجياشة فزفرت بهذه الأبيات

مالي وللنجم يرعاني وأرعاهُ = أمسى كلانا يعافُ الغمضَ جفـناهُ
لي فيك يا ليل آهاتٌ أرددها = أُواه لو أجدت المحزون أُواهُ
لا تحسبني محبًا أشتكي وصبًا = أهون بما في سبيل الحب ألقاهُ
إني تذكرت والذكرى مؤرقةٌ = مجدًا تليدًا بأيدينا أضعناهُ
ويْح العروبة كان الكون مسرحها = فأصبحت تتوارى في زواياهُ
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ = تجده كالطير مقصوصًا جناحاهُ
كم صرّفتنا يدٌ كنا نُصرّفها = وبات يحكمنا شعب ملكناهُ
هـل تطلبون من المختار معجزةً = يكفيه شعبٌ من الأجداث أحياهُ
من وحَّد العرب حتى صار واترهم = إذا رأى ولدَ الموتور آخاهُ
وكيف ساس رعاة الشاة مملكةً =ما ساسها قيصرٌ من قبل أو شاهُ
ورحَّب الناس بالإسلام حين رأوا = أن الإخاء وأن العدل مغزاهُ
يا من رأى عمرَ تكسوه بردته = والزيتُ أدمٌ له والكوخُ مأواهُ
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا = من بأسه وملوكُ الروم تخشاهُ
هي الشريعة عين الله تكلؤها = فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
سل المعالي عنا إننا عربٌ = شعارنا المجد يهوانا ونهواهُ
هي العروبة لفظٌ إن نطقت به = فالشرق والضاد والإسلام معناهٌ
استرشد الغربُ بالماضي فأرشده = ونحن كان لنا ماضٍ نسيناهُ
إنّا مشينا وراء الغرب نقبس من = ضيائه فأصابتنا شظاياهُ
بالله سل خلف بحرالروم عن عرب =بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثبٍ = فسائل الصرح أين المجد والجاهُ
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها= عمّن بناه لعل الصخر ينعاهُ
وطف ببغداد وابحث في مقابرها = علّ امرأً من بني العباس تلقاهُ
أين الرشيد وقد طاف الغمام به = فحين جاوزَ بغداداً تحداهُ
هذي معالم خرس كل واحدة = منهن قامت خطيبًا فاغرًا فاهُ
الله يشهد ما قلَّبت سيرتهم = يومًا وأخطأ دمع العين مجراهُ
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أممًا = ونستمد القوى من وحيِ ذكراهُ
لا در در امرئ يطري أوائله = فخراً ويطرق إن سائلته ماهو؟
إنِّي لأعتبرُ الإسلام جامعة = للشرق لا محض ديـنٌ سـنَّهُ اللهُ
أرواحنا تتلاقى فيه خافقة = كالنحل إذ يتلاقى في خلاياهُ
دستوره الوحي والمختار عاهله = والمسلمون وإن شتّوا رعاياهُ
لاهُمَّ قد أصبحت أهواؤنا شيعًا = فامنن علينا براعٍ أنت ترضاهُ
راعٍ يعيد إلى الإسلام سيرتُه = يرعى بنيه وعين الله ترعاهُ
سبق لنا دراسة هذه القصيدة في المرحلة الثانوية ومنذ ذلك الحين وصداها يتردد في نفوسنا إلى يومنا هذا ، ولو لم يكتب إلا هذه القصيدة لكفى
رحم الله شاعرنا الكبير محمود غنيم رحمة واسعة وجزاه عن أمتنا خير الجزاء
وجميع من خدم قضايا أمتنا الإسلامية
آمين

ناصر ثابت
12-09-2004, 04:05 PM
الخيرفي الناس مصنوعٌ اذا جُبروا=و الشرُّ في الناس لا يفنى و إِن قبروا
و أكثر الناس آلاتٌ تحركها=أصابع الدهر يوماً ثم تنكسرُ
فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ=و لا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ
فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها=صوت الرعاة و من لم يمشِ يندثر

* * *
ليس في الغابات راعٍ=لا...و لافيها القطيعْ
فالشتا يمشي و لكن= لا...يُجاريهِ الربيعْ
خُلقَ الناس...عبيداً= للذي يأْبى الخضوعْ
فإذا ما هبَّ... يوماً= سائراً سار الجميعْ
* * *
أعطني النايَ و غنِّ= فالغنا يرعى العقولْ
و أنينُ الناي أبقى=من... مجيدٍ و ذليلْ

* * *


و ما الحياةُ سوى نومٍ تراوده=احلامُ من بمرادِ النفس يأتمرُ
و السرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ=فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ
و السرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ=فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ
فإن ترفعتَ عن رغدٍ و عن كدرِ=جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ


* * *
ليس في الغابات حزنٌ= لا و لا فيها الهمومْ
فإذا... هبّ... نسيمٌ= لم تجىءْ معه السمومْ
ليس حزن النفس الاَّ=ظلُّ...وهمٍ...لا يدومْ
و غيوم النفس تبدو= من...ثناياها النجومْ
* * *
أعطني الناي و غنِّ=فالغنا يمحو المحنْ
و أنين الناي يبقى= بعد أن يفنى الزمنْ

* * *


و قلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما=تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرْ
لذلك قد حوَّلوا نهر الحياة الى=أكواب وهمٍ اذا طافوا بها خدروا
فالناس ان شربوا سُرَّوا كأنهمُ=رهنُ الهوى و عَلىَ التخدير قد فُطروا
فذا يُعربدُ ان صلَّى و ذاك اذا=اثرى و ذلك بالاحلام يختمرُ
فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها=و ليس يرضى بها غير الألى سكروا
فإن رأَيت اخا صحوٍ فقلْ عجباً=هل استظلَّ بغيم ممطر قمرُ


* * *
ليس في الغابات سكرٌ= من مدامِ او خيالْ
فالسواقي ليس فيها=غير اكسير الغمامْ
انما التخدير ُ ثديٌ= و حليبٌ...للانامْ
فاذا شاخوا و ماتوا=بلغوا سن الفطامْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ=فالغنا خير الشرابْ
و أنين الناي يبقى=بعد أن تفنى الهضاب

* * *


و الدين في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ=غيرُ الأولى لهمُ في زرعهِ وطرُ
من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ=و من جهول يخافُ النارَ تستعرُ
فالقومُ لولا عقاب البعثِ ما عبدوا=رباًّ و لولا الثوابُ المرتجى كفروا
كأنما الدينُ ضربٌ من متاجرهمْ=إِن واظبوا ربحوا او اهملوا خسروا


* * *
ليس في الغابات دينٌ= لا و لا الكفر القبيحْ
فاذا... البلبل...غنى= لم يقلْ هذا الصحيحْ
إنَّ...دين الناس يأْتي= مثل ظلٍّ...و يروحْ
لم يقم في الأرض دينٌ=بعد طه و المسيح
* * *
اعطني الناي و غنِّ= فالغنا خيرُ الصلاة
و أنينُ الناي يبقى=بعد ان تفنى الحياةْ


* * *

و العدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا=بهِ و يستضحكُ الاموات لو نظروا
فالسجنُ و الموتُ للجانين إن صغروا=و المجدُ و الفخرُ و الإثراءُ إن كبروا
فسارقُ الزهر مذمومٌ و محتقرٌ=و سارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطر
و قاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ=و قاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ


* * *
ليس في الغابات عدلٌ=لا و لا فيها العقابْ
فاذا الصفصاف ألقى= ظله... فوق الترابْ
لا يقول السروُ هذي= بدعةٌ ضد...الكتابْ
انَّ عدلَ الناسِ ثلجُ= إنْ رأتهُ الشمس ذابْ
* * *
اعطني الناي و غنِ=فالغنا عدلُ القلوبْ
و أنين الناي يبقى=بعد أن تفنى الذنوبْ

* * *


و الحقُّ للعزمِ و الارواح ان قويتْ=سادتْ و إن ضعفتْ حلت بها الغيرُ
ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ=بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا
و في الزرازير جُبن و هي طائرة=و في البزاةِ شموخٌ و هي تحتضر
و العزامُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره=عزمُ السواعد شاءَ الناسُ ام نكروا
فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى=قوم اذا ما رأَوا اشاههم نفروا


* * *
ليس في الغابات عزمٌ=لا و لا فيها الضعيفْ
فاذا ما الأُسدُ صاحت= لم تقلْ هذا المخيفْ
انَّ عزم الناس ظلٌّ= في فضا الفكر يطوفْ
و حقوق الناس تبلى=مثل اوراق الخريفْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ= فالغنا عزمُ النفوسْ
و أنينُ الناي يبقى= بعد أن تفنى الشموسْ

* * *


و العلمُ في الناسِ سبلٌ بأنَ أوَّلها =امَّا اواخرها فالدهرُ و القدرُ
و أفضلُ العلم حلمٌ ان ظفرت بهِ=و سرتَ ما بين ابناء الكرى سخروا
فان رأيتَ اخا الاحلام منفرداً=عن قومهِ و هو منبوذٌ و محتقرُ
فهو النبيُّ و بُرد الغد يحجبهُ=عن أُمةٍ برداءِ الأمس تأتزرُ
و هو الغريبُ عن الدنيا و ساكنها=و هو المهاجرُ لامَ الناس او عذروا
و هو الشديد و إن ابدى ملاينةً=و هو البعيدُ تدانى الناس ام هجروا


* * *
ليس في الغابات علمٌ=لا و لا فيها الجهولْ
فاذا الأغصانُ مالتْ=لم تقلْ هذا...الجليلْ
انّ علمَ الناس طرَّا=كضبابٍ في الحقولْ
فاذا الشمس اطلتْ=من ورا آلافاقِ يزولْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ= فالغنا خير العلومْ
و أنينُ الناي يبقى= بعد أن تطفى النجومْ

* * *


و الحرُّ في الأرض يبني من منازعهِ=سجناً لهُ و هو لا يدري فيؤتسرْ
فان تحرَّر من ابناءِ بجدتهِ=يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ
فهو الاريب و لكن في تصلبهِ=حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ
و هو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ=حتى الى اوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ


* * *
ليس في الغابات حرٌّ= لا و لا العبد الدميمْ
انما الأمجادُ سخفٌ=و...فقاقيعٌ...تعومْ
فاذا ما...اللوز القى= زهره...فوق الهشيمْ
لم يقلْ هذا حقيرٌ= و انا المولى الكريمْ
* * *
اعطني الناي و غني=فالغنا مجدٌ...اثيلْ
و أنين...الناي ابقى=من زنيمٍ و جليلْ

* * *


و اللطفُ في الناسِ اصداف و إن نعمتْ=أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ
فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ=من العجين و أُخرى دونها الحجرُ
و من خفيفٍ و من مستأنث خنثِ=تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ
و اللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ=ان راعهُ وجلٌ او هالهُ الخطرُ
فان لقيتَ قوياًّ ليناً فبهِ=لأَعينٍ فقدتْ ابصارها البصرُ
* * *


ليس في الغابِ لطيفٌ=لينهُ لين الجبانْ
فغصونُ البان تعلو=في جوار السنديانْ
و اذا الطاووسُ أُعطي=حلةً...كالارجوانْ
فهوَ لا يدري أحسنْ= فيهِ ام فيهِ افتتان
* * *
اعطني الناي و غنِّ= فالغنا لطفُ الوديعْ
و أنين الناي ابقى= من ضعيفٍ و ضليعْ

* * *


و الظرفُ في الناس تمويهٌ و أبغضهُ=ظرفُ الأولى في فنون آلاقتدا مهروا
من مُعجبٍ بأمورٍ و هو يجهلها=و ليس فيها له نفعٌ و لا ضررُ
و من عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكاً=في صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُ
و من شموخٍ غدت مرآتهُ فلكاً=و ظلهُ قمراً يزهو و يزدهرُ


* * *
ليس في الغابات ظريف= ظرفهُ ضعف الضئيلْ
فالصبا و هي...عليل= ما بها سقمُ العليلْ
انّ بالانهار طعماً= مثل طعم السلسبيلْ
و بها هولٌ و عزمٌ= يجرفُ الصلدَ الثقيلْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ= فالغنا ظرفُ الظريفْ
و أنين الناي ابقى=من رقيق و كثيفْ
* * *


و الحبُّ في الناس أشكالٌ و أكثرها =كالعشب في الحقل لا زهرٌ و لا ثمرُ
و أكثرُ الحبِّ مثلُ الراح ايسرهُ=يُرضي و أكثرهُ للمدمنِ الخطرُ
و الحبُّ ان قادتِ الاجسامُ موكبهُ=الى فراش من الاغراض ينتحرُ
كأنهُ ملكٌ في الاسر معتقلٌ=يأبى الحياة و أعوان له غدروا
* * *


ليس في الغب خليعٌ=يدَّعي نُبلَ الغرامْ
فاذا الثيران خارتْ=لم تقلْ هذا الهيامْ
انَّ حبَّ الناس داءٌ= بين حلمٍ و عظامْ
فاذا ولَّى شبابٌ= يختفي ذاك السقامْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ= فالغنا حبٌّ صحيحْ
و أنينُ الناي ابقى=من جميل و مليحْ

* * *


فان لقيتَ محباً هائماً كلفاً=في جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُ
و الناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسى=يبغي من الحبِّ او يرجو فيصطبرُ
أَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُ=و ليس في تلك ما يحلو و يعتبرُ
فقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدوا=أنَّى دروا كنهَ من يحيي و ما اختبروا
* * *


ليس في الغابات عذلٌ= لا و لا فيها الرقيبْ
فاذا الغزلانُ جُنّتْ= اذ ترى وجه المغيبْ
لا يقولُ النسرُ واهاً= ان ذا شيءٌ عجيبْ
إنما العاقل يدعى= عندنا الأمر الغريبْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ=فالغنا خيرُ الجنون
و أنين الناي ابقى=من حصيفٍ و رصينْ

* * *


و قل نسينا فخارَ الفاتحينَ و ما =ننسى المجانين حتى يغمر الغمرُ
قد كان في قلب ذى القرنين مجزرةٌ=و في حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُ
ففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْ=و في انكساراتِ هذا الفوزُ و الظفرُ
و الحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُ=كالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ
* * *


ليس في الغابات ذكرٌ=غير ذكر العاشقينْ
فالأولى سادوا و مادوا= و طغوا... بالعالمين
اصبحوا مثل حروفٍ= في أسامي المجرمينْ
فالهوى الفضّاح يدعى= عندنا الفتح المبينْ
* * *
اعطني الناي و غنّ=و انس ظلم الأقوياء
انما...الزنبق كأسٌ= للندى... لا... للدماء

* * *


و ما السعادة في الدنيا سوى شبحٍ=يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً=حتى اذا جاءَهُ يبطي و يعتكرُ
لم يسعد الناسُ الا في تشوُّقهمْ=الى المنيع فان صاروا بهِ فتروا
فإن لقيتَ سعيداً و هو منصرفٌ=عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ
* * *


ليس في الغاب رجاءٌ=لا و لا فيه المللْ
كيف يرجو الغاب جزءا=و عَلىَ الكل حصلْ
و بما السعيُ بغابٍ=أَملاً و هو...الأملْ
انما...العيش...رجاءً= إِحدى هاتيك العللْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ= فالغنا نارٌ و نورْ
و أنين الناي شوقٌ= لا...يدانيهِ الفتور

* * *


و غايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ=فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ
فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ=حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ
كأنما هي...أثمار إذا نضجتْ=و مرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ
و ذا يقول هي الأجسام ان هجعت=لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ
كأنما هي ظلٌّ في الغدير اذا=تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الاثرُ
ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ=تُثوى و لا هي في الارواح تختضرُ
فما طوتْ شمألٌ اذيال عاقلةٍ=الاّ و مرَّ بها الشرقيْ فتنتشرُ
* * *


لم اجدْ في الغاب فرقاً= بين نفس و جسدْ
فالهوا...ماءٌ... تهادى= و الندى...ماءٌ...ركدْ
و الشذا زهرٌ...تمادى=و الثرى زهرٌ...جمدْ
و ظلالُ...الحورِ حورٌ= ظنَّ... ليلاً... فرقدْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ= فالغنا...جسمٌ...وروح
و أنينُ الناي ابقى=من غبوق و صبوحْ

* * *


و الجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِ=حتى البلوغِ فتستعلى و ينغمرُ
فهي الجنينُ و نا يوم الحمام سوى=عهدِ المخاض فلا سقطٌ و لا عسرُ
لكن في الناس اشباحاً يلازمها=عقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُ
فهي الدخيلةُ و الأرواح ما وُلدت=من القفيل و لم يحبل بها المدرُ
و كم عَلَى الارض من نبتٍ بلا أَرجٍ=و كم علا الافقَ غيمٌ ما به مطرُ
* * *


ليس في الغاب عقيمٌ= لا و لا فيها الدخيلْ
إنَّ في التمر نواةً= حفظت...سر...النخيلْ
و بقرص الشهد رمزٌ= عن... فقير و حقولْ
انما... العاقرُ... لفظ=صيغ من معنى الخمولْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ= فالغنا...جسمٌ يسيلْ
و أنينُ الناي ابقى=من مسوخ و نغولْ

* * *


و الموتُ في الأرض لابن الارض خاتمةٌ=و للأثيريّ فهو البدءُ و الظفرُ
فمن يعانق في احلامهِ سحراً=يبقى و من نامَ كل الليل يندثرُ
و من يلازمُ ترباً حالَ يقظتهِ=يعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُ
فالموتُ كالبحر , مَنْ خفّت عناصره=يجتازه , و أخو الاثقال ينحدرُ
* * *


ليس في الغابات موتٌ= لا و لا فيها القبور
فاذا... نيسان... ولىَّ= لم يمتْ معهُ السرورْ
إنَّ هولِ الموت وهمٌ=ينثني طيَّ...الصدورْ
فالذي...عاش... ربيعاً= كالذي عاش الدهورْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ= فالغنا...سرُّ الخلود
و أنين...الناي يبقى=بعد ان يفنى الوجود

* * *

اعطني الناي و غنِّ=وانس ما قلتُ و قلتا
انما... النطقُ...هباءٌ= فأفدني ما... فعلتا
هل تخذتَ الغاب مثلي= منزلاً...دون...القصورْ
فتتبعتَ... السواقي= و تسلقتَ الصخورْ
هل...تحممتَ... بعطرٍ= و تنشقت......بنورْ
و شربت الفجر خمراً= في كؤُوس من اثيرْ
هل جلست العصر مثلي=بين جفنات العنبْ
و العناقيد......تدلتْ=كثريات..... .الذهبْ
فهي للصادي عيونٌ=و لمن جاع...الطعامْ
و هي شهدٌ و هي عطرٌ= و لمن...شاءَ...المدامْ
هل فرشتَ العشب ليلاً=و تلحفتَ... الفضا
زاهداً...في ما سيأْتي= ناسياً ما قد مضى
و سكوت...الليل بحرٌ=موجهُ في مسمعكْ
و بصدر...الليل قلبٌ=خافقٌ في مضجعكْ
اعطني الناي و غنِّ=و انسَ داًْ و دواء
انما...الناس سطورٌ= كتبت...لكن بماء
ليت شعري اي نفعٍ=في اجتماع و زحامْ
و جدالٍ و ضجيجٍ=و احتجاجٍ و خصامْ
كلها... انفاق...خُلدٍ=و خيوط العنكبوتْ
فالذي...يحيا بعجزٍ=فهو في بطءٍ يموتْ
* * *


العيشُ في الغاب و الأيام لو نُظمت=في قبضتي لغدت في الغاب تنتثر
لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ=فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ
و للتقادير سبلٌ لا تغيرها=و الناس في عجزهم عن قصدهم قصروا

ناصر ثابت
12-09-2004, 04:08 PM
**لم يتسع المجال لوضع القصيدة والسيرة الذاتية لجبران معاً.. لذلك كان لا بد من فصلهما**

ولد هذا الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري في 6 كانون الثاني 1883. كان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كميلة رحمة التي كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران وشقيقتيه مريانا وسلطانة .

كان والد جبران راعيا للماشية، ولكنه صرف معظم وقته في السكر ولم يهتم بأسرته التي كان على زوجته كميلة، وهي من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، ان تعتني بها ماديا ومعنويا وعاطفيا. ولذلك لم يرسل جبران إلى المدرسة، بل كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب.

وفي العاشرة من عمره وقع جبران عن إحدى صخور وادي قاديشا وأصيب بكسر في كتفه اليسرى ، عانى منه طوال حياته.

لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر وعدم مبالاة من الوالد، حتى جاء الجنود العثمانيون يوم (1890) والقوا اقبض عليه أودعوه السجن، وباعوا منزلهم الوحيد، فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء. ولكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة هو الهجرة إلى الولايات المتحدة سعيا وراء حياة أفضل.

عام 1894 خرج خليل جبران من السجن، وكان محتارا في شأن الهجرة، ولكن الوالدة كانت قد حزمت أمرها، فسافرت العائلة تاركة الوالد وراءها. ووصلوا إلى نيويورك في 25 حزيران 1895 ومنها انتقلوا إلى مدينة بوسطن حيث كانت تسكن اكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة.
اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران إلى المدرسة، في حين بدأت الوالدة تعمل كبائعة متجولة في شوارع بوسطن على غرار الكثيرين من أبناء الجالية.
بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا، وعندما جمعت الأم مبلغا كافيا من المال أعطته لابنها بطرس الذي يكبر جبران بست سنوات وفتحت العائلة محلا تجاريا. وكان معلمو جبران في ذلك الوقت يكتشفون مواهبه الأصيلة في الرسم ويعجبون بها إلى حد ان مدير المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي لإعطاء دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه أبواب المعرفة الفنية وزيارة المعارض والاختلاط مع بيئة اجتماعية مختلفة تماما عما عرفه في السابق.

كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية، الأدب العالمي وفنون الكتابة المعاصرة والتصوير الفوتوغرافي، ولكنه شدد دائما على ان جبران يجب ان يختبر كل تلك الفنون لكي يخلص إلى نهج وأسلوب خاصين به. وقد ساعده على بيع بعض إنتاجه من إحدى دور النشر كغلافات للكتب التي كانت تطبعها. وقد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا وتقنية خاصين به، وبدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية. ولكن العائلة قررت ان الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر، وانه لا بد ان يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من أجل إتقان اللغة العربية.

وصل جبران إلى بيروت عام 1898 وهو يتكلم لغة إنكليزية ضعيفة، ويكاد ينسى العربية أيضا.

والتحق بمدرسة الحكمة التي كانت تعطي دروسا خاصة في اللغة العربية. ولكن المنهج الذي كانت تتبعه لم يعجب جبران فطلب من إدارة المدرسة ان تعدله ليتناسب مع حاجاته. وقد لفت ذلك نظر المسؤولين عن المدرسة، لما فيه من حجة وبعد نظر وجرأة لم يشهدوها لدى أي تلميذ آخر سابقا. وكان لجبران ما أراد، ولم يخيب أمل أساتذته إذ اعجبوا بسرعة تلقيه وثقته بنفسه وروحه المتمردة على كل قديم وضعيف وبال.

تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة" وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده. وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه بتفوق واضح في العربية والفرنسية والشعر (1902). وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته، فيما كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى أسوأ فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن، ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة اشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال بعض الخلايا السرطانية. فيما قرر شقيقه بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا. وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة المادية والصحية. ولكن المآسي تتابعت بأسرع مما يمكن احتماله. فما لبث بطرس ان عاد من كوبا مصابا بمرض قاتل وقضى نحبه بعد أيام قليلة (12 آذار 1903) فيما فشلت العملية الجراحية التي أجرتها الوالدة في استئصال المرض وقضت نحبها في 28 حزيران من السنة نفسها.

وأخيرا قدمته جوزفين (الفتاة الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على وشك الزواج في ذلك الحين) إلى امرأة من معارفها اسمها ماري هاسكل (1904)، فخطّت بذلك صفحات مرحلة جديدة من حياة جبران.

كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في حياته منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول الكتابة بالإنكليزية، بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك. فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة. وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية في الصحف أولا ثم يجمعها ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه على الكتابة مباشرة بالإنكليزية.

عام 1908 غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة في بيروت يوسف الحويك. ومكث في باريس ما يقارب السنتين ثم عاد إلى أميركا بعد زيارة قصيرة للندن برفقة الكاتب أمين الريحاني.

وصل جبران إلى بوسطن في كانون الأول عام 1910، حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقفة.

وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته . وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم.

سنة 1923 نشر كتاب جبران باللغة الإنكليزية، وطبع ست مرات قبل نهاية ذلك العام ثم ترجم فورا إلى عدد من اللغات الأجنبية، ويحظى إلى اليوم بشهرة قل نظيرها بين الكتب.

بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه " الأجنحة المتكسرة". وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم انهما لم يلتقيا أبدا.

توفي جبران في 10 نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان. وقد نقلت شقيقته مريانا وماري هاسكل جثمانه إلى بلدته بشري في شهر تموز من العام نفسه حيث استقبله الأهالي. ثم عملت المرأتان على مفاوضة الراهبات الكرمليات واشترتا منهما دير مار سركيس الذي نقل إليه جثمان جبران، وما يزال إلى الآن متحفا ومقصدا للزائرين.

مؤلفاته بالعربية: الأرواح المتمردة ، الأجنحة المتكسرة، دمعة وابتسامة، المواكب.
بالإنكليزية: المجنون، السابق، النبي، رمل وزبد، حديقة النبي ... وغبرها


منقول بتصرف من الرابط التالي:
http://www.arabworldbooks.com/authors/gibran.htm

عبد الوهاب القطب
22-09-2004, 09:12 PM
اخي الحبيب

المبدع ناصر

شكرا على وضع هذه الرائعة لجبران

التي هي من أروع ما قرأت من الشعر

تحياتي وحبي

المخلص

ابو يوسف

د.جمال مرسي
28-09-2004, 08:10 AM
سميح القاسم

سميح القاسم ، من أبرز شعراء فلسطين والعرب في العصر الحديث . مقيم في الرّامة الجليليـّة . له ما ينيف عن الـ 50 عملاً شعريا ونثريا . رئيس "الاتحاد العام للكتاب العرب" في الدّاخل . محرّر أسبوعية "كلّ العرب" وفصلية "إضاءات

و القصيدة هي بغداد





بايَعتُ عيدَكِ، واستثنيتُ أعيادي=مُستشرِفاً غدَ أبنائي وأحفادي
وكانَ نذري دمي قُربانةً سَنَحَتْ=على مذابحِ آبائي وأجدادي
وقُلتُ لاسمك (كُن رؤيا) فصارَ رؤىً=لطارفِ المجدِ موصولاً بأتلادِ
وأنتِ ما أنتِ عبّاسيّةٌ ملكتْ =شمسَ الشموسِ بتاجِ اللهِ والضّادِ
ووزّعتْ نورَها في كلِّ غاشيةٍ=من الظَّلامِ بمشكاةِ الدمِ الهادي
وشعَّ قرطاسُها روحاً ومعرفةً=على العوالمِ من خافٍ الى بادِ
هُنا المنابرُ من عُربٍ ومن عَجَمٍ=هُنا المنائرُ هَدْيُ الرائحِ الغادي
أصابعُ الناس أقلامٌ وأَحرُفُهم=بَوْحُ اللغاتِ بحُلم الصابيءِ الصّادي
من المشارقِ أسفارٌ مذهَّبةٌ=إلى المغاربِ مرصاداً لمرصادِ
ودجلةٌ عَسَلٌ تغري لذائذُهُ=سمنَ الفراتِ بنحلٍ بين أَورادِ
وللنخيل عيونُ التَّمرِ شاخصةً=لسومرٍ بابلٍ آشورَ أَكّادِ
ليعرب جامحٍ شدَّت نوازعَهُ=بوّابةُ الشرقِ أمداءً لآمادِ
فللخيولِ صهيلٌ عبر أورمية=وللسيوفِ صليلٌ خلفَ أَروادِ
( والأطلسيُّ يُعيدُ الوصفَ للهادي)
مصاحفٌ ورماحٌ للمدى نشرتْ=إيمانها النورَ في أسدافِ إلحاد
وشرَّعتْ علماً واستنهضتْ أُمماً=وأشهرتْ قلماً في وجهِ جلاّدِ
وللقصائد كوفيٌّ يتيهُ بها=وكم تتيهُ إذا قالوا: من الشادي؟
وشهرزادُ صلاةُ الليل حكمتُها=لخدِّها طالما حنَّتْ مخدَّتُها
(وشهريارُ لإبراقٍ وإرعادِ)
وأنتِ كاهنةَ الإلهامِ شاهدةٌ=على بدائع أمثالٍ وأضْدادِ
كنوزُ كفَّيكِ أمجادٌ مخلَّدةٌ=زكاتُها رَدْفُ أمجادٍ بأمجادِ
أعلى الرشيدُ صروحَ العلمِ وانكفأَتْ=على المبعثَرِ من علمٍ وإِرشادِ
وملءَ نهريكِ حبرُ الروحِ سالَ دماً=وسالَ حبراً دمي في بحر أحفادِ
وكنتِ ما كُنتِ من حُرٍّ لطاغيةٍ=عبرَ العصورِ وعُبداناً لأسيادِ
تداولتْك صروفُ الدهر عاصفةً=ورنَّحتْكِ كفوفُ الشرِّ خاطفةً
(وطوَّحتُكِ من الجزّارِ للفادي)
ومن أَساورِ عزٍّ غرَّدتْ ذَهَباً=إلى شُفوفِ حريرٍ زغردتْ طَرَباً
(إلى مذلَّةِ أغلالٍ وأصفادِ)
وللمغولِ زحوفٌ لا لجامَ لها=وللتتارِ سيوفٌ دونَ أغمادِ
وللعلوجِ من الأجلافِ زعنفةٌ=تبدَّلُ الحالَ إفساداً بإفسادِ
وأنت عاريةٌ في السِّجنِ داميةٌ=وأنتِ كابيةٌ في القيد باكيةٌ
(والقهقهاتُ لأوباشٍ وأوغاد)ِ
ما أَنجدتْ يَمَناً قيسٌ ولا ذرفتْ=ثمودُ دمعةَ محزونٍ على عادِ
والأَهلُ أَهلك لم تنبِسْ لهم شفةٌ=بغيرِ صمتٍ لدى أجراس حُسّادِ
لِمَ ازدهرِت وبيدُ الشرقِ قاحلةٌ=وكيفَ صار حريراً ثوبُ لُبّادِ؟
وما نهوضُكِ والأجفانُ مغمِضَةٌ=على الرمال، وماذا صوتُكِ الحادي؟
وما طموحُكِ والآمالُ خائبةٌ=وما صعودُكِ والأعرابُ في الوادي؟
يا حرَّةً لوَّثَ الطاغوتُ زَهْوَتَها=ومُهرةً دنَّسَ الكابوي صَهْوَتَها
(ما العيشُ في موتِ فُرسانٍ ورُدّادِ؟)
لكِ الأجانبُ أسياداً متى رغبوا=وكمْ يجانِبُ من أهلٍ وأَولادِ
تفرَّقوا شِيَعاً وافرنقَعوا زُمَراً=وأسْرَفوا عبثاً في شِحِّ إرفادِ
ولا تُجَمِّعُهُم في الويل جامعة=نادي عليهم إذن يا أُختَهُم نادي!
وصاحبُ الجاه في مستنقَعٍ نَتِنٍ=يتيهُ بالجاهِ فيما يسخَرُ النادي
عليهِ من حُلَلِ الأشباهِ ضافيةٌ=ودأبُهُ الرقصُ مشدوداً بأوتادِ
وحين يخطبُ فالأقوالُ في وادِ=وحين يفعلُ فالأفعالُ في وادِ
حصانُ طُروادةٍ صالونُ منزلِهِ=وكعبُ آخيلَ في جيشٍ وقُّوّادِ
وصاحبُ الجاه رَخْوٌ حين تَصفَعُهُ=كفُّ الغريبِ وفينا كابنِ شدَّادِ!
وأيُّ جاهٍ نجا من جاه عِصْمَتِهِ=وحولَهُ حَشْدُ أزلامٍ وأكْدادِ
جزَّ الرقابَ فلم يُشبعْ هوايتَهُ=جزُّ النواصي وتعليقٌ بأعوادِ
واستصغَرَ الخلقَ معتدّاً بسطوتِهِ:=لم يخلقِ اللهُ أمثالي وأندادي!
***
بغدادُ بغدادُ حُبِّي قاتلي فمتى=يُتيحُ حُبُّكِ تَكْفيني وإلحادي؟
في الكاظميَّةِ لي شمسٌ أُغازلُها=وفي الرَّصافةِ شُبّاكٌ لإنشادي
وشاغِلي رَصْدُ أَنقاضي مُبعثَرَةً=في راحلينَ عن الدنيا وأَوفادِ
غرستُ في تربة الأحزانِ لي أملاً=وما سوى الحزن إصداري وإيرادي
يُقتَّرُ الدَّهرُ في حظِّي وفي هِبَتي=وحظُهُ من هِباتي جودُ أَجوادِ
وللفراتِ أَبٌ قبلي قَضى وَجَعاً=في مَنْفَيينِ بلا صَخْبٍ وَعُوّادِ
بريدُ غُربتِهِ في غُربتيهِ بكى=رسائلَ البينِ من بُعدٍ لأبعادِ
بَدَّلتِهِ جسداً صَلصالَ طاغيةٍ=ومن يُبدِّلُ أرواحاً بأجسادِ؟
وأنت من سَلَف أودى به خَلَفٌ=وكم شقيتِ وكم حاولتِ إسعادي
وأنتِ لي أنتِ لي آتيكِ مُبتهلاً=دربي تُرابٌ فلم أَطمعْ بسجّادِ
وأنتِ زادي على بُخل الحياةِ وفي=عَسْفِ المجاعةِ يا بوركتِ من زاد
وخُبزُ روحِيَ في كفَّيكِ مُختمِرٌ=وماءُ عينيَّ من بستانِك النادي
وأنتِ ملهمتي من قبل مُلهمتي=لتَمْرِ عينيك تَرْتيلي وتَرْدادي
ومن شناشيلكِ اصطادَ الشَّجا كَلِماً=صاحتْ لآلئُهُ: بوركتَ صَيَّادي!
وصِحتُ من وجعٍ في القُدسِ يُشعِلُهُ=أنّي استغثتُ فغضَّ السَّمع نُجَّادي
وجُرحُك الحيُّ من جُرحي ومُعتَصمي=لا يستجيبُ وغضَّ الطَّرفَ أشهادي
وكم عَدَدْتُ ملاييناً لها نَسَبي=فلَم تُقِلْني حساباتي وأعدادي
وَكَمْ أَرِقْتُ على نومٍ يُحاصرني=خلفَ الحصارِ وكَمْ أَرَّقتُ جَلاّدي
ويعلمُ اللهُ لم أُغمضْ على مَضَضٍ=عينَ الكفاحِ ولا أَخلفتُ ميعادي
قَصَدْتُ وجهكِ مسكوناً بمحنتِهِ=وخابَ قصدي وما خيَّبتُ قُصّادي
منّي التقرُّبُ للمحبوبِ محتسباً=شرورَ صدّي وإفرادي وإبعادي
ويذبُلُ الحبُّ مأسوراً ونُضرتُهُ=طَلْقاً تدومُ إلى آبادِ آبادِ
وأينَ قلبُكِ من كفٍّ تُهدهدُهُ=ودونَهُ مِبضعٌ في كفِّ فَصّادِ
تقودُهُ طغمةٌ للباطشين بِهِ=وكان قلبكِ حرّاً غير مُنقادِ
شبعتِ أَسراً وإذلالاً وتضحيةً=ولافتدائكِ قلبي غارثٌ صادِ
ومن نعيم الهدى علماً وعافيةً=إلى جحيم الرَّدى في قبضةِ العادي
بغدادُ بغدادُ ناري ألفُ لاهبةٍ=وبين جنبيَّ قلبٌ أَلفُ وَجَّادِ
أَأَستعيدُ بما أسلفتِ خارطتي=وهل أُجدِّدُ باسم اللهِ ميلادي؟
وأنتِ ما أنتِ عَبَّاسِيَّةٌ سُبِيَتْ=بغدادُ أنتِ ولكن أين بغدادي؟!
( وأنتِ بغدادُ..لكن أينَ بغدادي؟ )

ناصر ثابت
05-10-2004, 07:15 AM
أحمد شوقي (1868-1932): شاعر مصري لقب بـ"أمير الشعراء". ولد في القاهرة ودرس الحقوق في مصر وفرنسا. عاد إلى مصر وعينه الخديوي في حاشيته. نفاه الإنكليز إلى إسبانيا بعد احتلالهم لمصر وبقي فيها 6 سنوات حتى عام 1920. جمع أشعاره في ديوان "الشوقيات" وكتب بعض المسرحيات. كتب عن دمشق وسورية ثلاث قصائد، أشهرها "سلام من صبا بردى" التي كتبها في نكبة دمشق إثر العدوان الفرنسي 1925، و"قم ناج جلق" التي تعد من أجمل ما قيل في دمشق.



نَكْبَةُ دِمَشْق


ســلامٌ مــن صَبــا (بَرَدَى) أَرقُّ= ودمــعٌ لا يُكَفْكَــفُ يــا دِمَشْــقُ
ومعـــذِرة اليَرَاعـــةِ والقــوافي= جـلالُ الـرُّزْءِ عـن وَصْـفٍ يَـدِقُّ
وذكــرى عــن خواطرِهـا لقلبـي = إِليـــكِ تلفُّـــتٌ أَبــدًا وخَــفْقُ
وبــي ممــا رَمَتْــكِ بـهِ الليـالي= جراحــاتٌ لهـا فـي القلـب عُمْـقُ
دخــلتكِ والأَصيــلُ لــه ائـتلاقٌ = ووجــهُك ضـاحكُ القسـماتِ طَلْـقُ
وتحــتَ جِنــانِك الأَنهـارُ تجـري= ومِــــلْءُ رُبـــاك أَوراقٌ ووُرْقُ
وحــولي فتيــةٌ غُــرٌّ صِبــاحٌ = لهــم فـي الفضـلِ غايـاتٌ وسَـبْقُ
عــلى لهــواتِهم شــعراءُ لُسْــنٌ = وفــي أَعطــافِهم خُطبــاءُ شُـدْقُ
رُواةُ قصــائِدي, فــاعجبْ لشــعرٍ= بكـــلِّ محلَّـــةٍ يَرْوِيــه خَــلْقُ
غَمــزتُ إِبــاءَهم حــتى تلظَّـتْ = أُنــوفُ الأُسْــدِ واضطـرَم المَـدَقُّ
وضــجَّ مــن الشّـكيمةِ كـلُّ حُـرٍّ = أَبِــيٍّ مــن أُمَيَّــةَ فيــه عِتْــقُ
لحاهـــا اللــهُ أَنبــاءً تــوالتْ =عــلى سَــمْعِ الــوليِّ بمـا يَشُـقُّ
يُفصّلهـــا إِلــى الدنيــا بَرِيــدٌ =ويُجْمِلُهــا إِلــى الآفــاق بَــرْقُ
تكــادُ لروعــةِ الأَحــداثِ فيهــا = تُخـالُ مـن الخُرافـةِ وَهْـي صِـدْقُ
وقيــل: معــالمُ التــاريخ دُكَّــت = وقيــل: أَصابهــا تلــفٌ وحَـرقُ
أًلسـتِ - دِمَشـقُ - للإِسـلام ظِـئْرًا = ومُرْضِعَـــةُ الأُبُـــوَّةِ لا تُعَــقُّ?
صــلاَحُ الـدين; تـاجُك لـم يُجَـمَّل = ولــم يُوسَــم بــأَزين منـه فَـرْقُ
وكـلُّ حضـارةٍ فـي الأَرض طـالتْ = لهــا مـن سَـرْحِكِ العُلْـوِيِّ عِـرْقُ
سـماؤكِ مـن حُـلَى المـاضي كتـابٌ = وأَرضُــك مـن حـلى التـاريخ رقُّ
بنيْــتِ الدولــةَ الكــبرى ومُلْكًــا = غبـــارُ حضارتَيْـــه لا يُشَـــقُّ
لـــه بالشــامِ أَعــلامٌ وعُــرْسٌ = بشــــائرُه بــــأَندلُسٍ تـــدَقُّ
ربـاعُ الخـلدِ - وَيْحَـكِ - ما دَهاها? = أَحــقٌّ أَنهــا دَرَســتْ? أَحَــقُّ?
وهــل غُـرَفُ الجِنـانِ مُنضَّـداتٌ?= وهــل لنعيمهــن كــأَمِس نَسْـقُ?
وأَيـن دُمَـى المقـاصِر مـن حِجـالٍ= مُهَتَّكَــــةٍ, وأَســـتارٍ تُشَـــقُّ
بَــرزْنَ وفـي نواحـي الأَيْـكِ نـارٌ= وخَــلفَ الأَيــكِ أَفــراخٌ تُــزَقُّ
إِذا رُمْــنَ الســلامةَ مــن طـريق= أَتــتْ مــن دونـه للمـوت طُـرْق
بلَيْــــلٍ للقـــذائفِ والمنايـــا = وراءَ ســمائِه خَــطْفٌ, وصَعْــقُ
إِذا عصــفَ الحــديدُ; احْـمَرَّ أُفْـقٌ= عــلى جنباتِــه, واسْــوَدَّ أُفْــقُ
سَــلِي مَـنْ راعَ غِيـدَك بعـدَ وَهْـنٍ = أَبيْــن فــؤادِه والصخــرِ فَـرْقُ?
وللمســـتعمرِين - وإِن أَلانـــوا- = قلـــوبٌ كالحجـــارةِ, لا تَــرِقُّ
رمــاكِ بطَيْشِــه, ورمـى فرنسـا= أَخـو حـربٍ, بـه صَلَـفٌ, وحُـمْقُ
إِذا مــا جــاءَه طُــلاَّبُ حَــقٍّ =يقــول: عصابــةٌ خرجـوا وشَـقُّوا
دَمُ الثُّـــوارِ تعرفُـــه فرنســـا = وتعلـــم أَنـــه نـــورٌ وحَــقُّ
جــرى فــي أَرضِهـا, فيـه حيـاةٌ= كمُنْهَـــلِّ الســماءِ, وفيــه رزقُ
بـــلادٌ مـــاتَ فِتْيَتُهــا لِتحْيــا = وزالـــوا دونَ قـــومِهمُ ليبقُــوا
وحُــرِّرَت الشــعوبُ عـلى قَناهـا = فكــيف عــلى قناهــا تُسْـتَرَقُّ?
بنــى ســورِيَّةَ, اطَّرِحـوا الأَمـاني = وأَلْقُــوا عنكــمُ الأَحــلامَ, أَلْقُـوا
فمِــنْ خُــدَعِ السياسـة أَن تُغَـرُّوا= بأَلقـــاب الإِمـــارةِ وهْــيَ رِقُّ
وكــم صَيَـد بـدا لـك مـن ذليـل = كمــا مـالت مـن المصلـوب عُنْـقُ
فُتُــوق الملـكِ تَحْـدُثُ ثـمّ تمضـى= ولا يمضـــي لمخـــتلفِين فَتْــقُ
نَصَحْــتُ ونحــن مخــتلفون دارًا= ولكــنْ كلُّنــا فــي الهـمِّ شـرقُ
ويجمعنـــا إِذا اخـــتلفت بــلادٌ = بيــانٌ غــيرُ مخــتلفٍ ونُطْــقُ
وقفتــم بيــن مــوتٍ أَو حيــاةٍ = فــإِن رمْتـم نعيـمَ الدهـر فاشْـقُوا
وللأَوطــانِ فــي دَمِ كــلِّ حُــرٍّ = يَـــدٌ ســلفتْ وديْــنٌ مُســتحِقُّ
ومــن يَســقي ويَشــربُ بالمنايـا = إِذا الأَحــرارُ لـم يُسـقَوا ويَسـقُوا?
ولا يبنـــي الممــالكَ كالضحايــا = ولا يُـــدني الحــقوقَ ولا يُحِــقُّ
ففـــي القتــلى لأَجيــالٍ حيــاةٌ = وفـي الأَسْـرَى فِـدًى لهمـو وعِتْـقُ
وللحريـــةِ الحـــمراءِ بـــابٌ = بكـــلِّ يَـــدٍ مُضَرَّجَــةٍ يُــدَقُّ
جــزاكم ذو الجــلالِ بنـى دِمَشـقٍ = وعــزُّ الشــرقِ أَوَّلُــهُ دِمَشْــقُ
نصــرتم يــومَ مِحنتــهِ أَخــاكم = وكــلُّ أخٍ بنصــرِ أَخيــه حــقُّ
ومــا كــان الــدُّروزُ قَبِيـلَ شـرٍّ = وإِن أُخِــذوا بمــا لــم يَسـتحِقُّوا
ولكـــنْ ذادَةٌ, وقُـــراةُ ضيــفٍ = كينبــوعِ الصَّفــا خَشُــنوا ورَقُّـوا
لهــم جــبلٌ أَشــمُّ لــه شـعافٌ = مـوارد فـي السـحاب الجُـونِ بُلْـقُ
لكـــلِّ لَبــوءَةٍ, ولكــلِّ شِــبْلٍ = نِضـــالٌ دونَ غايتِـــه ورَشْــقُ
كــأَن مِــن السَّـمَوْءَلِ فيـه شـيئًا= فكــلُّ جِهاتِــه شــرفٌ وخــلْقُ