مشاهدة النسخة كاملة : حِكَايَةٌ تُرْوَىَ بِلَيْل
أحمد عيسى
17-07-2011, 11:43 PM
عندما جاءني مسرعاً ، يرتجف من البرد ، جلس بجواري ، يحاول أن يلتصق بي ، لكأنه يريد أن يحتضنني ، أن يقفز فجأة ، ليصير داخلي فأحتويه ، علني أزيل عنه بعض ما يشعر به ، أو أخفف بعضاً من مصابه .
كان يطعمني ، يراقب اشتعالي فينقلب على انكماشه ، كأنه يزداد قوة كلما ازددت أنا ، لما هدأ ، جاء بمظروف صغير ، فضه عنوة ، حتى كاد يمزق ما داخله أيضاً ، أخرج ورقة صغيرة وصار يقرأ ، وملامح وجهه تعبس مرة أخرى ،والرجفة تعود لأوصاله ، فيعود إلي ليطعمني أكثر ، يرجو قوة من قوتي ، أو بعضاً من دفئي ، يعتصر الورقة الصغيرة بيده ، ويدندن بلحن شعبي :
يما مويليا .. ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا
ينظر للسقف المحطم ، الذي تبدو النجوم منه ، بارزة قريبة يحسبها ستهوي فجأة لتسحقه ومنزله تحت ثقلها ، كنت أسميها باسمك ، تلك النجوم ، كلها كانت عندي مريم ، كلها لحنتها قصائد غزل وألقيت بها تحت أقدامك يوما ، علك ترضين ، علك تصفحين عن فقري وقلة حيلتي ، آه يا أنتِ كم عذبتني بفراقك .
ذهب عني ، وهو يحدث نفسه، ابتعد قليلاً ، حيث جهاز التليفون العتيق ، ضرب رقمها وانتظر ، وعندما سمع الاسم صرخ ، نادى باسمها بأعلى صوت يملكه ، كأنها تضيع منه ، تحسبها تسقط في بئر عميقة ، فيمد حبال صوته تستغيث بها ، لتتعلق بصدى صوته فتعود ..
ثم أنه استشاط غضباً ، ضرب الهاتف بقدمه فأسقطه من فوق "الترابيزة" الصغيرة التي يستقر عليها .
بالخارج كان صوت يقترب ، السيارة القديمة التي تحسبها قادمة من فيلم تاريخي ، تتوقف أمام المنزل ، يدخل صاحبها على عجل ، فيشاهد صاحبنا وقد احتضنته الأرض مع هاتفه ، تشاركا السقوط حين هوى مع هاتفه إذ تعثر بسلكه القصير ، يجد المنظر المضحك ، فلا يهتم بدموع أخيه التي نزفت ، بطيئة غير مرئية إلا للمدقق ، فيقول :
- أظنك ما تفعل في حياتك إلا أن تماطل ، تعلم يا أخي أني بحاجة للمنزل ، ولم تخله سيادتك حتى الآن.
أراه ينظر لأخيه بعينٍ لم تعد تحتمل أكثر ، ينفجر بصوتٍ أراده صراخاً ، فخرج متحشرجاً ضعيفاً :
- إن هذا المنزل لي ، عقد المنزل يقول هذا ، ألم يرضك والدي بما تريد وأكثر ، ألم يترك لك "الديوان" ودكان العطارة فقلبت الدكان محلاً لملابس النساء ، وديوان العائلة لمنزل صيفي ، ماذا تريد أكثر يا حسن ؟
كان يتحدث مرتجفاً، وهو يخرج من طيات ملابسه عقداً قديماً مهترئاً ، تناوله حسن بيده بسرعة خاطفة ، ورماه لي ، وانصرف .
وددت لو كففت ألسنتي ، وددت لو منعت نفسي ، لو كبلتها ، فلا أطال هذه الورقة ، فلم أستطع ، غير أني هدأت قليلاً ، حين مرت بعباءتها السوداء أمامي ، وجدت الباب موارباً فدخلت ، وجَدَتْه يستند إلى الجدار ، كأنه يخاف أن يسقط ، هو أو الجدار لم تعرف الفرق ، كأنهما يستندان لبعضهما ، فلا يود أحدهما الفراق .
شالها يغطي نصف شعرها ، تبدو الشمس كأنها جمعت كل جمالها في خصلات ذهبية وأهدتها إلى مريم ..
كأن الحياة اختصرت جمالها سراً أودعته في عينيها ، وسحراً وزعته في ثناياها ، فكل نظرة منها حكاية ، وكل همسة قصيدة ، احتضنته ، مررت يدها على شعره في حنو :
- ما بالك يا صغيري ، ألم نتفق على فراق هادئ ؟ ما بالك كأنك طفلي ولا عيش لك دوني
دفن رأسه قليلاً في صدرها ، صوته متهدج كأنه ينوح ، ثم أن نواحه تحول إلى ثورة إذ هتف فجأة :
- لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ..
تنظر له في دهشة ، مستغربة سلوكه المفاجئ ، فيدفعها ، وهي تقاوم ، يلطمها على وجهها ، فلا تصدق ما تراه ، يتغلب حيناً عليها ، وتقترب هي من الهروب حيناً آخر ، يحاول أن يعتصرها بيديه ، فتقاوم وتستكين ، تضربه وتحضنه ، تدفعه وتجذبه ..
تسرقهما الغرفة الوحيدة ، تخبئهما عني ، فأزداد اشتعالاً كأني أريد أن أبلغ مدىً ليس لي ، لأرى ما لم يعد بإمكاني أن أراه ، أسمع الصوت فلا أميز الآه عن الأخرى ، ولا أعرف متى يكفان ..
جاءني هو أولاً ، يلهث كأن الدنيا كلها كانت تطارده ، يرمي برسالتها إلي ، يريد أن أبتلع كلمات الفراق وحدي ، وأن أظل بعدهما وحدي ، يربط أزرار قميصه ، يخرج من الباب تاركاً مريم ، تخرج وقد سقط شالها عن شعرها فبدا كأنه خاض معركة ، جسدها يرتجف ، نشوة أم انفعالاً لم أعد أعرف الفرق ، جلست قربي ، التصقت بي ، نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها ، ألمها وذنبها ، مطرقة رأسها نحوي ، وقد أدارت ظهرها له ، لعالمه ، لصمته وثورته ..
جاءتني ..
تقتلني بدموعها
حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها .
عبدالرحمان بن محمد
18-07-2011, 01:15 AM
جكاية بدون نهاية، تبد أ أحداثها به، وما إن تقترب من النهاية حتى تبدأ بداية ثانية مع السارد هذه المرة..
قصة مليئة بالتعبيرات العميقة، والتشبيهات الدقيقة، والمشاعر المتناقضة،...
استمتعت حقا بقرائتها..
أسعدك ربي
كاملة بدارنه
18-07-2011, 12:39 PM
هي حكاية تروى بليل يمتص ظلامه جشع النّهار؛ ليروي أحداث تلك الحكاية...
قصّة تعكس رغبة الإنسان في الامتلاك الماديّ والعاطفيّ، والتّأرجح في أرجوحة الرّغبات... صوّرت أحداثها هذه الرّغبة التي تحكم الإنسان في حياته، وهو المدرك أن لا ملك يبقى في يديه ذات يوم... بلغة معبّرة وجاذبة وحبكة قويّة
بورك الفكر والقلم أخ أحمد
تقديري وتحيّتي
(همسة: بئر عميقة)
للتّثبيت
أملا في انتزاع رغبة التّملك غير المحدودة في قلوب البشر
ربيحة الرفاعي
26-07-2011, 10:17 PM
فكرة عميقة ومعالجة قصصية حذقة بلغة ثرة وسرديّة متمكنة أمسكت بخيوط الموضوع وسلطت إضاءتها على مظاهر الجشع والنزوع للتملك المطلق والرضوخ لجموع الرغبة والاحتكام للانفعال اللحظي
قصة رسمت الوجه البشع للنفس الانسانية وصراعاتها في كل اتجاه بنفس الوقت
وبين ان يقع عليها الظلم أو توقعه على غيرها
ترتسم الحداث
حبكة قوية وحوار عميق
كانت هذا من روائعك
دمت بألق
أحمد عيسى
10-08-2011, 07:17 PM
جكاية بدون نهاية، تبد أ أحداثها به، وما إن تقترب من النهاية حتى تبدأ بداية ثانية مع السارد هذه المرة..
قصة مليئة بالتعبيرات العميقة، والتشبيهات الدقيقة، والمشاعر المتناقضة،...
استمتعت حقا بقرائتها..
أسعدك ربي
الفاضل : أ عبد الرحمن بن محمد
السارد مختلف هذه المرة ، والحكاية تبدأ ليلاً حين تصير الحاجة اليه ضرورة
أسعدني سبق مرورك
شكراً لك
نداء غريب صبري
10-08-2011, 10:16 PM
يا الله
مما اجمل القصة ومما أعمق طرحها في استسلام الأبطال هنا لرغباتهم
شكرا لك اخي
بوركت
خليل حلاوجي
11-08-2011, 10:28 PM
النص ينتمي الى دهشة الواقعية
القاص مندهش
بطل القصة كذلك
القارئ كذلك
اللفتة الذكية عندما رسم القاص نزوع بطله لاستهلاك الميراث ( وهو هنا بيت سقفه مهدد بالسقوط / جسد خسر دفئ الحياة / علاقة أخوة تهشمها ورقة مبايعة ...وغيرها )
النزوع الاستهلاكي اوصل البطل الى لحظة تحدي فهو خسر كل شئ جراء تعلقه بالنساء ليضعنا القص في لحظة فصلة عندما نجح البطل في الثأر من ذاته المحطمة ليحطم النساء ويشد ازرار قميصه بعد معركة تأوهات .. لفتة أخرى ذكية
هذا النص متخم بالسردية المغلفة بحوارية فلسفية تفضح تناقضات الانسان العربي حين ضاعت ارادته وبيته وفشل في ادارة وتقرير مصيره
منتهى الروعة
لكن
١/القاص وقع في حشر بعض الالفاظ العامية
٢/ ولم يتقن الحبكة مما اضطره لابقاء النهاية مفتوحة
٣/ الشال مذكر ام مؤنث
/
قلبي سعيد بتواجده هنا
اشكرك
ايها الاديب الاريب
نادية بوغرارة
11-08-2011, 11:54 PM
ألِفْتُ فيما قرأت لك ، الحديث عن الأرض و الإنسان ،
و أنت هنا تأتي بهما معا ، في حكاية تُروى بليل ، لعل الليل يستر عارها و ظلمها و ذلّها .
كنتَ هنا ماهرا ، و كنتُ هنا أكرر القراءة ، و أحاول أن أصل للفكرة ..
تستحق القصة أن نقف على مشاهدها ، نسلط عليها ضوء النهار ، لنشهد / نُشاهد آثارها .
الأخ القاص المتألق أحمد عيسى ،
دمتَ و قلمك .
أحمد عيسى
13-08-2011, 07:52 PM
هي حكاية تروى بليل يمتص ظلامه جشع النّهار؛ ليروي أحداث تلك الحكاية...
قصّة تعكس رغبة الإنسان في الامتلاك الماديّ والعاطفيّ، والتّأرجح في أرجوحة الرّغبات... صوّرت أحداثها هذه الرّغبة التي تحكم الإنسان في حياته، وهو المدرك أن لا ملك يبقى في يديه ذات يوم... بلغة معبّرة وجاذبة وحبكة قويّة
بورك الفكر والقلم أخ أحمد
تقديري وتحيّتي
(همسة: بئر عميقة)
للتّثبيت
أملا في انتزاع رغبة التّملك غير المحدودة في قلوب البشر
الفاضلة : كاملة بدارنة
سعيد جداً بك ، وفخور بتثبيتك نصي المتواضع ، شاكر لك هذا الكرم
الانسان كتلة من الرغبات ، يجب أن يطوعها لا أن يتركها تسيطر عليه
أشكر لك قراءتك الدقيقة للقصة ،
بوركتِ أيتها الأديبة القديرة
مصطفى حمزة
23-05-2012, 06:07 AM
قصة رجل بئيس ، يعيش البؤسَ ألواناً : بؤسَ المسكن المتداعي ، وبؤسَ الفقر المدقع ، وبؤسَ الأخوّة التي عبّدها المالُ ، وبؤسَ الحبيب الذي هجر ( ولم يصفح عن الفقر ) !
هذا الرجلُ عصبيّ المزاج ، ولكنّه كريم النفس ، يعيشُ صراعاً منوّعاً ، خارجياً مادّياً مع السكن والفاقة ، وداخلياً نفسياً مع قهر الحب والحبيب ، وقهر الأخ والأخوّة ...ومع رغبةٍ في الانتقام لاستعادة الشعور بالذات والرجولة والكرامة ( يما مويليا .. ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا ).. ثم يدعو الحبيبة القالية " مريم " ..ليستردّ بها ومنها ما يتعلّق برجولته السليبة ! ( لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ) ...
" مريم " شخصيّة مركّبة ، تهجر حبيبَها رغم تعلّقها به – ظهر ذلك عندما دعاها فأتت – لأنها تنظر بعينٍ أقوى إلى صالحها ومستقبلها . لكنها لا تبدو لي هذه الشخصّية طاهرة الطهرَ الكامل – كما حاول الكاتب أن يوحيَ باسمها - لأنها لبّت نداءه ، ولم تُبدِ كبيرَ مقاومة حين راودها عن نفسها ! هي أيضاً كانت تعيش صراعاً داخلياً بين الرغبة والعفة ، وبينَ قلبها وعقلها ..لكنها دفعت الثمن غالياً حين (، نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها ، ألمها وذنبها )..
أما الراوي فهو النار ، نار موقد البيت .. أبدعَ الكاتبُ حين أنسنَها ، فهي تحكي لنا بعاطفةٍ رهيفة وقلبٍ يتفاعلُ ويتأثر بما يرى ويسمع (أراه ينظر لأخيه بعينٍ لم تعد تحتمل أكثر - تبدو الشمس كأنها جمعت كل جمالها في خصلات ذهبية و أهدتها إلى مريم تسرقهما الغرفة الوحيدة ، تخبئهما عني ، فأزداد اشتعالاً - جاءتني تقتلني بدموعها حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها )
فإلامَ ترمز النارُ في القصّة ؟
هل رمز بها الكاتب إلى المعرفة – كما في الأسطورة اليونانيّة _ ؛ فهي هنا في القصّة شاهدٌ أسيفٌ على التخلف الاجتماعي المؤدّي إلى الفقر والعلاقات المادّيّة السّلبيّة ، وإلى الرذيلة ؟
أم هي رمز إلى ( الحرب والعذاب والحبس والخسارة والذنوب ) كما في كتب تفسير الأحلام ؟ يبدو لي أن الرمز الأول هو الأقرب إلى سياق القصّة وموضوعها .
القصّة ذاتُ بُعدٍ اجتماعيّ نفسيّ ، لذلك كان جديراً بها أن تطرح رؤيا معيّنة لعلاج الموضوع الذي طرحته . صحيحٌ أنها قصّة قصيرة لا تقوى كثيراً على تحمّل الحلول والرؤى ، لكنها يُمكن أن تُلمح إلى ذلك ، فكما ألمحت إلى المرض يُمكن أن تلمح إلى العلاج ، من وجهة نظر كاتبها بالطبع ، لكنها انتهت دون ذلك !
النزعة الدراميّة واضحة جداً في القصّة ، لازمتها من البداية حتى آخر سطر ، وتجلّتْ في سرد التفاصيل الدقيقة الحيّة للأحداث ، وفي انفعالات البطل ، ومريم ، والنار ، والشقيق ..وتجلّت في تصادم أفكار الشخصيّات ، وفي الصراع المادّي بين البطل ومريم ، وتجلّت في التجسيد ( لتتعلق بصدى صوته فتعود / بالخارج كان صوت يقترب / نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها وألمها .... الخ .
متى تأزّمت الأحداث في القصّة ؟
تأزّمتْ مرّتين ، وهذا أضعف حبكتها ، لا سيّما أنها قصّة قصيرة ، لا تقوى على النهوض بأكثر من حدث ، فضلاً عن أكثر من تأزّم !
تأزمت حين ( أخرج من طيات ملابسه عقداً قديماً مهترئاً ، تناوله حسن بيده بسرعة خاطفة ، ورماه لي ، وانصرف .) .. ثم استرخى السرد ليتأزّم مرّةً أخرى حينَ ( نواحُه تحول إلى ثورة إذ هتف فجأة : لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ..) ..
النصّ سليم اللغة ، بليغُها ، احتشدَ فيه التصويرُ البلاغي دون تكلّف . ونحن أمام قاصّ قدير يمتلك أدوات هذا الفنّ الجميل الصعب ، ولكنّه ينساق بقوة وراء التصوير الفنّيّ للحدث ؛ وينسى أن يترك لنا رؤياه تجاه الموضوع ..
تحياتي وتقديري أخي الحبيب ، الأستاذ أحمد
أحمد عيسى
27-05-2012, 03:30 PM
فكرة عميقة ومعالجة قصصية حذقة بلغة ثرة وسرديّة متمكنة أمسكت بخيوط الموضوع وسلطت إضاءتها على مظاهر الجشع والنزوع للتملك المطلق والرضوخ لجموع الرغبة والاحتكام للانفعال اللحظي
قصة رسمت الوجه البشع للنفس الانسانية وصراعاتها في كل اتجاه بنفس الوقت
وبين ان يقع عليها الظلم أو توقعه على غيرها
ترتسم الحداث
حبكة قوية وحوار عميق
كانت هذا من روائعك
دمت بألق
الأديبة القديرة : ربيحة الرفاعي
رغبات البشر ليس لها حدود
وفي سبيلها يصبح كل شيء متاح
لهذا وجدنا الحروب التي ضيعت النفس البشرية وأزهقتها
منذ الحروب الأولى منذ فجر التاريخ
وحتى المجازر الأخيرة لسفاح سوريا التي تفوق فيها على أبشع سفاحي التاريخ
شكراً لوجودك هنا
وليد عارف الرشيد
27-05-2012, 04:53 PM
لم يترك الأساتذة والاستاذات لي ما أقوله إلا أن أوقع على إعجابي وتفاعلي مع القصة .. بل ودهشتي مع أبطالها
مبدعٌ أنت أيها الأديب الشاعر الجميل
محبتي وكثير تقديري
خلود محمد جمعة
06-01-2015, 07:26 AM
حوار عميق بلغة باذخة الجمال وحبكة محكمة رسمت الاحداث بدقة وصورت الوجه الأخر بكل صراعاته وتناقضاته وسوداويته بسرد ماتع غرقنا بين سطوره الى ان وصلنا الى النهاية لنجد اننا سنبدأ من جديد
متجدد في الروعة
اسجل اعجابي
كل التقدير
ناديه محمد الجابي
04-12-2015, 09:10 PM
قصة رجل بئيس ، يعيش البؤسَ ألواناً : بؤسَ المسكن المتداعي ، وبؤسَ الفقر المدقع ، وبؤسَ الأخوّة التي عبّدها المالُ ، وبؤسَ الحبيب الذي هجر ( ولم يصفح عن الفقر ) !
هذا الرجلُ عصبيّ المزاج ، ولكنّه كريم النفس ، يعيشُ صراعاً منوّعاً ، خارجياً مادّياً مع السكن والفاقة ، وداخلياً نفسياً مع قهر الحب والحبيب ، وقهر الأخ والأخوّة ...ومع رغبةٍ في الانتقام لاستعادة الشعور بالذات والرجولة والكرامة ( يما مويليا .. ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا ).. ثم يدعو الحبيبة القالية " مريم " ..ليستردّ بها ومنها ما يتعلّق برجولته السليبة ! ( لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ) ...
" مريم " شخصيّة مركّبة ، تهجر حبيبَها رغم تعلّقها به – ظهر ذلك عندما دعاها فأتت – لأنها تنظر بعينٍ أقوى إلى صالحها ومستقبلها . لكنها لا تبدو لي هذه الشخصّية طاهرة الطهرَ الكامل – كما حاول الكاتب أن يوحيَ باسمها - لأنها لبّت نداءه ، ولم تُبدِ كبيرَ مقاومة حين راودها عن نفسها ! هي أيضاً كانت تعيش صراعاً داخلياً بين الرغبة والعفة ، وبينَ قلبها وعقلها ..لكنها دفعت الثمن غالياً حين (، نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها ، ألمها وذنبها )..
أما الراوي فهو النار ، نار موقد البيت .. أبدعَ الكاتبُ حين أنسنَها ، فهي تحكي لنا بعاطفةٍ رهيفة وقلبٍ يتفاعلُ ويتأثر بما يرى ويسمع (أراه ينظر لأخيه بعينٍ لم تعد تحتمل أكثر - تبدو الشمس كأنها جمعت كل جمالها في خصلات ذهبية و أهدتها إلى مريم تسرقهما الغرفة الوحيدة ، تخبئهما عني ، فأزداد اشتعالاً - جاءتني تقتلني بدموعها حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها )
فإلامَ ترمز النارُ في القصّة ؟
هل رمز بها الكاتب إلى المعرفة – كما في الأسطورة اليونانيّة _ ؛ فهي هنا في القصّة شاهدٌ أسيفٌ على التخلف الاجتماعي المؤدّي إلى الفقر والعلاقات المادّيّة السّلبيّة ، وإلى الرذيلة ؟
أم هي رمز إلى ( الحرب والعذاب والحبس والخسارة والذنوب ) كما في كتب تفسير الأحلام ؟ يبدو لي أن الرمز الأول هو الأقرب إلى سياق القصّة وموضوعها .
القصّة ذاتُ بُعدٍ اجتماعيّ نفسيّ ، لذلك كان جديراً بها أن تطرح رؤيا معيّنة لعلاج الموضوع الذي طرحته . صحيحٌ أنها قصّة قصيرة لا تقوى كثيراً على تحمّل الحلول والرؤى ، لكنها يُمكن أن تُلمح إلى ذلك ، فكما ألمحت إلى المرض يُمكن أن تلمح إلى العلاج ، من وجهة نظر كاتبها بالطبع ، لكنها انتهت دون ذلك !
النزعة الدراميّة واضحة جداً في القصّة ، لازمتها من البداية حتى آخر سطر ، وتجلّتْ في سرد التفاصيل الدقيقة الحيّة للأحداث ، وفي انفعالات البطل ، ومريم ، والنار ، والشقيق ..وتجلّت في تصادم أفكار الشخصيّات ، وفي الصراع المادّي بين البطل ومريم ، وتجلّت في التجسيد ( لتتعلق بصدى صوته فتعود / بالخارج كان صوت يقترب / نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها وألمها .... الخ .
متى تأزّمت الأحداث في القصّة ؟
تأزّمتْ مرّتين ، وهذا أضعف حبكتها ، لا سيّما أنها قصّة قصيرة ، لا تقوى على النهوض بأكثر من حدث ، فضلاً عن أكثر من تأزّم !
تأزمت حين ( أخرج من طيات ملابسه عقداً قديماً مهترئاً ، تناوله حسن بيده بسرعة خاطفة ، ورماه لي ، وانصرف .) .. ثم استرخى السرد ليتأزّم مرّةً أخرى حينَ ( نواحُه تحول إلى ثورة إذ هتف فجأة : لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ..) ..
النصّ سليم اللغة ، بليغُها ، احتشدَ فيه التصويرُ البلاغي دون تكلّف . ونحن أمام قاصّ قدير يمتلك أدوات هذا الفنّ الجميل الصعب ، ولكنّه ينساق بقوة وراء التصوير الفنّيّ للحدث ؛ وينسى أن يترك لنا رؤياه تجاه الموضوع ..
تحياتي وتقديري أخي الحبيب ، الأستاذ أحمد
أبدعت ـ أدهشتني بهذا البناء الدرامي الموفق جدا ، وبهذه الصوروالمشاهد القصية
فكرة كبيرة أمسكت خيوطها بقوة ، وعبرت عنها بلغة قوية جذلة .
وازداد جمال نصك بتلك الرؤية النقدية العظيمة للأستاذ مصطفى حسين ـ لذلك أحببت أن
أرفعها مع قصتك ليستمتع القارئ بهما معا، ويستفيد.
شكرا لعبق حرف ألفناه بهذا الجمال.
ولك كل تقديري وتحياتي. :001:
أحمد عيسى
05-12-2015, 09:26 PM
يا الله
مما اجمل القصة ومما أعمق طرحها في استسلام الأبطال هنا لرغباتهم
شكرا لك اخي
بوركت
الأديبة القديرة : نداء غريب صبري
أشكرك أيتها الفاضلة، أسعدتني بمرورك الراقي، وأعتذر عن تأخري في الرد ، تقبلي أجمل التحايا
أحمد عيسى
05-12-2015, 09:28 PM
النص ينتمي الى دهشة الواقعية
القاص مندهش
بطل القصة كذلك
القارئ كذلك
اللفتة الذكية عندما رسم القاص نزوع بطله لاستهلاك الميراث ( وهو هنا بيت سقفه مهدد بالسقوط / جسد خسر دفئ الحياة / علاقة أخوة تهشمها ورقة مبايعة ...وغيرها )
النزوع الاستهلاكي اوصل البطل الى لحظة تحدي فهو خسر كل شئ جراء تعلقه بالنساء ليضعنا القص في لحظة فصلة عندما نجح البطل في الثأر من ذاته المحطمة ليحطم النساء ويشد ازرار قميصه بعد معركة تأوهات .. لفتة أخرى ذكية
هذا النص متخم بالسردية المغلفة بحوارية فلسفية تفضح تناقضات الانسان العربي حين ضاعت ارادته وبيته وفشل في ادارة وتقرير مصيره
منتهى الروعة
لكن
١/القاص وقع في حشر بعض الالفاظ العامية
٢/ ولم يتقن الحبكة مما اضطره لابقاء النهاية مفتوحة
٣/ الشال مذكر ام مؤنث
/
قلبي سعيد بتواجده هنا
اشكرك
ايها الاديب الاريب
الأديب القدير والمفكر : خليل حلاوجي
سعدت بك وبرأيك ، وبالتأكيد هي شهادة أعتز بها
أما بالنسبة للنهاية المفتوحة فهي قصة قصيرة لا تحتمل الحلول دائماً ، وبالنسبة للشال فقد صدقت أنت ، وبالنسبة للعامية فقد كانت ضرورية في نظري خاصة أنها بين هلالين ، وضمن الحوار لا السرد
أتمنى أن تتكرم علي دائماً بتعليقك في نصوصي
شكراً لك
أحمد عيسى
05-12-2015, 09:30 PM
ألِفْتُ فيما قرأت لك ، الحديث عن الأرض و الإنسان ،
و أنت هنا تأتي بهما معا ، في حكاية تُروى بليل ، لعل الليل يستر عارها و ظلمها و ذلّها .
كنتَ هنا ماهرا ، و كنتُ هنا أكرر القراءة ، و أحاول أن أصل للفكرة ..
تستحق القصة أن نقف على مشاهدها ، نسلط عليها ضوء النهار ، لنشهد / نُشاهد آثارها .
الأخ القاص المتألق أحمد عيسى ،
دمتَ و قلمك .
القديرة : نادية أبو غرارة
ويستحق مرورك أن يشكر ، لأنك دائماً سباقة بكرمك ولطفك وجميل قراءاتك
شكراً أديبتنا القديرة ، تقبلي كل تحياتي
أحمد عيسى
05-12-2015, 09:33 PM
قصة رجل بئيس ، يعيش البؤسَ ألواناً : بؤسَ المسكن المتداعي ، وبؤسَ الفقر المدقع ، وبؤسَ الأخوّة التي عبّدها المالُ ، وبؤسَ الحبيب الذي هجر ( ولم يصفح عن الفقر ) !
هذا الرجلُ عصبيّ المزاج ، ولكنّه كريم النفس ، يعيشُ صراعاً منوّعاً ، خارجياً مادّياً مع السكن والفاقة ، وداخلياً نفسياً مع قهر الحب والحبيب ، وقهر الأخ والأخوّة ...ومع رغبةٍ في الانتقام لاستعادة الشعور بالذات والرجولة والكرامة ( يما مويليا .. ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا ).. ثم يدعو الحبيبة القالية " مريم " ..ليستردّ بها ومنها ما يتعلّق برجولته السليبة ! ( لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ) ...
" مريم " شخصيّة مركّبة ، تهجر حبيبَها رغم تعلّقها به – ظهر ذلك عندما دعاها فأتت – لأنها تنظر بعينٍ أقوى إلى صالحها ومستقبلها . لكنها لا تبدو لي هذه الشخصّية طاهرة الطهرَ الكامل – كما حاول الكاتب أن يوحيَ باسمها - لأنها لبّت نداءه ، ولم تُبدِ كبيرَ مقاومة حين راودها عن نفسها ! هي أيضاً كانت تعيش صراعاً داخلياً بين الرغبة والعفة ، وبينَ قلبها وعقلها ..لكنها دفعت الثمن غالياً حين (، نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها ، ألمها وذنبها )..
أما الراوي فهو النار ، نار موقد البيت .. أبدعَ الكاتبُ حين أنسنَها ، فهي تحكي لنا بعاطفةٍ رهيفة وقلبٍ يتفاعلُ ويتأثر بما يرى ويسمع (أراه ينظر لأخيه بعينٍ لم تعد تحتمل أكثر - تبدو الشمس كأنها جمعت كل جمالها في خصلات ذهبية و أهدتها إلى مريم تسرقهما الغرفة الوحيدة ، تخبئهما عني ، فأزداد اشتعالاً - جاءتني تقتلني بدموعها حتى تمنيت أن أموت اليوم ، فلا أراها )
فإلامَ ترمز النارُ في القصّة ؟
هل رمز بها الكاتب إلى المعرفة – كما في الأسطورة اليونانيّة _ ؛ فهي هنا في القصّة شاهدٌ أسيفٌ على التخلف الاجتماعي المؤدّي إلى الفقر والعلاقات المادّيّة السّلبيّة ، وإلى الرذيلة ؟
أم هي رمز إلى ( الحرب والعذاب والحبس والخسارة والذنوب ) كما في كتب تفسير الأحلام ؟ يبدو لي أن الرمز الأول هو الأقرب إلى سياق القصّة وموضوعها .
القصّة ذاتُ بُعدٍ اجتماعيّ نفسيّ ، لذلك كان جديراً بها أن تطرح رؤيا معيّنة لعلاج الموضوع الذي طرحته . صحيحٌ أنها قصّة قصيرة لا تقوى كثيراً على تحمّل الحلول والرؤى ، لكنها يُمكن أن تُلمح إلى ذلك ، فكما ألمحت إلى المرض يُمكن أن تلمح إلى العلاج ، من وجهة نظر كاتبها بالطبع ، لكنها انتهت دون ذلك !
النزعة الدراميّة واضحة جداً في القصّة ، لازمتها من البداية حتى آخر سطر ، وتجلّتْ في سرد التفاصيل الدقيقة الحيّة للأحداث ، وفي انفعالات البطل ، ومريم ، والنار ، والشقيق ..وتجلّت في تصادم أفكار الشخصيّات ، وفي الصراع المادّي بين البطل ومريم ، وتجلّت في التجسيد ( لتتعلق بصدى صوته فتعود / بالخارج كان صوت يقترب / نزفت في صمتٍ كل سكونها وسكوتها وألمها .... الخ .
متى تأزّمت الأحداث في القصّة ؟
تأزّمتْ مرّتين ، وهذا أضعف حبكتها ، لا سيّما أنها قصّة قصيرة ، لا تقوى على النهوض بأكثر من حدث ، فضلاً عن أكثر من تأزّم !
تأزمت حين ( أخرج من طيات ملابسه عقداً قديماً مهترئاً ، تناوله حسن بيده بسرعة خاطفة ، ورماه لي ، وانصرف .) .. ثم استرخى السرد ليتأزّم مرّةً أخرى حينَ ( نواحُه تحول إلى ثورة إذ هتف فجأة : لن تتركيني يا مريم ، أنتِ لي ولن أتركك اليوم إلا وقد كتبت اسمي فيك ..) ..
النصّ سليم اللغة ، بليغُها ، احتشدَ فيه التصويرُ البلاغي دون تكلّف . ونحن أمام قاصّ قدير يمتلك أدوات هذا الفنّ الجميل الصعب ، ولكنّه ينساق بقوة وراء التصوير الفنّيّ للحدث ؛ وينسى أن يترك لنا رؤياه تجاه الموضوع ..
تحياتي وتقديري أخي الحبيب ، الأستاذ أحمد
يا الهي ، كيف فاتتني قراءة رائعة كهذه ، أنا لست مقصراً فحسب وانما فاتتني درة من اجمل القراءات ، سعدت بها جداً ، وشعرت وكأنك شربت القصة وفككتها بكل ابداع واقتدار
أحسنت في كل ما قلته ، حتى في ملاحظتك عن تأزم القصة وان حاولت أنا في التأزم الأول أن أجعله هادئاً من خلال السرد، لكنه على صعيد الحدث نفسه كان ارتفاعاً في الذروة لا شك .
شكراً لك أستاذنا ، سعدت بك وفخور بردك هذا ورأيك
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir