تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كَيْفَ تُصبِحُ ذَا مَلَكَةٍ أدَبيّةٍ ؟



ربيع بن المدني السملالي
19-07-2011, 08:21 PM
كَيْفَ تُصبِحُ ذَا مَلَكَةٍ أدَبيّةٍ ؟


قال ربيعُ بنُ المدَني _ غفر اللهُ لهُ - :


وأنا أقرأُ علَى شَيخِي الفصلَ الأخيرَ من كتاب (علم البلاغة) للأستاذ المراغِي - رحمه الله - اسْتَوقَفَتنِي هذه الكلمةُ القيّمةُ ، فأحببتُ نقلَها هُنا ليَسْتَفيدَ منها من كان كَلِفاً بالأدب مُحِبّاً للبلاغَة من إخواني وأخواتي لتَعُمّ الفائِدة / قال رحمهُ اللهُ :
(( ولَكنّ دِراسَةَ العِلمِ وحدَهَا ، والوقُوفَ على شَواهِدَ يَسِيرَةٍ من كلامِ الفُصَحاء والبلغاء لا يبلغَان بكِ إلى المقصِد ، كما لو درَسْتَ قواعِدَ الحسابِ مثلاً وحللتَ مسائِلَ قَلِيلَةٍ لكُلِّ قَاعِدَة ، فإنّ هذا لاَ يُكْسبكَ الملكَةَ التي تستطِيعُ أن تَحُلَّ بها كثيراً من المسائل ، بل لابدّ للملَكَةِ من التّمرين ومُمَارَسة حلِّ كَثيرٍ من المسائل المختَلِفَة حتّى تتكوّنَ لدَيْكَ .
فبلاغَةُ القوْلِ ورَشَاقَةُ التّعبيرِ ورَصَانَتُهُ وإصَابَةُ المرمَى من نفسِ السّامِع تحتاجُ إلى إدمانِ القِراءَة في كُتُب الأدبِ والوقُوفِ على مُتنوّع الأسَاليبِ من أقوال الكُتّاب والشّعراء والخطباءِ وحفظِ ما يُمكِنُكَ حِفْظُه من منثُورهم ومنظُومهم .
ولا نرى كاتِباً ولا شَاعِراً مُجِيداً إلاّ جالَ في مُختلَف الأساليبِ الشِّعريةِ والنّثرية جولةً صَادِقَةً ، وروى عن عذبِها وغاصَ في بحَارِها ، واستَخرجَ من دُرَرِها .
فعَليكَ أيّها القارئُ من الإكثار من القراءةِ فيما خلّفه لنا العربُ من تُراثٍ أدَبِيٍّ من النّظِيم والنّثِيرِ في مُختَلفِ العُصُورِ ، فإنّكَ إن فَعَلْتَ ذَلِك ظَفِرْتَ بِمَلَكَةٍ مُواتِيةٍ وحظٍّ منَ الأدَبِ عَظيم )). اهـ
[ علوم البلاغة ص 267 ط المكتبة العصرية ] وهي طبعة رديئة مَلِيئَة بالأخطاء المطبعية / يسّر الله لهذا الكتاب من يَخدمه خِدمةً تقرّ أعينَ طلاّب العلم .
قلتُ : ذكرَ العلاّمةُ أبو هلال العسكَري - رحمه الله - قصّة طريفةً لها علاقة بهذه الكلمة التي سجّلتُها هنا لعلّ من الحكمة إثباتُها في هذه الصّفحة :
قال أبو هلال العسكري رحمه الله :
حُكي لي عن بعضِ المشايخ أنّه قال : رأيتُ في بعضِ قرى النبْطِ فتى فصيحَ اللّهجة ، حسن البيان ، فسألته عن سبب فصاحته مع لُكْنَةِ أهلِ جِلدته ، فقالَ : كنت أعمد في كل يوم إلى خمسين ورقة من كتب الجاحظ ، فأرفعُ بها صوتي في قراءتها ، فما مرّ لي إلاّ زمان قصير حتى صِرتُ إلى ما ترى .
قلتُ : اللُّكنةُ عُجمَة في اللّسان وعِيّ ، قال ابنُ سِيدَه : الألْكَنُ : الذي لا يقيم العربية من عُجمة في لسانه ..
والجاحظ معتزليٌّ جلْد وكان من بُحور العلم ، وتصانيفه كثيرة جدّا . قيلَ : لم يقع بيدِه كتاب قطّ إلا استوفى قراءته ، حتّى إنّه كان يكتَري دكاكينَ الْكُتْبيين ، ويبيتُ فيها للمُطالعة ، وكان باقعة في قوّة الحفظ . وكان ماجناً قليلَ الدّين وله نوادر ..وتلطّخه بغير بدعة أمرٌ واضِح ، ولكنهُ أخباري علاّمة ، صاحب فُنون وأدب باهر ، وذكاء بيّن – عفا الله عنه - . من السّير مختصراً .

سكينة الصميدعي
19-07-2011, 09:09 PM
جزاك الله كل الخير استاذي المحترم
ما احوجنا الى هذه الكلمات في هذا الزمان.. تحياتي وامتناني

ربيع بن المدني السملالي
20-07-2011, 12:27 AM
جزاك الله كل الخير استاذي المحترم
ما احوجنا الى هذه الكلمات في هذا الزمان.. تحياتي وامتناني

بارك الله فيك أختي وجزاك الله خير / تحياتي لك ..

محمد البياسي
20-07-2011, 01:04 AM
كَيْفَ تُصبِحُ ذَا مَلَكَةٍ أدَبيّةٍ ؟


قال ربيعُ بنُ المدَني _ غفر اللهُ لهُ - :


(( فبلاغَةُ القوْلِ ورَشَاقَةُ التّعبيرِ ورَصَانَتُهُ وإصَابَةُ المرمَى من نفسِ السّامِع تحتاجُ إلى إدمانِ القِراءَة في كُتُب الأدبِ والوقُوفِ على مُتنوّع الأسَاليبِ من أقوال الكُتّاب والشّعراء والخطباءِ وحفظِ ما يُمكِنُكَ حِفْظُه من منثُورهم ومنظُومهم .
ولا نرى كاتِباً ولا شَاعِراً مُجِيداً إلاّ جالَ في مُختلَف الأساليبِ الشِّعريةِ والنّثرية جولةً صَادِقَةً ، وروى عن عذبِها وغاصَ في بحَارِها ، واستَخرجَ من دُرَرِها .
فعَليكَ أيّها القارئُ من الإكثار من القراءةِ فيما خلّفه لنا العربُ من تُراثٍ أدَبِيٍّ من النّظِيم والنّثِيرِ في مُختَلفِ العُصُورِ ، فإنّكَ إن فَعَلْتَ ذَلِك ظَفِرْتَ بِمَلَكَةٍ مُواتِيةٍ وحظٍّ منَ الأدَبِ عَظيم )).

قال أبو هلال العسكري رحمه الله :
حُكي لي عن بعضِ المشايخ أنّه قال : رأيتُ في بعضِ قرى النبْطِ فتى فصيحَ اللّهجة ، حسن البيان ، فسألته عن سبب فصاحته مع لُكْنَةِ أهلِ جِلدته ، فقالَ : كنت أعمد في كل يوم إلى خمسين ورقة من كتب الجاحظ ، فأرفعُ بها صوتي في قراءتها ، فما مرّ لي إلاّ زمان قصير حتى صِرتُ إلى ما ترى .
قلتُ : اللُّكنةُ عُجمَة في اللّسان وعِيّ ، قال ابنُ سِيدَه : الألْكَنُ : الذي لا يقيم العربية من عُجمة في لسانه ..
والجاحظ معتزليٌّ جلْد وكان من بُحور العلم ، وتصانيفه كثيرة جدّا . قيلَ : لم يقع بيدِه كتاب قطّ إلا استوفى قراءته ، حتّى إنّه كان يكتَري دكاكينَ الْكُتْبيين ، ويبيتُ فيها للمُطالعة ، وكان باقعة في قوّة الحفظ . وكان ماجناً قليلَ الدّين وله نوادر ..وتلطّخه بغير بدعة أمرٌ واضِح ، ولكنهُ أخباري علاّمة ، صاحب فُنون وأدب باهر ، وذكاء بيّن – عفا الله عنه - . من السّير مختصراً .


صدقتَ أخانا الأديب الفاضل

هذا هو لب الكلام

ما نراه اليوم أن أكثر المتطفلين على الأدب لا يكادون يعرفون شيئاً عنه
ولا يكلف أحدهم نفسه جهداً في مطالعة كتاب واحد من تراثنا العظيم
ولا يكون الذي يكتبه إلا مراهقات كلماتية وإفرازات آنية لا تمتّ إلى الأدب بصلة .


تحية لك وشكراً على هذه المقالة القيمة الرائعة



احترامي ومحبتي

ربيع بن المدني السملالي
20-07-2011, 04:42 PM
صدقتَ أخانا الأديب الفاضل

هذا هو لب الكلام

ما نراه اليوم أن أكثر المتطفلين على الأدب لا يكادون يعرفون شيئاً عنه
ولا يكلف أحدهم نفسه جهداً في مطالعة كتاب واحد من تراثنا العظيم
ولا يكون الذي يكتبه إلا مراهقات كلماتية وإفرازات آنية لا تمتّ إلى الأدب بصلة .


تحية لك وشكراً على هذه المقالة القيمة الرائعة



احترامي ومحبتي

الأستاذ الفاضل / حيّاك الله صدقت والله / شكرا لك شرفني هذا الحضور من شخصكم الكريم فدمت ودام ودّك ...
تحياتي الخالصة لك ...

ربيحة الرفاعي
26-07-2011, 11:32 PM
فبلاغَةُ القوْلِ ورَشَاقَةُ التّعبيرِ ورَصَانَتُهُ وإصَابَةُ المرمَى من نفسِ السّامِع تحتاجُ إلى إدمانِ القِراءَة في كُتُب الأدبِ والوقُوفِ على مُتنوّع الأسَاليبِ من أقوال الكُتّاب والشّعراء والخطباءِ وحفظِ ما يُمكِنُكَ حِفْظُه من منثُورهم ومنظُومهم .
ولا نرى كاتِباً ولا شَاعِراً مُجِيداً إلاّ جالَ في مُختلَف الأساليبِ الشِّعريةِ والنّثرية جولةً صَادِقَةً ، وروى عن عذبِها وغاصَ في بحَارِها ، واستَخرجَ من دُرَرِها .
فعَليكَ أيّها القارئُ من الإكثار من القراءةِ فيما خلّفه لنا العربُ من تُراثٍ أدَبِيٍّ من النّظِيم والنّثِيرِ في مُختَلفِ العُصُورِ ، فإنّكَ إن فَعَلْتَ ذَلِك ظَفِرْتَ بِمَلَكَةٍ مُواتِيةٍ وحظٍّ منَ الأدَبِ عَظيم
أصاب الأستاذ المراغي فيما قال وأحسن ربيع المدني اختيار ما ينقل وابدعت بحمله إلينا

يكاد المشهد الأدبي يستحيل سوقا يغصّ بكل شيء ، وتزاحم البضائع الرخيصة وسقط المتاع فيه ثمين السلع وقيّمها، فيضيع الياقوت بين الحصى ، ويختفي السندس خلف المبرد الخشن الثقيل، ويطمر التراب التبر ، لأن أمواجا من أدعياء الأدب ممن لا يعرفون لغتهم ولا يملكون مفاتح فنونها ، يقفون على أبواب العجم متلقفين ما ينسج لهم من هجين القول وموتور الفكرة ماجن المعناني ، ليغرقوا به آداب أم اللغات والفكر، وما أكثرهم وما اكثر ما يلقون في وجه الأدب والفن من هراء.
ولو سالت أحدهم عما يعني بما قال ، لما وجد ما يرد به إن أنصف، وهؤلاء لا ينصفون

مقالة رائعة وفكر نيّر

دمت بألق أديبنا الكريم

ربيع بن المدني السملالي
31-07-2011, 02:06 AM
أصاب الأستاذ المراغي فيما قال وأحسن ربيع المدني اختيار ما ينقل وابدعت بحمله إلينا

يكاد المشهد الأدبي يستحيل سوقا يغصّ بكل شيء ، وتزاحم البضائع الرخيصة وسقط المتاع فيه ثمين السلع وقيّمها، فيضيع الياقوت بين الحصى ، ويختفي السندس خلف المبرد الخشن الثقيل، ويطمر التراب التبر ، لأن أمواجا من أدعياء الأدب ممن لا يعرفون لغتهم ولا يملكون مفاتح فنونها ، يقفون على أبواب العجم متلقفين ما ينسج لهم من هجين القول وموتور الفكرة ماجن المعناني ، ليغرقوا به آداب أم اللغات والفكر، وما أكثرهم وما اكثر ما يلقون في وجه الأدب والفن من هراء.
ولو سالت أحدهم عما يعني بما قال ، لما وجد ما يرد به إن أنصف، وهؤلاء لا ينصفون

مقالة رائعة وفكر نيّر

دمت بألق أديبنا الكريم
الأستاذة ربيحة شكرا لحضورك المتميز / بارك الله فيك

علياء محمود
31-07-2011, 09:17 AM
جزاك الله خيرا استاذي

ربيع بن المدني السملالي
15-08-2011, 04:03 AM
جزاك الله خيرا استاذي

أختي علياء / حياك الله وطبت وطاب ممشاك
تحيتي لك

نداء غريب صبري
08-09-2011, 01:15 PM
أصبت أخي
لا شيء يكسب الملكة في الكتابة كاعتياد القراءة

شكرا لنصيحتك وما اخترت لنا

بوركت

ربيع بن المدني السملالي
08-09-2011, 11:37 PM
أصبت أخي
لا شيء يكسب الملكة في الكتابة كاعتياد القراءة

شكرا لنصيحتك وما اخترت لنا

بوركت

بارك الله في سعيك أستاذة ( نداء ) أسعدني هذا المرور ، دمت متألقة ..
تحياتي

براءة الجودي
24-09-2012, 07:40 PM
فبلاغَةُ القوْلِ ورَشَاقَةُ التّعبيرِ ورَصَانَتُهُ وإصَابَةُ المرمَى من نفسِ السّامِع تحتاجُ إلى إدمانِ القِراءَة في كُتُب الأدبِ والوقُوفِ على مُتنوّع الأسَاليبِ من أقوال الكُتّاب والشّعراء والخطباءِ وحفظِ ما يُمكِنُكَ حِفْظُه من منثُورهم ومنظُومهم .
ولا نرى كاتِباً ولا شَاعِراً مُجِيداً إلاّ جالَ في مُختلَف الأساليبِ الشِّعريةِ والنّثرية جولةً صَادِقَةً ، وروى عن عذبِها وغاصَ في بحَارِها ، واستَخرجَ من دُرَرِها

نعم , فهمتُ الآن ماينقصني هو قراءة متنوع الاسليب والحفظ من النثر والشعر كي تصبح اللغة اقوى واكثر تمكن
الحمدلله ان رايتُ هذا الموضوع
جزاك الله خيرا ياأخي ولاحرمك جنانه