تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فضلُ الأَدَبِ وَ الدّفاعُ عنه



ربيع بن المدني السملالي
20-07-2011, 07:26 PM
فضلُ الأَدَبِ وَ الدّفاعُ عنه (( كلمةٌ مُضِيئَة للعلاّمة ياقُوت الحمَوِي ))


(( وَإنِّي لَجِدُّ عَالمٍ بِبَغِيضٍ يُنَدِّدُ ويزرِي عليَّ ، وَيُقبِلُ بِوَجْهِ اللاَّئِمَةِ إليَّ ، مِمّن قَدْ أُشْْرِبَ الْجَهْلَ قَلبُهُ ، واستَعْصَى على كَرَم السّجيّةِ لُبُّه ، يَزْعُمُ أنّ الإشتِغالَ بأمرِ الدّينِ أهمّ ، ونَفْعُهُ في الدّنيا والآخِرةِ أعمّ ، أمَا علِمَ أنّ النّفُوسَ مُخْتَلِفَةُ الطّبائِعِ ، مُتلَوِّنةُ النّزائِع ، ولو اشْتَغَلَ النّاسُ كُلّهُم بِنَوْعٍ من العلمِ واحدٍ لضَاعَ باقِيهِ ، ودرَسَ الذي يَلِيهِ . وإنَّ اللهَ عزّ وجلّ جَعَلَ لِكُلِّ عِلْمٍ من يَحفَظُ جُملَتَهُ ، وينظمُ جوْهَرَتَه ، والمرءُ مُيسّرٌ لِما خُلِقَ له ، ولستُ أُنْكِرُ أنّي لو لزِمتُ مَسْجِدِي ومصلاّيَ ، واشتَغَلتُ بِما يعُودُ بِعاقِبةِ دُنيايَ في أُخراي لكانَ أولَى ، وبِطَريقِ السّلامَةِ في الآخِرةِ أحرى ، ولكنّ طلبَ الأفضَلِ مفْقُودٌ ، واعتِمادَ الأحرى غيرُ موجُودٍ . وحسبُكَ بالمرءِ فضلاً أن لا يأتيَ محظُوراً ، ولاَ يَسلُكَ طريقاً مخطُورا ... ألاَ ترى أنّ القَارِئَ إذا قَرأ { إنّ اللهَ بَريءٌ من المشرِكينَ ورَسُولُهُ } (بالرّفعِ) فقدْ سَلكَ طريقاً من الصّوابِ واضِحاً ، ورَكِبَ مَنْهَجاً من الفضْلِ لائِحاً ، فإن كسَرَ اللاّمَ من (رَسُوله) كانَ كُفْراً بحتاً ، وجهْلاً قُحّاً ؟ قدْ رُويَ أنّ أبا عَمرو بنَ العلاء كانَ يقُولُ : ( لَعِلْمُ العربيّةِ هوَ الدِّينُ بِعَيْنِهِ ) ، فبلغَ ذلكَ عبدَ الله بنَ المبارك فقال : صدقَ لأنّي رأيتُ النّصَارى قد عبدُوا المسيحَ لِجَهلِهم بِذلكَ ، قال الله تعالى : أنا ولّدتُكَ من مريم وأنتَ نبيّي ، فحسِبُوه يقولُ : أنا ولدْتُكَ من مريم وأنتَ بُنيي . فَبِتَخْفِيفِ اللاّم وتقديمِ الباء وتعويضِ الضّمّة بالفتحة كَفَرُوا . وحَسبُك من شَرَفِ هذا العلمِ أنّ كلّ علمٍ علَى الإطْلاَقِ مُفْتَقِرٌ إلَى معْرِفَتِه ، مُحتَاجٌ إلى استِعْمالِه فِي مُحاوَرَتِه ، وصاحِبُه غيرُ مُفتقِرٍ إلى غَيرِه ، وغيرُ مُحتَاجٍ إلى الاعتِضَاد والاعتِماد على سواه ، فإنّ العلمَ إنّما هو باللّسان ، فإذا كانَ اللّسَانُ مُعوجّاً متى يَستَقِيمُ ما هوَ بِهِ ؟ وإن أردتَ إقَامَةَ الدّليل على شأنِ أهلِ هذا الشّان ، وإيضاحَ فَضْلِهِم بالدّلائِلِ والبرهان ، فَكُنتَ كمن تكلّفَ دَلِيلاً على ضياءِ النّهارِ ، وإشراقِ الشّمسِ وإحراقِ النّار ، فإنّ ذلكَ لا يَخفَى على الصّامتِ من الحيوان فكيفَ النّاطِق ، وعلى كلِّ كهٍّ فَهٍّ فكيف الحاذِق ...فهوَ لا يَنْفُقُ إلاّ على من جُبِلَ على العِلمِ طَبْعُه ، وعُمِّرَ بحبّ الفضْلِ رَبْعُهُ ، فظلّ للآدابِ خديناً ، ولِصِحّةِ العقْلِ قَريناً ، قدْ عُجِنَتْ بالظّرافَةِ طِينَتُه ، وسُيّرت باللّطافَةِ سيرَتُه ، وأمّا أهل الجهْلِ والغيّ ، والفهاهةِ والعِيِّ ، فليسَ ذا عُشَّكِ فادرُجِي ، ولا مبيتَكِ فأدْلِجِي . فليُعفِني الْمُفَنِّدُ البغيضُ ، وليُعرِض عن التّعْرِيض ... ))


نقلَهُ يَراعُ ربيع بن المدني من كتاب [مُعجمُ الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ] للعلاّمة ياقُوت الحمَوِي الرّومِي [ج 1 ص 9 .10 . 11 ط دار الغرب الإسلامي تحقيق إحسان عبّاس ] بتصرّق يسير

ربيحة الرفاعي
20-07-2011, 08:27 PM
وحسبُكَ بالمرءِ فضلاً أن لا يأتيَ محظُوراً ، ولاَ يَسلُكَ طريقاً مخطُورا ... ألاَ ترى أنّ القَارِئَ إذا قَرأ { إنّ اللهَ بَريءٌ من المشرِكينَ ورَسُولُهُ } (بالرّفعِ) فقدْ سَلكَ طريقاً من الصّوابِ واضِحاً ، ورَكِبَ مَنْهَجاً من الفضْلِ لائِحاً ، فإن كسَرَ اللاّمَ من (رَسُوله) كانَ كُفْراً بحتاً ، وجهْلاً قُحّاً ؟
فضل الأدب كبير وقيمة اللغة عظيمة ولا ينكر ذلك عاقل ، ولا يجادل فيه إلا جاهل أو مغرض يريد من ضرب الأدب تضييع اللغة فالدين فتضييع الأمة بعلومها وكل شؤونها..
أحسنت اختيار منقولك أيها الكريم
نفعك الله ونفع بعلمك

دمت بألق

ربيع بن المدني السملالي
21-07-2011, 02:40 AM
فضل الأدب كبير وقيمة اللغة عظيمة ولا ينكر ذلك عاقل ، ولا يجادل فيه إلا جاهل أو مغرض يريد من ضرب الأدب تضييع اللغة فالدين فتضييع الأمة بعلومها وكل شؤونها..
أحسنت اختيار منقولك أيها الكريم
نفعك الله ونفع بعلمك

دمت بألق

الفاضلة المتألقة ربيحة / بارك الله في هذه التعليقات المشرفة التي تنم عن ثقافة واسعة ، وكم سرّني أن أكون أحد أفراد هذه الأسرة الكريمة التي تنتسب للواحة الثقافية / وأصدقك أنني وجدتُ ما كنت أصبوا إليه في هذه الحديقة الغناّء / فدمتم موفقين كما أنتم الآن ...
الأستاذة ربيحة تقبلي ودي وتقديري واحترامي ...
أخوك ربيع