المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هاجس الرمل (2)



شريفة العلوي
24-07-2011, 12:02 PM
الرمل في خيال الطفل عالم لا يندرج تحت بنود المستحيل ولا يخضع للقوانين المسننة التي وُضعت قبل أن تخرج أقدامه من بوتقة البدء .

بل هي حبات يملأ منها جيوبه , صكوك يصرفها للريح دون أن تختمر في البنوك , كميات عصية على العد , فيلجأ الطفل إلى رسم وتخطيط المدن في ذهنه , تلك المشروطة عبر مفهومه بطاقمها القضائي والإقصائي ..
يضع مفاتيحها بيد الريح , ويسمح لها أن تصفعها , فرؤيته لانهيار قصور الرمال متعة خاصة والهدف الغالب على المتعة هو اختبار قدرته على إعادة البنيان وللإعادة لذة أخرى تصقل الوعي باجتياز حرائق ما للوصول إلى نتيجة ما ,, ففي كل مرة يدرب يديه على الهدم لينجح في فنون رأب الصدع وإعادة الوضع ..

وفي النهار يراها كيانات تعانق شعاع الشمس المنسوجة في عشوائية تراكمية غير مرئية على البساط المستقر المرئي ..وهي ثمة كيان يندرج تحت مسمى السراب المحسوس , وفي براءة الرياح يُعَدٌ الرمل وسط مادي ناقل لكل ما هو نابض حي و المترجم لطلاسم الكون الملموس , والعالم يغمض عينيه على صرصر جلبة وصول الأقدام المحملة بأثقال أضغاث سكان مدن القرميد .

قبل أن يفشل نسيم البحر في استقطاب روائحهم المثقلة بأجراس الترهيب التي تتخذ لمسارها أجساد الشواطئ الفيروزية , لكن أوراق الانتظار لم تكف عن السؤال حتى جاءت ملامح غياب الحدس لمواهب الترغيب في صورة الحضور .

الرمال تشهر سيف الاستفزاز في وجه الغازي خوفا من اكتمال قرص الغسق الذي يغرق في خط الأفق في منتهى مد البصر لنهايات البحر وكأنها قنينة حبر علق بها القمر .
الرمل مبتغى القادمين , ومشتكى القاطنين , تلتقي فيها نظرات الراحلين والعائدين ..

للرمل ذائقة شم تعجز أمامه الأنوف , تعلمك مهنة الصعود , لأنها على يقين بأنك عائد إليها لا محالة .

حبات الرمل ترتدي في كرنفال السواحل قلنسوة برونزية .

يلتقي فيها الترح بالفرح ليشكلا حزمة يربطها وحدة الأمل ..
وللرمل علاقة وطيدة بالبحور , تلك الجسور المائية المطلية بالأزرق , تطرز سواحل آسيا بشواطئ أفريقيا وبينهما سفر الذاكرة الممتد لا يحتاج إلى شحن بطاقته من بحور أخرى ..

و قباب الموج المتتالي لؤلؤ يخبئ ريبته باليقين لأن اليقين هنا صورة معكوسة تلمع من بعيد في انطفاء , فوق غمامات يتصاعد إليها بوح البحر الهائج في يوم الصحو , حين تعبث به شكوى الطقس من مخافة المناخ ..

و يلاطف برودة الحلم الطفيف فيعود وابلا كريستاليا يزهو بالهطول , وحبات المطر المتراقصة على يديه تؤكد بأن مراسم الرمل في حالة ازدهار دائم , وكل ما نملكه وتعتمد عليه خرائطنا هو تقوس السواحل وتعرجات الشواطئ , لأن الرمل يظل هناك مصيدة التوهان لـ أقدام الغرباء .

والقراصنة المحتلة لن تأخذ الرمل في جيوبها المثقوبة ولا تجدي في ثبات الرمل تلك الخرائط المقلوبة , ولن يفقد الرمل لمعانه مهما حدث أكان احتراقا لغابة ما أو تصاعد أدخنة الأساطيل القادمة بتقادمها ..
الشمس لن تلاعبك يوما على منوال الفناء لأن الفناء يُفنى عندما يصل إليك لذا.. أيها "الرمل "الطيف حزامك /والثقة وسامك/ أما ثقتنا بك وضعناها في مزهريات الصحراء أمامك قبل أن يحترف الظن تأثيث سكنا له في سراديب الريبة وإن كنا جميعا في أوطاننا سياحا ذلك محض قهر للفروسية

ربيحة الرفاعي
25-07-2011, 12:08 AM
حبات الرمل ترتدي في كرنفال السواحل قلنسوة برونزية .
يلتقي فيها الترح بالفرح ليشكلا حزمة يربطها وحدة الأمل ..
***
والقراصنة المحتلة لن تأخذ الرمل في جيوبها المثقوبة ولا تجدي في ثبات الرمل تلك الخرائط المقلوبة , ولن يفقد الرمل لمعانه مهما حدث أكان احتراقا لغابة ما أو تصاعد أدخنة الأساطيل القادمة بتقادمها ..
***
وإن كنا جميعا في أوطاننا سياحا ذلك محض قهر للفروسية

هاجس رملك يرخي لهواجسنا اللجام فتنطلق عدوا نحو أفق يعيدنا والرّمل إلى أصل الحكاية
إلى ما قبل عبثنا بحباته وقصورة التي نبني على رمال الشواطيء والحدائق
إلى ما قبل ارتمائنا في احضانه ندفن خيباتنا وأحلامنا الغريقة في جحيم أمواج الحقيقة
إلى ما قبل حتى ارتسام ملامح الكون ووجودنا

وهواجسنا رماح من الواقع تخترق نصالها الأرواح والقلوب
فيهمي حرفك ساحرا ليهديء من الروع ويطمئن القلب

أبدعت غاليتي

دمت بألق

عبدالله العبدلي
26-07-2011, 02:21 AM
عدتُ يارمل مع صوت المطرْ = حين نادى : مبهجُ الماضي حضرْ!
عدتُ طفلاً أدفنُ الهمّ ضحىً = وأناغي السعد في بيت المَدَرْ
أطرد الحلمَ فراشاتٍ وأرى = كل لونٍ في مدى النور انتشرْ
تخطُرُ الشمسُ عروساً داخلي = حين تكسوها فساتين السّحَرْ
وأذوقُ الحبّ عذباً غامضاً = وأمَلُّ الهجرَ إنْ غيمٌ سـتــَرْ
ويمر الوقت ... بالي سادرٌ = إيهِ ياشمسُ لقد ملّ البصرْ
هل تعودينَ؟ تنادي رملةٌ : = آآه لو تدري ... أنت في عهد الصّغرْ
آآه لو تدري بهمٍّ يعتري = كلّ من قاسى متاهاتِ الكِبَرْ !
أنتَ تبغي الشمس تأتي كيْ ترى = متعةَ القفز على لمع الحجَرْ
وهْو يبغي الشمسَ أبواباً بها = مسلكُ الردهاتِ في قصر الوَطَرْ
نسِيَ العزّةَ في تُرْبٍ حوى = كلّ تِصهالٍ لأبطال البشرْ
فارجعوا هيّا لأحلام الصِّبا ! = كي نصوغ َ المجدَ في رمل القمرْ


دائما ماتمنحيني سُكْر المشاعر السادرة في الملكوت ياشريفة !
بتّ أرى أنك من أقوى الملهمات لشعري..
لقد تغلغل حب الرمل في تكويني الشاعري وتقمصتُ شخصية الغيم حين عادت طفولتي مع نصّكِ كي يهطل دمعي على تذكار أيام السرور الذواهب.
سأظل منتظرا رمالك الذهبية كلما مللت من شموس التفاهات المحرقة وسأظل أتذكر طفولتي كلما قبّلت سحنتي عصفة من الرمال!
دمت ياشاعرة الرمل!

خليل حلاوجي
26-07-2011, 02:32 PM
المطر دمع السماء لحزن الارض
لاوجاع الحيارى
وعطش الصحارى

المطر

ولادة النماء

والرمل يؤسس تاريخ الفرح والولادة

الرمل بيت خلاصنا
وانتماءنا

/
نص مترع بالدهشة

نداء غريب صبري
26-07-2011, 03:44 PM
اسمحي لي ان اقف هنا أخيتي

فقط لأتعلم

أشكرك وهذه الروعة

بوركت

رنا اسعد
26-07-2011, 03:53 PM
لآلئ أدبية منضَّدة , بحلَّة شعرية مزركشة
باذخة الجمال .. وارفة الظلال .. رائعة في حرفها .. رائعة في معناها .. رائعة في مبناها .. تتَّسم بالسلاسة في الأسلوب و الحرفية فـي السبك و التصوير ..
تحية إعجاب

شريفة العلوي
28-07-2011, 01:25 PM
هاجس رملك يرخي لهواجسنا اللجام فتنطلق عدوا نحو أفق يعيدنا والرّمل إلى أصل الحكاية
إلى ما قبل عبثنا بحباته وقصورة التي نبني على رمال الشواطيء والحدائق
إلى ما قبل ارتمائنا في احضانه ندفن خيباتنا وأحلامنا الغريقة في جحيم أمواج الحقيقة
إلى ما قبل حتى ارتسام ملامح الكون ووجودنا

وهواجسنا رماح من الواقع تخترق نصالها الأرواح والقلوب
فيهمي حرفك ساحرا ليهديء من الروع ويطمئن القلب

أبدعت غاليتي

دمت بألق



شاعرتنا المبدعة الكريمة ربيحة الرفاعي

ما أروع مرورك في سبر أغوار النص وإعادة الرمل الى تكوينه الجمالي حين نصبح جزءا منه ويداوي هواجسنا

يسعدني حضورك دائما نظرا لتكوينه الجمالي

دمت بكل خير.

شريفة العلوي
30-07-2011, 11:37 AM
عدتُ يارمل مع صوت المطرْ = حين نادى : مبهجُ الماضي حضرْ!
عدتُ طفلاً أدفنُ الهمّ ضحىً = وأناغي السعد في بيت المَدَرْ
أطرد الحلمَ فراشاتٍ وأرى = كل لونٍ في مدى النور انتشرْ
تخطُرُ الشمسُ عروساً داخلي = حين تكسوها فساتين السّحَرْ
وأذوقُ الحبّ عذباً غامضاً = وأمَلُّ الهجرَ إنْ غيمٌ سـتــَرْ
ويمر الوقت ... بالي سادرٌ = إيهِ ياشمسُ لقد ملّ البصرْ
هل تعودينَ؟ تنادي رملةٌ : = آآه لو تدري ... أنت في عهد الصّغرْ
آآه لو تدري بهمٍّ يعتري = كلّ من قاسى متاهاتِ الكِبَرْ !
أنتَ تبغي الشمس تأتي كيْ ترى = متعةَ القفز على لمع الحجَرْ
وهْو يبغي الشمسَ أبواباً بها = مسلكُ الردهاتِ في قصر الوَطَرْ
نسِيَ العزّةَ في تُرْبٍ حوى = كلّ تِصهالٍ لأبطال البشرْ
فارجعوا هيّا لأحلام الصِّبا ! = كي نصوغ َ المجدَ في رمل القمرْ


دائما ماتمنحيني سُكْر المشاعر السادرة في الملكوت ياشريفة !
بتّ أرى أنك من أقوى الملهمات لشعري..
لقد تغلغل حب الرمل في تكويني الشاعري وتقمصتُ شخصية الغيم حين عادت طفولتي مع نصّكِ كي يهطل دمعي على تذكار أيام السرور الذواهب.
سأظل منتظرا رمالك الذهبية كلما مللت من شموس التفاهات المحرقة وسأظل أتذكر طفولتي كلما قبّلت سحنتي عصفة من الرمال!
دمت ياشاعرة الرمل!



الشاعر المبدع عبدالله العبدلي

هذا الإبداع الذي نثرته على مساحة حرف الرمل بدا كحبات اللآلئ المنثورة على قطعة جوخ خميلة ,مثل تلك الحياة التي كانت الأرض لها موطنا ..

وهنا إبداع من صنعك ..وهو محض ابتكار قلمك المذهل ..بارك الله لك في هذا الشلال الذي ينساب من أعالي قريحتك . ...(مما يشجعني على نشر بقية المتوالية عن نصوصي الرملية )

أبارك لك قدوم رمضان شهر الرحمة والغفران .

وكل عام وأنت بخير بألف خير.

شريفة العلوي
18-03-2012, 01:45 PM
المطر دمع السماء لحزن الارض
لاوجاع الحيارى
وعطش الصحارى

المطر

ولادة النماء

والرمل يؤسس تاريخ الفرح والولادة

الرمل بيت خلاصنا
وانتماءنا

/
نص مترع بالدهشة


أخي المبدع خليل الحلاوجي

قراءتك السخية محض احتفاء بالحرف وإضافة تبعث الفخر والاعتزاز على الفوز بها ..

دمت بكل خير.

بشرى العلوي الاسماعيلي
19-03-2012, 02:27 PM
الأديبة الكبيرة :شريفة العلوي
بكل إعجاب أقف أمام زمردة قلمك في زمن عزّ فيه النقاء
تقبلي مروري المتواضع مع كل المودة