مشاهدة النسخة كاملة : المعري " أنا الشيخ المُفترَى عليه "
احمد حمود الغنام
25-07-2011, 11:06 AM
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 -449هـ)، (973 -1057 م)
مالئ الدنيا وشاغل الناس مثله مثل المتنبي والذي كان يصف المتنبي على أنه أستاذه ..
المعري ذلك الإنسان الذي بلغ المجد من جميع أطرافه وحاز من الصفات التي لم تجتمع لأحد من قبله ولا من بعده فإن شئت قلت المعري :
1- الشاعر
2- الأديب
3- الناقد اللغوي
4- الفيلسوف
5- اللغوي
6- الراوي
7- القاص
8- الناقد الإجتماعي
وأوصاف أخرى تلمسها وأنت تطوف بين أرجاء عالمه الواسع .
بدأت حياته بالمصائب والابتلاءات ومنذ نعومة أظفاره فمن العمى إلى فقد أمه "الصدر الحاني عليه"
إلى فقد أبيه ، إلى غربته وتغربه
ومن ثم إلى كثرة حاسديه ومتهميه بانتحاله أدبه وعلمه من فلسفات ماأنزل الله بها من سلطان ،واتهامه في عقيدته أقدس شيء يملكه .
والعصر الذي عاش فيه المعري يعتبر من أكثر العصور التي مرت على أمتنا والتي استشرت فيها الفتن
واستمرأ الناس فيها الحسد والبغضاء ، مما أوغر عليه صدور من أعمتهم الفتنة .
وصدق فيه القول المأثور لكل شهرة ضريبة لابد منها !
كان المعري حاد الذكاء تنم عن ذلك عبقريته التي كانت تبهر معاصريه ، ويعود ذلك إلى الثراء العلمي الذي أحاطه فقد درس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه ويدل شعره ونثره على أنه كان عالما بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة .
سافر في أواخر سنة 398 هـ، إلى بغداد فزار دور كتبها وقابله علماؤها . وعاد إلى معرة النعمان سنة 400 هـ، وشرع في التأليف والتصنيف ملازما بيته وكان كاتبه اسمه علي بن عبد الله بن أبي هاشم .
عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم ياكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. ويعتبر المعري من الحكماء والنقاد. وتوفي المعري عن 86 عاما ودفن في منزله بمعرة النعمان. ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه.
وعن عقيدة الرجل فقد أثارت عبقرية المعري حسد الحاسدين فمنهم من زعم أنه قرمطي، ومنهم من زعم أنه درزي وآخرون قالوا إنه ملحد ورووا أشعاراً اصطنعوا بعضها وأساؤوا تأويل البعض الآخر، غير أن من الأدباء والعلماء من وقفوا على حقيقة عقيدته وأثبتوا أن ما قيل من شعر يدل على إلحاده وطعنه في الديانات إنما دس عليه وألحق بديوانه. وممن وقف على صدق نيته وسلامة عقيدته الصاحب كمال الدين ابن العديم المتوفي سنة 660 هـ، وأحد أعلام عصره، فقد ألّف كتابا أسماه العدل والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري وفيه يقول عن حساد أبي العلاء " فمنهم من وضع على لسانه أقوال الملاحدة، ومنهم من حمل كلامه على غير المعنى الذي قصده، فجعلوا محاسنه عيوباً وحسناته ذنوباً وعقله حمقاً وزهده فسقاً، ورشقوه بأليم السهام وأخرجوه عن الدين والإسلام، وحرفوا كلامه عن مواضعه وأوقعوه في غير مواقعه. و كان يحرم إيلام الحيوان ولذلك لم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة رفقا منه بالحيوان.
وأسوق لكم مثالاً لما حُرف من نظمه من قبل حساده :
فقد ورد في اللزوميات البيت التالي:
قــد تــرامت إلـى الفسـاد البرايـا
واســتوت فــي الضلالـة الأديـان
والبيت المروي على هذا النحو يلصق تهمة الإلحاد بأبي العلاء ،
إذ ينسب الضلالة إلى جميع الأديان ،
غير أننا إذا رجعنا إلى كتاب (شرح المختار من لزوميات أبي العلاء)
لابن السيد البطليوسي المتوفي سنة 521هـ أي بعد أبي العلاء بسبعين سنة ،
وجدناه ينشد البيت على هذا النحو:
قــد تــرامت إلـى الفسـاد البرايـا
ونهتنـــا -لو ننتهــي- الأديــان
ورواية البطليوسي أوثق من رواية اللزوميات المطبوعة ، لأنها أقدم من مخطوطاتها التي اعتمدت عليها . على أن القصيدة التي ورد فيها هذا البيت تدل على تحريفه المتعمد فهو في القصيدة يمجد عظمة الخالق .
والمعري نفسه قد علم بما سيدس حساده عليه فكان يقول : أنا الشيخ المكذوب عليه ، وهذا ما جعل بعض من اتهمه بالإلحاد يرجع عن اتهامه،كما فعل ابن الوردي حين اتهمه في كتابه (تتمة المختصر في تاريخ البشر) ثم رجع عن اتهامه وأثنى على حسن اتقاده وسلامة يقينه بعد أن أطلع على كتابه (ضوء السقط) .
وكأن المعري أحس بمن يدسون عليه فنراه يعتذر لنفسه محتسباً ذلك عند خالقه :
ليفعــل الدهــر مــا يهــم بـه
إن ظنـــوني بخـــالقي حســنة
لاتيـــأس النفس مــن تفضلــه
ولـو أقـامت فـي النـار ألـف سـنة
يتبع ..
احمد حمود الغنام
25-07-2011, 11:09 AM
ومن العصر الحديث فإن أشهر من دافع عن المعري أمير البيان محمود محمد شاكر ، حيث أفرد له كتاباً سماه أباطيل وأسمار للرد على مشويهي صورة المعري
ومن العصر الحديث أيضاً ممن تعرض لهذه القضية أديب آخر من أعلام العصر الحديث وهو أحمد باكثير
حيث كتب مسرحيته ثلاثة أيام مع رهين المحبسين ، حاول فيها الدفاع عن بعض ما أثير حول المعري من شكوك .
وممن تتلمذ على المعري كثير من طلاب العلم ممن علا شأنهم في العلم والأدب ، ومنهم :
أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي .
أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي.
أبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري.
أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي.
فلم نجد أحد منهم إلا مثنيا على علم المعري وفضله، ومعجبا بشدة فطنته وقوة حافظته، ومعترفا بحسن عقيدته وصدق إيمانه. وقد شهد جميع شعراء عصره بفطنته وحكمته وعلمه .
نماذج من شعره :
* في تواضعه :
دعيــت أبا العلاء وذاك مين
ولكن الصحيح أبا النزول
* في سبب اعتزاله عن الناس :
هـــذا زمــان ليس فــي أهلــه
إلا لأن تهجــــــره أهـــــل
حــان رحــيل النفس عــن عـالم
مــا هــو إلا الغــدر والجــهل
إن خــــتم اللــــه بغفرانـــه
فكـــل مـــالاقيتـــه ســهل
* وفي الرياء والخداع بمظاهر الدين يقول :
إذا رام كيـــداً بــالصلاة مقيمــا
فتاركهــا عمــداً إلـى اللـه أقـرب
ويقول أيضاً :
يحــرم فيكــم الصهبــاء صبحـاً
ويشــربها عــلى عمــدٍ مســاء
إذا فعــل الفتــى مـا عنـه ينهـى
فمــن جــهتين لا جهــة أســاء
رأيه في حكام زمانه :
يسوســون الأمــور بغــير عقـل
فينفــذ أمــرهم ويقــال ساســة
فــأفّ مــن الحيــاة وأف منــي
ومــن زمــن رئاســته خساسـة
الموضوع ذو شجون ومن الصعب أن نلم بالجزء اليسير من حياة هذا الجهبذ في هذه العجالة ..
يتبع ..
احمد حمود الغنام
25-07-2011, 11:15 AM
فلو تتبعنا شهادات من عاصروه وكانوا قريبين منه ، لسمعنا منهم كلاما نستطيع أن نستشف منه سلامة عقيدة هذا الرجل ، بخلاف من كان له معه خلاف نتيجة تحامل المعري على بعض أصحاب الآراء الهدامة في ديننا ، مما دعاهم ليساهموا بشكل كبير في تشويه صورته أمام الناس ، وتبعهم في ذلك بعض الأئمة عن حسن نية بما أهالوا على الرجل من تهم .. وهنا نستعرض بعض آراء ممن عاصروه وآراء بعض المحدثين ، فإليكم ذاك :
• أورد ابن خلكان في وفيات الأعيان عند ترجمته لأبي الحسن علي بن أحمد بن يوسف بن جعفر بن عرفة الهكاري الملقب شيخ الإسلام؛ حيث قال :
هو –أي المعري- من ولد عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وكان كثير الخير والعبادة، وطاف البلاد واجتمع بالعلماء والمشايخ وأخذ عنهم الحديث، ورجع إلى وطنه وانقطع به وأقبل الناس عليه وكان لهم فيه اعتقاد حسن، ولقي الشيخ أبا العلاء المعري وسمع منه، فلما انفصل عنه سأله بعض أصحابه عما رآه منه وعن عقيدته، فقال: هو رجل من المسلمين .
• روى السِلفي الحافظ أبو طاهر صدر الدين الأصبهاني الشافعي أنه دُخِل على أبي العلاء بالمعرة في وقت خلوة بغير علم منه , فَسُمِع ينشد شيئاً ثم تأوه مرات وتلا آيات ثم صاح وبكى وطرح وجهه على الأرض ثم رفع رأسه , ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلم بهذا في القِدَم , فصبرت ساعة ثم سلمت عليه فرد وقال : متى أتيت ؟ فقلت : الساعة . فقلت :أرى في وجهك أثر غيظ ؟ فقال : تلوت شيئاً من كلام الخالق وأنشدت شيئاً من كلام المخلوق فلحقني ما ترى فتحقق صحة دينه وقوة يقينه .وبعد الحديث عن بعض مناقب المعري يتابع السلفي قائلا :
وفي الجملة كان من أهل الفضل الوافي والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب " ([1]).
قرأ القرآن بروايات , وسمع الحديث اليسير بالشام على ثقات، وحدث به ([2]) ,
وخرَّج من حديثه سبعة أجزاء رويت عنه , وله في التوحيد واثبات النبوة وما يحض على الزهد شعر كثير والمشكل منه على زعمه له تفسير .
( [1]) انظر : لسان الميزان - ابن حجر 1 / 204.
( [2]) انظر : الإنصاف والتحري صـ 514 .
• يقول الصفدي في كتابه تصحيح التصحيف وتحرير التحريف : أنه "جرى ذكر المعرّي أبي العلاء في بعض المجالس فقال بعض من حضر: كان كافراً، فقيل له: بماذا؟ قال: بقوله:
نَبيّ من العُربان ليسَ بذِي شَرْع"..
و في مكان ثان كنت قد قرأت البيت المذكور:
نَبِيٌّ مِن الغِرْبانِ ليس على شَرْعِ .... يُخًبّرُنا أنّ الشُّعوبَ إلى الصَّدْعِ
الغِربان بدل العُربان .
• ومن العصر الحديث فإن أشهر من دافع عن المعري أمير البيان محمود محمد شاكر ، حيث أفرد له كتاباً سماه أباطيل وأسمار للرد على مشويهي صورة المعري
ومن العصر الحديث أيضاً ممن تعرض لهذه القضية أديب آخر من أعلام العصر الحديث وهو أحمد باكثير
حيث كتب مسرحيته ثلاثة أيام مع رهين المحبسين ، حاول فيها الدفاع عن بعض ما أثير حول المعري من شكوك .
ونختم هنا برد المعري :
إذا قال فيك الناس ما لا تحبه*** فصبرا يفىءْ ودّ العدو إليكا
وقد نطقوا مينا على الله وافتروا*** فما لهمُ لا يفترون عليكا
يتبع ..
احمد حمود الغنام
25-07-2011, 11:26 AM
من الناس من لفظه لؤلؤ*** يصادفه اللقط إذ يلفظ
وبعضهم لفظه كالحصى*** يقال فيلغى ولا يحفظ
يصدّر الدكتور السعيد السيد عبادة كتابه المسمى" أبو العلاء الناقد" بهذين البيتين للمعري ،وتراه في مكان آخر يتابع الحديث عن ثقافة المعري الواسعة والتي كان لها الأثر الكبير في براعته في النقد فقد كان المعري ملما بجميع أنواع علوم اللغة وفنونها من النحو والصرف والاشتقاق والغريب . وعلوم الأدب من علم البيان ، والعروض والقوافي ، وأخبار وأيام الجاهلية والإسلام ، وعلم الشعر جاهليه وإسلاميه . ثم علوم الشريعة من التفسير ، والقراءات ، والحديث ومصطلحه ، والفقه وأصوله ، والتوحيد والكلام . وعلوم التاريخ من التاريخ العام ، والسيرة ، والفرق . والعلوم الفلسفية من علم الفلك والنجوم ، وعلم النغم والإيقاع ، والمنطق ، والفلسفة . أضف إلى ذلك معرفة واسعة عميقة بحياة عصره ، من أخلاق وعادات وسياسة . هذا إضافة إلى ثقافته العامة ، وثقته بنفسه واعتداده بها . كل هذا يجعلنا ندرك مالهذه العقلية الفذة من أهمية في العلوم التي نجنيها من عنده ، ومنها النقد ..
سبق وأشرت إلى المدخل لتعريف المعري للشعر ، وهو ماورد في رسالة الغفران " الشعر كلام موزون تقبله الغريزة على شرائط ، إن زاد أو نقص أبانه الحسّ " وهذا يعتبر بمثابة تسليط الضوء على هذه الجزئية في الشعر لا الحصر .مثل أغلب النقاد ،لتعريفهم الشعر ببعض عناصره .
يقول التبريزي : " كنت أسأل المعري عن شعر أقرؤه عليه فيقول لي :هذا نظم ، فإذا مرّ ببيت جيد قال : يا أبا زكريا هذا هو الشعر "
ويقول ابن سنان : " مازلت أسمع أبا العلاء يقول : إن من الشعر مايصل إلى غاية لايمكن تجاوزها " .
ومجمل القول عنده أن الشعر هو نتاج قوى النفس من الطبع ، والعلم ، والعقل والغريزة المهذبة ، والبراعة المكتسبة ، والفكر الخليّ ، والانتقاد . ولقد تفرد المعري ببعض الأمور الخاصة به كما رأينا .
يذكر د. السعيد السيد عبادة في كتابه " أبو العلاء الناقد" عن اعتقاد المعري وذلك في معرض حديثه عن العوامل الخاصة للمعري قيذكر أن اعتقاد المعري من أكثر جوانبه غموضا وخفاء ، إن لم يكن أغمضها وأخفاها ، حتى غدى أرحبها مجالا لاختلاف الرأي ، واضطراب الرؤية قديما وحديثا . فلم يكد يصل مؤرخو شخصيته –على كثرتهم-إلى تحديد قاطع أو متفق عليه لطبيعته وصفته ، بل تفرقت آراؤهم فيه مذاهب شتى ، بلغت في كثير من صورها حد التناقض ، وصدر كل منها عن رؤية صاحبه الخاص .
فكان من صفاته عند من أساؤا الظنّ بما رأوا أو سمعوا : كفر ، زندقة ، إلحاد ، تعطيل ، شك ، حيرة ، اختلاف عقيدة ، يقابلها عند من أحسنوا الظنّ به : إيمان صحيح توبة وارعواء عما سبق منه . وعند من ربطوا بينه وبين بعض الطوائف : تشيع ، اعتزال ، برهمة ، جبر ، قرمطة ، درزية .اهـ
(( لو كان يعتقد مثل هذا الاعتقاد أو شيء منه لكان دعا إليه )) ولما أخفاه )) ! .
يتابع عبادة فيقول : هكذا بدا أبو العلاء عند مؤرخيه : كافر ومؤمن ، بل متشيع ومعتزل وجبري ، على هذا النوع من التناقض العجيب . ولم يكن أبو العلاء كذلك في الواقع ، لاستحالة اجتماع هذه الصفات في شخص .
ولم يكن هذا الغموض وما نشأ عنه إلا أثرا لجملة من العوامل نلاحظها في آثاره وتاريخه على النحو التالي :
أولا : تحرر عقله من قيود الرغبة والرهبة في نقد الحياة والسخرية منها ، منذ اقتنع بغرورها واعتزالها بتأثير اتجاهه الفلسفي ، حتى جاء ماتناول الدين من نقده وسخريته موهما تجاوزه الحد ، ومؤديا إلى ماكان من سوء الظنّ والاتهام .
ثانيا : صياغته كثيرا من آرائه شعرا ، له نسقه الخاص في اللغة والتجوز والبديع ولزوم ما لا يلزم ، مما أدى إلى اضطراب الرؤية والفهم عند كثيرين ممن تناولوه ، لا سيما من تقصر بهم همتهم العقلية والذوقية عن مستواه ومستوى المشتبه منه خاصة . على نحو ماتجد في ( زجر النابح ) الذي ألفه المعري للدفاع عن بعض ما اتهم به في ( اللزوميات ) ، وكان أخص ما التفت إليه بالدفاع ما ضل فيه المعترض سبيل التأويل ، لسوء قصده أو لجهله بأساليب النظم ، حتى وجدناه كثيرا ما يصدر دفاعه بنحو قوله : " المعنى كذا " أو يعقب عليه بقوله : "فإنما ذلك – أي إنكار المنكر-بغباوته وضلاله عن أساليب القول " ،أو يسرف في ضرب الأمثال لكلامه من القرآن والحديث والشعر والنثر .
ثالثا : جزئية النظر في كثير من صفاتهم السابقة ، لاسيما حكمهم بتشيعه واعتزاله وقرمطته ودرزيته وبرهمته ، واتهامهم له بإنكار النبوات والبعث والجن والملائكة ، إذ بنوا هذه الأحكام والاتهامات على أبيات موهمة أو غامضة ، وأعرضوا عن أضعافها من شعره ونثره الواضح الدلالة على ضد ماحكموا وما وصفوا .
رابعا : تحريف كثير من شعره في حياته قصدا لإيذائه ، وبعد مماته تأييدا لمقالة السوء فيه ، ففي حياته ذكروا أنه أنشأ ( رسالة الضبعين ) دفاعا عن بيتين حرفا من اللزوميات ، وبعد مماته كان من مؤرخيه من حرفوا بعض أبياتها ، وهم أبو الفدا والذهبي وابن الشحنة . على أن هذا الديوان رغم طبعه عدة طبعات حتى الآن لم يحقق تحقيقا علميا دقيقا ينقيه مما به من تصحيف وتحريف .
خامسا : اتجاه بعض تلامذته وغيرهم إلى وضع الأشعار على لسانه يضمنونها أقاويل الملاحدة قصدا لهلاكه وإتلافا لنفسه . ولعل بعض مانسبه إليه مؤرخوه من أبيات ليست في ديواني السقط واللزوميات وكانت حجة لبعض الدارسين مما وضعه هؤلاء .
وإذا كان من المستحيل أن نقطع بذلك في جميعها ، لضياع الشطر الأكبر من شعره إلى الآن ، فإن بعضها قد قطع ابن العديم – وهو حجة في تاريخ أبي العلاء – بوضعه ، لأنه لم يجده في شيء من دواوينه التي رآها وتتبعها .
سادسا : نسبة بعض الأبيات المنحرفة إليه قصدا أو خطأ للتشنيع عليه بها – مع أنها بالتحقيق من شعر غيره- على نحو مافعل السبكي ، وأبو الحسن الجزار وغيرهما .
سابعا : ضياع كثير من آثاره ، لاسيما كتبه التي دفع فيها ما اتهم به ، ببيان ما قصد إليه ، وهي : ( زجر النابح) ، ( نجر الزجر ) ، و ( رسالة الضبعين ) . وكلها مما دافع به عن ( لزوم مالا يلزم). والمطلع على ما بقي من ( زجر النابح ) يدرك مدى أهمية هذا الضائع في فهم ما قصد إليه .
ثامنا : إلى جانب ذلك كله نجد في آثار أبي العلاء التي وصلت إلينا والتي لم تصل ووصفت ما هو مغمور بالشعور الديني السليم ، لاسيما ما ألفه خالصا للوعظ والإرشاد ، أو لتمجيد الله الذي جلّ عن التمجيد ، وهو كثير نذكر منه – على سبيل المثال لاالحصر- ( الفصول والغايات ) مائة كراسة – و ( الأيك والغصون ) – ألف ومائتا كراسة – و ( تضمين الآي ) أربعمائة كراسة ) - و ( تاج الحرة) – أربعمائة كراسة – وغيرها كثير .
كما نجد في سلوكه أبان عزلته ما يؤكد هذا الشعور ، فقد زهد وتنسك ولزم بيته ، وتوفر على ذكر الله والصلاة والصيام له ، وهو القائل :
وعالمٌ خالقي أن الصلاة له *** ألذ عندي من درّي وياقوتي
أنا صائمٌ طول الحياة وإنما *** فِطري الحِمامُ ويوم ذاك أعيّدُ
هذه العوامل مجتمعة ، وما يبدو من تفاوت بين آثاره التي غمرت بشعوره الديني السليم ، وآثاره التي غمرت بتحرره وجرأته ، مع الجهل بتاريخها جميعها على الترتيب ذلك هو الذي يفسر لنا ما يبدو من غموض اعتقاده واضطراب السابقين فيه ، بل يقتعنا بتعذر القطع فيه برأي ، حتى نظهر على جميع هذه الآثار ونحققها وننقيها من التزييف ، ثم ندرسها ونوازن بينها .
ومهما يكن من أمر هذا الاعتقاد وصفته ، فإنه – كما ترى-واضح المعالم في حياته وآثاره ، قوي التأثير فيهما ، وكذلك كان في نقده الأدبي ، إلا أنه فيه على وجهين :
عام : وهو ما يشارك نقده فيه سائر آثاره ، من حيث ساء رأي بعضهم فيها ، وكثر إعراضهم عنها ، لسوء القالة في دينه . وإنما ذلك بالنسبة إلى نقده من ابن الأثير وابن معقل كما سيأتي .
وخاص : وهو نوعان :
نوع لم تزايل المعري في إبدائه روح الجد والصدق والصراحة – وهو الأكثر – إذ تردد في معظم كتبه التي ألفها في عزلته على امتدادها منذ ( الفصول والغايات) أول ما ألف فيها .و حتى ( الضوء ) آخر تأليفه كما سيأتي ...
ونوع اكتنفه من السخرية والجرأة في العرض ما زهد الكثيرين طويلا فيه من المعروض جملة ، كتفضيله نعيم الجنة على جزاء التكسب في الدنيا ، وجعله الشعر الذي يمجد الله سبحانه وقيم الدين سببا للغفران والتكريم في الجنة ، وإن كنت أميل إلى تصديقه وتقبله لأمور :
منها : ماصدر من نقده عن حسه الديني البعيد عن مظنة السخرية ، لأنه يعني أصالة هذا الاتجاه عنده .
ومنها : ظروف المعري في إبدائه حوالي سنة 424 هـ -تاريخ إملاء الغفران – وهي ظروف اتهامه بالكفر والزندقة ، لما أبداه من آراء جريئة في ( اللزوميات ) التي انتهى من نظمها ونشرها في الناس حوالي سنة 421 هـ .
فإن مثل هذه الظروف وما قاساه فيها من عنف الاتهام كما يبدو في ( زجر النابح ) ، حتى اضطر أن يدافع عن نفسه بهذا الكتاب وكتابين آخرين ، تمثل ذلك يرجع عندي جده في الحديث عن الغفران ، والتوسع في أسبابه من توبة ، وشفاعة ، وشعر ديني ، أملا منه في عفو الله عما بدر منه بما له من ذكر وتمجيد .
ومنها : أنه في مقدمة اللزوميات التي بين فيها ما رفض من الشعر وما لم يرفض جعل رفضه فقط لما استجيز فيه الكذب . أما الكائن عظة للسامع فهو إن شاء الله مما لم يلتمس به الثواب كما قال .
على أننا بالنظر في النوع الأول من حيث ملابسة بعض صوره لصور النقد الديني الذي أخذ بسببه في ( اللزوميات ) ومن حيث تردد صوره خلال عزلته كلها ، يمكننا أن نرجح غلبة اليقين الديني السليم على قلبه ، وعمق جذوره في نفسه مهما لابسه أحيانا من عوارض اليأس والسخط التي تأتي وتزول .
ربيحة الرفاعي
25-07-2011, 11:10 PM
ليس هذا بحثا نثمنه ونثني عليه في سيرة شيخ المعرة، ولا هو قراءة متأنية في حياته، وإنما هو مرافعة كريمة في الدفاع عن علم من أعلام الشعر والفلسفة والنبوغ نال ذكره ما نال من تشويه جعل النفوس تعزف عنه لما اتهم به بينما هي تعشقه لما قرأت وتقرا من بديع حرفه وفكره
جهد كريم في إحقاق حق ورفع أذى عن من لا يملك رفع الأذى عن ذكره
أبدعت أيها الكريم
دمت بألق
احمد حمود الغنام
27-07-2011, 08:10 AM
ليس هذا بحثا نثمنه ونثني عليه في سيرة شيخ المعرة، ولا هو قراءة متأنية في حياته، وإنما هو مرافعة كريمة في الدفاع عن علم من أعلام الشعر والفلسفة والنبوغ نال ذكره ما نال من تشويه جعل النفوس تعزف عنه لما اتهم به بينما هي تعشقه لما قرأت وتقرا من بديع حرفه وفكره
جهد كريم في إحقاق حق ورفع أذى عن من لا يملك رفع الأذى عن ذكره
أبدعت أيها الكريم
دمت بألق
شكر الله مرورك الثريّ مشرفتنا القديرة ، بارك الله فيك ، نعم هي الأمور واضحة عندي ومنذ أن قتحت عيني على القراءة لهذا الرجل وفي سنّ مبكرة من عمري ، وأنا أعتقد أنه لايمكن لهذا العقلية أن تجحد وتنكر أو تشك بإله مجدّه طوال مسيرته العلمية ! وكنت أتابع غير مقتنع بما نسبوه له من أبيات قليلة وقليلة جدا تدلّ على شكّه تجاه خالقه .. وأبيات هي أقل على كلّ حال حملوها مالاتحمله من أساليب لغوية ، مع أن احتمال ركوب السهل فيها كان أيسر لهم كي يستبينوا مقصد الرجل بوضوح وجلاء ..
تحيتي أختي الكريمة ،
نادية بوغرارة
15-02-2012, 12:22 AM
الأخ أحمد ،
لا يكفيك شكر على الجهد المبذول لإنجاز هذا الموضوع ،
من أجل إحقاق الحق ، في مقابل ما تم إلصاقه بشيخ المعرة من تهم ،
و ما تم حشره في ديوانه الشعري مما يدعم اتهامهم ، و يشكك القارئ في إيمانه .
فما أجرأ أولئك الملفِّقين على النار !!!
و الحقيقة أن المبحر في شعر المعري لا يمكن أن يتأثر أو يصدق مثل تلك الأباطيل .
جزاك الله كل الخير .
احمد حمود الغنام
21-02-2012, 08:00 AM
الأخ أحمد ،
لا يكفيك شكر على الجهد المبذول لإنجاز هذا الموضوع ،
من أجل إحقاق الحق ، في مقابل ما تم إلصاقه بشيخ المعرة من تهم ،
و ما تم حشره في ديوانه الشعري مما يدعم اتهامهم ، و يشكك القارئ في إيمانه .
فما أجرأ أولئك الملفِّقين على النار !!!
و الحقيقة أن المبحر في شعر المعري لا يمكن أن يتأثر أو يصدق مثل تلك الأباطيل .
جزاك الله كل الخير .
بارك الله فيك ولك وعليك أخيتي نادية المبحرة وراء الحق والحقيقة ..
جهد قليل أمام هذا النايغة الذي حسدنا عليه الشرق قبل الغرب !
تقبلي عاطر التحية ،
نداء غريب صبري
25-02-2012, 12:04 AM
ما اكثر ما اتهم به هذا الشاعر الفيلسوف من حاسدين استغلوا شعرا منسوبا إليه منه ما أولوه بغير ما أراد الشاعر ومنها ما لم يكن من شعره أصلا
شكرا أخي لهذا البحث الرائع الذي يدافع عن الحق والحقيقة
بوركت
احمد حمود الغنام
25-02-2012, 08:17 PM
ما اكثر ما اتهم به هذا الشاعر الفيلسوف من حاسدين استغلوا شعرا منسوبا إليه منه ما أولوه بغير ما أراد الشاعر ومنها ما لم يكن من شعره أصلا
شكرا أخي لهذا البحث الرائع الذي يدافع عن الحق والحقيقة
بوركت
شكر الله لك هذا المرور البهيّ أخية نداء غريب صبري ، ونسأل الله لنا وله السلامة .
مع طيب التحية ،
خليل حلاوجي
04-12-2012, 05:15 PM
المعري ينتمي إلى [ القلة ] الذين هم للحق موافقون وبه يصدعون في حين أن القرآن يصف الكثير بأنهم للحق كارهون
/
أشكرك أستاذ أحمد .
احمد خلف
06-12-2012, 05:46 AM
بحث وعرض...ودفاع قيم عن الشاعر المعري...وقد تعرت المساوي والمآخذ منه...فما من.بشرسوي ايها العزيز...وفقدان الرجل لبصره قد زاد الطين بلة...حرمه المرض رؤية الدنيا رغم ما يقال عنه من نفس كبيرة وذكاء متوقد ودقة شعور
ويا أستاذنا الجليل ...ونحن معك نقر بما يتمتع به الرجل من اطلاع كبير باللغة واسرارها
فإنه لم يدع بيت علم الا ولجه ولا مجلس ادب الا وحضره....
وقد قست الدنيا عليه فزادت رحلته مع الألم والوجع ...وزاد سواد الدنيا في عينيه بفقدان أجل نعم الله علينا نعمة البصر...فأسود قلبه كما الدنيا...روح منحبسة في جسد عليل...فلا حبيبة تخفف ...ولا خلة ترأف...ولا زوجة تأسف....والحياة لا تستقيم كذلك...والله غفور رحيم ودود محب لعباده ...
ولكني اطلعت على شعر ...للمعري ...يصمه بكل ما قال عنه أهل زمانه سيما وأنهم علماء أجلاء ..حاكموا قوله ...فكان الحكم عليه بما جاء منه في تلك القضايا:
ومنها.....الشك عند المعري:
يقول المعري في حد السرقة :
تناقض فما لنا إلا السكوت له**وأن نعوذ بمولانا من النار
يد بخمس مئين عسجد وديت ** ما بالها قطعت في ربع دينار
يقول ياقوت الحموي رداً على ذلك :
المعري حمارٌ لا يفقه شيئاً وإلا فالمراد بهذا بين لو كانت اليد لا تقطع إلا في سرقة خمسمائة دينار لكثر سرقة ما دونها طمعاً في النجاة
ولو كانت اليد تفدى بربع دينار لكثر من يقطعها ويؤدي ربع دينار ديةً عنها نعوذ بالله من الضلال.
وقال عنه ابن كثير :
وهذا من إفكه يقول اليد ديتها خمسمائة دينار فما لكم تقطعونها إذا سرقت ربع دينار وهذا من قلة عقله وعلمه وعمى بصيرته وذلك أنه إذا جنى عليها يناسب أن يكون ديتها كثيرة لنزجر الناس عن العدوان وأما إذا جنت هي بالسرقة فيناسب أن تقل قيمتها وديتها لينزجر الناس عن أموال الناس وتصان أموالهم.
وقد رد عيه الإمام السخاوي :
عز الأمانة أغلاها وأرخصها ** ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي:
وقاية النفس أغلاها وأرخصها ** وقاية المال فافهم حكمة الباري.
قال ابن الجوزي: لما سئل عن هذا : لما كانت أمينة كانت ثمينة فلما خانت هانت
ولأبي العلاء أيضا :
ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة ** وحق لسكان البسيطة أن يبكوا
تحطمنا الأيام حتى كأننا**زجاج ولكن لا يعاد له سبك.
( يعني ينكر البعث بعد الموت.)
ويقول :
أمور تستخف بها عقول وما يدري الفتى لمن الثبور
كتاب محمد وكتاب موسى وإنجيل ابن مريم والزبور
المعري شاكاً حتى في الفرائض والمذا هب :
يقف المعري موقفا رافضا للحج ويرى أنه ليس فرضا على العجائز والعذارى طالما بقى هؤلاء الناس المذنبون حول الكعبة ويقول في ذلك :
وما حجي إلى أحجار بيت **كؤوس الخمر تشرب في ذراها
إذا رجع الحكيم إلى حجاه** تهاون بالمذاهب وازدراها
ويقول :
في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمأذنة يصيح
كل يعظم دينه يا ليت شعري ما الصحيح.
وهذا يدل على زندقتة وإلحاده .
ويقال إنه أوصى أن يكتب على قبره:
هذا ما جناه أبي علي**وما جنيت على أحد.
والذين تكلموا عن المعري علماء أفاضل منهم الذهبي و ابن الجوزي والصفدي وابن كثير وياقوت الحموي وغيرهم .
والمعري يؤمن بالعقل ولا يؤمن بالغيب كما أمرنا الله به وهذا ثابت في لزومياتة
يقول :
جاءت أحاديثُ إن صــحتْ فإن لها ** شأنـا ولكن فيها ضعف إسنادِ
فشاور العقل واترك غيره هـــدرا** فالعقل خيرُ مشيرضمّه النادي
ويقول :
أمور تستخف بها عقول **وما يدري الفتى لمن الثبور
كتاب محمد وكتاب موسى** وإنجيل ابن مريم والزبور
المعري شاكاً حتى في الفرائض والمذا هب :
ويقال عنه أنه ألف رسالة الفصول والغايات التي لم يصل إلينا سوى الجزء الأول منها وهو ما يساوى ثلثها تقريبا وأسماها " الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات " كما يرى البعض بينما يرى الآخرون أنها في تمجيد الله والمواعظ ويروى أنه قيل له : ليس هذا مثل القرآن ، فقال لم تصقله المحاريب .
وقد قيل ان المعري أقلع عن هذا كله وتاب منه،
وأنه قال قصيدة يعتذر فيها عن ذلك كله، ويتنصل منه، وهي القصيدة التي يقول في إحدى لزومياته :
يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الاليل
ويرى نياط عروقها في مخها
والمخ في تلك العظام النحل
اغفر لعبد تاب من زلاته
ما كان منه في الزمان الأول
هذا والله من وراء القصد
خليل حلاوجي
06-12-2012, 12:40 PM
اليوم محاكمنا تسجن السارق بربع دينار .. وفي نفس الوقت تترك من يسرق ربع مليار دولار من خبز الناس الأبرياء
عن مثل هذا نطق المعري!!
والله أعلم .
احمد حمود الغنام
18-12-2012, 08:22 AM
بارك الله فيكم على مروركم وتفاعلكم الطيب .. اللغة وعاء لايعرفه من عرفه كالمعري رحمه الله ، وأساليب اللغة والبلاغة تجعلنا نثبت أن الأسود أبيض ..! وأما عن البيت المذكور في قطع اليد ،فالمعري لم يعترض على حكم الله فيه بقدر مايعترض على من تقطع يده بربع دينار وتترك بأضعاف ذلك..ّ كما ذكر أخونا الحبيب حلاوجي، فهل بقي عندك شك في صدق المعري أخي أحمد ؟!
أما بيت الزجاج فمن العجب الاستدلال بها عن عدم الإيمان بالبعث وهي حقيقة ماثلة أمامنا أن الزجاج لاينجبر ..! بينما نرى مئات الأبيات عنده يتحدث بها عن البعث وعن الآخرة وعن الجنة..!
وباقي الأبيات لاتخلو من مثل هذه الآراء الحقة للمعري ، فهو ينقد المجتمع الذي عاش فيه وهو مليء بالفتن والمحن..ومروره باللاذقية على الرهبان فقد فندها الشيخ الأديب الإمام أبو فهر في كتابه عن المعري "أباطيل وأسمار"..!
أما من تكلم بحقه من العلماء فكما ذكرت لك لم يلقه أحد منهم ومن لقيه وعاصره أثنى عليه ، وهم علماء أفاضل أيضا .. ولاننسى كتبه التي فقدت وفيها الرد على اتهاماته ..أما الفصول والغايات فهي أمامنا ماثلة تستطيع قراءتها من على الشبكة ، لم يؤلف مثلها في تمجيد الخالق ..!
لكم مني أطيب التحية ،
احمد حمود الغنام
20-12-2012, 03:56 PM
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
واحرص على القلوب من الأذى ... فرجوعها بعد التنافر يصعبُ
- إن القلوب إذا تنافر ودها ... شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
احمد حمود الغنام
23-12-2012, 11:25 PM
كَانَ بِهَذِهِ الْمَدِينَة رجل أعمى اسْمه أَبُو الْعَلَاء المعري وَهُوَ حاكمها وَكَانَ وَاسع الثراء عِنْده كثير من العبيد وَكَانَ أهل الْبَلَد خدم لَهُ.
أما هُوَ فقد تزهد فَلبس الكلتم وَاعْتَكف فِي الْبَيْت وَكَانَ قوته نصف من خبز الشّعير لَا يَأْكُل غَيره وَقد سَمِعت أَن بَاب سرايه مَفْتُوح دَائِما وَأَن نوابه وملازميه يدبرون أَمر الْمَدِينَة وَلَا يرجعُونَ إِلَيْهِ إِلَّا فِي الْأُمُور الهامة وَهُوَ لَا يمْنَع نعْمَته أحدا يَصُوم الدَّهْر وَيقوم اللَّيْل وَلَا يشغل نَفسه مُطلقًا بِأَمْر دُنْيَوِيّ وَقد سما المعري فِي الشّعْر وَالْأَدب إِلَى حد أَن أفاضل الشَّام وَالْمغْرب وَالْعراق يقرونَ بِأَنَّهُ لم يكن من يدانيه فِي هَذَا الْعَصْر وَلَا يكون وَقد وضع كتابا سَمَّاهُ الفضول والغايات ذكر بِهِ كَلِمَات مرموزة وأمثالا فِي لفظ فصيح عَجِيب بِحَيْثُ لَا يقف النَّاس إِلَّا على قَلِيل مِنْهُ وَلَا يفهمهُ إِلَّا من يقرأه عَلَيْهِ وَقد اتَّهَمُوهُ بأنك وضعت هَذَا الْكتاب مُعَارضَة لِلْقُرْآنِ يجلس حوله دَائِما أَكثر من مِائَتي رجل يحْضرُون من الْأَطْرَاف يقرءُون عَلَيْهِ الْأَدَب وَالشعر وَسمعت أَن لَهُ أَكثر من مائَة ألف بَيت شعر سَأَلَهُ رجل لم تعط النَّاس مَا أَفَاء الله تبَارك وَتَعَالَى عَلَيْك من وافر النعم وَلَا تقوت نَفسك فَأجَاب إِنِّي لَا أملك أَكثر مِمَّا يُقيم أودي وَكَانَ هَذَا الرجل حَيا وَأَنا هُنَاكَ.
منقول عن كتاب سفر نامة لأَبُي معِين الدّين نَاصِر خسرو القبادياني الْمروزِي
كاملة بدارنه
24-12-2012, 03:51 PM
بارك الله فيك أستاذ أحمد على هذه الجهود لإنصاف (رهين المحبسين) والدّفاع عنه بحقّ
فالمعريّ شاعر له قامته ولأدبه ميزات كثيرة لا يمكن أن يكون الكفر منها
شكرا لك
تقديري وتحيّتي
براءة الجودي
24-12-2012, 04:27 PM
أمرٌ مهم أن نعرف الحقيقة ونزيح اللبس , إني أؤمن وأوقنُ بهذه المقولة ( لكل شهرة ضريبة لابدَّ منها ) أعجبتني جدا وهي صدقا وواقعا في جميع العصور حتى لأنَّ بعض الشخصيات وبالذات المشهورة تشكك فيها من كثرة الأقاويل ولكن المؤمن لايتوقف تصديقه عند هذا الحد بل ينتظر ويبحث ويتثبت , ولن يشعر بمقدار هذا الألم إلا من ذاق شيئا من ذلك ولو بمقدار قطرة أو يفهمها منصفا عارفا بالحال والوضع والنفسية في ذاك الزمن ومافيه من فتن وغيره , المعري لوحده قاموس يمشي على الأرض وعلم من الأعلام , وإن وقعت منه أخطاء وزلات فهو في النهاية بشر وجل من لايخطئ , وأعظم دليل على توحيده وإيمانه أنه يتوب إلى الله من زلاته , فكم نرى من العصاة والفسق اليوم يستمرأون ويتمادون ولايأوبون إلى الباري بل يطغون ويسيرون في الضلال بلا اكتراث فلنتأمل ..
ثم أن كثير من الشعراء والقراء يفسرون مقصد الأبيات والعبارات على حسب نظرتهم وخصوصا غن كانوا من المغرضين لهذا الشخص وأهل حسد وخلاف معه فالأغلبية منهم سيأولون المعنى بانتقام مما يحسب عليه لا له
ونادرا من يجمع بين الخلاف مع الشخص مع إنصافه وإعطائه حقه والاعتراف بفضله , ولن يدرك هذا إلا مستبصر , رايت البيت الذي اورده الفاضل أحمد خلف في قطع اليد في السرقة ولم افهم منه معارضة للشريعة إنما فهمت المعنى الآخر الذي أورده الفاضل خليل حلاوجي فحمدتُ الله أن هناك من وافق فهمي ولم أكن على خطأ ..
ولنفترض ان له من المساوئ والعيوب ماله ولاأظن ان هذا يخلو منه بشر فلابد من الاعتراف بجوانبه الحسنة ألم يقل الرسول ( اذكروا محاسن موتاكم ) وإن كان لديه ماشاع عنه من إلحاد أو غيره فهو إن تاب كما ورد في ماذكرتموه فنسعد لهذا ونفرح وان لم يتب او لم يعلم احد بتوبته فحسابه على الله , مشكلة الناس التشكيك في النوايا التي نكلها إلى الله وسوء الظن , فإن تحدث عن عيوبه ومساوئه علماء افاضل فقد تحدث عنه محاسنه وفضله علماء افاضل ومعاصرين له
وليس علينا ان نقول إلا غفر الله له ورحمه وكتب له الأجر ..
وأتمنى من الطلبة ممن يريد الإنصاف ان لايتاثر بالشائعات وان كان متاثرا فعلى الاقل يستفيد من عبقرية هذا الرجل وإبداعه الذي لايُستهان به , فنحن إن كنا نأخذ من الغرب والكفرة علومهم المفيدة ونحاول نكتب بمثل مايكتبون في أدبهم فإن النظر في أدب المعري وتأمل بدائعه من باب أولى
أشكر صاحب الموضوع على هذا الموضوع الرائع والمهم , جزاكم الله خيرا
احمد حمود الغنام
13-01-2013, 04:54 PM
بارك الله فيك أستاذ أحمد على هذه الجهود لإنصاف (رهين المحبسين) والدّفاع عنه بحقّ
فالمعريّ شاعر له قامته ولأدبه ميزات كثيرة لا يمكن أن يكون الكفر منها
شكرا لك
تقديري وتحيّتي
وبارك الله مرورك السخيّ مشرفتنا المتألقة .. المشكلة هي من الإنطلاقة التي ينطلق منها ناقد المعري، فجلهم يبنون نقدهم على أفكار من سبقهم ، وأكثر هؤلاء كان لهم قضايا مع المعري ،لأنه نقدهم هم أنفسهم..!
تحية تليق ،
احمد حمود الغنام
13-01-2013, 04:57 PM
أمرٌ مهم أن نعرف الحقيقة ونزيح اللبس , إني أؤمن وأوقنُ بهذه المقولة ( لكل شهرة ضريبة لابدَّ منها ) أعجبتني جدا وهي صدقا وواقعا في جميع العصور حتى لأنَّ بعض الشخصيات وبالذات المشهورة تشكك فيها من كثرة الأقاويل ولكن المؤمن لايتوقف تصديقه عند هذا الحد بل ينتظر ويبحث ويتثبت , ولن يشعر بمقدار هذا الألم إلا من ذاق شيئا من ذلك ولو بمقدار قطرة أو يفهمها منصفا عارفا بالحال والوضع والنفسية في ذاك الزمن ومافيه من فتن وغيره , المعري لوحده قاموس يمشي على الأرض وعلم من الأعلام , وإن وقعت منه أخطاء وزلات فهو في النهاية بشر وجل من لايخطئ , وأعظم دليل على توحيده وإيمانه أنه يتوب إلى الله من زلاته , فكم نرى من العصاة والفسق اليوم يستمرأون ويتمادون ولايأوبون إلى الباري بل يطغون ويسيرون في الضلال بلا اكتراث فلنتأمل ..
ثم أن كثير من الشعراء والقراء يفسرون مقصد الأبيات والعبارات على حسب نظرتهم وخصوصا غن كانوا من المغرضين لهذا الشخص وأهل حسد وخلاف معه فالأغلبية منهم سيأولون المعنى بانتقام مما يحسب عليه لا له
ونادرا من يجمع بين الخلاف مع الشخص مع إنصافه وإعطائه حقه والاعتراف بفضله , ولن يدرك هذا إلا مستبصر , رايت البيت الذي اورده الفاضل أحمد خلف في قطع اليد في السرقة ولم افهم منه معارضة للشريعة إنما فهمت المعنى الآخر الذي أورده الفاضل خليل حلاوجي فحمدتُ الله أن هناك من وافق فهمي ولم أكن على خطأ ..
ولنفترض ان له من المساوئ والعيوب ماله ولاأظن ان هذا يخلو منه بشر فلابد من الاعتراف بجوانبه الحسنة ألم يقل الرسول ( اذكروا محاسن موتاكم ) وإن كان لديه ماشاع عنه من إلحاد أو غيره فهو إن تاب كما ورد في ماذكرتموه فنسعد لهذا ونفرح وان لم يتب او لم يعلم احد بتوبته فحسابه على الله , مشكلة الناس التشكيك في النوايا التي نكلها إلى الله وسوء الظن , فإن تحدث عن عيوبه ومساوئه علماء افاضل فقد تحدث عنه محاسنه وفضله علماء افاضل ومعاصرين له
وليس علينا ان نقول إلا غفر الله له ورحمه وكتب له الأجر ..
وأتمنى من الطلبة ممن يريد الإنصاف ان لايتاثر بالشائعات وان كان متاثرا فعلى الاقل يستفيد من عبقرية هذا الرجل وإبداعه الذي لايُستهان به , فنحن إن كنا نأخذ من الغرب والكفرة علومهم المفيدة ونحاول نكتب بمثل مايكتبون في أدبهم فإن النظر في أدب المعري وتأمل بدائعه من باب أولى
أشكر صاحب الموضوع على هذا الموضوع الرائع والمهم , جزاكم الله خيرا
والشكر موصول لك أخية على هذه الإطلالة النافعة بإذن الله ..
من المهم إنزال الناس منازلهم ، فهناك من يتربص بنا ويحسدنا على المبدعين عندنا ..!
تحية لك مباركة من العبد الضعيف،
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir