المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يعود العرب إلى التاريخ؟!



نبيل عودة
26-07-2011, 10:47 AM
هل يعود العرب إلى التاريخ؟!

بقلم: نبيل عودة


سأل معاوية الأحنف بن قيس عن الزمان، فأجابه: " أنت هو الزمان، فإن صلحت صلح ، وان فسدت فسد ..". وأجزم أن نفس الجواب كان سيعطى للرؤساء الفاسدين في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا وكل الشلة اللاحقة.
أحيانا يبدو لي أن استعمال صيغة "العالم العربي" لوصف ممالك وجمهوريات العرب هو نوع من المهزلة، أو السخرية على الذات. بعض الدراسات تقول أن 100- 150 عائلة عربية تتحكم بكل الأقطار العربية، فهل أنظمة مبنية على العائلية والقبلية، يجوز أن تحظى بصفة "عالم عربي"، أم نعود إلى الصيغة الأكثر دقة وواقعية: "دول الطوائف"؟ .. وربما تسمية قبائل أنسب، لأنه تبين أن ما يسمى جهاز دولة، لا وجود له فعليا في جمهوريات وممالك العرب !!
هل من نظام عربي يعتمد استقلالية المؤسسات والرقابة على قباطنة السلطة؟ جهاز قضائي مستقل. جهاز تشريعي مستقل يملك حرية القرار، وسلطة تنفيذية غير مرتبطة إلا بتنفيذ القانون، وجهاز رقابة على السلطة غير مقيد بأحد ؟
هل من برلمان عربي قادر حقاً على التصويت ضد أصغر وزير في أنظمة الطوائف؟
ما زالت صورة مجلس الشعب السوري المخجلة واضحة وتقدم صورة مخزية عن مستوى ونوعية البرلمانات العربية ، باستقبالهم بتصفيق عاصف لرئيس قاتل ومجرم بحق شعبه وبحق الإنسان عامة ، دون أن نرى برلمانيا واحدا لا تدغدغه الحماسة ، وكأنهم في عرض تعر في نادي ليلي ؟!
هل هذا برلمان أم بيت بائعات هوى من نوع الذكور؟
هل من انتخابات عربية لا يحظى فيها الرئيس بالإجماع من الأحياء والأموات، من الذين يبحثون عن الطعام في القمامة، حتى الذين ينزفون في زنازين المخابرات؟
في ظل هذا الوضع يستشري الفساد ويفسد الزمان.
في ظل هذا الوضع يقمع أصحاب الموقف والضمير لضمان أمن الفساد.
في ظل هذا الوضع يتعفن المعارضون في سجون وزنازين أنظمة عصر العرب الحجري الجديد.
وبالمقابل ، وهذا ليس غريبا ، عانت الثقافة العربية، بصفتها المعبر عن الضمير الوطني العربي، وعن الحلم بالتغيير من الضمور والتشرذم ،بل وهناك حالات تكلس مستهجنة، واعترت ثقافتنا حالات من الهروب من الواقع، حتى الهروب من الوطن، وأمانينا أن تعيد انتفاضات التغيير العربية، للإنسان حريته، وتعيد للمواطن العربي كرامته المهدورة في وطنه، من أنظمته أولا.. ثم من الدخلاء الطامعين على أشكالهم المتعددة، وأن ينطلق تيار التغيير بكل عنفوانه في العالم العربي عاصفا بكل حواجز الطغيان وسجون ودوائر مخابرات ملوك الطوائف، لتستعيد ثقافتنا عافيتها ودورها الطليعي في التنوير الفكري والاجتماعي.
لا يمكن نفي إنجازات الثقافة العربية المتمردة على البغاء الرسمي. إنجازات الفكر العربي المعارض للغباء العربي الرسمي. إنجازات الثقافة العربية في ساحة الفكر، الذي فشل ملوك الطوائف في قمعه ومنع تسربه من الزنازين وعن أعين الرقباء.
لا نتجاهل ان الفكر العربي المتنور، المتحرر من عقلية العصر الحجري، استطاع ان يجد انطلاقته في المنفى (المهجر)، وبعضه يواصل التحدي ودفع الثمن بالحرية الشخصية، حاملاً دمه على كفه داخل أوطانه ، وما زلنا نسمع يوميا عن سجناء الفكر والضمير والحرية ، في أنظمة تتوهم أنها قادرة على إفشال حكم التاريخ ، والبقاء في القرن الحادي والعشرين بعقليات وأنظمة القرون الوسطى.
الثقافة العربية لم تقف مكتوفة الأيدي. ولكن بجانب واحد فقط. الجانب الفكري والإبداعي الروحي.رغم الحصار وممارسة النفي.
لا يمكن الحديث عن الثقافة بمفهومها الشامل، الروحي والمادي، الذي يشمل كل ما يبدعه الإنسان في مجتمعه من ثروات مادية ونهضة عمرانية علمية وتعليمية ، من ناحية الثقافة الروحية اجتازت وتجاوزت الفكر القمعي ونشرت فكرها النير، ولكن بانقطاع كبير عن جمهورها ، ومن ناحية أخرى الجانب المادي للثقافة كان بتراجع دائم أو يفتقد للتقدم المرجو، مما زاد معدلات الفقر والأمية والتخلف العلمي والصناعي والتقني. وبمقارنة بسيطة مع اسرائيل، الدولة التي تعتبر العدو الأساسي ، والتحدي الحضاري الأخطر في تاريخ الشعوب العربية، والتي تشكل تهديدا ملموسا للمجتمعات العربية، نشهد حالة من تعمق التخلف العربي ، العلمي والتقني والاقتصادي والاجتماعي، فمقابل تطور العلوم والتقنيات واحتلال مكانة متقدمة على المستوى العالمي لإسرائيل، يحتل العالم العربي مكانة بارزة في تطوير الغيبيات والخرافات وتعميق نهج القمع وتقليص مساحة الحرية ، والحرمان من الحقوق الأساسية للمواطن وحقوق الإنسان عامة.
إن إسقاطات واقع العصر الحجري العربي الراهن يترك سلبيات وإسقاطات مدمرة ليس من السهل القفز فوقها... بل وبدأت تثمر فاكهة مشوهة في حقلنا الفكري والثقافي .. وغاب الكثير من الثمر الجيد من حقولنا.. وتشوهت عقول الشباب ببرامج التضليل الديني من تجار دين بلا ضمير يشكلون الجهاز التعليمي السائد في مجتمعاتهم. ونرى أثر ذلك في الجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء في شتى أرجاء المعمورة.
بذلك نكسب العطف والتأييد لقضايانا؟!
العصر الحجري العربي ألحق بنا أضراراً فكرية عديدة. أفسد زعماءَ ثوريين فقدوا بوصلتهم الاجتماعية والسياسية بأوهام تتعلق بقوى تتلفع بالمقاومة ، وكل محركاتها لا علاقة لها بفكر التحرر والتقدم الاجتماعي ، بل بفكر إرجاع المرأة إلى سجنها وراء الحجاب الشخصي والحجاب الاجتماعي،بفكر تحويل الإنسان إلى أداة لخدمة تنظيمات أو أنظمة لا تعتبر الإنسان أكثر من أداة لخدمة مشاريع لا تمت بصلة لمجتمعاتنا ومصالح إنساننا ، تنظيمات مسلحة لا تخدم التنور والتقدم، وتجعل من الديمقراطية أداة تفسخ وقبر للشرعية الوطنية، ولا تخدم إلا مشاريع لا تمت بصلة لقضية تحرير الأرض وتحرير الإنسان. وآخرون سقطوا في وهم ان عصر المنطق السياسي ولّى وصارت الأقوال العشوائية تطرح بكل مناسبة وبكل ظرف. فكيف نسمي قادة أحزاب مفروض أنها ثورية، يدافعون عن أحزاب إلهية، بعجز عن رؤية الصورة العامة الشاملة، والخلفية الاجتماعية المغرقة بالرجعية الفكرية لهذه التنظيمات ، وكونها امتدادا استراتيجيا لقوى لا شيء يجمعها مع مصلحة الشعوب العربية. مع التنور العربي ، مع التقدم الثقافي والاجتماعي للشعوب العربية، مع التغيير السياسي لما فيه رفع شأن وتأثير الموقف العربي دوليا. ثم نراهم يتجندون ثرثرة بدفاع عن نظام يرتكب جرائم لا تخجل النظام النازي في وقته. بل وبعضهم تخرجوا من سجون نفس النظام القمعي، زج بهم بلا محاكمات لسنوات طويلة جدا، وعذبوا، واليوم يتحدثون عن "نظام قومي ومناضل ضد الاستعمار"، ولو ظل بهم ذرة عقل، لعرفوا انه أفضل خادم للاستعمار الصهيوني الذي يسيطر على أراضيهم ويستوطنها ، بل وضمها بقرارات برلمانه، وأعني ارض الجولان المحتل، ولا يتردد في استباحة شرعية الوطن وقصف مشاريع تعتبر ذات مستوى امني مرتفع جدا، دون أن يتجرأ "المناضلين الوطنيين ضد الاستعمار" على إطلاق رصاصة واحدة ..
قد يرفع البعض حاجبيه ويوسِّع حدقتي عينيه مستهجناً: ما دخل السياسة بالثقافة؟
يكفيني ان أقول ان أبرز مفكر عربي وعالمي معاصر ومؤثر على الفكر والثقافة والسياسة العربية والعالمية، المرحوم إدوارد سعيد، ما كان يصل إلى مكانته الثقافية الدولية والعربية، لو فصل الثقافي عن السياسي، ليس في رؤيته للقضية الفلسطينية فقط ، بل في رؤيته لمجمل حركة الثقافة العالمية وتطورها ، بل وأطلق على أحد أهم كتبه عنواناً سياسياً ثقافياً مثيراً: "الثقافة والإمبريالية". ويسجل في مقدمة كتابه رؤيته الثاقبة، يكتب:
"ان معظم محترفي العلوم الإنسانية، عاجزون عن أن يعقدوا الصلة بين الفظاظة المديدة الأثيمة لممارسات مثل الرق والاضطهاد الاستعماري والعنصري، والإخضاع الإمبريالي، من جهة... والشعر والرواية والفلسفة التي ينتجها المجتمع الذي يقوم بمثل هذه الممارسات من جهة أخرى".
وبالطبع يثبت اندماج الثقافة مع إمبرياليتها، ان الثقافة مثل سائر مكونات المنتوج الاجتماعي المادي، هي جزء من العمران الذي أنجزه المجتمع البشري.وهذا العمران يشكل تحديا لأنظمة القمع ، تواجهه بكل أجهزة الدولة القمعية.
هذا العمران نفتقده تماماً في ممالكنا الطائفية. ويبدو ان الواقع الثقافي العربي وصل إلى درجة من التأزم ، كانت من دوافع الانتفاضات المباركة التي حدثت وتحدث ولكن للأسف لا أرى أنها أنجزت ما يطمأن القلوب على مسيرة التغيير.
القوى التي من المفترض ان تقود بفكرها الاجتماعي المتحرر عملية التغيير أو تؤثر ايجابيا على مسارها، وقعت فريسة تضليل ذاتي قاتل.
هل يعبر هذا الواقع عن سقوط نهائي لتنظيمات الفكر الثوري الذي أثرى ثقافتنا وفكرنا منذ مطلع القرن العشرين؟
من قصص التراث العربي ان عمر بن عبد العزيز استعرض وضع الخلافة الأموية في أيام الوليد بن عبد الملك قال:" الحجاج في العراق والوليد في الشام، وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة.. اللهم قد امتلأت الدنيا جورا وظلما.."!!
بدلوا الأسماء، وكأننا خرجنا من التاريخ منذ ذلك الوقت، واليوم نعود إليه من نفس المكان ، مع حلم بأن نكون جزءا من التاريخ الإنساني، نساهم بتقدمه وارتقائه!!

محمد البياسي
26-07-2011, 11:52 AM
سأل معاوية الأحنف بن قيس عن الزمان، فأجابه: " أنت هو الزمان، فإن صلحت صلح ، وان فسدت فسد ..". وأجزم أن نفس الجواب كان سيعطى للرؤساء الفاسدين في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا وكل الشلة اللاحقة.
!

لا يا أخي الفاضل , هذه الرواية غير صحيحة , فاعذرني , إنك هكذا تنتقص من عظيمين من عظماء الإسلام
الأحنف بن قيس لم يكن يخاف معاوية , رضي الله عنهما , بل العكس هو الصحيح
معاوية كان يخاف الأحنفَ ويحسب له ألفَ حساب .
فقد قيل لمعاوية يوماً تحذيراً من الأحنف : " هو رجلٌ إذا غضِب غضِبَ لغضبته مائةُ ألفِ سيفٍ لا يسألونه فيما غضب " !!!
هل تظن رجلاً كهذا يخاف أحداً ؟!
ثم إن الأحنف كان حكيماً من حكماء العرب والمسلمين , وبه كان يضرب المثل في الحلم والحكمة .

والرواية التي أعرفها أن معاوية قال من نفسه : " نحن الزمان , فمن رفعناه ارتفع ومن وضعناه اتّضع " .

وكان يقصد المسلمين بـ : نحن .







ما زالت صورة مجلس الشعب السوري المخجلة واضحة وتقدم صورة مخزية عن مستوى ونوعية البرلمانات العربية ، باستقبالهم بتصفيق عاصف لرئيس قاتل ومجرم بحق شعبه وبحق الإنسان عامة ، دون أن نرى برلمانيا واحدا لا تدغدغه الحماسة ، وكأنهم في عرض تعر في نادي ليلي ؟!
هل هذا برلمان أم بيت بائعات هوى من نوع الذكور؟
هل من انتخابات عربية لا يحظى فيها الرئيس بالإجماع من الأحياء والأموات، من الذين يبحثون عن الطعام في القمامة، حتى الذين ينزفون في زنازين المخابرات؟
!!

أما هذه فهي صورة واضحة في نهار مشرق
نعم
مجلس الشعب عندنا هو نوع من الماخور فيه كل أنواع بائعات الهوى وبائعي الهوى أيضاً .
يبيعون هواهم وضمائرهم ودينهم وشرفهم لقاتل سفيه مراهق مأجور .






قد يرفع البعض حاجبيه ويوسِّع حدقتي عينيه مستهجناً: ما دخل السياسة بالثقافة؟


لن يرفع أحدٌ حاجبيه , صدقني
لأن السياسة هي نوع من الثقافة
والثقافة هي نوع من السياسة
وهما , وجهان لعملة واحدة .


شكراً أيها الأديب الأريب على هذا المقال الثرّ .


محبتي واحترامي

نبيل عودة
26-07-2011, 10:59 PM
أخي العزيز
مصادري موثوقة جدا جدا.. اعتمد على اهم باحث في التراث العربي الأستاذ هادي العلوي . والمعروف ان هناك الكثير من الروايات الدخيلة.. وقد تكون حقا رواية دخيلة ولكنها مثبتة في كتب باحث لا يمكن اتهامة بسوء النية.
أمر آخر..انا لم أؤلف الرواية التاريخية، وقد يكون موقفك صحيحا وموقف الباحث خاطئا، ما هو الدليل على صحة او خطأ رواية تراثية؟
لا اظن ان احدا منا يملك الحقيقة للقول ان هذا مؤكد او غير مؤكد.. ولكن هذا ما وصلنا وعلينا التعامل معه بجيده وسيئه، ولا أعرف ما السيء في الرواية؟
أشكرك على انتباهك وملاحظاتك، والباب مفتوح للحوار حول الموضوع السياسي طبعا، لان الحسم بالقصة التراثية مسالة لا نملك ان نقرر صحتها من عدمه. وقد استعملتها للدلالة على فكرة معينة وليس لجعلها محورا للمقال.
تحياتي

قيصر أبو شاما
27-07-2011, 06:18 AM
مقالة قيمة لولا ما اختلفتما عليه بشأن الرواية .


محبتي

محمد البياسي
27-07-2011, 06:31 AM
أخي العزيز
مصادري موثوقة جدا جدا.. اعتمد على اهم باحث في التراث العربي الأستاذ هادي العلوي . والمعروف ان هناك الكثير من الروايات الدخيلة.. وقد تكون حقا رواية دخيلة ولكنها مثبتة في كتب باحث لا يمكن اتهامة بسوء النية.
أمر آخر..انا لم أؤلف الرواية التاريخية، وقد يكون موقفك صحيحا وموقف الباحث خاطئا، ما هو الدليل على صحة او خطأ رواية تراثية؟
لا اظن ان احدا منا يملك الحقيقة للقول ان هذا مؤكد او غير مؤكد.. ولكن هذا ما وصلنا وعلينا التعامل معه بجيده وسيئه، ولا أعرف ما السيء في الرواية؟
أشكرك على انتباهك وملاحظاتك، والباب مفتوح للحوار حول الموضوع السياسي طبعا، لان الحسم بالقصة التراثية مسالة لا نملك ان نقرر صحتها من عدمه. وقد استعملتها للدلالة على فكرة معينة وليس لجعلها محورا للمقال.
تحياتي


لا أخالفك الرأي في أن كثيراً من الخلفاء كانوا فاسدين وكانت بطانتهم فاسدة أيضاً

أما أنّ الأستاذ هادي العلوي هو أهم باحث في التراث العربي فهذا ربما كان من وجهة نظرك وربما خالفك في ذلك كثيرون جداً جداً..
وأما أن الرواية موجودة في كتاب باحث لا يمكن أن يُتهم بسوء النية , فهو باحث واحد , وأستطيع أن آتيك بروايتي من طرق مختلفة في التاريخ لآلاف الباحثين الذين لا يمكن أن يُتهموا بسوء النية أيضاً .
المعيار الأول هنا : هو تواتر الرواية , والمعيار الثاني هو أخذها عن ثقة , والمعيار الثالث هو مطابقتها للمنطق العقلي والنقلي والتاريخي .
وإذا كنت تظنّ أن أحداً لا يملك الحقيقة فقد نسفت التاريخ نسفاً يا أخي نبيل .
هناك الكثيرون ممن يملكون الحقيقة يا سيدي
أما سؤالك : ما هو السيء في الرواية ؟ فسوف أبيّن وجهة نظري لو أذنتَ لي ..
السيء في الرواية أنها لعظيمين تاريخيين , بعيداً عن الإسلام , لأني أحس أنهما إسلامياً قد لا يعنيان لك شيئاً ( مع اعتذاري إذا كنتُ مخطئاً )
الأحنف بن قيس كان حكيم زمانه , وكان سيد قومه ,وكان تحت إمرته من السيوف ما يدك بها عرش معاوية دكّا ..
فليس له حاجة في أن يتملق معاوية رضي الله عنهما..
أما معاوية المشهور بالحلم - تاريخياً - فلم يكن -لحلمه وعظمته وقوة سلطانه - بحاجة إلى كذاب منافق يستجديه صوته .
والسيء في الرواية أيضاً أن قارئَكَ ستتكون عنده صورة فورية عن سخف هذين الرجلين إن لم يكن واعياً بما فيه الكفاية وعارفاً بعظمتهما وباعهما الطويل في صناعة التاريخ العربي و الإسلامي .


في النهاية أؤكد لك ثلاثة أشياء :
- أن الاختلاف لا يفسد للود قضية بيني وبينك
- لن أبتعد بك عن لب موضوعك الذي أوافقك في كثير من تفاصيله ( ولكن بعيداً عن رواية معاوية والأحنف رضي الله عنهما)
- أستطيع - إن شئتَ - في موضوع مستقل أن أحاورك طويلاً في الرواية وفي النقل وفي التراث .


محبتي

احمد حمود الغنام
27-07-2011, 08:51 AM
أورد المبرد رحمه الله في كتابه الكامل في اللغة والأدب أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لما نصّب يزيد لولاية العهد أقعده في قبةٍ حمراء، فجعل الناس يسلّمون على معاوية، ثم يميلون إلى يزيد، حتى جاء رجلٌ فعل ذلك، ثم رجع إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين، أعلم أنك لو لم تولِّ هذا أمور المسلمين لأضعتها - والأحنف جالسٌ - فقال له معاوية: ما بالك لا تقول يا أبا بحر! فقال: أخاف الله إن كذبتُ، وأخافكم إن صدقتُ، فقال: جزاك الله عن الطاعة خيراً! وأمر له بألوفٍ، فلما خرج الأحنف لقيه الرجل بالباب، فقال: يا أبا بحر، إني لأعلم أن شرٌّ من خلق الله هذا وابنه، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال، فلسنا نطمع باستخراجها إلا بما سمعت، فقال الأحنف: يا هذا أمسك عليك، فإن ذا الوجهين خليقٌ ألا يكون عند الله وجيهاً.

لو ربطنا هذه الرواية بالتي افتتح بها المقالة أخونا الفاضل نبيل عودة -سأل معاوية الأحنف بن قيس عن الزمان، فأجابه: " أنت هو الزمان، فإن صلحت صلح ، وان فسدت فسد ..". - لتبين لنا أن الرجلين يملكان من العقل يدفعهما للتعايش مع بعضهما وكل واحد منهما متفهم للآخر .. والسؤال من معاوية رضي الله عنه ليس فيه شيء بحد ذاته ، والجواب أيضا فيه الحكمة من الأحنف رضي الله عنه سيد قومه .. وربما يشكل الأمر عندما نسقطه على واقع حكامنا في هذا الزمن ! فلا واحد منهم يشبه الخليفة ، ولا سيد لقومه في زماننا العجيب هذا .. وبعيدا عن حمله على حكام زماننا فإن فيه هذه الحكمة المعهودة من الأحنف وتقبل النصيحة من معاوية رضي الله عنهما .

مقال قويّ وفيه من الحقائق الواضحة والدامغة كما قال أخي المفضال البياسي مالا نخالفك فيه ن فقديما قال نزار قباني عن بعض شعراء الإفراط في الرمزية إنهم من جنس ثالث ، فجل حكامنا في وقتنا الراهن هم أقرب إلى هذا الوصف فهم من جنس ثالث وربما أكثر ..

مع عاطر تحيتي ،

نبيل عودة
29-07-2011, 06:49 AM
بالطبع خلاف الراي لا يفسد للود قضية
نحن لا نختلف على الواقع العربي الذي نطمح لأن يرقى الى الأعالي.وان تنطلق الشعوب العربية نحو استعادة مجدها ومكانتها الحضارية في مقدمة شعوب الأرض.
الروايات في التراث العربي كثيرة ومن المؤكد ان بعضها حور او ابتدع.
رؤيتي ان ما جاء في كتب التراث ، فيه بعض الخلط او الكثير من الخلط.من الصعب اصدار حكم.
هل يوجد مقياس يمكن اعتماده بشكا مطلق؟
كيف نميز بين رواية صحيحة ورواية دخيلة؟
هل تذكرون كتاب طه حسين عن الشعر الجاهلي، حين شكك بمصادره وبامكانية ان بعضة اضيف في فترات أكثر حداثة ، وقدم بحثا هاما ، يمكن ان ينسحب على الكثير من الروايات التراثية .. ؟
وقامت القيامة على كتاب طه حسين ومنع نشره لأن الشك قد يرتقي الى نصوص لها حساسية دينية؟ وما هو الدليل لخطأ طه حسين او سلامة بحثة وبراعته؟
لا يمكن القول الفصل.
يجب ان نتعامل مع ما وردنا.
حتى في خبر لصحيفتين تصدران بنفس العمارة، نجد روايتين متناقضتين عن نفس الحدث، لأن الأمر يتعلق أيضا بالراوي او ناقل الخبر..كل منهما يرى الحدث من زاويته الخاصة، فكيف الحال مع ملايين الروايات والأقوال؟
لا أظن اننا نملك الأدوات ، ليس لعجزنا، انما لكثرة الروايات والرواة والاعتماد على تسجيلها بعد سنوات طويلة من وقوعها، مما يؤكد ان النصوص فيها اضافات او تحوير.. وليس شرطا بهدف التزوير، ولكنها الذاكرة التي لا يمكن ضبطها ، والنقل عبر الرواة الذي لا يمكن الا ان يحدث تغيير في الكلمة والمعنى واسلوب النقل او الذاكرة التي تجعل الراوي يميل نحو تفاصيل ما ويهمل تفاصيل أخرى..
اعتمادي على ما جاء في بداية مقالي، لا اقصد منه الا الدلالة على الواقع السائد اليوم في انظمة العرب..وانا قارئ للتراث ولست باحثا ، وما اتناوله هو ما أجده وليس ما أبتدعه.
لذلك قبول الرواية او رفضها هي مسالة ثانوية، لا علاقة لها بالمقال السياسي نفسه ، او بالحوار الهام حول قصص التراث .

محمد البياسي
29-07-2011, 07:26 AM
بالطبع هل تذكرون كتاب طه حسين عن الشعر الجاهلي، حين شكك بمصادره وبامكانية ان بعضة اضيف في فترات أكثر حداثة ، وقدم بحثا هاما ، يمكن ان ينسحب على الكثير من الروايات التراثية .. ؟


هنا سؤال يطرح نفسه : هل تُصدِّقُ الرواية الفلسطينية أم الإسرائيلية في شأن ما ؟
من ناحيتي أنا أصدق حتى ما أسمع من الفلسطينيين لأنهم أهلي وأهل ثقة وأصحاب حق
ولا أصدق حتى ما أراه من الإسرائيليين لأنهم أعدائي وهم أهل كفر وغدر وكذبٍ ونفاق منذ فجر التاريخ .
هل توافقني ؟
الأمر نفسه ينطبق على طه حسين , لأنه عميل مأجور
أستاذه كازانوفا يهودي مشهور بمحاريته للعروبة للإسلام
وأستاذه الروحي الثاني مرجليوث أيضاً مشهور أكثر منه بذلك !!!
فهل أصدّقُ طهَ حسين المتعمّد في كنيسة كاثوليكية باريسية أم أصدّق الرافعي ؟
هل أصّدق كازانوفا اليهودي أم أصدّق ابن عساكر؟
هل أصدّق مرجليوث اليهودي أم أصدّق ابن هشام الأنصاري ؟


لا يمكن القول الفصل.
يجب ان نتعامل مع ما وردنا.


استناداً إلى معيارك هذا يا أخي الفاضل , فيجب علينا أن نصدق رواية الإسرائيليين بأن فلسطين كلها من حقهم , وأن الفلسطينيين هم قوم غزاة أغراب أتوا من قبرص وبعض جزر البحر الأبيض المتوسط وطردوا منها اليهود أصحاب الأرض .

طالما أنه لا فصل في الروايات التاريخية ويجب أن نتعامل مع وردنا على أنه صادق .

إذاً ففيم جهادك ونضالك ضد الإسرائيليين طالما أنك عدلٌ تسمع للطرف الآخر وتصدقه فيما يقول من غير بحثٍ ولا تحرٍّ ولا تيقّن ؟!!
فاسمع لهم وصدقهم إذاً تنتهِ المشكلة مع الإسرائيليين في الحال .

محبتي

نبيل عودة
29-07-2011, 07:58 AM
عن رواية اسرائيليين تتحدث؟
الموضوع حول قصص التراث.. هل كانت اسرائيل قائمة في ذلك الوقت؟
رايك بطه حسين هو رأي شخصي غير ملزم وبعيد ×، حسب رأيي عن النهج الثقافي السائد . وهو حق لك، ولكنه لا يلزمني بصحة موقفك.
طه حسين كان معبرا عن بداية عصر تنوير عربي... وعندما عين وزيرا للمعارف في مصر ، قام بدو هام في تطوير التعليم والتنوير.
ومؤلفات طه حسين ومحاوراته تضعه حتى اليوم في طليعة المثقفين والمفكرين والباحثين العرب.
بالطبع لا شيء فوق النقد ولا شيء نهائي، وانما هي مسالة نسبية تماما.
على أي حال لك حرية التفكير والتأويل.
وللآخرين نفس الحرية.
وآمل ان يظل الحوار في اطار المنطق الثقافي السليم.
ثانيا حول القضية الفلسطينية، لا أنتظر من أحد ان يوجهني، مع احترامي للجميع
ما أكشفه وكشفته في سلسلة تحقيقات جديدة ، هي مسائل مذهلة بكل المقاييس .. للأسف أجد نفسي صوتا وحيدا، وامكانياتي هي امكانيات شخص وحيد بلا مؤسسة تكرس جهودا للبحث والتحقيق.
واوجهك لمنتدى نصرة القدس لتقرأ اول مادتين من سلسلة بدأت بنشرها في المنتدى ، وما لم أنشره مرعب أكثر..
وعلى العموم انا لا أحب الشعارات والمبالغة ،بدون اثبات ملموس ، هذا ما اضاع قضايا الشعوب العربية بدءا من فلسطين ووصولا الى العالم العربي ومآسيه كلها. قوتنا في عقلنا وواقعيتنا ..في رؤيتنا الصحيحة واختيار النهج السياسي ,الخطاب الاعلامي، الذي ينزع من اسرائيل والصهيونية أسلحتهم الدعائية.
ونحن الجزء الفلسطيني الباقي في وطنه، لنا تجربة سياسية نضالية تاريخية هامة في ذلك...واساليب يمكن ان تشكل نهجا نضاليا لكل شعب مضطهد في وطنه.

محمد البياسي
29-07-2011, 08:47 AM
عن رواية اسرائيليين تتحدث؟
الموضوع حول قصص التراث.. هل كانت اسرائيل قائمة في ذلك الوقت؟


أنت لا تصدق الإسرائيليين في روايتهم !!!
فلماذا تلزمني بتصديق رواية تلميذٍ عند أستاذين يهوديين مشهورين بمقتهم للعروبة والإسلام ؟!!!
لماذا تلزمني بثقافة رجل انسلخ عن عروبته وإسلامه وتاريخه ؟
سبحان الله , متتلمذ على يَديْ مستشرقين يهوديين معاديين للعروبة والإسلام , ومتزوج بكاثوليكية ومتعمد في كنائس فرنسا, ومنسلخ عن تراثه وتاريخه , وداعٍ إلى إحلال الثقافة الفرعونية محل الثقافة العربية !!!!!
كل ذلك لا يعني لك شيئاً يا أخي نبيل ؟!!!

سامحك الله .


محبتي