تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في قصيدة الشاعر رفعت زيتون " يا ليل فاحذر جنود الفجر"



ربيحة الرفاعي
28-07-2011, 09:00 AM
لم أكن أعتزم الخوض في قراءة أشارك بها غيري لهذه القصيدة، وقد تجاوز انفعالي بها ومعها طاقة مفردتي على الحمل، لكن تعليقا للرائعة كاملة بدارنة استوقفني، فقد نطقت القصيدة بأحاسيس أسير حقيقي، وحملت شجنا صادقا ومعاني لم تنجح درر البلاغة وجمال التراكيب وهذا الألق الأدبي الذي غمر النص بشد انتباهنا عنها.
هي بلا شك تجربة انسانية صادقة عايشها هذا المقدسي وعاناها ، بما عاشه من حوله من الأهل والأصدقاء، حيث لا يكاد بيت في فلسطين يخلو من سجين أو مبعد أو شهيد او جريح فاستشعره، وودقه سحاب شعره بكل هذا العمق، حاملا القاريء بمهارة ليعبر الأبواب المغلقة والقضبان الغليظة ويقف به مع السجين هناك يساكنه ذلك الظلام حيث الوحدة والغربة والألم، يتأمله ويعايش تجربته
ابتداء من العنوان كان الشاعر موفقا في توصيل الرسالة الأولى، فمن ستقابلون هناك ليس الضعف والاستسلام، ولا العجز والهوان ، وما سترون من ألم ليس دليل نهاية ولا علامة موت.
ويقف مطلع القصيدة من هذا المنطلق بلاليّ التحدي، بيّن العزيمة صادق الموقف لا توهنه صخرة الكفر على صدره ولا جبروت خصمه ، يصف السجن بأدق وصفه وأذكى المفردة تعبيرا عنه

السّجنُ كفرٌ كمـا الأَغـلالُ كُفّـارُ
أَعمى البصيرةِ خيرَ النَّـاسِ يختـارُ
وفي لسان العرب
وكفَر نعمة اللَّه وبنعمة اللَّه كُفُورًا وكُفْرَانًا جحدها وسترها.
وكفَر الشيءَ يكفِرهُ ( أو الصواب يكفُرهُ بالضم ) كَفْرًا وكُفْرًا سترهُ.
والفاعل منها كما في المحيط كافر
الكَافِرُ : فاعل والجمع كُفَّارٌ وكَفَرَةٌ
الكَافِرُ بالشّيْءِ: المتبرِّئُ منه؛ هو كافرٌ بمبادئ هذا الحزب.
الكَافِرُ: المقيم المختبئ بالمكان؛ هو كافر في صومعته
الكَافِرُ: الظُّلْمَةُ
فهي إذا الكلمة المفتاح في القصيدة التي
والأَسرُ قبرٌ ومنْ في الأسرِ يعرفُـهُ
الموتُ يدنـو وتدنـو قبلَـه النَّـارُ
والقيدُ منفـىً فـلا زوجٌ ولا ولـدٌ
غابَ الصَّديقُ وعزَّ الجـاهُ والجـارُ
صورة جديدة، بل صور متتالية تؤكد على المقولة الأولى بما تعبر عنه من ظلمة وحجب للسجين عن الكون بضيائه وضوضائه، فالقبر يكفر ساكنه كما يكفر السجن ساكنه، لكنه في السجن يلاقي جحيما آخر يزيد في قسوته حيث يدنو الموت والنار بما يلاقي السجين من عذاب وويلات، وما يعيش من غربة وتوحّد وصمت مطبق
للهِ أَشكـو إِذا يأْجـوجُ قـدْ فُتِحـتْ
وداهمتنـي مـعَ الأَوهـامِ أَفكـارُ
حفرتُ بابًا إلـى أَهـلٍ سيوصلنـي
عبرَ الجدارِ وظفرُ الشَّـوقِ حفَّـارُ
تنامُ عيني وعيـنُ القلـبِ مُسْهـدَةٌ
وجيـشُ مأْجـوجَ فَـرّارٌ وكَـرّارُ
ولأن مساحة القراءة تضييق عن تفصيل ما في القصيدة من مجاميع مذهلة من الصور والمشاهد الإنسانية الحيّة، فلن اقف عندها جميعا، ففي كل شطر صورة وأكثر، وفي كل تركيب إبداع جديد ولوحة لغوية باهرة التناسق اللوني برغم الدرجة القاتمة لألوانها...
ومنها هنا ما تقدم من أبيات تستعير من اللفظ القرآني اسما يفتح مجرد ذكره آفاقا لا محدودة من القلق والتوجس، تقديما لأوهام تداهم السجين فتكويه بنار الشوق وقسوة الجدر والأسوار وبعد الأحبة والصحب والسمّار...
مع اني لم أتحمس كثيرا لصورة تقول حفرت بابا عبر الجدار، وقد تصورتها أكثر جمالا لو كانت حفرتُ بابًا إلـى أَهـلٍ سيوصلنـي
طوع الخيال وظفرُ الشَّـوقِ حفَّـارُ
فهو محفور بظفر الشوق الذي لا يحفر في غير وهم.

وحدي، وهذانِ حولي، ليسَ غيرُهما
يُصغي إِليَّ، هُما والضِّيـقُ سُمَّـارُ
يا صاحبـيَّ، أَلا فتـوى فأُدركُهـا؟
في ذاتِ رؤْيا، أَلا مُفْـتٍ وبشَّـارُ؟
وباستعارة جديدة من القرآن الكريم معنوية هذه المرة، نجد للسجين الأكرم من سجانه وسجنه ومن فيه صاحبين ثالثهما الضيق فمن هما؟
وما هي الرؤيا التي يستفتي يوسف القصيدة فيها صاحبيه؟ وهو هنا مستفت في رؤياه لا مفت في رؤيا غيره...
ثم .. لماذا أسقط شاعرنا صاحبه الثالث من حواره هذا ما دام أعلن من لابداية أنه سميره معهما؟
إِنِّي أَراني كمنْ قدْ كانَ فـي نَهَـرٍ
دونَ السَّفينـةِ والإِلـهـامُ بـحَّـارُ
ماذا تقولانِ في الأَضغاثِ تحملنـي
بِلا جنـاحٍ وثـوبُ الليـلِ ستَّـارُ
إِلى هنالِكَ حيـثُ العيـنُ شاخصـةٌ
عينُ الأَحبّةِ فيهـا التَّـوقُ إِعصـارُ
أَهوي إِليهـمْ علـى أَطـلالِ أَفئـدةٍ
يقـودُ روحِـيَ إِقـبـالٌ وإِدبــارُ
أَخشـى علـيَّ إذا أصحـو فقدّتُهُـمُ
فالحلمُ وهمٌ ومثـلُ البحـرِ غـدَّارُ
وهل يحلم الأسير بغير الأهل والديار ، وهل يهوي قلبه لغير أحبته يستحضرهم ويعيش بأطيافهم وذكرياته معهم..؟
فرؤياه معلومة الموضوعة ومجهولة التفاصيل، ورعبه أن يغدر به وعيه فيستيقظ من وهم الذكرى ومعايشة الأطياف
يا صاحبيَّ ومنْ لي اليومَ غيرُكمـا
أَنتَ الظّـلامُ وهـذا التّـوأَمُ الغـارُ
يا أَيُّها الغارُ قدْ ضاعَ الشَّبابُ وقـدْ
حلَّ المشيبُ ومـا للشِّيـبِ أَعـذارُ
ويا ظلامي، صديقي رغمَ قسوتِـهِ،
فالحضنُ تُرْبٌ وإِن الصَّدرَ أَحجـارُ
الظلام والغار ....
ويا لهما من صاحبين لا يجتمعان والضيق إلا عند مكلوم مستوحش تعتصره الوحده ، ويأكله الصبر ويضنيه العذاب وغياب الأنيس والافتقار للجليس
والظلام كافر .. والسجن كفر
ألم يكن هذا الصاحب هو ما/من استهل به شاعرنا قصيدته

فلتسمعـا لحديـثِ الهـمِّ أَســرُدهُ
كونا النّصيرَ فما في الكونِ أَنصـارُ
قدْ تفهمانِ جنوني والضَّيـاعَ وقـدْ
لا تفهمانِ.. وسـدُّ الصَّبـرِ ينهـارُ
ويفتح الشاعر لصاحبيه صفحة قلبه ، ويحكي مواجعه في لغة قوية وصور بلاغية آسرة وتراكيب تقف عند كل منها لتقرأ في ثناياها قصيدة كاملة بحسها ومعانيها
حلَّ المشيبُ /مُحيطٌ عظيمُ الموجِ / فـي اليـمِّ أَسـرارُ / جيـوشَ المـوتِ زُوّارُ /غلاظًا على الأَجسادِ قدْ جاروا / الأَمجادِ إِذْ فُقِـدَتْ / سيفِ جدّي / وغمـدٍ لفّـهُ العـار / خيلي / العـدلُ
ولعل كلّ استخدام كان سرا بلاغيا مستقلا
فلماذا يخبر الغار عن ثقل ليله وما فيه من رعب وهول، وعن ضياع الشباب وحلول المشيب؟ وفرار العمر منه ؟
لماذا الغار وليس الليل؟
ولماذا يستذكر والظلام تاريخ الأمة وأمجادها وضياعها، وعن العدل الضائع ومعاناته وغيره ؟
كان شاعرنا هنا انتقائيا فيما يخبر به صاحبه مما يليق الحديث به معه، وما يوصل للقاريء به حسا نوعيا، مرتبطا بهذا الدمج أو المواءمة
لكنهما صامتان ، وهل ينطق صاحب خلقته الوحدة إلا أن تكون لوثة أصابت محدثه،
يا صاحبيَّ كواني اليـومَ صمتُكمـا
إِنَّ السّكوتَ عـنِ الطُّغيـانِ أَوزارُ
ولأن صاحبنا ظل في أسره كبيرا شامخا برغم ما يعيش من قتل متواصل لمقومات انسانيته، فقد انتقل في حواره لذاته يشكو لها صاحبيه
وصاحباي، ودائِي مـنْ دوائِهمـا
هـذا أَصـمُّ وذا أَعشـى وخـتّـارُ
هذانِ ويحي وقـدْ خاسـا بعهدهمـا
وليسَ ينفعُ جـرحَ الغـدرِ عطّـارُ
ويعود بنا للتناص المعنوي مع النص القرآني في قصة نبي الله يوسف الصديق، فيذكرنا بالقصة العبرة التي وصفها الباري جل في علاها بـ "أحسن القصص" ويحدثنا بتحوير ذكي عن
نفسي حنانيـكِ لا كـرمٌ فنعصـرُهُ
وشعرُ رأْسي لِطيرِ المـوتِ أَوكـارُ
حتّى الكواكبُ في أَحلامنا اندثـرتْ
والشّمسُ ولَّتْ وولَّى البـدرُ والـدّارُ
لا عن عفوية ولا عن توافق الموضوع، كما قد تُظهر قراءة سريعة مستعجلة للنص، ولكن عن نية الربط بين يوسف القصيدة مجسِّدا فيه كل أسرى الاحتلال الاسرائيلي، وبين يوسف الصديق الذي اغتيل شبابه وسلبت حريته في مرحلة كانت منطلقه ليصبح عزيز مصر
ومن هنا يعود لنفسه يقويها ويحذرها من مغبة الاستسلام لأوهام تضعفها
يا نفسُ مهلًا فلا يفْتِنْـكِ فـي ختَـلٍ = شيطانُ نزغٍ، هي الأَحـداثُ أَقـدارُ وَقِي السُّقوطَ كنسرٍ عاشَ فـي قمـمٍ = وَعِي حروفي فهُنَّ اليـومَ أَحـرارُ
ويعزّيها بالعزيز الذي عاش ما تعيش
مذْ عهدِ يوسفَ والسَّجـانُ منهمـكٌ = في قهرِ يوسفَ والأَحـزانُ سُعَّـارُ
ويمدها بالأمل الذي يعيد لروح القاريء جذوة الحياة التي كانت تخبو شيئا فشيئا خلال التنقل في ألم أبياته الشعرية الناطقة
لكنَّ ربَّـكِ مـنْ أَسـرارِ حكمتِـهِ
إِنْ شاءَ تنْمُ خلالَ الصَّخـرِ أَزهـارُ
لذا فقرّي عيونًـا إِنْ بكـتْ ذرفـتْ
جمرًا وسالتْ كما البركـان أَنهـارُ
لوذي بصبرٍ فما دامتْ لمنْ سبَقـوا
والدّهـرُ يومـانِ إِنَّ الدَّهـرَ دوَّارُ
وذا الـزَّوالُ لقيـظٍ حـانَ مغرِبُـهُ
صُمْتِ النَّهارَ وبعدَ الصَّـومِ إِفطـارُ
وفي خاتمة مزلزلة ينتقل ليصبح ثائرا من جديد فيهدد الليل بكل ما يمثله الليل من معاني الطغيان والاستعمار والظلم والألم
والليلُ يمضي وإِنْ طالـتْ دقائقُـهُ
يا ليلُ فاحذرْ جنودَ الفجرِ إِنْ ثـاروا
لقد نأى شاعرنا بقصيدته عن الرموز المتعددة وسوريالية الصورة، واكتفى بالرمز الضمني في قصة يوسف وتفاصيلها، ورسم لوحته العملاقة بنص مترابط بديع السبك ملفت في تماسكه واسترسال فكرته برغم طول النص وعمقه وصعوبة الموضوع

كنت هنا أمام قصيدة من عيون الشعر تستحق قامة أدبية توليها قراءة أكثر عمقا
بل وتستحق قراءة نقدية يتولاها ناقد صاحب باع ودراية، يكون بحجم النص ليجيد خوض غمار بحره، ويسبر الجمال في أعماق معلقة تجيش بالمشاعر ليحدثنا عن العاطفة والخيال الذان تألق شاعرنا برسمهما، في قصيدة أحسن توظيف مفرداتها وأبدع في تراكيبها.

كان هذا ما خطر لي في خطوي البطيء المتأمل بين أبيات من الشعر لم أجد بينها واحدا لم يستمهلني على عتبته ، وهو دعوة للأقلام الناقدة لقراءة نقدية في قصيدة تستحق قراءات

محمد البياسي
28-07-2011, 09:08 AM
أحسنتِ الاختيار وأحسنتِ القراءة يا أخيّة

هذه القصيدة هي : معلقة رفعت زيتون

هذه وجهة نظري .


بارك الله فيكما أيها المبدعان

كاملة بدارنه
28-07-2011, 06:23 PM
كنت هنا أمام قصيدة من عيون الشعر تستحق قامة أدبية توليها قراءة أكثر عمقا
بل وتستحق قراءة نقدية يتولاها ناقد صاحب باع ودراية، يكون بحجم النص ليجيد خوض غمار بحره، ويسبر الجمال في أعماق معلقة تجيش بالمشاعر ليحدثنا عن العاطفة والخيال الذان تألق شاعرنا برسمهما، في قصيدة أحسن توظيف مفرداتها وأبدع في تراكيبها.

كان هذا ما خطر لي في خطوي البطيء المتأمل بين أبيات من الشعر لم أجد بينها واحدا لم يستمهلني على عتبته ، وهو دعوة للأقلام الناقدة لقراءة نقدية في قصيدة تستحق قراءات
أضمّ صوتي إلى صوتك عزيزتي الأخت ربيحة، وأقترح أن تكون هذه المعلّقة _ مثلما تفضّل الأخ البياسي- تحت المجهر؛ لنستمتع بقراءته هو كناقد مبدع، وقراءات مبدعينا الآخرين
جميلة هذه القراءة والسّباحة بين الفكرة واللّغة لقصيدة مميّزة ... شكرا للإثنين
تقديري وتحيّتي

أماني عواد
30-07-2011, 02:46 PM
الاستاذة الكبيرة ربيحة الرفاعي



ومنها هنا ما تقدم من أبيات تستعير من اللفظ القرآني اسما يفتح مجرد ذكره آفاقا لا محدودة من القلق والتوجس، تقديما لأوهام تداهم السجين فتكويه بنار الشوق وقسوة الجدر والأسوار وبعد الأحبة والصحب والسمّار...
مع اني لم أتحمس كثيرا لصورة تقول حفرت بابا عبر الجدار، وقد تصورتها أكثر جمالا لو كانت حفرتُ بابًا إلـى أَهـلٍ سيوصلنـي
طوع الخيال وظفرُ الشَّـوقِ حفَّـارُ
فهو محفور بظفر الشوق الذي لا يحفر في غير وهم.

لعل الكاتب هنا قد تجاوز اسوار السجن الصغير, باتجاه جدار يحيط بالسجن الكبير . ولعله قصد حادثة الانفاق التي تحفرها اظافر الشوق للحياة بكل مقوماتها التي تبقيه قيدها , فجمالية القصيدة هنا انها تتحدث عن الاسر بكل انواعه التي يتصورها القارئ , كل حسب اسره

الاستاذة والقارئة المبدعة قد تمكنت من تسليط الضوء على جوانب عديدة من القصيدة فكان له انعكاسا بارعا في عين القارئ
قراءة حاذقة لقصيدة مدهشة

سلمك الله وحماك

تقديري الكبير

أحمد رامي
30-07-2011, 03:14 PM
ما شاء الله كان

قصيدة جميلة وتحليل أجمل
مررت مسلما ومستفيدا
وإن شاء الله لي عودة لأجلس طويلا بصحبتكم
إن أسعفني الوقت والنت
لكنهما كثيرا ما يخذلاني

محبتي الخالصة لكم

ربيع بن المدني السملالي
30-07-2011, 04:00 PM
ما شاء الله / ((لا عطرَ بعد عروس ))...
كان لي موعد مع المبدعين إبّان انضمامي لهذا الصّرح المبارك /
بارك الله في الشاعر والنّاقدة وزادكما من فضله ...

نداء غريب صبري
31-07-2011, 12:42 AM
أضمّ صوتي إلى صوتك عزيزتي الأخت ربيحة، وأقترح أن تكون هذه المعلّقة _ مثلما تفضّل الأخ البياسي- تحت المجهر؛ لنستمتع بقراءته هو كناقد مبدع، وقراءات مبدعينا الآخرين
جميلة هذه القراءة والسّباحة بين الفكرة واللّغة لقصيدة مميّزة ... شكرا للإثنين
تقديري وتحيّتي

قراءة رائعة كافية ووافية
أضاءت النص وكشفت جماله وروعته
وأنا ايضا مع أختي كاملة بدارنة ، أضم صوتي إلى صوت أستاذتنا الشاعرة ربيحة الرفاعي ونطلب من أستاذي الشاعر والناقد الكبير محمد البياسي وضعها تحت المجهر لنستمتع بقراءته لها

بوركتم

احمد خلف
31-07-2011, 01:52 PM
بلا مقدمات ......
من هو رفعت يحيى زيتون ؟؟؟؟
العمل : مهندس مدني في شركة
االمؤهل الاكاديمي : بكالوريوس هندسة مدنية + بكالوريوس كومبيوتر
ويعمل على إنجاز ماجيستير في البلاغة
مكان الإقامة : في البلدةالقديمة من القدس
ويسكن حاليا في منطقة بيت حنينا وكان قد سكن
في منطقةالشياح المطلّة على راس العمود والقريبة من سلوان
لمدة 4 سنوات ولهذا فقد أحبها لانها كانت أمام ناظره صباح ، مساء
أما ما يخص البلاغة فقد عبر عنه شاعرنا بقوله في أحد المنتديات في معرض ردوده
(فقد حاولت أن أبحر في عالمها الرقيق الجميل
وقد استطعت أن انهل من بحرها الكثير
ولقدأفادني ذلك في أن أكون أكثر دقة في اختيار المعاني التي تفي بالغرض الذي أريد ولا أدّعي أنني وصلت لما أريد ومهما بلغ بنا العلم فلن يكون إلا كقطرةماء في بحر المعرفة الكبير (
ولأن الإبداع يولد من رحم الألم والمعاناة ..
فهناك بعض ملامح التفاوت بين الإنتاج الأدبي للفلسطينيين داخل الخط الأخضر وبين إنتاج أقرانهم في فلسطين خارج الخط الأخضر, وكلها أراض محتلة, ولكن ظروف البيئة الإنتاجية متفاوتة.
حيث يظهر أدب الداخل تأثراً متزايداً بسمات المعايشة اليومية والتعليم وآليات الاحتكاك الثقافي والصراع الحضاري مع العدوالصهيوني.
ويعتبر نجاح الإنتاج الأدبي الفلسطيني في صون هويته العربية والوطنية ضمن ظروف الحصار ومحاولات طمس الهوية والتجهيل والاضطهاد والتمييز العرقي يعتبر هذاالنجاح ظاهرة تاريخية شديدة الأهمية ليس في التاريخ العربي فقط بل في تاريخ الإنسانية المعاصرة.
والأمثلة على النجاح كثيرة ربما كان سميح القاسم أبرز عناوينها. ومقابله يمكن أن يذكر أنطون شماس, الذي كتب روايته أرابيسك
ومنهم شاعرنا المبدع رفعت يحيى زيتون
فقد أثرى كغيره من شعراء وأدباء الأرض المحتلة لغتهم بالكثير الوفير من بنيات شعرهم ونتاجاتهم ..
ولأن قضية الأرض أكبر من أن يمثلها أبناؤها فقد كانت هاجسا لدى كل من حمل هم الحرف الشريف شاعرا كان أم ناثرا أو حتى .. متذوقا قارئاً !
و لكن هذا الانسان الوحيد الذي يواجه منفردا تحديات داخلية و خارجية، ويعقد العزم على المضي بمعركته الى نهايتها، لا يخضع على الاطلاق الى رؤيا مجتزأة أو مصغرة
بهذه التركيبة الدقيقة حدد شاعرنا معالم هذه القصيدة وبهذا الفضاء الدقيق في زنازين بني صهيون" رسم معالم اطاره الزمني الذي سينقلنا عبر تفاصيله ودقائقه الزمنية الى حيث اراد؛ هناك حيث حبك قصيدته التي توالت عليها غيابات الظلم من التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي . وهذه من سمات أدب الداخل
كيف لا وهو المقدسي وأنعم به أصلاً
فتجربة الاسر بكل تفاصيلها بحلوها ومرها بمواطن الضعف فيها ومواطن القوة ، وحالات المعتقلين نفسيا
كل ما يمرّ به الأسير في هذه المرحلة الحساسة.. فحشر الشاعر - إن لم يكن حقا_نفسه في زنزانة ضيقة طيلة قصيدته ونطق قائلاً
السّجنُ كفرٌ كمـا الأَغـلالُ كُفّـارُ
أَعمىالبصيرةِ خيرَ النَّـاسِ يختـارُ
والأَسرُ قبرٌ ومنْ في الأسرِ يعرفُـهُ
الموتُ يدنـو وتدنـو قبلَـه النَّـارُ
والقيدُ منفـىً فـلا زوجٌ ولا ولـدٌ
غابَ الصَّديقُ وعزَّ الجـاهُ والجـارُ
.. أن يرى بأم عينيّه وأن يعيش بكل حواسّه مع وقائع وأحداث السجن. وأن يصل إلى أعماق القارئ وأن يشد روحه ووجدانه كي تنفعل انفعالا قويا بحيث تترك التجربة لنفسها أثرا عظيما يطول بقاؤه وتعظم فائدته.. بذكر فراق الأهل والأحبة ...لابل الموت بعينه( الاعتقال ودخول الزنزانة )
وتحضر الصور الشعرية في النص حضورا قويا ومكثفا، ويشهد لذلك أن كل مقطع يشكل صورة قائمة بذاتها. و هذه الصور تؤدي وظيفة نفسية، تأثيرية، تخييلية
إِنِّي أَراني كمنْ قدْ كانَ فـي نَهَـرٍ
دونَ السَّفينـةِ والإِلـهـامُ بـحَّـارُ
بحار ،سفينة ....ولا بوصلة.... بل إلهام روحي
تسود الوحدة والانسجام بين ذات الشاعر و الصورة، مما جعل الشاعر ينسج صورا شعرية تعكس معانقة الشاعر للأسر، وتعكس كذلك آماله وأحلامه وآلامه
أَهوي إِليهـمْ علـى أَطـلالِ أَفئـدةٍ
يقـودُ روحِـيَ إِقـبـالٌ وإِدبــارُ
أَخشـى علـيَّ إذا أصحـو فقدّتُهُـمُ
فالحلمُ وهمٌ ومثـلُ البحـرِ غـدَّارُ
جسد النص انفصال الشاعر عن نفسه بقوله أخشى عليّ ومن ثم انقياده للإقبال والإدبار ...
شخوصات أخرى زادت متانة القصيدة
يا صاحبيَّ ومنْ لي اليومَ غيرُكمـا
أَنتَ الظّـلامُ وهـذاالتّـوأَمُ الغـارُ
يا أَيُّها الغارُ قدْ ضاعَ الشَّبابُ وقـدْ
حلَّ المشيبُ ومـا للشِّيـبِ أَعـذارُ
ويا ظلامي، صديقي رغمَ قسوتِـهِ،
فالحضنُ تُرْبٌ وإِن الصَّدرَ أَحجـارُ
يتبين من خلال تتبع الصور الشعرية في النص، أن الشاعر عانق الرؤيا من أجل رسم أحاسيسه وتحديد مواقف ذاته من عالمي الحقيقة والوهم، وأن الاستشهاد بالرؤيا كان مجرد مطية لإبراز قيمة الزيف والوهم في هذا العالم، وأن الحقيقة فيه هي أننا سنفنى وتخلد المعاني التي نرسمها فالرؤيا عند يوسف عليه السلام كانت لشخصين احدهما كاذب والآخر صادق
نفسي حنانيـكِ لا كـرمٌ فنعصـرُهُ
وشعرُ رأْسي لِطيرِ المـوتِ أَوكـارُ
حتّى الكواكبُ في أَحلامنا اندثـرتْ
والشّمسُ ولَّتْ وولَّى البـدرُ والـدّارُ
وفي هذا الخضم المرعب؛ كانت الإسعافات الروحيّة التي توظف البعد الروحي في أحسن صوره الممكنة وتبيّن عطاء الروح عند الشدائد.. كيف يكون وكيف نلمس ثماره بما يبدد الظلام؛ يطمئن القلوب وتنشرح الصدور له، ويتزود بمداد منير ووقود ينشط طاقات المواجهة ويجعل من الجبهة الداخلية قادرة على النصر وتحقيق النجاح..
لكنَّ ربَّـكِ مـنْ أَسـرارِ حكمتِـهِ
إِنْ شاءَ تنْمُ خلالَ الصَّخـرِ أَزهـارُ
لذا فقرّي عيونًـا إِنْ بكـتْ ذرفـتْ
جمرًا وسالتْ كماالبركـان أَنهـارُ
لوذي بصبرٍ فما دامتْ لمنْ سبَقـوا
والدّهـرُ يومـانِ إِنَّ الدَّهـرَ دوَّارُ
وذا الـزَّوالُ لقيـظٍ حـانَ مغرِبُـهُ
صُمْتِ النَّهارَ وبعدَ الصَّـومِ إِفطـارُ
وتصل بنا القصيدة إلى خلاصة واستنتاج ما يمكن استنتاجه للارتقاء بالنفس والروح؛ والتحضير نحو مواجهة وأداء أفضل يستفيد من أخطاء الماضي ويوظف التجربة الحاضرة في خدمات جديدة
والليلُ يمضي وإِنْ طالـتْ دقائقُـهُ
يا ليلُ فاحذرْ جنودَ الفجرِ إِنْ ثـاروا
إذن ومع عدم الحرية الكاملة في التعبير في السجن, إلا أننا نبصر الآن وبالرجوع لأعمال هؤلاء الكتاب والشعراء لمسة صدق وكلام أبعد ما يكون عن التنميق والتجميل , و أعتقد إنما كانت تلك الصراحة والجرأة لإن الجرح كان أكبر من كل الولاءات ومن كل الإعتبارات ,
فنحن نتحدث عن فلسطين , ومن ثم كان لا بد من كلام ساخط وثائر ومجروح تماما كما قلوبهم و أوطانهم
وفي الختام
فقد أغنى شاعرنا صفحات الملتقى الثقافي والأدبي
بأجمل الكلمات وأروع النغمات
وأسعد قلوبنابملكته الشعرية الرائعة
سلمت وسلم يراعك الفذ ..وعذراً إن قصرّ الفكر عن الإحاطة ...ولكنه جهد مقل
وكتبه أبو عبيدالله احمد خلف

رفعت زيتون
01-08-2011, 02:10 AM
.

الأخت الكريمة

شاعرتنا الكبيرة ربيحة

لقد رفعتِ مقام الكلمات المتواضعة بنظرتك إليها

وأخرجتها من جبّها المظلم بهذه الإضاءات الإبداعية

لقد صمتُ اياما دون الكتابة في هذه القراءة الجميلة

وذلك بسبب هذا الذهول الذي أدخلتني به

وكلما أفقت دخل متداخل حبيب آخر

لينثر عطره حول حروفي التي تعلمتها في مدرستكم الكبيرة

فهي منكم وأصلها بذورا نمت في تربتكم الخصبة

وكلّكم لكم فضل فيها أيّما فضل

الاخت الكريمة ربيحة ربّما علمك ببعض التفاصيل قد ساعد بفتح الأبواب

ولكنك أذهلتني بأنك تجاوزت حدود المكان والزمان وما علمتِ من تفاصيل

خصوصا عن يوسف السجين الفلسطيني

شكرا لك اختاه ولسوف أعود لباقي المشاركات والردود كلّ لأشكره على حده

.

رفعت زيتون
01-08-2011, 03:15 PM
أحسنتِ الاختيار وأحسنتِ القراءة يا أخيّة

هذه القصيدة هي : معلقة رفعت زيتون

هذه وجهة نظري .


بارك الله فيكما أيها المبدعان


وبارك الله لنا فيكَ شاعرنا الكبير

محمد البياسي

وأشكرك على رأيك بالقصيدة

هذا الرأي الكبير الذي أعتبره شهادة نجاح لكلمات متواضعة

شكرا لك وأهلا بك دائما

وكلّ عام وأنتم بخير.

ربيحة الرفاعي
07-08-2011, 01:24 AM
أحسنتِ الاختيار وأحسنتِ القراءة يا أخيّة
هذه القصيدة هي : معلقة رفعت زيتون
هذه وجهة نظري .
بارك الله فيكما أيها المبدعان

أحسنت الوصف شاعرنا الرائع وناقدنا المبدع محمد البياسي
هي معلقة رفعت زيتون

وكما قرأت في المداخلات، فنحن بانتظار تسليط عدسة مجهرك التقدي عليها لنقرأ ونتعلم ونستمتع

تحيتي

دمت بألق

ربيحة الرفاعي
21-08-2011, 10:02 AM
أضمّ صوتي إلى صوتك عزيزتي الأخت ربيحة، وأقترح أن تكون هذه المعلّقة _ مثلما تفضّل الأخ البياسي- تحت المجهر؛ لنستمتع بقراءته هو كناقد مبدع، وقراءات مبدعينا الآخرين
جميلة هذه القراءة والسّباحة بين الفكرة واللّغة لقصيدة مميّزة ... شكرا للإثنين
تقديري وتحيّتي

شكرا لمرورك وتأييدك ايتها الرائعة
ولنقل إذا أننا بانتظار أن ينتهي مبدعنا وشاعرنا الكبير محمد البياسي من قارءته المجهرية لمرثية أم " وأن ينتقل بنا فورا لوضع هذه الرائعة تحت مجهرة

وشكرا لكريم رايك بقراءتي المتواضعة

دمت بألق

صفاء الزرقان
07-09-2011, 08:59 PM
قراءة رائعة لقصيدة رائعة
ابدعتِ فيها سيدتي نقداً
و ابدع الاستاذ رفعت شعراً
هذه الدراسات تزيد من روعة النصوص وألقها
فهي تضفي روحاً جميلة من الابداع و التنافس
فيتكامل العمل الادبي بتعاون الكاتب والناقد

تحيتي وتقديري

ربيحة الرفاعي
26-09-2011, 03:04 AM
الاستاذة الكبيرة ربيحة الرفاعي

لعل الكاتب هنا قد تجاوز اسوار السجن الصغير, باتجاه جدار يحيط بالسجن الكبير . ولعله قصد حادثة الانفاق التي تحفرها اظافر الشوق للحياة بكل مقوماتها التي تبقيه قيدها , فجمالية القصيدة هنا انها تتحدث عن الاسر بكل انواعه التي يتصورها القارئ , كل حسب اسره

الاستاذة والقارئة المبدعة قد تمكنت من تسليط الضوء على جوانب عديدة من القصيدة فكان له انعكاسا بارعا في عين القارئ
قراءة حاذقة لقصيدة مدهشة
سلمك الله وحماك
تقديري الكبير

أسعدني مرورك ايتها الغالية
وأورقت حروفي بألق ردك
ازهت القراءة بقراءتك لها

تحيتي

ربيحة الرفاعي
02-10-2011, 03:28 AM
ما شاء الله كان
قصيدة جميلة وتحليل أجمل
مررت مسلما ومستفيدا
وإن شاء الله لي عودة لأجلس طويلا بصحبتكم
إن أسعفني الوقت والنت
لكنهما كثيرا ما يخذلاني
محبتي الخالصة لكم

شاعرنا المبدع أحمد رامي

ومرور أكرم القراءة وصاحبتها
وسنكون بانتظار عودتك وسامق حضورك

أهلا بك ومرحبا

تحيتي

ربيحة الرفاعي
25-11-2011, 11:02 PM
ما شاء الله / ((لا عطرَ بعد عروس ))...
كان لي موعد مع المبدعين إبّان انضمامي لهذا الصّرح المبارك /
بارك الله في الشاعر والنّاقدة وزادكما من فضله ...

وكان لنا موعد مع إبداعك وألق حضورك
فشكرا للواحة التي جمعت من أدباء العربية ومفكري الأمة خيرتها في ملتقى واحد

وشكرا لكريم مرورك في صفحتي

تحيتي

د. سمير العمري
29-11-2011, 08:30 PM
بوركتما أديبين كبيرين شعرا ونقدا!

استمعت هنا مرتين وطربت حدا مرضيا ضعفين.

أشكر لك أيتها الأديبة الكبيرة ربيحة هذا التناول الأدبي النقدي الواعي لقصيدة كبيرة من شاعر مبدع.

دمتما بخير وبركة!


تحياتي

ربيحة الرفاعي
13-04-2012, 12:26 AM
قراءة رائعة كافية ووافية
أضاءت النص وكشفت جماله وروعته
وأنا ايضا مع أختي كاملة بدارنة ، أضم صوتي إلى صوت أستاذتنا الشاعرة ربيحة الرفاعي ونطلب من أستاذي الشاعر والناقد الكبير محمد البياسي وضعها تحت المجهر لنستمتع بقراءته لها

بوركتم

الرائعة نداء غريب صبري
أهلا بك في صفحتي وبردك الكريم
وشكرا لتأييدك

تحاياي

ربيحة الرفاعي
10-08-2012, 04:16 AM
بلا مقدمات ......
من هو رفعت يحيى زيتون ؟؟؟؟
العمل : مهندس مدني في شركة
االمؤهل الاكاديمي : بكالوريوس هندسة مدنية + بكالوريوس كومبيوتر
ويعمل على إنجاز ماجيستير في البلاغة
مكان الإقامة : في البلدةالقديمة من القدس
ويسكن حاليا في منطقة بيت حنينا وكان قد سكن
في منطقةالشياح المطلّة على راس العمود والقريبة من سلوان
لمدة 4 سنوات ولهذا فقد أحبها لانها كانت أمام ناظره صباح ، مساء
أما ما يخص البلاغة فقد عبر عنه شاعرنا بقوله في أحد المنتديات في معرض ردوده
(فقد حاولت أن أبحر في عالمها الرقيق الجميل
وقد استطعت أن انهل من بحرها الكثير
ولقدأفادني ذلك في أن أكون أكثر دقة في اختيار المعاني التي تفي بالغرض الذي أريد ولا أدّعي أنني وصلت لما أريد ومهما بلغ بنا العلم فلن يكون إلا كقطرةماء في بحر المعرفة الكبير (
ولأن الإبداع يولد من رحم الألم والمعاناة ..
فهناك بعض ملامح التفاوت بين الإنتاج الأدبي للفلسطينيين داخل الخط الأخضر وبين إنتاج أقرانهم في فلسطين خارج الخط الأخضر, وكلها أراض محتلة, ولكن ظروف البيئة الإنتاجية متفاوتة.
حيث يظهر أدب الداخل تأثراً متزايداً بسمات المعايشة اليومية والتعليم وآليات الاحتكاك الثقافي والصراع الحضاري مع العدوالصهيوني.
ويعتبر نجاح الإنتاج الأدبي الفلسطيني في صون هويته العربية والوطنية ضمن ظروف الحصار ومحاولات طمس الهوية والتجهيل والاضطهاد والتمييز العرقي يعتبر هذاالنجاح ظاهرة تاريخية شديدة الأهمية ليس في التاريخ العربي فقط بل في تاريخ الإنسانية المعاصرة.
والأمثلة على النجاح كثيرة ربما كان سميح القاسم أبرز عناوينها. ومقابله يمكن أن يذكر أنطون شماس, الذي كتب روايته أرابيسك
ومنهم شاعرنا المبدع رفعت يحيى زيتون
فقد أثرى كغيره من شعراء وأدباء الأرض المحتلة لغتهم بالكثير الوفير من بنيات شعرهم ونتاجاتهم ..
ولأن قضية الأرض أكبر من أن يمثلها أبناؤها فقد كانت هاجسا لدى كل من حمل هم الحرف الشريف شاعرا كان أم ناثرا أو حتى .. متذوقا قارئاً !
و لكن هذا الانسان الوحيد الذي يواجه منفردا تحديات داخلية و خارجية، ويعقد العزم على المضي بمعركته الى نهايتها، لا يخضع على الاطلاق الى رؤيا مجتزأة أو مصغرة
بهذه التركيبة الدقيقة حدد شاعرنا معالم هذه القصيدة وبهذا الفضاء الدقيق في زنازين بني صهيون" رسم معالم اطاره الزمني الذي سينقلنا عبر تفاصيله ودقائقه الزمنية الى حيث اراد؛ هناك حيث حبك قصيدته التي توالت عليها غيابات الظلم من التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي . وهذه من سمات أدب الداخل
كيف لا وهو المقدسي وأنعم به أصلاً
فتجربة الاسر بكل تفاصيلها بحلوها ومرها بمواطن الضعف فيها ومواطن القوة ، وحالات المعتقلين نفسيا
كل ما يمرّ به الأسير في هذه المرحلة الحساسة.. فحشر الشاعر - إن لم يكن حقا_نفسه في زنزانة ضيقة طيلة قصيدته ونطق قائلاً
السّجنُ كفرٌ كمـا الأَغـلالُ كُفّـارُ
أَعمىالبصيرةِ خيرَ النَّـاسِ يختـارُ
والأَسرُ قبرٌ ومنْ في الأسرِ يعرفُـهُ
الموتُ يدنـو وتدنـو قبلَـه النَّـارُ
والقيدُ منفـىً فـلا زوجٌ ولا ولـدٌ
غابَ الصَّديقُ وعزَّ الجـاهُ والجـارُ
.. أن يرى بأم عينيّه وأن يعيش بكل حواسّه مع وقائع وأحداث السجن. وأن يصل إلى أعماق القارئ وأن يشد روحه ووجدانه كي تنفعل انفعالا قويا بحيث تترك التجربة لنفسها أثرا عظيما يطول بقاؤه وتعظم فائدته.. بذكر فراق الأهل والأحبة ...لابل الموت بعينه( الاعتقال ودخول الزنزانة )
وتحضر الصور الشعرية في النص حضورا قويا ومكثفا، ويشهد لذلك أن كل مقطع يشكل صورة قائمة بذاتها. و هذه الصور تؤدي وظيفة نفسية، تأثيرية، تخييلية
إِنِّي أَراني كمنْ قدْ كانَ فـي نَهَـرٍ
دونَ السَّفينـةِ والإِلـهـامُ بـحَّـارُ
بحار ،سفينة ....ولا بوصلة.... بل إلهام روحي
تسود الوحدة والانسجام بين ذات الشاعر و الصورة، مما جعل الشاعر ينسج صورا شعرية تعكس معانقة الشاعر للأسر، وتعكس كذلك آماله وأحلامه وآلامه
أَهوي إِليهـمْ علـى أَطـلالِ أَفئـدةٍ
يقـودُ روحِـيَ إِقـبـالٌ وإِدبــارُ
أَخشـى علـيَّ إذا أصحـو فقدّتُهُـمُ
فالحلمُ وهمٌ ومثـلُ البحـرِ غـدَّارُ
جسد النص انفصال الشاعر عن نفسه بقوله أخشى عليّ ومن ثم انقياده للإقبال والإدبار ...
شخوصات أخرى زادت متانة القصيدة
يا صاحبيَّ ومنْ لي اليومَ غيرُكمـا
أَنتَ الظّـلامُ وهـذاالتّـوأَمُ الغـارُ
يا أَيُّها الغارُ قدْ ضاعَ الشَّبابُ وقـدْ
حلَّ المشيبُ ومـا للشِّيـبِ أَعـذارُ
ويا ظلامي، صديقي رغمَ قسوتِـهِ،
فالحضنُ تُرْبٌ وإِن الصَّدرَ أَحجـارُ
يتبين من خلال تتبع الصور الشعرية في النص، أن الشاعر عانق الرؤيا من أجل رسم أحاسيسه وتحديد مواقف ذاته من عالمي الحقيقة والوهم، وأن الاستشهاد بالرؤيا كان مجرد مطية لإبراز قيمة الزيف والوهم في هذا العالم، وأن الحقيقة فيه هي أننا سنفنى وتخلد المعاني التي نرسمها فالرؤيا عند يوسف عليه السلام كانت لشخصين احدهما كاذب والآخر صادق
نفسي حنانيـكِ لا كـرمٌ فنعصـرُهُ
وشعرُ رأْسي لِطيرِ المـوتِ أَوكـارُ
حتّى الكواكبُ في أَحلامنا اندثـرتْ
والشّمسُ ولَّتْ وولَّى البـدرُ والـدّارُ
وفي هذا الخضم المرعب؛ كانت الإسعافات الروحيّة التي توظف البعد الروحي في أحسن صوره الممكنة وتبيّن عطاء الروح عند الشدائد.. كيف يكون وكيف نلمس ثماره بما يبدد الظلام؛ يطمئن القلوب وتنشرح الصدور له، ويتزود بمداد منير ووقود ينشط طاقات المواجهة ويجعل من الجبهة الداخلية قادرة على النصر وتحقيق النجاح..
لكنَّ ربَّـكِ مـنْ أَسـرارِ حكمتِـهِ
إِنْ شاءَ تنْمُ خلالَ الصَّخـرِ أَزهـارُ
لذا فقرّي عيونًـا إِنْ بكـتْ ذرفـتْ
جمرًا وسالتْ كماالبركـان أَنهـارُ
لوذي بصبرٍ فما دامتْ لمنْ سبَقـوا
والدّهـرُ يومـانِ إِنَّ الدَّهـرَ دوَّارُ
وذا الـزَّوالُ لقيـظٍ حـانَ مغرِبُـهُ
صُمْتِ النَّهارَ وبعدَ الصَّـومِ إِفطـارُ
وتصل بنا القصيدة إلى خلاصة واستنتاج ما يمكن استنتاجه للارتقاء بالنفس والروح؛ والتحضير نحو مواجهة وأداء أفضل يستفيد من أخطاء الماضي ويوظف التجربة الحاضرة في خدمات جديدة
والليلُ يمضي وإِنْ طالـتْ دقائقُـهُ
يا ليلُ فاحذرْ جنودَ الفجرِ إِنْ ثـاروا
إذن ومع عدم الحرية الكاملة في التعبير في السجن, إلا أننا نبصر الآن وبالرجوع لأعمال هؤلاء الكتاب والشعراء لمسة صدق وكلام أبعد ما يكون عن التنميق والتجميل , و أعتقد إنما كانت تلك الصراحة والجرأة لإن الجرح كان أكبر من كل الولاءات ومن كل الإعتبارات ,
فنحن نتحدث عن فلسطين , ومن ثم كان لا بد من كلام ساخط وثائر ومجروح تماما كما قلوبهم و أوطانهم
وفي الختام
فقد أغنى شاعرنا صفحات الملتقى الثقافي والأدبي
بأجمل الكلمات وأروع النغمات
وأسعد قلوبنابملكته الشعرية الرائعة
سلمت وسلم يراعك الفذ ..وعذراً إن قصرّ الفكر عن الإحاطة ...ولكنه جهد مقل
وكتبه أبو عبيدالله احمد خلف



قراءة بديعة طغتعلى خربشتي المتواضعة وكفرتها بجمالها

سعدت بإكرام حرفي بهذه المشاركة معه

أهلا بك اديبنا الكريم في واحتك

تحاياي

وليد عارف الرشيد
17-08-2012, 11:27 PM
قراءة رائعة لقصيدة رائعة أبهجتني وزينت مسائي وقفت بها مطولًا فكانت الفائدة مزدوجة بالقصيدة المعلقة وبالقراءة الواعية الأنيقة
شكرًا لك شاعرتنا الكبيرة والشكر موصولٌ لشاعرنا المميز المتألق الذي أرجو أن أرى له المزيد في واحتنا الغناء
مودتي وتقديري وكل عام وأنتم بخير

ربيحة الرفاعي
02-09-2012, 04:21 AM
الأخت الكريمة
شاعرتنا الكبيرة ربيحة
لقد رفعتِ مقام الكلمات المتواضعة بنظرتك إليها
وأخرجتها من جبّها المظلم بهذه الإضاءات الإبداعية
لقد صمتُ اياما دون الكتابة في هذه القراءة الجميلة
وذلك بسبب هذا الذهول الذي أدخلتني به
وكلما أفقت دخل متداخل حبيب آخر
لينثر عطره حول حروفي التي تعلمتها في مدرستكم الكبيرة
فهي منكم وأصلها بذورا نمت في تربتكم الخصبة
وكلّكم لكم فضل فيها أيّما فضل
الاخت الكريمة ربيحة ربّما علمك ببعض التفاصيل قد ساعد بفتح الأبواب
ولكنك أذهلتني بأنك تجاوزت حدود المكان والزمان وما علمتِ من تفاصيل
خصوصا عن يوسف السجين الفلسطيني
شكرا لك اختاه ولسوف أعود لباقي المشاركات والردود كلّ لأشكره على حده

ما كانت قراءة بما يستحق نص بهذا الجمال ، ولا استحقت منك كل هذات الاطراء
لكنه ندى نفسك وسمو حضورك حيثما مررت

أطلت الغيبة عن واحتك شاعرنا الكبير
لا أوحش الله منك

تحاياي

د. سمير العمري
22-11-2012, 04:58 PM
ما شاء الله تبارك الرحمن!

قصيدة جميلة وقراءة أجمل تزيدها ألقا وتبرز لنا مقدرة جديدة وأكيدة في المبدعة في كل مجالات الأدب ربيحة الرفاعي.

كنت هنا مستمتعا بالنص وبالنقد وفخورا بالشاعر وبالناقدة فلله دركما!


دمت بخير وعافية!


تحياتي

ربيحة الرفاعي
11-03-2013, 05:58 PM
لقد رفعتِ مقام الكلمات المتواضعة بنظرتك إليها وأخرجتها من جبّها المظلم بهذه الإضاءات الإبداعية
لقد صمتُ اياما دون الكتابة في هذه القراءة الجميلة وذلك بسبب هذا الذهول الذي أدخلتني به وكلما أفقت دخل متداخل حبيب آخر لينثر عطره حول حروفي التي تعلمتها في مدرستكم الكبيرة فهي منكم وأصلها بذورا نمت في تربتكم الخصبة وكلّكم لكم فضل فيها أيّما فضل
الاخت الكريمة ربيحة ربّما علمك ببعض التفاصيل قد ساعد بفتح الأبواب ولكنك أذهلتني بأنك تجاوزت حدود المكان والزمان وما علمتِ من تفاصيل خصوصا عن يوسف السجين الفلسطيني
تعليق أعجزني عن الردّ فعدت عن الموضوع مرارا مكبلة حروفي، وضيق بامتناني لعظيم تكريمك حيز الكلم وطاقه حمله
وما كانت غير قراءة متواضعة في قصيدة رائعة

لا حرمك البهاء شاعرنا الكريم

تحاياي

ربيحة الرفاعي
13-03-2013, 09:07 PM
قراءة رائعة لقصيدة رائعة
ابدعتِ فيها سيدتي نقداً
و ابدع الاستاذ رفعت شعراً
هذه الدراسات تزيد من روعة النصوص وألقها
فهي تضفي روحاً جميلة من الابداع و التنافس
فيتكامل العمل الادبي بتعاون الكاتب والناقد

تحيتي وتقديري

ومثل حضورك يضفي النص أيا كان نوعه ألقا وروعة ويغمره ببهائه
لا حرمك البهاء أيتها الكريمة

تحاياي

ربيحة الرفاعي
22-03-2013, 08:48 PM
بوركتما أديبين كبيرين شعرا ونقدا!
استمعت هنا مرتين وطربت حدا مرضيا ضعفين.
أشكر لك أيتها الأديبة الكبيرة ربيحة هذا التناول الأدبي النقدي الواعي لقصيدة كبيرة من شاعر مبدع.
دمتما بخير وبركة!
تحياتي

وبوركت أميرنا ومرورك الذي أضفى ببهائه على قراءتي المتواضعة لهذا النص البديع ألقا به يباهي

أكرمتني أكرمك الله

تحاياي

فاتن دراوشة
09-04-2013, 02:28 PM
قراءة رائعة لقصيدة تستحقّ الوقوف عند معانيها وتأمّل وجوه الإبداع في أبياتها

وفي صورها الشّعريّة الثريّة والخصبة

وربّما ذلك ما يميّز جميع قصائد أخي رفعت

فتجربته الشّعريّة ثريّة بنصوص رائعة تستحقّ التأمّل والتعمّق بها

سعدت بصحبة حرفيكما

مودّتي

ربيحة الرفاعي
09-10-2013, 03:21 AM
ما شاء الله تبارك الرحمن!
قصيدة جميلة وقراءة أجمل تزيدها ألقا وتبرز لنا مقدرة جديدة وأكيدة في المبدعة في كل مجالات الأدب ربيحة الرفاعي
كنت هنا مستمتعا بالنص وبالنقد وفخورا بالشاعر وبالناقدة فلله دركما!
دمت بخير وعافية!
تحياتي

مرورك شرف للحروفي أميرنا
وتقييمك يفيض عليها وصاحبتها من بهائه

دمت وجليل دفعك

تحاياي

ربيحة الرفاعي
03-01-2014, 02:16 AM
قراءة رائعة لقصيدة تستحقّ الوقوف عند معانيها وتأمّل وجوه الإبداع في أبياتها
وفي صورها الشّعريّة الثريّة والخصبة
وربّما ذلك ما يميّز جميع قصائد أخي رفعت
فتجربته الشّعريّة ثريّة بنصوص رائعة تستحقّ التأمّل والتعمّق بها
سعدت بصحبة حرفيكما
مودّتي


أصبت أيتها الرائعة
هي قصيدة ثرية صورة ومعنى ولونا وفنا
كانت قراءتها متعة والقراءة فيها متعة

دمت بخير

تحاياي

ربيحة الرفاعي
25-04-2014, 01:56 AM
قراءة رائعة لقصيدة رائعة أبهجتني وزينت مسائي وقفت بها مطولًا فكانت الفائدة مزدوجة بالقصيدة المعلقة وبالقراءة الواعية الأنيقة
شكرًا لك شاعرتنا الكبيرة والشكر موصولٌ لشاعرنا المميز المتألق الذي أرجو أن أرى له المزيد في واحتنا الغناء
مودتي وتقديري وكل عام وأنتم بخير

فضل مرورك على الحروف غامر شاعرنا، ونبيل ردك وتقييمك آسر ببهائه وسموقه

دمت أصيلا نبيلا

تحاياي