مرمر القاسم
08-08-2011, 01:12 AM
للكاتب يوسف فضل
بينما يتخلى علي أحمد سعيد أدونيس الشاعر الحداثي السوري عن شعبه الذي يذبح كل يوم في وقت لا ينبغي فيه أن يتخلى المثقف الحقيقي عن شعبه، فقد تجاوز عدد القتلى من الشعب السوري الأعزل على يد حزب البعث العربي ألف وثلاثمائة شهيد، يتقدم برهان غليون أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون. ليمثل شعبه بكل أمانة ويقف مواقف مشرفة تضامناً مع شعبه، يكتب ويستنكر يبكي ويحزن ولا يدخر الجهد والوقت والتضحية في خدمة شعبه منافحاً ومحامياً عن الضحية حين تذبح أمام أنظار الجامعة العربية التي تجرب الخذلان دائماً وأبداً فهو الدواء الأنجع لقضايا الأمة.أدونيس يرفض الثورة السورية لأنها “خرجت من الجوامع” وهو عاتب لأنها لم تخرج من الميادين العامة أو المسارح، فكأنه يعاقب الشعب ولن يتصالح معهم إلا بعد “إجراء القطيعة بين الدين والسياسة”.يتحدث أدونيس بلغة السياسي المنافق ولا يقف موقفاً واضحاً من الجرائم التي ترتكب بحق الأطفال والنساء فدماء الأبرياء لا تشغل باله كثيراً، وإنما يشغله ما هو أهم من ذلك وهو التنظير للأحداث والبحث عن المصطلح الأنسب ليطلقه على الثورات العربية التي فاجأته فهل هي “ثورات” أم “تمرد”؟ ومشغول حتى النخاع بكيفية عزل الدين عن السياسة والقطيعة مع التراث الإسلامي.فيرى المشكلة ويصفها وصفاً يندرج ضمن الخطاب السياسي الموارب فالمشكلة ليست في “الرئيس” وإنما في المادة الثامنة من الدستور السوري التي تنص على أن “حزب البعث العربي الاشتراكي حزب قائد للمجتمع والدولة.هذه التحركات “المنافقة” التي يمارسها أدونيس تتفق مع أفكاره الحداثية فحداثة أدونيس “حداثة رجعية… ترسخ الفردية والطبقية والمطلقية والتعالي ونفي الآخر، وتسخّر المجاز لخدمة هذه التصورات” (النقد الثقافي : 281)ومن يقرأ الخطاب الثقافي في شعر أدونيس يجد هذه القيم مترسخة في وجدانه لذلك لا نعجب من أن تأتي أفعال أدونيس متسقةً مع خطابه الذي “يضع الزعيم محل الوطن، ويضع الذات محل الموضوع”.لم يقف أدونيس موقف إبراهيم الكوني الذي لم يكن يوماً رجل خطاب سياسي، إلا أن ما يحصل في ليبيا دعاه إلى الاستنكار وليس الاستنكار فحسب بل جعله يساهم بقوة “في استنهاض همم المجتمع الدولي للوقوف مع الشعب الأعزل الذي يقتل برصاص المرتزقة”.أدونيس يسير على خطى مجدي الدقاق ورفاقه وعلى خطى مجلة الهلال التي كانت تغازل الحاكم في سبيل التضحية بدماء المصريين وأموالهم وفي سبيل نشر الأدب الرخيص والاهتمام بالمستهلك الذهاب وتهميش القيم الإنسانية، فلم نستغرب حينما رفضهم الشعب المصري الحر وهمشهم وكذلك ستصنع الشعوب العربية بمن يخذلها.إنّ وقوف كافكا مع شعبه ضد السفاح الإسباني فرانكو الذي قتله وقتل معه الإبداع والضمير الإنساني هو الذي خلّده في مخيلة العالم الحر، وكذلك جون بول سارتر الذي عارض الاستعمار الفرنسي في الجزائر لأنه رأى في هذا الاستعمار انتهاكاً للعدالة، وأنطونيو غرامشي المفكر والمناضل الإيطالي الذي سجنه موسوليني بين عامي (1926م -1937م) وكتب كتابه (دفاتر السجن)، ورسم معالي المثقف الحقيقي الذي يناضل مع شعبه ضد الظلم والطغيان، ويعلي من مبادئ العدالة ويدافع عن المستضعفين والضحايا هذا هو الفارق الجوهري بين المثقف وغيره
بينما يتخلى علي أحمد سعيد أدونيس الشاعر الحداثي السوري عن شعبه الذي يذبح كل يوم في وقت لا ينبغي فيه أن يتخلى المثقف الحقيقي عن شعبه، فقد تجاوز عدد القتلى من الشعب السوري الأعزل على يد حزب البعث العربي ألف وثلاثمائة شهيد، يتقدم برهان غليون أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون. ليمثل شعبه بكل أمانة ويقف مواقف مشرفة تضامناً مع شعبه، يكتب ويستنكر يبكي ويحزن ولا يدخر الجهد والوقت والتضحية في خدمة شعبه منافحاً ومحامياً عن الضحية حين تذبح أمام أنظار الجامعة العربية التي تجرب الخذلان دائماً وأبداً فهو الدواء الأنجع لقضايا الأمة.أدونيس يرفض الثورة السورية لأنها “خرجت من الجوامع” وهو عاتب لأنها لم تخرج من الميادين العامة أو المسارح، فكأنه يعاقب الشعب ولن يتصالح معهم إلا بعد “إجراء القطيعة بين الدين والسياسة”.يتحدث أدونيس بلغة السياسي المنافق ولا يقف موقفاً واضحاً من الجرائم التي ترتكب بحق الأطفال والنساء فدماء الأبرياء لا تشغل باله كثيراً، وإنما يشغله ما هو أهم من ذلك وهو التنظير للأحداث والبحث عن المصطلح الأنسب ليطلقه على الثورات العربية التي فاجأته فهل هي “ثورات” أم “تمرد”؟ ومشغول حتى النخاع بكيفية عزل الدين عن السياسة والقطيعة مع التراث الإسلامي.فيرى المشكلة ويصفها وصفاً يندرج ضمن الخطاب السياسي الموارب فالمشكلة ليست في “الرئيس” وإنما في المادة الثامنة من الدستور السوري التي تنص على أن “حزب البعث العربي الاشتراكي حزب قائد للمجتمع والدولة.هذه التحركات “المنافقة” التي يمارسها أدونيس تتفق مع أفكاره الحداثية فحداثة أدونيس “حداثة رجعية… ترسخ الفردية والطبقية والمطلقية والتعالي ونفي الآخر، وتسخّر المجاز لخدمة هذه التصورات” (النقد الثقافي : 281)ومن يقرأ الخطاب الثقافي في شعر أدونيس يجد هذه القيم مترسخة في وجدانه لذلك لا نعجب من أن تأتي أفعال أدونيس متسقةً مع خطابه الذي “يضع الزعيم محل الوطن، ويضع الذات محل الموضوع”.لم يقف أدونيس موقف إبراهيم الكوني الذي لم يكن يوماً رجل خطاب سياسي، إلا أن ما يحصل في ليبيا دعاه إلى الاستنكار وليس الاستنكار فحسب بل جعله يساهم بقوة “في استنهاض همم المجتمع الدولي للوقوف مع الشعب الأعزل الذي يقتل برصاص المرتزقة”.أدونيس يسير على خطى مجدي الدقاق ورفاقه وعلى خطى مجلة الهلال التي كانت تغازل الحاكم في سبيل التضحية بدماء المصريين وأموالهم وفي سبيل نشر الأدب الرخيص والاهتمام بالمستهلك الذهاب وتهميش القيم الإنسانية، فلم نستغرب حينما رفضهم الشعب المصري الحر وهمشهم وكذلك ستصنع الشعوب العربية بمن يخذلها.إنّ وقوف كافكا مع شعبه ضد السفاح الإسباني فرانكو الذي قتله وقتل معه الإبداع والضمير الإنساني هو الذي خلّده في مخيلة العالم الحر، وكذلك جون بول سارتر الذي عارض الاستعمار الفرنسي في الجزائر لأنه رأى في هذا الاستعمار انتهاكاً للعدالة، وأنطونيو غرامشي المفكر والمناضل الإيطالي الذي سجنه موسوليني بين عامي (1926م -1937م) وكتب كتابه (دفاتر السجن)، ورسم معالي المثقف الحقيقي الذي يناضل مع شعبه ضد الظلم والطغيان، ويعلي من مبادئ العدالة ويدافع عن المستضعفين والضحايا هذا هو الفارق الجوهري بين المثقف وغيره