زهراء المقدسية
17-08-2011, 03:10 AM
تواصل قوات الجيش المصري ودباباته عملياتها العسكرية في منطقة العريش في شمال صحراء سيناء لمطاردة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وبهدف تأمين خط انابيب الغاز الذي يصدر الغاز المصري باسعار التكلفة الى تل أبيب.
الخطوة جاءت بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية على المجلس العسكري الحاكم في مصر بعد وصول تقارير عن تزايد نفوذ هذه الجماعات، وورود انباء عن تبني بعضها أيديولوجية قريبة من أيديولوجية تنظيم 'القاعدة' المتشددة.
اتفاقات كامب ديفيد تمنع وجود أي قوات مصرية بأعداد كبيرة في سيناء، وتنص على بقائها منزوعة السلاح، وتسمح فقط بأعداد محدودة من القوات الأمنية، ورفضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جميع الطلبات التي تقدمت بها الحكومة المصرية لتعديل هذه الإتفاقات وبما يسمح بزيادة قوات الأمن والجيش المصري فيها.
المتحدثون باسم الحكومة الاسرائيلية يصرون على أن تواجد دبابات ومدرعات علاوة على الفي جندي مصري يقومون بأعمال المطاردة واعتقال المتشددين الإسلاميين لا يشكل اختراقا لهذه الإتفاقات، ويتم بالتنسيق المسبق معها. بينما يرى محللون وكتاب إسرائيليون أن تجاوب المجلس العسكري المصري مع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لإرسال هذه القوات الى سيناء والقضاء على وجود الجماعات المتشددة بالتالي هو مؤشر جيد على التزام العهد المصري الجديد باتفاقات كامب ديفيد، وعدم صحة كل التوقعات السابقة بأنه يدرس إلغاء هذه الاتفاقات.
المجلس العسكري المصري تجاهل الضغوط الامريكية والاسرائيلية فعلاً في بداية الامر، وقرر أن لا يتخذ أي خطوات لحماية أنبوب الغاز تتسم بالطابع العسكري، لأنه لا يملك القدرة على تنفيذ هذه الخطوة بسبب قيود الإتفاقات المذكورة أولا، ولأنه يريد أن يجبر اسرائيل والولايات المتحدة على التخلي عن المواقف السابقة بعدم تعديلها، وتعزيز السيادة المصرية على المنطقة ثانيا.
كان لافتا أن المجلس العسكري قرر التفاهم مع القبائل في سيناء، وتكليفها بحماية أنبوب الغاز مقابل بعض المال بعد أن تعرض للتفجير أكثر من خمس مرات في أقل من ستة اشهر، ويبدو أن الأمريكيين والإسرائيليين فهموا هذه الرسالة وتراجعوا عن مواقفهم السابقة وسمحوا للدبابات والمدرعات المصرية بالعودة الى سيناء مجددا.
ما زال من غير المعروف ما إذا كانت هذه العودة للدبابات والجنود المصريين إلى هذه المنطقة الخطرة مؤقتة أم دائمة، فالأمر يعتمد بالدرجة الأولى على اسرائيل وأمريكا. فما يهم الاولى هو ضمان أمنها، ووقف أي عمليات فدائية محتملة عبر الحدود ريثما يتم بناء الجدار العازل الذي تقرر بناؤه على غرار الجدار العنصري في الضفة الغربية، أما ما يهم الثانية، أي الولايات المتحدة فهو التزام الجانب المصري بهذه الاتفاقات واستمرار حالة الهدوء على الحدود.
القبائل البدوية في سيناء ترتبط ارتباطاً عضوياً بنظيرتها الفلسطينية، وشبابها الجدد يتحلون بروح وطنية ودينية عالية، وساهمت عمليات التهميش التي تعرضت لها المنطقة في ابتعاد هؤلاء عن الحكومة المركزية في القاهرة، وتصاعد شعور في اوساطهم بانهم مواطنون من درجة ثانية او حتى خامسة.
من الصعب الجزم بأن خطوات الحكومة المصرية في السيطرة على الاوضاع في سيناء ستعطي ثمارها بشكل كامل، لأن الحكومة المصرية نفسها تتعرض لضغوط شعبية مكثفة لإلغاء ليس فقط اتفاقات الغاز مع اسرائيل وإنما اتفاقات كامب ديفيد برمتها. فإسرائيل تحصل على الغاز المصري بأقل من نصف سعره في الأسواق العالمية، بينما تستورده مصر بأسعار مضاعفة لتغطية الاستهلاك المحلي.
سيناء باتت تشكل صداعاً مزمناً لاسرائيل، ولذلك تحاول تصدير هذا الصداع إلى مصر، أو تحميلها جزءاً من متاعبه ودون أي مقابل خاصة على الصعيد السياسي. ومن المؤلم أن السلطات المصرية تجاوبت مع الضغوط الاسرائيلية في هذا الصدد ولم تطالب بخطوات اسرائيلية في المقابل مثل تخفيف الحصار عن قطاع غزة، أن لم يتأت رفعه بالكامل، ووقف بناء وتوسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة.
المسكوت عنه في كل ما يجري في سيناء هو أن الجماعات الاسلامية المتشددة نجحت في ما فشلت فيه كل الحكومات المصرية السابقة والحالية وهو تعديل اتفاقات كامب ديفيد وعودة السيادة المصرية تدريجياً إلى سيناء بعد غياب استمر أربعين عاماً، والدبابات المصرية التي تقتحم العريش حالياً هي الإثبات الأكيد في هذا الصدد.
منقول عن القدس العربي
الخطوة جاءت بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية على المجلس العسكري الحاكم في مصر بعد وصول تقارير عن تزايد نفوذ هذه الجماعات، وورود انباء عن تبني بعضها أيديولوجية قريبة من أيديولوجية تنظيم 'القاعدة' المتشددة.
اتفاقات كامب ديفيد تمنع وجود أي قوات مصرية بأعداد كبيرة في سيناء، وتنص على بقائها منزوعة السلاح، وتسمح فقط بأعداد محدودة من القوات الأمنية، ورفضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جميع الطلبات التي تقدمت بها الحكومة المصرية لتعديل هذه الإتفاقات وبما يسمح بزيادة قوات الأمن والجيش المصري فيها.
المتحدثون باسم الحكومة الاسرائيلية يصرون على أن تواجد دبابات ومدرعات علاوة على الفي جندي مصري يقومون بأعمال المطاردة واعتقال المتشددين الإسلاميين لا يشكل اختراقا لهذه الإتفاقات، ويتم بالتنسيق المسبق معها. بينما يرى محللون وكتاب إسرائيليون أن تجاوب المجلس العسكري المصري مع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لإرسال هذه القوات الى سيناء والقضاء على وجود الجماعات المتشددة بالتالي هو مؤشر جيد على التزام العهد المصري الجديد باتفاقات كامب ديفيد، وعدم صحة كل التوقعات السابقة بأنه يدرس إلغاء هذه الاتفاقات.
المجلس العسكري المصري تجاهل الضغوط الامريكية والاسرائيلية فعلاً في بداية الامر، وقرر أن لا يتخذ أي خطوات لحماية أنبوب الغاز تتسم بالطابع العسكري، لأنه لا يملك القدرة على تنفيذ هذه الخطوة بسبب قيود الإتفاقات المذكورة أولا، ولأنه يريد أن يجبر اسرائيل والولايات المتحدة على التخلي عن المواقف السابقة بعدم تعديلها، وتعزيز السيادة المصرية على المنطقة ثانيا.
كان لافتا أن المجلس العسكري قرر التفاهم مع القبائل في سيناء، وتكليفها بحماية أنبوب الغاز مقابل بعض المال بعد أن تعرض للتفجير أكثر من خمس مرات في أقل من ستة اشهر، ويبدو أن الأمريكيين والإسرائيليين فهموا هذه الرسالة وتراجعوا عن مواقفهم السابقة وسمحوا للدبابات والمدرعات المصرية بالعودة الى سيناء مجددا.
ما زال من غير المعروف ما إذا كانت هذه العودة للدبابات والجنود المصريين إلى هذه المنطقة الخطرة مؤقتة أم دائمة، فالأمر يعتمد بالدرجة الأولى على اسرائيل وأمريكا. فما يهم الاولى هو ضمان أمنها، ووقف أي عمليات فدائية محتملة عبر الحدود ريثما يتم بناء الجدار العازل الذي تقرر بناؤه على غرار الجدار العنصري في الضفة الغربية، أما ما يهم الثانية، أي الولايات المتحدة فهو التزام الجانب المصري بهذه الاتفاقات واستمرار حالة الهدوء على الحدود.
القبائل البدوية في سيناء ترتبط ارتباطاً عضوياً بنظيرتها الفلسطينية، وشبابها الجدد يتحلون بروح وطنية ودينية عالية، وساهمت عمليات التهميش التي تعرضت لها المنطقة في ابتعاد هؤلاء عن الحكومة المركزية في القاهرة، وتصاعد شعور في اوساطهم بانهم مواطنون من درجة ثانية او حتى خامسة.
من الصعب الجزم بأن خطوات الحكومة المصرية في السيطرة على الاوضاع في سيناء ستعطي ثمارها بشكل كامل، لأن الحكومة المصرية نفسها تتعرض لضغوط شعبية مكثفة لإلغاء ليس فقط اتفاقات الغاز مع اسرائيل وإنما اتفاقات كامب ديفيد برمتها. فإسرائيل تحصل على الغاز المصري بأقل من نصف سعره في الأسواق العالمية، بينما تستورده مصر بأسعار مضاعفة لتغطية الاستهلاك المحلي.
سيناء باتت تشكل صداعاً مزمناً لاسرائيل، ولذلك تحاول تصدير هذا الصداع إلى مصر، أو تحميلها جزءاً من متاعبه ودون أي مقابل خاصة على الصعيد السياسي. ومن المؤلم أن السلطات المصرية تجاوبت مع الضغوط الاسرائيلية في هذا الصدد ولم تطالب بخطوات اسرائيلية في المقابل مثل تخفيف الحصار عن قطاع غزة، أن لم يتأت رفعه بالكامل، ووقف بناء وتوسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة.
المسكوت عنه في كل ما يجري في سيناء هو أن الجماعات الاسلامية المتشددة نجحت في ما فشلت فيه كل الحكومات المصرية السابقة والحالية وهو تعديل اتفاقات كامب ديفيد وعودة السيادة المصرية تدريجياً إلى سيناء بعد غياب استمر أربعين عاماً، والدبابات المصرية التي تقتحم العريش حالياً هي الإثبات الأكيد في هذا الصدد.
منقول عن القدس العربي