مشاهدة النسخة كاملة : تساؤلات عن حقيقة لامية الأصمعي وقصتها المزعومة
عمار الزريقي
18-08-2011, 09:24 PM
تساؤلات عن حقيقة لامية الأصمعي وقصتها المزعومة
كثيرا ما يتداول العامة قصة تشبه الخرافة عن لامية الأصمعي (صوت صفير البلبل)، هذه القصة التي تستهوي الأطفال وبعض محدودي العلم والثقافة، وتثير إعجابهم، ويبدون اهتماماً كبيراً بها، فيتبارون في حفظها وترديدها ونشرها كمقاطع صوتية مغناة في الوسائط الحديثة، ويستخدمونها كنغمات للهواتف .. الخ.
ما حقيقة قصة هذه القصيدة ؟
هل تستحق القصيدة المحكية كل ما يقال عنها؟
تتلخص القصة في أن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور كان يحفظ كل ما ينشد في مجلسه من القصائد بعد أن يسمعها مرةً واحدةً ولو كانت مؤلفةً من ألف بيت، وله غلام يحفظ بعد أن يسمعها مرتين ، وجارية تحفظ بعد سماعها ثلاث مرات . وعلى هذا الأساس فقد كان المنصور يحرم الشعراء من مكافآته بدعوى أن ما ينشدونه في حضرته ليس من تأليفهم ولا هو بجديد عليه بل هو قديم وقد سمعه قبل ذلك وحفظه ، ثم ينشد المنصور ما سمعه مرة أخرى أمام الشاعر ليؤكد صحة ادعائه وليدحض ملكية الشاعر لقصيدته ، حتى جاءته القصيدة (المعجزة)!!! التي يحفظها أطفال اليوم ويعجز عنها فطاحلة العصر الذهبي للشعر!!!!
الأمر الأشد غرابة أن القصيدة منسوبة للأصمعي!!
هل حقاً عجز الخليفة أبو جعفر المنصور عن حفظها؟ وهل من يحفظ كل ما يُنشد في حضرته من القصائد، ولو كانت من ألف بيت، يعجز عن مثل هذه النظم الركيك؟! وهل يستحق صاحبه أن يقبض ما يقابل وزنه ذهبا ؟
هل القصة حقيقة ؟ أم أنها من روايات عالم الجن؟ وما هو مصدرها؟ ألم تذكرها كتب التاريخ والأدب وغيرها؟ هل من نسخة أصلية للقصيدة لعلها تقنعنا بما نُسج حولها ؟!!!
هل هذه القصيدة الضعيفة هي صاحبة البطولة في مسلسل (كيني ميني) الذي يحكى؟!
أم أنها وصلت إلينا محرفة ؟ ولكن كيف يسمح التاريخ بتحريف قصيدة كان لها هذا الشأن كما تصف القصة؟!!!
هل أطفال اليوم أكثر ذكاء من خليفة كان يحفظ القصيدة بعد سماعها مرة واحدة؟!! أم أن الذنب ذنب الوسائط الحديثة التي أوصلت لنا نسخة مشوهة من القصيدة؟ وهل هناك صيغة أخرى للقصيدة أكثر صعوبةً وأفصح لغةً وأدق تعبيراً وأرقى بناءً وأسمى غايةً وأكثر بلاغةً ومتانةً والتزاماً بقواعد النحو والصرف -وربما الإملاء - من الصيغة المتداولة حالياً؟؟
إذا كان أطفال اليوم أكثر ذكاء من أبي جعفر المنصور فلماذا يعجزون عن حفظ بعض الأبيات والنصوص في المقررات الدراسية؟؟!!!!
وهل القصيدة بشكلها المحكي والمقروء والمسموع حالياً والركيك معنى ومبنى جملة وتفصيلا هي من تأليف الأصمعي وهو من أرباب اللغة ؟!
الغريب في الأمر أن عدوى الاعتقاد بصحة القصة قد أصابت طائفة كبيرة من المثقفين وأنصاف المثقفين و بعض المهتمين بشئون الأدب والفكر واللغة.
أسئلة كثيرة راودتني حولها ، فبحثت كثيراً وسألت كثيراً لعلي أجد من يدلني على مصادرها ولم أجد إلا روايات متشابهة تتفق مع ما يتداوله الأطفال ، ثم بحثت في الشبكة العنكبوتية ولم أجدها مختلفة كثيراً سوى في بعض الأمور الإملائية التي لا تخلوا منها منتديات الإنترنت . وعلى صعيد بحثي هذا وجدت مقالة لكاتب اسمه د/ عبدالله سليم الرشيد ؛ هذه المقالة شدتني كثيراً لاختلافها جذرياً عن كل ما يُحكى عن القصيدة وقصتها الهائفة ، ولعل الكاتب بدا فيها أشد مني خشونة وتهكماً وسخرية، وأعتقد جازماً أنه محقٌ في انفعاله. يقول :
(إنّ هذه القصة السقيمة والنظم الركيك كذب في كذب ، وهي من صنيع قاصّ جاهل بالتاريخ والأدب ، لم يجد ما يملأ به فراغه سوى هذا الافتعال الواهن ).
ولعل أهم ما ذكره الكاتب عبد الله الرشيد هو ما يتعلق بمصدر القصة ، حيث يقول:
(إن القصة المذكورة لم ترد في مصدر موثوق ، ولم أجدها بعد بحث طويل إلا في كتابين ، الأول : إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ، لمحمد دياب الإتليدي ( ت بعد 1100هـ ) وهو رجل مجهول لم يزد من ترجموا له على ذكر وفاته وأنه من القصّاص ، وليس له سوى هذا الكتاب .
والكتاب الآخر : مجاني الأدب من حدائق العرب ، للويس شيخو ( ت 1346هـ ) ، وهو رجل متّهم ظنين ، ويكفي أنه بنى أكثر كتبه على أساس فاسد - والتعبير لعمر فرّوخ ( ت 1408هـ ) - وكانت عنده نزعة عنصرية مذهبية ، جعلته ينقّب وينقّر ويجهد نفسه ، ليثبت أن شاعراً من الجاهليّين كان نصرانياً ( راجع : تاريخ الأدب العربي 1/23)
ولعل التساؤلات السابقة، إلى جانب ما توفر لدينا من معلومات حول الموضوع ، تقودنا إلى حقيقة مفادها أن القصة وهمية، وأن ما يحكى عنها هو عين التجني على الأدب العربي واللغة العربية وعلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ، وأن نسبة القصيدة إلى الأصمعي هو عين الإجحاف بحق رب من أرباب اللغة وهو منزه عن ارتكاب مثل هذا النظم الركيك الذي لم يلتزم بأبسط قواعد اللغة.
وختاماً فإن القصة المنسوجة حول القصيدة ، بل والقصيدة ذاتها ، تبقى مادة منضوية تحت باب أدب الأطفال.
نادية بوغرارة
18-08-2011, 11:58 PM
سمعت القصيدة أكثر من مرة ، و سمعتها أولا كمستملحة ذكَرها أحد أعضاء مجموعة إنشادية
في حفل زفاف ، و هي ضمن منقولاتي للواحة من وقت طويل ،
لم أفكر يوما بصحتها أو تلفيقها ، و لم أدقق في كلماتها و لا بنائها ،
و اليوم و أنا أقرأ مقالك ، أسمع خبر عدم صحتها لأول مرة .
ما الفائدة من دس مثل هذه القصائد ؟؟
و كيف تركها النقاد طوال هذه المدة حتى أصبح يعرفها غير الأدباء أكثر من الأدباء أنفسهم ؟؟
أما الحديث عن العدوى فهو طامّة في الأدب العربي:
الغريب في الأمر أن عدوى الاعتقاد بصحة القصة قد أصابت طائفة كبيرة من المثقفين وأنصاف المثقفين و بعض المهتمين بشئون الأدب والفكر واللغة.
لدي ملاحظة في الأخير بخصوص قولك :
هل أطفال اليوم أكثر ذكاء من خليفة كان يحفظ القصيدة بعد سماعها مرة واحدة؟!!
من قال أن هناك طفلا حفظها من أول مرة سمعها ، و بذلك استحق أن يكون أذكى من الخليفة ؟؟
ربما استغرق من حفِظها من الوقت ما لا نعلمه . :011:
ماذا يلزم لنحكم على القصيدة بأنها وهمية ؟؟
ربما يجب وضعها تحت المجهر :002:
الأخ عمار الزريقي ،
شكرا لك على ما قدّمت لنا .
نداء غريب صبري
19-08-2011, 01:57 AM
ستكون مصيبة لو كان الأدباء يصدقون أن هذه القصيدة للأصمعي فعلا
فهي أشبه بأنشودة أو نص شعري من تلك التي كان ينظمها الحكواتي في مقاهينا الشامية ويحكيها للناس في الأمسيات التي يجتمعون بها ليستمعوا للتاريخ على لسانه وبشعره منسوبا لعنترة وسيف بن ذي يزن وابي زيد الهلالي وغيره من الفرسان والشعراء ومنهم من لم يكن شاعرا أصلا
حين قراتها أول مرة أعجبتني خفة الظل في فكرتها
ولم يخطر لي أبدا أن تكون للأصمعي وهي دون شعر شاعر عادي
شكرا لطرح الموضوع أخي
بوركت
عمار الزريقي
21-08-2011, 08:22 PM
لدي ملاحظة في الأخير بخصوص قولك :
من قال أن هناك طفلا حفظها من أول مرة سمعها ، و بذلك استحق أن يكون أذكى من الخليفة ؟؟
ربما استغرق من حفِظها من الوقت ما لا نعلمه . :011:
الشاهد في الموضوع أن كثيرا من الأطفال الذين يحفظونها لا يعرفون عن الشعر العربي شيئا سواها ، بصرف النظر عن ما استغرق وقت حفظها.
ماذا يلزم لنحكم على القصيدة بأنها وهمية ؟؟
ربما لا يلزمنا الكثير . لو دققنا النظر في بيت أو بيتين من هذا النظم لأدركنا مدى هشاشته وسطحيته بل ومخالفته لأبسط قواعد اللغة (هيج قلبي الثمل)
وسيدي ومولى لي
وقد غدا مهرولِ
وغيرها الكثير.
كيف يستحسنها الخليفة (المُحَكّم شعرا) الذي تعرض عليه آلاف القصائد ويحفظ من الشعر ما شاء الله له أن يحفظ؟؟
ألم يدرك ما فيها من اختلالات وتجاوزات ؟
لا يخطر في بالي أبداً أن الخليفة معصوب الأعين إلى هذه الدرجة .
ربما يجب وضعها تحت المجهر :002:
لا أمانع في ذلك ، غير أني لا أظن أن العين المجردة تعجز عن رؤية الخلل.
.
الأخت الشاعرة الكريمة نادية بوغرارة:
شكرا على التفاعل الكريم وإثراء الموضوع
عمار الزريقي
21-08-2011, 08:40 PM
ستكون مصيبة لو كان الأدباء يصدقون أن هذه القصيدة للأصمعي فعلا
فهي أشبه بأنشودة أو نص شعري من تلك التي كان ينظمها الحكواتي في مقاهينا الشامية ويحكيها للناس في الأمسيات التي يجتمعون بها ليستمعوا للتاريخ على لسانه وبشعره منسوبا لعنترة وسيف بن ذي يزن وابي زيد الهلالي وغيره من الفرسان والشعراء ومنهم من لم يكن شاعرا أصلا
حين قراتها أول مرة أعجبتني خفة الظل في فكرتها
ولم يخطر لي أبدا أن تكون للأصمعي وهي دون شعر شاعر عادي
شكرا لطرح الموضوع أخي
بوركت
الشاعرة القديرة نداء غريب صبري
بورك مرورك الطيب
شكرا لك
تحياتي
نادية بوغرارة
21-08-2011, 08:51 PM
الأخت الشاعرة الكريمة نادية بوغرارة:
شكرا على التفاعل الكريم وإثراء الموضوع
=======
الأخ الشاعر عمار الزريقي ،
أتفق مع ما جاء في ردك ، و الخلل مثل ما تفضلتَ ، باد للعين المجردة .
لكن ،
أليس هناك اعتبار لكون القصيدة أتت لغرض معين ،
و هو جعْلُها بالصعوبة الكافية، كي لا يستطيع الخليفة حفظ أبياتها ؟؟
ألا يمكن أن يبرر هذا صياغتها الملتوية و كلماتها الغريبة و ربما أخطاءها أيضا ؟؟؟
خاطر فقط ، إذ لم أبذل مجهودا للبحث في الموضوع ، و اكتفيت بما جاء في تساؤلاتك ،
التي أثارت تساؤلاتي .
كل الشكر .
مُنتظر السوادي
23-08-2011, 01:24 AM
هل يسمح لي بكلمات
؟
الاستاذ الجليل عمار ..
لك التحية والود
- القصيدة قيلت لغرض معين
- الاطفال وحفظهم للقصيدة ليس عيبا
- ليس عيبا ان يعجز اي شخص من حفظها للمرة الاولى
- ان شئنا تفنيد نسبتها , اولا البحث التاريخي . ثانيا اسباب عدم ذكرها في مصادر الادب , ثالثا الاصمعي نفسه وهو راوية لماذا اغفل ذكرها , صياغتها واسلوبها ومقارنته باسلوب الشعر عند الاصمعي ذاته ... عندها نتمكن من اصدار حكم بحقها
تلميذ الواحة
عمار الزريقي
23-08-2011, 07:14 PM
=======
الأخ الشاعر عمار الزريقي ،
أتفق مع ما جاء في ردك ، و الخلل مثل ما تفضلتَ ، باد للعين المجردة .
لكن ،
أليس هناك اعتبار لكون القصيدة أتت لغرض معين ،
و هو جعْلُها بالصعوبة الكافية، كي لا يستطيع الخليفة حفظ أبياتها ؟؟
ألا يمكن أن يبرر هذا صياغتها الملتوية و كلماتها الغريبة و ربما أخطاءها أيضا ؟؟؟
خاطر فقط ، إذ لم أبذل مجهودا للبحث في الموضوع ، و اكتفيت بما جاء في تساؤلاتك ،
التي أثارت تساؤلاتي .
كل الشكر .
ربما أنت محقة في ما ذهبت إليه
ننتظر رأي الإخوة كبار الواحة فربما يأتوننا بالقول الفصل
شكرا لتفاعلك أخية
عمار الزريقي
23-08-2011, 07:18 PM
هل يسمح لي بكلمات
؟
الاستاذ الجليل عمار ..
لك التحية والود
- القصيدة قيلت لغرض معين
ربما تعجيز الخليفة بنص يصعب عليه حفظه .
ألم يمكن الإتيان بقصيدة ملتزمة بقواعد اللغة على الأقل؟؟؟
- الاطفال وحفظهم للقصيدة ليس عيبا
لم نقل هو عيب أبدا
- ليس عيبا ان يعجز اي شخص من حفظها للمرة الاولى
العيب هو في استحسان القصيدة المنظومة التي لم تلتزم بأبسط قواعد اللغة
- ان شئنا تفنيد نسبتها , اولا البحث التاريخي . ثانيا اسباب عدم ذكرها في مصادر الادب , ثالثا الاصمعي نفسه وهو راوية لماذا اغفل ذكرها , صياغتها واسلوبها ومقارنته باسلوب الشعر عند الاصمعي ذاته ... عندها نتمكن من اصدار حكم بحقها
ننتظر رأي الإخوة كبار الواحة ربما لديهم ما يشبعون به جوعنا لفكرهم وعلمهم
تلميذ الواحة
مرحبا بك أخ منتظر وشكرا لمداخلتك الطيبة
محمد ذيب سليمان
23-08-2011, 11:54 PM
أراني مستمعا ومكتفيا بما جاء في مداخلات الأخوات والأخوة
لأن القصيدة " كما تدعى " لم افكر للحظة بها وبسماعها ومناقشة امرها
بل هي شيءطاريسءمر مرور الكرام
دبعا كان لا بد من تساؤلات حولها ولكن لا ادجري لماذا لم اهتم بها مطلقا
وكأنني استسغت انها لا يمكن ان تكون للأصمعي ولا حتى قصتها أعجبتني
اذ جعلوا من خليفة بذلك القدر يهدر اموال الدولة لأجل ... لا شيءيستحق
فهل كان هذا الخليفة يستحق ان يكون لو فعل ذلك ؟؟؟
شكرا للطرح
ربيحة الرفاعي
24-08-2011, 03:59 AM
حين قرأتها أول مرة ابتسمت استنكارا، فقصتها لم ترحني، ونصها استفزني بما فيه من أخطاء لا يقع فيها شويعر ولا هاوٍ يحب الشعر ولا يجيده، فكيف بالأصمعي وهو من هو، وأي فوضى تسقط قصة له مع الخليفة من ما سرد لنا بنفسه عن تاريخه وهو الذي لم يعف من الرواية قصة له مع أعرابي في الصحراء أو جارية قرب عين ماء.
كان النص زاخرا بكل ما قد يخطر ببال المرء من خطأ، وحتى وإن وردت القصة والقصيدة في كل ما وصلنا من كتب أرخت لتلك الحقبة من عمر الأمة ، وهذا ما لم يحدث، فلا يعني ذلك أنها صحيحة ولا يصح أصلا أن تكون.
ربما ساهم يقيني من تآمر الدنيا من حولنا على اللغة العربية وآدابها ، في تكريس تحفزي تجاه كل نص يحمل شبهة تورط في ذلك، وربما قرأت شبه القصيدة هذه بعين متشككة اعتبارا من الغلطة الأولى التي التقطتها أذني، لكني لا أظنني كنت سأتقبلها بما تلا ذلك من أخطاء حتى وإن بدأت القراءة مطمئنة
رائع اصطيادك لهذه السمكة من بحر ما زج القوم في موروثنا
أبدعت أيها الكريم
دمت بألق
د. مختار محرم
24-08-2011, 04:27 AM
الطريف في القصة أن المكافأة كانت وزنها ذهبا!!!
أي مكافأة عجيبة هذه لا يفكر بها خليفة عباسي
ولماذا سيتسابق الشعراء لإلقاء قصائد والمكافأة ربما دينار ذهبي واحد هو وزن الورقة؟؟
بل هي إثارة من خيال مؤلف كوميدي جعل الأصمعي يكتب القصيدة على لوح من المرمر
^_^
ولماذا لم يحتفظ لنا التاريخ بلوح المرمر هذا أم أن الأرضة أتت عليه؟
أحسنت الاصطياد أخي عمار
والله أنني منذ صغري وأقراني يتفاخرون بحفظهم لهذه الطمبحة وأنا لا ألقي لها بالا لإدراكي أنها لاشيء
وأنها ليست من التراث الذي نفاخر بتناقله ولا يمكن أن يكون هذا الشعر كتب في العهد العباسي
وما هي إلا من خيال أحد بائعي الكلام في عصور الضعف الأدبي
إبان حكم المماليك والعثمانيين وحتى نهايات القرن التاسع عشر الميلادي
مودتي لك أيها العمار
نادية بوغرارة
24-08-2011, 12:03 PM
الأخ عمار الزريقي ، الأخوات و الإخوة الكرام ،
لا يعني دفاعي عن احتمال وجود قصيدة " صوت صفير البلبل " أنها قصيدة جيدة ، و تخلو مما يعيبها
فنيا و جماليا و بلاغيا ...،
و إنما - و أرجو أن يحالفني الصواب - أنطلق من قناعة لدي و هي
أن القصيدة وإنْ بدت بها الفوضى، و لم تتقبلها الأذن المتذوقة ،
لا يمكن أن نحكم عليها و ننفي وجودها لمجرد أنها لم ترق لنا عند قراءتها ،
و لكن يجب أن تتوفر أسباب أقوى لنمسحها من تاريخ الشعر بممحاة الواثق القريب من اليقين .
أغراني الموضوع بالمزيد من البحث و سأوافيكم بما أجد أولا بأول .
====
كنت في مضى نشرت القصيدة على صفحات الواحة في قسم الاستراحة ،
و الرابط :
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=35843
أنسخ لكم من هناك رد الأخت ماجدة ماجد الصباح ، و قد أتت بنسخة للقصيدة مع بعض التغيير ،
لشاعر آخر هو أبو عجل الماجن يقول فيها :
صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ = هَيَّجَ قَلبَ الثَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً = مَع حُسنِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ حَقّاً سَيِّدي = وَسُؤدُدي وَمَولَلي
وَكَم وَكَم تَيَّمَني = غُزَيِّلٌ عَقَنقَلي
قَطَفتُ مِن وَجنَتِهِ = بِالوَهمِ وَردَ الخَجَلِ
وَقُلتُ بَسبَسبَستَني = فَلَم يَجُد بِالقُبَلِ
وَقالَ لا لا لا لَلا = وَقد غَدا مُهَروِلي
شَمَمتُها في أَنفِفي = أَذكى مِن القَرنفُلِ
في بُستَتانٍ حَسَنٍ = بِالزَهرِ وَالسَرَولَلِ
والعود دندن دندنٌ = والطبل طبطب طبطب لي
والرقص أرطب طبطبٌ = والماء شقشقشق لي
شووا شووا شووا على = ورّيقٍ سفرجلِ
وغرد القُمري يصيح = من ملل من مللي
فلو تراني راكبا =على حمار أعزل
أمشي على ثلاثةٍ = كمشية العرنجلِ
والناس قد ترجمني = في السوق بالبقلّلي
والكل كع كع ككعٌ = خلفي ومن حويللي
ولكن مشيت هاربا = من خشية في عقللي
إلى لقاء ملك = معظم مبجل
يأمر لي بخلعةٍ = حمراء كالدململي
أجر فيها مأربا = ببغددٍ كالدلدلِ
إن النسخة التي أضفْت أعلاه ، ترجّح لدي فكرة أن القصيدة تعرضت للتحريف فكثرت فيها الأخطاء (غير المقبولة)،
ولعلكم لاحظتم الفرق بين النسختين في المبنى و المعنى .
و ما زلت أسأل :
هل هي حقا من الشعر المرفوض ، المكذوب على صاحبه ؟؟
تحية للجميع .
نادية بوغرارة
24-08-2011, 01:43 PM
إن ما أطلق عليه البعض بالانكسار التاريخي الذي أصاب الأمة الإسلامية في مقتل ، سرق منها دهرا من
التميز و السبق على مستويات كثيرة ، و أهم ما فقدته العصور الذهبية لأمتنا هو الاستقرار و الاطمئنان
حيث عصفت رياح الفوضى بالمجتمع الإسلامي و اختلط الحابل بالنابل ، و لم ينج الأدب من هذه
التغييرات ، فطاله التحريف و الإضافة و دخلت عليه البدع من كل صوب و اتجاه .
ففي العهد العباسي - المنسوبة إليه قصيدة صوت صفير البلبل ، شهد الأدب ظهور ما يسمى
بأدب الظرفاء و الحمقى و المجانين ، و هي ألوان أدبية اختارها البعض كنهج و أسلوب حياة
أو للارتزاق و الاكتساب ،و استغلال الوضع المتردي الذي طال البلاد و العباد على حد سواء ،
و الذي اختلطت معه المعايير و فُقدت الموازين .
فكان الشعر وسيلة من الوسائل للوصول إلى القصور و الخروج منها بالمال و الحظوة و المكانة و الشهرة،
و لم يكن الأصمعي بدعا من القوم ، بل سار على سيرهم فكان تطوافه و تجواله للتزود بما يمَكنّه
من بلاط الأمراء ، فيفيضون عليه من عطاياهم ، و هو على قدر علمه الغزير و نبوغه و حسن تدبيره
كان يشتغل كمضحّك في دواوين الخلافة ، يستخدم لذلك واسع اطلاعه و حفظه و مهارته الشعرية .
و من الأسماء التي احترفت المجون و الجنون و الحمق و الظرافة أذكر :
أحمد بن عبد السلام / ابن سودون / أبو العبر الهاشمي / أبو عجل الماجن / جعيفران الموسوس و غيرهم كثير ..
سؤال :
لماذا اختار بعض شعراء ذلك الزمان هذا النهج في الشعر و الأدب عموما ؟؟
أنقل لكم :
(كان أبو العجل ينحو نحو أبي العبر، ويتحامق كثيرا في شعره،
وأورد أربع قطع له، منها لامية على غرار: صوت صفير البلبل) وحكى ابن المعتز قصتها فقال:
وكان أبو العجل من آدب الناس وأحكمهم وأكملهم عقلا وأشعرهم وأظرفهم، عالماً بالنحو والغريب، عارفاً بأيام الناس وأخباره،
قد نظر في شيء من الفلسفة، وكان مع هذا مقتراً عليه، فما رأى ذلك استعمل الغفلة والرطازة فلم يحل عليه الحول
حتى اكتسب بذلك مالاً كثيراً. ولما صار المتوكل إلى دمشق تلقاه أبو العجل راكباً على قصبة، وفي إحدى رجليه خف وفي الأخرى نعل،
وبين يديه غلام بيده غاشية، وعليه دراعة، وعلى رأسه قلنسوة من الطواميز،
فنظر إليه المتوكل فتبسم وقال: ويحك جننت بعدنا، فأنشأ يقول
(شه شه على العقلل
ماهو من شكللي) ..إلخ.
و هي أبيات قالها على غرار " صوت صفير البلبل " ، و في هذه القصة - إن ثبتت -
دليل على وجود القصيدة موضوع البحث .
و أيضا :
ونقل أبو الفرج عن مدرك صاحب المزدوجة أنه قال: حدثني أبو العنبس الصيمري قال:
" قلت لأبي العبر ونحن في دار المتوكل:
- ويحك إيش يحملك على هذا السخف الذي قد ملأت به الأرض خطباً وشعراً وأنت أديب ظريف مليح الشعر?فقال لي:
- يا كشخان، أتريد أن أكسد أنا وتنفق أنت?
- أنت أيضاً شاعر فَهِم متكلم، فلم تركت العلم، وصنعت في الرقاعة نيفاً وثلاثين كتاباً?
- حب أن تخبرني لو نفق العقل أكنت تقدم علي البحتري، وقد قال في الخليفة بالأمس:
(عن أي ثغر تبتسم
وبأي طرف تحتكم)
فلما خرجت أنت عليه وقلت:
(في أي سلح ترتطم
وبأي كف تلتطم)
فأعطيت الجائزة وحرم، وقربت وأبعد، في حر أمك وحر أم كل عاقل معك! فتركته وانصرفت.
قال مدرك: ثم قال لي أبو العنبس: قد بلغني أنك تقول الشعر، فإن قدرت أن تقوله جيداً، جيداً?
وإلا فليكن بارداً، بارداً، مثل شعر أبي العبر وإياك والفاتر فإنه صفع كله).
و ما زلت أسأل و أبحث عن الأجوبة ..
نادية بوغرارة
24-08-2011, 02:53 PM
ما هي قصة قصيدة " صوت صفير البلبل " ؟؟
عثرت أثناء البحث على أكثر من رواية لمناسبة القصيدة ، و ما وجدته أقرب للعقل و المنطق هو
ما سمعته على لسان الشيخ القطان في أحد تسجيلاته .
تسمعون القصة كاملة عند فتح الرابط التالي :
http://www.youtube.com/watch?v=ZM0kul5syoc
و ملخص القصة أن الخليفة المنصور دبّر حيلة لمنع العطايا للشعراء ، حفاظا على المال العام ،
غير أن الأصمعي استطاع أن يغلبه و كشف حيلته بحيلة أكبر منها ، نتج عنها الحصول على وعد من الخليفة
بأن لا يبخل الخليفة على الشعراء الذين لا يقصدونه إلا لحاجتهم للمال و قلة ذات اليد .
فكان أن وافق المنصور على طلب الأصمعي مقابل أن يعيد هذا الأخير المال الطائل الذي استحقه من وراء قصيدته .
ماذا لدينا من تراث الأصمعي الشعري ؟؟
هل هذه هي الغريبة الوحيدة في شعر الأصمعي ؟؟
متى يمكننا أن نقبل هذه القصيدة من الأصمعي ؟؟
ألا يوجد في المنقول من التراث الشعري ما يشبه هذه القصيدة ؟؟
كلها أسئلة إن وَجدت أجوبةً فإنها ستقود إلى إصدار حكم نافذ على القصيدة ،
ويكون مبنيا على أسس علمية على قدر المستطاع ،لا يترك مجالا للريبة أو الشك .
يبدو أن أسئلتي كثيرة ، فأرجو ألا يكون إدراجها على صفحات موضوعكم أمرا مزعجا .:004:
أشكركم .
عمار الزريقي
24-08-2011, 07:58 PM
أراني مستمعا ومكتفيا بما جاء في مداخلات الأخوات والأخوة
لأن القصيدة " كما تدعى " لم افكر للحظة بها وبسماعها ومناقشة امرها
بل هي شيءطاريسءمر مرور الكرام
دبعا كان لا بد من تساؤلات حولها ولكن لا ادجري لماذا لم اهتم بها مطلقا
وكأنني استسغت انها لا يمكن ان تكون للأصمعي ولا حتى قصتها أعجبتني
اذ جعلوا من خليفة بذلك القدر يهدر اموال الدولة لأجل ... لا شيءيستحق
فهل كان هذا الخليفة يستحق ان يكون لو فعل ذلك ؟؟؟
شكرا للطرح
الأستاذ الشاعر محمد ذيب سليمان
أشكرك أيها الكريم على مداخلتك الطيبة
تقبل مني خالص التحية والتقدير
عمار الزريقي
24-08-2011, 08:03 PM
الطريف في القصة أن المكافأة كانت وزنها ذهبا!!!
أي مكافأة عجيبة هذه لا يفكر بها خليفة عباسي
ولماذا سيتسابق الشعراء لإلقاء قصائد والمكافأة ربما دينار ذهبي واحد هو وزن الورقة؟؟
بل هي إثارة من خيال مؤلف كوميدي جعل الأصمعي يكتب القصيدة على لوح من المرمر
^_^
ولماذا لم يحتفظ لنا التاريخ بلوح المرمر هذا أم أن الأرضة أتت عليه؟
أحسنت الاصطياد أخي عمار
والله أنني منذ صغري وأقراني يتفاخرون بحفظهم لهذه الطمبحة وأنا لا ألقي لها بالا لإدراكي أنها لاشيء
وأنها ليست من التراث الذي نفاخر بتناقله ولا يمكن أن يكون هذا الشعر كتب في العهد العباسي
وما هي إلا من خيال أحد بائعي الكلام في عصور الضعف الأدبي
إبان حكم المماليك والعثمانيين وحتى نهايات القرن التاسع عشر الميلادي
مودتي لك أيها العمار
أحسنت أخي الكريم د. مخار محرم في مداخلتك
أين لوح المرمر الذي كتبت عليه القصيدة ؟؟
إن وجد فربما يكون في أحد متاحف تركيا أو ألمانيا أو سواها!!!!
لكنه قد يحتوي على القول الفصل الذي يدلنا على الصيغة الصحيحة للقصيدة التي استحقت ما استحقت من شأن
لنكن متواضعين قليلا فلا نتساءل عن لوح المرمر ، بل نقول: ألم تحتوي كتب الأدب والتاريخ الموثوق بها على إشارة للقصيدة؟؟
لك مودتي وتقديري
وشكرا على مداخلتك
عمار الزريقي
24-08-2011, 08:06 PM
حين قرأتها أول مرة ابتسمت استنكارا، فقصتها لم ترحني، ونصها استفزني بما فيه من أخطاء لا يقع فيها شويعر ولا هاوٍ يحب الشعر ولا يجيده، فكيف بالأصمعي وهو من هو، وأي فوضى تسقط قصة له مع الخليفة من ما سرد لنا بنفسه عن تاريخه وهو الذي لم يعف من الرواية قصة له مع أعرابي في الصحراء أو جارية قرب عين ماء.
كان النص زاخرا بكل ما قد يخطر ببال المرء من خطأ، وحتى وإن وردت القصة والقصيدة في كل ما وصلنا من كتب أرخت لتلك الحقبة من عمر الأمة ، وهذا ما لم يحدث، فلا يعني ذلك أنها صحيحة ولا يصح أصلا أن تكون.
ربما ساهم يقيني من تآمر الدنيا من حولنا على اللغة العربية وآدابها ، في تكريس تحفزي تجاه كل نص يحمل شبهة تورط في ذلك، وربما قرأت شبه القصيدة هذه بعين متشككة اعتبارا من الغلطة الأولى التي التقطتها أذني، لكني لا أظنني كنت سأتقبلها بما تلا ذلك من أخطاء حتى وإن بدأت القراءة مطمئنة
رائع اصطيادك لهذه السمكة من بحر ما زج القوم في موروثنا
أبدعت أيها الكريم
دمت بألق
الاستاذة الفاضلة الشاعرة ربيحة الرفاعي
أشكر مداخلتك الطيبة التي ربما زادت من يقيني قليلا بما طرحت آنفا
أشكر مرورك الطيب
وتقبلي مني أخلص وأوفى تحية وتقدير .
عمار الزريقي
24-08-2011, 08:24 PM
أغراني الموضوع بالمزيد من البحث و سأوافيكم بما أجد أولا بأول .
====
كنت في مضى نشرت القصيدة على صفحات الواحة في قسم الاستراحة ،
و الرابط :
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=35843
[/RIGHT]
شكرا أختي الفاضلة الشاعرة نادية بوغرارة على حماسك وتفاعلك مع الموضوع ومشاركتك الكبيرة في إثرائه بغية القبض على جمرة الحقيقة فكلنا نسعى إلى هذا الغرض .
مررت على رابط القصيدة وقرأت القصيدة مع قصتها ثم استمعت إلى القصيدة بصوت الطفل . وأصدقك القول أني ربما نسيت الجزء الأخير من القصة (المتعلق بإعادة الجائزة إلى بيت المال ، وتراجع المنصور عن تقتيره على الشعراء) أو ربما هذه أول مرة أعلم أقرأ عنه . وعموما فهذا الجزء من القصة جدير بالاعتبار وربما يضيف شيئا كبيرا إلى الحبكة .
هناك تركت لك التعليق التالي:
*** صوت صفير البلبل ***
و هنا يقرؤها الطفل الشيخ مسلم سعيد مع إضافة لم أجدها بالقصيدة التي نقلت :
http://www.youtube.com/watch?v=cNSn3ImT5TA&feature=related
إن أفلحت أذني في التقاط صوت الطفل ، فهذا هو ما يضيفه الطفل الذي ينشد القصيدة :
تفشحـط الفشحاط في حشـف الحفـا برباط كهي الفستكل البعبلي
و الهيهلوب الهيهلوب تهجعت كهبرقع العنقلوت الزنفولي
ازج زلوج ازرفياً زفازفـو يزفاً يوز الناجيات السرافلا
لكنه خبط عشواء لا يمت للقصيدة بصلة (هذا إن لم أكن قد أخطأت في السماع والالتقاط ) ولا أعرف مصدره كما أني لا أعرف أيضا مصدر القصيدة أصلا . لكن المقطع الأول يمكن قبوله . أما الأخير الذي أضافه الطفل يبدو خارج القصيدة تماما ، لأن *القصيدة انتهت عند البيت:
أقول في مطلعها = صوت صفير البلبل
شكرا أختي الفاضلة نادية على المجهود
وعموما إن وجد مصدر أدبي أو تأريخي للقصيدة فإنه قد يرسم نهاية بطريقة أو بأخرى لما ثار أو يثور من جدل حول القصيدة وقصتها ونسبتها للأصمعي أو لغيره .
نادية بوغرارة
24-08-2011, 10:30 PM
شكرا أختي الفاضلة الشاعرة نادية بوغرارة على حماسك وتفاعلك مع الموضوع ومشاركتك الكبيرة
في إثرائه بغية القبض على جمرة الحقيقة فكلنا نسعى إلى هذا الغرض .
بارك الله فيك ،
هو ذلك القصد من مشاركاتي بموضوعك .
وعموما إن وجد مصدر أدبي أو تأريخي للقصيدة فإنه قد يرسم نهاية بطريقة أو بأخرى لما ثار أو يثور من جدل حول القصيدة وقصتها ونسبتها للأصمعي أو لغيره .
و حتى إن لم يوجد - و ربما هذا هو ما سهّل لكل من يريد أن يضيف إليها ما شاء -
أعتقد أن نقد القصيدة و البحث فيما كتب حولها كفيل بأن يصدر الحكم بخصوصها ،
و أمر كهذا لا أظنُّه يُعجز مهرة النقد في واحتنا الأديبة .
=======
أشكرك مرة أخرى على طرح الموضوع للحوار حوله و البحث فيه،
و لا أخفيك أن في ذلك متعة و فائدة و إضافة لرصيدي المعرفي، أبعد من مجرد إثبات القصيدة أو نفيها .
عمار الزريقي
26-08-2011, 09:41 PM
أنسخ لكم من هناك رد الأخت ماجدة ماجد الصباح ، و قد أتت بنسخة للقصيدة مع بعض التغيير ،
لشاعر آخر هو أبو عجل الماجن يقول فيها :
صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ = هَيَّجَ قَلبَ الثَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً = مَع حُسنِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ حَقّاً سَيِّدي = وَسُؤدُدي وَمَولَلي
وَكَم وَكَم تَيَّمَني = غُزَيِّلٌ عَقَنقَلي
قَطَفتُ مِن وَجنَتِهِ = بِالوَهمِ وَردَ الخَجَلِ
وَقُلتُ بَسبَسبَستَني = فَلَم يَجُد بِالقُبَلِ
وَقالَ لا لا لا لَلا = وَقد غَدا مُهَروِلي
شَمَمتُها في أَنفِفي = أَذكى مِن القَرنفُلِ
في بُستَتانٍ حَسَنٍ = بِالزَهرِ وَالسَرَولَلِ
والعود دندن دندنٌ = والطبل طبطب طبطب لي
والرقص أرطب طبطبٌ = والماء شقشقشق لي
شووا شووا شووا على = ورّيقٍ سفرجلِ
وغرد القُمري يصيح = من ملل من مللي
فلو تراني راكبا =على حمار أعزل
أمشي على ثلاثةٍ = كمشية العرنجلِ
والناس قد ترجمني = في السوق بالبقلّلي
والكل كع كع ككعٌ = خلفي ومن حويللي
ولكن مشيت هاربا = من خشية في عقللي
إلى لقاء ملك = معظم مبجل
يأمر لي بخلعةٍ = حمراء كالدململي
أجر فيها مأربا = ببغددٍ كالدلدلِ
إن النسخة التي أضفْت أعلاه ، ترجّح لدي فكرة أن القصيدة تعرضت للتحريف فكثرت فيها الأخطاء (غير المقبولة)،
ولعلكم لاحظتم الفرق بين النسختين في المبنى و المعنى .
كنت قد حاولت أكثر من مرة كتابة رد ولكن الكهرباء تفاجئني بالانقطاع قبل أن اعتمد المشاركة
وها أنذا أعود
ذات مرة راودتني فكرة أن القصيدة ربما تعرضت للتحريف من جراء تداولها على ألسن العامة فملت في مخيلتي عصفا لعلي أصحح ما شابها من الأخطاء وخرجت بنص يشبه كثيرا في تفاصيه ما أوردته الأخت ماجدة الصباح ، غير أني وجدت عقبات كثيرة في عدد من البنى اللفظية في القصيدة ولم أستطع تفكيكها وإعادة تركيبها .
و ما زلت أسأل :
هل هي حقا من الشعر المرفوض ، المكذوب على صاحبه ؟؟
تحية للجميع
لا أظن أنها من الشعرالمرفوض
أو ربما يصح القول أن القصة التي نسجت حولها هي التي تسببت في إثارة الجدل حول القصيدة .
ما زلنا ننتظر مزيدا من المشاركات لعلها تشبع نهمنا للمعرفة وجوعنا للحقيقة .
شكرا لك أختي الفاضلة نادية
لك وافر المودة
.
عمار الزريقي
31-08-2011, 02:37 PM
ما هي قصة قصيدة " صوت صفير البلبل " ؟؟
لم أجد للقصة إلا مصدرا واحدا .
ذكر الإتليدي في كتابه(إعلام الناس بما وقع للبرامكة )
قيل: إنه كان يحفظ الشعر من مرة، وله مملوك يحفظه من مرتين، وكان له جارية تحفظه من ثلاث مرات، وكان بخيلاً جداً حتى إنه كان يلقب بالدوانيقي لأنه كان يحاسب على الدوانيق، فكان إذا جاء شاعر بقصيدة قال له: إن كانت مطوقة بأن يكون أحد يحفظها أو ا؛د أنشأها: أي بأن كان أتى بها أحد قبلك، فلا نعطيك لها جائزة، وإن لم يكن أحد يحفظها نعطيك زنة ما هي مكتوبة فيه، فيقرأ الشاعر القصيدة فيحفظها الخليفة من أول مرة، ولو كانت ألف بيت، ويقول للشاعر اسمعها مني وينشدها بكمالها، ثم يقول له: هذا المملوك يحفظها، وقد سمعها المملوك مرتين، مرة من الشاعر ومرة من الخليفة فيقرؤها، ثم يقول الخليفة: وهذه الجارية التي خلف الستارة تحفظها أيضاً وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات فتقرؤها بحروفها فيذهب الشاعر بغير شيء.
قال الراوي: وكان الأصمعي من جلسائه وندمائه فنظم أبياتاً صعبة وكتبها على قطعة عمود من رخام ولفها في عباءة وجعلها على ظهر بعير وغير حليته في صفة أعرابي غريب وضرب له لثاماً ولم يبين منه غير عينيه، وجاء إلى الخليفة وقال: إني امتدحت أمير المؤمنين بقصيدة. فقال: يا أخا العرب إن كانت لغيرك لا نعطيك عليها جائزة وإلا نعطيك زنة ما هي مكتوبة عليه. فأنشد الأصمعي هذه القصيدة:
صوت صفير البلبل = هيج قلبي الثمل
الماء والزهر معا = مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيد دلي=وسيدي وموللي
وكم وكم تيمني = غزيل عقيقي
قطفت من وجنته = باللثم ورد الخجل
وقلت بس بسبسني=فلم يجد بالقبل
وقال لا لا لللا = وقد غدا مهرولي
والخود مالت طربا= من فعل هذا الرجل
وولولت ولولةً=ولي ولي يا ويللي
فقلت لا تولولي = وبيني اللؤلؤلي
لما رأته أشمطا=يريد غير القبل
وبعده ما يكتفي=إلا بطيب الوصللي
قالت له حين كذا = انهض وجد بالنقلي
وفتيةٍ سقونني= قهيوة كالعسللي
شممتها في أنفي=أزكى من القرنفل
في وسط بستان حلي = بالزهر والسروللي
والعود دندن دنلي =والطبل طبطبطبلي
والرقص قد طبطلي=والسقف قد سقسقلي
شووا شووا وشاهشوا = على ورق سفرجلي
وغرد القمري يصيح = من ملل في مللي
فلو تراني راكباً=على حمار أهزلي
يمشي على ثلاثة = كمشية العرنجل
والناس ترجم جملي= في السوق بالقلقلي
والكل كعكع كعكع=خلفي ومن حوللي
لكن مشيت هارباً = من خشية العقنقلي
إلى لقاء ملك= معظم مبجل
يأمر لي بخلعة=حمراء كالدمدملي
أجر فيها ماشياً = مبغدداً للذيل
أنا الأديب الألمعي=من حي أرض الموصل
نظمت قطعاً زخرفت= يعجز عنها الادبلي
أقول في مطلعها = صوت صفير البلبل
قال الراوي: فلم يحفظها الملك لصعوبتها، ونظر إلى المملوك وإلى الجارية فلم يحفظها أحد منهما فقال: يا أخا العرب هات الذي هي مكتوبة فيه نعطك زنته.
فقال: يا مولاي إني لم أجد ورقاً أكتب فيه وكان عندي قطعة عمود رخام من عهد أبي، وهي ملقاةٌ ليس لي بها حاجة، فنقشتها فيها.
فلم يسع الخليفة إلا أنه أعطاه وزنها ذهباً فنفد ما في خزينته من المال، فأخذه وانصرف، فلما ولى قال الخليفة: يغلب على ظني أن هذا الأصمعي، فأحضره وكشف عن وجهه.
فإذا هو الأصمعي فتعجب منه ومن صنيعه وأجازه على عادته، قال: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء فقراء وأصحاب عيال وأنت تمنعهم العطاء بشدة حفظك وحفظ هذا المملوكوهذه الجارية. فإذا أعطيتهم ما تيسر ليستعينوا به على عيالهم لم يضرك، انتهى.
ماذا لدينا من تراث الأصمعي الشعري ؟؟
[SIZE="5"][COLOR="DarkGreen"][B]لم أجد قصيدة أخرى منسوبة للأصمعي ويذكر أنه كان راوية ولم يكن شاعرا .
هل هذه هي الغريبة الوحيدة في شعر الأصمعي ؟؟
لم يذكر غريب ولا مألوف من شعر الأصمعي سواها إلا بعض مقطوعات رجزية مرتجلة .ويرجح أنه كان ينقلها لا ينشئها.
متى يمكننا أن نقبل هذه القصيدة من الأصمعي ؟؟
لن أقبلها من الأصمعي ولا من غيره
ألا يوجد في المنقول من التراث الشعري ما يشبه هذه القصيدة ؟؟
كما تفضلت الأخت ماجدة الصباح فالقصيدة منسوبة لأبي عجل الماجن مع خمس قصائد أخرى
كلها أسئلة إن وَجدت أجوبةً فإنها ستقود إلى إصدار حكم نافذ على القصيدة ،
ويكون مبنيا على أسس علمية على قدر المستطاع ،لا يترك مجالا للريبة أو الشك .
يبدو أن أسئلتي كثيرة ، فأرجو ألا يكون إدراجها على صفحات موضوعكم أمرا مزعجا .:004:
لابأس فكلنا طلاب في حضرة الحقيقة
أشكركم .
سأكتفي بهذا لاقدر وهناك ملاحظة اخيرة ستقطع الشك باليقين ولكن بعد أن أعتمد هذه المشاركة . أخاف أن تنطفئ الآن الكهرباء قبل اعتماد المشاركة فيذهب الجهد هباء منثورا .
عمار الزريقي
31-08-2011, 02:57 PM
الملاحظة الأخيرة التي بحوزتي هي متعلقة بفترة حياة الأصمعي التي امتدت بين 123 هـ و216هـ بينما تولى المنصور الخلافة بين 136هـ و 158هـ ، الأصمعي نشأ في البصرة ويذكر أنه تنقل في البادية في بداية حياته يتعلم وينقل من أشعار العرب ولغاتهم ثم انتقل إلى بغداد وجالس الخليفة العباسي هارون الرشيد (لا المنصور).
جاء في ( العقد الفريد)
وبُويع أبو جعفر المنصور. واسمه عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله ابن العبّاس في اليوم الذي تُوفِّي فيه أخوه لثلاثَ عشرةَ خلت من ذي الحجَّة سنةَ ستّ وثلاثين ومائة
...............
وفي (الوافي بالوفيات) للصفدي ذكر:
وقال البخاري: مات الأصمعي سنة ست عشرة ومايتين. وقال غيره: سنة خمس عشرة. وقيل انه عاش ثمانياً وثمانين سنة. وروى له أبو داود والترمذي.
.................................
وذكر اليافعي في (مرآة الجنان وعبرة اليقظان) :
وكانت الخلفاء تجالسه وتحب منادمته، عاش ثمانياً وثمانين سنة، وله عدة مصنفات، وكان إماماً في اللغة والأخبار والنوادر والمالح والغرائب والأشعار، وهو من أهل البصرة، ثم قدم بغداد في أيام هارون الرشيد. قيل لأبي نواس: قد حضر أبو عبيدة والأصمعي عند الرشيد، فقال:
أما أبو عبيدة فإنهم إن أمكنوه قرأ عليهم أخبار الأولين والأخرين، وأما الأصمعي فبلبل يطربك بنغمات.
...............................
وأورد القاضي التنوخي في (الفرج بعد الشدة ) على لسان الأصمعي قصة طريفة دارت بين الأصمعي والبقال الذي على باب الزقاق:
يقول التنوخي: وجدت في بعض الكتب عن الأصمعي، قال:
كنت بالبصرة، أطلب العلم، وأنا مقل، وكان على باب زقاقنا بقال، إذا خرجت باكراً يقول لي: إلى أين ؟ فأقول: إلى فلان المحدث، وإذا عدت مساء، يقول لي: من أين ؟ فأقول: من عند فلان الأخباري، أو اللغوي.
فيقول: يا هذا، اقبل وصيتي، أنت شاب، فلا تضيع نفسك، واطلب معاشاً يعود عليك
نفعه، وأعطني جميع ما عندك من الكتب، حتى أطرحها في الدن، وأصب عليها من الماء للعشرة أربعة، وأنبذه، وأنظر ما يكون منه، والله، لو طلبت مني، بجميع كتبك، جرزة بقل، ما أعطيتك.
فيضيق صدري بمداومته هذا الكلام، حتى كنت أخرج من بيتي ليلاً، وأدخله ليلاً،
وحالي- في خلال ذلك- تزداد ضيقاً، حتى أفضيت إلى بيع آجر أساسات داري، وبقيت
لا أهتدي إلى نفقة يومي، وطال شعري، وأخلق وبي، واتسخ بدني.
فأنا كذلك، متحيراً في أمري، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي، فقال: أجب الأمير.
فقلت: ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى ؟.
فلما رأى سوء حالي، وقبح منظري، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري، وعاد إلي، ومعه تخوت ثياب، ودرج فيه بخور، وكيس فيه ألف دينار.
وقال: قد أمرني الأمير، أن أدخلك الحمام، وألبسك من هذه الثياب، وأدع باقيها عندك، وأطعمك من هذا الطعام، وإذا بخوان كبير فيه صنوف الطعمة، وأبخرك، لترجع إليك نفسك، ثم أحملك إليه.
فسررت سروراً شديداً، ودعوت له، وعملت ما قال، ومضيت معه، حتى دخلت على محمد بن سليمان، فسلمت عليه، فقربني، ورفعني.
ثم قال: يا عبد الملك، قد اخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين، فاعمل على الخروج إلى بابه، وانظر كيف تكون ؟.
فشكرته، ودعوت له، وقلت: سمعاً وطاعة، سأخرج شيئاً من كتبي وأتوجه. فقال: ودعني، وكن على الطريق غداً.
فقبلت يده، وقمت، فأخذت ما احتجت إليه من كتبي، وجعلت باقيها في بيت، وسددت
بابه، وأقعدت في الدار عجوزاً من أهلنا، تحفظها.
وباكرني رسول الأمير محمد بن سليمان، وأخذني، وجاء بي إلى زلال قد اتخذ لي، وفيه جميع ما أحتاج إليه، وجلس معي، ينفق علي، حتى وصلت إلى بغداد.
ودخلت على أمير المؤمنين الرشيد، فسلمت عليه، فرد علي السلام.
وقال: أنت عبد الملك بن قريب الأصمعي.
قلت: نعم، أنا عبد أمير المؤمنين بن قريب الأصمعي.
قال: إعلم، أن ولد الرجل مهجة قلبه، وثمرة فؤاده، وهوذا أسلم إليك ابني محمداً بأمانة الله، فلا تعلمه ما يفسد عليه دينه، فلعله أن يكون للمسلمين إماماً.
قلت: السمع والطاعة.
فأخرجه إلي، وحولت معه إلى دار، قد أخليت لتأديبه، وأخدم فيها من أصناف الخدم،
والفرش، وأجرى علي في كل شهر عشرة آلاف درهم، وأمر أن تخرج إلي في كل يوم مائدة، فلزمته.
وكنت مع ذلك، أقضي حوائج الناس، وآخذ عليها الرغائب، وأنفذ جميع ما يجتمع لي، أولاً، فأولاً، إلى البصرة، فأبني داري، وأشتري عقاراً، وضياعاً.
فأقمت معه، حتى قرأ القرآن، وتفقه في الدين، وروى الشعر واللغة، وعلم أيام الناس
وأخبارهم.
واستعرضه الرشيد، فأعجب به، وقال: يا عبد الملك، أريد أن يصلي بالناس، في يوم
الجمعة، فاختر له خطبة، فحفظه إياها.
فحفظته عشراً، وخرج، فصلى بالناس، وأنا معه، فأعجب الرشيد به، وأخذه نثار الدنانير والدراهم من الخاصة والعامة، وأتتني الجوائز والصلات من كل ناحية، فجمعت مالاً عظيماً.
ثم استدعاني الرشيد، فقال: يا عبد الملك، قد أحسنت الخدمة، فتمن.
قلت: ما عسى أن أتمنى، وقد حزت أماني.
فأمر لي بمال عظيم، وكسوة كثيرة، وطيب فاخر، وعبيد، وإماء، وظهر، وفرش، وآلة.
انتهى
..............
وفي معجم الأدباء ذكر الحموي :
لما وصل المأمون إلى بغداد، قال ليحيى بن أكثم: وددت لو أني وجدت رجلاً مثل الأصمعي ممن عرف أخبار العرب وأيامها وأشعارها فيصحبني كما صحب الأصمعي الرشيد!
...........
من الموسوعة:
بويع الرشيد بالخلافة في (14 ربيع الأول 170هـ/14 سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف متباعدة تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحاسمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال صعبة، ومتابعة الأمور شاقة.
نستنتج مما سبق أن الأصمعي لم يأت إلى بغداد إلا في أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد أي بعد عام 170 هـ ، ولم يلتق أبدا بالمنصور الذي توفي عام 158هـ ، ومن هنا فإن القصة مستبعدة تماما بما لا يدع مجالا للشك *.
نادية بوغرارة
31-08-2011, 07:54 PM
من الموسوعة:
بويع الرشيد بالخلافة في (14 ربيع الأول 170هـ/14 سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف متباعدة تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحاسمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال صعبة، ومتابعة الأمور شاقة.
[/B][/SIZE]
نستنتج مما سبق أن الأصمعي لم يأت إلى بغداد إلا في أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد أي بعد عام 170 هـ ، ولم يلتق أبدا بالمنصور الذي توفي عام 158هـ ، ومن هنا فإن القصة مستبعدة تماما بما لا يدع مجالا للشك *.
======
كنت أبحث في هذا الإطار و أقصد الإطار التاريخي للقصيدة ،
و قد قال البعض أن الأصمعي - حتى في حالة قبول فكرة أنه جلس إلى المنصور- لم يكن قد بلغ بعد من
الشهرة و لا من العمر ما يتناسب مع قصة القصيدة .
من المذكور في سيرة الأصمعي في مواقع كثيرة أنه:
كان كان كثير التطواف في البوادي، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها،
ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها بالعطايا الوافر، و في هذا دليل على أنه كان من رواد القصور و يجالس الخلفاء و ليس فقط الرشيد الذي ارتبط
اسمه به لملازمته إياه زمنا .
إستنتاج فقط .
أمر آخر بخصوص إنتاج الأصمعي الشعري ، فقد وجدت - بالإضافة لقصة بيته الذي مات بسببه شاب في الحجاز -
القصدة التالية على شاكلة صفير البلبل و ربما أسوأ:
لاتصحبن الاحمقا = امائما الشمقمقا
عدو سوء عاملن = ولا صديق جاهلن
ان الصحاب المائقي = من اعظم البوائقي
فانه لحمقه = وخبطه في عنقه
يحب جالا فعله = وان تكون مثله
يستحسن القبيحا = ويبغض النصيحا
بيانه فهاها = وحلمه سفاها
وربما تمطى = وكشف المغطى
أما قصة البيت القاتل فسأذكرها للاطلاع منقولة كما وجدتها:
حكى الأصمعي قال: بينما كنت اسير في بادية الحجاز.. إذ مررت بحجر كتب عليه هذا البيت
يامعشر العشـاق بالله خبـروا = إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت :
يداري هواه ثم يكتـم سـره = ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عاد في اليوم التالي الى المكان نفسه فوجد تحت البيت الذي كتبه هذا البيت
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى = وفي كـل يـوم قلبـه يتقطـع
فكتب الأصمعي تحت ذلك البيت :
إذ لم يجد صبراً لكتمـان سـره = فليس له شيء سوى الموت ينفع
قال الأصمعي: فعدت في اليوم الثالث الى الصخرة فوجدت شابا ملقى تحتها
وقد فارق الحياة وقد كتب في رقعة من الجلد هذين البيتين :
سمعنا أطعنا ثـم متنـا فبلغـوا = سلامي الى من كان للوصل يمنع
هنيئاً لأربـاب النعيـم نعيمهـم = وللعاشق المسكين مـا يتجـرع
==========
الأخ الشاعر عمار الزريقي
أشكرك على ما قدمت لنا ، و قد كان تساؤلاتك فرصة لطرق أبواب شعرية كنت أجهل عنها الكثير .
نادية بوغرارة
31-08-2011, 08:03 PM
متى يمكننا أن نقبل هذه القصيدة من الأصمعي ؟؟
لن أقبلها من الأصمعي ولا من غيره
ألا يوجد في المنقول من التراث الشعري ما يشبه هذه القصيدة ؟؟
كما تفضلت الأخت ماجدة الصباح فالقصيدة منسوبة لأبي عجل الماجن مع خمس قصائد أخرى
بعد أن استبعدنا القصيدة من أي يكون الأصمعي مؤلفها ، هل سنعتبرها مزحة دمها ثقيل من أحد الناظمين ،
أم أنها ستنسب لأبي عجل الماجن ؟؟؟
لم أجد ذكرا لهذا الاسم ما عدا ما ذكرته عنه في رد سابق .
نادية بوغرارة
31-08-2011, 08:34 PM
بعيدا عن الإطار التاريخي الذي يشكك بقوة في أن تكون " صوت صفير البلبل " للأصمعي ، أتّجه إلى ما عُرف على هذا الرجل و قيل عنه و الذي لا يتناسب مع مستوى القصيدة موضوع البحث:
في الموسوعة العربية :
«فقد عُرف عنه أنه كان ضابطاً محققاً، يتحرى اللفظ الصحيح، ويتلمس أسرار اللغة ودقائقها،...
=====
لقبه الإمام الذهبي في " السير " بـ " الإمام العلامة الحافظ حجة الأدب لسان العرب "
و قال فيه الإمام الشافعي " ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي " - فرحمهم الله تعالى - .
=====
".. وقال محمد بن زكير الأسواني سمعت الشافعي يقول "ما رأيت بذلك العسكر أصدق لهجة من الأصمعي "
وقال بن أبي خيثمة عن بن معين الأصمعي "ثقة"
وقال أبو معين الرازي سألت بن معين عنه فقال " لم يكن ممن يكذب وكان من أعلم الناس في وقته "
وقال الآجري عن أبي داود "صدوق "
وقال الحربي "كان أهل البصرة من أصحاب الأهواء إلا أربعة فإنهم كانوا أصحاب سنة أبو عمرو بن العلاء والخليل بن أحمد ويونس بن حبيب والأصمعي "
وذكر الإمام الذهبي - رحمه الله - في ترجمة العلامة أبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس الأنصاري اللغوي ، فقال : " وقال بعض العلماء: كان الأصمعي يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثي اللغة"
=======
من هنا يمكن أن يكون الحكم منطقيا و مقنعا بدرجة كبيرة ، و هذا ما قصدته حين قلت في أول مشاركاتي ،
أن الحكم لا ينبغي أن يمنح لسلطة الذائقة الشخصية ، فكثير من شعر المجون و الجنون و السخرية و التضحيك الذي
امتهنَه شعراء حقبة تاريخية معينة لا تقبله الذائقة السوية في أيامنا ، و لكن لا يمكن نفي وجوده بأي حال من الأحوال .
=======
لم أجد أفضل لأختم مشاركتي في هذا الموضوع بما قيل في رثاء الأصمعي :
لا دَرَّ دَرُّ نباتِ الأرضِ إذ فُجِعَت == بالأصمعيِّ لقد أبقت لنا أسفا
عشْ ما بدا لك في الدنيا فلست ترى == في الناس منه ولا في علمه خلفا
تحية و تقدير للأخ الزريقي .
علي حسين الموصلي
01-09-2011, 01:21 AM
السلام عليكم
هناك الكثير من الدس الذي تعرض لة تاريخنا العربي وادبنا
نحتاج الى اعادة دراسة الكثير من تاريخنا الادبي من جديد لكي يغربل وينفض الغبار عن كل تلك المجلدات من الكتب التي تحتوي الكثير من الكذب على العرب
تحياتي
نداء غريب صبري
03-09-2011, 03:15 PM
بعد أن استبعدنا القصيدة من أي يكون الأصمعي مؤلفها ، هل سنعتبرها مزحة دمها ثقيل من أحد الناظمين ،
أم أنها ستنسب لأبي عجل الماجن ؟؟؟
لم أجد ذكرا لهذا الاسم ما عدا ما ذكرته عنه في رد سابق .
أنا لا أعتبرها مزحة دمها ثقيل من أحد الناظمين
بل اعتبرها حجرا في فسيفساء مؤامرة تستهدف مورورثنا الأدبي والثقافي
ويقصد منها جعل الأسماء التي وردت في القصة موضع شك وعدم احترام
وهي على كل حال ليست شعرا وإن كانت ذات وزن سليم
فالحمقى على الأرصفة يستطيعون قول الكلام موزونا بلا معنى لأن الوزن عند العرب فطري كما يقول أستاذنا خشان محمد خشان
شكرا للموضوع والنقاش المفيد
بوركتم
نداء غريب صبري
03-09-2011, 03:19 PM
السلام عليكم
هناك الكثير من الدس الذي تعرض لة تاريخنا العربي وادبنا
نحتاج الى اعادة دراسة الكثير من تاريخنا الادبي من جديد لكي يغربل وينفض الغبار عن كل تلك المجلدات من الكتب التي تحتوي الكثير من الكذب على العرب
تحياتي
هذا هو ما قصدته
دس مقصود يهدف الى تشويه التاريخ والمورورث الأدبي
وتشتيت المعلومات والعلوم
المؤامرة التي تستهدف اللغة والأدب العربي والشعر ليست حديثة ولم يخترعها الغرب قريبا بل هي قديمة جدا
والغربيون الذين ساهموا فيها في القرن الماضي أكملوا ما بدأ غيرهم ولم يبدأوا هم شيئا
ومن دس في كتب التاريخ ما نجده مدسوسا لم يفعل ذلك للتسلية بل للنيل من لغتنا
لغة القرآن
مجرد رأي
والله أعلم
بوركتم
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir