تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لحية الشيخ - أقصوصة نزار ب. الزين



نزار ب. الزين
25-08-2011, 11:21 PM
إشاعة 6

لحية الشيخ
أقصوصة : نزار ب. الزين*
*****

في جو ماطر حوَّل أرضية الحارة غير المبطلة ، إلى طين لزج ، في هذا الجو السيء ، كان عبد الرزاق يسير نحو منزل ابنته ، و قد التصق حذاءه بالطين أكثر من مرة ، فكان يحرره منه بصعوبة ، و لكن ما أن شاهد الشيخ عبد الله زوج ابنته خارجا من منزله ، في طريقه – على ما يبدو- إلى جامع الحي ، فهو إمامه ؛ حتى استوقفه عبد الرزاق ، ثم بادره لائما حول سوء معاملته لابنته مؤخرا :
- سمعتك مراراً تنصح الناس بضرورة الرفق بزوجاتهم ، فأحرى بك أن تطبق نصائحك على نفسك ، فبأي حق تهين ابنتي بالأمس و تضربها حتى أدميتها ؟ و قد أكدت لي أمها أنها ليست المرة الأولى ...ألم تقل في خطبك مرات و مرات "رفقا بالقوارير" ؟
و بكل صفاقة و صلف لا تتناسب مع مكانته كإمام ، أجابه :
* لقد أنقدتك مهرها بالكامل فهي ملكي ! و أتصرف معها كيفما أشاء ! أنت ربيتها في بيتك ، و أنا أعيد تربيتها في بيتي !!!...
أجابه عبد الرزاق غاضبا :
- أنا لم أبعك ابنتي بل زوجتها لك على سنة الله و رسوله .. ،
ثم ....
أضاف بعد أن تمكن بصعوبة من ضبط أعصابه :
- أدعوك يا صهري الشيخ لأن تصلح الموقف مع زوجتك ، و أن تسترضيها و تطيِّب خاطرها ، و إلا ....
ما كاد عبد الرزاق يكمال عبارته ، حتى دفعه الشيخ عبد الله فأوقعه أرضا ،
ثم ....
مضى غير آبه ، و هو يقول مزمجراً :
*إنها زوجتي ، و ملك يميني ، و لن أسمح لأي إنسان أن يتدخل بيننا ، حتى لو كان أباها !...
***
كانت زوجة عبد الرزاق ، و بناء على طلبه ، قد أحضرت ابنتهما مع طفليها إلى بيت العائلة ، بعد أن لمس تعنت صهره و سلوكه المشين بالأمس ، و ما أن اطمأن عليهم حتى غادر إلى المقهى حيث اعتاد قضاء بعض الوقت كل يوم ..
همس لأحد جلسائه :
- لقد اكتشفت أمس أن صهري الشيخ عبد الله رجل مبروك ..
* و كيف عرفت ذلك ؟
ساله صديقه مشدوها ، فأجابه :
- صادفته أمس ، و عانقته محييا كالعادة ، ثم عدت إلى الدار ، و بينما كنت أنتزع عني سترتي ، لمحت بضع شعرات بيضاء ، تأكدت أنها سقطت من لحية صهري الشيخ ، و الغريب أنني ما أن أمسكتها بيدي ، حتى شعرت بنشاط لم أعهده بنفسي منذ أحالوني على التقاعد ، حتى ركبتي اليمنى التي ما فتئت تؤلمني توقف ألمها ؛ بداية ظنت نفسي متوهما ، و تصادف أن أحد ولديّ ابنتي الزائرة قد شج رأسه ، فاقتربت منه ، و وضعت إحدى شعرات لحية الشيخ عبد الله فوق الجرح الدامي ، و لدهشتي الشديدة انقطع نزف الدم في الحال و اختفى الجرح !!!
نهض الرجل و قد استبد به شعور مزيج بين التعجب و الحماس ، و صاح بأعلى صوته :
* الله و أكبر !! الله و أكبر !!!
تجمهر رواد المقهى حولهما متسائلين ، فشرح لهم ما حدث لعبد الرزاق و حفيده و أهل داره ...
ثم ...
و في أقل من أربع و عشرين ساعة ، انتنشر الخبر في الحي انتشار النار في الهشيم ،
***
اليوم التالي كان يوم الجمعة ،
ما أن رُفِعَ خلاله أذان الظهيرة ، حتى تجمع الناس في جامع الحي بأعداد وفيرة غير معتادة ...
و ما أن أنهى الإمام خطبته ، التي أمَّ بعدها المصلين ...
حتى اندفع بعضهم يتلمسون ثوبه قائلين :
*بركاتك يا شيخ عبد الله !!!!
ثم ....
تجرأ أحدهم فانتزع شعرة من لحيته ..
ثم ...
ما لبث غيره أن حذا حذوه ..
لم تفلح مقاومة الشيخ عبد الله ، أو صياحه من شدة الألم ! ..
و خلال ساعة واحدة أو تزيد ، جردوا الشيخ من لحيته و شعر رأسه و صدره ...
************************
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب

فاطمه عبد القادر
26-08-2011, 12:02 AM
مضى غير آبه ، و هو يقول مزمجراً :
*إنها زوجتي ، و ملك يميني ، و لن أسمح لأي إنسان أن يتدخل بيننا ، حتى لو كان أباها !...


الله أكبر
كم كان ذكيا عبد الرزاق هذا
هذا فعلا ما يستحقه الشيخ صهره, بأن يتجرد من شيخته وشيبته لأنها مجرد منظر
زوجته ليست(( ملك يمينه)) وكم أستاء من هذه الكلمة لأنها انتهت منذ أزمان ,وما زال البعض يعيدها للحياة بكل قبح .
والمهر ليس ثمنا ,إنه هدية
والزواج على سنة الله ورسوله يختلف كليا عن الإستعباد والذي لم يعد موجودا بحمد الله أصلا
يتطرفون كثيرا بلا سبب,, ربما كان هذا من صنع الأعداء الذي لا نراه بالعين المجردة
شكرا لك أيها الصديق العزيز نزار
أقصوصة رائعة ,رائعة
ماسة

ياسر ميمو
26-08-2011, 12:11 AM
قصة جميلة ومميزة أستاذي الفاضل نزار



شكراً جزيلاً لك





رمضان كريم

كاملة بدارنه
26-08-2011, 12:27 AM
جزاك الله خيرا أستاذنا وأديبنا الفاضل نزار على هذه القصّة
كان يستحقّ أن تنتف لحيته؛ لأنّه لا يستحقّها- مع الاعتذار لكلّ الشّيوخ والملتحين الذين يخافون الله.
استمتعت بقراءتها وذكّرتني تصرّفات الأمام وما يقوله ببيت الشّعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
بوركت
تقديري وتحيّتي

نزار ب. الزين
28-08-2011, 06:26 AM
مضى غير آبه ، و هو يقول مزمجراً :
*إنها زوجتي ، و ملك يميني ، و لن أسمح لأي إنسان أن يتدخل بيننا ، حتى لو كان أباها !...

الله أكبر
كم كان ذكيا عبد الرزاق هذا
هذا فعلا ما يستحقه الشيخ صهره, بأن يتجرد من شيخته وشيبته لأنها مجرد منظر
زوجته ليست(( ملك يمينه)) وكم أستاء من هذه الكلمة لأنها انتهت منذ أزمان ,وما زال البعض يعيدها للحياة بكل قبح .
والمهر ليس ثمنا ,إنه هدية
والزواج على سنة الله ورسوله يختلف كليا عن الإستعباد والذي لم يعد موجودا بحمد الله أصلا
يتطرفون كثيرا بلا سبب,, ربما كان هذا من صنع الأعداء الذي لا نراه بالعين المجردة
شكرا لك أيها الصديق العزيز نزار
أقصوصة رائعة ,رائعة
ماسة

**********
أختي الفاضلة ماسة
صدقت في كل ما قلته
و ربما كما تفضلت هناك من يحرك
التطرف لإشغال الأمة
عن قضاياها الرئيسية
***
ممتن لمرورك أختي العزيزة
و لثنائك العاطر
مع خالص المودة و التقدير
نزار

نزار ب. الزين
28-08-2011, 06:29 AM
قصة جميلة ومميزة أستاذي الفاضل نزار
شكراً جزيلاً لك
رمضان كريم

******
أخي الكريم ياسر
الشكر الجزيل لاهتمامك بالأقصوصة
و ثنائك العاطر عليها
و دمت بخير
نزار

نزار ب. الزين
28-08-2011, 06:39 AM
جزاك الله خيرا أستاذنا وأديبنا الفاضل نزار على هذه القصّة
كان يستحقّ أن تنتف لحيته؛ لأنّه لا يستحقّها- مع الاعتذار لكلّ الشّيوخ والملتحين الذين يخافون الله.
استمتعت بقراءتها وذكّرتني تصرّفات الأمام وما يقوله ببيت الشّعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
بوركت
تقديري وتحيّتي


*************
أختي الكريمة كاملة
صدقت ، فبعضهم يطلق اللحية تكسبا
و من حسن الحظ أن أغلبهم
مؤمنون صادقون
***
أختي الفاضلة
ممتن لمشاركتك التفاعلية
و دعائك الطيِّب
و على الخير دوما نلتقي
نزار

ربيحة الرفاعي
01-12-2013, 05:17 PM
نص طريف ونهاية يستحقها المتمشيخ الوغد

لا أخفيك أني توقعت خدعة الرجل وتتمة القصة منذ حدث صاحبه عن صهره المبروك واستعادته نشاطه بمجرد إمساكه بالشعرات التي سقطت من لحية صهره
وتمنيت عندها أن لا يطول السرد فيما بات معلوما

دمت بخير مبدعنا

تحاياي

عبد السلام هلالي
01-12-2013, 05:35 PM
نص طريف لا يخلو من حكمة .
أشيد بملحوظة الأحت الكريمة ربيحة الرفاعي .
تحيتي و تقديري.

خلود محمد جمعة
08-12-2013, 11:10 PM
قصة في حكمتها طرافة
وفي سردك متعة
الأجمل دائماً اديبنا
دمت بخير
مودتي وتقديري

آمال المصري
15-12-2013, 06:06 PM
بسمة خلفت وراءها حكمة بليغة لمن يتخفون وراء اللحى وهم أبعد ما يكون عن الالتزام بتعاليم الدين
بلغة سلسة أتقنت نسج جميلتك أديبنا الفاضل
بوركت واليراع
تحاياي

نداء غريب صبري
10-03-2014, 03:15 PM
الجميل في سلوكه أنه لم يسئ لصهره ولم يقل في حق كلمة سيئة
ومع ذلك جعل الحل الحارة ينتفون لحيته

قصة جميلة ومشوقة

شكرا لك أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
10-03-2014, 05:34 PM
نص لطيف .. لقد نال ما يستحقه
وويل للمتشدقين بالدين وهم أبعد ما يكون عنه.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3].

نص قصي هادف برسالة أخلاقية
سلمت ودمت بخير.