المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيد بنكهة القهر...



ريمة الخاني
07-09-2011, 03:35 PM
عيد بنكهة القهر...
لم تنم بهية حتى أنهت ما عليها من صنع حلوى العيد وترتيب المنزل وتنسيق ملابس العيد لأطفالها...
كان رمضان يؤذن بالرحيل..ولن يعود للأسف حتى السنة التالية...نظرت لمنزلها نظرة رضى.. ابتسمت ودخلت تعد آخر أطباقها الرمضانية اللذيذة ...كان يكفيها محبة أولادها لما تحضره , فزوجها لا يألو جهدا في اختلاق العلل حتى الملل...
بكل الأحوال لن يتجاوز رمضان الثلاثون يوما ...
كانت تعلم مسبقا أن رمضان سينتهي كما بدأ بروح عصبية مفرطة لزوجها ناهيك عن تشنج كل من تعرف, ذاك المريض بالقرحة المعدية والتي تسبب له الأدوية الخاصة بالمثابرة على الصيام,كآبة مزعجة تحرق مضاعفاتها السلوكية روحها حتى الصميم ,حتى لا تكاد تعرفه أبدا ,رغم تحليها في هذا الشهر ومحاولاتها الحثيثة بكل أنواع الحلم التي تجدها في زوايا نفسها المنهكة...
كانت تتوق دوما لشم ريح البشر والبحث عن علاقات جديدة تسعدها وتضيف نكهة جديدة لحياتها الرتيبة...
ما كانت تعرفه تماما ..هو أن الصمت في ذروة الأوقات المزعجة هو الحكمة بعينها ..لكنها كانت تنفلت منها عبارات الصدق لما يسألها احد عن أحوالها فتندم وتتعود لتقول:
-لن أعود لذكرها أبدا...
لم تصدق يومها أن رمضان سيمضي..بكل ما فيه من طعم الورع والمحبة والألفة والعبادة المميزة...
يمضى كل اليوم كسابقه...كمضي العمر الذي لا يفصح عن أوجاعه إلا متأخرة...
ومازال سؤالها ينهش في قلبها المحترق:
-لماذا لم تعد أخواتي يتصلن بي؟
لقد مضى على سوء التفاهم الذي كان في اليوم الأول عند الاجتماع على مائدة الإفطار لدى والدتها... وقت كاف,ولم تتوان عن الاتصال بهن فردا فردا...وإلى لآن لم تجد جوابا شافيا وكل يتذرع بحجج غير مقنعة...
عندما أتى العيد بكل بهجته..كانت بهية تنتظر ابتسامة جديدة ترسمها الدنيا على محياها والذي نسي طعم الابتسامة الحق...
أولاد انهوا دراستهم ومازالوا في المنزل بلا عمل وخلافهم بلغ عنان السماء مع والدهم...معادلة لم تجد لها حلا أبدا وكل يكيل اللوم على غيره...
عندما تكيل لومك كله على فرد فاعلم انك في منتهى وفي قمة الضعف....
حدثت نفسها بهذا ولم تنكر لومها لكل الحياة...
أتى العيد بثوبه الجديد وتجهزت العائلة لزيارة الجدة...

تململ أبو نضال في الذهاب لكنه أرخى الحبل لام نضال لمعرفته أنها قضت رمضان حزينة جدا وعلى غير عادتها في المزاح وروح الدعابة..كان تأنيب الضمير يأكله جدا..فكيف ينقل خلافاته الخاصة لعائلة زوجته في لحظة غضب؟
دق الباب...رأوه..دخلوا دون أن ينبسوا بحرف...
دلفت أم نضال لداخل المنزل وسط وجوم الجميع...قالت لها أختها الصغرى..
-أبو نضال لن يدخل هنا بعد اليوم...
صدح صوت في الداخل:
-تصرفكم هذا خاطئ لا يجوز لا يجوز... صعب ألا يسمع الإنسان إلا نفسه..
صدر الرد مصاحبا له بحزم
-لا دخل لك بعد ذلك في أمورنا الخاصة...
غصت في دموعها..ومازالت أسئلة كثيرة تدق على رأسها المسكين:
لماذا تشغلنا توافه الأمور عن الأمور الأهم؟ ولماذا لا نمنح أحدنا فرصة تعديل البوصلة؟ ولماذا لا نغفر والله غفور رحيم؟هل نحن أفضل من كل هؤلاء الذي يحيطون بنا؟
ألقت سلامها على الجميع وانصرفت مع عائلتها ...
ريمه الخاني 14-8-2011

بشار عبد الهادي العاني
07-09-2011, 09:40 PM
القهر ضيف ثقيل سمج يطرق أبواب حياتنا بدون استئذان, يعيث عمداً بأجمل ما نملك من قلب ومزاج وذائقة..
رغم أسلحة (بهية) الفعالة في مقاومة هذا الزائر من إبتسامة ورضا وغفران , فقد أبى بصلف إلا أن يسقها جاماً من المرارة.
يشرفني أن أكون أول المحلقين في سماء العيد ,متمنياً أن يكون بنكهة القطر لا القهر.
تقديري وإعجابي

ريمة الخاني
13-09-2011, 07:35 PM
نعم والله
تشرفت بحضورك البهي
دمت بعزة ونقاء

ربيحة الرفاعي
14-11-2012, 10:06 PM
قصة طيبة الفكرة بنفس حكائي جيد
مضى رمضان وعيده ومضى موسم الحج وعيده
ومازالت حكايانا ملوّعة يلونها واقعنا بوجعه

أهلا بك أديبتنا في واحتك

تحاياي

ياسر ميمو
14-11-2012, 11:18 PM
عيد بنكهة القهر



عذراً أديبتنا الفاضلة ريمة



بدون ..... تعليق

كاملة بدارنه
15-11-2012, 10:21 AM
أعياد كثيرة تأتينا عبقة بنكهة القهر الاجتماعي والسّياسي والوطني لتصبغ حلوانا بحمرة نزيف أوردتنا، وتملأ سماءنا بمفرقعات الأسى وأنّات القلوب...
فرّج الله جميع الكرب وعطّر أعيادنا بندى رحمته ورضاه
بوركت
تقديري وتحيّتي

ريمة الخاني
16-11-2012, 08:44 AM
قصة طيبة الفكرة بنفس حكائي جيد
مضى رمضان وعيده ومضى موسم الحج وعيده
ومازالت حكايانا ملوّعة يلونها واقعنا بوجعه

أهلا بك أديبتنا في واحتك

تحاياي

اهلا بك عزيزتي يسرني جدا عنايتك بنصوصي والقواسم المشتركة التي نعيشها معا في حياة القهر العربي.

ريمة الخاني
16-11-2012, 08:48 AM
عيد بنكهة القهر



عذراً أديبتنا الفاضلة ريمة



بدون ..... تعليق

أي تعليق لن يشفي صدورنا الجريحة ...لكن...
تحيتي لك.

ريمة الخاني
16-11-2012, 08:53 AM
أعياد كثيرة تأتينا عبقة بنكهة القهر الاجتماعي والسّياسي والوطني لتصبغ حلوانا بحمرة نزيف أوردتنا، وتملأ سماءنا بمفرقعات الأسى وأنّات القلوب...
فرّج الله جميع الكرب وعطّر أعيادنا بندى رحمته ورضاه
بوركت
تقديري وتحيّتي

وهل مشورا قهرنا يبدأ إلأ من معاقلنا وقواعدنا وفكرنا؟
اسعدتني بحضورك الكريم فشكرا لك.

نداء غريب صبري
22-11-2012, 03:31 AM
يتحول الأخوة والأخوات في بعض الأحيان لأسباب ألم بدل أن يكونوا ملاجئ، ويصبح كل شيء سيئا عندما ينسون لغة المحبة العفو

هل كانت أخواتها قاسيات
أم كان أبو نضال أقسى من أن يحتملوه؟

قصة حزينة كأيامنا

شكرا لك أختي

بوركت

آمال المصري
19-05-2013, 07:47 AM
غابت المودة والألفة التي كانت تبث الدفء في النفوس بائسة كانت أو غيرها
نص من صميم الوجع الذي نحياه وحق للعنوان أن يكون " أعياد بنكهة القهر "
لمست بنصك شاعرتنا القديرة مكامن الوجع للكثير
شكرا لك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ريمة الخاني
19-05-2013, 10:43 AM
يتحول الأخوة والأخوات في بعض الأحيان لأسباب ألم بدل أن يكونوا ملاجئ، ويصبح كل شيء سيئا عندما ينسون لغة المحبة العفو

هل كانت أخواتها قاسيات
أم كان أبو نضال أقسى من أن يحتملوه؟

قصة حزينة كأيامنا

شكرا لك أختي

بوركت

القسوة باتت ديدنا نفرغ جرعات القسوة الخارجية داخلا.
كل الشكر .

ريمة الخاني
19-05-2013, 10:44 AM
غابت المودة والألفة التي كانت تبث الدفء في النفوس بائسة كانت أو غيرها
نص من صميم الوجع الذي نحياه وحق للعنوان أن يكون " أعياد بنكهة القهر "
لمست بنصك شاعرتنا القديرة مكامن الوجع للكثير
شكرا لك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

حقيقة نعيش واقعا قاسيا ونحن أقسى منه ربما...
شكرا لحضورك الكريم .
ممتنة لك دوما اهتمامك.

ناديه محمد الجابي
19-05-2013, 12:19 PM
ما أسوأ أن نضيع أعمارنا القصيرة في سوء تفاهم, ولوم وعتاب وخصام
اما تشغلنا توافه الأمور عن الأمور الأهم .. لما لا نغفر ونسامح, ونعيش
الحياة في بشر وسلام . قصة واقعية قوية في مضمونها أبعد الله القهر
والألم عن بيوتنا وبلادنا وأعيادنا.
سلمت يداك.. تحياتي لك وتقديري.

ولاء علي
19-05-2013, 04:26 PM
أعياد بنكهة القهر وماأكثرها سرد جميل ومشاعر واضحة وشفافة ... دامت أعيادك