تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فسحة من نقاء



د. سمير العمري
06-09-2011, 02:16 PM
مهداة للأخ الحبيب والشاعر الأريب محمد ذيب سليمان ردا على قصيدته "بعض الحجارة" التي أكرمني بها سابقا.

سِيَّانِ مَا تَنْهَبُ الدُّنْيَا وَمَا تَهَبُ=كِلاهُمَا مِنْ مَعِينِ الضِّدِّ يَنْقَلِبُ
هَذَا بِبَعْضِ كَفَافِ العَيشِ مُغْتَبِطٌ=وَذَاكَ يَرْفُلُ فٍي النُّعْمَى وَيَنْتَحِبُ
فِيمَ التَّعَلُّل بِالأَسْبَابِ فِي أُمَمٍ=تَعَاقَرُوا الرَّيْبَ فِي الأَلْبَابِ وَاضْطَرَبُوا
وَمَا يُفِيدُ حَكِيمٌ قَالَ مَوْعِظَةً=فِي تُرَّهَاتِ زَمَانٍ كُلُّهُ عَجَبُ
لا النَّاسُ فِيهِ فُلُولَ العَدْلِ رَاعِيَةً=وَلا القِيَاسُ ضُرُوعَ العَقْلِ يَحْتَلِبُ
وَلِلحَيَاةِ مَقَالِيدٌ مَتَى انْتُهِكَتْ=وَلَّتْ عُهُودُ الهُدَى وَاشْتَدَّتِ الرِيَبُ
وَالمَرْءُ يَغْرسُ مَا يَخْتَارُ مِنْ قَدَرٍ=فَيَرْفَعُ الرَّأْسَ حِينَ الحَصْدِ أَوْ يَئِبُ
يَا صَاحِبَ الطَلْعَةِ الغَرَّاءَ تَغْرِفُ مِنْ=عِطْرِ الخُزَامَى الذِي فِي الرُّوحِ يَنْسَكِبُ
يَا شَاعِرًا أَسْرَجَ الإِحْسَاسَ فَانْتَظَمَتْ=قَوَافِلُ الحَمْدِ تُهْدِي بَعْضَ مَا يَجِبُ
لَكَمْ نَثَرْتَ سَجَايَا حِكْمَةٍ شَهِدَتْ=بِأَنَّهَا لِلنَّدَى وَالبِرِّ تَنْتَسِبُ
وَكَمْ صَبَبْتَ حُرُوفَ النُّورِ فِي قُلَلِ=بِهَا تَجَلَّتْ مَعَانٍ وَانْجَلَتْ حُجُبُ
مِنْ أَينَ أَجْمَعُ إِكْلِيلَ المُنَى نَسَقًا=وَأَنْتَ فِي الدَّهْرِ إِكْلِيلٌ لِمَنْ حَسُبُوا
وَمَا أَقُولُ وَقَدْ أَخْجَلْتَ نَحْلَ فَمِي=فَلَيسَ ثَمَّةَ إِلا الصَّمْتُ وَالصَّخَبُ
فَخُذْ مِنَ النَّدِّ مَا يَصْفُو بِهِ كَدَرٌ=وَخُذْ مِنَ الوُدِّ مَا يَنْأَى وَيَقْتَرِبُ
وَدَعْ سَفَاهَةَ أَغْرَارٍ بُلِيتُ بِهِمْ=فَإِنَّهُمْ مِنْ سَرَابِ المَينِ قَدْ شَرِبُوا
ظَنُّوا التَّطَاوُلَ مَنْجَاةً وَلاحَ لَهُمْ=فِي قَبْوِ سَهْوِي الذِي خَالُوهُ يُحْتَطَبُ
مَا انْفَكَّ يَسْعَى بِوَادِي البَهْتِ غَيْظُهُمُ=كَأَنَّمَا الغَدْرُ أُمٌّ وَالخِدَاعُ أَبُ
إِنِّي أَنَا النَّجْمُ مَا كَادَوا وَمَا مَكَرُوا=أَسْمُو إِلَى الفَضْلِ حَتَّى كِدْتُ أَحْتَجِبُ
لَولا بَقِيَّةُ أَخْلاقٍ أَلُوذُ بِهَا=لقُمْتُ أَكْشِفُ بِالحَقِّ الذِي ارْتَكَبُوا
مَهْ يِا لِسَانُ وَجُدْ بِالعَفْوِ وَادْعُ لَهُمْ=وَدُمْ كَمَا أَنْتَ لا يُسْرِفْ بِكَ الغَضَبُ
هَلْ تُقْلَعُ العَيْنُ إِنْ شَابَ الجُفُوْنَ قَذَى=أَو يُقْطَعُ الرَّأْسُ إِنْ مَا عَقَّهُ الذَّنَبُ
هَيَ النُّفُوسُ فَمِنْهَا النَّحْلُ عَامِلَةً=مِنْهَا الذُّبَابُ وَمِنْهَا التِّبْرُ وَالتُرَبُ
وَهْيَ الرُّؤُوسُ فَمِنْهَا فَارِغٌ صَلِفٌ=بِلا حَيَاءٍ وَمِنْهَا العِلْمُ وَالأَدَبُ
وَلَيسَ لِلمَرءِ إِلا الحلْمُ نَهْجَ تُقَى=وَفُسْحَةٌ مِنْ نَقَاءٍ فِيهِ يَغْتَرِبُ