تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العالم الجميل 1



محمد البياسي
16-09-2011, 05:25 PM
يومُ عيد


كادَ من سعادتِه أن يقفزَ قلبُه من مكانِه , مرّتْ ستةُ أيامٍ وهو ينتظر , والآن , لقد جاءَ الحدثُ الموعود
إنه يومٌ ليس كباقي الأيامِ , إنه يومُ عيد .
ارتدى أحسنَ ما عنده , عباءةً بيضاءَ فضفاضةً يكادُ من بياضِها ينهمرُ النور.
كان أحبَّ الألوانِ إلى نفسِه اللونُ الأبيضُ , لونُ الفُلِّ والياسمين
تعطَّرَ وتزيَّنَ . ثم خرج .
لم يكنْ وحدَه في الطريق , بل كان هناك مِن مِثلِه مجموعاتٌ كثيرةٌ صغيرة ٌوكبيرةٌ تسيرُ إلى مكانِ التجمّعِ المنشود .
توزعتِ الابتساماتُ بينهم كأنها ورودٌ بيضاءُ مهداةٌ في يومِ فَرَح .
وكانت تخالطُ هذه الابتساماتِ ابتهالاتٌ تَعْرِفُها من الشفاهِ التي كانت تتحركُ كما تتحركُ زهرةُ الياسمينِ لامستْها نسمةٌ قدسية.
كانوا يمشونَ على الأرضِ , ولكنّ قلوبَهم كانت تسبحُ نشوى في رحابِ العالَمِ العُلويِّ البعيدِ القريب
وصلَ إلى المكانِ الذي لا يكادُ يغادرُه مرةً إلا وانخلعَ قلبُه حزناً على فراقه
ولكنه كان دائماً على أملٍ بموعدٍ منه جديد .
كانَ كلما خَطَا خطوةً أحسَّ أنَّ أحْمالَه من الخطايا تخِفُّ وأن ميزانَه من الحسنات يَثقُل
وكانت الهمومُ تتبدّدُ مثلَ الدّخان
أما الاطمئنانُ والسكينةُ فكانا سيّدَيْ نفسِه
وعلى البابِ كان في انتظارِه البرَرَةُ الكرامُ أولُو الأجنحة
هو لا يراها , ولكنه يحسُّ بأجنحتها تحفُّه سروراً وترحيباً به .
جَلَسَ وأنصَت ..
ولكنه في هذا المقامِ لم يَشعُرْ بأنّ قلبَه فقط يسبحُ في العالمَ العُلويِّ ....
بل أحسَّ بأنَّ كلَّ كيانِه يطيرُ في السماءِ إلى مكانٍ قدسيٍّ عظيمٍ في موكبٍ من نورٍ يسير بين سُحُبٍ من مِسْكٍ ناعمٍ ومعتّق
وأحسَّ أنه كان في غيبوبةٍ قبل أن يأتي , وهنا في هذا المقام أفاق
هو الآن يرى الأشياءَ على حقيقتها
يرى الألوانَ كما هي
يرى الأمورَ كما لا بدَّ أن تكون
كانت الكلماتُ التي يسمعها لا يسمعها بأذنيه بل كان يسمعها ويعيها بقلبه
وكان ما يراه لا يراه بعينه بل بروحه الخفيفة التي لا تكادُ تطمئنُّ في قفصِ جسمِه إلّا خرجت مسرعةً تطوفُ حولَه كأنما هو الكعبةُ وكأنما هي بعضُ حجيج .
هذه هي أجملُ خطراتِ النفس ..
عندما تغادرُ هذا العالَمَ السفليَّ وترتقي بروحك لتتصلَ بكل جوارحك بالعالم العلويِّ
هناك كلُّ شيء مثاليٌّ وكلُّ شيءٍ في غاية الكمالِ والجَمال

ما زال يحسُّ بأجنحة النُّورِ تحفُّ به وبمن حوله
ما زال يحسُّ أنه أنقى من الثلجِ وأخفُّ من الهواء
ما زال يحس أنه فوق الدنيا , وأن هذه الدنيا لا تساوي عنده جناحَ بعوضة
مر الوقتُ سريعاً كلمح البصر ..
وعندما سلَّم الإمامُ إيذاناً بانتهاء الصلاةِ أحسَّ أنه فجأةً هبطَ من السماءِ إلى الأرض

وجلس هادئاً يبتهل إلى أن بدأ الناس بالخروج .
ثم بعدُ خرج معهم حزيناً .
ولكنه كان يعزّي نفسه بأنه ربما عاش إلى الجُمُعةِ التالية ..
وبأنَّ هناك خمسةَ أوقاتٍ على الأقلّ في اليومِ والليلة في الأيامِ الستة التي تفصلُ بين الجمعتين ...
يستطيعُ فيها أن يتصلَ بالسماء ويشعرَ بكثيرٍ كثيرٍ مما كان يشعرُ به في هذا اليومِ الجميلِ في تلك الساعةِ الجميلة .

فاطمه عبد القادر
16-09-2011, 05:49 PM
هذه هي أجملُ خطراتِ النفس ..
عندما تغادرُ هذا العالَمَ السفليَّ وترتقي بروحك لتتصلَ بكل جوارحك بالعالم العلويِّ
هناك كلُّ شيء مثاليٌّ وكلُّ شيء في غاية الكمال والجَمال

السلام عليكم أخي العزيز محمد البياسي
وأهلا بك على صفحات ملتقى فنون النثر
قسم النثر يفخر بحضورك الكريم وبقلمك الرائع الجميل
قرأت هنا كلاما جميلا تتخلله لوحات رائعة
أنت أخي قد تكلمت عن مشاعرك في أوقات معينة يحبها قلبك ويهواها ,وهي الوجود في بيوت الله
حقا ما أحلى أن يحس الإنسان بأن روحه هائمة في الملكوت الأعلى
وما أجملها من لحظات نورانية حين ينعتق المرؤ من ربقة التراب لينطلق في أجواء هي بعض يسير من الجنة التي لا تخطر على قلب أحد قط .
هنيئا لكل من استطاع الوصول لمثل هذة المشاعر القدسية
نصك جميل ,,هادىء,,ورائع
دمت أخي بكل جمال الروح والفكر
ماسة

نهلة عبد العزيز
16-09-2011, 07:29 PM
أي سحر تمثل حتى في بعدك ليستل منا هدؤء الحياه000

ويجرني إليك مكبلة الأيادي بعالمكَ الجميل يامحمد


لاأضمن أني على الأرض أمشي حيه المشاعر

ام أني هائمه بين سطورك يالبياسي


قراءة سريعه ولي عوده تليق بك شاعرنا


سلامي يسبقه احترامي


تقديري لك

نداء غريب صبري
16-09-2011, 10:07 PM
كنت أظنك شاعرا كبيرا فقط
فإذا بك من أروع من كتب القصة القصيرة
هذه قصة أخي وليست نصا نثريا
بل وقصة من أجمل ما قرأت على الاطلاق

شكرا لك

بوركت

عبد الله راتب نفاخ
17-09-2011, 07:22 AM
أي إبداع في الموضوع
و أي قدرة على الوصف و التأثير يا أستاذنا
لو كان الأمر لي لعلقت هذا النص لوحة في كل بيت
بوركتم
و دمتم بهذا الألق

محمد البياسي
18-09-2011, 08:20 AM
هذه هي أجملُ خطراتِ النفس ..
عندما تغادرُ هذا العالَمَ السفليَّ وترتقي بروحك لتتصلَ بكل جوارحك بالعالم العلويِّ
هناك كلُّ شيء مثاليٌّ وكلُّ شيء في غاية الكمال والجَمال

السلام عليكم أخي العزيز محمد البياسي
وأهلا بك على صفحات ملتقى فنون النثر
قسم النثر يفخر بحضورك الكريم وبقلمك الرائع الجميل
قرأت هنا كلاما جميلا تتخلله لوحات رائعة
أنت أخي قد تكلمت عن مشاعرك في أوقات معينة يحبها قلبك ويهواها ,وهي الوجود في بيوت الله
حقا ما أحلى أن يحس الإنسان بأن روحه هائمة في الملكوت الأعلى
وما أجملها من لحظات نورانية حين ينعتق المرؤ من ربقة التراب لينطلق في أجواء هي بعض يسير من الجنة التي لا تخطر على قلب أحد قط .
هنيئا لكل من استطاع الوصول لمثل هذة المشاعر القدسية
نصك جميل ,,هادىء,,ورائع
دمت أخي بكل جمال الروح والفكر
ماسة




شكراً لك على هذا الحضور الماسي يا ماسة الواحة


تقبلي احترامي وتقديري

مرمر القاسم
18-09-2011, 09:24 AM
هذا ما يصيبنا حين ننتظر شيئا و نجانب في انتظارنا اليأس ،
و يرزققكم الله إن شاء شهادة وما تمنيتم أستاذي الفاضل ،

قوافل ياسمين ،

محمد البياسي
19-09-2011, 08:13 PM
أي سحر تمثل حتى في بعدك ليستل منا هدؤء الحياه000

ويجرني إليك مكبلة الأيادي بعالمكَ الجميل يامحمد


لاأضمن أني على الأرض أمشي حيه المشاعر

ام أني هائمه بين سطورك يالبياسي


قراءة سريعه ولي عوده تليق بك شاعرنا


سلامي يسبقه احترامي


تقديري لك



نوارة الواحة نور

أهلاً بك وبحضورك البهي الجميل دائماً


وأهلاً وسهلاً بعودتك


تقبّلي احترامي وتقديري

بشار عبد الهادي العاني
19-09-2011, 09:00 PM
ماأجمل هذا الجسر الروحي الذي ترتقي على جدرانه الروح البشرية,محلقة , طائعة ,ترتشف أشهى مذاق في الكون ألا وهو العبودية لرب كريم حليم عظيم.
باشق أنت في الشعر, ونسر في النثر , وقلبك هو الأجمل
تحياتي وتقديري أستاذي.

آمال المصري
20-09-2011, 12:39 PM
سموت بنا شعورا وارتقيت بأرواحنا إلى عالم علوي
فسبحنا بها إلى هذا المكان القدسي الذي استشعرناه حيث السكينة والاطمئنان في عالم جميل حقا
شعور مختلف وفكر نوراني وحرف بديع وقدرة على السرد والوصف فائقة
دمت أديبنا المكرم وشاعرنا الفاضل بألق
تحيتي الخالصة

ماهر يونس
20-09-2011, 12:46 PM
إرحنا بها يا بلال..
هو الإتصال والتواصل مع الذات الإلهية التي لا يشبهها شيء..كما تشتاقه يشتاقك أخي الأديب الراقي
دمت ودام نبضك

د. سمير العمري
29-11-2011, 07:56 PM
نص حملنا على تلك الأجنحة الفيفة من الألق والنقاء يعكس لنا ما تحمل نفسك من طهر وصدق ووفاء.

اللغة راقية والأسلوب متين والقصد سامق حاذق نبيل!

هو يوم عيد يوم الجمعة ويوم لا تدرك الأمة قيمته ودوره للأسف.

أدام الله عليك نعمة التقى والنقاء وحفظك بحفظه حيث كنت.


دمت بخير وبركة!



تحياتي

ربيحة الرفاعي
29-11-2011, 08:32 PM
هو الجسر المتد بين عجزنا وهواننا وقلة حيلتنا في الدنيا ، مع دفعات القوة التي يمدنا بها اليقين بالله والصلة بهد رحمانا معزا، في مهرجان الجمعة يوم تجتمع الملائك والبشر في مساجد اقيمت على الحق .
رسمت بإبداع وقصصت بتفوق مشهدا تنتشي وبه الأرواح، فلله أنت وما حباك الله من لغة ويراع

شكرا لقصة من جميل ما قرأت

تحيتي