تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التعدد في الحياة الزوجية . ...!!!



ابو دعاء
14-08-2004, 06:41 AM
أيها الزوج المبارك .. أيتها الزوجة الوفية ..
مع اعتقادي الشديد أن بعض النساء يغضبن كثيرا من كلمة تعدد ، وربما مرضت الواحدة منهن إذا قال لها زوجها سأتزوج عليك ، وقد تموت في بعض الأحيان إلا أنني أقدر للنساء غيرتهن لكن على المرأة أن تعلم أن تعدد الزوجات ليست مشكلة بحد ذاتها ، فلم نسمع في يوم من الأيام أن التعدد أصبح مشكلة خاصة إذا روعيت فيه الأطر والضوابط الشرعية ، بل إن التعدد هو وسيلة ناجحة لحل كثير من المشاكل الاجتماعية ، وهو قبل هذا وذاك أمر أباحه الله بنص القرآن الكريم " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " فلا عبرة بعد ذلك بكلام الغوغاء وهذيان الحثالة السفهاء ، الذين يعقدون الندوات ويقيمون المنتديات ، ويجعجعون في الصحف والقنوات لمحاربة فكرة " تعدد الزوجات ".

كم نسمع عن كثير من الأزواج الذين قدموا كثيرا من العهود والمواثيق الغليظة لزوجاتهم على إن تزوجوا أن يوفوا بوعودهم وعهودهم من العدل والاحسان والشفقة والاحترام ، لكنها الأيام تحكي واقعا ، فهذا زوج بعد ما حرم الله زوجته الأولى من نعمة الإنجاب تزوج عليها وحق له أن يتزوج في إطار الضوابط الشرعية في هذه القضية ، فتزوج عليها بعد ما عاهدها بالعهود والمواثيق الغليظة ، على أن يعدل بينها وبين الزوجة الجديدة وأنها ستظل حبيبة القلب وملكة الفؤاد ، ولكنه لم يف بعهوده ووعوده ، وخاصة بعد ما أنجب من الزوجة الجديدة طفلا جميلا ، فنسي زوجته الأولى وأهملها وتغيرت معاملته لها ، فلم تطق تلك الزوجة الوفية الصبر على ذلك فرحلت إلى بيت أهلها ثم جاءتها الصدمة الرهيبة ، حين استلمت ورقة طلاقها فسقطت طريحة الفراش ، تعاني آلام المرض النفسي قبل الجسدي ، ثم تداركها الله برحمته ففارقت هذه الدار ، ورحلت إلى دار القرار وفي قلبها حسرات وآهات وزفرات .

نعم .. كثير من هذه القصص تطرق أبواب البيوت الزوجية ، وتكمن خلف وراء جدران البيوت المستورة ، والكثير لا يشعر بالعواقب وما يُخبا ، إن أخوف ما تخافه الزوجة إذا تزوج عليها زوجها ألا يعدل ، وأن يهضمها حقها وأن يتغير معها ، نعم .. لربما كثير من النساء لا يتأففن من قضية التعدد ، لكن إذا بدأت تحسب النتائج المريرة إذا بها تتراجع إلى الوراء وتحسب الحسابات الكثيرة خشية وقوع شيء بعد التعدد .

إن عدم عدل الزوج المعدِّد بين زوجاته يرجع إلى أسباب عدة من أهمها :
أولا : ضعف الوازع الديني في قلب الزوج ، وعدم مراقبته لله تعالى ، فالله الله أيها الزوج لا تكن كذاك الزوج الظالم الباغي على زوجته الأولى ، واحذر أن تأتي وشقك مائل يوم القيامة بسبب ظلمك لها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من كانت له امرأتان ، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " .
ثانيا : كون الزوجة الثانية ، أصغر سنا ، أو أجمل شكلا ، من زوجته الأولى ، فيتعلق قلبه بها وينسى ويهمل الثانية .
ثالثا : قد يكون ميل الرجل للثانية بغير قصد من الزوج لا إرادة ولا اختيار ، إنما بتأثير السحر وغيره من الأعمال الشيطانية التي تفرق بين المرء وزوجه وكما قال الله " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " .
رابعا : إثارة الزوجة الأولى للمشاكل والخلافات المستمرة ، بخلاف الزوجة الثانية فإنه قد لا يجد منها الزوج أية مشكلة فيضطر إلى الزواج من امرأة أخرى .
خامسا : اعتقاد بعض الأزواج وتوهمهم أن الثانية لا بد أن تكون أفضل من الأولى ، وهذا مفهوم خاطئ ، لا يمكن تعميمه على كل حالات التعدد .
وأخيرا .. فإنه يمكن الجمع بين الحب والتعدد إذا تخيلت الزوجة أنها الوحيدة في حياة زوجها ، وإذا تخيل الزوج أنه الوحيد ما دام أنه عندها ، بمعنى أن نتخلص من الأنانية والظلم ، وليجرب المعددون من الرجال والنساء هذا الأمر إن كان هناك معددون وسيجدون طعم الحياة بإذن الله تعالى .

عدنان أحمد البحيصي
15-08-2004, 08:34 AM
أخي أبو دعاء


ويبقى الخوف من الله تعالى ومراقبته أساس لنجاح كل عمل

فمن أراد أن يكون تعدده ناجحا فليتق الله

ومن أراد أن يكون عمله مقبولا فليتق الله

أخي الكريم

بارك الله فيك

نسخة للتميز الفكري

ليال
10-10-2004, 01:11 AM
كيف يمكن التأكد من العدل في التعدد
هل يجب على المرأة أن توافق على مضض بأن يتزوج عليها زوجها
ثم ترى إذا كان هذا الزوج سيعدل أم لا
لا أجد هذا كلاما مقنعا مع أحترامي للجميع

ربيحة علان
17-10-2004, 08:11 PM
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
قضية تعدد الزوجات في الوقت الحاضر قضية لها خصوصيتها البالغة؛ سيما وأننا في عصر أصبح الزواج ذاته ومن امرأة واحدة يعني مشاكل عدة لم يعرفها أجدادنا بالصورة التي نحن عليها.. فكيف يمكننا أن ننجح زواج متعدد في حيث الزواج من واحدة في حالة قلق وتوتر في كثير من بيوتنا. أقول ذلك لأن أسباب نجاح الزواج المتعدد مرتبط بمجتمع يقدر الزواج وترتفع فيه نسبة الزيجات الناجحة.
قضية نجاح الزواج المتعدد ترتبط أولا بالزوج وثانيا بالزوجة الثانية؛ حيث تقع عليهما مسؤلية كبيرة في امتصاص التغيرات السلبية التي قد تعتري المرأة الأولى نتيجة هذا الزواج لأنها بالعادة هي الطرف الأقل حظا في هذه المعادلة، ولذا وجب إكرامها من قبل الزوج والزوجة الثانية وتقثديم تعويض نفسي وغير ذلك إن أمكن لاشعار الزوجة الأولى أنها لم تخسر في هذه المعادلة .
وبما أني إمرأة فأتوجه دائما للمرأة التي تقبل على الزواج من رجل متزوج وأقول لها؛ إن المسؤولية التي تقع عليك يا أختي كبيرة فأنت من يمكنها أكثر من غيرها إنجاح هذا الزواج وبقاء الأسرة متماسكة وكوني عنصر خير وجمعة ولا تكوني عنصر فرقة، وليس صحيحا أن المرأة الأولى من تدمر زواجها لمجرد دخولك لعالمها؛ بل الأغلب أنها تفعل ذلك عندما لا تلقى منك ما يريحها ويشعرها بل ويثبت لها أن امكانية الاستقرار في زواجها ما زال قويا .
تحياتي لكم جميعا
ربيحة

إسماعيل صباح
17-10-2004, 10:31 PM
اشكر للأخت الكريمة طرحها لهذا الموضوع في وقت أجد فيه الكثير من النساء وحتى الداعيات منهن ، يكدن لا يؤمن بمشروعية التعدد ، نعم انه موضوع لا بد أن يأخذ حقه من البحث والنقاش وأدعو أخواتي وإخواني المشاركة فيه بموضوعية وجدية ولا ننسى أنها قيل كل شيْ مسألة شرعية فلينتبه الجميع لذلك ، تحياتي واحترامي لأختنا الفاضلة ، وجعل طرحك لهذا الموضوع في موازين أعمالك، و الشكر الخاص للأخ ابو دعاء الذي أضاء لنا الطريق للحديث في هذه القضية الهامة.

عدنان أحمد البحيصي
17-10-2004, 10:57 PM
اعود لأقول

ان الاصل في المراة المسلمة أن تقول لأوامر الله سمعنا وأطعنا
وأن لا ترفض امرا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم

والتعدد أمر شرعي لا شك في ذلك

والحقيقة ان النفس البشرية جبلت على حب النفس
فالمراة تخاف وأحيانا تثور من فكرة أن يتزوج زوجها عليها
لأنها تحس ان هناك من سيشاركها في حب زوجها وحنانه

والمسألة هذه مردها إلى الله ورسوله

فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين زوجاته في الأمور التي يقدر عليها
أما المحبة القلبية فكان يقول :"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك"

هذه إطلالة ولنا عودة إن شاء الله

ربيحة علان
26-10-2004, 07:02 PM
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
لقد مرّ وقت على طرح الموضوع؛ ولم نعد لنقاشه كما يجب ، أعتقد أن المفيد في رابطتنا هذه أن نكون على تواصل مع الأفكار التي نطرحها لا أن نكتب بداية الموضوع ونتركه؛ أقصد من كلامي بالطبع دعوتكم لاكمال الحديث في هذه الموضوع الشائك، الذي هو من المواضيع الاجتماعيّة التي لها خصوصيتها في هذا الوقت، حيث تغيرت كثير من الظروف الاجتماعية التي نظمت حياة أجدادنا وأصبحنا بين الماضي والحاضر نتأرجح وكثيرا ما تسقط منا أفعال اجتماعيّة فنسقط معها في متاهات ومتاهات..
لقد رأيت تشجيعا على مواصلة الموضوع من الأخ الدعيكي حفظه الله، وطبعا أخي أبو دعاء من طرح الموضوع وعدنان الاسلام .. ولكن لمواصلة الحديث علينا تحديد نقاط نناقشها ؛ مثلا ؛
1- من المسؤول الأكبر بنظركم عن نجاح عائلة تتعدد فيها الزوجات ، أهو الزوج أم الزوجة الأولى أم الزوجة الثانية؟
وقبل ذلك؛
2- ما هي دوافع تعدد الزوجات حاليا ؟
متى كان ومتى يكون تعدد الزوجات مرضيا للزوجة الأولى؟
هل تقدر المرأة المسلمة المعاصرة دوافع الرجل المسلم للزواج من أخرى؟
هل هناك تعدد مسموح به وتعدد غير مسموح به؟
هل تعدد الزوجات في تزايد أم تناقص؟
يمكن
أيضا مناقشة قضايا الأولاد والعائلة ككل في ظل تعدد الزوجات ..
أتمنى أن تشاركوا في الحوار وبصراحة - رجال وسيدات - وما تقدموا من آراء سيفتح مجال للنقاش إن شاء الله
أختكم : ربيحة علان

أم محمد العمري
02-11-2004, 08:47 AM
السلام عليكم
الموضوع مهم جدا واناانظر له من جوانب عديده اهمها :
هل هناك فعلا سبب منطقي للتعدد ؟؟؟
هل لدى الزوج القدرة على التعدد؟؟
دور الزوجة الاولى في هذا الزواج فرما هى من تخطب له ولكن هذا لا يعنى أنها لا تحترق في داخلها
دور الزوج في العدل بين الزوجات
حقوق الزوجه الاولى واولها هو الكلام الطيب في حقها ... فهناك من الازواج من يوجد أعذارا حتى لو كانت حقيقة لا يحق له أن ينشرها للعامة ليبرر زواجه .... فحقها أن تبقى الاسرار التى بينهما ... وكذلك لا يختلق أعذارا مشوهة لذلك
أن يخبر زوجته بزواجه ويوضح لها دوافعه ولا تفاجأ الزوجة الاولى بذلك
أعتقد أنه يجب عليه أن يخير الزوجة الاولى بالبقاء معه ولها مكانتها واحترامها او أن تفترق عنه وفي كل يعتبر حق من حقوقها
وفي النهاية أقول أن أمر التعدد للمرأة مهما كان قلبهاعامرا بالايمان ومهما كانت مقتنعة انه له الحق في ذلك لكنه ليس أمرا سهلا عليها هذه طبيعة في أحاسيسها ومشاعرها ولا يمكن لنا أن نتجاهلها أو ان نلومها عليها
وأوجه رسالة إلى الأزواج أن من ليس لديه سبب وجيه في زواج من أخرى فليبق بعيدا عن الهموم والمشاكل
ويكفيه هم واحدة

د. سمير العمري
03-04-2005, 10:43 PM
لم أنتبه إلى هذا الحوار الجاد المفيد هنا على قدم عهد طرحه.

أما وقد قرأته اليوم فإنني أجدني أوافق الأخوة والأخوات بضرورة طرحه للنقاش من جميع جوانبه وبحيادية ومصداقية.

سأعود هنا في أقرب فرصة لنتناول محاور الحوار.


تحياتي وتقديري
:os::tree::os:

محمد حافظ
10-05-2005, 11:42 AM
كان فاتني ان انتبه الى هذا الموضوع سابقا , واليوم احببت ان اشارككم فيه .

التعدد هو حكم شرعي قائم على الاباحة , ومعنى الاباحة هنا انه الفعل الذي لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه , فهو ليس فرضا واجبا عمله ولكن ليس من قيد او مانع لمن يريد تحقيقه .
لقد عمل الغرب على مهاجمة التعدد , ويحضرني هنا قول نوال السعداوي حين سؤلت عن نتائج وجود جمعيات حريات المرأة والافلام والكتابات طيلة 50 عاما , فأجابت : يكفينا فخرا ان التعدد في بلد كسوريا أصبح عيبا ومذموما .
اما مناقشة فكرة التعدد في الوقت الحالي , فانها لا تختلف عن مناقشتها قبل مئات السنيين , ذلك ان الانسان كانسان لم تختلف غرائزه وحاجاته العضوية , وبالتالي فالمعالجات لمشاكله لا تتغير في اساسها , بل ما تغير مظاهر الاشباع والوسائل والاساليب , وبالتالي هناك تغيير في مظاهر المعالجات أي التغير في المناحي المدنية , فكان يلزم للانسان فرسا للتنقل وكان يبحث في معالجات شراء الفرس او استئجارها او حوادث المرور الخاصة بها وفي أكلها أيجوز اطعامها النجس ام لا , وفي مخلفاتها أهي نجسة محرمة ام يجوز استعمالها كسماد للزراعة ...
وموضوع التعدد مثله مثل غيره , يقياس ويحاكم بالنظرة للانسان كانسان لا بما يوافق هوى اويعارض مصالح لفئة دون أخرى , بل ينظر اليه نظرة انسانية لا تحد بمكان وزمان , ولكنها قد تكون ميسورة التحقق في أزمان , ودونها اشكالات في أزمان وأماكن أخرى .
وقد نختلف في سهولتها او يسرها بما يعطي كل منا أمثلة , ولكن الاشكالات والمصاعب في الامثلة على التعدد لا تعني حكمنا عليها بالصحة او الخطأ , لاننا لو تناقشنا اليوم في الزواج نفسه واستخلصنا النتجة من كثير من تجارب البشر لخرج علينا الكثير من المعترضين على الزواج ان الازواج يضربون زوجاتهم او لايطعن هن ازواجهن او يبخلون عليهم بالمصروف والنفقة او يعشق عليها أخرى ...الخ ولخلصوا الى نتجة ان الزواج مصيبة !!! .
ومن هنا قلنا ان تجارب الناس لامر ما ليست هي المقياس في الصحة والخطأ ... بل المقياس هو صلاحية الحكم للانسان كاتسان لا لشخص او مجموعة بعينها .ولا بما سيجر الزواج الثاني على فلانة من متاعب !!! او ان موافقتها اليوم على صحة المعالجة تعني ان زوجها سيواجهها يوما بهذا الرأي فلا تملك الرفض حينها .
اذا نقول ان لكل حكم شرعي ضوابط واحكام وجزئيات وجب على الملتزم بالحكم مراعاتها والانتباه اليها , فالصلاة فرض على المسلم ولكن الصلاة ستكون حراما لو لم يتوضأ او لم يتوجه الى القبلة ... الخ مع انه أدى الصلاة على أكمل خشوعها وبأدق تفاصيلها .

إسلام شمس الدين
10-05-2005, 12:44 PM
الموضوع بالفعل جدير بالنقاش الموضوعي المتعقل وفقاً للأطر الشرعية التي وضعها الإسلام ، خاصة بعد أن ثار كثير من اللغط في الفترة الأخيرة حول هذه الققضية
فشكراً للأخ العزيز الذي أثار هذا النقاش ، وشكراً للمشاركات القيمة
وقد كان لي مقال من قبل حول هذه القضية ، اسمحوا لي بإعادة نشر بعض فقراته هنا :

موضوع تعدد الزوجات بالفعل أصبح مثار نقاش دائم ليس فقط في العالم الإسلامي و إنما في الغرب أيضاً ، وقد حضرت منذ فترة ندوة بأحد المراكز الثقافية تحدثت فيه عالمة نفس فرنسية مسلمة عن أن هذا الموضوع أصبح محط اهتمام في الغرب و أشارت إلى أحد الاستفتاءات التي ذكرت أن نسبة الفتيات اللاتي قد يقبلن تعدد الزوجات في فرنسا قد زادت بصورة ملحوظة رغم أنها لم تتعد 20% إلا أنها بالمقارنة باستفتاءات سابقة تعد زيادة كبيرة . وربما كانت هذه الزيادة السبب في حملة مضادة على مبدأ تعدد الزوجات و أعتقد أن لهذه الحملة أسباباً سياسية و ليست دينية أو اجتماعية .

و بداية أقول إننا لا نناقش قبول أو رفض تعدد الزوجات ، ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) و إنما نحاول التعرف على حكمة هذه المشروعية و ضوابطها الصحيحة ، فالإسلام لم يشرع حكماً إلا لحكمة و لم يحرم أمراً إلا لحكمة ، فإن جعل الأمر لغير حكمته فقد تجاوز حكم الإسلام فيه .
فالإسلام عندما رخّص في تعدد الزوجات إنما كان هذا لأكثر من حكمة و وفقاً لضوابط شرعية ، و لو تتبعنا ظروف زيجات النبي صلى الله عليه و سلم و كذلك زيجات الكثير من صحابته رضوان الله عليهم لأدركنا حكمة الإسلام من إباحة تعدد الزوجات .
و على المسلمة أن تدرك أن الإسلام عندما شرع تعدد الزوجات فقد كان منصفاً لها قبل أن ينصف الرجل ، ونحن هنا نتحدث عن المرأة بصفة عامة و ليس من خلال خصوصية امرأة حباها الله بزوج تريد الاستئثار به .
ولنستعرض القضية من خلال بعض النقاط المنفصلة المتصلة :

* الأصل في الإسلام الزوجة الواحدة و إنما جُعل التعدد رخصة لحكمة تقتضيها الحاجة بما يحقق صالح كل من الرجل و المرأة ، و قد قال الإمام أحمد بن حنبل : ( ويستحب أن لا يزيد على واحدة، إن حصل بها الإعفاف، لما فيه من التعرض إلى المحرّم ) . فالأولى الاقتصار على زوجة واحدة إن لم تقتضي الحاجة التعدد .


* فطرة المرأة ترفض أن يكون لها شريك في زوجها وتضيق كل الضيق بهذا، ولكن المرأة المؤمنة تدرك أن شرع الله لا يجوز الاعتراض عليه ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) ، وأن في إباحة التعدد الخير لأخواتها المسلمات وللمجتمع بأسره .


* لم يشرع الإسلام التعدد إلا لصالح المجتمع وصالح الأسرة ومعالجة ما قد يصيب المجتمع من أمراض وإغلاقاً لأبواب الفساد فيه ، ومن المصالح التي يحققها إباحة التعدد :
1- علاج ظاهرة العنوسة و التي تتفاقم يوماً بعد يوم ، وربما يوضح تزايد نسبة الإناث إلى الذكور أهمية تعدد الزوجات ، كما أن حديث الرسول صلى الله عليه و سلم عن أشراط الساعة يبين لنا حكمة التعدد في علاج هذه الظاهرة . .
عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول : ( من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل ويظهر الزنا وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد )
وأمام زيادة نسبة الإناث إلى الذكور فإن المرأة ما بين ثلاثة أمور :
أ. أن تقضي بقية عمرها ما بين حرمان و صراعات نفسية و عاطفية و اجتماعية .
ب. في ظل هذه الحالة من الحرمان قد يكون من السهل على المرأة إن لم تعتصم بدينها أن تزل إلى طريق الانحراف .
ج. و يتبقى للمرأة القبول بزوج صالح قادر يضمها إلى زوجة أخرى فيعدل بينهما .
فأيهم أصلح للمجتمع و للمرأة ؟؟

2- محاربة الفساد والقضاء عليه : إن تعدد الزوجات من أقوى أسلحة محاربة الفساد وتفشي الزنا ، فهو من ناحية يتيح للرجل اختيار زوجة ثانية تعصمه إذا كان هناك علة في زوجته الأولى لا تحقق له هذا ، ومن ناحية أخرى يضمن للمرأة الإعفاف من خلال زواج صالح أحله الله .

3- مرض أو عيب في الزوجة الأولى : كأن تكون عقيماً مثلاً أو لديها مايمنع من التزامها بواجباتها الزوجية فلا تشبع حاجة الرجل أو تفي بمطالبه مثلاً
و هنا اسأل كل امرأة : هل تفضلين أن يتخذ زوجك عشيقة غيرك ؟ ، أم يطلقك ليتزوج من تشبع حاجاته و تفي بواجبات الزوجية ؟ ، أم يتخذ زوجة ثانية فيعدل بينكما دون أن يطلقك أو يتخلى عنك و دون تفريط في حقوقك الشرعية و المادية ؟
ألم يكن الإسلام منصفاً للمرأة هنا حين شرع للرجل الأبقاء على زوجته الأولى و الوفاء بحقوقها ؟

4- حاجة متعلقة بالرجل نفسه : قد تكون رغبة الرجل أو قدرته قوية ، وما تمر به المرأة من تغيرات فسيولوجية شهرية أو أثناء فترة الحمل أو بعد الولادة أو مع تقدم السن ربما لا يحقق للرجل إعفافاً يلبي حاجته ، فالشرع هنا يبيح له اتخاذ زوجه ثانية تعصمه مع حفظ كامل حقوق الزوجة الأولى .

5- القضاء على أنواع الزواج غير الشرعي التي تفشت في مجتمعاتنا كالزواج العرفي و زواج المتعة و غيرها .

6- هناك الكثير من الحالات الاجتماعية التي تقتضي التعدد لصالح المرأة و المجتمع : كالزواج من امرأة غير مسلمة أسلمت و تواجه حرباً من أهلها و تحتاج إلى من يحميها و يساندها للثبات على إسلامها ، أو مطلقة أو أرمل تحتاج إلى إحصانها و الحفاظ عليها أمام تحديات المجتمع و الحياة ، أو يتيمة لا تجد ولياً يجهزها أو يجعل لها سبباً للزواج و ما شابه ذلك من الحالات الاجتماعية .


* و رغم بيان هذه الفوائد إلا أنه يجب الانتباه إلى أن الحكم الشرعي الثابت بالكتاب و السنة علينا الالتزام به سواء علمنا الحكمة منه أم لم نعلم ، فإلتزامنا ينبع من إيماننا بالله و رسوله وطاعتنا لأوامر الله و رسوله و ليس نابعاً من إدراكنا العقلي للحكمة منه ، فنحن نصوم لأن الله أمرنا بهذا و ليس لإن في الصوم حكمة التعويد على الصبر أو الاحساس بالفقير أو غيره من فوائد الصوم . . و كذلك فنحن نقر مبدأ التعدد لأن الله أباحه للرجل مع الأخذ بشروطه و ضوابطه .


* عندما شرع الإسلام مبدأ تعدد الزوجات ، حرص ألا يكون أداة أو لعبة في يد الرجل يستغلها كيفما شاء ، بل وضع له ضوابط تضمن أن يحقق الحكمة من مشروعيته و تضمن حقوق المرأة و تحافظ عليها :
و من هذه الضوابط :
1- العـدل : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل )
لقد اشترط الإسلام لإباحة تعدد الزوجات ثقة الرجل في قدرته على العدل بين زوجتيه أو زوجاته في كل متطلبات الحياة الوجية من الإنفاق العادل و المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمبيت والمعاشرة ، فمن لم يثق في قدرته على أداء هذه الحقوق بالعدل والسوية حرم عليه أن يتزوج بأكثر من واحدة و وجب عليه الاقتصار على زوجة واحدة . . قال تعالى: ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) .

2- القدرة : سواء القدرة على الإنفاق أو القدرة البدنية
قال تعالى : ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله )
فإذا كان هذا هو التوجيه الإلهي لمن لم يتزوج فمابالنا بمن رزقه الله الزوجة الصالحة التي رضت بمقاسمته حياته بالرغم من ضيق حاله ، فهل من المنطق أن يتزوج بأخرى ليزيد من التزاماته و أعباء الحياة عليه ؟

3- رضى الزوجة : وصراحة أنا لا أعرف عالماً من علماء الدين أفتى بكون رضى الزوجة الأولى شرطاً للزواج من أخرى ، بل أجمعوا على كون هذا مستحباً فالإسلام منح الرجل رخصة الزواج بأخرى دون اشتراط رضى الزوجة ، إلا أننا لو نظرنا إلى الهدف الأسمى للإسلام من الزواج ألا و هو تكوين أسرة مسلمة مستقرة و صالحة تكون نواة لمجتمع إسلامي قوي ، ولو نظرنا إلى كون الزوجة هي قوام هذه الأسرة و التي تنعكس حالتها النفسية على جو الأسرة و على التزامها بواجباتها إزاء بيتها و زوجها و أولادها ، لوجدنا أن هذا الاستحباب يكاد يرقى إلى مرتبة الشرط ، فكما كان الإسلام حريصاً على تقويم الزوجة و دفعها لأداء واجباتها فهو حريصٌ كل الحرص على تهيئة الاسقرار لها لأداء هذه الواجبات . و هنا نذكر واقعة السيدة فاطمة رضي الله عنها عندما أراد سيدنا علي الزواج من بنت أبي جهل قبل أن يحرم الإسلام الزواج بالمشركات فسمعت بذلك السيدة فاطمة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك وهذا علي ناكح بنت أبي جهل فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشهد و قال : إن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد ، فعدل سيدنا علي رضي الله عنه عن الزواج ، بل و لم يتزوج من أخرى حتى وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها فتزوج بعدها .
و على هذا نقيس أن الإسلام لا يبيبح زواج الرجل ممن هي دون زوجته الأولى ، ففي هذا إذلال لها – إلا إن رضت هي بهذا و قبلته - ، فزواج الرجل بخادمة زوجته مثلاً فيه إذلالٌ للزوجة ، فضلاً عما يسببه من هدم استقرار الأسرة التي قوامها الزوجة ، فما ظننا بأسرة تشعر الزوجة فيها بالإهانة و الذل ، هل ننتظر حينها أن تؤدي واجباتها كزوجة و أم بالشكل الذي يضمن استقرار الأسرة ؟!!


* اتفق معظم العلماء على أن التعدد بغرض المتعة والتلذذ حكمه ما بين الكراهية و التحريم ، صوناً لكرامة المرأة و مشاعرها .


* إذا كان الإسلام قد أباح للرجل تعدد الزوجات فإنه أعطى المرأة أو وليها الحق في أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها بأخرى، وأن يدوّن هذا الشرط في عقد الزواج ، فإن تزوج غيرها جاز لها أن تطلق نفسها .
وأعتقد أن هذه النقطة تغلق باب الجدل بوجهِ عام .


وتبقى أن أقول .. إن الإسلام كما هو دينٌ عظيم فهو دينٌ حكيم ، وعلينا أن ننظر في أحكامه ونتبعها بنفس القدر من الحكمة والإجلال


شكراً لك أخي العزيزعلى إتاحة مساحة من النقاش الهادف حول هذا الموضوع المهم ، والشكر موصول لكل من أثرى النقاش بالمشاركة الجادة

للجميع تحياتي وتقديري
إسلام شمس الدين

د. محمد صنديد
12-05-2005, 01:07 PM
هذه إطلالة للدلالة على أهمية الطرح و وجوب العودة إليه بأكثر من مجرد إطلالة....

سأعود إخواني و إخواتي و لكن لا برأي شرعي و إنما برأي طبي وظيفي (فيزيولوجي) و نفسي وثيق الصلة بالطرح.

دمتم بخير.