ربيحة الرفاعي
18-09-2011, 02:35 PM
إذا كان تعريف النقد هو معرفة فاسد الكلام وصحيحه, وتمييز حسنه من قبيحه,على أسس أهم أركان اللغة والأدب لمعرفة جواهره وأساليب بيانه الخالصة من المعتلة، فإن النص حين يقف امامك يحدد قدرتك على القول وزوايا قراءاتك له حرفا ومضمونا.
ولعل مضامين نصوص شاعرنا أسامة المحوري تشكل ملمحا رئيسا لا تملك بتميز اثره على المتلقي حيث يداعب بحرفة أكثر اوتار الحس الانساني ليونة واستجابة، وهو وتر الروح وقرارها لمعاني السمو
وهو في نصوصه أميل لما يسهل على المتلقي فهمه، فتجد قصائده قريبة المعنى يسيرة الوصول بمضمونها لا يحجبها عن القلب حاجب، ولا يضيع بها في متاحات التحديث وضبابية التعبير بناء ولا تصوير.
وبلغة قويمة متمكنة وحرف امتلك صاحبه زمام قوله يرسم به أجمل لوحات السهل الممتنع، قولا في صور يحلو لك التيه في جمالها والاستغراق في الوانها تتنقل بين ضبابي ومظلم ومشرق تبعا لحس النص ومعانيه.
وقد وجدتني في نصه هذا ألج مع الحرف روح النص منذ الفعل الأول الذي باشر به شاعرنا القصيدة "تعطي"
تعطي وتنعم ربنا وتجودُ = وبحور فضلك مالهن حدودُ
والعطاء قيمة بات مجرد التلفظ بعنوانها محركا لخلجات القلوب وبحثها عن الله توقا للطمانينة، ليتبعها بتنعم إمعانا في العطاء الإلهي المتمثل فيما ندرك وما لا ندرك من معاني وجودنا، ولو كان المعطي هنا غير الله لاختلفت القراءة ولصار في تنعم تكرار لمحمول المفردة ومرادها، لكنه الله ونعمائه تفوق كل معاني العطاء ، ولعل هذا ما حدى بالشاعر لإضاءة هذا الركن من قوله قبل أن يضيف وتجود، فهو ينبهنا إلى أن عظيم الفارق بين معاني المفردات في نص يناجي المجيد الودود ومعانيها في غيره.
وبهدوء ينتقل بنا إلى صورة شعرية جميلة ترسم أعظم ما ينعم به الله على عبده حين يمنّ عليه بالهدى واليقين ، و"إنك لا تهد من أحببت" فلو لم يسق الله روض الحق في الروح بكرمه لما نمى اليقين ولا عثر المرء على طمأنينة قلبه ورضى نفسه بزهر التوحيد،
أسقيتَ روضَ الحقِ في أرواِحنا = فنما اليقينُ وأزهر التوحيدُ
وقد مكثت هنا استطلع صورة من أجمل ما قرات إبداعا ودقة واختزالا لكبير المعنى في موجز القول.
وبدون تردد يعلنها جلية مجلجلة
لولاك.. ما أمّت ركائبُنا الهدى = ولما أطلَّ صباحُنا
وما كان لها أن تستدل الطريق في تيه من ظلمات بعضها فوق بعض، فإن افلتت من نزغ الشيطان تملكها هوى النفس فإن أفلتت فالدينا خادم الشيطان والنفس تغري بزخرفها وتذل بغوايتها وما تنثر من هوى يهوي بصاحبه لولا إنعام الله على العبد بهداه.المنشودُ
ومن إقرار بعظمة عطائه ونعمائه إلى وصف لظلماء وقسوة الواقع قبل نزولها
فدروبنا من غير نورك لجةٌ = وقلوبُنا من دونِ ذكرك بيدُ
جليّتَ أيآتَ النجاةِ لأمةٍ = كادت عن الدرب السوي تحيد
حيرى .. يطوفُ الوهمُ في خلجاتها = ويغيبُ عن ألبابها المقصودُ
ينقلنا بسلاسة تسايره معها الأرواح مترنمة على إيقاع المفردة والصورة، فالدروب لجة يضيئها بنوره، والقلوب جافة جرداء قاحلة تخضر بذكره وتندي حبا ورحمة، ودرب النجاة مجهول أخفته الرغائب والميول والأهواء، والأمة في حيرة لا تجد طريقا، ولا تدك معنى، ولا تعي غاية
سلسلة من الصور توالت مدهشة بجمالها وانسياب الفكرة فيها تصنع ترابطا جميلا لم يحرم ابيات القصيدة من استقلال كل منها بمعنى مكتمل واتصالها معنى وصورة في حمل مضمون القول
وتعود النفس المطمئنة للإعتراف بفضل المولى في هدايتها
أنت الذي أجليّتَ من أفاقها = سحبَ الظلامِ .. فأشرق المحمودُ
لينمحي كل ما كان أصلا للصورة المظلمة التي شرحتها الأبيات بعد "لولاك" ويظهر لون جديد مشرق يحيل اللوحة لجمال وحبور
وأظنني وقفت استحسانا عند هذا البيت الجميل
فإذا الوجوه بشارةٌ ونضارةٌ = وإذا الوجودُ بلابلٌ ونشيدُ
أتأمل حرفه وأصغي لإيقاعه الداخلي يرسم اللوحة أمامي ألوانا زاهية وترانيم قدسية، فكان انتقالي للأبيات بعده مسبحا تسبيحها، ومستسلما مع القلوب التي اسلمت لله زمامها تائبة آيبة، مباهية بعبوديتها لرب العالمين
تزهو الحياة إذا رضيت إلهنا = ويطيبُ فيها الحبُ والتغريدُ
لك تسلم اليوم القلوبُ زمامَها = وإليك تأوي ربنا وتعودُ
أما البيت الذي اختتم به شاعرنا القصيدة فكان مسك الختام وزبدة القول، وما أجمله وقد بين معنى العزة وأنها بالله ولله، فلا عزة للذات ولا استعلاء للنفس، والعزة لغة تدور حول معاني الغلبة والقوة والشدة وقهر الخصيم، وهي اصطلاحا حالة مانة للإنسان من أن يغلب او يقهر، ينسبها الغوي التائه لقوم أو جاه اوسلطان، وهي منعة من الله وارتباط به وارتفاع بالنفس عن عن مواضع المهانة التي نهى الله عنهاوتحرر من رق العبودية لسواه وهو عين ما نطق به البيت الأخير
وندورُ في فلك الحياة وحسبنا = أنا لرب العالمين عبيد
ماتعة كانت جولتي في دنيا هذا النص البديع بروحه ونكهته ورسالته، فناجيت إذ ناجى وسبحت بحمد الله إذا عدد عطاياه وأسلمت زمام القلب الذي ما يحاول من نعيم اليقين به فرارا
ولعل مضامين نصوص شاعرنا أسامة المحوري تشكل ملمحا رئيسا لا تملك بتميز اثره على المتلقي حيث يداعب بحرفة أكثر اوتار الحس الانساني ليونة واستجابة، وهو وتر الروح وقرارها لمعاني السمو
وهو في نصوصه أميل لما يسهل على المتلقي فهمه، فتجد قصائده قريبة المعنى يسيرة الوصول بمضمونها لا يحجبها عن القلب حاجب، ولا يضيع بها في متاحات التحديث وضبابية التعبير بناء ولا تصوير.
وبلغة قويمة متمكنة وحرف امتلك صاحبه زمام قوله يرسم به أجمل لوحات السهل الممتنع، قولا في صور يحلو لك التيه في جمالها والاستغراق في الوانها تتنقل بين ضبابي ومظلم ومشرق تبعا لحس النص ومعانيه.
وقد وجدتني في نصه هذا ألج مع الحرف روح النص منذ الفعل الأول الذي باشر به شاعرنا القصيدة "تعطي"
تعطي وتنعم ربنا وتجودُ = وبحور فضلك مالهن حدودُ
والعطاء قيمة بات مجرد التلفظ بعنوانها محركا لخلجات القلوب وبحثها عن الله توقا للطمانينة، ليتبعها بتنعم إمعانا في العطاء الإلهي المتمثل فيما ندرك وما لا ندرك من معاني وجودنا، ولو كان المعطي هنا غير الله لاختلفت القراءة ولصار في تنعم تكرار لمحمول المفردة ومرادها، لكنه الله ونعمائه تفوق كل معاني العطاء ، ولعل هذا ما حدى بالشاعر لإضاءة هذا الركن من قوله قبل أن يضيف وتجود، فهو ينبهنا إلى أن عظيم الفارق بين معاني المفردات في نص يناجي المجيد الودود ومعانيها في غيره.
وبهدوء ينتقل بنا إلى صورة شعرية جميلة ترسم أعظم ما ينعم به الله على عبده حين يمنّ عليه بالهدى واليقين ، و"إنك لا تهد من أحببت" فلو لم يسق الله روض الحق في الروح بكرمه لما نمى اليقين ولا عثر المرء على طمأنينة قلبه ورضى نفسه بزهر التوحيد،
أسقيتَ روضَ الحقِ في أرواِحنا = فنما اليقينُ وأزهر التوحيدُ
وقد مكثت هنا استطلع صورة من أجمل ما قرات إبداعا ودقة واختزالا لكبير المعنى في موجز القول.
وبدون تردد يعلنها جلية مجلجلة
لولاك.. ما أمّت ركائبُنا الهدى = ولما أطلَّ صباحُنا
وما كان لها أن تستدل الطريق في تيه من ظلمات بعضها فوق بعض، فإن افلتت من نزغ الشيطان تملكها هوى النفس فإن أفلتت فالدينا خادم الشيطان والنفس تغري بزخرفها وتذل بغوايتها وما تنثر من هوى يهوي بصاحبه لولا إنعام الله على العبد بهداه.المنشودُ
ومن إقرار بعظمة عطائه ونعمائه إلى وصف لظلماء وقسوة الواقع قبل نزولها
فدروبنا من غير نورك لجةٌ = وقلوبُنا من دونِ ذكرك بيدُ
جليّتَ أيآتَ النجاةِ لأمةٍ = كادت عن الدرب السوي تحيد
حيرى .. يطوفُ الوهمُ في خلجاتها = ويغيبُ عن ألبابها المقصودُ
ينقلنا بسلاسة تسايره معها الأرواح مترنمة على إيقاع المفردة والصورة، فالدروب لجة يضيئها بنوره، والقلوب جافة جرداء قاحلة تخضر بذكره وتندي حبا ورحمة، ودرب النجاة مجهول أخفته الرغائب والميول والأهواء، والأمة في حيرة لا تجد طريقا، ولا تدك معنى، ولا تعي غاية
سلسلة من الصور توالت مدهشة بجمالها وانسياب الفكرة فيها تصنع ترابطا جميلا لم يحرم ابيات القصيدة من استقلال كل منها بمعنى مكتمل واتصالها معنى وصورة في حمل مضمون القول
وتعود النفس المطمئنة للإعتراف بفضل المولى في هدايتها
أنت الذي أجليّتَ من أفاقها = سحبَ الظلامِ .. فأشرق المحمودُ
لينمحي كل ما كان أصلا للصورة المظلمة التي شرحتها الأبيات بعد "لولاك" ويظهر لون جديد مشرق يحيل اللوحة لجمال وحبور
وأظنني وقفت استحسانا عند هذا البيت الجميل
فإذا الوجوه بشارةٌ ونضارةٌ = وإذا الوجودُ بلابلٌ ونشيدُ
أتأمل حرفه وأصغي لإيقاعه الداخلي يرسم اللوحة أمامي ألوانا زاهية وترانيم قدسية، فكان انتقالي للأبيات بعده مسبحا تسبيحها، ومستسلما مع القلوب التي اسلمت لله زمامها تائبة آيبة، مباهية بعبوديتها لرب العالمين
تزهو الحياة إذا رضيت إلهنا = ويطيبُ فيها الحبُ والتغريدُ
لك تسلم اليوم القلوبُ زمامَها = وإليك تأوي ربنا وتعودُ
أما البيت الذي اختتم به شاعرنا القصيدة فكان مسك الختام وزبدة القول، وما أجمله وقد بين معنى العزة وأنها بالله ولله، فلا عزة للذات ولا استعلاء للنفس، والعزة لغة تدور حول معاني الغلبة والقوة والشدة وقهر الخصيم، وهي اصطلاحا حالة مانة للإنسان من أن يغلب او يقهر، ينسبها الغوي التائه لقوم أو جاه اوسلطان، وهي منعة من الله وارتباط به وارتفاع بالنفس عن عن مواضع المهانة التي نهى الله عنهاوتحرر من رق العبودية لسواه وهو عين ما نطق به البيت الأخير
وندورُ في فلك الحياة وحسبنا = أنا لرب العالمين عبيد
ماتعة كانت جولتي في دنيا هذا النص البديع بروحه ونكهته ورسالته، فناجيت إذ ناجى وسبحت بحمد الله إذا عدد عطاياه وأسلمت زمام القلب الذي ما يحاول من نعيم اليقين به فرارا