تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وداعاً .... صديقي الشهيد



عبد الله راتب نفاخ
20-09-2011, 07:18 PM
وداعاً .. صديقي الشهيد :

مرة ، في حصة الموسيقى ..
حين كان يجمعني به صف واحد أواخر المرحلة الإعدادية ..
ضاق ذرعاً بأغنيات العشق و الغرام ،فطلب الإذن بأن ينشد .
خرج صوته مقطَّعاً بمخارج حروف التجويد ، ليقول إن صاحبه من براعم القرآن
ورغم الاستهزاء القميء من كثير من زملائه ، فقد أكمل أنشودته تلك حتى النهاية ...
مازلت أسمع صوته اليوم في أذنيَّ مردداً :
سبح الطير و كبَّر ...... منشداً الله أكبر
و مرة ...
حين سرق جمع من التلاميذ المؤذين كرة من المدرسة و طلبهم المدير ، فأنكروا و قالوا : إنها لهم ، و كنا جلوساً فسئلنا ، فران علينا عجزنا و خوفنا منهم .
حينها التفت السائل إليه و قال له : أنت لا تكذب و لا تعرف الكذب ، فأخبرني .
وقف عندها بشجاعته و عنفوان قيمه ، غير مبالٍ بالضرر الكبير الذي سيلحقه منهم ، فأخبره الحقيقة .
و لما اجتمع هؤلاء كلهم عليه – و كانوا يربون على العشرين – نظرت إلى الأرض قائلا ًلنفسي : أبله ، لقد أودى بنفسه . و لم أدر أنني كنت الأبله الحق حينها .
لكم كانت مثله العليا تجلله ، و كم كانت كلماته تنضح براءة و خُلقاً .
في الأسبوع الأخير صادفته مرتين على غير العادة ، فكانت بيننا كلمات قليلة لم أحسب لحظةً أنها ستكون كلماتنا الأخيرة المتبادلة .
و حين قفز في وجهي نبأ استشهاده ، فارقني طائر التوازن محلقاً بلا أجنحة ، و توقف عقلي ليعرض شريطاً مصوراً للمواقف التي جمعتني به في ثلاث عشرة سنة .
أرحل ؟
نعم ... رحل
رحل الذي ما رأيته يوماً إلا في لَبوس أخلاق الصالحين ، رحل الذي عرفته تقياً مذ كان في أيام الصبا ، رحل الذي ما حسبت أنني سأتلقى نبأ استشهاده يوماً ، و إن كنت ألمح فيه كثيراً من صفات الشهداء .
غادرنا نحو السماء راكباً حصانه المطهَّم بالخير ، رحل كما كان قدوة لكل رفاقه في إيمانه و صدقه و تقواه .
رحل تاركاً أثراً أعمق مما كان له في حياته ، أثراً لا أحسب أنْ قد تذهب به أيٌّ من أحداث الدنيا و ما عليها .
رحل و هو يجبرنا اليوم و غداً و بعد غد، بل في كل وقت يرد فيه ذكره على أن نصفه بأنه كان دوماً : عظيماً .... عظيماً ... عظيماً .

ماهر يونس
20-09-2011, 08:00 PM
بوركت صديق القلم وأنت تكتب شهيدا لا يخشى إلا الله..
لم يرحل يا عبدالله بل حي عند ربه يرزق..نحن الراحلون يا عبدالله ويجب أن نفقد توازننا في كل لحظة عند غياب الشهداء لا عند كثرتهم
محبتي أخي التي تعرف

نداء غريب صبري
21-09-2011, 01:25 AM
قل لمن ينكرون عليه شهادته أنه شهيد
قل لمن يجرّمون ثورته انه مخلص وصادق وصاحب حق

رحمه الله ورحم شهداءنا جميعا

نص رائع اخي

بوركت

أماني عواد
21-09-2011, 11:06 PM
الاستاذ الكبير عبد الله نفاخ

كل تاريخة منذ الطفولة ينبؤ بآخرته

يكفيه فخرا انه شهيد ويكفيك فخرا ان تكتب عنه

سام نبضك

خليل حلاوجي
24-09-2011, 09:22 PM
زمن مخجل ياشهيد

نسكت وانت وحدك الناطق

نؤكل وانت وحدك المطعم

نغفو وانت وحدك الصحوة

وانت انت

ونحن في خجل

سامي الحكواتي
24-09-2011, 11:03 PM
جميل جدا أخي عبدالله
هكذا هم العظماء تتجلى عظمتهم في المواقف كلها صغيرة كانت أو كبيرة بل إن الموقف الصغير والحدث الحقير يغدو عظيما بسبب سلوكهم وثباتهم
نص كبير يكشف عن كاتب كبير باللغة والتحليل والفكر والقيمة

فاطمه عبد القادر
25-09-2011, 03:12 AM
رحل و هو يجبرنا اليوم و غداً و بعد غد، بل في كل وقت يرد فيه ذكره على أن نصفه بأنه كان دوماً : عظيماً .... عظيماً ... عظيماً .



السلام عليكم
دائما الشهداء هم الأعظم ,يسابقون الأنبياء للجنة ,رحم الله كل الشهداء الأبرار ,المجد والخلود لهم فقط
شكرا لك أخي عبد الله ,نصك مؤثر للغاية
ماسة

ربيحة الرفاعي
02-09-2014, 01:17 AM
لست أدري ما إذا كان الذي يكبل ردي هنا حضور الشهيد بعظمته ووهجه، أم روعة حروفك تحكي القيمة الأعظم في الأحياء والراحلين

ما زالت نصوصك تذكرني كلما قرأتها بابن من أنت
رحم الله شيخنا فقد أنشأ فابدع
ورحم الفقيد وكل من سار على دربه

رحمنا جميعا

تحيتي

خلود محمد جمعة
14-09-2014, 06:59 AM
من عاش منتصراّ لله سيموت في سبيله
سأطلق على حرفك الحرف الوفي فمعظم نصوصك تذكر بها كل العظماء اللذين عرفتهم ولم نعرفهم بطابع وفاء مائز
نص طيب وحرف طيب وأصل طيب
دمت حراّ
تقديري

كاملة بدارنه
15-09-2014, 08:12 PM
تقيّ نقيّ طاهر غادر هذا الكون الذي يعجّ بما لا يرضي
نثرت الكلمات تبث الإخلاص وتخليد عبق الذّكرى، ومسك الخاتمة
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
16-09-2014, 11:30 AM
هكذا هم الشهداء فسلام على أرواحهم الطاهرة
يكتبون مجدهم بمداد الدم على صفحات صخور الوطن
يبتغون الفضل من الله وهم يرددون قوله تعالى:
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من
خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

دمت رمزا للوفاء ـ كلمات صادقة من قلب ينزف بصمت حبا وألما ودمعا.