تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نصف أنثى .. لصابرين الصباغ



صابرين الصباغ
27-09-2011, 12:34 PM
نظر الجمالُ لنفسه بالمرآة ،وعندما تَجسدت نظرته شققتُ سطحها اللامع وخرجتُ.
ابتسامتي تنمو فوق شفتى ،ولا تعرف خريفاً.
زوجي وأبنائي يحتمون بخيمة حبي من شمس الحياة الحارقة ، يرتوون من ينابيع أمومتي .
هذه الصورة الجميلة المعلقة على جدار عمرنا ،يهتريء الحبل المعلق فيه إطارها ؛ لتهوى أرضاً وتتساقط معها كل ألوان سعادتي .
أشعر بألم تحت إبطي، إذا نظرت للمرآة وجدت الهُزال يحتل تضاريسي،وأشعر بالضعف يستنزف قوتي وينحرها نحراً .
الجميع ينظر إلىَّ نظرات استفهامية، يجيبهم جسدي بوهنه، بأن هناك شيئاً مايسري بخلاياى، يلتهمني .
اتخذتُ الأطباء ندماء جدد، لأقع بين أيديهم فريسة لغازٍ لا يرحم .
أفقد وعيي فوق سرير عديم الإحساس، و كشافات حارقة أوضع تحتها، تنهش أشعتها جسدي بلا رحمة .
أفقت .. تتحسس نظراتي طريقها إلى النور؛ لتعكس كل ما يقابلها في دروبها .
رأيتهم حولي يقبلونني لخروجي سالمة، وأنا مازلت بين الحلم واليقظة أجد ألمًا يشتعل بصدري ..مددت يدي على موضع الوجع فلا أجد سوى ضمادات تغفو فوق أضلعي. تذكرت أني كنت في طريقي لبتر جزء من أنوثتي ملوثاً بالخبث .
عيونهم تملؤها الشفقة، كرهت أن تهطل علىَّ زخات نظراتهم حتى لو سقت أرضي الثكلى .
شكوت من الألم؛ لأواري عنهم شعور الفقد الذي اعترى جوارحي .
بعد رحيلهم تحسست موضعه فلم أجده ، وجدت أخاه يئن من وجع فقد القرين .
باتت غصة بعيني وأسئلة كثيرة .. كيف سأواري تلك الإعاقة؟ ولو واريتها كيف سأواري إعاقتي النفسية ؟
تدخل الممرضة .. تلقي لي بطوافة لتنجدني من خضم حيرتي، أخبرتني بالحل؛ أنوثة مزيفة قد ترضي العيون، لكنها لا تمحو هذا الألم القابع بأعماقي كحجر صلد لا يذوب.
أصلحت الفقد .. لكن عيون الجميع رحلت من فوق وجهي، لتسكن أسفل عنقي في قوافل استكشافية؛ لترى ما حاولت مداراته .
قاطعت المرآة، حتى لا أرى- تحت ثيابي - ما أخفيه عن الجميع .
استيقظت ليلاً فزعة؛ لأجد يد زوجي النائم تترنح غافية فوق دروب فقدي .

مازن لبابيدي
27-09-2011, 02:58 PM
الكاتبة المبدعة صابرين الصباغ
لم أقرأ وصفا بهذه الروعة وهذه البلاغة اللغوية التصويرية البيانية لهذا المرض وما تعانيه المرأة منه في نفسها وأسرتها .
أخوك طبيب وأعرف مرتين ما تقصدين بكل كلمة قلتها .
أمام هذا الإبداع لا أملك أن أخفي شيئا من إعجابي بالنص والكاتبة .
أسأل الله أن يعافيك من كل سوء
ولك وافر التقدير والتحية

كاملة بدارنه
27-09-2011, 07:18 PM
فقدان عضو من أعضاء الجسم مأساة ربّما لا يدركها سوى من ابتلاه الله بهذا الابتلاء. وهو من أصعب المواقف التي يواجهها المرء جسديّا ونفسيّا... لقد رأيت وكنت قريبة لفترة ليست بقليلة من أناس كثيرين وبأجيال مختلفة، تعرضوا لحالات بتر أعضاء، وكان صوت أنينهم، ونظراتهم المحدّقة المتحسّرة في الشّاش الذي يلفّ مكان الجرح يؤرّق مضجعي ليلا، ولا أخفي عليك أنّه لا يزال للأنين صدى يتردّد في أذنيّ، والرّائحة الغريبة تزكم أنفي رغم مرور سنوات طويلة... وأعتبر تلك الأيام التي قضيتها بينهم من أصعب أيّام حياتي!
لقد كتبت أستاذي بقلم ينزف الألم بصدق، ولغة معبّرة، وواصفة بدقّة لما يمكن أن تمرّ به امرأة تشعر أنّها فقدت نصف أنوثتها، ولا أحد يدري بوجعها سوى ربّ العالمين،لذا، فتحمّل مثل هذا الابتلاء ليس سهلا، والصّبر عليه له أجر عظيم.
رائعة قصّتك أخت صابرين رغم الوجع الذي تنثّه الكلمات...
تقديري وتحيّتي

ربيحة الرفاعي
28-09-2011, 03:59 AM
الرائعة صابرين الصباغ

لا شك أن وصف الصراع النفسي الذي ينشأ عن فقد بهذا الحجم يحتاج لأديب متمرس وأداء أدبي احترافي، وقد ركبت بمهارة هذا المركب الصعب، ونجحت في حمل المتلقي على استشعار نبضها وتتابع أنفاسها وحيرة عينيها تتصيدان النظرات وتغوصان وراء العيون لقراءة معاني الاشفاق تصفعها وتعذبها.

كنت هنا أديبة بامتياز، وسرقت بروعتك الأضواء من بطلة قصتك
وكنا نقرأك بانبهار


تحيتي

آمال المصري
28-09-2011, 11:10 PM
جاءت الصورة هنا ترجمة لحالة حية لايقدر على وصفها بتلك الدقة إلا البطلة التي قبعت تحت تأثير الفقد
حيث كان الغوص عميقا جدا داخل هذه النفس البشرية التي قاطعت المرآة التي تعري مالايراه الآخرون
نص بديع رغم كم الإيلام جعلني أتابع بانبهار
أستاذتي الكبيرة صابرين ...
أرفع قبعة الإعجاب لتلك المقدرة الفذة على الوصف والتصوير
دمت بخير وعافية
محبتي والورد

صابرين الصباغ
30-09-2011, 03:18 PM
الكاتبة المبدعة صابرين الصباغ
لم أقرأ وصفا بهذه الروعة وهذه البلاغة اللغوية التصويرية البيانية لهذا المرض وما تعانيه المرأة منه في نفسها وأسرتها .
أخوك طبيب وأعرف مرتين ما تقصدين بكل كلمة قلتها .
أمام هذا الإبداع لا أملك أن أخفي شيئا من إعجابي بالنص والكاتبة .
أسأل الله أن يعافيك من كل سوء
ولك وافر التقدير والتحية


دكتور مازن
ولأنك تدرك حال الأسرة البيضاء وأنينها
فقد أثلج صدر نصي وصدري مرورك البهى
أسأل الله العفو والعافية لك ولي وللجميع إن شاء الله
تحية تليق

ماهر يونس
03-10-2011, 01:12 AM
أخيتي الصابرين..
لن أخفيك يا أم بأنني جئت وذهبت من هنا تكرارا..ليس إني لم أجد ما أقوله بل عندي الكثير لأقوله..ترددي لأنه قد يغضبك ولكني قررت أن أقوله وأمري لربي..فاحذفي ناحيتي كل أواني مطبخك..
سيدتي الأنثى ..
لو كانت الأنوثة والرجولة بمقاييس هندسية..لكانت -عذرا- البقرة هي الأكثر أنوثة ولكان -عذرا أخرى- الحمار هو الأكثر رجولة!‎
الفقرة الأخيرة ليس أكثر من حساسية زائدة منك!
سامحي تطفلي الذي حدث رغم أنفي :010:

صفاء الزرقان
22-01-2012, 05:29 PM
استاذة صابرين

قصة حملت وجعاً و ألماً كبيراً جسدياً و نفسياً

عرضت جوانب أخرى لهذا الألم من خلال حديثها الداخلي

و عرض صورة الاشخاص من حولها و شعرت به بسبب نظراتهم .

قصة مؤلمة و صادقة و لغة رائعة
تحيتي و تقديري

محمد ذيب سليمان
22-01-2012, 06:16 PM
كنت في قمة الروعة في نسج وتصوير الحدث
وبرعت ايضا في تصوير الحالة النفسية والحسية

شكرا للإبداع

وليد عارف الرشيد
20-09-2012, 01:17 PM
نص مدهش رغم الوجع أجدت مبدعتنا فيه الوصف باقتدار
أثر بي النص كثيرا لأنني كنت يومًا بموقف زوجك أسعى لاستيعاب صدمتها ومداراة ألمها وإقناعها بأن فقد عضوٍ لم يكن ليلغي أيًا من موقعها وخصوصية وجودها الروحي العاطفي الأسمى من كل التفاصيل .. ووجدتها بحمد الله بعد أن تجاوزنا الأزمة تقول بفرح : الحمدلله سبقني بعضي إلى الجنة إن شاء الله .
لك ولها ولكل المرضى الشفاء والعافية والصبر على اليلاء
لك مودتي وتقديري على نص أكثر من رائع

ناديه محمد الجابي
20-09-2012, 10:30 PM
بلغة رائعة وسرد فريد عبرت عن تجربة مؤلمة مرت بها الكثيرات
بعد إنتشار هذا المرض اللعين .. وإن كان تركيزك فى القصة على
البتر والحالة النفسية المصاحبة لهذا الفقد , ولقد أجدت وأبدعت فى
طريقة التعبير والوصف والتصوير الدقيق لإيضاح الفكرة .
وهذا الشعور بالفقد هو أول مرحلة تمر بها المريضة بينما المرحلة
التالية فى رأى هى الأصعب والأشد إيلاما .. وهى مرحلة العلاج
وفى هذة المرحلة تنسى المريضة مافقدت وأهميته وبالصبر وقوة
الأيمان وبمساندة من حولها وحبهم تجتاز هذة المرحلة التى أعتبرها
أصعب تجربة ممكن أن يمر بها إنسان ..
عافانا الله وإياكم وشفى جميع مرضى المسلمين .
أمتعتنى أيتها الأديبة الممتلكة لنواص اللغة ومفرداتها لإيصال الفكرة
مبهرة قصتك ــ بديعة لغتك ـ تحية لقلمك المسكون بالروعة .

نداء غريب صبري
09-05-2013, 12:06 AM
كلما قرأت هذه القصة عاودتني الدموع وخرجت دون رد

اليوم سأضع توقيعي يشهد اني كنت هنا
وصفقت كثيرا

شكرا لك أختي

بوركت

د. سمير العمري
23-04-2014, 05:46 PM
تصوير أدبي فني ولا أروع ، وأسلوب مميز ومدهش في الرصد والقصد ولو كان بعض قليل جدا في بعض مواضع قليلة لم يهبط قليلا عن مستوى بقية النص المذهل لكان ربما أجمل ما قرأت في فن القصة القصيرة.

أنت أديبة مبدعة استطاعت ترجمة كل الحالة النفسية والاجتماعية لسرطان الثدي بشكل مدهش فلله درك!

تقديري

آمال المصري
30-03-2015, 01:05 AM
ربما لقربي من حالة مماثلة وجدت الوصف هنا دقيقا والشعور كما تفضلت به وأسلوب لايجيده سوى من تعايش مع الحالة
تصفيقي الحار أديبتنا البارعة صابرين لنقل تلك الصورة المأساوية عبر الحرف السامق
دام ألقك
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

خلود محمد جمعة
31-03-2015, 11:11 AM
وصف للحالة النفسية بدقة وعمق بسرد أخذنا الى أعماق البطلة فعشنا فيها ومعها وحولها
رائــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــعة
كل التقدير
بوركت