المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أم نابلسية



بشار عبد الهادي العاني
02-10-2011, 08:53 PM
سارة أم نابلسية , ضاعت من فوج الحجاج.
كان العلم لديها راية , يهدر خفاقا مواج .
والزحمة طاعون غادر ,
عربيد كالبحر الثائر..
إلا في ذاك الموقف ,
فهو رحمة .
فيض مشاعر.
وهو للأرواح غاية ,
للقلب دواء و علاج...
في عينيها الزرقاوين تسكن قصة ,
في شفتيها بسمة رضا ,
حمرة جوري آخاذ ,
بقايا غصة .
والنور يشع بطغيان ,
يعزف ترتيلاً الحان ,
لحن النصر القادم يوماً
من جبال قد تركتها ,
كانت للتاريخ بيان...
في (الصفا) قالت: يا أمي
هل شاهدت علم بلادي ؟؟
ابني الأصغرقد أشهره
كالسيف بزهو و عناد ,
لم يبقى سواه حراً ,
والباقي بسجن الأوغاد ..
ويلي لعلم قد ضيعني ,
وفي الماضي ضيع أولادي ,
لكنا نبقى نعشقه !
بشموخ طاغ نرمقه !
كفراش هام بنيران ,
كالصقر قد مل سحابة ,
واختار عذاب الأصفاد ..
صحبي وناسي ولوا عني ,
تركوني وحدي حائرة .
لا يؤنسني غير حيائي ,
وبسماتي و نسكي و دعائي ,
أخاف عليهم من طاغية ,
سموه القلق و الشفقة .
لن يعرف معظمهم أني
أرفل في أروقة الصمت .
تاجي من تبر الرضا ,
وعرشي سكوني و رجائي .
بالله عليك يا ولدي.
هل تقدر أن تأخذني
للمسكن و مكان المأوى ؟؟
علهم إن لمحوا طيفي ,
نسمة فرح قد تحضنهم ,
وهرير الآهات سيطوى.
صحبي منذ سنين ثكلى ,
والأمل خليل طلقهم ,
في جزر النسيان تركهم ,
والزاد حنين و أماني .
كسرة إيمان يابسة .
والماء أجاج منقوع .
من ريق الخيبة مصنوع .
وأنا لازلت على وعدي .
لله بان أبقى شمساً ,
تنير دهاليز اليأس ,
وتحض الصحب على الإيمان.
....
في ( المروة) وهممنا ندعو
لله ووجهتنا الكعبة.
انطلقت صرخات البهجة ,
والحمد وكلمات عذبة.
الصحب انطلقوا إلى (سارة)
فرحاً و اشتعلت أحضان.
وقفت باسقة تسألهم :
(منها ينطلق شعاع يقين ,
وهج حنان بل بدر حنان )!
أين رايتنا المرفوعة ؟
وسواعد ولدي و الخلان ؟.
الولد الأصغر باستحياء ,
وعيون ترتشف الدمعة :
كلت يداي يا أماه !
فأنزلت العلم قليلا ..
والتعب شديد يا آماه !..
كسراج قد ذاب فتيله ..!
نظرت سارة لأول مرة
نظرة غضب و استنكار.
وبنبرة رصين و حكيم ,
وعتاب محب ووقار:
يا ولدي
يا حبي و فلذة كبدي ,
من يتعب من حمل لوائه ,
إلا الخاسر و المنهار ؟؟؟!
ربيتك أن تبقى دوما ,
شبلاً صلداً كالأحجار ..
وتغب من عطر الراية ,
رحيق الفخر و الإكبار.
إن ناءت يداك بحمله ,
من يحمله يا للعار ؟!
اذهب و اسأل إخوتك .
هل كلوا يوماُ أو ملوا ؟
هل القيد الدامي أرهقهم ؟
أو السجن المظلم علمهم ؟
أن يختاروا بين الراية
اوبين عيش الأحرار؟.
........
سارة تودعني شاكرةً ,
تلوح لي , والشكر دعاء .
رسمت في الجو إشارة نصر,
لمعت كنجم سهيل في الأرجاء .
والعلم رجع مرفوعاً يخفق
قد ظلل سارة ,
وانطلق شعاع من فوقه ,
يزهو بفخر و خيلاء !!
لعله ضحكة سارة ؟
أوبشرى بقدوم الفجر!
من رحم الأم الصابرة ,
من ساعد أولاد رووا ,
أرضا بدماء أو أشلاء...

(التقيتها أثناء فريضة الحج , كانت تشع نوراً وبهاءً , وكانت تلك القصة)

صفاء الزرقان
02-10-2011, 11:40 PM
كبيرةٌ تلك المرأة التي تحمل هذه الروح الثائرة المُجاهدة
و جميلةٌ قصتها . رؤية نساءٍ مثلها تشحن الأرواح و القلوب وتبعث فيها العزيمة
والقوة .
"أوبشرى بقدوم الفجر!
من رحم الأم الصابرة ,
من ساعد أولاد رووا ,
أرضا بدماء أو أشلاء..." هي البشرى
باقتراب ذلك الفجر في القريب العاجل
ان شاء الله تعالى .

تحيتي وتقديري

بشار عبد الهادي العاني
05-10-2011, 08:26 PM
كبيرةٌ تلك المرأة التي تحمل هذه الروح الثائرة المُجاهدة
و جميلةٌ قصتها . رؤية نساءٍ مثلها تشحن الأرواح و القلوب وتبعث فيها العزيمة
والقوة .
"أوبشرى بقدوم الفجر!
من رحم الأم الصابرة ,
من ساعد أولاد رووا ,
أرضا بدماء أو أشلاء..." هي البشرى
باقتراب ذلك الفجر في القريب العاجل
ان شاء الله تعالى .

تحيتي وتقديري


كانت تشد الناس ببهائها , تشحنهم بجرعة إيمانية , لن أنساها ما حييت ,لأني واثق من أن هذه النوعية من النساء هي مفتاح النصر ونبع الإباء.
شكري وتقديري لمروركم أيتها الفاضلة.

ربيحة الرفاعي
25-05-2014, 10:07 PM
هنا قرأت نبض بشار البدوي العاني
وهنا رأيت المعاني السامية التي ترتبط به في كلها
لكني لم أعثر على حرفه الذي أعرف

أمنا الأم النابلسية سارة فهنيئا لها أن احتوت قصتها حروفك لتحكيها

دمت بروعتك أيها المائز

تحاياي

خلود محمد جمعة
27-05-2014, 06:31 AM
نبضت الحروف بالروعة لتغرقنا في بحر من الجمال
توشحت الكلمات بروح الإيمان والوطنية لتصل الينا سلسبيلا
دام الحرف بنكهة نابلسية
مودتي وتقديري

مازن لبابيدي
27-05-2014, 12:44 PM
كم لعب بي هذا النص ، بين شعر ونثر وقص

مزج وربط موفقان وذوا مغزى عميق بين القضية والحج والمناسك والكفاح والراية ، بلغة ثرية بليغة الوصف .

أحييك أخي الحبيب بشار العاني بنبضك النقي .

مودتي وتقديري

فاطمه عبد القادر
29-05-2014, 12:04 AM
لكنا نبقى نعشقه !
بشموخ طاغ نرمقه !
كفراش هام بنيران ,
كالصقر قد مل سحابة ,
واختار عذاب الأصفاد

السلام عليكم
(( شعب الجبارين ))
مقولة صادقة ,
من كان له قضية يؤمن بها ,سيظل طول العمر يقرع أبوابها بعناد الجبارين .
نثرية رائعة,, دمجت ما بين الشعر والنثر والقصة .
شكرا لك أخي على مشاعرك الجميلة تجاه الدين والوطن .
ماسة

نداء غريب صبري
21-07-2014, 05:46 PM
هل كانت هذه النثرية تحاول أن تأتي شعرا ؟
أظن ذلك فقد كان الشعر يفرض نفسه فيطرده أخي الشاعر

مؤثر جدا وعظيم هذا النص

شكرا لك أخي

بوركت

كاملة بدارنه
26-07-2014, 02:50 PM
سارة تودعني شاكرةً ,
تلوح لي , والشكر دعاء .
رسمت في الجو إشارة نصر,
لمعت كنجم سهيل في الأرجاء .
والعلم رجع مرفوعاً يخفق
قد ظلل سارة ,
وانطلق شعاع من فوقه ,
يزهو بفخر و خيلاء !!
لعله ضحكة سارة ؟
أوبشرى بقدوم الفجر!
من رحم الأم الصابرة ,
من ساعد أولاد رووا ,
أرضا بدماء أو أشلاء...
وداع غير اعتياديّ وحتما سيبشّر بقدوم الفجر!
نثر حكائيّ وشاعريّ ومضمون يعيشه القارئ ...
بوركت
تقديري وتحيّتي

د.حسين جاسم
22-08-2014, 11:06 PM
هذا جميل وعميق جدا
وهذه الأم النابلسية التي التقيتها رائعة
والحرف أيضا
أحييك

ناديه محمد الجابي
27-06-2019, 07:47 PM
قصة نثرية، أو حكاية شعرية ـ وحج وراية وقضية
وامرأة ثورية نابلسية
نص هادف بسرد قصي شائق وروح وطنية
أحييك أخي بشار
لغتك راقية، وقصتك جميلة قوية.
:v1::001: