تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ختامها .. تبارك



عبد الله راتب نفاخ
14-10-2011, 06:42 PM
ختامها تبارك :

قصة واقعية ، سمعتها إذ أنا صغير
من بطلتها أم أحمد ، و عرفت بطلتها
الأخرى حق المعرفة ، فقد كانت
جدتي لأمي .

وضعت يدها على صدر صديقتها الممدد بلا حراك على السرير الحديدي، فيما عيناها تغرورقان بدموع أسىً غير متناه .
ما أصعبه موقفاً !! ، لم تكن تحتمل التفكير به ، فإذا بها اليوم تعيشه ، لم يكن ما بينهما صداقة فحسب ، بل أخوة ، رابطة عميقة لم تزدها الأيام إلا قوة و متانة ، علاقة راقية لا عنوان لها إلا الصفاء المطلق .
تحاملت على حزنها ، فتحت مصحفها العتيق محاولةً أن تكتم دموعها ، أو تداريها على الأقل ، قصدت سورة تبارك ، فلكم سمعت أن لهذه السورة بركة خاصة تنال من تقرَأ عليهم و لا سيما المرضى .
بدأت بالتلاوة فغاصت في بحر ذكريات ، في مسلسل أخذ يتداعى شيئاً فشيئاً لصداقتهما الطويلة العميقة ، منذ التقتا في أحد المساجد القديمة ، فهفت كل روح إلى أختها ، و طابق صفاء النفس في إحداهما صدق النية و الإخلاص في الأخرى ، فغُرست بذرة المحبة التي لم تحسبا أن الأيام ستحفظها كل هذه السنين .
باتتا على قلب واحد لم تؤثر فيه حوادث الحياة منذ ذلك اليوم ، أنجبتا الأولاد ، كبروا ، درسوا ، سافر بعضهم ، و عمل الآخرون في بلدهم ، لكنَّ ذلك الخيط النوري العجيب الرابط بين السيدتين لم ينقطع و لم يهن لأيٍّ من الأسباب ، بل طفق يشتد ، و أولادهما تصادقوا و تحابوا ، فغدت العلاقة أسرية لا شخصية .
آه يا خيرية ، لا تعلمين كم أعاني في هذه اللحظات ، قالتها أم أحمد و لم تظن أن صديقتها ستسمعها ، ففاجأتها يدها الشلاء ترتفع لتقبض على يدها و تشد عليها بقوة و دفء لم تحس بمثله يوماً .
نبتت العزيمة و الإصرار فجأة في صدرها ، فمسحت دموعها على عجل ، و أخذت في إكمال ما تبقى من السورة بحماسة و صوت مرتفع و هي تشد على يد صديقتها ، كأنها بذلك تشفيها مما هي فيه ، و خُيِّل إليها أنها حين تفرغ من التلاوة ستلقاها جالسة و قد تلاشى عنها كل مرض و ألم ، و عادت شابة فتية كما كانت حين التقتا قبل قريب من أربعين عاماً .
تابعت التلاوة و أمل عجيب يحدوها ، إحساس ملؤه اليقين أن نهاية هذا المرض ستكون مع نهاية السورة ، حتى وصلت إلى الآية الأخيرة فانفرجت أساريرها ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين ) .
حين أتمتها وجدت صدر صديقتها يسكن ، ثم ارتخت يدها التي كانت في يد أم أحمد ، و برد جسدها في لحظة ، فعمت الغرفة وحشة غريبة .
أرادت أم أحمد أن تصرخ ملء الكون ، لكن صرختها لم تخرج من فمها ، بل دوت في أنحاء جسمها النحيل فكادت تمزق أحشاءها .

ربيحة الرفاعي
14-10-2011, 08:25 PM
قصة انسانية ذكية الطرح تقتنص لحظة وداع كثيرا ما نمر بها بكل ما فيها من حزن وأحاسيس نابضة بكل المعاني، فلا تختزن منها حروفنا الكثير، وتوصيف طيب للراع الداخلي للبطلة

أرايت لو أنك وقفت عند قولك فعمت الغرفة وحشة غريبة
وجدت من بعد إذنك في رغبة ام أحمد بالصراخ وعجزها استطرادا بعد قفلة أختتم بها الموضوع بمهارة

ولو كان لي شرف أن أكون كاتبتها لقالت فقرتي الأخيرة

تابعت التلاوة حتى وصلت إلى الآية الأخيرة ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين )،بأمل عجيب يحدوها، وإحساس ملؤه اليقين أن نهاية هذا المرض ستكون مع نهاية السورة، وقبل أن تلتفت لتعانق بنظراتها الوجه الذي انتظرت أن تجده عاد مشرقا بالحياة، ارتخت اليد التي كانت في يدها وبرد الجسد فجأة فعمت الغرفة وحشة غريبة.

الممدد = أظنها المددة


تحيتي

صفاء الزرقان
14-10-2011, 11:42 PM
استاذ عبد الله قصةٌ انسانية
جميلة محملةٌ بهالةٍ من القداسة اضافاها
وجود القرآن الكريم من بدايتها حتى نهايتها .
قصتك قدمت حالةً نادرة الوجود من الصداقة و الارتباط الوثيق
بين امرأتين فهما قد اجتمعتا على الود و الإخاء و الحب و على الطاعة
و لم تجتمعا على شئٍ من متاع الدنيا الزائل .
تحيتي وتقديري

ماهر يونس
15-10-2011, 11:25 AM
الله يا عبدالله!
هي الساعة التي لا يقدمها ولا يؤخرها شيء..
أما عن سورة تبارك "الملك" فلها أسرارها وبركاتها..فهي التي تجادل ملائكة العذاب عن صاحبها في القبر، وهي التي تجادل عن صاحبها يوم الحساب.
هي الصديقة التي تفعل ما لا يفعله الأهل والمال والأحباب والأصحاب!
ولكنها ما يحفظه المرء في حياته لمماته..
أما للمحتضر فيستحب سورة ياسين وآية الكرسي وتلقين الشهادتين..
لم أفهم يا صاحبي لماذا ختامها تبارك هنا؟
فإن قصدت أن قوة العلاقة بين الصديقتين كانت بتبارك..ألا ترى بأنها خاتمة غريبة؟ فما زال على الصديقة حق ذكر صديقتها بالخير والدعاء لها بالرحمة وتفقد أحبابها وأهلها و و و و ..الموت ليس خاتمة فكيف تختمها تبارك؟
حيرتني وفي إنتظار شرحك
محبتي والتقدير

آمال المصري
02-03-2015, 10:01 PM
سرد شيق يركن إلى التصريح بموقف خالٍ من الرمزية يمر به الكثير وهو لحظة الوداع
وفقت أديبنا في نقل الصورة هنا ومع أ. ربيحة فيما أشارت إليه
دمت ببهاء وألق
ولك تحيتي الخالصة

خلود محمد جمعة
18-03-2015, 06:10 AM
لحظة وداع مؤلمة رسمها الكاتب ببساطة وجمال وإحساس
رابطة الروح هي من تجمع الاصدقاء
بوركت

رويدة القحطاني
14-06-2015, 12:22 AM
قصة إنسانية حملت الصورة الجميلة للارتباط الطاهر والصداقة الحقيقية

نداء غريب صبري
09-09-2015, 04:19 PM
يكون ارتباط الأصدقاء أقوى من ارتباط الأخوة في بعض الأحيان
أسلوب مؤثر ومشوق في رسم لحظة الوداع الأخير

شكرا لك أخي
بوركت

ناديه محمد الجابي
09-09-2015, 05:43 PM
إن الموت علينا حق ، ولكن فراق الأحبة صعب.
وليحسن الله ختامنا ويجمعنا مع الصالحين من أحبائنا.
قصة جميلة وتصوير معبر عن تآلف الأرواح الطيبة
أحييك على القص الجميل، وبراعة التعبير، والسرد الماتع.
تحياتي وتقديري. :001:

كاملة بدارنه
14-09-2015, 03:22 PM
قصّة حزينة مؤثّرة، وسرد سلس سهل الأسلوب
بوركت
تقديري وتحيّتي

عبد الله راتب نفاخ
27-09-2015, 02:45 PM
قصة انسانية ذكية الطرح تقتنص لحظة وداع كثيرا ما نمر بها بكل ما فيها من حزن وأحاسيس نابضة بكل المعاني، فلا تختزن منها حروفنا الكثير، وتوصيف طيب للراع الداخلي للبطلة

أرايت لو أنك وقفت عند قولك فعمت الغرفة وحشة غريبة
وجدت من بعد إذنك في رغبة ام أحمد بالصراخ وعجزها استطرادا بعد قفلة أختتم بها الموضوع بمهارة

ولو كان لي شرف أن أكون كاتبتها لقالت فقرتي الأخيرة

تابعت التلاوة حتى وصلت إلى الآية الأخيرة ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين )،بأمل عجيب يحدوها، وإحساس ملؤه اليقين أن نهاية هذا المرض ستكون مع نهاية السورة، وقبل أن تلتفت لتعانق بنظراتها الوجه الذي انتظرت أن تجده عاد مشرقا بالحياة، ارتخت اليد التي كانت في يدها وبرد الجسد فجأة فعمت الغرفة وحشة غريبة.

الممدد = أظنها المددة


تحيتي

والله غلبتني أستاذتي ولم أملك من بعدكم رداً
جزيتم كل خير

عبد الله راتب نفاخ
27-09-2015, 02:47 PM
استاذ عبد الله قصةٌ انسانية
جميلة محملةٌ بهالةٍ من القداسة اضافاها
وجود القرآن الكريم من بدايتها حتى نهايتها .
قصتك قدمت حالةً نادرة الوجود من الصداقة و الارتباط الوثيق
بين امرأتين فهما قد اجتمعتا على الود و الإخاء و الحب و على الطاعة
و لم تجتمعا على شئٍ من متاع الدنيا الزائل .
تحيتي وتقديري

نعم القراءة أستاذتي
جزاكم الله كل خير
دمتم بكل الود