عمار الزريقي
29-10-2011, 11:27 AM
بطالة إبليس
تَثَاءَبَ مَخْذُولاً عَلَى هَامِشِ النّجْوَى=كَمَا يَقْرَأُ النّسْيَانُ ظَرْفاً بلا فَحْوَى
وَأَطْلَقَ مِنْ أَقْصَى أَقَاصِيْهِ زَفْرَةً :=لَقَدْ أَوْرَثَتْنِي عَيْلَةً مِهْنَةُ الإغْوَا
أُفَتّشُ إِنْسَانِيّةَ النّاسِ ذَاهِلاً=فَأَلْقَى فُؤَادِي وَحْدَهُ سِدْرَةَ التّقْوَى
شَيَاطِينُ هَذِي الأرْضِ قَطْعاً تَفَوّقُوا=وصَارَ وُجُودِي بَيْنَهُمْ فَاقِدَ الجَدْوَى
أَلِيْ بَيْنَهُمْ شُغْلٌ؟! هُرَاءٌ، وَظِيْفَتِي=غَدَتْ في مَهَبّ الرّيحِ ، ما هَذِهِ البَلْوَى؟!
تَطَوّرَ مَفْهُومُ الغِوَايَةِ هَاهُنا=فَأَيْقَنْتُ أَنّي لَمْ أَعُدْ بَيْنَهُمْ كُفْوَا
وأَصْبَحَ عِلْماً مَارِقاً عَنْ أُصُولِهِ=بِآلِيّةٍ أَهْدَى ونازِيّةٍ أَهْوَى
وشَرْعِيّةٍ لَمْ يُؤْتَ إِبْلِيسُ مِثْلَهَا=ولا راقَبَتْ يَوْماً صَنادِيقَهَا حَوّا
**=*
أَنَا حَائِرٌ مِنْ أَيّ وَجْهٍ سَأَبْتَدِي=وأَيّ قُوَى الطّغْيَانِ يَسْتَضْعِفُ الأَقْوَى؟
وأَيّ مَعَانِي الرّشْدِ أَهْدَى ضَلالةً=وأَيّ جِهَاتِ الغَيّ مِنْ أَيّهَا أَغْوَى؟
سَأَقْصُدُ هَذَا الدّارَ ذَا القُبّةِ الّتِي=تَكَادُ تَقُدّ الضّوْءَ أَحْجَارُهَا زَهْوا
إِلَيْهِ فُضُولِي كَانَ يَقْتَادُ خُطْوَتِي=وطَيْفُ يَقِيْنٍ فِيّ يَسْتَثْقِلُ الخَطْوَا
هُنا مَجْلِسُ النّوّابِ ، عِمْتُمْ ضُحَىً، أَنَا=رَسُولُ النّوَايَا البِيْضِ مِنْ هَيْئَةِ الطّغْوَى
تَفَضّلْ ، وكَانُوا دُوْنَ تِسْعِينَ شَارِباً=ثِخَاناً، ووَحْدِي كُنْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ نِضْوَا
وأَطْرَقْتُ حَتّى حاصَرَتْنِي بِمَقْعَدِي=وُجُوهٌ مِنْ الإسْفَلْتِ تُغْوِي ولا تُغْوَى
وقَدْ هَالَنِي مِعْشَارُ ما في ضَمِيْرِهِمْ=مِنْ الزّورِ والتّضْلِيلِ والإثْمِ والعُدْوا...
تَخَشّبَ في حَلْقِي لِسِانِي ، ومَنْطِقِي=لأوّلِ يَوْمٍ صَارَ يَسْتَحْسِنُ الّلغْوَا
لأنّ أَكَادِيْمِيّتِي في مَقَامِهِمْ=غُثَاءٌ قَدِيمٌ في مِلَفّاتِهِ أَحْوَى
فَأَمْسَكْتُ عُكّازِي وأَزْمَعْتُ خَارِجَاً=وواللهِ مَا أَدْلَيْتُ في بِئْرِهِمْ دَلْوَا
**=*
شَكَوْتُ إِلى المَشْفَى صُدَاعاً أَلَمّ بي=وَعِنْدَ خُرُوجِي أَصْبَحَتْ صِحّتي أَسْوَا
مُرُوراً على قِسْمِ الطّوَارِيْ وَجَدْتُ مَا=يَشِيْبُ لَهُ الوِلْدَانُ مِنْ أَبْشَعِ الأَدْوَا
زَبَائِنُهُ المَرْضَى يَمُوتُونَ عُسْرَةً=ومُخْتَبَرَاتٌ فَيْهِ تَسْتَثْمِرُ العَدْوَى
خَرَجْتُ ونِصْفِي مَيّتٌ في حَقِيبتي=ونِصْفٌ مُصابٌ يَنْشُدُ الصّبْرَ والسّلوا...
ومَن لم يَمُتْ بِالدّاءِ ماتَ بِحُقْنةٍ=ومَن ذاقَ مُرّ العَيْشِ ذاقَ الرّدى حُلوا
**=**
سَأَطْرُقُ أَبْوَاباً وأَطْوِي شَوَارِعاً=وأَتْرُكُ هَذَا البَحْرَ في غَزْوَتِي رَهْوَا
وإِنْ كَانَ لا يَبْدو لِيَ الأَمْرُ مُقْنِعاً=ولكنّما الإفْسَادُ لِيْ غَايَةٌ قُصْوَى
وفي بابِ سوقِ العدلِ أَلْفَيْتُ قَاضِياً=بـ(2000) يَقْضِي دُوْنَ أَنْ يَسْمَعَ الدّعْوَى
**=**
تَوَجّهْتُ نَحْوَ القَصْرِ أَجْتَرّ خَيْبَتِي=أَنُوْءُ بِأَسْفَارِي وَأَجْأَرُ بِالشّكْوَى
عَسَى هَاهُنَا أَنْ يَقْضِيَ اللهُ حَاجَتِي=وَأَظْفَرَ بِالمَطْلُوبِ في آخِرِ المَثْوَى
فَأَبْصَرْتُ كَهْلاً رَأْسُهُ عِنْدَ فَخْذِهِ=وَعَيْنَاهُ تَبْتَزّانِ زُوّارَهُ عَدْوَا
يَصِيحُ بِأَعْلَى الصّوْتِ إنّي إِلَهُكُمْ=ويَضْرِبُ طَبْلاً وَهْوَ مِنْ طَبْلِهِ أَخْوَى
فَخَامَتُهُ مَثْقُوبَةٌ مِنْ قَذَالِهَا=وأَهْدَابُهُ في الصّحْوِ لا تَعْرِفُ الصّحْوَا
يَصُبّ كُئُوساً مِنْ دِمَاءٍ ويَحْتَسِي=ومِنْ حَوْلِهِ حَشْدٌ مِنَ الأُمّةِ النّشْوَى
**=**
سَأَقْصُدُ سُوقاً خَامِسَاً عَلّ سِلْعَتِي=تَرُوجُ وأَلْقَى بَعْدَهَا المَنّ والسّلْوَى
هُنَا مَجْلِسُ الشّورَى ، صَبِيٌّ أَشَارَ لِيْ=يَسَاراً، تَرَى مِنْ خَلْفِ أَسْوَارِهِ بَهْوَا
أَلا تَبّ هَذا الدّارُ قَصْدَاً دَخَلْتُهُ=فَأَخْرَجَنِي فِي فَرْثِ أَحْشَائِهِ عَفْوَا
خَرَجْتُ ورَأْسِي دُونَ رَأْسِي، ولِحْيَتِي=مُمَرّغَةٌ في لَحْظَةٍ تُشْبِهُ الفَسْوَا
وفي جَبْهَتِي آثَارُ رَفْسٍ وفي فَمِي،=وذاكِرَتِي كَالأَرْضِ مَدْحُوّّةٌ دَحْوَا
**=*
إِلَى الهَيْكَلِ الصّخْرِيّ هَذا الّذِي أَرَى=أَمَامِي لَعَلِّي عِنْدَهُ أَبْلُغُ الرّجْوَى
سَأَسْأَلُ ذَا الشّرْطِيّ مَا هَذِه البُنَى؟=- قِيَادَةُ أُمِّ الجَيْشِ في ذَلِكَ المَحْوَى
وفَاجَأَنِي أَدْهَى لُصُوصٍ عَرَفْتُهُمْ=مِنَ القَائِدِ الأَعْلَى إِلَى الحَارِسِ البَوّا...
فَقَدْ فَتّشُوا أَخْفَى مَسَامِي وَأَوْغَلُوا=بِسِرْوَالِي السِّرِّيِ واسْتَمْرَأُوا السّطْوَا
وقَدْ كَسّرُوا نَظّارَتِي ثُمّ قَرّرُوا=خُرُوجِي عَلَى آثَارِ أَقْدَامِهِمْ حَبْوَا
وبَعْدَ اعْتِقَالِي وَظّفُونِي مُراسِلاً=أَقُصّ إِلَى بِلْقِيْسَ عَنْ مَا نَوَتْ أَرْوَى
**=*
أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ مِنْ آدَمِيّةٍ=رَمَتْ تَحْتَ عَيْنِ الشّمْسِ أَخْلاقَهَا سَهْوَا
ومِنْ شَرِّ حُكّامٍ غِلاظٍ بِلا هُدَىً=يَثُورُونَ مِنْ أَعْلَى وَيُرْدُونَ بِالفَتْوَى
أَمَا هَذِه الأَرْضُ الّتِي قِيْلَ إِنّهَا=قَدِيْمَاً حَوَتْ فِي سَفْحِهَا جَنّةَ المَأْوَى؟
فَمِنْ أَيِّ بَابٍ جَاءَهَا رِيْحُ نَحْسِهَا=لِيَرْكُضَ فِيْهَا المَوْتُ كَالنّاقَةِ العَشْوَا
إِذَا (بَنْشَرَ) القَانُونُ فِي أَيِّ دَوْلَةٍ=هَوَتْ واسْتَبَدّتْ بَعْدَهُ سَطْوَةُ الأَهْوَا
**=**
إلى ساحةِ التّغييرِ واصلتُ جَولَتي=فَرَحّبَ بي ثُوّارُها فَوقَ مَا أَهْوَى
تَحِيّتُهمْ : ( حَيّا بهم ) كُلّما أتى=غريبٌ، وضمّوا بينَ أطيافِهِم صِنوا
نَصَبْتُ بِأَعلى شارعِ العدلِ خَيْمَتي=بلا أيّ تَرْخِيصٍ، فسبحانَ من سوى!
ولَمْ ألقَ شُغْلاً ثَمّ إلا بَطَالَتِي؛=فَأَمْضَيتُ شَهْراً أَمضغُ القاتَ والّلهوا
تَعَلّمْتُ فيها – يا لَحَظّ الغريبِ – مِن=تقاليدِهِم أشياءَ لا تقبلُ المَحْوَا
وأبصرتُ نُوّابِي مِن الإنسِ، ثلةٌ=بلا اسمٍ، وأخرى باسمِ مجموعةِ الإخوا...
يُؤدّونَ شُغلي باحترافٍ مُمَنهجٍ؛=فقد يصنعون السّمَُّ في قالبِ الحلوى
ولما أحَسّوا بي رموني بِحِدّةٍ،=وشنّوا على برنامجي حملةً شعوا
**=*
بدأتُ أضيقُ الآنَ جهلاً بما هنا=رأيتُ ، وناءت بي على كاهلي الأنوا
فما جئتُ إلا كي أُكَهْرِبَ جَوّكم؛=وقد كَهْرَبَتْنِي عُنْوةً هذِهِ الأجوا
وكنتُ أناديكم إلى النارِ، إنما=غدوتُ بنفسي تحتَ نيرانِكم أُكْوَى
فشكراً لكم.. شكراً جزيلاً لأنكم=غَسَلْتُم دماغي واعْتَنَيْتُم به طهوا
ومِنْ فَضْلِكُم أدركتُ كَمْ كنتُ ساذجا،=وكم كانَ رأسي قبلَ أيّامِكُم رَخْوا
وكانَتْ حروفُ الجَرّ تحشو فراغَهُ=وأسماءُ الاستفهامِ تطفو به طفوا
وقد كنتُ أروي حولَ نَظْمِ ابنِ مالكٍ=ثمانينَ شرحاً توجزُ الصرفَ والنحوا
وبالرغمِ مِنها لمْ أَقُلْ قَطّ جملةً=خَلَتْ مِن زُحافِ القبضِ واللّحنِ والإقوا
**=*
هُنا حيثُ كانَ البدءُ أُنهي مهمّتي=وأطوي كتابي عاجلاً قبلَ أن يُطوى
أنا راحلٌ مهما أَلَحّتْ مفاصلي=لأبقى، ومهما صوتُ شرعيّتي دوّى
ألا إن بعد العُسرِ يُسرا، فلا تَهِنْ،=ومن رَحِمِ الإظلامِ قد تولدُ الأضوا
**=**
صنعاء -21 / أكتوبر 2011م
تَثَاءَبَ مَخْذُولاً عَلَى هَامِشِ النّجْوَى=كَمَا يَقْرَأُ النّسْيَانُ ظَرْفاً بلا فَحْوَى
وَأَطْلَقَ مِنْ أَقْصَى أَقَاصِيْهِ زَفْرَةً :=لَقَدْ أَوْرَثَتْنِي عَيْلَةً مِهْنَةُ الإغْوَا
أُفَتّشُ إِنْسَانِيّةَ النّاسِ ذَاهِلاً=فَأَلْقَى فُؤَادِي وَحْدَهُ سِدْرَةَ التّقْوَى
شَيَاطِينُ هَذِي الأرْضِ قَطْعاً تَفَوّقُوا=وصَارَ وُجُودِي بَيْنَهُمْ فَاقِدَ الجَدْوَى
أَلِيْ بَيْنَهُمْ شُغْلٌ؟! هُرَاءٌ، وَظِيْفَتِي=غَدَتْ في مَهَبّ الرّيحِ ، ما هَذِهِ البَلْوَى؟!
تَطَوّرَ مَفْهُومُ الغِوَايَةِ هَاهُنا=فَأَيْقَنْتُ أَنّي لَمْ أَعُدْ بَيْنَهُمْ كُفْوَا
وأَصْبَحَ عِلْماً مَارِقاً عَنْ أُصُولِهِ=بِآلِيّةٍ أَهْدَى ونازِيّةٍ أَهْوَى
وشَرْعِيّةٍ لَمْ يُؤْتَ إِبْلِيسُ مِثْلَهَا=ولا راقَبَتْ يَوْماً صَنادِيقَهَا حَوّا
**=*
أَنَا حَائِرٌ مِنْ أَيّ وَجْهٍ سَأَبْتَدِي=وأَيّ قُوَى الطّغْيَانِ يَسْتَضْعِفُ الأَقْوَى؟
وأَيّ مَعَانِي الرّشْدِ أَهْدَى ضَلالةً=وأَيّ جِهَاتِ الغَيّ مِنْ أَيّهَا أَغْوَى؟
سَأَقْصُدُ هَذَا الدّارَ ذَا القُبّةِ الّتِي=تَكَادُ تَقُدّ الضّوْءَ أَحْجَارُهَا زَهْوا
إِلَيْهِ فُضُولِي كَانَ يَقْتَادُ خُطْوَتِي=وطَيْفُ يَقِيْنٍ فِيّ يَسْتَثْقِلُ الخَطْوَا
هُنا مَجْلِسُ النّوّابِ ، عِمْتُمْ ضُحَىً، أَنَا=رَسُولُ النّوَايَا البِيْضِ مِنْ هَيْئَةِ الطّغْوَى
تَفَضّلْ ، وكَانُوا دُوْنَ تِسْعِينَ شَارِباً=ثِخَاناً، ووَحْدِي كُنْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ نِضْوَا
وأَطْرَقْتُ حَتّى حاصَرَتْنِي بِمَقْعَدِي=وُجُوهٌ مِنْ الإسْفَلْتِ تُغْوِي ولا تُغْوَى
وقَدْ هَالَنِي مِعْشَارُ ما في ضَمِيْرِهِمْ=مِنْ الزّورِ والتّضْلِيلِ والإثْمِ والعُدْوا...
تَخَشّبَ في حَلْقِي لِسِانِي ، ومَنْطِقِي=لأوّلِ يَوْمٍ صَارَ يَسْتَحْسِنُ الّلغْوَا
لأنّ أَكَادِيْمِيّتِي في مَقَامِهِمْ=غُثَاءٌ قَدِيمٌ في مِلَفّاتِهِ أَحْوَى
فَأَمْسَكْتُ عُكّازِي وأَزْمَعْتُ خَارِجَاً=وواللهِ مَا أَدْلَيْتُ في بِئْرِهِمْ دَلْوَا
**=*
شَكَوْتُ إِلى المَشْفَى صُدَاعاً أَلَمّ بي=وَعِنْدَ خُرُوجِي أَصْبَحَتْ صِحّتي أَسْوَا
مُرُوراً على قِسْمِ الطّوَارِيْ وَجَدْتُ مَا=يَشِيْبُ لَهُ الوِلْدَانُ مِنْ أَبْشَعِ الأَدْوَا
زَبَائِنُهُ المَرْضَى يَمُوتُونَ عُسْرَةً=ومُخْتَبَرَاتٌ فَيْهِ تَسْتَثْمِرُ العَدْوَى
خَرَجْتُ ونِصْفِي مَيّتٌ في حَقِيبتي=ونِصْفٌ مُصابٌ يَنْشُدُ الصّبْرَ والسّلوا...
ومَن لم يَمُتْ بِالدّاءِ ماتَ بِحُقْنةٍ=ومَن ذاقَ مُرّ العَيْشِ ذاقَ الرّدى حُلوا
**=**
سَأَطْرُقُ أَبْوَاباً وأَطْوِي شَوَارِعاً=وأَتْرُكُ هَذَا البَحْرَ في غَزْوَتِي رَهْوَا
وإِنْ كَانَ لا يَبْدو لِيَ الأَمْرُ مُقْنِعاً=ولكنّما الإفْسَادُ لِيْ غَايَةٌ قُصْوَى
وفي بابِ سوقِ العدلِ أَلْفَيْتُ قَاضِياً=بـ(2000) يَقْضِي دُوْنَ أَنْ يَسْمَعَ الدّعْوَى
**=**
تَوَجّهْتُ نَحْوَ القَصْرِ أَجْتَرّ خَيْبَتِي=أَنُوْءُ بِأَسْفَارِي وَأَجْأَرُ بِالشّكْوَى
عَسَى هَاهُنَا أَنْ يَقْضِيَ اللهُ حَاجَتِي=وَأَظْفَرَ بِالمَطْلُوبِ في آخِرِ المَثْوَى
فَأَبْصَرْتُ كَهْلاً رَأْسُهُ عِنْدَ فَخْذِهِ=وَعَيْنَاهُ تَبْتَزّانِ زُوّارَهُ عَدْوَا
يَصِيحُ بِأَعْلَى الصّوْتِ إنّي إِلَهُكُمْ=ويَضْرِبُ طَبْلاً وَهْوَ مِنْ طَبْلِهِ أَخْوَى
فَخَامَتُهُ مَثْقُوبَةٌ مِنْ قَذَالِهَا=وأَهْدَابُهُ في الصّحْوِ لا تَعْرِفُ الصّحْوَا
يَصُبّ كُئُوساً مِنْ دِمَاءٍ ويَحْتَسِي=ومِنْ حَوْلِهِ حَشْدٌ مِنَ الأُمّةِ النّشْوَى
**=**
سَأَقْصُدُ سُوقاً خَامِسَاً عَلّ سِلْعَتِي=تَرُوجُ وأَلْقَى بَعْدَهَا المَنّ والسّلْوَى
هُنَا مَجْلِسُ الشّورَى ، صَبِيٌّ أَشَارَ لِيْ=يَسَاراً، تَرَى مِنْ خَلْفِ أَسْوَارِهِ بَهْوَا
أَلا تَبّ هَذا الدّارُ قَصْدَاً دَخَلْتُهُ=فَأَخْرَجَنِي فِي فَرْثِ أَحْشَائِهِ عَفْوَا
خَرَجْتُ ورَأْسِي دُونَ رَأْسِي، ولِحْيَتِي=مُمَرّغَةٌ في لَحْظَةٍ تُشْبِهُ الفَسْوَا
وفي جَبْهَتِي آثَارُ رَفْسٍ وفي فَمِي،=وذاكِرَتِي كَالأَرْضِ مَدْحُوّّةٌ دَحْوَا
**=*
إِلَى الهَيْكَلِ الصّخْرِيّ هَذا الّذِي أَرَى=أَمَامِي لَعَلِّي عِنْدَهُ أَبْلُغُ الرّجْوَى
سَأَسْأَلُ ذَا الشّرْطِيّ مَا هَذِه البُنَى؟=- قِيَادَةُ أُمِّ الجَيْشِ في ذَلِكَ المَحْوَى
وفَاجَأَنِي أَدْهَى لُصُوصٍ عَرَفْتُهُمْ=مِنَ القَائِدِ الأَعْلَى إِلَى الحَارِسِ البَوّا...
فَقَدْ فَتّشُوا أَخْفَى مَسَامِي وَأَوْغَلُوا=بِسِرْوَالِي السِّرِّيِ واسْتَمْرَأُوا السّطْوَا
وقَدْ كَسّرُوا نَظّارَتِي ثُمّ قَرّرُوا=خُرُوجِي عَلَى آثَارِ أَقْدَامِهِمْ حَبْوَا
وبَعْدَ اعْتِقَالِي وَظّفُونِي مُراسِلاً=أَقُصّ إِلَى بِلْقِيْسَ عَنْ مَا نَوَتْ أَرْوَى
**=*
أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ مِنْ آدَمِيّةٍ=رَمَتْ تَحْتَ عَيْنِ الشّمْسِ أَخْلاقَهَا سَهْوَا
ومِنْ شَرِّ حُكّامٍ غِلاظٍ بِلا هُدَىً=يَثُورُونَ مِنْ أَعْلَى وَيُرْدُونَ بِالفَتْوَى
أَمَا هَذِه الأَرْضُ الّتِي قِيْلَ إِنّهَا=قَدِيْمَاً حَوَتْ فِي سَفْحِهَا جَنّةَ المَأْوَى؟
فَمِنْ أَيِّ بَابٍ جَاءَهَا رِيْحُ نَحْسِهَا=لِيَرْكُضَ فِيْهَا المَوْتُ كَالنّاقَةِ العَشْوَا
إِذَا (بَنْشَرَ) القَانُونُ فِي أَيِّ دَوْلَةٍ=هَوَتْ واسْتَبَدّتْ بَعْدَهُ سَطْوَةُ الأَهْوَا
**=**
إلى ساحةِ التّغييرِ واصلتُ جَولَتي=فَرَحّبَ بي ثُوّارُها فَوقَ مَا أَهْوَى
تَحِيّتُهمْ : ( حَيّا بهم ) كُلّما أتى=غريبٌ، وضمّوا بينَ أطيافِهِم صِنوا
نَصَبْتُ بِأَعلى شارعِ العدلِ خَيْمَتي=بلا أيّ تَرْخِيصٍ، فسبحانَ من سوى!
ولَمْ ألقَ شُغْلاً ثَمّ إلا بَطَالَتِي؛=فَأَمْضَيتُ شَهْراً أَمضغُ القاتَ والّلهوا
تَعَلّمْتُ فيها – يا لَحَظّ الغريبِ – مِن=تقاليدِهِم أشياءَ لا تقبلُ المَحْوَا
وأبصرتُ نُوّابِي مِن الإنسِ، ثلةٌ=بلا اسمٍ، وأخرى باسمِ مجموعةِ الإخوا...
يُؤدّونَ شُغلي باحترافٍ مُمَنهجٍ؛=فقد يصنعون السّمَُّ في قالبِ الحلوى
ولما أحَسّوا بي رموني بِحِدّةٍ،=وشنّوا على برنامجي حملةً شعوا
**=*
بدأتُ أضيقُ الآنَ جهلاً بما هنا=رأيتُ ، وناءت بي على كاهلي الأنوا
فما جئتُ إلا كي أُكَهْرِبَ جَوّكم؛=وقد كَهْرَبَتْنِي عُنْوةً هذِهِ الأجوا
وكنتُ أناديكم إلى النارِ، إنما=غدوتُ بنفسي تحتَ نيرانِكم أُكْوَى
فشكراً لكم.. شكراً جزيلاً لأنكم=غَسَلْتُم دماغي واعْتَنَيْتُم به طهوا
ومِنْ فَضْلِكُم أدركتُ كَمْ كنتُ ساذجا،=وكم كانَ رأسي قبلَ أيّامِكُم رَخْوا
وكانَتْ حروفُ الجَرّ تحشو فراغَهُ=وأسماءُ الاستفهامِ تطفو به طفوا
وقد كنتُ أروي حولَ نَظْمِ ابنِ مالكٍ=ثمانينَ شرحاً توجزُ الصرفَ والنحوا
وبالرغمِ مِنها لمْ أَقُلْ قَطّ جملةً=خَلَتْ مِن زُحافِ القبضِ واللّحنِ والإقوا
**=*
هُنا حيثُ كانَ البدءُ أُنهي مهمّتي=وأطوي كتابي عاجلاً قبلَ أن يُطوى
أنا راحلٌ مهما أَلَحّتْ مفاصلي=لأبقى، ومهما صوتُ شرعيّتي دوّى
ألا إن بعد العُسرِ يُسرا، فلا تَهِنْ،=ومن رَحِمِ الإظلامِ قد تولدُ الأضوا
**=**
صنعاء -21 / أكتوبر 2011م