مشاهدة النسخة كاملة : خمسون بسبعين
د. سمير العمري
29-11-2011, 03:07 PM
عَلَى قَابِ شَهْقَةٍ مِنْ أَنِينٍ ، وَلَهْفَةٍ بِدَمْعٍ سَخِينٍ ، تَطَاولَتْ تَحْتَ نَافِذَتِهَا تُرْهِفُ السَّمْعَ لِمَا يَدُورُ فِي صَحْنِ الدَّارِ.
- هَذَا كَثِيرٌ يَا أَبَا جَاسِرٍ ، أَثْمَانُ الأَرْضِ أَقَلُّ بِكَثيرٍ مِمَّا تَطْلُبُ. مِثْلُهَا لا يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ سِتَّينَ دِينَارًا.
- أَعْلَمُ أَثْمَانَ الأَرْاضِي ، لَكنَّ مَوقِعَ الأَرْضِ مُمَيَّزٌ وَأَنَا صَاحِبُهَا وَأُرِيدُ فِيهَا مَا قُلْتُ لكَ. مَائةُ دِينَارٍ لِلمِتْرِ.
- الأَرْضُ أَرْضُكَ وَلكَ أَنْ تُحَدِّدَ الثَّمَنَ الذِي تُرِيدُ وَلَكِنْ هَذَا كَثِيرٌ وَلَنْ تَجِدَ مَنْ يَدْفَعُ فِيهَا مَا تَطْلُبُ.
- اسْمَعْ! اِدْفَعْ تِسْعِينَ دِينَارًا وَأَنتَ الكَاسِبُ. هَذَا آخِرُ مَا عِنْدِي.
- بَلْ لنْ أَدْفَعَ أَكْثَرَ مِن سَبْعِينَ وَهَذَا آخِرُ مَا عِنْدِيَ!
- سَأَجِدُ مُشْتَريًا غَيرَكَ يُقَدِّرُ قِيمَةَ هَذِهِ الأَرْضِ.
خَفَقَ قَلْبُهَا بِشِدَّةٍ ، وَدَارَتْ فِي رَأْسِهَا أَفْكَارٌ سَرِيعَةٌ وَخَيَالاتٌ مُرِيعَةٌ لِمُسْتَقْبَلٍ مَجْهُولٍ. أَسْرَعَتْ نَحْوَ النَّافِذَةِ المُطِلَّةِ عَلَى الطَّرِيقِ.
- أَيُّهَا السَّيِّدُ!
- .....؟
- أَنَا هُنَا خَلْفَ النَّافِذَةِ. أَنَا أُمُّ جَاسِرٍ. هَلْ أَنْتَ جَادٌّ فِي شِرَاءِ الأَرْضِ؟
- كُلُّ الجَدِيَّةِ ، لَكِنَّ زَوْجَكِ غَالَى فِي الثَّمَنِ.
- لا عَلَيكَ ، سَأُعِينُكَ لِتَشْتَرِي الأَرْضَ بِسَبْعِينَ.
- ؟
- لا تَسْتَغْرِبْ. إِنَّ عِندِي عَشْرَةَ أَطْفَالٍ ، فَإِنْ وَافَقَكَ العَرْضُ كَانَ كُلٌّ مِنَّا عَونًا لِلآخَرِ عَلَى أَمْرِهِ.
- كَيفَ تُفَرِّطُ بِالأَرْضِ يَا رَجُلُ؟؟ هِيَ كُلُّ مَا تَبقَّى مِنْ إِرْثِ أَبِيكَ ضَمَانًا مِنْ غَوَائِلِ الدَّهْرِ.
- الضَّامِنُ هُوَ اللهُ! اغْرُبِي عَنْ وَجْهِي وَأَحْضِرِي لِيَ جَمْرًا وَقِطْعَةً أُخْرَى.
- قَطْعَةٌ أُخْرَى؟؟ لَمْ يَبْقَ شَيءٌ مِنْ هَذَا السُّمِّ ، بَلْ لَيسَ فِي البَيْتِ مَا يَكْفِي طَعَامًا.
- لا يَهمُّنِي ، مُوتُوا جُوعًا أَوْ اذْهَبُوا لِلجَحِيمِ. أُرِيدُ قِطْعَةً أُخْرَى فَابْحَثِي جَيِّدًا قَبْلَ أَنْ يُجَنَّ جُنُونِي.
- قُلتُ لَكَ لا يُوْجَدُ فِي البَيتِ حَتَّى الطَّعَامُ بَعْدَ أَنْ أَذْهَبْتَ كُلَّ المَالِ عَلَى هَذَا المُخَدِّرِ اللَعِينِ.
- صَهْ ، وَتَصَرَّفِي وَإِلا فَقَأتُ عَينَكِ!
- حَسْبِيَ اللهُ نِعْمَ الوَكِيلُ
جَاءَتْهُ بِإبْرِيقِ شَايٍ ثَقِيلٍ.
- أَعْلَمُ أَنَّكَ سَتَبِيعُ الأَرْضَ البَاقِيَةَ عَاجِلا أَمْ آجِلا ؛ فَرَجُلٌ عَاطِلٌ عَنِ العَمَلِ وَمُدْمِنٌ لِلمُخَدِّرِ لَنْ يَجِدَ خَيَارًا أَيْسَرَ. قَدْ بِعْتَ شَيئًا فَشَيئًا كُلَّ مَا وَرَثْتَ حَتَّى بِتْنَا جَوعَى لا مَالَ لَدَينَا ، وَلَقَدْ عَجزْتُ مَعَكَ أَنْهَاكَ عَنْ إِدْمَانِكَ وَاسْتِهْتَارِكَ حَتَّى أَصَابَنِي مِنْكَ فِي هَذَا قُنُوطٌ.
- قُلْتُ لَكِ أَلْفَ مَرَّةٍ أَلا تُزْعِجِينِي بِحَدِيثِكِ السَّخِيفِ هَذَا.
- لا بَأْسَ ، عِنْدِي حَدِيثٌ غَيرُ سِخِيفٍ مِمَّا سَيَطِيبُ لَكَ. بِعِ الأَرْضَ فَسَوفَ تَأْتِيكَ بِمَالٍ وَفِيرٍ يَكْفِيكَ وَيُكَيِّفُكَ.
رَمَقَهَا بِاسْتِغْرَابٍ وَاسْتِفْهَامٍ فَأَرْدَفَتْ:
- نَعَمْ ، أَنَا مُوَافِقَةٌ. لَيسَ أَمَامكَ غَيرَ هَذَا الحَلِّ ؛ فَبِعِ الأَرْضَ لِهَذَا الرَّجُلِ تُحَقِّقْ مُبْتَغَاكَ وَتَجِدْ مَا تَبْحَثُ عَنْهُ.
- وَلَكِنَّهُ يُرِيدُهَا بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَأَنَا لَنْ أَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ تِسْعِينَ.
حَكَّ أَنْفَهُ مُتَبَرِّمًا وَصَرَخَ بِهِيَاجٍ:
- يَا امْرَأَةُ! قُلْتُ لَكِ ابْحَثِي جَيِّدًا فَمَا عَادَ عِنْدِي مِنْ صَبْرٍ. ابْحَثِي هَيَّا وَإِلا فَقَأْتُ عَيْنَكِ.
رَمَقَتْهُ شَزْرًا وَقَدْ احْمَرَّتْ عَينَاهُ وَانْتَفَشَ شَعَرُهُ ثُمَّ قَالتْ بِاستِيَاءٍ:
- مِنْ ثَلاثِ لَيالٍ لا نَكَادُ نَأْكُلُ شَيئًا ، وَأَنْتَ بِعْتَ كُلَّ مَا وَصَلَتْ إِلَيهِ يَدُكَ فَمِنْ أَيْنَ؟؟
- أَكَادُ أُجَنُّ. لَيتَ هَذَا المُشْتَرِي يَعُودُ فَأَبِيعهُ الأَرْضَ بِالثَّمَنِ الذِي عَرَضَ.
تَرَكَتْهُ يَحُكُّ أَنْفَهُ وَيَشُدُّ شَعَرَهُ وَالتَفَتَتْ عَنْهُ تُفَكِرُ فِي الفُرْصَةِ التِي انْتَظَرَتْهَا لأسْبُوعَين وَأَعْمَلَتْ فِكْرَهَا فِي أَفْضَلِ تَصَرُّفٍ مُمْكِنٍ فَلا يَضِيعُ كُلُّ مَا أَمِلَتْ بِهِ.
- أَنَا أَعْرِفُ زَوْجَهُ فَهْل تُرِيدُنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَيهَا فَأُخْبِرَهَا بِمُوَافَقَتِكَ؟
- طَبْعًا طَبْعًا وَفِي التَّوِّ!
خَرَجَتْ إِلَى جَارَةٍ لَهَا تُسَلِّمُ عَلَيهَا وَتُشَارِكُهَا قَهْوَةً صَبَاحِيَّةً تَجْتَهِدُ لِتُخْفِيَ التَّوَتُّرَ البَادِي وَتَتَحَاشَى عُيُونَ جَارَتِهَا المُتَسَائِلَةَ حَتَّى مَرَّ مِنَ الوَقْتِ مَا يَكْفِي فَعَادَتْ.
- لَمْ يَقْبَلِ الرَّجُلُ إِلا بِخَمْسِينَ لِلمِتْرِ الوَاحَدِ وَسَيَدْفَعُهَا - كَمَا قَالَ - نَقْدًا فَورَ إِتمَامِ العَقْدِ.
- وَيْحَهُ مِنْ لَئِيمٍ. آهِ ، أَشْعُرُ بجِسْمِي يَتَمَزَّقُ وَرَأْسٍي تَنْفَجِرُ. مُوَافِقٌ .. مُوَافِقٌ ، أَخْبِرِيهِمْ أَنَّنِي مُوَافِقٌ.
تَرَكَتْهُ لِانْهِيَارِهِ وَأَسْرَعَتْ إِلَى أَوْلادِهَا تَضُمُّهُمْ بِحَنَانٍ وَحِرْصٍ وَتُبَلِّلُ بَعْضَ خُبْزٍ يَابِسٍ تُطْعِمُهُمْ وَهِيَ تَنْظُرُ سَاهِمَةً فِي الأُفُقِ ذَاهِلَةً عَنْ رَسُولِ الحُزْنِ عَلَى الخَدَّينِ آمِلَةً أَنْ يَعُودَ الرَّجُلُ فِي مَوْعِدِهِ فَيُخَلِصُّهَا مِنْ كُلِّ هَذَا البُّؤْسِ وَهَذَا الجَنَفِ.
تَمْتَمَتْ وَهِيَ تَقْبِضُ يَدَهَا عَلَى رُزْمَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ:
- بَارَكَ اللهُ بِكَ ، وَبَارَكَ لَكَ فِي الأَرْضِ ، وَكَفَانَا بِهَذَا المَالِ غَوَائِلَ الدَّهْرِ.
كاملة بدارنه
29-11-2011, 03:52 PM
تَرَكَتْهُ لِانْهِيَارِهِ وَأَسْرَعَتْ إِلَى أَوْلادِهَا تَضُمُّهُمْ بِحَنَانٍ وَحِرْصٍ وَتُبَلِّلُ بَعْضَ خُبْزٍ يَابِسٍ تُطْعِمُهُمْ وَهِيَ تَنْظُرُ سَاهِمَةً فِي الأُفُقِ ذَاهِلَةً عَنْ رَسُولِ الحُزْنِ عَلَى الخَدَّينِ آمِلَةً أَنْ يَعُودَ الرَّجُلُ فِي مَوْعِدِهِ فَيُخَلِصُّهَا مِنْ كُلِّ هَذَا البُّؤْسِ وَهَذَا الجَنَفِ.
تَمْتَمَتْ وَهِيَ تَقْبِضُ يَدَهَا عَلَى رُزْمَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ:
- بَارَكَ اللهُ بِكَ ، وَبَارَكَ لَكَ فِي الأَرْضِ ، وَكَفَانَا بِهَذَا المَالِ غَوَائِلَ الدَّهْرِ.
كانت مجبرة أن تتركه؛ لأنّ انهياره ربّما يؤدّي إلى انهيار كلّ العائلة... وغريزتها الأموميّة لا بدّ من أن تدفعها لإنقاذ أولادها بأغلى ثمن وهو التّفريط بالأرض... فبيع الأرض هو بيع الجذور، وتنازل عن الاستمراريّة ... تنازلت عن الماضي والمستقبل مقابل إنقاذ الحاضر المأساويّ الملفّع بالجوع والفقر الذي أوجدته السّموم، وولّدت بؤسا وانهيارا للوالد... بما معناه أنّ الأب وهو السّلطة والمسؤول أصبح في الهاوية... والأرض ضاعت... فالأسرة حياتها آنيّة ستعتاش من المبلغ الذي قبضته الأمّ... ومن الممكن أن يسيطر عليه الأب ليشتري سمومه . ( فهي خائفة من غوائل الدّهر)
قصّة رائعة أخي الأديب الدكتور سمير...
تعكس الواقع المرير، وما تجلبه حياة الإدمان على السّموم بأنواعها المختلفة من دمار للجيب والصّحة والعائلة والمستقبل .
بوركت وبورك الفكر النّيّر
تقديري وتحيّتي
للتّثبيت استحقاقا
آمال المصري
29-11-2011, 04:23 PM
جميل أن يكون الدواء بالداء ذاته فالأب سقط في هاوية الإدمان وسقط معه المستقبل حيث لاأمان ولا طموح ولا حتى قوت اليوم
ولم يتبقَ إلا بيع الطين لتنكشف السوءة
وجاء تصرف الأم حكيما أن أفلتت بفلذات كبدها وما قبضته من دنانير تعينهم على غوائل الزمن وليسقط وحده بما جنى
قصة رائعة عالجت مشكلة اجتماعية خطيرة غالبا ماتتسبب في انهيار الكيان الأسري وتشرد الأبناء
أبدعت سيدي المكرم فكرا وحرفا وأدبا
دمت مدرسة لنا .. ودام يراعك
تقديري الكبير
ربيحة الرفاعي
29-11-2011, 11:39 PM
يشكل اعتماد الحوار إطارا للقصة القصيرة توجها حداثيا جريئا في هذا الجنس الأدبي القائم أصلا على التكثيف، لتقابليته مع ما يميز الحوار كشكل رئيس للتعبير يمارسه الناس في علاقاتهم، بثنائية وربما تعددية تصنع الأحداث وتداعياتها، وبتعقيد منبعه أن الحديث بين الناس لا يقوم على خطط موضوعة تضبط الكلمات، بل هي موضوعات عدة يتطرق لها المتحاورون تقود بتشعباتها إلى مرادهم، وهو كما يقول تشارلز مورجان "وسيلة شكلية للنفاذ إلى جوهر الأشياء" .
ومن هنا يكون لحركة الحوار القائم بين الشخصيات المبتكرة في النص القصصي، أهمية قصوى في أداء دوره بتحقيق فعل فني بنائي ، تتطلب من الكاتب رصدا دقيقا لملامحه المرتبطة بالتصرف السلوكي، والانفعالات الوجدانية، فسمات الناس وطباعهم وأفكارهم كلها تكشفها أو تسفر عنها أحاديثهم، وهذا يستدعي منه وعيا خاصا في اختيار الأسلوب الذي يجري به الحوار مكتنزا مكثفا بانتقائية للمفردة والتركيب والإيحاء، ليرتقي ببنائه الفني عن مستوى المحادثة العادية بين الناس دونما خروج له عن الواقعية المقنعة للمتلقي.
وقد أدهشني اختيار الدكتور العمري للحوار عنصرا أوحدا –تقريبا- في القصة وهي كيان أدبي تتوافر فيه عناصر متكاملة ليكون أدبا وليس مجرد حديث بين شخوص ما في مكان ما، مما يدل على ثقته الأكيدة من قدرته على تصوير الحالات الفكرية والنفسية للشخوص القصصية، في قصة واقعية تطرح شأنا متناولا على المستوى الإنساني والأدبي معا، وهذا شأن ينطوي على مغامرة كبيرة بوقوع المؤلف في شرك التطويل والرتابة وربما السذاجة لدى العمل على رسم ملامح الشخصية وتصوير انفعالاتها من خلال الحوار مجردا.
وقد نجح أديبنا الكبير هنا بتقديم نص تحولت فيه الكلمات العادية التي نصادفها كل الوقت في حياتنا العامة إلى نسيج فني عبرت فيه الشخصيات بابتكار وإيحاء مؤثر مرتبط بالقيمة الجمالية فنيا والقيم الانسانية مضمونا وبإيجاز وتكثيف أديا إلى مواءمة الحوار مع تكوين النص وفكرته وبحبكة مترابطة تماما برغم الانتقال في الفضاء المكاني للقصة، ومحدودية المساحة الممنوحة للراوي لتيسير الاستقبال على المتلقي
كنت هنا أمام قطعة فنية سلط الضوء فيها على الفعل الحدثي للشخوص وحركتها بحوار حلق فيه البناء السردي في مدار واسع بمرونة وإدهاش
شكرا لهذا الإبداع سيدي
تحيتي
فاطمه عبد القادر
30-11-2011, 02:19 PM
تَمْتَمَتْ وَهِيَ تَقْبِضُ يَدَهَا عَلَى رُزْمَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ:
- بَارَكَ اللهُ بِكَ ، وَبَارَكَ لَكَ فِي الأَرْضِ ، وَكَفَانَا بِهَذَا المَالِ غَوَائِلَ الدَّهْرِ.
السلام عليكم
وبارك الله بهذة المرأة الذكية ,لقد عرفت نقطة ضعف زوجها واستغلتها لصالح الأولاد المساكين
لعنة الله على الإدمان, كم يخرب بيوتا وكم يشرد عائلات ,وكم يمزق قلوب الأمهات والزوجات
شكرا لك أخي العزيز د.سمير
حوارية ممتعة ,وصفقة كانت رابحة رغم كل الخسارة المحيطة بالعائلة
ماسة
د. سمير العمري
30-11-2011, 06:36 PM
تَرَكَتْهُ لِانْهِيَارِهِ وَأَسْرَعَتْ إِلَى أَوْلادِهَا تَضُمُّهُمْ بِحَنَانٍ وَحِرْصٍ وَتُبَلِّلُ بَعْضَ خُبْزٍ يَابِسٍ تُطْعِمُهُمْ وَهِيَ تَنْظُرُ سَاهِمَةً فِي الأُفُقِ ذَاهِلَةً عَنْ رَسُولِ الحُزْنِ عَلَى الخَدَّينِ آمِلَةً أَنْ يَعُودَ الرَّجُلُ فِي مَوْعِدِهِ فَيُخَلِصُّهَا مِنْ كُلِّ هَذَا البُّؤْسِ وَهَذَا الجَنَفِ.
تَمْتَمَتْ وَهِيَ تَقْبِضُ يَدَهَا عَلَى رُزْمَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ:
- بَارَكَ اللهُ بِكَ ، وَبَارَكَ لَكَ فِي الأَرْضِ ، وَكَفَانَا بِهَذَا المَالِ غَوَائِلَ الدَّهْرِ.
كانت مجبرة أن تتركه؛ لأنّ انهياره ربّما يؤدّي إلى انهيار كلّ العائلة... وغريزتها الأموميّة لا بدّ من أن تدفعها لإنقاذ أولادها بأغلى ثمن وهو التّفريط بالأرض... فبيع الأرض هو بيع الجذور، وتنازل عن الاستمراريّة ... تنازلت عن الماضي والمستقبل مقابل إنقاذ الحاضر المأساويّ الملفّع بالجوع والفقر الذي أوجدته السّموم، وولّدت بؤسا وانهيارا للوالد... بما معناه أنّ الأب وهو السّلطة والمسؤول أصبح في الهاوية... والأرض ضاعت... فالأسرة حياتها آنيّة ستعتاش من المبلغ الذي قبضته الأمّ... ومن الممكن أن يسيطر عليه الأب ليشتري سمومه . ( فهي خائفة من غوائل الدّهر)
قصّة رائعة أخي الأديب الدكتور سمير...
تعكس الواقع المرير، وما تجلبه حياة الإدمان على السّموم بأنواعها المختلفة من دمار للجيب والصّحة والعائلة والمستقبل .
بوركت وبورك الفكر النّيّر
تقديري وتحيّتي
للتّثبيت استحقاقا
بارك الله بك وأكرمك أيتها الأديبة السامقة وثبتك الله على الصراط!
رأي معتبر ، وقراءة تأويلية من زاوية عميقة وحكيمة أشكرك عليها.
دام دفعك!
ودمت بخير وبركة!
وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.
تحياتي
زهراء المقدسية
30-11-2011, 06:52 PM
عاطفة الأمومة هي من حددت أفضل الخيارات الصعبة
وكان البيع حتى لا يموت الأولاد جوعا
ولا أدري من منا يمتلك الشجاعة الكافية ليقول لو أنها تأنت وبحثت
عن خيارات أخرى لكان أفضل ف
الأرض هي الأرض وما أدراك ما الأرض
ولا أعتقد أني أمتلكها أنا
الدكتور الكبير سمير
نصك موجع ويعكس واقعا مرا تكررت شخوصه وأحداثه
أبدعت وأكثر
تقديري الكبير
أحمد عيسى
30-11-2011, 09:11 PM
أديبنا الكبير : د سمير العمري
قصة مبدعة نقف أمامها هنا ، اعتمدت الحوار بشكل شبه كامل ، وميزتها اللغة القوية التي تعودنا عليها من العمري ، والفكرة والعبرة التي نستخلصها من القص ، لكني ربما أغرد خارج السرب حين أقول أن تصرف السيدة لم يعجبني ، ما فعلته كان استسلاماً للواقع ، ومساعدة منها لزوجها في مزيدٍ من الانزلاق في الهاوية ، بأن وفرت له المزيد من النقود ، وخسرت الأرض التي هي الضمان الحقيقي الوحيد لمستقبل الأسرة ، كل هذا مقابل توفير مبلغ من المال ، وكأن الطرق كلها أغلقت في وجهها الا هذا الطريق
صحيح أن الادمان طريق لا عودة منه الا لمن امتلك العزيمة والرغبة الصادقة ، لكن الزوجة الصالحة والرفيق الصالح لهما الدور الأكبر في التوجيه وبث الروح والعزيمة في النفوس
لعلها كان يمكن أن تساعده ليقلع ، وأن تحرص ألا توفر له المخدر ، وأن تبقي الأرض كضمان ، وأن تحرص على حماية أبنائها بكل وسيلة ممكنة على ألا تفقد زوجها أيضاً
ولكن من يدري ، لربما لم يتبق أمامها الا هذا الطريق ، وحدها تعرف لماذا اضطرت الى سلوكه
القدير العمري
لغتك القوية تشكل مدرسة لنا ، ورغم نصوصك القليلة بيننا الا أنها تعلق كوسام على جبين محور القصة ، نستفيد ونتعلم منها ، فكن بالجوار ولا تطل الغياب
لعل فقرة حوارية أو أكثر كانت تحتاج الى رابط أسلوبي بينها وبين التي تليها ، الانتقال عبر المرحلة الزمنية الى اليوم التالي مثلاً دون فاصل بين الحوار والذي يليه كانت تقنية غير مألوفة ، ربما تسجل نقطة بالايجاب أو السلب لا أدري ، هي تقنية غير مألوفة لكنها -رغم كل شيء - كانت واضحة ولم تفقدنا متعة المتابعة ..
سعدت بك وبوجودك
ولك التحية أديبنا القدير
وباقات الورد كلها
أحمد
د. سمير العمري
01-12-2011, 08:13 PM
ما كنت ممن يفعل هذا ولا ممن يحب أن يفعله ، ولكني وجدتني مضطرا له بعودة بهذا الرد بعد أن وجدت أن جل الردود اتخذت اتجاها لا أراه يصف النص بما هو فيه.
أما بخصوص السرد بتقنية الحوار فهذا مما تعمدته لتوضيح إمكانية توصيل المعنى كله من خلال الحوار ، بل ويمكن تجاوز الأزمنة والأمكنة من خلال الحوار الواعي ، وما فعلت هذا الأمر إلا بعد أن رأيت أن القص والذي يمثل الحوار فيه ركنا أساسيا بات عند الكثير مجرد كتابة جملة أو جملتين والاعتماد على عنصر المفارقة أيا تكون لينشر به ما يعتبره قصة قصيرة جدا ، ونصي هذا هو بالكاد ما يمكن وصفه بالقصة القصيرة جدا فكيف بما ينشرون؟؟
على الأدباء أن يعودوا لتقييم الأمر وأن يراجعوا أنفسهم ويعلموا أن مقومات النص يجب أن ترتكز على عوامل إبداعية ومواصفات قياسية.
أما ما يهمني هنا هو أن أوضح الأمر بخصوص المعنى الذي اتخذ كما قلت اتجاها متشابها باعتبار أن قرار المرأة كان خيارا ، وبالعودة للنص نجد أنه كان قسرا ومحاولة للهروب من خسارة كل شيء بكسب ما يمكن أن يعين على غوائل الدهر وحاجة الأسرة للحياة.
نعم القصة تحمل رمزية منفتحة على مفاهيم واسعة وآفاق متعددة على المستويات الإنسانية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية والوطنية بما أرجو أن يتم تناوله نقديا ، وللقارئ الحق في أن يفهم النص بالإطار الذي يتصوره لكن من حق النص أن يقرأ بشكل دقيق وأن لا يفوت على المتلقي هنا تكرار "وإلا فقأت عينك" وأسلوبه الجاف القاسي المستهتر ليدرك أن المرأة أدركت أن السفينة غارقة لن تستطيع منع قدرها فرأت أن تتصرف بذكاء لصالح الجميع من خلال ما رسم معناه عنوان النص.
تحياتي لكم جميعا!
أحمد عيسى
02-12-2011, 01:29 AM
أديبنا القدير : د سمير العمري
لعلك اختصرت الأمر بقولك : قصة تحمل رمزية منفتحة على مفاهيم واسعة وآفاق متعددة على المستويات الإنسانية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية والوطنية بما أرجو أن يتم تناوله نقديا ، وللقارئ الحق في أن يفهم النص بالإطار الذي يتصوره لكن من حق النص أن يقرأ بشكل دقيق وأن لا يفوت على المتلقي هنا تكرار "وإلا فقأت عينك" وأسلوبه الجاف القاسي المستهتر ليدرك أن المرأة أدركت أن السفينة غارقة لن تستطيع منع قدرها فرأت أن تتصرف بذكاء لصالح الجميع من خلال ما رسم معناه عنوان النص.
نعم أنا معك ، بأن الأمر يحتمل قراءات أخرى ، ومن يدري ، ربما حلول أخرى أيضاً
الكاتب بكل تأكيد هو الذي غاص بنفسية البطل \ة وهو الذي اثَّر بالأحداث تبعاً لهذه الحالة ، ولكن أليس من الوارد أن تختلف الرؤى ، وأن يرى البعض أنه كان على الزوجة ألا تستسلم ، حتى لو كان يهددها بفقأ عينها ، ربما ألتمس العذر لها ، وأقول أنها كانت مضطرة ، لكن عندما أضع نفسي مكانها ، أجد أنني لن أتخذ ذات الموقف أبدا ..
واختلاف الرؤى أستاذي هو مكسب للقصة ، فهو يدل دلالة عظيمة على أن القصة طرحت التساؤلات ، وأثارت الدهشة ، وجعلت كل منا يفكر في موقف البطل\ة وفيما دفعها الى ما فعلت ، والى التفكير في قضية الادمان ، والانزلاق نحو الهاوية ، والطرق الأقرب للسلامة ، والدلالات أكبر من الإدمان ذاته ، وأكبر من الجانب الاجتماعي كله
فالوطن كله ينزلق ، عبر المدمنين للسلطة والغارقين في الملذات ، ويحاول الناس أن ينجوا بما تبقى من وطن
فهل يمكن أن يفعلوا هذا ، وهل يظل الى أن يفعلوا .. سالماً معافى .. ؟
تساؤلات تطرحها القصة وتحتاج الى اجابات ونقاشات ...
لك المودة كلها
ومرحباً بك مرة أخرى في ملتقى القصة تزينه بهذه الرائعة الجديدة
ولا أنسى توجيه الشكر للأديبة كاملة بدارنة لتثبيتها هذه القصة المبدعة
حبي واحترامي
أحمد
كاملة بدارنه
02-12-2011, 09:09 AM
وأن يرى البعض أنه كان على الزوجة ألا تستسلم ، حتى لو كان يهددها بفقء عينها ، ربما ألتمس العذر لها ، وأقول أنها كانت مضطرة ، لكن عندما أضع نفسي مكانها ، أجد أنني لن أتخذ ذات الموقف أبدا ..
السّلام عليكم أخ أحمد ... واسمح لي بالتّعليق على ردّك
مؤكّد أنّك لن تتّخذ نفس الموقف الذي اتّخذته الأمّ؛ لأنّك رجل!
القصّة بيّنت أنّ الغريزة الأموميّة مستعدّة للتّضحية بالغالي من أجل إنقاذ الأولاد... والغريزة تحكمها العاطفة هنا، وفي موقف صعب جدّا- نكون أو تكون الأرض - تفكيرها ارتبط بلقمة العيش في الحاضر، والمأزق حجب عنها الرّؤية المستقبليّة - مع أنّ الزّوج هو صاحب الفكرة الأولى للبيع، وأراك لم تحاسبه - لأنّها لا تضمن مستقبلا معيّنا مع هكذا مأساة تعيشها! وأنت هنا تفكّر برويّة، وتحاسبها على تصرّفها الخاطئ، وأنّه كان الأجدر أن تتمهّل وتتحمّل... ومن الممكن أنّني وغيري نؤيّدك الفكرة، ونحمل نفس المبدأ في عدم التّخلّي عن الأرض مهما بلغت الأسباب، وكلّي ثقة أن كاتب النّصّ الأخ سمير ينادي بنفس المبدأ، ولكن نحن في التّحليل والنّقد نتعامل مع معطيات داخل النّص، وليس ما نحبّ أن تكون عليه الأحداث. هكذا جاء النّصّ! فتصرّف الزّوجة الأمّ جاء مرتبطا بالأحداث، ولم يكن مسلوخا عنها... الحبكة قويّة، والعلاقة بين الأحداث سببيّة وواضحةإ والقصّة وصفت أحداثها مأساة اجتماعيّة خطيرة سببها إدمان السّموم التي قد تؤدّي أحيانا إلى ارتكاب جرائم قتل وسرقة واغتصاب ... ومن ناحية المبدأ إذا وصل الأمر حدّ ارتكاب جريمة من أجل شراء السّموم، فليذهب هو وأرضه إلى الجحيم، ولا تزهق أرواح أبرياء تحقيقا لرغبتة في تلبية أهوائه الفاسدة... عشرات الجرائم ارتكبت من قبل سفلة مدمنين؛ كي يحصلوا على المال لشراء السّموم...
شكرا للكاتب والقارئ...
تقديري وتحيّتي
أحمد عيسى
02-12-2011, 02:50 PM
لم أقصد أن نختلف ، بل قصدت أن نتبادل الحوار لا اكثر ، وأن نجعل العمل نافذة لنقاش اجتماعي حول الظاهرة
سعيد بك أخت كاملة
مودتي الخالصة
مازن لبابيدي
04-12-2011, 02:40 PM
قصة رائعة غلب عليها الحوار ما جعلها أقرب لمشهد مسرحي بامتياز .
الجانب الإنساني في القصة على قدر كبير من الانتقائية والعمق عالج معضلة كبيرة بأهم تداعياتها الأسرية المدمرة .
كذلك الجانب الإنساني المتمثل في معالجة الزوجة الحكيمة لأزمتها وأولادها بما استدعى الحيلة والاحتيال الحلال على الزوج الهالك المهلك ، والفاقة تفتق الحيلة .
الخاتمة جاءت بكثير من الحكمة وقليل من الدهشة نسبة لما سبقها من تهيئة القارئ لها .
اللغة متميزة كما هو متوقع ومرجو من فارسها سمير العمري بقوة التعابير وانتقاء المفردات ودقة الوصف .
ببالغ الإعجاب والتقدير أحيي مبدع هذه القصة أخي د. سمير العمري
وأطيب تحية ومودة
د. سمير العمري
04-12-2011, 06:57 PM
جميل أن يكون الدواء بالداء ذاته فالأب سقط في هاوية الإدمان وسقط معه المستقبل حيث لاأمان ولا طموح ولا حتى قوت اليوم
ولم يتبقَ إلا بيع الطين لتنكشف السوءة
وجاء تصرف الأم حكيما أن أفلتت بفلذات كبدها وما قبضته من دنانير تعينهم على غوائل الزمن وليسقط وحده بما جنى
قصة رائعة عالجت مشكلة اجتماعية خطيرة غالبا ماتتسبب في انهيار الكيان الأسري وتشرد الأبناء
أبدعت سيدي المكرم فكرا وحرفا وأدبا
دمت مدرسة لنا .. ودام يراعك
تقديري الكبير
بارك الله بك أيتها المحلقة في عوالم العطاء والوفاء والأدب الجميل.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تحياتي
د. سمير العمري
07-12-2011, 06:47 PM
يشكل اعتماد الحوار إطارا للقصة القصيرة توجها حداثيا جريئا في هذا الجنس الأدبي القائم أصلا على التكثيف، لتقابليته مع ما يميز الحوار كشكل رئيس للتعبير يمارسه الناس في علاقاتهم، بثنائية وربما تعددية تصنع الأحداث وتداعياتها، وبتعقيد منبعه أن الحديث بين الناس لا يقوم على خطط موضوعة تضبط الكلمات، بل هي موضوعات عدة يتطرق لها المتحاورون تقود بتشعباتها إلى مرادهم، وهو كما يقول تشارلز مورجان "وسيلة شكلية للنفاذ إلى جوهر الأشياء" .
ومن هنا يكون لحركة الحوار القائم بين الشخصيات المبتكرة في النص القصصي، أهمية قصوى في أداء دوره بتحقيق فعل فني بنائي ، تتطلب من الكاتب رصدا دقيقا لملامحه المرتبطة بالتصرف السلوكي، والانفعالات الوجدانية، فسمات الناس وطباعهم وأفكارهم كلها تكشفها أو تسفر عنها أحاديثهم، وهذا يستدعي منه وعيا خاصا في اختيار الأسلوب الذي يجري به الحوار مكتنزا مكثفا بانتقائية للمفردة والتركيب والإيحاء، ليرتقي ببنائه الفني عن مستوى المحادثة العادية بين الناس دونما خروج له عن الواقعية المقنعة للمتلقي.
وقد أدهشني اختيار الدكتور العمري للحوار عنصرا أوحدا –تقريبا- في القصة وهي كيان أدبي تتوافر فيه عناصر متكاملة ليكون أدبا وليس مجرد حديث بين شخوص ما في مكان ما، مما يدل على ثقته الأكيدة من قدرته على تصوير الحالات الفكرية والنفسية للشخوص القصصية، في قصة واقعية تطرح شأنا متناولا على المستوى الإنساني والأدبي معا، وهذا شأن ينطوي على مغامرة كبيرة بوقوع المؤلف في شرك التطويل والرتابة وربما السذاجة لدى العمل على رسم ملامح الشخصية وتصوير انفعالاتها من خلال الحوار مجردا.
وقد نجح أديبنا الكبير هنا بتقديم نص تحولت فيه الكلمات العادية التي نصادفها كل الوقت في حياتنا العامة إلى نسيج فني عبرت فيه الشخصيات بابتكار وإيحاء مؤثر مرتبط بالقيمة الجمالية فنيا والقيم الانسانية مضمونا وبإيجاز وتكثيف أديا إلى مواءمة الحوار مع تكوين النص وفكرته وبحبكة مترابطة تماما برغم الانتقال في الفضاء المكاني للقصة، ومحدودية المساحة الممنوحة للراوي لتيسير الاستقبال على المتلقي
كنت هنا أمام قطعة فنية سلط الضوء فيها على الفعل الحدثي للشخوص وحركتها بحوار حلق فيه البناء السردي في مدار واسع بمرونة وإدهاش
شكرا لهذا الإبداع سيدي
تحيتي
نعم ، لقد تعمدت أن أجعل القص هنا بالحوار بل كدت أستغني عن المقدمات لولا أن اشق على ذائقة المتلقي ، وأرجو أن أكون وفقت في هذه المحاولة.
أشكر لك قراءتك النقدية المميزة وقدرتك على التحليل الأدبي والفلسفي للنصوص وأنت الأديبة الشاملة المتألقة.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تحياتي
د. سمير العمري
09-12-2011, 02:49 PM
تَمْتَمَتْ وَهِيَ تَقْبِضُ يَدَهَا عَلَى رُزْمَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ:
- بَارَكَ اللهُ بِكَ ، وَبَارَكَ لَكَ فِي الأَرْضِ ، وَكَفَانَا بِهَذَا المَالِ غَوَائِلَ الدَّهْرِ.
السلام عليكم
وبارك الله بهذة المرأة الذكية ,لقد عرفت نقطة ضعف زوجها واستغلتها لصالح الأولاد المساكين
لعنة الله على الإدمان, كم يخرب بيوتا وكم يشرد عائلات ,وكم يمزق قلوب الأمهات والزوجات
شكرا لك أخي العزيز د.سمير
حوارية ممتعة ,وصفقة كانت رابحة رغم كل الخسارة المحيطة بالعائلة
ماسة
صدقت فقد كانت صفقة رابحة رغم الخسارة.
دام دفعك!
ودمت بخير وبركة!
تحياتي
ربيع بن المدني السملالي
14-01-2012, 12:16 PM
واقع الإدمان واقع مرير ، اكتوى بناره كثير من الأمهات والأباء ، والمصيبة أنّ أغلب المدمنين فقراء لا يملكون حتى قوت يومهم ، ومع ذلك تجد في البيت الواحد أكثر من مدمن ، فتتحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق ، لذلك لا نستغرب إذا سمعنا أن شابا يضرب أباه ، وهذا يقتل أمّه ، والآخر يكسر أواني بيتهم ، وهذا أب ينتظر من زوجته أن تخرج لتخدم في البيوت من أجل أن توفر له المخدرات والمسكرات ..وهلمّ شرّا ، والله لقد أصبحت هذه النّماذج ضاربة بأطنابها في ربوع مغربنا ، بل وفي سائر بلاد المسلمين ..اللهمّ سلّم سلّم .
مدرستنا الكبرى ( الدّكتور سمير العمري ) أطلت الوقوف بين سطور قصّتك المميّزة الهادفة ، لأنني وجدتُ فيها صدقاً في المعنى ، ورسوخاً في المبنى ، وامتيازا في قوة اللغة ، وصدق المتنبي إذ يقول :
إنّما تنجح المقالة في المرء إذا صادفت هوى في الفؤاد
وأصدقك القول أنني كلما قرأت لك نصّا شعريا أو نثريا أو قصصيا ، أخاطب نفسي بقول الشاعر :
فدع عنك الكتابة فلستَ منها ... ولو لطخت وجهك بالمداد
زادك الله من فضله
تحيتي الخالصة مع المحبة
أحمد الشمال
17-01-2012, 10:27 PM
رائع ما قرأت هنا وبلغة مختلفة
شكرا لك أستاذ سمير
تحيتي لك
آمال المصري
04-08-2012, 09:15 PM
نص من الطراز الرفيع المستوى لغة وفكرة وطرحا
ومعالجة لمشكلة اجتماعية لايخلو مجتمع منها وهي الإدمان الذي تغيب له بعض العقول والنفوس الضعيفة
حتى أنهم يلقون بأسرهم وأبنائهم للتهلكة والانهيار مقابل تلك اللذة الوهمية المدمرة
النص أكبر وأقوى من أي ثناء لذا أكتفي بالانحناء أمام ماجادت به يراعك سيدي
دمت أديبا رائعا
ودامت اليراع والروح
وكل عام وأنت بألف خير
تحاياي
لانا عبد الستار
29-12-2012, 07:46 AM
يشكل اعتماد الحوار إطارا للقصة القصيرة توجها حداثيا جريئا في هذا الجنس الأدبي القائم أصلا على التكثيف، لتقابليته مع ما يميز الحوار كشكل رئيس للتعبير يمارسه الناس في علاقاتهم، بثنائية وربما تعددية تصنع الأحداث وتداعياتها، وبتعقيد منبعه أن الحديث بين الناس لا يقوم على خطط موضوعة تضبط الكلمات، بل هي موضوعات عدة يتطرق لها المتحاورون تقود بتشعباتها إلى مرادهم، وهو كما يقول تشارلز مورجان "وسيلة شكلية للنفاذ إلى جوهر الأشياء" .
ومن هنا يكون لحركة الحوار القائم بين الشخصيات المبتكرة في النص القصصي، أهمية قصوى في أداء دوره بتحقيق فعل فني بنائي ، تتطلب من الكاتب رصدا دقيقا لملامحه المرتبطة بالتصرف السلوكي، والانفعالات الوجدانية، فسمات الناس وطباعهم وأفكارهم كلها تكشفها أو تسفر عنها أحاديثهم، وهذا يستدعي منه وعيا خاصا في اختيار الأسلوب الذي يجري به الحوار مكتنزا مكثفا بانتقائية للمفردة والتركيب والإيحاء، ليرتقي ببنائه الفني عن مستوى المحادثة العادية بين الناس دونما خروج له عن الواقعية المقنعة للمتلقي.
وقد أدهشني اختيار الدكتور العمري للحوار عنصرا أوحدا –تقريبا- في القصة وهي كيان أدبي تتوافر فيه عناصر متكاملة ليكون أدبا وليس مجرد حديث بين شخوص ما في مكان ما، مما يدل على ثقته الأكيدة من قدرته على تصوير الحالات الفكرية والنفسية للشخوص القصصية، في قصة واقعية تطرح شأنا متناولا على المستوى الإنساني والأدبي معا، وهذا شأن ينطوي على مغامرة كبيرة بوقوع المؤلف في شرك التطويل والرتابة وربما السذاجة لدى العمل على رسم ملامح الشخصية وتصوير انفعالاتها من خلال الحوار مجردا.
وقد نجح أديبنا الكبير هنا بتقديم نص تحولت فيه الكلمات العادية التي نصادفها كل الوقت في حياتنا العامة إلى نسيج فني عبرت فيه الشخصيات بابتكار وإيحاء مؤثر مرتبط بالقيمة الجمالية فنيا والقيم الانسانية مضمونا وبإيجاز وتكثيف أديا إلى مواءمة الحوار مع تكوين النص وفكرته وبحبكة مترابطة تماما برغم الانتقال في الفضاء المكاني للقصة، ومحدودية المساحة الممنوحة للراوي لتيسير الاستقبال على المتلقي
كنت هنا أمام قطعة فنية سلط الضوء فيها على الفعل الحدثي للشخوص وحركتها بحوار حلق فيه البناء السردي في مدار واسع بمرونة وإدهاش
شكرا لهذا الإبداع سيدي
تحيتي
بيس بنفس العبارات ولكن بنفس المعنى
هذا تماما ما اردت قوله
وقد نجح الكاتب بامتياز في نص اعتبرته في السطور الأولى من القراءة مغامرة كبيرة
أشكرك امير الأدب
نداء غريب صبري
29-01-2013, 04:44 PM
- كَيفَ تُفَرِّطُ بِالأَرْضِ يَا رَجُلُ؟؟ هِيَ كُلُّ مَا تَبقَّى مِنْ إِرْثِ أَبِيكَ ضَمَانًا مِنْ غَوَائِلِ الدَّهْرِ.
- الضَّامِنُ هُوَ اللهُ! اغْرُبِي عَنْ وَجْهِي وَأَحْضِرِي لِيَ جَمْرًا وَقِطْعَةً أُخْرَى.
- قَطْعَةٌ أُخْرَى؟؟ لَمْ يَبْقَ شَيءٌ مِنْ هَذَا السُّمِّ ، بَلْ لَيسَ فِي البَيْتِ مَا يَكْفِي طَعَامًا.
- لا يَهمُّنِي ، مُوتُوا جُوعًا أَوْ اذْهَبُوا لِلجَحِيمِ. أُرِيدُ قِطْعَةً أُخْرَى فَابْحَثِي جَيِّدًا قَبْلَ أَنْ يُجَنَّ جُنُونِي.
- قُلتُ لَكَ لا يُوْجَدُ فِي البَيتِ حَتَّى الطَّعَامُ بَعْدَ أَنْ أَذْهَبْتَ كُلَّ المَالِ عَلَى هَذَا المُخَدِّرِ اللَعِينِ.
- صَهْ ، وَتَصَرَّفِي وَإِلا فَقَأتُ عَينَكِ!
- حَسْبِيَ اللهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ
مدمن تافه يضيع أولاده ويخفي تقصيرة وراء الضامن هو الله
والله يضمن عباده ويقيهم ما ليس مقدرا عليهم لكن ليس ليحظة حقير بمتعه
قصة مؤثرة فيها فكرة وموعظة وعبرة
ولغة قوية لو قرأتها بتوقيع الرافعي لقلت لا بل هو أميرنا الدكتور سمير العمري
شكرا لك سيدي
بوركت
د. سمير العمري
29-04-2014, 03:21 AM
عاطفة الأمومة هي من حددت أفضل الخيارات الصعبة
وكان البيع حتى لا يموت الأولاد جوعا
ولا أدري من منا يمتلك الشجاعة الكافية ليقول لو أنها تأنت وبحثت
عن خيارات أخرى لكان أفضل ف
الأرض هي الأرض وما أدراك ما الأرض
ولا أعتقد أني أمتلكها أنا
الدكتور الكبير سمير
نصك موجع ويعكس واقعا مرا تكررت شخوصه وأحداثه
أبدعت وأكثر
تقديري الكبير
بارك الله بك أيتها الأديبة السامقة وحفظك من كل سوء وأشكر لك حضورك الراقي!
دام دفعك!
ودمت بكل الخير والبركة!
تقديري
خلود محمد جمعة
06-04-2015, 09:06 AM
السلطة الفاسدة والوطن والشعب المصهور و المستثمر لكل فرصة دون تردد
رأيت الارض تباع تحت وطأة الألم للبقاء قيد حياة
هناك قرارات نجبر على اتخاذها بمحض إرادتنا وهنا يكمن الوجع
قصة بعدة تأويلات من مدرسة نتعلم منها كل مفيد
دمت بكل الخير
بوركت
د. سمير العمري
30-07-2015, 02:45 AM
أديبنا الكبير : د سمير العمري
قصة مبدعة نقف أمامها هنا ، اعتمدت الحوار بشكل شبه كامل ، وميزتها اللغة القوية التي تعودنا عليها من العمري ، والفكرة والعبرة التي نستخلصها من القص ، لكني ربما أغرد خارج السرب حين أقول أن تصرف السيدة لم يعجبني ، ما فعلته كان استسلاماً للواقع ، ومساعدة منها لزوجها في مزيدٍ من الانزلاق في الهاوية ، بأن وفرت له المزيد من النقود ، وخسرت الأرض التي هي الضمان الحقيقي الوحيد لمستقبل الأسرة ، كل هذا مقابل توفير مبلغ من المال ، وكأن الطرق كلها أغلقت في وجهها الا هذا الطريق
صحيح أن الادمان طريق لا عودة منه الا لمن امتلك العزيمة والرغبة الصادقة ، لكن الزوجة الصالحة والرفيق الصالح لهما الدور الأكبر في التوجيه وبث الروح والعزيمة في النفوس
لعلها كان يمكن أن تساعده ليقلع ، وأن تحرص ألا توفر له المخدر ، وأن تبقي الأرض كضمان ، وأن تحرص على حماية أبنائها بكل وسيلة ممكنة على ألا تفقد زوجها أيضاً
ولكن من يدري ، لربما لم يتبق أمامها الا هذا الطريق ، وحدها تعرف لماذا اضطرت الى سلوكه
القدير العمري
لغتك القوية تشكل مدرسة لنا ، ورغم نصوصك القليلة بيننا الا أنها تعلق كوسام على جبين محور القصة ، نستفيد ونتعلم منها ، فكن بالجوار ولا تطل الغياب
لعل فقرة حوارية أو أكثر كانت تحتاج الى رابط أسلوبي بينها وبين التي تليها ، الانتقال عبر المرحلة الزمنية الى اليوم التالي مثلاً دون فاصل بين الحوار والذي يليه كانت تقنية غير مألوفة ، ربما تسجل نقطة بالايجاب أو السلب لا أدري ، هي تقنية غير مألوفة لكنها -رغم كل شيء - كانت واضحة ولم تفقدنا متعة المتابعة ..
سعدت بك وبوجودك
ولك التحية أديبنا القدير
وباقات الورد كلها
أحمد
بارك الله بك أيها الأديب الكريم المبدع وأشكر لك ردك الراقي ورأيك الكريم!
وإنك أسعدتني بهذه الإشارات الرائعة واستوقفتي طويلا الفقرة الأولى من ردك بما تحمل من وعي بهذا الجانب من المعنى أيضا ، ورأيك في القصة مما يهمني ومما أقدره.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
12-03-2016, 01:49 AM
أديبنا القدير : د سمير العمري
لعلك اختصرت الأمر بقولك : قصة تحمل رمزية منفتحة على مفاهيم واسعة وآفاق متعددة على المستويات الإنسانية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية والوطنية بما أرجو أن يتم تناوله نقديا ، وللقارئ الحق في أن يفهم النص بالإطار الذي يتصوره لكن من حق النص أن يقرأ بشكل دقيق وأن لا يفوت على المتلقي هنا تكرار "وإلا فقأت عينك" وأسلوبه الجاف القاسي المستهتر ليدرك أن المرأة أدركت أن السفينة غارقة لن تستطيع منع قدرها فرأت أن تتصرف بذكاء لصالح الجميع من خلال ما رسم معناه عنوان النص.
نعم أنا معك ، بأن الأمر يحتمل قراءات أخرى ، ومن يدري ، ربما حلول أخرى أيضاً
الكاتب بكل تأكيد هو الذي غاص بنفسية البطل \ة وهو الذي اثَّر بالأحداث تبعاً لهذه الحالة ، ولكن أليس من الوارد أن تختلف الرؤى ، وأن يرى البعض أنه كان على الزوجة ألا تستسلم ، حتى لو كان يهددها بفقأ عينها ، ربما ألتمس العذر لها ، وأقول أنها كانت مضطرة ، لكن عندما أضع نفسي مكانها ، أجد أنني لن أتخذ ذات الموقف أبدا ..
واختلاف الرؤى أستاذي هو مكسب للقصة ، فهو يدل دلالة عظيمة على أن القصة طرحت التساؤلات ، وأثارت الدهشة ، وجعلت كل منا يفكر في موقف البطل\ة وفيما دفعها الى ما فعلت ، والى التفكير في قضية الادمان ، والانزلاق نحو الهاوية ، والطرق الأقرب للسلامة ، والدلالات أكبر من الإدمان ذاته ، وأكبر من الجانب الاجتماعي كله
فالوطن كله ينزلق ، عبر المدمنين للسلطة والغارقين في الملذات ، ويحاول الناس أن ينجوا بما تبقى من وطن
فهل يمكن أن يفعلوا هذا ، وهل يظل الى أن يفعلوا .. سالماً معافى .. ؟
تساؤلات تطرحها القصة وتحتاج الى اجابات ونقاشات ...
لك المودة كلها
ومرحباً بك مرة أخرى في ملتقى القصة تزينه بهذه الرائعة الجديدة
ولا أنسى توجيه الشكر للأديبة كاملة بدارنة لتثبيتها هذه القصة المبدعة
حبي واحترامي
أحمد
بارك الله بك أيها الحبيب والأديب الكريم المبدع وأشكر لك ردك الراقي ورأيك الكريم!
وإنك أسعدتني مرة أخرى بهذا التعليق الرائع وأقدر لك شرحك ورأيك في القصة مما يهمني ومما أقدره.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir