المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال بعنوان : عائد من الميدان



د هاني ابوالفتوح
05-12-2011, 04:40 PM
عائد من الميدان
أعلم أن حديثي قد يغضب الكثيرين وقد يحزن الكثيرين ولكني تعودت الصدق مع نفسي ومع الآخرين ولا أستطيع تزييف الحقائق ولا تجميل الصورة ولا تغييرها فلست من هواة أصحاب المونتاج والماكياج وأعلم أن كلماتي قد تكون قاسية على النفس ولكن ما أجمل أن نرى الواقع بحلاوته ومرارته , ويقينا أنه ليس من قرأ كمن قرأ وسمع وليس من سمع كمن سمع ورأى وليست الرؤية تتساوى وليست الرؤى تتشابه ولا علاقة لما أكتبه من ضرورة مدنية الدولة أي دولة بعيدا عن عسكرة أي حكم ,
فالآن عدت من رحلة إلى الميدان , ولمن لم يدخل الميدان ليلاً تلك الأيام فقد فاته الكثير الكثير والحقيقة التي أشعر بها الآن أني رغم كتاباتي المتعددة ومشاعري الجياشة فقد شعرت بمشاعر متناقضة متباينة مختلفة عن كل ما جال بخاطري سابقا فللوهلة الأولى عند دخولي الميدان من ناحية كوبري قصر النيل ومع أول حاجز لمدخل الميدان شعرت بقشعريرة النفس والروح فقد تهيئت تماما بعد أن تركت مجموعة من الأصدقاء المثقفين في حديث حول مصر الغالية في ليل القاهرة الساحرة حاولوا منعي جميعاً من الدخول للميدان عند منتصف الليل ولكن أمام إصراري تركوني على وجل وخوف ومعهم كل الحق فقد تغيرت القشعريرة والرهبة أنك في قلب الميدان الذي هز الدنيا جميعا وغير خريطة قلب العالم العربي النابض وكتب تاريخاً حديثاً خالداً نزهو به ونفخر , تحولت القشعريرة لمشاعر أخرى فأنا الآن رغم تعدد اللوحات المنتشرة بالميدان وكثرة الأعلام الوطنية والخيام الرثة البالية والوجوه المتباينة فقد شعرت أني لست في مصر التي أحبها وأذوب فيها عشقاً , كنت أمني نفسي عند دخولي الميدان أني سأخرج منه أكثر وطنية وأكثر طهراً وأكثر تحضراً وسأشعر أني مصري بزيادة وأني سأتطهر من كثير من جوانب التقصير في حق الوطن الخالد ببعدي عنه بالمكان فقط وحرماني منه فترة طويلة من الزمن ولكن لم أبعد يوما بقلبي ومشاعري وكل جوانحي وماغبت لحظة قط وما انفصلت عن الواقع ورغم كل ذلك تشعر بالتقصير من داخلك أنك لم تتشبع كل نهار بهوائه أياً كانت نسماته فيكفيك أنك تتنسم هواء وطنك وتشرب ماءه وتراه في مقلتيك يضىء عليك الزمان والمكان ,
كل تلك المشاعر الجياشة وجدتها تتفاعل وتتساءل هل أنا في الحبيبة مصر ووسط الأحبة من أبنائه ومثقفيه وفي المكان الطاهر الذي تخضب بدماء أطهر من أنجبت من أبنائه ؟ ,
عجباً فلم أرى كل هؤلاء ولم تنتابني قشعريرة الرهبة أنك في المكان الخالد ولكن إنتابتك مشاعر الدهشة والغربة داخل الوطن فليست الوجوه التي عشقتها ولا المناظر التي تحبها ولا الصورة التي حلمت بها وتمنيتها , وجدتني أتساءل هل حقاً هؤلاء هم من أغلقوا الميدان من كل جوانبه وسجنوه داخل عوازل صنعوها وحولوه إلى دولة لانعرفها ولا نتمناها وقطعوا عنه كل أسباب الحياة ليصبح اليوم فقط أداة ضغطٍ فعالة ويظل خنجرا في خاصرة الوطن ومعولاً في قلبه يمنع عنه تدفق الدماء الطاهرة الذكية ,
أي حزن ملأ صدري وصدرك يا مصر إذا كان الآن من في الميدان هم صفوة أبناءك وهم من يتحكموا في حاضرك ويصنعوا مستقبلك , أي بؤسٍ أيتها الطاهرة الحرة الأبية التي استعصيت علي التتار والمغول وكل من سولت له نفسه أن يحبسك داخل سجنٍ كبير ليأتي عليك اليوم وتُسجني في سجن صغير في قلبك العامر المفعم بالأمل والحب للجميع ,
من قال بأن من في الميدان الآن من حقه أن يستولي عليه ومن حقه ان يغلقه وكل المنافذ من حوله وأن يُحَوِلَه إلى مولد للباعة الجائلين من كل الأشكال والألوان ويسكُنه أشكالٍ لم أحلم يوماً أن أراها في وطني من أصحاب الكر والفر خلف بعضهم البعض وفي أعمار لاتصنع حاضرا ولا تبني مستقبلا ولاتحمل إلا معاول هدم فلا هم لها إلا الصوت العالي والألفاظ النابية والأفكار البالية شجار هنا وهناك وتعارك على أتفه الأشياء أو لمجرد التنازع على موقع للبيع أياً كان ما يبيعه فالمهم أن ينتصر لنفسه فقط , وشباب تركض خلف بعضها البعض لاتدري لماذا , فلم أسمع حوارا واحدا ثقافيا ولم أرى ثوارا أطهارا تمنيت رؤيتهم ولم أسمع كلمة واحدة في حب مصر والتغني بها وهي الحبيبة المتيم بعشقها ولم أرى وجها مصريا خالصا طالما عشقته ولم أشبع منه لونُه بلون نيلها الخالد , ومن العجب فقد رأيت أيضا بعضا من كبار السن رجالا ونساءا يجلسون وكأنهم في ليل سمر ونزهة على كوبري 6 أكتوبر أو كوبري 15 مايو أو أي كوبري في مصر يتبادلون عليه أحاديثا طالما عشقوها وعادوا إليها مرات ومرات ,
لملمت نفسي وحاولت أن أخرج مسرعا أهرب من تلك الدولة التي لا أعرفها ولا تعرفني ولا أحبها ولاتحبني , خرجت أبحث عن وطني , عن مصر , عن المصريين ,
خرجت من شارع طلعت حرب متجها مسرعا إلى أقرب مكان أجد فيه تاكسي أعود به إلى مصر الحبيبة وكنت أتمنى لو وجدت طائرة تحملني بأقصي سرعة إلى وطني , وحينما وجدت سائق التاكسي كدت أن أقبله فبادرني بعد أن نظر لي عدة نظرات كأنما يصورني من رأسي إلى قدمي ويتفقد هوية من سيركب بجواره , وسألني رايح فين يافندم ؟
فبادرته بالإيجاب وبلا تردد ... مصر يا أسطى لو سمحت ,
مصر بسرعة من فضلك أرجوك .
القاهرة – فجر الإثنين 5 ديسمبر 2011

زهراء المقدسية
05-12-2011, 06:02 PM
رائع أنت أيها المصري وأنت تنظر بعين الناقد المحب
لا عين المتعصب الذي يغض الطرف عن حقيقة الواقع

إذا قلنا نخشى على مصر وعلى ثورة مصر
قالوا أنتم لستم مصريين
ولم نوكلكم في أمرنا دعونا وشأننا

ولا يدركون أن بلاد العرب هي جلها لنا وطن
رغما عن أنف القومية ودعاتها

تقديري الكبير لك دكتور هاني
ودعواتي لك ولمصر وسائر بلادنا العربية
بالخير والأمن والسلام

نهلة عبد العزيز
05-12-2011, 06:47 PM
وإطلالةُ حرفٍ يعزفُ لحن الجمـال
ويرسمُ لوحةُ الوفاء
على خـارطةُ الإثراء الراقي
حضور جنـائن الروعة
على عبقُ الشذا الفاتن

سيدي واستاذي الفاضل

د\ هاني

كعااادة قلمك

يرسم الابداااع

باللوان حبره

وكعادتنا نعشق

المكوث بينها

فسلمت يمينك

ودمت بود

تحياتي ولكِ الله يامصر


نور المصري

فاطمه عبد القادر
07-12-2011, 12:13 AM
ويتفقد هوية من سيركب بجواره , وسألني رايح فين يافندم ؟
فبادرته بالإيجاب وبلا تردد ... مصر يا أسطى لو سمحت ,
مصر بسرعة من فضلك أرجوك .



السلام عليكم أخي العزيز د.هاني
تصفعك الحقيقة أحيانا عندما تكون فكرتك مختلفة عن الواقع .
ولكن لا تنسى أن فكرتك هي من صُنع خيالك فقط, والذي لا دخل للواقع في صنعها .
أفهم هذا الشعور جيدا ,وقد مررت به مرات عديدة .
شعور مؤلم جدا ,ومحبط ,ومخيب للأمل .
ولكنه سيتعافى عما قريب فلا تقلق .
إنها تداعيات ما يحصل من غير شك ,وشعب مصر شعب مثل غيره من الشعوب فيه من كل نوع فرع فلا تحزن .
نص كان صورة حية التقطها فكرك ,فلم تعجبك لأنها ليست كما توقعت .
اتمنى لكم يا أهلنا في مصر مستقبل أفضل إنشاء الله
شكرا لك
ماسة

عبد الرحيم صادقي
08-12-2011, 07:32 PM
ومن خارج الميدان أرى خيرا وفيه دخن، وأبصر النور وعيني على الظلام. ليس كل ما في الميدان شرا أخي هاني.
وثَم سؤال: أكان الميدان أفضل على عهد المخلوع؟ أم ترانا نَحِنُّ لسكونه، وما أدله على الموت!
أرجو مراجعة بعض الهنات النحوية
تقبل هذا المرور، أدام الله لك السرور.

آمال المصري
24-12-2011, 10:01 PM
ستصل ... مؤكد ستصل لبر الأمان فربما ضللت العنوان
أو لم ترَ العُملة إلا من وجه واحد
لكن إن نظرت في وجوه الشباب البائس لِمَ تركوا فراشهم وقبعوا في الميدان لايشكون برد ولا صقيعاً ولا جوعاً
قُتل منهم من قُتل وأُصيب منهم من قال كلمة حق أو حتى لم يقل
وفتياتنا اللائي سحلن وتعرين تحت أقدام مصرية للأسف
ربما الصورة مؤسفة محزنة
ولكن ستزهو شيئا فشيئا إذا ماأشرقت شمس الحرية والخلاص من الفساد

تحيتي الخالصة

عايد راشد احمد
24-12-2011, 10:33 PM
السلام عليكم ورحمة الله

دكنور هاني تحية تليق بقدركم

اوافقك علي كل ماذكرت مع علمي انني سلتهم معك باننا من الفلول

لكن ما يحدث الان في ميدان التحرير وباقي اليادين في شئ المحافظات معاول هدم لا اصلاح

وما اود ان اقوله لا يمكن لدولة ان تنجح وان تخطوا للامام والشارع هو الامر الناهي فيها

وافر شكري

تحياتي

وليد عارف الرشيد
25-12-2011, 03:16 AM
يجب أولاً أن أكون آسفاً لأنني لم أقرأ لك سابقاً .... موضوع لن أجادل في حيثياته فأهل مكة أدرى .. شدني هذا الأسلوب الجذاب وهذا العشق الآسر وهذه اللغة السلسة الساحرة
دامت مصر أمنا وحبيبتنا بكل خير ودمت بهذا الرقي دكتور هاني

محمد ذيب سليمان
25-12-2011, 06:36 AM
والله توقفت كثيرا بعد الإنتهاء من النص والحيرة تأكلني

لم أجد ما اعلق به عى هذا الذي قرأت ليس عجزا عن ايجاد امفردات
ولكنني وانما البعيد عن هناك كنت ارسم صورا وردية تحمل كل معاني الفخرؤ والإعتزاز

الى كل من في الميدان الى هذا المكان الذي ما تصورت حظة ان يكون في الكون موقعا اكثر مهابة منه

سيدي الكريم ... ميدان التحرير اخرج مصر الجديدة من قمقم تمن حبسها فيها رغما عنها ولا احد ينكر ذلك

فلما انحدر وبسرعة اى هذا المستوى

اليس من فك الحصار عن مصر هم الشباب المصري؟؟

اذن من هؤلاء؟؟
اتمنى ان اسمع قريبا كلاما جميلا عن صحوة تبقي مصر اتي طالما تربينا على عظمتها وسمعتها

وقد عادت كما نحلم لها ان تكون وتبقى

شكرا لصورة الصادقة التي نقلتها عن الميدان بعد الفتح

أماني عواد
25-12-2011, 07:24 PM
الدكتور هاني ابو الفتوح

بأذن اله سيتبدل الوضع طالما في مصر قلوب تنبض بحبها
فالفوضى ظاهرة طبيعية بين نظامين , وكيف لا تكون مصر مستهدفة باثارة الفوضى فيها وهي ام الدنيا ولها عظيم الثقل السياسي فيه؟وما رايته ايها المصري بيد كل المثقفين وقلوبهم حتما سيتبدل


دمت ودامت مصر حرة ابية

ربيحة الرفاعي
27-07-2014, 12:20 AM
كل سقوط لموبوء يتبعه رذاذ يتناثر بفلوله خالقا حالة من الفوضى التي ينتظر منها أن تنقشع عن خير البلاد والعباد
وحسب العاقل أن يتذكر ما كان ليؤمل الخير فيما هو كائن وإن بدى صعبا

دمت بخير

تحاياي